
الطبيب بين الطب والتسويق.. مؤتمر EATN يواجه ظاهرة "بيع الوهم"
عُقد صباح الجمعة 30 مايو 2025، المؤتمر السنوي الثالث – والسادس ضمن سلسلة مؤتمراتها – للجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (EATN)، تحت عنوان لافت: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟".
وقدّم المؤتمر هذا العام طرحًا غير تقليدي من خلال دمج العلوم الطبية بريادة الأعمال والوعي المجتمعي، في خطوة وصفها القائمون عليه بأنها تعكس "إعادة تعريف لدور الطبيب" في ظل المتغيرات المتسارعة في قطاع الرعاية الصحية، والتي لم تَعُد تكتفي بالكفاءة الطبية وحدها، بل تتطلب أيضًا قدرة على التواصل والتأثير المجتمعي وفهم ديناميات السوق الصحي.
أدار فعاليات المؤتمر الدكتورة سارة شوقي، خبيرة التغذية الإكلينيكية والمعتمدة من البورد الأمريكي، والتي رحبت بالحضور، قبل أن تبدأ في تقديم أبرز المتحدثين، على رأسهم الدكتورة شيرين بازان، استشارية طب الأسرة ورئيسة قسم الصحة المتكاملة بمؤسسة "كوزميسيرج" ومجموعة "NMC" الطبية، إحدى أكبر المجموعات الصحية في الإمارات والمنطقة. وتتمتع الدكتورة شيرين بجماهيرية واسعة تجاوزت النصف مليون متابع على وسائل التواصل، وتعد من أوائل المتخصصين الذين أدخلوا مفاهيم "الطب الوقائي الشخصي" و"الصحة المتكاملة" في ممارساتهم الطبية في العالم العربي.
ومن أبرز المتحدثين أيضًا، الدكتورة أمير الشرقاوي، استشاري الأمراض الجلدية والليزر والتجميل، وعضو الجمعية الأمريكية والأوروبية للتجميل، والذي استعرض دور التغذية والجلد في الطب الوقائي، مسلطًا الضوء على أحدث الأبحاث والتقنيات في مجال التجميل العلاجي غير الجراحي.
كما شهد المؤتمر مشاركة مؤسس الجمعية المصرية للتغذية العلاجية، د. أحمد الغريب، الذي أشار في كلمته إلى أن "النجاح في الطب لم يعد يُقاس فقط بدرجة الإتقان العلمي، بل أيضًا بمهارات التواصل وفهم آليات التوعية والتأثير المجتمعي"، مؤكدًا أن الجمعية تسعى إلى تمكين الأطباء من أدوات جديدة تساعدهم على الارتقاء بممارساتهم المهنية.
أحد المحاور البارزة في المؤتمر تناولت موضوع "اللونجيفيتي" أو إطالة العمر الصحي، وقدّم هذا المحور شرحًا علميًا وعمليًا لمفهوم "مناطق البلو زون" في العالم، وهي المناطق التي يعيش سكانها أعمارًا طويلة تفوق المعدلات العالمية بعشر مرات، ومن أبرزها أوكيناوا في اليابان وسردينيا في إيطاليا.
وقدّمت المحاضِرة شرحًا لتفاصيل أسلوب الحياة في تلك المناطق، مثل الحركة اليومية الدائمة، النظام الغذائي النباتي الخالي من الأطعمة المعالجة والسكريات، الاهتمام بالجانب الروحي وممارسة التأمل، فضلًا عن العلاقات الاجتماعية القوية التي تمنح سكان هذه المناطق "معنى للحياة"، وهو ما وصفته بـ "السر الحقيقي وراء العمر الطويل بجودة صحية عالية".
وفي مداخلة أثارت اهتمام الحضور، تحدثت الدكتورة شيرين بازان عن التحديات الثقافية المرتبطة بمفهوم "طول العمر" في العالم العربي، قائلة: "عندما نترجم مصطلح Longevity إلى العربية، نفكر فورًا أنه تدخل في مشيئة الله، وهذا أكبر تحدٍ يواجه المتخصصين في هذا المجال. بينما في الحقيقة، الطب الوقائي هدفه تحسين جودة الحياة وليس تغيير الأقدار".
وأضافت أن هناك خلطًا شائعًا بين "الخلود" و"اللونجيفيتي"، مشيرة إلى أن الأخير يتعلق بتحسين السنوات التي نعيشها وليس زيادتها فقط، مؤكدة أنه لا توجد وصفة سحرية أو حبة دوائية تطيل العمر، بل نمط حياة صحي متكامل.
ومن الأمثلة التي استعرضها المؤتمر، تجربة الملياردير الأمريكي براين جونسون، الذي أنفق ملايين الدولارات لتحويل جسده إلى "حقل تجارب" في محاولة لعلاج الشيخوخة وكبح التدهور البيولوجي، ما فتح النقاش حول حدود التقدم العلمي في مواجهة الزمن.
في ختام المؤتمر، شدد القائمون على ضرورة تبني منظور شامل لدور الطبيب، يدمج الكفاءة العلمية مع أدوات التواصل والتأثير المجتمعي والقدرة على بناء ثقة الجمهور، في ظل المنافسة المتزايدة داخل القطاع الطبي، ووسط بيئة صحية تتجه نحو التخصص الدقيق والطب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ 20 ساعات
- بوابة الفجر
في حوار خاص لـ "الفجر".. الدكتورة سارة شوقي: السمنة مرض مزمن وليس ضعف إرادة
في أجواء مفعمة بالحيوية والنقاش العلمي البنّاء، نظّمت الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (EATN)، مؤتمرها السنوي الثالث – والسادس من حيث عدد المؤتمرات – يوم الجمعة 30 مايو 2025، بفندق هيلتون النيل (المعروف سابقًا بجراند نايل تاور)، وسط حضور واسع من أساتذة الجامعات وخبراء التغذية والصحة العامة، إلى جانب عدد كبير من الأطباء الشباب ورواد المجال الصحي. تحت شعار ملفت يتساءل: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟"، جمع المؤتمر بين الجوانب الطبية والعملية، وفتح النقاش حول أحدث ما وصل إليه العالم في علاج السمنة، ليس فقط من الناحية الطبية، بل من منظور بيزنس واستدامة مهنية أيضًا. "الفجر" التقى بالدكتورة سارة شوقي، أخصائية التغذية العلاجية الحاصلة على البورد الأمريكي، للحديث عن أهمية المؤتمر وأبرز محاوره، إلى جانب تقديم نصائح مهمة للأطباء الجدد ومرضى السمنة. الدكتورة سارة شوقي أخصائية تغذية علاجية في البداية.. نرحب بحضرتك في موقع الفجر، ونود أن تعرفينا بنفسك لجمهورنا؟ أهلًا وسهلًا بكم، أنا دكتورة سارة شوقي، أخصائية تغذية علاجية، حاصلة على البورد الأمريكي في التغذية العلاجية. بدأت عملي في هذا المجال منذ عام 2018، وكنت دومًا شغوفة بالعلم والتطوير المهني. أنا سعيدة جدًا بتواجدي اليوم في مؤتمر EATN، لأنه من المؤتمرات الطبية المهمة في مصر والمنطقة، وبيوفر منصة حقيقية لتبادل الخبرات والاطلاع على أحدث المستجدات العلمية والمهنية في علاج السمنة والتغذية العلاجية. ما الذي يميز مؤتمر EATN هذا العام عن غيره من المؤتمرات في نفس المجال؟ التميّز في رأيي يكمن في تكامل المحاور. المؤتمر لا يقتصر على الجانب الطبي فقط، بل يدمج بين الطب والبزنس، وهذا شيء نادر في مؤتمرات التخصصات الطبية. بنلاقي هنا اهتمام بكيفية بناء بيزنس ناجح كأخصائي تغذية، وكيفية استخدام أدوات مثل التسويق الشخصي (Personal Branding)، والسوشيال ميديا كوسيلة لتوسيع نطاق التأثير والوصول للمرضى. ده شيء مهم جدًا في عصرنا الحالي. ما الهدف الأساسي للمؤتمر من وجهة نظرك؟ الهدف الرئيسي هو التعليم الطبي المستمر أو ما يُعرف بـ CME، وده ضروري جدًا لأي طبيب أو أخصائي. لازم نكون دايمًا على اطلاع بأحدث الأبحاث، بأحدث الأدوية اللي نزلت، وفهمنا العلمي يتطور بشكل مستمر. كمان المؤتمر بيساعدنا نتعرف على تولز جديدة بنحتاجها لتطوير الشغل وتحقيق نتائج علاجية أفضل. وكل ده بينعكس في النهاية على مصلحة المريض. هل ترين أن النجاح في هذا المجال يعتمد فقط على الجانب العلمي؟ بكل تأكيد لا. العلم هو الأساس، لكن مش كفاية لوحده. لازم نعرف كمان إزاي نوصل للناس، إزاي نبني ثقة، نشتغل على نفسنا كـ "براند"، ونتعلم أدوات العصر زي المحتوى الرقمي، والتواصل الفعّال، وإزاي نفتح مشروع ناجح، خاصة في ظل التنافسية الشديدة الموجودة حاليًا في المجال الطبي بشكل عام، والتغذية العلاجية بشكل خاص. ما نصيحتك للأطباء الجدد أو المقبلين على دخول هذا التخصص؟ نصيحتي الأولى إنهم يهتموا جدًا بالتعليم المستمر، لأن ده هو اللي بيفرق الطبيب الشاطر عن غيره. لازم دايمًا تكون عارف الجديد في المجال، وبتطوّر من أدواتك، وبتتابع أحدث الأبحاث والتقنيات. المجال بيتغير بسرعة، واللي مش بيطوّر نفسه بيتراجع تلقائيًا. كمان مهم يشتغلوا على مهارات التواصل، لأن الطبيب مش بس بيعالج.. هو كمان لازم يسمع ويوصل المعلومة ويأثر. وماذا عن النصيحة التي توجهينها لمرضى السمنة؟ السمنة مش مجرد وزن زايد.. دي حالة صحية معقدة جدًا. وأنا دايمًا بقول: "السمنة هي بيت الداء"، لأنها بتؤدي لمشاكل صحية خطيرة زي الضغط، السكر، مقاومة الإنسولين، أمراض القلب، وأحيانًا السرطان. للأسف كتير من الناس فقدوا الأمل بعد تجارب فاشلة مع الدايت، أو بيحسوا إن المشكلة عندهم في الإرادة. لكن الحقيقة إن الموضوع أعقد بكتير، فيه هرمونات بتلعب دور، وفيه أسباب نفسية وعضوية لازم تتعالج. هل معنى كلامك أن السمنة مرض مزمن؟ بالضبط. النهاردة بقى فيه وعي أكبر إن السمنة مرض مزمن ومنتكس، ومحتاج علاج مستمر ومحاولات متكررة. ومبقاش علاجها بس الدايت والرياضة، دلوقتي بقى فيه أدوية فعالة ومصرح بها، وعلاجات حديثة جدًا بتساعد المرضى يوصلوا لنتائج ملموسة، بشرط إنهم يكونوا تحت إشراف طبي متخصص. المشكلة مش في ضعف الإرادة زي ما كنا بنسمع زمان، لكن في تجاهل الأسباب الحقيقية. البعض يرى أن الأسباب النفسية هي المحرك الأساسي للسمنة.. ما رأيك؟ ده حقيقي إلى حد كبير. الأسباب النفسية ممكن تكون عامل أساسي في الأكل الزايد أو اضطرابات الشهية. لكن كمان فيه ناس عندها مشاكل هرمونية زي مقاومة الإنسولين أو خلل في الغدة الدرقية، وده بيأثر على قدرة الجسم على حرق الدهون. وكتير من مرضى السمنة بيقولوا: "أنا مباكلش، بس بزيد"، وده كلام صحيح في حالات معينة. فالموضوع محتاج تشخيص دقيق وعلاج شامل، مش حكم سريع. كيف يمكن للمريض التفرقة بين مختص حقيقي وآخر غير مؤهل؟ دي نقطة مهمة جدًا. المريض لازم يتأكد إن اللي بيتابع معاه حاصل على مؤهل علمي موثوق، ويفضل يكون فيه شهادات معترف بها زي البورد الأمريكي أو دراسات متخصصة. كمان لازم يشوف إن الدكتور بيتابع التطورات العلمية وبيشتغل بشكل علمي مش على أنظمة غذائية "تريند" أو تجارية. الشطارة مش في الشهرة.. الشطارة الحقيقية في إنك تعالج صح وتفهم جسم كل مريض كويس. أخيرًا.. ما هي رسالتك اليوم من داخل هذا المؤتمر؟ رسالتي إن التغذية العلاجية مش رفاهية، هي ضرورة حقيقية لعلاج أمراض العصر. والنهاردة إحنا في وقت بيوفر أدوات كتير وفرص أكبر للنجاح، بشرط إننا نتسلح بالعلم والتطوير المستمر، ونشتغل على نفسنا كمهنيين. والمؤتمرات زي EATN بتساعدنا نحقق ده. وبدعو كل الأطباء والمهتمين بالمجال إنهم يشاركوا ويتعلموا ويكونوا دايمًا في قلب التطوير. شكرًا جزيلًا دكتورة سارة، سعداء بلقائك، ونورتِ موقع الفجر. شكرًا ليكم، أنا اللي سعيدة جدًا باللقاء، ومبسوطة إن فيه منصات بتوصل العلم بالشكل المحترم ده. يؤكد الحوار مع الدكتورة سارة شوقي أن التغذية العلاجية لم تعد مجرد وسيلة لإنقاص الوزن أو اتباع حمية غذائية مؤقتة، بل أصبحت ركيزة أساسية في علاج الأمراض المزمنة، وفي مقدمتها السمنة، التي باتت تُعرف عالميًا بـ "مرض العصر". وخلال مشاركتها في مؤتمر EATN السنوي، قدمت الدكتورة سارة رؤية متكاملة تجمع بين العمق العلمي والخبرة العملية، وتفتح المجال أمام فهم أوسع وأكثر إنصافًا للتحديات التي يواجهها مرضى السمنة. كما شددت على أهمية التعليم الطبي المستمر، ودور الطبيب الحديث الذي لم يعد يقتصر على وصف العلاج، بل يمتد ليشمل بناء الثقة، وفهم احتياجات المريض، والتعامل معه من منظور نفسي وبيولوجي متكامل. في ضوء هذا، فإن مثل هذه المؤتمرات العلمية المتخصصة تمثل بيئة مثالية لتبادل الخبرات، وتعزيز التكامل بين الجانب الطبي والمهني، وتؤسس لمرحلة جديدة من الوعي في المجتمع تجاه التغذية كعلم وعلاج، وليس فقط كوسيلة لتجميل الصورة أو اللحاق باتجاهات الموضة. ويبقى الأمل معقودًا على مزيد من الجهود في التوعية والبحث والتطوير، حتى يصبح لكل مريض فرصة حقيقية في التعافي، ولكل طبيب منصة تمكنه من ممارسة دوره بكفاءة وإنسانية في آن واحد.


بوابة الفجر
منذ 21 ساعات
- بوابة الفجر
الدكتورة رنا مجدي لـ "الفجر": نخاطب وعي المجتمع.. وليس فقط جسده
تحت شعار لافت: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟"… الجمعية المصرية للتغذية العلاجية (EATN) تُطلق مؤتمرها السنوي بحضور لافت لرواد المجال الصحي في أجواء علمية مميزة، وتحت شعار تفاعلي يطرح تساؤلًا جوهريًا حول معايير الثقة في المجال الطبي: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟"، نظّمت الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (Egyptian Association for Therapeutic Nutrition and Obesity - EATN) مؤتمرها السنوي الثالث – والسادس في إجمالي عدد الفعاليات التي نظّمتها الجمعية. شهد المؤتمر حضورًا واسعًا من نخبة أساتذة وخبراء التغذية العلاجية والصحة العامة، إلى جانب عدد كبير من الأطباء الشباب، ورواد الأعمال في القطاع الصحي، والمهتمين بمجال الغذاء والهرمونات والصحة الوقائية. وقد تميزت فعاليات المؤتمر بمناقشات ثرية ومحاضرات علمية رفيعة المستوى، ركزت على أحدث الاتجاهات في التغذية المرتبطة بالهرمونات، واستخدام التكنولوجيا الحديثة – بما في ذلك الذكاء الاصطناعي – في تطوير منظومات العلاج الغذائي، فضلًا عن استعراض التجارب الرائدة في ريادة الأعمال الصحية والتسويق الطبي. وفي هذا السياق، التقت "الفجر" بالدكتورة رنا مجدي، أخصائية التغذية العلاجية والمدرس بالجامعة البريطانية في مصر، التي كانت من أبرز المشاركين في تنظيم وإدارة المؤتمر، وكان لنا معها الحوار التالي… أهلًا وسهلًا بحضرتك، دكتورة رنا، في حوارنا اليوم. بدايةً، هل يمكنك تعريفنا بنفسك أكثر؟ أهلًا بحضرتك، أنا د. رنا مجدي، أخصائية تغذية علاجية ومدرس في الجامعة البريطانية في مصر. وأعمل في مجال التغذية العلاجية منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى تدريس المادة لطلاب الماجستير والبكالوريوس. نحن في انتظار سماع رؤيتك حول الهدف من تنظيم مثل هذا المؤتمر الهام. فما الذي يميز هذا النوع من الفعاليات؟ أعتبر نفسي فخورة للغاية بأنني أشارك في تقديم هذا المؤتمر، الذي يعد جزءًا من الجمعية المصرية للتغذية العلاجية. المؤتمر هذا يعد الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، وهدفه الأساسي هو نشر الوعي حول العلاقة بين الهرمونات والتغذية، وكيف يمكننا معالجة هذه المشكلات عبر الأبحاث العلمية الحديثة. كما يهدف المؤتمر إلى دمج الخبرات العلمية مع الحلول العملية التي يقدمها رواد الأعمال، حيث نركز ليس فقط على الخبرة العلمية ولكن أيضًا على أهمية التسويق في هذا المجال. نحن في حاجة لأن نكون قادرين على تسويق أنفسنا وأبحاثنا بشكل جيد لتحقيق النجاح في مجالنا. هل يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي أصبح له دور بارز في مجال التغذية العلاجية؟ وما هي رؤيتك حول هذا؟ بالطبع، أرى أن الذكاء الاصطناعي (AI) يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال، إذا تم استخدامه بشكل صحيح. الذكاء الاصطناعي يساعدنا في تسهيل العديد من العمليات التي كانت تأخذ وقتًا طويلًا، سواء بالنسبة للطبيب أو المريض. لكن من المهم أن نؤكد أنه لا يمكن الاستغناء عن الطبيب أو أن يكون الذكاء الاصطناعي بديلًا له. هو مجرد أداة مساعدة تسهم في تسريع الإجراءات وتحسين الدقة. يجب أن نستخدم الذكاء الاصطناعي بحذر، حيث أن البيانات التي يقدمها تحتاج إلى فحص دقيق من قبل الأطباء المتخصصين. على الطبيب أن يوازن بين نتائج الذكاء الاصطناعي وبين الأبحاث العلمية الحديثة ليتمكن من اتخاذ قرارات دقيقة ومتسقة مع أسس الطب والتغذية. بالنسبة للأطباء الشباب الذين يدخلون مجال التغذية العلاجية، ما هي نصيحتك لهم؟ نصيحتي الأولى هي أن يتخصصوا في مجال معين داخل التغذية العلاجية. قوة التخصص هي التي تمنح الطبيب القدرة على التميز والنجاح في مجاله. كما أن المشاركة في المؤتمرات العلمية تتيح للأطباء الشباب فرصة للتعرف على الأبحاث الجديدة والتواصل مع زملائهم، مما يعزز قدراتهم المهنية. أما بالنسبة للنصيحة الثانية، فهي تتعلق بكيفية التطوير المستمر. المجال دائم التطور، والأبحاث في التغذية لا تتوقف، لذلك يجب على الأطباء أن يكونوا على دراية بكل ما هو جديد في هذا المجال. من المهم أن نكون دائمًا على اتصال بالابتكارات العلمية والتكنولوجية. ونظرًا لأهمية التغذية السليمة في حياتنا، هل يمكنك تقديم نصائح للمريض الذي قد يكون ضائعًا ولا يعرف من أين يبدأ؟ بالتأكيد. بالنسبة للمريض، يجب أن يبدأ بتغيير أسلوب حياته تدريجيًا. التغذية السليمة لا تتعلق فقط باتباع نظام غذائي معين لفقدان الوزن أو تحسين الشكل. إنها تتعلق بتبني أسلوب حياة صحي بالكامل، يتضمن تناول الطعام بشكل متوازن، ممارسة الرياضة، والنوم الجيد. أوصي أن يبدأ الشخص بتحقيق تغييرات بسيطة في حياته، مثل شرب كمية كافية من الماء، وتقليل تناول الأطعمة المعالجة والسكريات. كما يجب عليه التأكد من أن غذاءه يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية، من البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون الصحية، وكذلك الفيتامينات والمعادن. بما أننا نقترب من موسم الأعياد، هل لديك بعض النصائح للأشخاص الذين يتعاملون مع التحديات الغذائية في هذه الفترة؟ بالطبع، موسم الأعياد يشكل تحديًا كبيرًا. لنبدأ برمضان، فهو فترة مثالية لتحقيق فوائد صحية إذا تم اتباع نظام غذائي صحي. الصيام المتقطع هو نوع من الأنظمة التي يعتمد عليها العديد من الناس حول العالم، ويمكننا استغلال رمضان لتحقيق ذلك بشرط أن يكون الطعام الذي نتناوله صحيًا ومتوازنًا. أما بالنسبة لعيد الفطر، فنصيحتي هي الاعتدال في تناول الكحك والحلويات. من الأفضل تناولها بعد الوجبات الرئيسية، وعدم البدء بها على معدة فارغة. كما يمكننا تعويضها بالتركيز على تناول البروتينات والخضراوات. أما عيد الأضحى، فلا بد من تناول اللحوم بشكل معتدل اللحوم تحتوي على بروتينات مهمة للجسم، ولكن يجب طهيها بطريقة صحية وتناولها بشكل متوازن. الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية يجب عليهم تناول اللحوم بطريقة تحترم حالتهم الصحية. أما بالنسبة لعيد الربيع، فيجب أن نكون حذرين في تناول الفسيخ والرنجة. ينبغي التأكد من مصادر هذه الأطعمة لتجنب أي مشاكل صحية، خاصة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في الكلى. الرنجة تكون أكثر أمانًا من الفسيخ من حيث محتوى الأملاح. في الختام، ما هي التوصيات التي تودين أن تتركيها للقراء ؟ أهم شيء هو أن نتبع أسلوب حياة صحي متكامل. النوم الجيد، تناول الطعام بشكل متوازن، ممارسة الرياضة، والابتعاد عن التوتر. في عصرنا الحالي، الحياة أصبحت سريعة جدًا، وضغط العمل والحياة اليومية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على صحتنا. لذلك، من المهم أن نخصص وقتًا لأنفسنا، وأن نتعامل مع الحياة بوعي. أخيرًا، على كل شخص أن يضع نفسه في بيئة صحية، وأن يكون محاطًا بالأشخاص الذين يدعمونه في تحقيق أهدافه الصحية. التوازن بين العمل والراحة والتغذية السليمة هو المفتاح لحياة صحية وطويلة. شكرًا جزيلًا لكِ، دكتورة رنا، على وقتك الثمين ونصائحك القيمة. شكرًا لكِ، أنا سعيدة جدًا بالحوار معكم. في ختام هذا اللقاء، لا يسعنا إلا أن نثمّن الجهود الكبيرة التي تبذلها الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (EATN)، في دعم المعرفة العلمية وربطها بالواقع العملي، عبر مؤتمرات نوعية تسهم في تشكيل وعي طبي حقيقي لدى العاملين في المجال والمجتمع على حد سواء. فقد كشف المؤتمر السنوي الثالث – بما احتواه من جلسات علمية متخصصة ونقاشات تفاعلية – عن التحديات الجديدة التي يواجهها قطاع التغذية العلاجية، وسلّط الضوء على أهمية تطوير المهارات المهنية، والانفتاح على أدوات العصر، خاصة الذكاء الاصطناعي، في التشخيص والمتابعة والتوعية. كما جسّد المؤتمر نموذجًا ناجحًا لتشجيع الأطباء الشباب على تبنّي مسارات ريادية داخل تخصصاتهم، والانخراط في أنشطة علمية تسهم في تطوير شخصياتهم ومهاراتهم بعيدًا عن النمط التقليدي للممارسة الطبية. ولعل أبرز ما ميّز هذا الحدث هو التوازن بين العمق الأكاديمي والبعد الإنساني، والانفتاح على التساؤلات الجريئة مثل: "مين الناس بتروح له أكتر: الأشهر ولا الأشطر؟"، ما يعكس نضجًا في الخطاب الطبي وتطورًا في أدوات التواصل مع الجمهور. وفي انتظار النسخة القادمة، يبقى الأمل معقودًا على أن تستمر هذه المبادرات في صناعة أثر حقيقي، علميًا ومهنيًا وإنسانيًا.


بوابة الفجر
منذ 2 أيام
- بوابة الفجر
الدكتور أحمد الغريب في حوار لـ "الفجر": الطبيب لم يعد معالجًا فقط بل قائد رأي
في ظل تصاعد الوعي المجتمعي بأهمية التغذية العلاجية كعنصر محوري في الوقاية والعلاج من أمراض العصر، تشهد الساحة الطبية في مصر حراكًا علميًا متجددًا تقوده الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (EATN)، والتي باتت خلال السنوات الأخيرة منبرًا يجمع المتخصصين في مجالات الطب والتغذية والعلاج الوظيفي تحت مظلة واحدة، بهدف توحيد المفاهيم ومواجهة التحديات المهنية والعلمية المتزايدة. وفي هذا السياق، تستعد الجمعية لعقد مؤتمرها السنوي الثالث – والسادس ضمن سلسلة مؤتمراتها العامة،تحت شعار جريء وغير تقليدي: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟". في إشارة إلى المفارقة بين الكفاءة العلمية ومدى التأثير الجماهيري في عصر تغلب عليه الصورة على المضمون، والسوشيال ميديا على المحتوى الطبي الموثق. المؤتمر، كما يصفه القائمون عليه، ليس مجرد ملتقى علمي لتبادل أوراق بحثية ومحاضرات تقليدية، بل هو دعوة مفتوحة لإعادة تعريف الطبيب كفاعل مجتمعي وريادي، قادر على صناعة التأثير وتفنيد المعلومات المغلوطة التي أصبحت تهدد وعي المريض، وتسيء للمهنة. "الفجر" التقت الدكتور أحمد الغريب ، رئيس الجمعية ورئيس المؤتمر، في حوار شامل كشف خلاله عن كواليس التحضير للمؤتمر، ورسائله الأساسية، وطبيعة التحديات التي تواجه الممارسين في مجال التغذية العلاجية، فضلًا عن رؤيته لمستقبل التخصص في ظل صعود الذكاء الاصطناعي، وتداعيات الخلط بين التخصصات الطبية في غياب الإطار التشريعي المنظم. في البداية، نود أن نُعرف القارئ بحضرتك. أنا الدكتور أحمد الغريب، طبيب بشري، وأشغل حاليًا منصب رئيس الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة – EATN. نعمل منذ سنوات على دعم المتخصصين في هذا المجال، والارتقاء بممارسات التغذية العلاجية وفقًا لأحدث المعايير العلمية. ما الهدف الرئيسي من انعقاد المؤتمر هذا العام؟ الهدف الأساسي يتمثل في توحيد الصفوف بين مختلف المتخصصين في مجال التغذية العلاجية داخل مصر، حيث أصبحت التخصصات المتداخلة في هذا المجال كثيرة، ما تسبب في تباين واسع في الرؤى والممارسات. لدينا أطباء بشريون، وأخصائيو علاج طبيعي، وصيادلة، بالإضافة إلى خريجي كليات أخرى، وكلٌ يدّعي الأحقية في ممارسة التغذية العلاجية. نحن نحاول من خلال المؤتمر الوصول إلى أرضية مشتركة، والخروج بتوصيات موحدة تُسهم في ضبط المهنة. حتى لو اختلفنا في 10 نقاط، فإن اتفاقنا على 5 سيُعد تقدمًا كبيرًا. ما الذي يميز مؤتمر هذا العام عن المؤتمرات السابقة؟ هذا العام أضفنا بُعدًا جديدًا؛ إذ لا نكتفي بمناقشة التشخيص والعلاج، بل نتناول أيضًا كيفية تمكين الأطباء على مستوى ريادة الأعمال والتأثير المجتمعي. دائمًا ما نتساءل: مين بيبيع أكتر، الأشهر ولا الأشطر؟ وغالبًا ما تكون الشهرة هي العنصر الحاسم. من هنا، نحاول تعليم الأطباء كيفية بناء العلامة الشخصية (personal branding) الخاصة بهم، وكيفية إدارة عياداتهم، والتغلب على تحديات السوق. نريد أن يتحول الطبيب إلى رائد أعمال قادر على التأثير في المجتمع، ومواجهة كم هائل من المعلومات المغلوطة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تصدر عن غير المتخصصين. هل ترى أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل ممارسة الطب خلال الفترة المقبلة؟ بالتأكيد. الذكاء الاصطناعي لن يلغي الوظائف، لكنه سيُحدث فرقًا واضحًا في كفاءة الأداء. سيصبح لدينا نموذجين: طبيب يعمل بمفرده، وآخر يعمل مدعومًا بالذكاء الاصطناعي. الأخير ستكون إنتاجيته أعلى 10 أو 20 مرة، وبالتالي سيتم الاستغناء عن العديد ممن لم يواكبوا التطور. لذا أنصح جميع الزملاء بتعلم أدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في تخصصاتهم، مهما كانت. من يريد مضاعفة إنتاجيته، عليه أن يتقن هذه الأدوات الآن. ما الرسالة التي توجهها للأطباء والممارسين في مجال التغذية العلاجية؟ رسالتي لهم أن يتوقفوا عن علاج الأعراض فقط، ويبدأوا بتشخيص الأسباب الحقيقية. أوصيهم بدراسة الطب الوظيفي (Functional Medicine)، فهو المستقبل الحقيقي لهذا التخصص. كذلك، أنصحهم بتبني منهجية "الخمسة لماذا" (Five Whys)، أي طرح سؤال "لماذا؟" خمس مرات متتالية عند التعامل مع أي مشكلة صحية، حتى يصلوا إلى الجذر الحقيقي للمشكلة، وليس فقط ظواهرها. وما النصيحة التي توجهها للمرضى، وخاصة مرضى السمنة؟ مرض العصر الآن هو "مقاومة الإنسولين"، ويُعد أحد أبرز أسباب السمنة والسكري من النوع الثاني. علاجه بسيط إذا اتفق الأطباء على نهج موحد. أما تكرار نغمة "امنع، امنع، امنع"، فلن تؤدي إلى نتائج. التوصيات العلمية تتجدد سنويًا، ورغم ذلك تستمر أعداد المرضى في التزايد. الحل يكمن في أن نجلس سويًا كمتخصصين، ونتفق على توصيات واقعية، تراعي سلوك المريض ونمط حياته. هل هناك توصيات واضحة خرجتم بها من المؤتمر حتى الآن؟ المؤتمر ثري جدًا، وكل محاضرة تقريبًا تنتهي بتوصيات متخصصة. لكن التوصية الأهم من وجهة نظري هي ضرورة توحيد الصف بين مختلف التخصصات، والعمل على تطوير مهارات الأطباء ليصبحوا قادة في مجتمعاتهم، وقادرين على التصدي للشائعات والمعلومات الخاطئة المنتشرة على الإنترنت. كلمة أخيرة توّد توجيهها؟ أكرر دعوتي للأطباء: لا تكتفِ بأن تكون شاطرًا في تخصصك فقط، بل تعلّم كيف تصبح مؤثرًا. طور مهاراتك، تعلم أدوات العصر، وكن جزءًا من منظومة طبية قوية ومؤثرة ومبنية على العلم والتأثير المجتمعي الحقيقي. شكرًا جزيلًا لك دكتور أحمد الغريب، ونتمنى لمؤتمركم النجاح وتحقيق الأهداف المنشودة. شكرًا لحضراتكم، وسعيد بهذا اللقاء مع "الفجر".