logo
مت فارغًا.. دع الحياة تُنطق ما بداخلك

مت فارغًا.. دع الحياة تُنطق ما بداخلك

صحيفة الشرق٣١-٠٧-٢٠٢٥
مقالات
231
A+ A-
في زمن تتزاحم فيه الانشغالات وتضيع فيه الطاقات بين التأجيل والتسويف، يطل علينا تعبير استثنائي بعمق فلسفي وتربوي مذهل: 'مُت فارغًا – Die Empty'. عنوان لكتاب أمريكي، لكنه في جوهره نداء إنساني عالمي ينادي بصوت عال لا تمُت وأنت ممتلئ بالخير الذي لم تمنحه، والأفكار التي لم تعبّر عنها، والأحلام التي لم تسعَ لتحقيقها.
متى تكون المقبرة أغنى بقاع الأرض؟
تود هنري، المؤلف الأمريكي، كتب هذا العمل بعد أن صُدم بجواب غريب من مدير أمريكي في اجتماع عمل، حين سأل:
ما هي أغنى أرض في العالم؟
فجاءت الإجابات: الخليج الغنية بالنفط، وأضاف آخر مناجم الألماس في إفريقيا.
لكنه أجاب قائلاً: المقبرة!، نعم لأن ملايين البشر رحلوا إليها «أي ماتوا» وهم يحملون الكثير من الأفكار القيّمة التي لم تخرج للنور ولم يستفد منها أحد سوى المقبرة التي دُفنوا فيها.
فلسفة تربوية وإنسانية
يأتي هذا المفهوم متجاوزًا حدود التنمية البشرية المعتادة، ليدقّ جرس الإنذار التربوي: لا تؤجل الخير، ولا تَكبت الإبداع، ولا تبخل على العالم بما وهبك الله. فـ 'مُت فارغًا' لا يعني أن ترحل خالي الوفاض، بل أن ترحل بعد أن منحت كل ما لديك، وبذلت كل ما استطعت، حتى لا تكون – كما عبّر الكاتب – 'وجبة دسمة لدود الأرض'.
التربية على العطاء بلا حدود
في ضوء هذا المفهوم، يصبح دور المربين، والمعلمين، والآباء، هو زرع قيمة البذل إلى آخر رمق. أن نربي أبناءنا على أن لا يحتكروا المعرفة، ولا يؤجلوا المشاعر، ولا يكتموا الأفكار… بل أن يعطوا بلا حدود، ويغرسوا حتى لو كانت الساعة تقوم، ولا تكتم الخير داخلك فتموت ممتلئا متخوماً وتكون لقمة سائغةً لذيذة لدود الأرض، كم أتمنى أن نشمر ونبدأ بالسباق لنعطي ونستخرج كل ذرة خير داخلنا، عندها فقط سنكون خلفاء الله في الأرض، ما أجمل ان يرحل الإنسان من هذه الفانية فارغاً.
وهنا تلتقي هذه الفلسفة مع حديث النبي ﷺ:
'إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها'
في قمة مشهد النهاية، لا زال هناك مكان للعطاء! أي درس أعظم من هذا في قيمة السعي والإيجابية حتى اللحظة الأخيرة؟، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، دمعت عيون بعض الصحابة عندما قال عليه الصلاة والسلام: (اليوم أكملت لكم دينكم)، عرفوا أن النبي أصبح مستعداً متحمساً للرحيل فقد أدى الأمانة كاملة تامة.
إنها دعوة للتأمل الذاتي… كم من علم نعرفه لم نعلمه؟ كم من فكرة تلتمع في عقولنا لم نكتبها؟ كم من حب لم نعبّر عنه؟
ربما نكون نعيش ممتلئين… لكننا راحلون مثقلون، وكأننا لم نؤتمن على كنز في داخلنا.
التربية على الإلهام لا التلقين
ليس المطلوب أن نحيا لنستهلك، بل لننتج ونترك الأثر، التربية الحقيقية اليوم ليست تلقين المناهج، بل إشعال شرارة الحلم في النفوس، وتحرير الطاقات، وتحفيز الأجيال أن يتركوا بصمتهم في الحياة… لا في المقبرة، فيجب ان تحرص أيها الانسان أن ترحل فارغا من كل خيرك، كلمات مؤثرة، لكنها تحمل رسالة خلود، ازرع الخير، انشر العلم، حقق أهدافك، عبّر عن مشاعرك، لا تنتظر اللحظة المثالية… فالمثالية الحقيقية أن تموت فارغاً!
كسرة أخيرة
في عالم يقدّس الإنجاز، فلنرب أبناءنا على أن الرحيل الأجمل هو الذي يخلف وراءه أثرا لا يمحى، ليكن شعارنا في الحياة:
'لن نترك خيراً حبيساً في دواخلنا… لنمُت فارغين، إن الدنيا في نظر المسلم فرصة، ومرحلة للزرع والبذر، ومعبرة نحو الآخرة، والمحدد لما سيكون عليه الحال بعد هذا بإذن الله.. دار ليكتسب فيها ويهيئ المقعد هناك والمهاد، وإذا انتهجنا المنهج الإسلامي وهو الفطرة التي فطرنا عليها الخالق سنكون قد جمعنا بين العمل للدنيا والعمل للآخرة في توافق وتناسق، فلا يفوت على الإنسان دنياه لينال آخرته، ولا يفوت عليه آخرته لينال دنياه، فهما ليسا نقيضين ولا بديلين في التصور الإسلامي، أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من منا لا يحب المديح؟
من منا لا يحب المديح؟

صحيفة الشرق

timeمنذ 5 ساعات

  • صحيفة الشرق

من منا لا يحب المديح؟

165 يكذب عليك من يقول لك إن صدره واسع رحب يقبل النقد، وإنه في الوقت ذاته لا يهتم بمديح هذا أو ذاك! هذا يخالف الفطرة البشرية. فما من إنسان لا يحب المديح والإطراء، وما من إنسان كذلك يتسع صدره للنقد ويقبله. نفوسنا ذات طاقة محدودة. قد يصبر أحدنا على منتقديه لبعض الوقت، لكن بالطبع ليس كل الوقت. وربما بعضنا لا يميل للمديح، لكن من المؤكد أن نفسه تطرب لمدح من هذا أو ذاك وتلك. هذه هي النفس البشرية، ومن الصعب مقاومتها وضبطها لتسير وفق نظام معين. فهذا ليس بمستطاع أي أحد سوى الأنبياء المعصومين، وبعض أولياء الله الصالحين، وقليلٌ ما هم. هذه خلاصة موضوع اليوم، لكن هناك بعض زيادات وتفصيلات لمن أحب أن يكمل معنا القراءة.. بادئ ذي بدء، لا شيء أن تمدح الآخرين أو العكس، خاصة إن وجدت فيمن تريد مدحه، أو وجد الناس فيك ما يستحق أو يستوجب المدح دون مبالغات، أو مجاملات كاذبة. فقد مُدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يسمع ويرى، بل ليس هو من يحتاج مدحاً من أحد، فيكفيه مدح ربه له في قوله تعالى (وإنك لعلى خُلُق عظيم) فليس بعد هذا المدح من مديح. كما أنه صلى الله عليه وسلم مدح الكثيرين من أصحابه، ولكن مع ذلك في الوقت نفسه، كان يحذرهم من الإفراط في المديح، كما في حديث «إياكم والتمادح، فإنه الذبح». أما لماذا شبّه المدح بالذبح، فلأن الإفراط في هذا العمل من شأنه أن يميت القلب أولاً، ومن ثم هناك احتمالية كبيرة ثانياً، أن يُخرج هذا المديح المستمر، الشخص الممدوح، عن تعليمات دينه، لتراه بعد حين وقد اغتر بأحواله، وربما يبدأ يسيطر عليه شعور كاذب من العُجب والكبر، ليرى نفسه دوماً وأبداً أهلاً للمديح، لا سيما إن كان ممن استهوتهم الدنيا بزينتها وأضوائها وبريقها. مدح الأحياء أم الأموات هذا الأمر لا يقتصر على من يقوم بأعمال دنيوية فحسب، بل يشمل كذلك علماء الدين والدنيا، الأمراء والرؤساء، ومن على شاكلتهم في المستويات والدرجات، العليا منها والدنيا. احذر أن تمدح عالماً، أو مفكراً، أو صاحب رأي، أو رئيساً، أو مرؤوساً، إلا بالقدر الذي يستحقه دون مبالغات ومجاملات، فإنك لا تدري بعد حين من الزمن، طال أم قصُر، ما عساه أن يفعل ويقول. إن أردت مدح صاحب رأي، أو علم، أو رياسة ووجاهة، مدح حق، فليكن لمن مات على هذا الحق. أما قبل ذلك، فالحذر مطلوب. فقد يكون الممدوح اليوم على حق مبين، ثم ينقلب على عقبه بالغد، فيصير ناصراً لباطل هنا أو ظالم هناك، غير مكترث بما كان عليه بالأمس القريب، والقلوب بيد الرحمن، يقلبها كيفما شاء. المدح مطلوب بعض الوقت ولغايات مقصودة. منها تعزيز الممدوح ليستمر على ما تم مدحه عليه، من عمل أو قول. ومنها رسالة للآخرين على الاقتداء بالممدوح في الأمر الذي استوجب مدحه عليه. ومنها إشاعة روح التقدير والمكافأة المعنوية بين الناس، وخاصة إن كان المدح يصدر من رئيس لمرؤوس. لكن يكون خطراً وغير مقبول حين يصل إلى حد المبالغة والإفراط، أو المديح لكل همسة ولمسة. هذا بشكل مختصر كل ما يتعلق بالمديح. النقد لمجرد النقد أما ما يتعلق بالنقد والتقييم، وهو الجانب غير المرغوب عند أغلب البشر، فله قواعده وأصوله أيضاً. فكما أسلفنا بأن النفس الإنسانية تميل إلى المدائح والإطراءات، فإنها تمتعض وتنقبض من الانتقادات وإظهار السلبيات، وإن كانت نقداً بنّاء هادفاً فيه الكثير من الصواب، ورغبة في الإصلاح والتقويم. فهكذا هي النفس البشرية بشكل عام، إلا ما رحم ربي وقليلٌ ما هم تلكم النفوس. فعل النقد الهادف البنّاء لا يحدث إلا بهدف التصحيح والتوجيه، والحيلولة دون وقوع أخطاء مرة أخرى. هذا هو النقد المطلوب. لكن إذا كان أداء فعل النقد لمجرد النقد، وحباً في توبيخ الآخرين، أو من باب الشماتة، فهذا مرض من أمراض القلوب، وفعل غير محبوب ولا مرحب به في أي زمان وأي مكان. لكن مع ذل، فهو مرض يمكن علاجه مع الوقت. وهذا موضوع آخر قد نتحدث فيه في قادم الأيام بإذن الله. رحم الله من أهدى إليّ عيوبي، كما يقول الفاروق عمر، الذي كان يسأل سلمان الفارسي دوماً عن عيوبه، حتى إذا قدم عليه مرة، قال له عمر: ما الذي بلغك عني مما تكرهه؟ قال: أعفني يا أمير المؤمنين فألح عليه. فقال: بلغني أنك جمعت بين إدامين على مائدة، وأن لك حُلتين. حُلة بالنهار وحُلة بالليل. قال: وهل بلغك غير هذا؟ قال: لا. قال: أما هذان فقد كفيتهما. قصة الفاروق عمر مع سلمان الفارسي رضي الله عنهما، نموذج لما يجب أن يكون عليه الناقد والمنقود أو المنتَـقـَـد. الشاهد من القصة أن عمر وهو من هو يومئذ، لم يتحفظ أو يضق صدره على ما كان يراه سلمان في فعله، وأنه جزء من ترف وبذخ غير مبرر وهو رئيس للدولة، بل تقبل الفاروق نقد سلمان بصدر رحب، وعالج ما كان يراه سلمان عيباً، فأثبت بذلك الفاروق أنه نعم الرئيس، وأثبت سلمان أنه نعم المرؤوس. وهذا هو المطلوب من الناقد والمنتَقد. الأول يبتغي من نقده وجه الله، وأن يُصلح بنقده. أما الثاني مطلوب منه تقبل النقد الهادف البنّاء، بل وشكر ناقده وتعظيم الأجر له إن كان بالمستطاع، وأقل ذلك الدعاء له (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي) كما جاء عن الفاروق رضي الله عنه وأرضاه، أو كما جاء عنه في مناسبة أخرى (أحب الناس إليّ من رفع إليّ عيوبي). خلاصة القول من جاءك ورفع إليك عيباً، أو مجموعة معايب رآها، فلا تحزن ولا تبتئس، بل أقبل عليه بجوارحك تسمع إليه وتنصت، ثم ادع له بظهر الغيب، وقبل ذلك تشكره وتثني عليه. إن مثل هذا كمثل جوهرة نادرة رزقكها الرازق بغير ميعاد. أفلا تحتاج هذه الجوهرة منك كل رعاية واهتمام؟ الجواب عندك، فانظر ماذا ترى.

وفاة عمدة"الفنانين الخليجيين" محمد المنيع
وفاة عمدة"الفنانين الخليجيين" محمد المنيع

صحيفة الشرق

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الشرق

وفاة عمدة"الفنانين الخليجيين" محمد المنيع

0 A+ A- توفي الفنان الكويتي محمد المنيع مساء أمس (الجمعة)، عن عمر ناهز الـ95 عاماً، بعد تدهور حالته الصحية بعد يومين من دخوله المستشفى. ونعى وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبدالرحمن المطيري، المنيع، قائلاً: «أتقدم بخالص التعازي والمواساة بوفاة المغفور له بإذن الله الفنان القدير محمد المنيع أحد رواد الفن الكويتي والخليجي الذي أثرى الساحة الفنية بعطائه على مدى عقود وكان مثالاً للفنان المخلص لجمهوره ورسالة فنه». وعرف الفنان محمد المنيع بالوسط الفني بلقب عمدة «الفنانين الخليجيين» «بوعبدالعزيز»، إذ كان قد تفرغ خلال السنوات الأخيرة للظهور بمشاركات بسيطة تحمل القيم التربوية والاجتماعية كما هو الحال طوال مسيرته الفنية التي بدأها منتصف السبعينيات. ومن أبرز الأعمال التي شارك فيها المنيع تلفزيونياً، مسلسلات «طيبة وبدر، الإبريق المكسور، الرحيل، بدر الزمان، فتى الاحلام، طش ورش، القرار الأخير، زمان الاسكافي». مسرحياً، كانت للفقيد المنيع مشاركات عديدة في أعمال مسرحية معروفة منها «حظها يكسر الصخر، بغيتها طرب صارت نشب، علي جناح التبريزي، وفرسان». أما في السينما، فكانت له أكثر من مشاركة في أفلام منها «بس يا بحر، أوراق الخريف، ليلة القبض على الوزير»، فيما اشتهر المنيع بأدوار الأب والجد بنصيحة من الفنان الراحل محمد النشمي.

وفاة الفنان المصري سيد صادق
وفاة الفنان المصري سيد صادق

صحيفة الشرق

timeمنذ 2 أيام

  • صحيفة الشرق

وفاة الفنان المصري سيد صادق

60 سيد صادق A- الدوحة - موقع الشرق غيب الموت اليوم الجمعة الفنان المصري سيد صادق عن عمر ناهز 80 عامًا، في وفاة مفاجئة دون معاناة من أي مرض، بحسب ما أعلن نجله السيناريست لؤي سيد صادق عبر حسابه على "فيس بوك". وكتب لؤي نجل الفنان عبر حسابه على فيسبوك: "إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون.. توفي إلى رحمة الله الراجل العظيم والدي (سيد صادق)". كما أفاد نجل الفنان أن صلاة الجنازة ستقام اليوم عقب صلاة الجمعة بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، والدفن بمقابر الأسرة بطريق الفيوم. وُلد سيد صادق في 18 يونيو 1945 بحي عابدين بالقاهرة، وعشق التمثيل منذ طفولته. بزغت موهبته في مسابقات المدارس، حيث كان زميلًا للنجم نور الشريف. التحق بمعهد التعاون وشارك في عروض المسرح الجامعي، قبل أن يبدأ حياته العملية في مجال تجارة قطع غيار السيارات لتأمين دخله، ثم عاد للمسرح في الستينيات. كانت انطلاقته الفنية الحقيقية مع المخرج السيد راضي في مسرحية "الشحاتين"، ومنها إلى الدراما التلفزيونية عبر مسلسل "عيون" أمام فؤاد المهندس، بإخراج إبراهيم الشقنقيري وفقا لوسائل إعلام مصرية. على مدار مشواره، شارك سيد صادق في أكثر من 247 عملًا، ترك خلالها بصمات لافتة في السينما المصرية، واشتهر بأداء أدوار الشر أو الشخصيات الخارجة عن القانون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store