logo
التربية البطيئة.. فن تنشئة الأبناء بهدوء وثقة

التربية البطيئة.. فن تنشئة الأبناء بهدوء وثقة

الجزيرةمنذ 4 أيام

بين إيقاع الحياة السريع وتغير متطلبات سوق العمل وتطور التكنولوجيا الرقمية باستمرار، تتأثر تربية الأطفال بشكل كبير ويزداد حجم الضغوط التي يمارسها بعض الآباء على أبنائهم، مما كان سببا في ظهور فلسفة جديدة في التربية وهي "التربية البطيئة".
ولكن ما نهج الأبوة البطيئة؟ وكيف يؤثر التباطؤ في التربية على حياة أبنائنا؟
فلسفة معاكسة للأبوة المفرطة
بداية، تشير الاختصاصية النفسية، آنا ماثور في مقال لها على موقع "جود تو"، أن التربية البطيئة تعد نهجا يسعى إلى إبطاء وتيرة الحياة اليومية المحمومة، وتعزيز الأبوة والأمومة الواعية من خلال التراجع بعض الخطوات إلى الوراء والتخلي عن ضغط الجدولة الزائدة.
وأضافت أن التربية البطيئة تركز على جودة الوقت المخصص للأطفال بدلا من الكم، وتعطي الأولوية للعب غير المنظم مع التركيز على جودة التفاعلات الأسرية والرفاهية العاطفية للأطفال.
وبالرغم من أن التربية البطيئة ليست مفهوما حديثا، بل ربما كانت القاعدة في تنشئة الأجيال السابقة، فإنها ازدهرت مؤخرا كنهج بديل في التربية، قدمه المؤلف الكندي، كارل هونوري في كتابه الصادر عام 2008 بعنوان "تحت الضغط: إنقاذ أطفالنا من ثقافة الأبوة المفرطة"، حيث كتب: "التربية البطيئة تعني السماح لأطفالنا باكتشاف ذواتهم بدلا من أن نفرض عليهم ما نريد، تعني ترك الأمور تحدث بدلا من التدخل المفرط فيها وفرضها".
ويوضح هونوري لموقع "مومنتس أداي" أن التربية البطيئة لا تعني التباطؤ أو إهمال الأبناء بقدر ما تعني القيام بكل شيء بالسرعة المناسبة وبشكل متوازن عن طريق تعزيز اللعب الحر الذي يقوده الأطفال دون جداول زمنية صارمة، والسماح لهم بالنمو بوتيرتهم الخاصة والتفاعل بشكل طبيعي مع العالم من حولهم.
تختلف عن التربية المتساهلة
ووفق موقع "بيرنتس"، فإن التربية البطيئة بالنسبة للآباء تعد فرصة لتخفيف الضغط النفسي وأخذ استراحة من متطلبات التربية الحديثة وضغوط الإنجازات العالية، وكذلك تحرير أنفسهم من ضغط المقارنات وإعادة اكتشاف متعة التواجد والتواصل مع أبنائهم.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء على أهمية التمييز بين التربية البطيئة والتربية المتساهلة، فالتربية البطيئة تعطي الأولوية للتواصل وتضع حدودا مبنية على المحبة، أما التربية المتساهلة، فتفتقر إلى الهيكلية والانضباط، مما قد يشعر الأبناء بعدم الاستقرار وانعدام الأمان.
فوائد التربية البطيئة
بخلاف أساليب التربية التقليدية التي ترفع من شأن التحصيل الأكاديمي، تُقدر التربية البطيئة التعلم التجريبي والإبداع والمرونة وتمنح الأطفال حرية الاستكشاف وارتكاب الأخطاء، لذلك يعتبر اللعب الحر جزءا لا يتجزأ من روتين الطفل في التربية البطيئة، ومن فوائدها:
اكتشاف العالم: تتيح التربية البطيئة للأطفال حرية اللعب المستقل أو التظاهري، أو الذهاب في نزهة في الطبيعة، مما يشبع فضولهم ويمنحهم حرية الاستكشاف والميل إلى الملاحظة وطرح المزيد من الأسئلة، وفي تقريرها لعام 2018 "قوة اللعب: دور طب الأطفال في تعزيز النمو لدى الأطفال"، سلطت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الضوء على أهمية اللعب الحر في تنمية المهارات الاجتماعية والمعرفية والعاطفية ودوره في تعزيز مهارات القرن الـ21 اللازمة للنجاح، مثل حل المشكلات والتعاون والإبداع، وكذلك أشارت إلى دوره في إتقان مهارات إدارة المخاطر.
تعزيز الثقة بالنفس: يكتسب الأطفال الذين لا يتعرضون لضغوط تلبية التوقعات طوال الوقت مهارات المرونة وحل المشكلات، وتتعزز ثقتهم في أنفسهم، وهذا ما أشارت إليه دراسة أجراها باحثون في جامعة بيس الأميركية عام 2022، إذ توصلت الدراسة بعد مناقشة بيانات 151 طالبا من مختلف الجامعات الأميركية إلى أن توقعات الوالدين المرتفعة تُعرض الأطفال لخطر الخوف من الأحكام وتدني احترام الذات وعدم الثقة في النفس.
تطوير الاهتمامات: عندما يتوفر للأطفال المزيد من الوقت غير المنظم ويتولون زمام المبادرة، فإنهم يكونون أحرارا في استكشاف اهتماماتهم الحقيقية مثل الفن أو الموسيقى أو الرياضة، لمجرد المتعة ويشعرون بالدعم والفهم والاستمتاع.
تطوير مهارات التواصل: تعطي التربية البطيئة الأولوية للمحادثات المفتوحة والتأمل، مما يساعد الأطفال على الشعور براحة أكبر في مناقشة مشاعرهم وتطوير مهاراتهم في التواصل.
تعزيز الاستقلالية: توفر التربية البطيئة بيئة داعمة للمراهقين لتعلم مهارات اتخاذ القرار وتحمل المسؤوليات والتعامل مع الصعوبات في بيئة خالية من التوتر، على عكس الآباء المفرطين في الرعاية.
تعزيز الروابط العائلية: عندما يسمح الآباء لأطفالهم، بغض النظر عن أعمارهم، باختيار الأنشطة والتجارب التي يرغبون في ممارستها، فإن ذلك يُعزز بشكل طبيعي علاقة الوالدين بالطفل ويضع أساسا لعلاقة صحية ودائمة ويخلق ذكريات ذات معنى تدوم بمرور الوقت.
سلبيات التربية البطيئة
بالرغم من الفوائد الكثيرة التي تحققها التربية البطيئة، فإنها قد لا تناسب الجميع كما هو الحال مع أي أسلوب تربوي، إذ قد يراها بعض الآباء نهجا متساهلا أو غير منظم، وبالأخص إذا كانوا يقدسون النجاح الملموس ويعتبرونه أمرا ضروريا أو يقدرون روح المنافسة والإنجاز المادي مثل الجوائز الرياضية والدرجات الممتازة.
كيف تكون والدا "بطيئا"؟
يمكنك تطبيق فلسفة التربية البطيئة في التعامل مع أبنائك أو الاعتماد على بعض جوانبها من خلال هذه الممارسات:
دع أطفالك يستكشفون بوتيرتهم الخاصة: قد يُظهر طفلك مهارات في كرة القدم، لكن هذا لا يعني أنه مستعد للانضمام إلى فريق بعد، لذا تجنب الضغط عليه للمشاركة إلا إذا كان مهتما ومتحمسا للتجربة.
تقبل الملل: عندما يشعر طفلك بالملل لا تفكر في حلول فورية ولا تحاول إنقاذه بقائمة من الأنشطة المنسقة، ودعه يطلق العنان لإبداعه وذكائه وسيفاجئك بمدى قدرته على شغل وقته وابتكار ألعاب جديدة.
قلل وقت الشاشات: تقول المعالجة النفسية، الدكتورة نادية تيموريان لموقع "فازرلي"، إن الصحة الرقمية للأطفال تتطلب استخداما واعيا ومتوازنا للوسائط الرقمية، مع التركيز على التعلم والإبداع بدلا من الترفيه المستمر.
لا تثقل كاهل طفلك: التربية البطيئة لا تعني استبعاد كافة الأنشطة المنهجية، ولكن، حاول أن تفهم قدرات طفلك حتى لا تُحمله توقعات قد لا يكون مستعدا لها ولا تُجبره على التفوق في كل شيء، إذ ليس بالضرورة أن يكون كل شيء فرصة للتعلم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصري يُدان بالمساعدة في تهريب أكثر من 3,000 مهاجر إلى أوروبا
مصري يُدان بالمساعدة في تهريب أكثر من 3,000 مهاجر إلى أوروبا

BBC عربية

timeمنذ 27 دقائق

  • BBC عربية

مصري يُدان بالمساعدة في تهريب أكثر من 3,000 مهاجر إلى أوروبا

تم الحكم بالسجن على المصري أحمد عبيد المتورط في شبكة تهريب غير قانونية ساعدت في نقل أكثر من 3,000 شخص من بلدان مختلفة إلى أوروبا. جاءت هذه العقوبة بعد تحقيقات مكثفة كشفت عن دوره الأساسي في تنظيم عمليات التهريب التي تعرض حياة المهاجرين للخطر. وتؤكد السلطات البريطانية أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز الأمن على الحدود الأوروبية. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

"ويفا": ضمان مقعدان فقط للدول الأربعة المضيفة في كأس أوروبا 2028
"ويفا": ضمان مقعدان فقط للدول الأربعة المضيفة في كأس أوروبا 2028

الإمارات اليوم

timeمنذ 27 دقائق

  • الإمارات اليوم

"ويفا": ضمان مقعدان فقط للدول الأربعة المضيفة في كأس أوروبا 2028

سيكون على الدول المضيفة الأربع لكأس أوروبا 2028 لكرة القدم، أي إنجلترا وإيرلندا واسكتلندا وويلز، خوض التصفيات المؤهلة إلى النهائيات القارية، لكن مع ضمان مقعدين للدول المضيفة التي لم تتأهل. وأكد الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) الأربعاء نظام التأهل إلى النهائيات القارية بمشاركة 24 منتخبا، مع تخصيص مقعدين للدول المضيفة التي لم تتأهل. وقال في بيان عقب اجتماع لجنته التنفيذية في بلباو حيث تقام لاحقا الأربعاء المباراة النهائية للدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) بين مانشستر يونايتد الإنجليزي ومواطنه توتنهام، إن "الدول المضيفة.. ستشارك أيضا في التصفيات ضمن مجموعات منفصلة"، مضيفا "سيتم حجز مقعدين في النهائيات لأفضل مضيفين تصنيفا واللذين لم يتأهلا في الصدارة أو بين أفضل منتخبات وصيفة بعد انتهاء مرحلة المجموعات". ويتأهل إلى النهائيات مباشرة 20 منتخبا، هي أبطال المجموعات الـ12 وأفضل ثمانية منتخبات في المركز الثاني، على أن تحسم المقاعد الأربعة المتبقية بمباريات فاصلة. وتنظيم البطولة في أربع دول مختلفة لا يسمح بتخصيص مقعد تلقائي للجميع، خلافا لنسخة 2024 التي استضافتها ألمانيا بمفردها. وتحدثت وسائل إعلام بريطانية عن هذه الرغبة حتى قبل اختيار من سيستضيف نهائيات 2028، موضحة أن إنكلترا أرادت مواجهة منافسين أقوياء من خلال التصفيات، بدلا من خوض مباريات ودية من دون الكثير من الجدية. ومنذ عام 1984، فشل منتخب "الأسود الثلاثة" في التأهل الى النهائيات مرة واحدة فقط في نسخة عام 2008 التي أقيمت بمشاركة 16 منتخبا. لكن التأهل سيكون أكثر صعوبة بالنسبة للمنتخبات المضيفة الأخرى مثل ايرلندا التي غابت عن النسختين الأخيرتين واكتفت بالمشاركة ثلاث مرات في تاريخها، أو ويلز التي انتظرت حتى رفع عدد المنتخبات المشاركة الى 24 كي تحجز مقعدا لها في نسختي عامي 2016 و2021 قبل أن تغيب مجددا في نسخة 2024. وستقام نهائيات كأس أوروبا 2028 في تسعة ملاعب في لندن ومانشستر وليفربول ونيوكاسل وبرمنغهام ودبلن وغلاسكو وكارديف.

عدن .. إتلاف 50 ألف عبوة شراب لاحتوائها على مادة محظورة
عدن .. إتلاف 50 ألف عبوة شراب لاحتوائها على مادة محظورة

اليمن الآن

timeمنذ 28 دقائق

  • اليمن الآن

عدن .. إتلاف 50 ألف عبوة شراب لاحتوائها على مادة محظورة

أتلفت لجنة مختصة تترأسها وكيل نيابة الصناعة والتجارة بالعاصمة عدن الدكتورة سمية قباطي، اليوم، نحو ٥٠ ألف عبوة شراب من مشروب مستورد، لاحتوائها على مادة ثاني أكسيد التيتانيوم، وهي مادة محظورة الاستخدام في الأغذية بحسب القوانين والمعايير الصحية المعتمدة. وجرت عملية الإتلاف بحضور القاضي صفاء رشاد عضو النيابة، وفضل صويلح مدير الرقابة في ديوان وزارة الصناعة والتجارة، وعمر عباد مدير إدارة رقابة الأسواق وحماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة بالعاصمة عدن، إضافة إلى حضور ممثلين عن مالك البضاعة. وقد تم ضبط هذه الكمية خلال نزول ميداني سابق نفذته فرق الرقابة بإشراف ومتابعة مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بالعاصمة عدن، وسيم العُمري، وعلى فريق يترأسه فيصل محمد مدير فرع المكتب بمديرية المنصورة، ضمن جهود متابعة الأسواق والتأكد من التزام المنشآت التجارية بالاشتراطات الصحية والمواصفات. وتأتي هذه الخطوة في إطار الحملات الرقابية المستمرة التي ينفذها مكتب ونيابة الصناعة والتجارة بالعاصمة عدن، لضمان خلو الأسواق من أي مواد ضارة وحماية صحة المستهلك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store