
✅ "مرسيدسات الطاكسي".. قدماء المحاربين الذين يعاندون التجديد ويعبرون الطرق بصوت المحرك
يهتز هيكل السيارة مع كل حفرة، فيما يمسك عبد الصادق بمقود سيارته المرسيدس القديمة، ويثبت نظره في الطريق المؤدي الى أصيلة. رغم اهتراء المقاعد وصوت المحرك الثقيل، يصر على ان 'المرسيدس ما زالت واقفة'.
عند محطة بني مكادة، تظهر بين الفينة والأخرى واحدة من العربات التي تصنف ضمن خانة 'قدماء المحاربين' من الطاكسيات الكبيرة، كما يسميها السائقون هنا، في تحد صامت لبرامج التجديد التي لم تقنع الجميع حتى الآن.
منذ أكثر من عشر سنوات، اطلقت الحكومة برنامجا وطنيا لتجديد اسطول سيارات الاجرة من الصنف الاول، بدعم مالي بلغ في اقصاه 80 الف درهم.
لكن في طنجة، كما في مدن اخرى، بقيت عربات مرسيدس من طرازي 240 و190 تجوب الشوارع والطرق الاقليمية، ناقلة الركاب بين الاحياء والمداشر، من دون كلل او توقف.
في في فضاء محطة الطاكسيات المتجهة الى جماعة ملوسة انطلاقا من حي 'بلاصا طورو'، ينزل السائق حميد زبائنه ثم يربت بيده على مقدمة سيارته قائلا: 'هاذي خدمت مع الوالد، واليوم خدامة معايا. ما كاينش سيارة كتعيش بحالها'. بالنسبة له، لم تقنعه سيارات 'داسيا' و'لودجي' الجديدة التي يعتبرها 'انيقة ولكن هشة'، فيما 'المرسيدس كتشد الطريق'.
لكن هذه 'القوة الحديدية' لا تعني بالضرورة الراحة. فركوب المرسيدس القديمة، بحسب عدد من الركاب، تجربة مرهقة. المقاعد ضيقة ومتهالكة، والنافذة لا تغلق بسهولة، ودرجة الحرارة داخل المقصورة غير منتظمة. 'الرحلة فيها كثير من الصبر'، تقول فاطمة، وهي تستعد لصعود احدى العربات في اتجاه القصر الصغير، مضيفة بابتسامة مرهقة: 'المرسيدس قوية ولكن كتقتلنا فالركوب… داسيا مريحة بزاف ولكن السائقين ما كيبغيوهاش'.
ويقدر مهنيون في قطاع النقل ان نحو 40 في المئة من الطاكسيات الكبيرة العاملة بطنجة ما زالت تستعمل سيارات مرسيدس عتيقة، خصوصا في الخطوط التي تتطلب قوة تحمل اضافية.
وفي مقابل العروض المغرية المحدودة التي تطلقها بعض شركات السيارات، يفضل كثير من السائقين الاحتفاظ بعرباتهم القديمة، خصوصا حين لا يتوفرون على الامكانيات المالية لاتمام الفرق بين الدعم وسعر السيارة الجديدة.
'كيفاش بغيتينا نبدلو سيارة كتسوى 15 الف درهم، بسيارة جديدة كتوصل لـ16 مليون؟' يتساءل السائق سعيد، وهو يرتدي سترة جلدية باهتة اللون، ويجلس على عتبة سيارته المصبوغة بألوان باهتة من كثرة التصليح. يقول ان الدعم الذي تمنحه الدولة 'ما كيغطيش حتى النص، وزيد عليها المصاريف، والتأمين، والضريبة'.
من جهة اخرى، يواجه كثير من السائقين صعوبات ادارية وقانونية، مثل تعدد المالكين، ووجود مشاكل في نقل الملكية او الوراثة، مما يجعل الاستفادة من برامج التجديد أمرا معقدا.
وتؤكد مصادر مهنية من قطاع سيارات الاجرة بطنجة ان 'عددا من السائقين راغبون فعلا في التغيير، لكنهم عالقون بسبب غياب حلول مرنة من طرف الجهات المعنية'.
غير ان المشكلة لا تقتصر على الجانب المهني او المالي فقط. بالنسبة للبعض، 'المرسيدس القديمة' ليست مجرد وسيلة نقل، بل رمز لمرحلة، وتاريخ من الكدح لا يمكن استبداله بسهولة. 'ركبت فيها وانا صغير، واليوم كنخدم بيها ولادي'، يقول عبد الصادق بنبرة اعتزاز، قبل ان ينطلق مجددا نحو مدينة القصر الصغير.
في المقابل، يرى فاعلون بيئيون ان استمرار استغلال هذه العربات القديمة يطرح اشكالات حقيقية تتعلق بانبعاثات الغازات، واستهلاك الوقود، وغياب معايير السلامة داخل المقصورة. فيما يعتبر مراقبون ان 'المشكل اعمق من مجرد سيارة'، مضيفين ان 'تجديد الاسطول يجب ان يرافقه تجديد في نمط التدبير والتنظيم'.
وبين رمزية الماضي وتحديات الحاضر، تواصل 'قدماء المحاربين' من سيارات الاجرة طريقها في طنجة، فيما تظل برامج التجديد تراوح مكانها، في انتظار قرار جماعي يتجاوز حسابات الربح والخسارة، نحو تصور جديد لنقل عمومي اكثر امانا وراحة واستدامة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 طنجة
منذ 14 ساعات
- 24 طنجة
✅ "مرسيدسات الطاكسي".. قدماء المحاربين الذين يعاندون التجديد ويعبرون الطرق بصوت المحرك
يهتز هيكل السيارة مع كل حفرة، فيما يمسك عبد الصادق بمقود سيارته المرسيدس القديمة، ويثبت نظره في الطريق المؤدي الى أصيلة. رغم اهتراء المقاعد وصوت المحرك الثقيل، يصر على ان 'المرسيدس ما زالت واقفة'. عند محطة بني مكادة، تظهر بين الفينة والأخرى واحدة من العربات التي تصنف ضمن خانة 'قدماء المحاربين' من الطاكسيات الكبيرة، كما يسميها السائقون هنا، في تحد صامت لبرامج التجديد التي لم تقنع الجميع حتى الآن. منذ أكثر من عشر سنوات، اطلقت الحكومة برنامجا وطنيا لتجديد اسطول سيارات الاجرة من الصنف الاول، بدعم مالي بلغ في اقصاه 80 الف درهم. لكن في طنجة، كما في مدن اخرى، بقيت عربات مرسيدس من طرازي 240 و190 تجوب الشوارع والطرق الاقليمية، ناقلة الركاب بين الاحياء والمداشر، من دون كلل او توقف. في في فضاء محطة الطاكسيات المتجهة الى جماعة ملوسة انطلاقا من حي 'بلاصا طورو'، ينزل السائق حميد زبائنه ثم يربت بيده على مقدمة سيارته قائلا: 'هاذي خدمت مع الوالد، واليوم خدامة معايا. ما كاينش سيارة كتعيش بحالها'. بالنسبة له، لم تقنعه سيارات 'داسيا' و'لودجي' الجديدة التي يعتبرها 'انيقة ولكن هشة'، فيما 'المرسيدس كتشد الطريق'. لكن هذه 'القوة الحديدية' لا تعني بالضرورة الراحة. فركوب المرسيدس القديمة، بحسب عدد من الركاب، تجربة مرهقة. المقاعد ضيقة ومتهالكة، والنافذة لا تغلق بسهولة، ودرجة الحرارة داخل المقصورة غير منتظمة. 'الرحلة فيها كثير من الصبر'، تقول فاطمة، وهي تستعد لصعود احدى العربات في اتجاه القصر الصغير، مضيفة بابتسامة مرهقة: 'المرسيدس قوية ولكن كتقتلنا فالركوب… داسيا مريحة بزاف ولكن السائقين ما كيبغيوهاش'. ويقدر مهنيون في قطاع النقل ان نحو 40 في المئة من الطاكسيات الكبيرة العاملة بطنجة ما زالت تستعمل سيارات مرسيدس عتيقة، خصوصا في الخطوط التي تتطلب قوة تحمل اضافية. وفي مقابل العروض المغرية المحدودة التي تطلقها بعض شركات السيارات، يفضل كثير من السائقين الاحتفاظ بعرباتهم القديمة، خصوصا حين لا يتوفرون على الامكانيات المالية لاتمام الفرق بين الدعم وسعر السيارة الجديدة. 'كيفاش بغيتينا نبدلو سيارة كتسوى 15 الف درهم، بسيارة جديدة كتوصل لـ16 مليون؟' يتساءل السائق سعيد، وهو يرتدي سترة جلدية باهتة اللون، ويجلس على عتبة سيارته المصبوغة بألوان باهتة من كثرة التصليح. يقول ان الدعم الذي تمنحه الدولة 'ما كيغطيش حتى النص، وزيد عليها المصاريف، والتأمين، والضريبة'. من جهة اخرى، يواجه كثير من السائقين صعوبات ادارية وقانونية، مثل تعدد المالكين، ووجود مشاكل في نقل الملكية او الوراثة، مما يجعل الاستفادة من برامج التجديد أمرا معقدا. وتؤكد مصادر مهنية من قطاع سيارات الاجرة بطنجة ان 'عددا من السائقين راغبون فعلا في التغيير، لكنهم عالقون بسبب غياب حلول مرنة من طرف الجهات المعنية'. غير ان المشكلة لا تقتصر على الجانب المهني او المالي فقط. بالنسبة للبعض، 'المرسيدس القديمة' ليست مجرد وسيلة نقل، بل رمز لمرحلة، وتاريخ من الكدح لا يمكن استبداله بسهولة. 'ركبت فيها وانا صغير، واليوم كنخدم بيها ولادي'، يقول عبد الصادق بنبرة اعتزاز، قبل ان ينطلق مجددا نحو مدينة القصر الصغير. في المقابل، يرى فاعلون بيئيون ان استمرار استغلال هذه العربات القديمة يطرح اشكالات حقيقية تتعلق بانبعاثات الغازات، واستهلاك الوقود، وغياب معايير السلامة داخل المقصورة. فيما يعتبر مراقبون ان 'المشكل اعمق من مجرد سيارة'، مضيفين ان 'تجديد الاسطول يجب ان يرافقه تجديد في نمط التدبير والتنظيم'. وبين رمزية الماضي وتحديات الحاضر، تواصل 'قدماء المحاربين' من سيارات الاجرة طريقها في طنجة، فيما تظل برامج التجديد تراوح مكانها، في انتظار قرار جماعي يتجاوز حسابات الربح والخسارة، نحو تصور جديد لنقل عمومي اكثر امانا وراحة واستدامة.


مراكش الآن
منذ 7 أيام
- مراكش الآن
السيارة الكهربائية .. 'تيسلا' تؤسس فرعا لها في المغرب
أسست شركة 'تيسلا' الأمريكية فرعا لها بالمغرب تحت اسم 'تيسلا المغرب'، إذ يرتقب أن تدخل الشركة المملوكة للملياردير إيلون ماسك إلى السوق الوطنية باستراتيجية أولية تركز على تسويق السيارات الكهربائية وبناء شبكة لشحن هذه المركبات. وأفاد إعلان قانوني بأنه في 27 ماي 2025، جرى تأسيس الفرع الجديد، على شكل شركة ذات مسؤولية محدودة، من قبل فرعين هولنديين تابعين للمجموعة، وهما 'تيسلا إنترناشيونال بي. في' و'تيسلا موتورز هولندا بي. في'. ووفق الإعلان، فقد تم تحديد مقر 'تيسلا المغرب' في 'برج كريستال' في قلب مارينا الدار البيضاء، وقد تم تسجيل الشركة في السجل التجاري بالدار البيضاء تحت الرقم 681101، مستوفية بذلك جميع الإجراءات القانونية. ويقع مقر 'تيسلا المغرب' ببرج 'كريستال' في قلب مارينا الدار البيضاء، برأسمال اجتماعي يبلغ 27,5 مليون درهم، ويتكون من 275,274 حصة اجتماعية قيمتها 100 درهم لكل حصة. ورغم هذه الخطوة الكبرى، فإن الأمر لا يتعلق في الوقت الراهن بإقامة وحدة صناعية، بل هو تموقع تجاري وخدمي قد يُمهّد لاحقًا لانخراط أوسع في البنية الاقتصادية والصناعية للمغرب. يتمحور نشاط الفرع المغربي الجديد حول ثلاثة مجالات رئيسية، حيث ستهم المرحلة الأولى استيراد وتوزيع وبيع السيارات الكهربائية، إلى جانب خدمات الصيانة والإصلاح، بل وحتى توفير سيارات بديلة للزبائن. ويشمل المحور الثاني قطاع الطاقة، إذ تخطط الشركة عن طريق الفرع المغربي لتطوير وامتلاك وتشغيل وتركيب أنظمة تخزين الطاقة الثابتة، بالإضافة إلى أنظمة إنتاج الطاقة، مع الإشارة تحديدا إلى 'الألواح الشمسية' وتقنيات التحويل المرتبطة بها. ويتمثل المحور الثالث في البنيات التحتية والخدمات، إذ تسعى 'تيسلا المغرب' إلى إنشاء شبكة من محطات شحن السيارات الكهربائية، حيث يُخول لها النظام الأساسي للشركة بيع خدمات الشبكات وبيع الكهرباء، ما يجعلها مرشحا محتملا للانخراط في النظام الكهربائي الوطني كمزوّد أو شريك.


أخبارنا
١٣-٠٦-٢٠٢٥
- أخبارنا
المغرب يُسرّع وتيرة إنتاج السيارات الكهربائية ويعلن عن قفزة بـ53% مع نهاية 2025 رغم تراجع الصادرات
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق السيارات العالمي، أعلن وزير الصناعة والتجارة رياض مزّور أن المغرب يعتزم رفع إنتاجه من السيارات الكهربائية بنسبة 53% مع نهاية سنة 2025، ليصل إلى 107 آلاف وحدة، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تقوية موقع المملكة في سلسلة القيمة العالمية وتقليل التبعية للسوق الأوروبية التي بدأت تعرف تراجعاً ملحوظاً في الطلب. وجاء هذا الإعلان خلال جلسة بمجلس النواب، حيث أوضح الوزير أن هذا التوسع يأتي ضمن خطة شاملة لتعزيز حضور المغرب في قطاع صناعة السيارات، الذي يُعد الركيزة الأولى للصادرات الوطنية، رغم تسجيله تراجعاً بنسبة 7% في الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية. ويتوفر المغرب حالياً على طاقة إنتاجية تصل إلى 700 ألف سيارة سنوياً، مع طموح للوصول إلى مليون سيارة مع نهاية السنة الجارية، حسب ما أفاد به مزّور. ورغم هذا الأداء الصناعي اللافت، فإن العجز التجاري للمملكة تفاقم ليبلغ 108,9 مليارات درهم، أي بارتفاع نسبته 22,8% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، وفقاً لأرقام صادرة عن مكتب الصرف. ويُعزى جزء كبير من هذا الارتفاع إلى تراجع صادرات السيارات. لكن الوزير مزوّر اعتبر هذا التراجع ظرفياً، مؤكداً أن المغرب يواصل العمل على تنويع أسواق التصدير، إذ تصدّر المملكة حالياً إلى نحو 70 دولة عبر العالم، وتسعى لرفع العدد إلى 100 وجهة دولية في المستقبل القريب. وتُظهر بيانات جمعية مصنّعي السيارات الأوروبية تراجعاً في مبيعات السيارات التقليدية، مقابل ارتفاع حصة السيارات الكهربائية إلى 15,2% من السوق الأوروبية، ما يعزّز الرؤية الاستراتيجية للمغرب في التركيز على تصنيع هذا النوع من السيارات الأكثر طلباً في المرحلة المقبلة. ويُذكر أن المغرب أصبح فاعلاً رئيسياً في سلاسل الإمداد لصناعة السيارات، مستفيداً من بنيته التحتية المتطورة، واتفاقياته التجارية المتعددة، وطاقاته البشرية المؤهلة، وهو ما يمنحه موقعاً تنافسياً فريداً في ظل التحولات العالمية نحو التنقل النظيف والمستدام.