نادية ابراهيم نوري تكتب : فتاة الرمالة… نموذج يحتذى في زمن المتغيرات
بينما كنت أتصفح تطبيق "تيك توك'، لفتت نظري فتاة عشرينية تقف على ما يُعرف بـ'الرمالة' — وهي طريقة مبتكرة لتحضير القهوة على الرمل، يُقال إن مذاقها مميز لا يُضاهى.
ما شدّني في المشهد ليس فقط طريقة إعداد القهوة، بل تلك الفتاة نفسها: شابة تقف بثبات وثقة، دون تبرج، دون بهرجة، دون ابتذال. ملابسها محتشمة وأنيقة، تجمع خصلات شعرها بعناية، وتحترم جسدها ومكانها، لا تبيع جمالها ولا تتكئ على أسلوب الإغراء أو الحديث المبالغ فيه لجذب المتابعين. بل على العكس، تتعامل برقي مع الجميع، وتواجه المتطفلين والمستهزئين بابتسامة ذكية تردعهم وتجعلهم يعيدون النظر في سلوكهم.
رغم بساطة محتواها، الذي يخلو من الإبهار أو الاستعراض، تجاوز عدد متابعيها المليون، وحظيت بآلاف التعليقات الإيجابية التي تشيد بها وبكفاحها. فهي تقدم القهوة بابتسامة وكرامة، وربما تُعيل نفسها أو عائلتها، وتفتخر بعملها الذي اختارته بمحبة، كوسيلة شريفة لكسب الرزق.
المُلفت أيضاً أن روادها لا يقتصرون على العامة، بل يزور مكانها فنانون ومشاهير وشخصيات مرموقة. لا ندري إن كان سر هذا الإقبال يعود إلى مذاق قهوتها المميز، أم إلى شخصيتها المحترمة التي لامست قلوب الجميع، وربما هو توفيق من الله قبل كل شيء.
في المقابل، نجد على نفس المنصة نماذج مؤسفة ومؤلمة، لفتيات صغيرات يقدّمن أنفسهن كسلعة رخيصة، يعتمدن على الجسد والرقص والتعري لجذب المتابعين، ولشباب ورجال – بعضهم في سن الآباء – يتمايلون في مشاهد لا تليق، ضاربين بالكرامة والقيم عرض الحائط. والأسوأ من ذلك، سيدات أمهات وجدات، اختزلن أنفسهن في محتوى غير لائق أو إيحاءات مرفوضة، حتى آل ببعضهن المطاف إلى السجون.
المأساة الكبرى أن الغالبية العظمى من مستخدمي هذه المنصة هم من فئة الشباب، في عمر التكوين، بناة المستقبل. بدلاً من أن يتابعوا محتوى تثقيفياً يلهمهم ويحفز عقولهم، يهدرون أوقاتهم في توافه تقتل الوقت والطموح معاً.
تخيلوا لو أن شباب اليوم استثمروا أوقاتهم كما فعل المخترعون والمبدعون عبر التاريخ، أولئك الذين قدموا للبشرية الكهرباء والطائرات والهواتف، وغير ذلك من الابتكارات التي غيرت مجرى الحياة وأفادت أجيالاً لا تُعد.
الوقت، كما قيل، "كالسيف إن لم تقطعه قطعك'، بل هو في الحقيقة أثمن ما يملكه الإنسان، ومع ذلك نرى كثيرين يضيعونه فيما لا نفع فيه.
وفي خضم هذا المشهد القاتم، أضاءت حفيدتي الصغيرة أمامي شعاع أمل. أخبرتني والدتها أنها استيقظت ذات صباح لتجد الطفلة، ذات الخمس سنوات، تستخدم تطبيق "شات GPT' وتسأله: "ما فائدة الخروف للإنسان؟' ليجيبها بأن الإنسان يستفيد من صوفه ولبنه ولحمه.
وعندما سألتها أمها: "لماذا تستخدمين هذا التطبيق بدلًا من متابعة برامج الأطفال أو الكرتون؟' أجابت الطفلة ببراءة مذهلة: "لأكتسب معلومات.'
إجابة صغيرة… لكنها عميقة. أثلجت صدري، وبثّت فيّ الرجاء، فدعوت لها ولأمثالها بأن يكونوا منارات صلاح وفلاح، وفخرًا لوطنهم ومستقبل أمتهم

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 6 ساعات
- السوسنة
أمينة ترد على الانتقادات بعد عزاء أحمد عامر
السوسنة - عبّرت الفنانة المصرية أمينة عن استيائها من الانتقادات التي طالتها، وعدد من زملائها الفنانين، على خلفية مشاركتهم في عزاء الفنان الراحل أحمد عامر، الذي توفي قبل أيام، مؤكدةً أن بعض التعليقات حملت إساءات واتهامات غير صحيحة.ونشرت أمينة عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من تعليقات وصفتها بـ"المسيئة"، معتبرة أن العناوين المثيرة التي رافقت الفيديوهات المتداولة لا تعكس الواقع، وقالت: "الناس معذورة برضه، لأن العناوين المكتوبة على الفيديوهات لا علاقة لها بالواقع".وأشارت إلى أنها حضرت لتقديم واجب العزاء في مقر نقابة المهن الموسيقية، إلا أن بعض المتابعين وجّهوا انتقادات طالت أخلاق الفنانين وسلوكهم خلال المناسبة، مضيفة: "بيكتبوا من غير ما يفهموا، ولما ما يلاقوش حاجة يتهمونا بيها، يقولوا بنشرب".وأكدت أمينة عدم تعاطيها لأي نوع من المشروبات أو الدخان، مشددة على تمسكها بأخلاقها الشخصية، وقالت: "أنا ما بقدرش أشرب ماية ساقعة حتى، ولا بدخن، لا شيشة ولا سجائر".وتطرّقت أمينة إلى تعليق اتهمها بالتقصير في عزاء شقيقها، وردّت قائلة: "علاقتي بكل قرايبي ممتازة، ما بالك بأخويا".وفي ختام رسالتها، دعت إلى التوقف عن التنمر والافتراء على الفنانين، معتبرة أنهم يدفعون أثمانًا باهظة في سبيل تقديم الفن، وقالت: "الناس شايفانا تماثيل شمع، لا بنحس ولا بنتوجع... كفاية ظلم، اتقوا الله فينا".وكانت أمينة قد عبّرت مؤخراً عن حزنها بذكرى وفاة شقيقتها، كما شاركت في نعي عدد من الفنانين، منهم المخرج سامح عبد العزيز، والمطرب الشعبي محمد عواد. اقرأ ايضاً:

السوسنة
منذ 8 ساعات
- السوسنة
لحظة روحانية تجمع شجون الهاجري وفاطمة الصفي في بيت الله
السوسنة - شاركت الفنانة الكويتية شجون الهاجري جمهورها لحظة أدائها مناسك العمرة في الديار المقدسة، برفقة الفنانة فاطمة الصفي، بعد فترة من التحديات الصحية والشخصية التي عاشتها مؤخراً.ونشرت الهاجري صورة من بيت الله الحرام عبر خاصية "ستوري" في حسابها على منصة "إنستغرام"، وكتبت تعليقاً روحياً جاء فيه: "زرنا بيتك يا الله بقلوب مقبلة، فلك الحمد على التمام، ولك الشكر على هذا الفضل العظيم. تقبل سعينا، واغسل ذنوبنا، واجعلنا من عبادك الذين لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون". كما أرفقت صورة أخرى جمعتها بالصفي وكتبت: "الحمد لله".وتأتي هذه الزيارة في وقت تمر فيه الفنانة بظروف خاصة، أبرزها الوعكة الصحية التي ألمّت بوالدها مطلع الشهر الجاري، إلى جانب أزمة شخصية تمثلت في ضبطها في واقعة تعاطي مواد مخدرة، حيث أُخلي سبيلها لاحقاً وأُخضعت للإشراف الطبي.وحظيت الهاجري خلال هذه الفترة بدعم واسع من زملائها في الوسط الفني ومحبيها، الذين عبّروا عن تمنياتهم لها بالصحة والتوفيق وتجاوز المحنة. اقرأ ايضاً:

الدستور
منذ 8 ساعات
- الدستور
«حرير»... تصنع الفرح لأطفال غزة في يوم ترفيهي استثنائي
عمانفي مبادرة إنسانية تهدف إلى إدخال الفرح على قلوب الأطفال، نظّمت مؤسسة حرير للتنمية المجتمعية، يوم السبت الموافق 21 حزيران 2025، يوماً ترفيهياً مميزاً لأطفال غزة الذين يتلقون العلاج في الأردن، وذلك ضمن جهود المؤسسة المستمرة لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في ظروف صحية وإنسانية صعبة.وشارك في الفعالية أكثر من 60 طفلاً من غزة إلى جانب ذويهم، حيث تضمّن اليوم مجموعة من الأنشطة الترفيهية والعروض المرحة وتوزيع الهدايا، وسط أجواء دافئة ومليئة بالحب والضحك، هدفت إلى التخفيف من الأعباء النفسية وإعادة شعور الأمان لهؤلاء الأطفال الذين مروا بتجارب صعبة.وأكد المدير التنفيذي لمؤسسة حرير، السيد نهاد دباس، على أهمية هذه المبادرة تجاه أطفال غزة تحديداً، موضحاً أن هذه الفئة تعيش تحت وطأة أوجاع مضاعفة تجمع بين المرض، وظروف الحرب، والتهجير، والضغوط النفسية الكبيرة.كما أضاف: «نحن في حرير نؤمن أن لحظة فرح قد تكون نقطة تحوّل في حياة طفل مريض. كما أن جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم – حفظه الله ورعاه –، لطالما شدد على ضرورة دعم أهلنا في غزة، لا سيما الأطفال الذين يمثلون المستقبل والأمل.» ووجّه دباس شكره العميق لكل من ساهم في إنجاح هذا اليوم، قائلاً: «نتقدّم بخالص الامتنان إلى شركة دلتا للتأمين على دعمها السخي، وإلى فريق FUN TEAM ومحل مشوار للحلويات والتواصي، لما قدموه من جهود مميزة. كما لا يفوتنا أن نتوجّه بالشكر الكبير إلى السادة محمد القيمري وإخوانه على استضافتهم الكريمة في مزرعتهم، والتي كان لها بالغ الأثر في توفير بيئة آمنة ومليئة بالحب للأطفال وعائلاتهم.» كما تقدّم دباس بالشكر إلى فريق «نحن» التطوعي التابع لمؤسسة ولي العهد، الذي كان له دور فاعل في دعم وتنظيم الفعالية، مؤكداً أن العمل التطوعي هو ركيزة أساسية في نجاح المبادرات المجتمعية ذات الأثر الإنساني.ومن جانبه اختتم دباس حديثه قائلاً: «سنبقى في حرير أوفياء لرسالتنا، وسنواصل عطاءنا تجاه كل طفل بحاجة إلى أمل، لأننا نؤمن أن الإنسانية فعل مستمر، وأن الفرح حق لكل طفل، مهما كانت ظروفه.»