
رائد الكوميديا المغربية محمد الجم يعود الى التلفزيون
يحمل العمل التلفزيوني الجديد الذي يؤدي فيه محمد الجم دور البطولة عنوان "سعادة المدير"، إذ يعالج مواضيع متفرقة ذات طبيعة اجتماعية مرتبطة في الأساس بحياة الموظفين. وتنفتح السلسلة الكوميدية "سعادة المدير" على الحياة الإدارية وما يشوبها من روتين ومن طرائف أيضاً، كما تسلط الضوء على تشابك وتداخل العلاقات سواء بين الإداريين أو بين المواطنين والإدارة التي يترددون عليها لقضاء مصالح قد تتأجل وقد تتعطل، بسبب البيروقراطية من جهة أو بسبب التعاملات التي تستند إلى أهواء رجل الإدارة أكثر من استنادها إلى العقل والقانون.
في أحد أدواره المسرحية (صفحة الفنان - فيسبوك)
وقد حرص الجم في عدد مهم من أعماله على تقديم صور درامية مختلفة للموظف البسيط أو موظف الطبقة الوسطى في المدينة، من دون أن يقع في الاجترار والتنميط، وتفادى بذلك تجسيد الأدوار الكوميدية للفلاحين ورجال البادية التي صارت في المغرب ولأعوام طويلة حيلة الراغبين في تقديم الفكاهة، إذ برز نوع من الممثلين الذين يعتقدون أن إضحاك الجمهور يحتاج في الضرورة إلى تقديم شخصية مغرقة في السذاجة، والحديث بلكنة بدوية مبالغ فيها، فصارت بالتالي صورة البدوي في التلفزيون المغربي، وفي الأعمال الفكاهية تحديداً، صورة نمطية تحمل في خلفيتها إشارات الإساءة والتنمر.
واللافت أن محمد الجم عاد في السلسلة الجديدة "سعادة المدير" ليتقاسم البطولة مع الممثلة المعروفة نزهة الركراكي التي شكلت معه على مدى أعوام طويلة ثنائياً بارزاً، سواء أمام كاميرات التلفزيون أو على خشبات المسارح.
طرافة وسخرية
وتؤدي الركراكي دور الموظفة الخبيرة والحريصة على إرضاء المدير والتماهي معه في مختلف قراراته، لكنها في الآن ذاته امرأة فضولية تحشر نفسها في مختلف تفاصيل الشركة وتنتقد تصرفات زملائها بأسلوب ساخر مما يجعلها تقع من حين لآخر في مواقف محرجة. ويشخص محمد الجم مفارقات العمل الإداري، فهو المدير الصارم والحريص على أداء كل المهمات الإدارية على نحو جيد، لكن جديته المزعومة غالباً ما تنحو إلى الطرافة وتصطدم بالسخرية والتهكم.
الجم يتوسط فريق التمثيل (الخدمة الإعلامية )
لكن المدة القصيرة لحلقات "سعادة المدير" فضلاً عن هيمنة الطابع التجاري والإشهاري كانا بمثابة ستار أخفى عن المشاهد المغربي المواهب الهائلة لمحمد الجم، فلم يجر استثمار خبرته في المسرح والدراما على نحو أفضل، فليس الأساس استثمار صورة الجم باعتباره أحد أقرب وجوه الكوميديا إلى الجمهور المغربي وأحد أكثر الفنانين المغاربة تقديراً في الحياة الفنية والإعلامية، بل الجوهري في العمل الكوميدي هو توظيف هذه الصورة بما يتلاءم وتطلعات المشاهدين، وتجاوز النمطي والسريع والجاهز والمتوقع، خصوصاً في ظل المنافسة التي يعرفها حقل الكوميديا في المغرب، ولا سيما مع الأجيال الجديدة داخل التلفزيون وخارجه.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صورة محمد الجم كأحد أشهر رواد الكوميديا العائلية تشكلت لدى المغاربة عبر الأدوار الاجتماعية العديدة التي أداها على نحو مميز، وربما أبرزها دور سي مربوح في السلسلة التي حملت عنوان "عائلة سي مربوح" وقدمها التلفزيون المغربي في جزأين مع مطلع الألفية الجديدة، وشاركه في البطولة الفنان الراحل مصطفى الداسوكين أحد أبرز رواد الكوميديا في المغرب، ولعل وقع هذه السلسلة كان كبيراً لدى شريحة واسعة من المشاهدين، فقد جسد فيها الجم دور الموظف البسيط الذي يعاني أعباء اجتماعية لا حصر لها، والذي يقضي حياته في البحث المستمر عن توازنات اقتصادية حفاظاً على العائلة، غير أن الفنان المغربي كان يحول هذه المشاق والعراقيل الاجتماعية والاقتصادية إلى عناصر للتفكه والتندر، فأحياناً قد تكون السخرية ملاذاً للهرب من سطوة اليومي وأثقاله.
تجربة ثرية
قبل أكثر من نصف قرن وقف محمد الجم على خشبة المسرح مشاركاً في عمل بعنوان "السلاحف" عام 1970 مع فرقة "القناع الصغير" التي أسسها المخرج المسرحي والسينمائي المعروف نبيل لحلو، بعد أن أمضى طفولته وشبابه الأول في مؤسسات دور الشباب ليمارس هوايته في التمثيل مع الجمعيات الفنية بمدينة سلا، ثم اشتغل بعدها مع رائد المسرح المغربي أحمد الطيب في عدد من الأعمال، غير أن انطلاقته الحقيقية كانت عام 1975 حين أسس فرقة "المسرح الوطني" رفقة عدد من رواد التمثيل في المغرب، مثل المسرحي الراحل عزيز موهوب والفنانة مليكة العمري، وقدم عبر هذه الفرقة أعمالاً اجتماعية فكاهية حظيت بشهرة واسعة، وظلت تعرض في قاعات المسارح وعلى شاشة التلفزيون لأعوام طويلة، لعل أبرزها "الرجل الذي" و"جار ومجرور" و"وجوه الخير" و"قدام الربح" و"ساعة مبروكة" و"المرأة التي".
واللافت أن محمد الجم كتب تقريباً نصف الأعمال المسرحية التي شارك فيها مع فرقة المسرح الوطني، وكان يرسم لنفسه الأدوار التي تلائمه مما أسهم في بروز اسمه متفوقاً في الأداء على كثير من مجايليه، وحين انتقل إلى التلفزيون حظيت الأعمال التي قدمها بتقدير الجمهور المغربي، إذ كان دائم الحضور في "سيتكومات" وسلاسل فكاهية من قبيل "عائلة سي مربوح" و"سير حتى تجي" و"العام طويل" و"ما شاف ما را" و"جوا من جم" و"دار الهنا" و"دبا تزيان" وغيرها.
ولم يحصر الجم أدواره في الفكاهة وحسب، بل شارك في أعمال درامية بأدوار ذات طابع اجتماعي وإنسانية خارج الإطار الكوميدي مثل مسلسلات "أبواب النافذة" و"الثمن" و"أولاد مرزوق"، وفي المقابل كان له حضور مواز في السينما، إذ شارك في أفلام من بينها "ياقوت" و"أرض الخير" و"زواج سي الطيب" و"شهادة حياة" وغيرها.
والتحق الجم في بداياته بسلك التعليم غير أن انشغاله بعالم التمثيل جعله يتخذ قراراً مهنياً حاسماً، إذ غادر الفصل متخلياً عن وظيفة التدريس من أجل التفرغ للمسرح والتلفزيون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
مخرج إيراني "قلق" من العودة إلى بلده بعد عرض فيلمه في "كان"
قال المخرج الإيراني سعيد روستايي أمس الجمعة إنه كان حريصاً في طريقة تصوير فيلمه المشارك في مهرجان كان السينمائي "امرأة وطفل"، والذي لم تظهر فيه النساء من دون الحجاب الإلزامي، لكنه لا يزال غير متأكد من الطريقة التي سيتم استقباله بها عند عودته إلى بلاده. وأضاف روستايي (35 سنة)، متحدثاً عن مشاركته السابقة في المهرجان بفيلم "إخوة ليلى" في 2022 الذي كان في المسابقة الرسمية، "في المرة السابقة، أخذوا جواز سفري"، ومضى يقول "هذه المرة، أتمنى ألا يفعلوا ذلك. أريد فقط العودة إلى المنزل". وحكم على روستايي بالسجن لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ بسبب عرضه فيلمه السابق في المهرجان من دون تصريح من الحكومة الإيرانية. وقال المخرج إن مواجهة حكم يضع عبئاً ثقيلاً ليس فقط على الشخص، بل على جميع أصدقائه وعائلته. وأضاف للصحافيين "ربما يمكنك تحمل الأمر بنفسك، ولكن عندما ترى أن والديك الطاعنين في السن لا يستطيعان ذلك، فهذا يزيد من ألمك". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يدور فيلمه الجديد "امرأة وطفل" الذي تلعب بطولته باريناز إيزدايار حول قصة الأم العزباء مهناز التي يشعل قرارها بالزواج من صديقها حميد فتيل سلسلة من الأحداث التي تنتهي بمأساة. حصل روستايي على تصريح للفيلم الجديد. وقال إنه من دون هذا التصريح لم تكن هناك أي طريقة تمكنه من تصويره، مضيفاً "لا أعرف إلى أي مدى أخضع نفسي للرقابة الذاتية، لكنني في النهاية أعيش في إيران، أنا أصنع الأفلام في إيران، وأريد بشدة أن يشاهد الناس أفلامي على الشاشة الكبيرة. لذا، ربما ألتزم بحدود معينة حتى تُعرض أفلامي". وفيلم "امرأة وطفل"، الذي عُرض لأول مرة أول أمس الخميس، هو أحد فيلمين إيرانيين ينافسان على جائزة السعفة الذهبية لهذا العام، والآخر هو "مجرد حادث" للمخرج جعفر بناهي. ويعتزم بناهي، الذي لم يتقدم بطلب للحصول على موافقة الحكومة، العودة إلى إيران لبدء العمل على فيلمه الجديد على رغم أنه لم يُسمح له بالسفر إلا في الآونة الأخيرة بعد منعه لمدة 15 عاما. ويتنافس إجمالا 22 فيلما على الجائزة هذا العام.


صدى الالكترونية
منذ 12 ساعات
- صدى الالكترونية
محمد رمضان يسدد 35 مليون جنيه وينهي نزاعًا قضائيًا طويلًا
أعلن الفنان المصري محمد رمضان تنفيذه حكم قضائي نهائي يلزمه بسداد مبلغ 26 مليون جنيه لمصلحة شبكة قنوات MBC. وقال رمضان في منشوره عبر حسابيه بـ 'إنستغرام' و 'فيسبوك' : 'تم تنفيذ حكم القضاء المصري النهارده بسدادي 26 مليون جنيه إلى MBC، و9 ملايين جنيه رسوم قضائية، مستغرب غياب التغطية الإعلامية لهذا الحدث، وتساءل: ليه مفيش خبر واحد نزل في المواقع العامة والخاصة والحكومية؟ هل لأن ده خبر إيجابي؟'. وتعود القضية إلى عام 2022، حين قضت محكمة الجيزة الابتدائية بإلزام رمضان برد مبلغ 13 مليون جنيه لصالح إحدى القنوات الفضائية، بعد اتهامه بخرق شروط العقد الذي أبرمه مع شبكة MBC عام 2015، والذي كان ينص على تقديم 3 مسلسلات حصرية تُعرض فقط على قنوات المجموعة خلال رمضان في 2017 و2019 و2020. وأشارت المحكمة إلى أن رمضان تعاون مع جهات منافسة خلال 2018 و2019، ما اعتُبر إخلالًا ببنود العقد، وألزمه الحكم الابتدائي برد 12.3 مليون جنيه مع ضرائب وفوائد قانونية. وفي الاستئناف، طالبت MBC بزيادة التعويض، فيما حاول رمضان تبرير تأخره بالخدمة العسكرية في 2017، إلا أن المحكمة رفضت دفاعه وأيدت الحكم مع زيادة مبلغ التعويض إلى 5 ملايين جنيه إضافية، معتبرة أن الشركة تكبدت خسائر مادية بسبب تصرفات رمضان. اقرأ أيضاً


Independent عربية
منذ 15 ساعات
- Independent عربية
المخرج الإيراني سعيد روستايي يرد على منتقدي تصويره بإذن السلطات
عاد المخرج الإيراني سعيد روستايي إلى مسابقة مهرجان كان السينمائي بفيلم صوّر بموافقة سلطات طهران بعد ثلاثة أعوام من "برادران للا" (إخوة ليلى)، مشدداً في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية على أن "من المهم جداً" بالنسبة إليه أن يتمكن الناس في بلده من مشاهدة أفلامه. بعد مشاركته في مهرجان كان عام 2022، حُكم في إيران على المخرج البالغ 35 سنة بالسجن ستة أشهر، إضافة إلى منعه من العمل لمدة خمسة أعوام، لكن العقوبتين لم تُطبقا. وقال سعيد روستايي الذي رأى كثر من مواطنيه المقيمين قسراً خارج إيران أنه ساوم وتنازل بتصويره هذا الفيلم تحت سقف القوانين الصارمة لطهران، وفي مقدمها تلك المتعلقة بوضع الحجاب، "الأسوأ بالنسبة إلي هو عدم صنع أفلام". ويتناول فيلمه الدرامي العائلي "زن وبه"، بالإنكليزية "Woman and child" أي "امرأة وطفل"، الذي عُرض أمس الخميس، قصة مهناز، وهي أم في الـ40 تسعى إلى إعادة بناء حياتها، وقال روستايي "من المهم جداً بالنسبة إلي أن يشاهد الناس في بلدي أفلامي (لأنني) أعتقد أن السينما الإيرانية مصادرة إلى حد ما بواسطة أفلام كوميدية مبتذلة". الحاجة إلى صنع الأفلام روى المخرج أنه اضطر إلى طلب تصاريح للتصوير استغرق الاستحصال عليها "أكثر من ستة أشهر"، بسبب تغيير الحكومة. وشرح قائلاً "إذا كنت تُخرِج هذا النوع من الأفلام، ويتضمن مشاهد في مستشفى، أو في مؤسسات كبيرة مثل مدرسة، كيف يمكنك ذلك من دون تصاريح، بوجود معدات كبيرة، وعدد كبير من الممثلين الصامتين (الكومبارس)؟ في اليوم الأول، أو اليوم الثاني، كان سيتم إيقاف تصويرنا". وتابع، "أعتقد أن فائدتي تكمن في تصوير هذه القصص داخل إيران وأن أكون قادراً على عرضها في قاعات السينما". وإذ لاحظ أن "ثمة أشخاصاً يقررون عدم العمل وربما يكون لذلك تأثير أكبر"، قال "أنا رغبت دائماً في العمل لكنني أُجبرت على اتباع بعض القواعد". واندلعت حركة "المرأة، الحياة، الحرية" في سبتمبر (أيلول) 2022 في إيران، بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها بعد توقيفها بسبب مخالفتها قواعد وضع الحجاب، وأدى قمع السلطات هذه الانتفاضة إلى مقتل مئات واعتقال آلاف، وفقاً للمنظمات غير الحكومية. وعلّق روستايي بالقول، "الحجاب ليس خياراً لكثر منا، لكننا مجبرون عليه (لأن) ثمة أشخاصاً يتحكمون بنا ويمارسون ضغوطاً علينا"، وتوقع أن "تؤدي هذه الحركة في نهاية المطاف إلى شيء، لكن الأمر يتطلب الوقت" وأن "يلقى هذا الحجاب الإلزامي شيئاً فشيئاً مصير محظورات أخرى" لم تعد قائمة. وأضاف، "حتى ذلك الحين، يجب أن أصنع أفلامي" و"أحتاج إلى وقت، كمخرج شاب، لتعلم صنع الأفلام ربما بطريقة مختلفة"، ورأى أن أفلامه كانت لتتسم بقدر أكبر من الطبيعية و"الواقعية" لو لم تكن شخصياته النسائية تضع الحجاب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "لعبة الحكومة" لكنّ لآخرين رأياً مختلفاً، ومنهم مهشيد زماني من جمعية المخرجين المستقلين الإيرانيين التي تضم 300 عامل في القطاع يقيمون في المنفى، إذ قالت، "لا تهمني الرسالة التي ترسلها عندما تحصل على تصريح وتعرض النساء على الشاشة في منازلهن بالحجاب"، ورأت أن روستايي يلعب "لعبة الحكومة". وتنتزع الأفلام الإيرانية باستمرار جوائز في المهرجانات الدولية الكبرى، وتُصور بعض الأفلام بموافقة السلطات، مما يجبر مؤلفيها على التكيف مع قواعد الرقابة، لكنهم يتمكنون أحياناً من الالتفاف عليها. في المقابل، يختار بعض المخرجين تصوير أفلامهم سراً، على غرار جعفر بناهي الذي ينافس على السعفة الذهبية بفيلمه "It Was Just an Accident" (مجرد حادثة) الزاخر بالانتقادات للسلطات في طهران وصُوِّر من دون إذن ومن دون حجاب. واعتبر بناهي في كان أن "لا وصفة مطلقة" ليكون المرء مخرجاً في إيران، بل "كل شخص يجد طريقه الخاص"، وقال "ليست لدي نصيحة أقدمها". ولم يُعرَض في إيران مثلاً فيلم "دانه انجر مقدس"، أي "بذرة التين المقدس"، للمخرج الإيراني محمد رسولوف، على رغم فوزه العام الماضي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان، واضطر مخرجه المحكوم عليه بالسجن لمدة ثمانية أعوام في إيران، إلى مغادرة بلده للعيش في المنفى، ومثله ثلاث من الممثلات الرئيسات في الفيلم.