
'مدرسة النهضة بالقرآن'.. جيل متميز من الحفاظ
في زمن تزدحم فيه الحياة بمغريات العصر ومتغيراته السريعة، تظل مدارس تعليم القرآن الكريم منارات مضيئة ترشد الأجيال إلى درب النور والهداية، حيث تنبعث أصوات البراعم من حلقاتها بآيات عذبة، تملأ أرجاءها سكينة وخشوعا، ومع حلول شهر رمضان المبارك، تتجدد في النفوس نفحات الإيمان ويشتد تعلق القلوب بالقرآن، فتتحول المدارس القرآنية إلى قبلة يسعى الكثيرون لاستثمارها في الحفظ والمراجعة والتدبر.
من داخل مقر مدرسة النهضة بالقرآن النموذجية، بباب الزوار في العاصمة، حيث تتعالى أصوات الصغار بتلاوة عذبة تخشع لها القلوب، وقفت 'الشروق' على صورة مشرقة لجيل ينشأ على حب القرآن الكريم، هناك حيث لا يقتصر التعليم على الحفظ والتجويد، بل يمتد ليكون تجربة متكاملة تمزج بين المنهجية الأصيلة للحلقات القرآنية وأساليب التعليم الحديثة.
في قاعات المدرسة، يتنافس الصغار والكبار، ومن مختلف المستويات التعليمية، في حفظ كتاب الله، بإشراف أساتذة أكفاء، تعرفنا خلال جولتنا عن قرب على مناهج المدرسة، وطريقة تدريسها، فالنهضة بالقرآن مؤسسة رائدة تسعى إلى بناء جيل قرآني متوازن، يتلقى العلم بروح الانضباط، ويتعامل مع التكنولوجيا كأداة لتعزيز تعليمه، لا كوسيلة تشتيت، من خلال برامجها المبتكرة، مثل مخيمات الحفظ المكثف، والأكاديميات الرقمية، ومسابقة 'نخبة الحفاظ'.
براعم 'النهضة' تتفتح على نور القرآن
في الطابق الأول من مدرسة النهضة، وتحديدا في قاعة الشيخ ابن باديس، الخاصة بتدريس أطفال المستوى الابتدائي، يسود جو من السكينة والوقار بالحلقة القرآنية، تتردد أصواتهم العذبة بآيات من الذكر الحكيم، فيما تصحح لهم معلمتهم مخارج الحروف وأحكام 'الغنّة والمدود'، مشهد يعكس الشغف الكبير الذي يحمله هؤلاء البراعم نحو كتاب الله، بعد انتهاء الحلقة، كانت لنا الفرصة للحديث مطولا مع الأستاذة لبنى حول أجواء الدراسة والتعليم القرآني في المدرسة، بعد أيام من انطلاقها، التي نوهت بدورها إلى مهمة المعلم في مثل هذه الحلقات، قائلة إنه يلعب دورا مهما في ترغيب الأطفال، ليس فقط على تلقين الآيات، بل يتجاوزه إلى التحفيز والتوجيه وغرس حب القرآن في نفوسهم والتحلي بأخلاقه، مضيفة أن المعلم عليه أن يتحلى بالضمير المهني والصبر، والتفاني في العمل، لأن التعامل هنا يكون مع كتاب الله، كما أن وضع قوانين صارمة داخل الحلقة يساهم في ترسيخ الانضباط، كما يساعد بحسبها- الاحتكاك المستمر مع التلاميذ على بناء علاقة ثقة تزيد من رغبتهم في التعلم، وترى الأستاذة لبنى أن الطفل يحتاج إلى بيئة محفزة تدعمه، وأستاذ مخلص يوجهه، ومنهجية تدريس قائمة على التدرج والتشجيع المستمر، مؤكدة أن هذه العوامل مجتمعة تجعل من حفظ القرآن تجربة ممتعة وملهمة للأطفال.
في ركن آخر من المدرسة، وبينما كانت مجموعة من التلميذات يستعددن في صفوف منتظمة إلى الخروج من قاعات التحفيظ، بادرنا بالحديث مع الطفلة رودينا، ذات عشر سنوات، للاستفسار منها حول شعورها في أثناء تواجدها بحلقات القرآن، التي لم تخف سعادتها بتجربتها لأول مرة داخل مدرسة النهضة بابتسامة بريئة، كشفت لنا عن سعادتها الكبيرة خلال حفظها آيات وسور جديدة بدرجة الإتقان، وذلك بتشجيع من معلمتها ووالديها… رودينا، التي تدرس في الصف الخامس ابتدائي، بدأت رحلتها مع كتاب الله منذ فترة، وهي اليوم تحفظ أربعة أحزاب كاملة، وتسعى إلى المزيد مع إتقان أحكام التجويد.
قصص كثيرة للأطفال في مدرسة النهضة ولكل منهم حكاية مختلفة، الطفلة خديجة، ذات تسع سنوات أيضا، التحقت بالحلقة عن طريق الصدفة، لكنها اليوم واحدة من أكثر التلاميذ تفانيا، بابتسامة خجولة، روت لنا قصتها قائلة: 'كنت ألعب مع أصدقائي خارج منزلنا، الذي لا يبعد الكثير عن هذا المكان، وصدفة لمحت واجهة المدرسة الجميلة، فأثارت فضولي'.. وبعد التقرب من الإدارة للاستفسار، أخبرت والدتها بعد عودتها أنها ترغب في التسجيل لمواصلة تعليمها القرآني، طموحاتها لم تقف عند هذا الحد، حيث أسرت لنا بأنها تحلم بأن تصبح طبيبة في المستقبل، وتقوم باستثمار عطلتها الأسبوعية عندما تكبر لتعليم القرآن للأطفال، كما يفعل أساتذتها معها اليوم…
التحفيظ.. بين الطريقة الأصيلة والمنهجيات الحديثة
مدرسة النهضة فضاء تربوي رسم علاقة الأطفال بالقرآن الكريم، بأساليب تجمع بين المنهجية الأصيلة للحفظ والمقاربات الحديثة والتقنيات المتطورة في التعليم، فإلى جانب الحفظ والتجويد، يتلقى الأطفال تحفيزا معنويا مستمرا من أساتذتهم، ويجدون في المدرسة بيئة تشجعهم على جعل القرآن جزءا من حياتهم اليومية.
التجربة التي تخوضها رودينا وخديجة وغيرهما من الأطفال، تظهر كيف يمكن للحلقات القرآنية أن تغرس في قلوب الصغار حب كتاب الله، ليس فقط كمنهج دراسي، بل كمصدر إلهام يرافقهم في مختلف مراحل حياتهم، وبينما تتعالى أصواتهم الصغيرة بترتيل الآيات، تظل مدرسة النهضة شاهدة على ولادة جيل جديد، يرى في القرآن نورا يهتدي به نحو المستقبل.
وفي سياق جولتنا بالمدرسة، كان لنا حديث مع المشرف العام للمدرسة وعضو بالمؤسسة المكلف بمشروع المدارس القرآنية النموذجية، أمحمد بن الحاج جلول، الذي شرح لنا طريقة التعليم الحديثة عبر المنصة وتطبيق 'مدرستي'، الخاص بمدارس القرآن، ونوه المتحدث إلى أن المؤسسة تحرص على انتقاء طاقم تعليمي وإداري متميز، يضم أساتذة مجازين ذوي خبرة في التعليم القرآني، ويعملون على مدار الأسبوع من التاسعة صباحا حتى التاسعة ليلا، كما تعتمد المؤسسة على التطبيق الإلكتروني 'مدرستي' لإدارة المدارس القرآنية النموذجية، يتيح للأولياء متابعة مسار أبنائهم التعليمي بكل تفاصيله، مثل الحضور والمراجعة وما تلقوه من سور وأحكام، كما يربط بين الطاقم الإداري والتعليمي والأولياء عبر نظام إلكتروني متكامل.
وكشف محدثنا أن التحوّل من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني كان خطوة ضرورية بعد جائحة كورونا، حيث تم إطلاق المخيمات الإلكترونية التي تطورت لاحقا إلى مقارئ سنوية، ثم إلى أكاديمية النهضة للقرآن الكريم، وأخيرا مشروع المدارس القرآنية النموذجية المهيكلة، التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة، مشيرا إلى أن كل المجالات شهدت تطورا، فلمَ لا يواكب التعليم القرآني هذا التطور على حد قوله، من خلال إنشاء منصة إلكترونية شاملة تتيح متابعة جميع الجوانب الإدارية والتعليمية، حيث يمكن للأساتذة تسجيل الحضور والغيابات، وتدوين الملاحظات عن كل تلميذ، كما يمكن للأولياء الاطلاع على تقدم أبنائهم بالمنصة، ومعرفة مسارهم التعلمي بالمدرسة عن بعد.
'نخبة الحفاظ'… مسابقة وطنية لاكتشاف المتميزين
تفخر المؤسسة بخريجيها الذين مثّلوا الجزائر في المحافل الوطنية والدولية، ولفت المتحدث إلى أن أحدث مشاريعها التي تعمل عليه منذ فترة هو 'نخبة الحفاظ'، وهي مسابقة وطنية لسرد القرآن الكريم كاملا في جلسة واحدة، حيث شارك في تصفياتها النهائية أزيد من 500 حافظ وحافظة سردوا القرآن الكريم كاملا، تميز منهم 5 حفاظ و12 حافظة في إتمام العرض دون أخطاء، وتم تكريمهم في حفل خاص بجامع الجزائر شهر جانفي الفارط.
وتمتلك مؤسسة النهضة تجربة ثرية في مجال التعليم القرآني، منذ 2013، حيث بدأت بتنظيم مخيمات الحفظ المكثف، وهي دورات مغلقة، ثم تطورت مشاريعها لتشمل المقارئ الإلكترونية وأكاديمية النهضة للقرآن الكريم، التي تمزج بين التعليم الميداني والتقنيات الحديثة، وصولا إلى مشروع المدارس القرآنية النموذجية.
وأشار بن الحاج جلول إلى أن هذه المشاريع جاءت كثمرة خبرة متراكمة في التعليم القرآني، إذ تستقبل المدرسة جميع الفئات العمرية، بدءا من الأطفال في سن 4 سنوات وحتى المستويات الجامعية، بالإضافة إلى الكبار من الرجال والنساء، مع تصنيفهم وفق مستويات متدرجة، كما تعتمد المدرسة على رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق في تحفيظ القرآن الكريم وفق أحكام التلاوة، إلى جانب تدريس التفسير والتدبر والمتون العلمية والأحاديث والأدعية والأذكار.
'العائلة القرآنية'.. نحو مجتمع أكثر ترابطا
وكشف بن الحاج جلول أن المؤسسة تعمل أيضا على مشروع العائلة القرآنية، الذي يهدف إلى تعزيز الارتباط بالقرآن داخل المجتمع، حيث يتأثر الأولياء بأبنائهم الحفظة، ما يدفعهم إلى الالتحاق بالحلقات القرآنية، ولأجل ذلك تم فتح أفواج خاصة بالنساء والأمهات والعاملات، لتكون الأسرة كلها مرتبطة بالقرآن، مضيفا أن هذه النماذج في التعليم القرآني ستعمل مستقبلا للحفاظ على أصالة وهوية مجتمعنا وحمايته من أي 'انزلاق' قد يمس بأخلاق مجتمعنا الإسلامي والمحافظ، خاصة مع تطور المواقع الافتراضية واستحواذها على عقول شبابنا وحتى أطفالنا، على حد قول المتحدث.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم الجزائرية
منذ 37 دقائق
- أخبار اليوم الجزائرية
ما هي أنواع الحج؟
التمتع والإفراد والقارن ما هي أنواع الحج؟ الحج.. الركن الخامس من أركان الإسلام.. لذلك يسعى كل مسلم لإتمامه ولكن لكي يتم بالشكل الصحيح على المرء أن يتعلم كل أصنافه وأنواعه وأشكاله فضلا عن طرق آداء نُسكه وأساليبها. يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَام أَوْ صَدَقَة أَوْ نُسُك ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّام فِي الْحَجِّ وَسَبْعَة إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ البقرة 196. *التمتع قد يتصور البعض أن الحج صنفًا واحدًا يؤدي فيه المرء فروضه وشعائره بشكل لا يتغير وهو أمر غير صحيح إذ أن للحج أنواع.. أولها (التمتع) وهو الذي يُحرم فيه الحاج في أشهر الحج بالعمرة ومع وصوله إلى مكة يقول لبيك عمرة ويطوف ويسعى سعي العمرة ويقصر شعره ثم يتحلل من إحرامه وفي اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية يحرم المتمتع لفريضة الحج من جديد ويقول لبيك حجًا ويأتي بجميع أفعال الحج ونسكه. *الإفراد ثم هناك النوع الثاني وهو (الإفراد) وفيه إذا وصل الحاج مكة يقول لبيك حجًا ويطوف طواف القدوم ثم يسعى سعي الحج إن أراد أو يؤخره بعد طواف الإفاضة لكنه لا يحلق ولا يتحلل من إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد وهذا النوع لا هدي عليه. *القارن أما النوع الثالث هو (القارن) وهو الذي يجمع بالعمرة والحج معًا فيقرن بينهما أو يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل أن يشرع في طواف العمرة ولا يتحلل بعد أداء الفريضة وهو شبيه بنوع المفرد غير أن المقرن عليه هدي ويقول الحاج في هذا النسك لبيك عمرةً وحجًا . وفي ذلك يقول الإمام النووي رحمه الله: وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتع والقِران ومن الأدلة على أنواع الحج قول الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ كما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت عائشة رضي الله عنها فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج وأهل به ناس معه وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة وكنت فيمن أهل بالعمرة . حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


النهار
منذ 2 أيام
- النهار
حياتي عنوانها إنتكاسات وخيبات أمل.. أحلام مؤجلة إلى إشعار أخر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدتي أنا فتاة في الـ24 من عمري، أتواصل معك عبر منبر قلوب حائرة لأنني أرى فيك صدر الأم الحنون الذي يحتوي الألم فيبددها. وهذا ما جعلني سيدتي أقصدك اليوم حتى أرمي بين يديك ما يؤرقني. سيدتي، صدقيني أنني أرى نفسي سيئة الحظ في هذه الحياة، فأينما وليت وجهي أجد الأبواب موصدة، الإحباط لفني وكبّل كل شعور إيجابي في قلبي. فاخترت أن أدخل في كسوف عن العالم خوفا من الوقوع في خيبة تجعلني قاب قوسين أو أدنى من أن أؤذي نفسي. أتدركين سيدتي أنني خسرت علاقاتي بإرادتي، فكلما وثق بشخص ورأيت معه بصيص سعادة استنزفني وتركني وحيدة أكابد الأحزان، فقررت أن ألتزم غرفتي وأستسلم متنازلة عن أحلامي وكل طموحي. فحتى علاقاتي الشخصية كلما وثقت في أحدهم ورأيت معه بصيصا من السعادة يصدمني بما لا أتوقع منه، فقلت في قرارة نفسي ان العزلة قد يكون فيها بعض مفاتيح السعادة. بالمختصر المفيد سيدتي شعور الخيبة أصبح يدمرني، فهل مخطأة في وجهة نظري..؟ أختكم ف.لبنى من الشرق الجزائري. الرد: عزيزتي أنت مخطئة إلى حد بعيد بإرسدال ستارة النهاية على احلامك وكل حياتك. وأي إنسان لديه الحق في الحياة لا يمكنك أبدا الإنسحاب من هذه المعركة التي قد تكلفك خسارة أفدح مما تتصورين. عزيزتي، لا بد لي ان أصارحك بهذه الطريقة، فأبدا لم تكن السعادة يوما في العزلة. بل هي في السعي وفي السقوط والنهوض من جديد، واعلمي جيدا فإن التعامل مع الآخرين يعطي الإنسان الحب والحنان والشعور بالبقاء مع الإنسانية التي خلقها الله. ولكن حتى ننعم بهذه المشاعر علينا معرفة مبادئ التعامل مع الآخرين. لا أن نعتزلهم ونحكم على الجميع بأنهم غير صالحين للتعامل . إن محبة الناس لك نعمة من نعم الله عليك، فمن منا لا يحب أن يكون محبوباً بين الناس. ومن منا لا يرغب في أن يحترمه الناس وأن يذكروه بالخير دائماً. لكن هناك من الصفات الجميلة التي عليك أن تتحلي بها حتى يحبك الناس، أنا لا أطلب منك أن تتنازلي عن أخلاقك ومبادئك، لا، بل أطلب منك أن تحاسبي نفسك. ما هي سلبياتك وما هي إيجابياتك؟ حتى تتخلصي من السلبيات، التي ربما هي السبب في العزلة التي اخترتها نمط عيش لك. لهذا أعيدي ترتيب حساباتك من جديد وفكري مليا ثم اعملي بالأسباب لتنالي المطلوب. حاولي مرة أخرى بإيمان بالله أنك ستنجحين، وبهمة وإرادة نابعة من روحك المتقدة والمتفائلة، لا تتنازلي عن حقوقك ولا أحلامك. فأنت مسؤولة عنهم وسوف تسألين يوما ما وقتك وشبابك فيما أفنيتهم.. فكري مليا في الأمر وكل التوفيق أتمناه لك.


النهار
منذ 2 أيام
- النهار
هل أنا من عليه أن يتغير.. فالجميع مني ينفر
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدتي يعتبر حضن العائلة مرفأ مكان لأفرادها، خاصة البنت منهم. ففي ضعفها تسند نفسها بهم وتأوي إليهم، فيتبدد الخوف، وتتزود بالقوة التي واجه بها العالم. لكن هذا الشعور وهذا الإحساس أفتقده تماما وسط عائلتي، أشعر بأني غير محبوبة وسطهم. لا قيمة لي والجميع يتحاشى التعامل معي، وما زاد من مخاوفي هو أني مقبلة على الزواج، فهل سألقى نفس المعاملة حينها..؟ سيدتي صدقيني أنا أعاني كثيرا من جفائهم، وحتى أكون صريحة أنا أيضا أحمل بعض الصفات التي تجعل من حولي ينفرون مني. لكنني دوما أرى أن الكبير هو من عليه أن يعطف على الصغير. فهل أنا محقة أم مخطئة؟ وماذا أفعل كي أغير موقفهم اتجاهي؟ ساعديني من فضلك. أختكم م.ملك من منطقة القبائل. الرد: وعليكم السلام ورحمة الله تعاىل وبركاته عزيزتي، أظن أن الرد على مشكلتك جاء في رسالتك. فما عليك سوى تغيير الصفات التي ترينها غير طيبة فيك. وأعلمي من جهة أخرى أن العطف والحنان والمعاملة بالحسنى ليس بالضروري أن تأتي من الكبير فقط. بل هي عملة تطبع طريقتنا في الحياة مع أي كان، ومحبة الآخرين حبيبتي تُعتبر عمليّةً مُتبادلةً وثقافةً تدور حول مبادئ عظيمة وساميّة أبرزها العطاء والمبادرة. والتي تتزامن بدورها مع حب النفس واحترامها، فأنت بحاجة لبناء علاقات صحيّة وطيبة مع نفسك أولا ومع من حولك للوصول إلى الراحة والسعادة والاستقرار مع المحيطين بك. ولأن العلاقات الاجتماعية سواء مع العائلة أو غيرهم تقوم على الاحترام والمودّة، فلا بد من تقبّل مشاعر الآخرين والرد عليها بشكل لطيف. حتى يتحقق الترابط والألفة التي تقرب القلوب لبعضها البعص، وتعزز علاقاتهم، خاصة أنك مقبلة على حياة جديدة، وأناس لا تعرفين عنهم سوى أمور سطحية، لهذا وجب عليك حبيبتي أمر بسيط للغاية، وهو أن تكون أنت المبادرة بالحب والمودة والابتسامة الجميلة والكلمة الطيبة، ومن المؤكد ستكسبين ود الآخرين بإذن الله. واعلمي أنه لا يوجد أهل لا يحبون ابنتهم، بل بعض الصفات فيك التي عليك تغيرها وبحول الله سوف تلاحظين الفرق، أتمنى لك الهناء والكثير من السعادة عن شاء الله.