
مستوطنون يؤدون طقوسًا تلمودية في قرية اللبن ويرفعون أعلامًا إسرائيلية
أقدم مستوطنون، صباح اليوم الأحد، على إغلاق المدخل الرئيسي لقرية اللبن الشرقية الواقعة جنوب نابلس، وذلك تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال.
وأفادت مصادر محلية بأن عشرات المستوطنين اقتحموا المدخل الرئيسي للقرية، حيث قاموا بأداء طقوس تلمودية، ما تسبب في تعطيل حركة تنقل المواطنين من وإلى القرية.
وذكرت المصادر أن المستوطنين رفعوا أعلام الاحتلال وأدّوا رقصات استفزازية عند أطراف القرية وعلى مدخلها الرئيسي، مهددين السكان بمنعهم من الدخول أو الخروج.
ويُشار إلى أن هذه هي المرة الثالثة خلال أسبوع واحد التي يُغلق فيها المستوطنون مدخل القرية، في إطار ممارسات تهدف إلى التضييق على سكانها وزيادة معاناتهم اليومية.
ووثق مركز معلومات فلسطين 'معطي' 900 اعتداء للمستوطنين في الضفة منذ بداية العام الجاري، وحتى تاريخ 24 أيار/ مايو 2025.
ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن المستوطنين نفذوا 341 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، خلال أبريل/نيسان الماضي، وحاولوا إقامة 10 بؤر استيطانية.
وأدت الانتهاكات الاستيطانية الإسرائيلية بالضفة، إلى تهجير 29 تجمعا فلسطينيا مكونا من 311 عائلة يصل تعداد أفرادها إلى نحو ألفين، بين 7 أكتوبر 2023 ونهاية عام 2024، بحسب الهيئة ذاتها.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، صعّد جيش الاحتلال ومستوطنيه اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس المحتلة، ما أدى إلى استشهاد 967 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
المصدر / فلسطين أون لاين
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جريدة الايام
منذ 28 دقائق
- جريدة الايام
ملاحظات على ورقة «حماس»
تعول حركة حماس في ردها على ورقة المبعوث الأميركي ويتكوف كثيراً على إدارة ترامب، فهي تطالب في البند الأول بضمان الرئيس ترامب لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، وفي البند 6 تدعو الورقة إلى التفاوض على إعلان وقف إطلاق نار دائم وانسحاب كلي للقوات الإسرائيلية من كامل أراضي القطاع. وفي البند 7 تدعو إلى دعم رئاسي أميركي لوقف إطلاق نار يقود إلى حل دائم للصراع. والبند 12 يدعو ويتكوف لترؤس المفاوضات وإتمام الاتفاق. وفي البند 13 تطالب حماس ترامب بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار شخصياً والالتزام بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق نهائي. كما نلاحظ، ترى حماس أن كل مفاتيح وقف الحرب متوفرة في جيوب ترامب ومبعوثه وفريقه، وتتعاطى مع إدارتهم كخشبة خلاص ومنقذ موعود. وفي سياق البحث عن بقائها ضمن شكل من أشكال السيطرة على القطاع، تتجاهل الحركة حقيقة التطابق في المواقف بين إدارة ترامب وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف. كان ترامب سباقاً في تقديم مشروع تهجير 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة وتحويله إلى منتجعات سياحية – ريفيرا-. وتبنت حكومة نتنياهو مشروع التهجير بالصيغة الترامبية كهدف أساسي من أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ 19 شهراً. وتغفل حركة حماس أن ترامب أزال القيود على تزويد آلة حرب الإبادة الإسرائيلية بالقنابل الذكية التي تفتك بالمواطنين وتحيل قطاع غزة إلى خراب. وتغض النظر عن تبني إدارة ترامب لاستخدام الغذاء والدواء كأداة لإذلال الشعب وتهجيره، بل تشارك في هذا الاستخدام الشاذ عبر شركة "إغاثة غزة" بديلاً للمنظمات الدولية صاحبة الاختصاص. وتتغاضى الحركة عن رفع العقوبات عن عصابات المستوطنين التي تمارس التطهير العرقي والاعتداءات على المواطنين في الضفة الغربية. وكل ذلك بعيداً عن سياسة ترامب في ولايته الأولى بتقديم صفقة القرن وضم القدس ونقل السفارة الأميركية إليها وتشريع الاستيطان في الضفة المنسجمة مع الحل الفاشي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. تعويل حماس على إدارة ترامب يلاحظ من خلال المطالبات المتناقضة مع أهداف الحرب الإسرائيلية كوقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع مع هدنة من 5 - 7 سنوات، وإعادة الإعمار مع إعادة بناء البنية التحتية. السؤال، لماذا تنحاز إدارة ترامب لمطالب حماس وتتخلى عن الأهداف الإسرائيلية؟ وماذا تملك الحركة من عناصر قوة تجعلها مقبولة عند إدارة ديدنها تريليونات الدولارات، أو تجعلها قادرة على أن تكون نداً لدولة متغطرسة في طول وعرض المنطقة؟ تملك حماس 20 جندياً إسرائيلياً أسيراً. وتملك ورقة تأخير الاتفاقات المزمع اعتمادها بين دولة الاحتلال ودول عربية وإسلامية أخرى. لكن ترامب فصل بين اتفاقاته مع الدول العربية وبين انضمام دول أخرى إلى الاتفاقات الإبراهيمية، ما أضعف هذه الورقة. عدا ذلك لا توجد مقارنة بين ما تملكه دولة العدوان من عناصر قوة وبين ما تملكه حماس. البون الشاسع في القوة يقود إلى استنتاج منطقي هو أن الحركة لا تستطيع فرض مطالبها المعلنة. يبقى افتراض محاولة تقديم مقايضة لدور مستقبلي للحركة في قطاع غزة بتزكية ورعاية قطر وما تبقى من مراكز الإخوان المسلمين. دور يتناغم مع استمرار فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ويحول دون إقامة دولة فلسطينية. قد لا تحتاج دولة الاحتلال لمثل هذا الدور، بعد تدميرها للقطاع واستعدادها لتهجير الجزء الأكبر من مواطنيه وتحكمها في إعادة الإعمار الذي قد يستغرق زمناً طويلاً. تعلم حماس أن كل يوم يمر دون وقف الحرب يقابله المزيد من المجازر والتدمير والإذلال. تبدو حماس حريصة على إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال وإعادة الإعمار وكلها مطالب مشروعة وضرورية. لكنّ حماس ومريديها الجدد لا يقولون كيف يمكن إنهاء الحرب في الوقت الذي يدفع فيه المواطنون الدم وأقسى أشكال القهر والإذلال والمعاناة والجوع. وهذا يعني أن عنصر الزمن مسألة في غاية الأهمية. فثمة فرق بين طرح الأهداف وبين تحقيقها في الواقع. إن تحقيق تلك الأهداف في الشروط الملموسة بحاجة إما إلى امتلاك عناصر قوة والضغط بها – الضغط بالرهائن لا يكفي – أو انتظار أن تعاقب إسرائيل على جرائمها المتصاعدة بحق المدنيين ويفرض عليها عقوبات تؤدي إلى وقف الحرب. لا يبدو أن ذلك مرجح بوجود حماية أميركية فوق العادة، ولأن النظام العالمي يتعايش مع حرب الإبادة ويكتفي بشجب واستنكار الجرائم. وإما بنزع الذرائع من خلال تقديم التنازلات المطلوبة والمتداولة كالانتقال من النضال المسلح إلى النضال السلمي، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، وتراجع حماس عن حكمها لقطاع غزة، شريطة أن يتم ذلك في إطار فلسطيني موحد وفي إطار موقف عربي ودولي داعم ومساند، وبالتجربة كان الرد العربي على مشروع ترامب لتهجير المواطنين من قطاع غزة مهماً وسبباً في وقف اندفاعة ترامب، لكنه لم يكن كافياً للتراجع عنها. منذ إعلان حرب الإبادة بعد 7 أكتوبر كان لدى حماس أسباب ودوافع كبيرة، للخروج من مسار المواجهة الحربية غير المتكافئة لتفادي المزيد من القتل والتدمير والتهجير وللحفاظ على بنية ونسيج وصمود المجتمع، لكن حماس لم تفعل ذلك واعتقدت أنها ستحصل بالحرب على نتائج أفضل. ومع خروج محور المقاومة الممانعة بقيادة إيران من حرب الإسناد – ما عدا الحوثيين- بشروط أقرب إلى الهزيمة، كان من المفترض إسراع حماس بالخروج من المواجهة المدمرة، لحماية ما تبقى من عناصر البقاء، وحتى لا يأتي اليوم الذي يُفرض فيه التنازل على الحركة بالقوة وبالمزيد من قتل قادة وكوادر وعناصر الجهاز المقاتل. نعم حماية المجتمع تستحق المبادرة وقلب كل حجر بحثاً عن حلول تحافظ على بقائه دون تشظٍ وانكسار حتى يتسنى لحركة حماس ولغيرها ممارسة الحكم. حماية المجتمع والبقاء أثناء هذا النوع من الحروب يستدعيان تقديم التنازلات، وفي الأحوال العادية عندما ترتكب القيادة خطأً كبيرا وتتسبب في إلحاق الخسائر بمواطنيها، من الطبيعي أن تتحمل المسؤولية وتتراجع عن الحكم وتضع نفسها في موقع المساءلة والمحاسبة، وعندما تكون نتيجة استخدام المقاومة المسلحة كشكل نضالي خاسرة وخاسرة جداً، من المنطقي الانتقال إلى شكل نضالي آخر كما حدث في التجربة الفلسطينية ذاتها. أخطر ما وصلت إليه حركة حماس هو عدم الاعتراف بأخطاء من الوزن الثقيل، وبخاصة خطابها الرديء الموجه لشعبها، وإصرارها على الانفصال عن الشرعية الفلسطينية القائمة، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية فلم يتضمن رد حماس على خطة ويتكوف أي شراكة، بالرغم من حديثها عن اجتماع الفصائل ومن قبل ذلك تصويرها بأن غرفة العمليات المشتركة هي مرجعية الحرب واللاحرب، ولم تقدم حماس أي إشارة إلى وقف استباحة المسجد الأقصى الذي أشعلت الطوفان من أجله. وبدلاً من تراجع حماس عن أخطائها تقوم بتعميقها وزيادتها.

جريدة الايام
منذ 28 دقائق
- جريدة الايام
سلاح المخيمات ... وسلاح غزة
قرر الفلسطينيون - عبر قيادتهم الشرعية ممثلة بـ«منظمة التحرير» و«السلطة الوطنية» - إنهاء الوجود المسلح في لبنان، ومركزه المخيمات، وذلك على أرضية تعاون كامل مع السلطة الشرعية اللبنانية، والعيش تحت سيادتها وسلطة قوانينها. كان خياراً صائباً ولو أنه جاء متأخراً، ذلك بعد أن أُسِيء استخدام السلاح بعيداً تماماً عن مبررات وجوده؛ إذ تحوَّل إلى مصدر رعب لساكني المخيمات، لكثرة استخدامه في نزاعات النفوذ الداخلي، وامتداداتها، واتصالها بلعبة النفوذ الأوسع على الساحة اللبنانية والإقليمية. لا لزوم؛ بل ولا جدوى، من استحضار مبررات الماضي بشأن السلاح، ما دام الحاضر بواقعه ومتغيراته أنتج جديداً يتطلب جديداً في التعامل معه، والتموضع في المكان الأسلم منه. بعد أن دخل حَمَلة السلاح من كل الأطياف والأجندات والساحات إلى أتون حرب غير متكافئة الإمكانات، لعب التفوق الجوي والتقني الإسرائيلي دوراً فعَّالاً في تدمير قدرات الخصوم، والأمر لا يقتصر على السيطرة الجوية المطلقة؛ بل وعلى التحالفات الاستراتيجية التي دعَّمت حروب إسرائيل؛ ليس بالتمويل والتغطية السياسية، وإنما بالمشاركة الفعلية أينما لزم الأمر. القرار الفلسطيني المفترض أن يكون ملزماً لجميع الفصائل وحتى الأفراد، كان صائباً بالفعل، ليس فقط من الناحية الأخلاقية والتضامنية، ورد الجميل لبلد وشعب قدَّم الكثير من أجل القضية الفلسطينية وكفاح شعبها الثوري والوطني، وإنما بمنطق الحسابات والرهانات. إن مصلحة الفلسطينيين الذين يتطلعون إلى تسوية سياسية تخلِّصهم من الاحتلال، وتفتح أفقاً نحو إقامة دولتهم المنشودة، تُحتِّم عليهم توظيف أرصدتهم في المكان الذي يمتلك قدرة على إدخالهم في معادلات الحلول التي يجري تداولها، الآن. لقد سبق الفلسطينيين في التخلِّي عن السلاح القوة الأكبر منهم، وذلك في قلعتها الأولى والمركزية في الجنوب، بعد أن خذلتها الجغرافيا السورية التي تحولت بلمح البصر من الـ«مع» إلى الـ«ضد»، وبمنطق الحسابات ينبغي ألا يستهان بخسارة الجغرافيا السورية، في مجال السلاح والقتال، والسياسات والتسويات. وهنا يثور السؤال ذاته حول غزة وسلاحها وكيفية التعامل معه، الفرق شاسع بين السلاحين، ولو أن هدف الخصم الإسرائيلي وحليفه الأميركي واحد، وهو تجريد غزة من سلاحها، بالتزامن مع تجريد لبنان كله من السلاح الخارج عن سيطرة الحكومة الشرعية. سلاح غزة قيد البحث في سياق معالجة مستقبل القطاع فيما يُسمَّى «اليوم التالي»، والصعوبة في الأمر - بما يظهر اختلافاً كبيراً عن معالجة سلاح المخيمات و«حزب الله» - أن الإسرائيلي يغلق كل المنافذ والممرات التي تؤدي إلى تسوية سياسية لأوضاع غزة، بما في ذلك حُكمها وسلاح «حماس» فيها، ومستقبل علاقاتها مع الضفة التي تعيد إسرائيل احتلالها من جديد، لتأسيس واقع يجعل من قيام الدولة الفلسطينية المستقلة أمراً بعيد المنال. وإذا ما افترضنا أن «حماس» حذَت حذو «حزب الله» في مسألة السلاح، إذا ما نجحت جهود إخضاعه للسلطة الشرعية، وسمعت نصيحة الرئيس محمود عباس الشديدة الوضوح والقسوة بتسليم سلاحها للسلطة، فالإشكال الذي لا يُرى حلٌّ له حتى الآن، هو أن إسرائيل لا تريد الاثنين معاً، السلطة المسالمة، و«حماس» المقاومة، وهذا لا يصعِّب الحلول فقط؛ بل ويجعل التسويات بشأنها أمراً بعيد المنال كذلك. الأميركيون ساعدوا لبنان على استعادة عمل الدولة والنظام، ويواصلون العمل بدأب ومواظبة لإغلاق ملف السلاح، وإدخال لبنان إلى وضع جديد مختلف تماماً عن الوضع الذي كان فيه نهباً للنزاعات والحروب، وخصوصاً مع إسرائيل. الأميركيون - والحالة هذه - لا يفعلون الشيء ذاته مع الفلسطينيين؛ لا بشأن سلاح «حماس» في غزة، ولا بشأن دور سلطة رام الله الشرعية في أي شأنٍ يتعلق بغزة، ما يعني عملياً تسليم الملف برمته لإسرائيل، وما تنتجه الجولة الحربية الحالية من خلاصات على الأرض. أمرٌ آخر يجدر الانتباه إليه، هو أن نفوذ شرعية عباس على الوجود الفلسطيني وسلاحه في لبنان أوسع وأشد تأثيراً من نفوذه في غزة، فلا يزال العالم كله يرى في «حماس» القوة الفلسطينية الوحيدة هناك. والجميع في انتظار خلاصات الحرب التي لم تتبلور بصورة نهائية بعد، غير أن مشتركاً بين سلاح المخيمات وسلاح غزة، هو أن السلاح الذي تمتلكه الميليشيات في كل ساحات الشرق الأوسط لم يعد أمراً مسلَّماً به؛ بل صار موضوع بحثٍ جدِّي حول مصيره، ذلك لمصلحة شرعية السلاح الذي تمتلكه جيوش الدول.

جريدة الايام
منذ 29 دقائق
- جريدة الايام
حروب العشرية الثالثة (31)
خلصنا في معالجة سبقت إلى إمكانية تفسير ما حدث ويحدث في غزة والضفة الغربية، ولبنان، وسورية، منذ اندلاع الحرب، على خلفية محاولة لإنشاء نظام جديد للأمن الإقليمي. وأشرنا إلى أن القوى المعنية بإنشاء النظام تبدو في عجلة من أمرها، ولا تهتم بتقديم مسوّغات سياسية أو أيديولوجية لتبريره، فالقوة وحدها، معطوفة على الإكراه، هي ما يفسر ويبرر النظام الجديد. وشاءت الصدف أن يُضفي تقرير نشرته الإيكونوميست البريطانية، بعد أيام قليلة، بعنوان «الخاسرون في الشرق الأوسط الجديد» مزيداً من الصدقية على فرضيتنا تلك. ويبقى من واجبنا، الآن، أن نكسو هذا كله باللحم، أي أن نفسّره. الأمر الذي لن يتأتى دون الكلام عن «النظام القديم» وتشخيص ملامح الجديد، والخروج بحكم من نوع ما. يأخذنا كل كلام محتمل عن النظام القديم إلى الثورة الإيرانية، فحتى اندلاع الثورة الإيرانية بيوم واحد كان الثلاثي الإيراني ـ الإسرائيلي ـ التركي محور التصوّرات الأمنية والاستراتيجية، والسياسة الدفاعية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وفي القلب منها حماية مصادر الطاقة، وضمان أمن إسرائيل، وحراسة طرق الملاحة الدولية والأسواق. ورغم أن دبلوماسية كيسنجر بعد حرب 1973، رأت في الانقلاب الساداتي، الذي انتهى بمعاهدة للصلح مع إسرائيل، غنيمة هائلة من غنائم الحرب الباردة، إلا أن الرهان على مصر كركيزة للأمن الإقليمي لم يتحول إلى أمر واقع إلا بعد انهيار نظام الشاه، وضياع الركيزة الإيرانية. على أي حال، لم يختلف النظام الجديد عمّا سبقه من حيث المهام والمصالح، ولكنه كان مضطراً للتأقلم مع ما عُرف آنذاك بمبدأ نيكسون في الشرق الأوسط، الذي افترض مشاركة نشطة من جانب الركائز الإقليمية في السياسات الدفاعية. ولم تكن الظروف قد توفرت بعد للتفكير في إنشاء تحالفات أمنية مشتركة بين العرب والإسرائيليين. إجمالاً، يمكن تفسير حروب الثمانينيات، فرادى ومجتمعة، على خلفية النظام الجديد للأمن الإقليمي: الحرب العراقية ـ الإيرانية، والاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، واحتدام الحرب الأهلية في لبنان، وتتويج الهيمنة الأسدية عليه (بعد التدخل العسكري بموافقة أميركية ـ إسرائيلية في عام 1976) وما يدعى بالصحوة الإسلامية، التي موّلتها الإبراهيميات من عوائد النفط، وأرادت لها أن تكون غطاء أيديولوجيا للنظام الأمني الجديد. وقد كانت حرباً على الحواضر العربية، لم تتضح معالمها إلا في وقت لاحق. وما يعنينا، الآن، أن الغزو العراقي للكويت كشف نواقص هائلة في بنية نظام الأمن الإقليمي. لذا، اضطر الأميركيون للتدخل عسكرياً، في حرب ستكون فاتحة لتقويض بلاد الشام، بجناحيها المصري والعراقي، في عقود لاحقة. لم تتضح الأمور بهذه الطريقة في حينها، ولكن اتضح أن المسألة الفلسطينية عقبة تعترض تعاون الركائز الأساسية لنظام الأمن الإقليمي (مثلاً، كما يتجلى الآن في تدريبات ومناورات عسكرية يشارك فيها عرب وإسرائيليون) فكانت مفاوضات أوسلو هي الحل. وفي السياق نفسه انتهت الحرب الأهلية اللبنانية، وصعد رجل الأعمال اللبناني ـ السعودي رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة في لبنان. كان صعوده تتويجاً لظاهرة رجال الأعمال وتجّار السلاح، من أمثال عدنان خاشقجي، وأكرم عجة، الذين أنجبتهم الطفرة النفطية، ولعبوا دورا هائلاً من وراء الستار في بلدان عربية مختلفة. كان صعود هؤلاء ترجمة لتزايد رغبة الأميركيين في منح مساحة أوسع للإبراهيميين في نظام الأمن الإقليمي، وفي تصوّر هؤلاء لصنع السياسة وممارسة النفوذ. وعلاوة على هذا كله، وقع تطوران استراتيجيان هما انعطاف القوّة التركية نحو مجالها الحيوي في الشرق الأوسط، وتعافي القوّة الإيرانية من جراح الحرب مع العراق. لذا، لم يعد من الممكن، من أواسط التسعينيات، قراءة ميزان القوى في الشرق الأوسط دون تركيا وإيران. كان من الممكن للعشريتين الأولى والثانية، في القرن الحالي، أن تكونا ترجمة لتحوّلات ووقائع التسعينيات. ولكن ثلاثة أحداث راديكالية تماماً غيّرت الشرق الأوسط (هجمات 11 أيلول، والاحتلال الأميركي للعراق، واندلاع ثورات الربيع العربي) وقلبت كل شيء رأساً على عقب. لسنا، هنا، بصدد تحليل الأحداث المذكورة، بل التذكير بحقيقة أنها برهنت مجتمعة على استحالة بقاء النظام الإقليمي القائم على حاله، وضرورة إنشاء نظام جديد. والمُلاحظ في تشخيصنا لنظام جديد لم يتضح بعد، أن الأحداث الراديكالية، بما تعني من عمليات تأقلم، وحسابات وإعادة اصطفاف، أدت مجتمعة إلى استبعاد المسألة الفلسطينية كعقبة محتملة في النظام الجديد (طموح نتنياهو الرئيس) وأن مصر لم تعد، في نظر أميركا الترامبية على الأقل، ركيزة أساسية من ركائز النظام الإقليمي، وأن هذا الدور صار منوطاً بالإبراهيميين. وقد خرج تحالف هؤلاء مع الإسرائيليين من دائرة الخيال، وصار على جدول الأعمال، وهم يترجمون مطالبة ركائز نظام الأمن الإقليمي الانخراط بفعالية في سياسات الدفاع والأمن (حسب مبدأ نيكسون) بالشراء والاستثمار في صناعة السلاح والسوق الأميركية. وعلاوة عليه، تبدو القوة الإسرائيلية، في نظرهم، مكافئاً موضوعياً للقوتين التركية والإيرانية، والمرشح الطبيعي لهندسة وزعامة النظام الإقليمي الجديد، بعد احتواء، وكسر شوكة القوتين. لم يشخّص تقرير الإيكونوميست تحوّلات نظام الأمن الإقليمي، كما فعلنا، بل خلص إلى خروج طرف وصعود آخر. ولم يفسّر حروب العشريتين الأولى والثانية كحصاد مر لنظام للأمن الإقليمي هندسه كيسنجر، وفشلت معه عمليات الترميم. ولا يبدو من السابق لأوانه القول إن حروب عشريات قادمة تبدو، من شرفة الحاضر، حصاداً مراً لنظام يتشكّل الآن. فاصل ونواصل.