هكذا خاض جهاز أمن المقاومة الحرب مع إسرائيل!
منذ انطلاق المقاومة عام 1982، دأب جهازها الأمني على جمع المعلومات حول كل ما يتعلق بالعدو الإسرائيلي، بأنواعها وتصنيفاتها كافة، وتتبعها وتحديثها بشكل دائم، مستفيدا من كل من عمل على العدو قبل ذلك، لدراية المقاومة أن صراعها مع هذا العدو المدعوم من الولايات المتحدة والغرب يحتاج إلى مستوى عال من الاحتراف في العمل الأمني والمعلوماتي. ومنذ ذلك الوقت، والمقاومة تراكم المعلومات على مدى فترات الصراع الطويلة مع هذا الكيان وسجلت العديد من الانتصارات والإنجازات في هذا المجال، أبرزها كان في منطقة الشريط المحتل من عام 1982 وحتى التحرير عام 2000. وقد اعترف العدو عدة مرات بتفوق المقاومة أمنياً ومعلوماتياً إلى جانب المقاومة المسلحة.
هذا العمل الدؤوب لم يتوقف واستمر مع تواجد العدو على الحدود الجنوبية للبنان، حيث تطور الصراع من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات في الجمع والمعالجة حتى وصلنا إلى ما يعرف حالياً بالذكاء الاصطناعي.
في هذا المقال سنسلط الضوء على الإنجازات الأمنية المعلوماتية للمقاومة خلال معركتي طوفان الأقصى وأولي البأس.
بداية علينا فهم الظروف التي عملت فيها المقاومة على المستوى الأمني والمعلوماتي وذلك من خلال ما يلي؛
1- الكيان الصهيوني، كيان أمني بامتياز، مغلق، وليس من السهل النفاذ إلى داخله، ومعظم الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا تعمل ليلاً نهاراً، مسخرة كل قدراتها لحماية هذا الكيان عسكرياً وأمنياً وحتى اقتصاديا وسياسياً.
2- الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة سمح للكيان بالاستفادة من جميع التقنيات الفنية المتوفرة، بل قامت بتوجيه كل طاقاتها العلمية لحماية الكيان وخاصة الجانب المعلوماتي، وسخرت كبار الشركات لخدمته أمنياً ومعلوماتياً، وليس آخراً ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست، 'أن شركة غوغل زوّدت جيش العدو بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي 'جيميني'، وهي تساعد وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ 2021″، وتتعاون معها منذ انطلاقتها خاصة في مجال الخرائط حيث تمتنع شركة غوغل MAP عن إظهار المواقع الحساسة الإسرائيلية بشكل واضح، وتمنع المستخدم من الوصول إلى أي معلومات يصنفها الجيش الإسرائيلي بالسرية، لذلك لا يمكن الوصول من خلال تطبيق Google Map أو أي تطبيق آخر إلى أي معلومة مفيدة عن مواقع العدو العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية الحساسة
3- الإجراءات الأمنية المتخذة داخل الكيان لحماية نفسه من الاختراق متعددة ومعقدة ويتعاون فيها العديد من الأجهزة الأمنية؛ الجيش وحرس الحدود، ووزارة الأمن الداخلي، وجهاز الموساد، وعلى رأس هذه الأجهزة جهاز الشاباك. وما حصل خلال معركة طوفان الأقصى وأولي البأس من منع تسريب حتى الصور العادية عن القصف الذي تعرض له الكيان خير دليل على القبضة الحديدية التي تمارسها أجهزة العدو الأمنية لمنع أي تسريب معلوماتي، وما كان العدو لينجح في إجراءاته هذه لولا تعاطيه مع الجبهة الداخلية كمجتمع حرب إلى جانب قوة وفعالية الإجراءات المتخذة.
4- يعتبر الأمن السيبراني جزءًا أساسياً من عقيدة العدو الأمنية، لذلك تم تأسيس سلطة الدفاع السيبراني القومي الإسرائيلي سنة 2016 التي تتبع مباشرة لرئاسة حكومة العدو، بعد أن كانت سابقاً وحدة تتبع لرئاسة أركان جيش العدو، ووظيفتها الرئيسية هي إدارة جميع الجهود الدفاعية والعملانية في الفضاء السيبراني وتشغيلها وتنفيذها، الأمر الذي يتيح الرد الدفاعي الكامل والدائم على الهجمات أو محاولات اختراق ونفوذ إلكتروني إلى عمق العدو، مستخدماً أحدث التقنيات والبرامج والتطبيقات الإلكترونية والخوارزمية والكمبيوترية لحماية كافة مصالحه الأمنية والعسكرية والاقتصادية، بما فيها قطاع الاتصالات والمواصلات والطاقة والمياه.
5- وضع العدو خطة حرب لمواجهة قدرات المقاومة الأمنية والمعلوماتية، واستطاع تطبيقها بدقة خلال معركتي طوفان الأقصى وأولي البأس، كان أبرزها:
الإطباق الإعلامي ومنع أي تسريب لأي خبر، ما عدا ما يصدر عن جيش العدو أو ما يسمح بنشره.
نقل المستوطنين من خطوط الجبهات الأمامية في غلاف غزة وعلى الحدود مع لبنان وتفريغ عدد من المستوطنات واعتبارها مناطق عسكرية، وذلك لتسهيل حركته الميدانية بعيداً عن نظر المدنيين، والأهم من ذلك فإن هذا الإجراء يسهل عليه الانتشار داخل منازل المدنيين بعيداً عن رصد المقاومة.
اعتماد خطة خاصة خلال الحرب وهي انتشار معظم الجنود خارج المواقع العسكرية المعروفة.
تغيير خطط ووسائل الاتصال والتواصل بين القطع العسكرية على الأرض.
التشويش السيبراني على غرار توقيف نظام ال GPS لتحديد الأماكن.
وضع الكثير من السواتر الإسمنتية لمنع الرؤية والاستهداف لقوافله على الطرقات الداخلية.
هذا إضافة إلى بعض التكتيكات العسكرية التي استخدمها في هذه الحرب مستفيداً من ملاحظات لجنة تحقيق فينوغراد حول فشلهم في حرب تموز 2006.
أمام كل هذا، وفي ظل الإجراءات الحمائية والوقائية وبمساعدة معظم دول العالم الغربية و'غير الغربية'، ماذا استطاع جهاز أمن المقاومة فعله خلال معركتي طوفان الأقصى وأولي البأس؟
جهاز أمن المقاومة.. هل هو أسد الميدان؟
لا يسعنا المجال للتحدث عن كل ما حصل، ولكن من خلال بعض العينات التي وردت في وسائل إعلامية تابعة للعدو وللمقاومة، سنتعرف على القدرة الأمنية والمعلوماتية للمقاومة، وهل هي حقيقةً 'أسد في الميدان'؟
بخصوص خسائر العدو فإننا لن نتطرق إليها لأن العدو استخدم سياسة اطباق هائلة استطاع خلالها قمع ومنع أي منشور لا يتوافق مع سياسته، ولكن نشير إلى مسألتين بخصوص هذا الأمر، الأول ما سرب عن مصادر غير رسمية مؤخراً عن حوالي 16 الف إصابة للجيش الإسرائيلي خلال معركة طوفان الأقصى، والأمر الثاني؛ هو ما نشرته صحيفة 'كالكاليست': 'فقد أصيب عدد من المصانع في إسرائيل بأضرار مباشرة نتيجة القصف الصاروخي المستمر من لبنان، مما أدى إلى تعطل الإنتاج، إلا أن الصناعيين يحرصون على إظهار أن الأمور تسير بشكل طبيعي حتى لا يخسروا عقودهم مع العملاء الدوليين'.
بحسب صحيفة معاريف، خلال معركة أولي البأس نفذ حزب الله 1666 هجوما خلال 66 يوما، استهدف خلالها 211 قاعدة لجيش العدو، و111 معسكرا، و420 موقعا، 147 موقعاً حدودياً، 540 مستوطنة، 17 مصنعاً عسكرياً، وشركات دفاع، و10 مطارات.
لكن، من خلال قراءة بيانات المقاومة والتصريحات الصحفية الإسرائيلية، تم التدقيق بالمعلومات الواردة حول المواقع المستهدفة من قبل المقاومة وخلصنا إلى النتيجة التالية:
-استهدفت المقاومة 29 مستوطنة قريبة من الحدود مع لبنان، استخدم جيش العدو فيها منازل المدنيين، في محاولة لتجنب استهداف المقاومة لجنوده داخل مواقعهم العسكرية، لكن المقاومة كانت تلاحقهم من منزل إلى آخر، كما حصل بالمطلة والمنارة وكريات شمونة. فمستوطنة المطلة وحدها، قامت المقاومة فيها بمطاردة جنود العدو في أكثر من 20 منزلاً، استخدمها جنود العدو للاختباء، والذي خلق حالة من الاستياء لدى المستوطنين لتعرض منازلهم للدمار نتيجة هذا التصرف.
-استحدث العدو 57 قاعدة وموقع ومبنى قبل وخلال الحرب، معظمها في منطقة الجليل الأعلى والجليل الغربي وإصبع الجليل (أي في المنطقة الشمالية)، في محاولة لتجنب صواريخ المقاومة، بالرغم من ذلك استطاعت المقاومة رصدهم وإصابتهم بشكل مباشر.
-من بين المراكز المستهدفة من قبل المقاومة هناك 39 قاعدة وموقع ومركز عسكري ذو طابع سري موزعة بين الشمال ووسط وجنوب الكيان حتى عمق 155 كلم، 28 منها في منطقة الوسط (تل أبيب وحيفا)، وصولاً إلى الجنوب في أشدود (قاعدة حتسور الجوية التي تحوي أسراب حربية ومسيرة)، وقد ذكرت المقاومة أن قاعدة 'تل نوف' الجوية التي استهدفتها، على بعد 145 كلم عن الحدود اللبنانية، تحوي إضافة لأسراب من طائرات أف 15، أسراباً من الطائرات بدون طيار.
-داخل القواعد العسكرية الكبيرة، استطاعت المقاومة تحديد أماكن تموضع الجنود واستهدفتها في أكثر من 15 معسكر وقاعدة عسكرية (قاعدة رمات ديفيد، رامون نفتالي، ثكنة زرعيت، بركة ريشا، ثكنة راميم، قاعدة أدميت.. وغيرها).
-اللافت كان ما حدث بتاريخ 13/10/2024 في قاعدة تدريب عسكرية لوحدة غولاني قرب بنيامينا جنوبي حيفا، عندما استهدفت المقاومة بطائرة مسيرة نقطة 'محددة' في وقت 'محدد' لإيقاع أكبر قدر ممكن من الإصابات: قاعة الطعام أثناء تناول الجنود للطعام داخل القاعدة، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الجنود.
-أما بتاريخ 14/5/2024 في مستعمرة إدميت، فقد دمرت المقاومة المنطاد التجسسي المتطور 'سكاي ستار ثلاثمئة وثلاثون'' (Sky Dew)، التابع لسلاح الجو الإسرائيلي، الذي يُعرف باسم 'تل شميم'، بعد أيام معدودة من إطلاقه. وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن هذا المنطاد الضخم 'هو أحد أكبر أنظمة مناطيد المراقبة في العالم' والذي يعتبر أحد أهم الصناعات المشتركة بين الكيان والولايات المتحدة، ومهمته تصل لتغطي الحدود السورية اللبنانية، يذكر أن عملية الإطلاق استغرقت حوالي السنة، ولكن المقاومة لم تكتف بإسقاط المنطاد وتدميره، بل استطاعت من خلال العمل الأمني والمعلوماتي الدقيق من تحديد وتدمير قاعدة الإطلاق، وآلية التحكم، وإصابة طاقم الإدارة بشكل مباشر.
-بحسب إعلام العدو، هناك 3 قواعد في حيفا حساسة واستراتيجية وسرية استهدفتها المقاومة: قاعدة حيفا التقنية أصيبت أكثر من 4 مرات، قاعدة طيرة الكرمة (على عمق 40 كلم) أصيبت أكثر من 6 مرات وقاعدة ستيلا ماريس (على عمق 35 كلم) أصيبت أكثر من 8 مرات، كان آخرها في 16/11/2024.
-هذا إضافة إلى أكثر من 133 موقع وتموضع ومركز وقاعدة ومعسكر، تبعد أكثر من 7 كلم عن الحدود مع لبنان أصابتها صواريخ ومسيرات المقاومة (مصانع عسكرية، قواعد جوية، مخازن ومراكز دعم لوجستي، مقرات قيادية، …).
يعتبر سلاح الدفاع الجوي والصاروخي (القبة الحديدة، مقلاع داوود، صواريخ حيتس، نظام THAAD)، عنصراً أساسياً في تشكيلات وتجهيزات جيش العدو، وكان له دور محوري خلال هذه الحرب، لذلك كان العدو يحرص على التعاطي معه بكل سرية وحساسية، بالمقابل كانت المقاومة على دراية بهذه الأهمية، لكنها استطاعت من خلال نشاطها الأمني والمعلوماتي المميز من تحديد العديد من متعلقات هذا السلاح واستهدافها. فكان أبرزها على بعد 135 كلم عن الحدود اللبنانية، حيث أصابت مصنع 'ملام' الذي يزود جيش العدو بصناعات مرتبطة بمنظومات الدفاع الجوي والصاروخي، وقاعدة 'بلماخيم' التي تحوي منظومة 'حيتس' للدفاع الجوي (140 كلم عن الحدود مع لبنان).
من جهة أخرى، ورغم الإجراءات الأمنية الصارمة على المستوطنين، نجحت أجهزة أمن المقاومة من تجنيد العديد من اليهود الإسرائيليين مقابل الأموال. في هذا السياق، اعتقل جهاز الشاباك أكثر من 32 إسرائيلياً أثناء الحرب، ذكر أن بعضهم سرب معلومات حساسة عن القبة الحديدة والدفاعات الجوية التابعة للكيان وفيما يتعلق بنظام THAAD، أما ما يستدعي التوقف عنده ما سربته وسائل إعلام أمريكية عن لسان مسؤولون أمريكيون عن تحطم قمر اتصالات عسكرية IS-33E التابع لشركة بوينغ الأمريكية، على بعد 35000 كلم من الأرض، والجدير بالذكر أن هذا القمر داعم أساسي لهذا النظام، الذي قدمته أمريكا إلى الكيان الصهيوني ضمن برنامج دعمها ومساندتها لحربه على المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
ثالثاً: قاعدة وحدة 8200
استهدفت المقاومة مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ثكنة 'غليليوت' شمال تل أبيب على بعد 110 كلم عن الحدود اللبنانية أكثر من 10 مرات، بدأتها في 25/8/2024 كرد على عملية اغتيال الشهيد السيد فؤاد شكر، مستهدفةً تموضع الجنود وضباط وقادة الوحدة. والموضوع الذي يتوقف عنده المراقب، هو إعلان استقالة قائد الوحدة 'يوسي ساريئيل' بعد الحادثة مباشرة، والمسألة ليست بالاستقالة، بل بالكيفية، فهو لم يظهر على الإعلام منذ استهداف مقر الوحدة في ذلك اليوم، واللافت أيضاً، أن استقالته لم تأت شفهية بعد مثوله أمام رئيس الوزراء كما جرت العادة، بل جاءت من خلال مراسلة خطية، وهنا يطرح السؤال عما جرى لهذا الضابط خلال الحرب!
رابعاً: مركز قيادة الموساد
تعتبر الأجهزة الأمنية الحساسة داخل الكيان خاصة جهازي الموساد والشاباك سرية بامتياز، ومراكزها غير معروفة حتى للمستوطنين أنفسهم، كما أنها غير محددة على الخرائط الداخلية وهي محذوفة تماماً عن تطبيقات الخرائط المعتمدة على شبكة الإنترنت، بالرغم من كل هذه السرية تمكنت المقاومة الإسلامية من تحديدها واستهداف مركز قيادة جهاز الموساد شمال تل أبيب في 25 أيلول 2024.
خامساً: منزل رئيس وزراء العدو
شكّل استهداف منزل رئيس وزراء العدو في قيسارية، بتاريخ 19 تشرين أول 2024، مفاجأةً للعالم أجمعه، فالمسألة ليس بتحديد المنزل الذي يتردد إليه بشكل دائم فحسب، بل وصول الطائرة المسيرة إلى غرفة نوم بنيامين نتنياهو. ولاحظ المتابعون أن الطائرة اختارت غرفة النوم هدفاً لها ودخلت من خلال الواجهة الزجاجية المصفحة التي يقف خلفها عادة نتنياهو.
هذا غيث من فيض، فكل الأحداث التي جرت على أرض المعركة يثبت أن هناك معركة ضروساً وندية، هي المعركة الأمنية المعلوماتية بين العدو ومن يدعمه من الولايات المتحدة وحلفائها من دول الغرب والشرق من جهة، وبين عقول شباب المقاومة من جهة أخرى، والتي أثبتت وبالدليل، أن جهاز المقاومة الأمني والمعلوماتي قد سجل انتصارات بالجملة على هذا العدو، وإن دل هذا الأمر على شيء فهو يؤكد على القدرات الهائلة التي تملكها المقاومة وخاصة أجهزتها الأمنية والمعلوماتية في متابعة العدو الدقيقة وعلى مدار الـ 24 ساعة، بالثواني والدقائق لكلّ مراكز ومواقع وقواعد العدو العسكرية وغير العسكرية، هذا التفوق غير المسبوق، دفع هذا العدو المجرم ليردّ بطريقة همجية ووحشية، ودون سقوف على المدنيين الآمنين، بغارات هستيرية متبعاً سياسة الأرض المحروقة، ولكن هذا الأمر لم ولن يغير من الواقع شيئاً، فصواريخ المقاومة ومسيّراتها لم تكن تصيب أهدافاً عشوائية، بل كانت تسير باتجاه الهدف المحدد مسبقاً، ضمن بنك أهداف جمعه وراكمه جهاز أمن المقاومة طوال السنوات الماضية ويتابعه دائما ويحدّثه بحسب إجراءات وخطط العدو المستحدثة؛ وما طائرة الهدهد إلا إحدى هذه الوسائل التي تعطي الصورة الجوية، يضاف إليها قدرات كبيرة ومعقدة لتعطي الصورة والمعلومة الأرضية، هذا الجهد والعمل، من المؤكد مستمر حتى تحقيق الهدف الذي أنشيء جهاز أمن المقاومة لأجله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ ساعة واحدة
- بوابة الفجر
كريم وزيري يكتب: أرباح الحروب التي لا نراها في نشرات الأخبار
في كل حرب، تتجه الأنظار نحو الجبهات، نحو الدبابات التي تزمجر، والطائرات التي تمطر، والجنود الذين يسقطون على أطراف الخرائط، لكن قليلون من ينظرون خلف الكواليس، حيث تجلس الأطراف الرابحة في صمت، تتابع المشهد من شاشات تحليل البيانات أو مكاتب صفقات السلاح، تحتسي قهوتها بهدوء بينما تُعد الأرواح على الأرض مجرد أرقام في تقارير الأداء، ومنذ الحرب العالمية الأولى وحتى أحدث صراع في أوكرانيا أو غزة، ظل السؤال نفسه يُطرح بين من يجرؤون على كسر السرديات الرسمية وهو من يربح حقًا من هذه الحروب؟ هناك من يعتقد أن تاجر السلاح هو الرابح الأكبر، وهو رأي له وجاهته، فصناعة السلاح هي من أكثر الصناعات التي لا تخسر أبدًا، الحرب بالنسبة لها ليست دمارًا بل موسم رواج، كل دبابة تُستهلك تُستبدل بأخرى، وكل صاروخ يُطلق يُعوض بعقد توريد جديد، وشركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، ريثيون، تُضاعف أرباحها كلما احتدمت الجبهات، والحروب تُستخدم كإعلانات حية لمنتجاتهم، ويكفي أن تنجح طائرة واحدة في تنفيذ مهمة دقيقة حتى تصبح نجمة معارض السلاح التالية، والدول لا تشتري فقط القدرة على القتل، بل تشتري وهم التفوق، هالة الردع، وشعورًا زائفًا بالأمان. لكن الصورة تغيرت، فخلف الكاميرات، هناك لاعب جديد دخل الساحة، لا يرتدي زيًا عسكريًا ولا يظهر في نشرات الأخبار، إنه من يملك المعلومة، من يستطيع أن يوجه الرأي العام، أن يصنع العدو، أن يعيد تعريف النصر والهزيمة حسب مزاج مصالحه، من يملك المعلومة يملك القوة الناعمة والصلبة في آنٍ واحد، شركات مثل غوغل وميتا وأمازون لم تُصنف حتى الآن ضمن "شركات الدفاع"، لكنها تملك بيانات عن الشعوب أكثر من حكوماتها، وتستطيع حرف المسارات السياسية عبر خوارزمية، أو إخماد ثورة بتقليل ظهورها في "الترند". لم تعد المعركة فقط على الأرض، بل على الشاشات، في كل ما يُقال ويُعاد ويُضخ، في كل إشعار يصل لهاتفك ويستهدف وعيك قبل أن يستهدف جسدك، باتت المعلومة أقوى من القنبلة، لأنها تهيئ لها الطريق، وتُشيطن طرفًا، وتبرر الحرب، وتمنح الضوء الأخضر النفسي قبل العسكري، ومن يتحكم في الصورة، يتحكم في المعركة، ومن يتحكم في التحليل، يتحكم في المصير. صانع السلاح يربح عندما تشتعل الحرب، لكن صانع المعلومة يربح حتى في الهدنة، بل أحيانًا يُشعل الحرب لتخدم روايته، والمشكلة أن كثيرًا من الصراعات التي نشهدها الآن لم تُخلق من نزاع حقيقي على الأرض، بل من تضخيم إعلامي أو سردية مصطنعة، أصبح بالإمكان تصنيع "عدو"، ثم بث الخوف منه، ثم تسويقه كمبرر لحرب لاحقة، وكل ذلك دون أن يخرج مطلق المعلومة من مكتبه. منذ سنوات بدأت شركات السلاح تستثمر في شركات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، والعلاقة بين الاثنين لم تعد منفصلة، وهناك من يصنع السلاح، وهناك من يصنع القصة التي تُبرر استخدامه، وهناك من يجهز الطائرة، وهناك من يجهز عقل المواطن ليتقبل القصف. المعلومة أصبحت سلاحًا موازيًا، بل سابقًا على القذيفة. فالقصف يبدأ من رأسك، من فكرة يتم زرعها، حتى تصدّق أنها "حرب عادلة" أو "دفاع عن النفس". السؤال الآن من يربح أكثر؟ من يبيع الموت في شكل معدني أم من يبيعه في شكل رواية؟ من يملك المصنع أم من يملك التأثير؟ من يتحكم في الجيوش أم من يتحكم في العقول؟ الواقع أن كليهما رابح، لكن الفارق أن تاجر السلاح يربح مرئيًا، في حين أن تاجر المعلومة يربح في الخفاء، دون أن يُسأل أو يُحاسب، بل الأسوأ قد تراه بطلًا، أو خبيرًا محايدًا، وهو في الحقيقة من يدير المعركة بطرف إصبع. الربح في الحروب لم يعد فقط ماليًا، إنه أيضًا في التأثير، في إعادة رسم الخرائط، في التحكم في السرديات الكبرى، والأدهى من ذلك أن الشعوب نفسها باتت هي السلعة، بياناتهم، عواطفهم، مخاوفهم، سلوكهم على الإنترنت، كل ذلك أصبح يُباع ويُشترى ويُستخدم كوقود في حروب غير تقليدية، حروب لا يُطلق فيها رصاص بل تُحقن فيها العقول بما يكفي لتدمير ذاتها. صانع السلاح يربح حين تسقط الجثث، لكن صانع المعلومة يربح حين تنهار الثقة، حين تصبح الحقيقة مشوشة، والواقع ضبابيًا، والعقل هشًا، قد لا تراه، لكنه موجود في كل إشاعة، في كل فيديو مفبرك، في كل خطاب تعبوي يُبث، في كل "ترند" يُدير الوعي الجمعي دون أن ينتبه أحد. الحروب القادمة لن تكون فقط على الأرض، بل في الفضاء الإلكتروني، في غرف الاجتماعات المغلقة، في مراكز تحليل السلوك البشري، وساحة المعركة لن تكون فقط الجبهة، بل أيضًا شاشة هاتفك، عقل ابنك، وتصوّرك لما يجري من حولك. قد لا تشتري سلاحًا، لكنك تستهلك المعلومة، وقد لا تقتل أحدًا، لكنك قد تقتل الحقيقة دون أن تدري.


الأسبوع
منذ 3 ساعات
- الأسبوع
«طوفان الأقصى.. من غيّر قواعد اللعبة؟».. الحقيقة من منظور فلسطيني في كتاب جديد لـ حسين عبد الغني
الكاتب الصحفي حسين عبد الغني أميرة جمال صدر حديثا عن دار الفلق للنشر والتوزيع، كتاب «طوفان الأقصى.. تغيير قواعد اللعبة؟»، للكاتب الصحفي والإعلامي حسين عبد الغني، والذي يناقش من خلاله قضية توثيق الأحداث الراهنة المرتبطة بالقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل تغير المعطيات بشكل متسارع على المستوى الإقليمي. ونستعرض خلال السطور التالية بشيء من التفصيل بعض الأجزاء من كتاب «طوفان الأقصى.. تغيير قواعد اللعبة؟». كتاب «طوفان الأقصى.. من غير قواعد اللعبة؟» يتضمن كتاب «طوفان الأقصى.. تغيير قواعد اللعبة؟»، تسعة فصول يرصد الكتاب من خلالها لحظات تاريخية لا يمكن تأجيل توثيقها، نظرا لرؤية المؤلف في أن هذا التوثيق يصبح أكثر إلحاحًا عندما يكون الطرف المسيطر على الإعلام والسرديات هو الغرب وإسرائيل، إذ جرت العادة على إعادة صياغة الأحداث وتحوير الحقائق لصالح الرواية الإسرائيلية. لذا، فإن تسجيل الوقائع من منظور فلسطيني وعربي لحظة وقوعها ليس مجرد توثيق، بل هو دفاع عن الحقيقة ورفض لتزوير التاريخ. قضايا كتاب «طوفان الأقصى.. من غير قواعد اللعبة؟» وعلى وصف الكاتب، فهذا الكتاب يغامر بعرض تحليل لمسيرة الحرب، وخرائط النار، ومسيرة مفاوضات الباب الدوار، واستنزاف الوقت من القاهرة والدوحة إلى باريس، وبالعكس على مدى 500 يوم تقريبا، بادئا بالتنبؤ بطوفان الأقصى قبل وقوعه من واق متابعة حثيثة للمشهد في إسرائيل. ويناقش «عبد الغني»، كيف أن «طوفان الأقصى» لم يكن حدثًا منفصلًا، بل كان نتيجة حتمية لمسار طويل من التراكمات، كان أبرزها اتفاق أوسلو، إذ يُوضح أن أوسلو، الذي قُدم للبعض على أنه «غصن زيتون» للسلام، انتهى إلى تكريس الاحتلال الإسرائيلي، وتقسيم الأرض بنسبة 22% للفلسطينيين مقابل سيطرة إسرائيلية شبه كاملة. وأما عن الفصول التسعة للكتاب، فينبثق من خلال عناوينها المتمثلة في: « كل الطرق تؤدي إلى طوفان الأقصى، من غير قواعد اللعبة؟، النصر المراوغ، بين مكر الكباوي ودهاء العمائم، اليوم التالي.. رعب أكبر سوف يجئ، غزة الصامدة في مواجهة أفلام السياسة الأمريكية، بين المقاومة والساداتيين الجدد، خارج خرائط النار.. تفاعلات دولية مع المظلمة الفلسطينية، الطوفان المضاد وانقلاب المعادلات لصالح إسرائيل»، مدى التحليل الشامل والرؤية المفصلة التي يقدمها الكاتب. آثار طوفان الأقصى على إسرائيل داخليا يفصّل الكتاب كيف أدّت تداعيات «طوفان الأقصى» إلى تصدع داخلي غير مسبوق في إسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن جزءًا كبيرًا من الإسرائيليين فقدوا الثقة في قادتهم العسكريين والسياسيين، بل وبدأ البعض في البحث عن خيارات للهجرة، نتيجة شعور متزايد بعدم الأمان، هذا إلى جانب مناقشته مدى أهمية المواجهة بين أمريكا وإيران كعنصر رئيسي في معادلة الحرب، حيث تُقدم واشنطن دعمًا غير محدود لإسرائيل، بينما تُدير طهران موقفها بحذر، متجنبة الدخول المباشر في الصراع. يُشير عبد الغني إلى أن إيران، رغم قدراتها العسكرية، لا تزال مترددة في اتخاذ قرار استراتيجي بتوسيع نطاق الحرب، وهو ما تسعى أمريكا وحلفاؤها إلى منعه عبر التهديدات المستمرة. يُقدم كتاب «طوفان الأقصى.. تغيير قواعد اللعبة؟» تحليلًا شاملًا لما يجري، ويرى أن هذه الحرب ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل محطة مفصلية ستعيد رسم مستقبل الإقليم، وربما تُغيّر معادلات السياسة العالمية لعقود قادمة.


الدولة الاخبارية
منذ 4 ساعات
- الدولة الاخبارية
واشنطن بوست: ضباط أمريكيون تلقوا تعليمات باعتقال المهاجرين فور صدور أمر قضائي بترحيلهم
السبت، 24 مايو 2025 03:19 مـ بتوقيت القاهرة ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت أن ضباطا ينتشرون بالمحاكم في جميع أنحاء البلاد حيث اعتقلوا مهاجرين كانوا يحضرون جلسات استماع مقررة بشأن الهجرة، وذلك في إطار توجيه جديد من المسؤولين الفيدراليين يهدف إلى تسريع عمليات الترحيل بشكل كبير. وأوضحت الصحيفة في مقال حصري إن ضباط إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية في أريزونا وفرجينيا وأكثر من 20 ولاية أخرى تلقوا تعليمات باعتقال الأشخاص فور صدور أمر قضائي بترحيلهم أو بعد تحرك المدعين العامين لإسقاط قضاياهم، ما يشير إلى تكتيك جديد في حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لترحيلهم . ووفقًا لوثائق داخلية اطلعت عليها الصحيفة، تعتزم إدارة ترامب لوضع المهاجرين الذين رُفضت قضاياهم والذين تواجدوا في البلاد منذ أقل من عامين في عملية ترحيل سريعة لا تتضمن جلسة استماع أمام قاضٍ. وأضافت الصحيفة أن هذه العملية المُنسقة تمثل أحدث محاولة من قبل الإدارة الأمريكية لترحيل الأشخاص بسرعة من البلاد حتى لو اضطر المسؤولون إلى تجاوز المحاكم مع تزايد القلق في البيت الأبيض من أن الرئيس دونالد ترامب لن يتمكن من الوفاء بوعده الانتخابي بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، قولها إن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم تتراجع عن سياسة بايدن القائمة على الإمساك والإفراج، والتي سمحت بإطلاق سراح ملايين المهاجرين غير الشرعيين غير المدققين في الشوارع الأمريكية، مضيفة إن إدارة الهجرة والجمارك تطبق الآن القانون وإجراءات الترحيل المُعجل على هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين. وأشارت الصحيفة إلى أنه في يناير الماضي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا لتوسيع نطاق عملية تُعرف باسم "الترحيل المُعجل" لتسريع عمليات الترحيل. وقد أصدر هذا الإجراء بموجب قانون صدر عام 1996 بهدف قمع الهجرة غير الشرعية. ويمكن للمهاجرين طلب اللجوء من مسؤولي الهجرة إذا كانوا يخشون الاضطهاد في حال عودتهم إلى ديارهم. ولكن في حال رفض طلباتهم، فإن ملاذهم الوحيد هو مراجعة سريعة من قِبل قاضي الهجرة، وليس جلسة استماع كاملة. ونوهت بأنه تاريخيًا، كانت عمليات الترحيل المُعجل أكثر شيوعًا على الحدود، لكن إدارة ترامب تُوسع نطاق استخدامها في جميع أنحاء المناطق الداخلية للبلاد كما قام الرئيس بمحاولة مماثلة خلال ولايته الأولى عام 2019، لكن أوقفها قاضٍ فيدرالي. ولفتت إلى أن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية وجماعات أخرى رفع دعوى ق قضائية فيدرالية في يناير الماضي في مقاطعة كولومبيا سعيًا لمنع هذا التوسع الأخير، معتبرين أنه ينتهك الحقوق الدستورية للمهاجرين، بالإضافة إلى قوانين أمريكية أخرى. ولكن مع استمرار القضية في المحكمة، يواصل مسؤولو ترامب المضي قدمًا في جهوده الرامية إلى اعتقال المهاجرين وترحيلهم بسرعة. وقد تحرك محامو وزارة الأمن الداخلي في المدن والولايات في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع لرفض عشرات قضايا الترحيل، قائلين إن الناس أحرار في المغادرة. لكن ما إن غادر المهاجرون قاعات المحكمة، حتى كانت كتيبة من ضباط إنفاذ القانون الفيدراليين في انتظارهم لتقييدهم بالأصفاد ونقلهم إلى مركز احتجاز المهاجرين . وفي فينيكس، تجمع ما يقرب من عشرين ضابط إنفاذ قانون فيدراليًا ملثمًا في مرآب سيارات مبنى مكاتب أمريكي، واعتقلوا رجالًا ونساءً كانوا خارجين من المحكمة وسط احتجاج أفراد عائلاتهم وآخرين. وفي شيكاغو، دخل ضباط فيدراليون بملابس مدنية إلى قاعات المحكمة حاملين قوائم أسماء، بحثًا عن أهدافهم. وقال أكثر من 30 محامي هجرة في جميع أنحاء البلاد إنهم شهدوا اعتقال موكليهم في حملة اعتقالات واسعة النطاق، وهي عملية وصفوها بأنها غير عادلة للأشخاص الذين يلتزمون بالقانون بحضور جلسات المحكمة والسعي للحصول على خيارات هجرة قانونية.