
لبنان بين صيفٍ مأزوم وشتاءٍ إقليمي حارق
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية نتيجة الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، يعيش لبنان مرحلة دقيقة ترخي بظلالها على بعض مفاصل الحياة اليومية، لاسيما على عتبة موسم سياحي كان من المفترض أن يبدأ في مثل هذه الأيام.
العين اليوم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صيف طالما شكل رئة اقتصادية للبلاد، لكن التحديات الأمنية والسياسية، وتحديدا تداعيات النزاع الإقليمي، وضعت البلاد مجددا في مهب المجهول. ومع إعلان عدد من شركات الطيران الدولية تعليق رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري الدولي، باتت حركة السفر من وإلى لبنان رهينة المخاوف والظروف المستجدة، في وقت يطلب إلى الحكومة تفعيل المزيد من المرافق الخدماتية لتجنب الشلل.
وفي هذا السياق، تعود شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل إيست» لتؤدي دورا محوريا، كما فعلت إبان العدوان الإسرائيلي الموسع على لبنان خريف 2024. ورغم اختلاف حجم المخاطر اليوم، إلا أن التحدي لا يقل أهمية: تأمين تنقل اللبنانيين بين الداخل والخارج، لاسيما من يقيمون في بلدان الانتشار أو من عادوا بعجالة من رحلات سياحية ودينية.
وعلى الأرض، مشهد مزدوج: مقاه ومطاعم تعج بالرواد في مشهد يكاد ينكر وجود حرب مشتعلة على أطراف البلاد، مقابل ركود يضرب قطاعات كانت تعد العمود الفقري للصيف اللبناني، كالفنادق وبيوت الضيافة وشركات تأجير السيارات.
وفي بلد اعتاد التعايش مع الأزمات، يبدو الصيف هذه السنة كمن يسير على حافة هاوية: قد يكتب له الإنقاذ، وقد يضاف إلى لائحة المواسم المهدورة.
ولا تسمع من وكلاء أو مالكين لشركات تأجير سيارات الا كلاما عن إلغاء حجوزات بنسبة تخطت الـ 80%. «بعض الزبائن العالقين هنا، أبلغوني بترك السيارة المؤجرة في أي لحظة، ويحاسبونني بشكل يومي، بعد رفضهم التسديد مسبقا ثمن حجز سيارة إيجار».
الكلام لأحمد الربعة مالك شركة كبرى لتأجير السيارات، والذي ينسق عمله مع سلسلة من الفنادق وبيوت الضيافة في كل المناطق اللبنانية. ويضيف: «الحال من بعضه في بقية المرافق، علما أننا جميعنا كمستثمرين نعتمد على لبنانيي الانتشار منذ أعوام».
ويرى الربعة «أن الحل بإزالة القلق لدى لبنانيي الانتشار من إمكانية ان يعلقوا هنا ولا يستطيعون المغادرة. والأمر بسيط، ويتعلق بتأمين وسائل نقل غير جوية، وتحديدا عبر البحر، ما يكسر حاجز الخوف».
والشيء عينه يشاطره للربعة المغترب جورج الجمال المقيم في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأميركية منذ 1997، والذي يواظب على الحضور إلى لبنان، حيث يمضي إجازته السنوية متنقلا بين مقر إقامته في المتن الشمالي وكسروان وجبيل والبترون، ويزور أيضا مسقط رأسه في بلدة صاليما قضاء بعبدا.
يبحث الجمال (52 سنة) عن تذكرتي سفر له ولوالدته إلى باريس للمغادرة عبرها إلى سان فرانسيسكو، في ضوء تعليق شركة الطيران الفرنسية «إير فرانس» رحلاتها إلى بيروت. والوسيلة الوحدية المتاحة عبر «الميدل إيست»، مع ترجيح شراء بطاقتي سفر إلى باريس ودفع ثمن إضافي.
ويقول الجمال لـ «الأنباء»: «العام الماضي علقت في باريس بعد تعليق الطيران الفرنسي رحلاته إلى بيروت مع اشتداد العدوان الإسرائيلي. وأمضيت إجازتي في أوروبا. ولو كان النقل البحري متاحا، لحسمت أمري وركبت الباخرة أو العبارة سواء إلى قبرص أو اليونان أو تركيا، أو بالعكس إلى بيروت».
ويختم بالقول: «أيا تكن الظروف، أخطط لتقاعدي في بلدي الأول رغم حيازتي الجنسية الأميركية. وازدادت مناعتي بعد مواكبتي كل الحروب منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم، فضلا عن الأزمات الأخرى من قطع للطرق وانقطاع مادة البنزين بعد احتجاجات 17 أكتوبر 2019 وما تلاها من انهيار مالي واقتصادي في البلاد».
في الخلاصة، يبدو المشهد في لبنان ظاهريا شبه عادي، لكن تحت هذا الهدوء السطحي يغلي قلق جماعي من توسع رقعة الحرب الإقليمية وانعكاساتها المباشرة على الداخل. فالكلام عن المخاطر يتصاعد، والمطالب بوضع خطط طوارئ تزداد إلحاحا، في بلد اعتاد أن يعيش على حافة الأزمات، ويدرك أن الآتي قد لا يكون استثناء، بل حلقة إضافية في سلسلة تحدياته اليومية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 2 ساعات
- الأنباء
أسواق الخليج تعود إلى دوامة التراجعات بـ 25.7 مليار دولار خسائر
عادت بورصات الخليج إلى دائرة التراجعات مجددا بعدما خسرت في تداولات الأربعاء نحو 25.7 مليار دولار بتراجع نسبته 0.7% بالقيمة السوقية للأسهم المدرجة. ووفقا لبيانات «كامكو إنفست»، فقد بلغت تراجعات القيمة الرأسمالية لبورصة السعودية نحو 16.1 مليار دولار بما نسبته 0.7%، وبورصة أبوظبي 3.7 مليارات دولار بما نسبته 0.5%، وبورصة دبي 2.6 مليار دولار بما نسبته 1%، وبورصة الكويت 2.3 مليار دولار بما نسبته 1.4% وبورصة قطر 800 مليون دولار بما نسبته 0.5%، وبورصة البحرين 300 مليون دولار بما نسبته 0.5%، فيما تماسك أداء سوق عمان من دون تغيير يذكر. وتأتي عودة أسواق الخليج إلى دوامة التراجعات مجددا خلال تداولات اليوم الأربعاء، بعد جلسة واحدة فقط من الهدوء النسبي، حيث شهدت مؤشرات معظم البورصات الخليجية تراجعا جماعيا وسط ضغوط متزايدة ناجمة عن أسباب جيوسياسية وفنية متداخلة. هذه العودة إلى التراجع لم تكن مفاجئة للمراقبين، بل جاءت امتدادا لتقلبات حادة بدأت مع تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة بعد بروز مؤشرات على احتمال دخول الولايات المتحدة الأميركية كطرف مباشر في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، وهو ما يزيد من حدة الترقب في أوساط المستثمرين ويعزز مشاعر القلق من اتساع رقعة الصراع. المخاوف الجيوسياسية امتدت بظلالها الثقيلة على معنويات المتداولين، ودفعت كثيرا منهم إلى التحرك بحذر والتخلي عن مراكزهم تدريجيا، تفاديا لأي تطورات مفاجئة قد تعصف بالأسواق بشكل أوسع، كما أن إشارات التصعيد الصادرة من بعض العواصم الغربية أوجدت حالة من التشويش على المسارات الاستثمارية، وهو ما انعكس سلبا على حركة السيولة، وإن كانت بعض الأسواق قد سجلت ارتفاعا في السيولة اليوم مقارنة بجلسة الثلاثاء، إلا أن هذا الارتفاع لا يعكس ثقة متجددة، بل يشير إلى نشاط واضح في عمليات البيع وخروج مراكز استثمارية، خاصة في الأسهم التي شهدت موجة ارتفاعات مؤقتة في الجلسة السابقة. أما من الناحية الفنية فقد ساهمت عوامل داخلية في دفع الأسواق إلى التراجع، أبرزها أن جلسة الثلاثاء شهدت عمليات شراء مكثفة نفذها مضاربون بحثا عن مكاسب سريعة في ظل الأسعار المتراجعة، إلا أن هذا النشاط لم يكن مستداما، إذ تبعته في جلسة اليوم عمليات تصريف واضحة طالت عددا من الأسهم القيادية. هذه التحركات السريعة أضعفت الزخم الصعودي وفتحت المجال أمام مزيد من الضغوط البيعية. كما أن بعض الشركات الكبرى أفصحت عن بيانات جوهرية لم تكن متوافقة مع توقعات المستثمرين، ما أسهم في تعميق التراجعات، خاصة بعد أن فقدت الأسواق ثقة شريحة واسعة من المتعاملين الذين فضلوا الترقب على المغامرة. وتزامن ذلك مع عمليات جني أرباح من قبل مستثمرين فضلوا الخروج المؤقت بعد أن حققوا مكاسب محدودة في فترات سابقة. في المجمل، يمكن القول إن الأسواق تمر بفترة ضبابية تتطلب وضوحا في المسار السياسي والاقتصادي قبل أن تستعيد توازنها واستقرارها من جديد.


الأنباء
منذ 4 ساعات
- الأنباء
رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الأعلى للبترول
ترأس سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله، في قصر بيان اليوم الاجتماع 125 (1/2025) للمجلس الأعلى للبترول. وناقش المجلس البنود المدرجة على جدول أعماله وأبرز المشاريع المعتمدة من قبل مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة وإستراتيجيتها المرتبطة بهذه المشاريع. واستعرض المجلس آخر المستجدات الراهنة في ظل التطورات السياسية الإقليمية والدولية وأثرها على أسواق النفط العالمية.


الأنباء
منذ 5 ساعات
- الأنباء
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع ليبلغ 74.24 دولار
ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 67 سنتا ليبلغ 74.24 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الثلاثاء مقابل 73.57 دولار للبرميل في تداولات يوم الأول من أمس وفقا للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وفي الأسواق العالمية ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 3.22 دولار لتبلغ 76.45 دولار للبرميل في وقت ارتفعت فيه العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.07 دولار لتبلغ 74.84 دولار.