
حكاية جامع.. جولة في رحاب أشهر مساجد المغرب. مسجد مولاي رشيد بالرشيدية(الحلقة 27)
يعدّ مسجد الأمير مولاي رشيد الأقدم في مدينة الرشيدية ومعلمة وضاءة في المنطقة، التي تعرف بإقبال سكانها على المساجد وإعمارها. فوسط هذه المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي للمغرب.
أعدها للنشر- عبد المراكشي
le12
اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من المساجد، حتى لَتجد من ينتقذون هذه الوفرة 'الملحوظة' لـ'بيوت الله' على حساب مرافق حيوية أخرى ضرورية لحياة المواطن البسيط، مثل المدارس والمستشفيات والمصانع
.
بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق 'المغرب غير النافع' من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد
.
سنأخذكم، من خلال هذه الفسحة الرمضانية 'حكاية مسجد' في جولات عللا بساط من كلمات خطّتها أقلام مغربية مختلفة عن أشهر مساجد المغرب وجوامعه
.
يعدّ مسجد الأمير مولاي رشيد الأقدم في مدينة الرشيدية ومعلمة وضاءة في المنطقة، التي تعرف بإقبال سكانها على المساجد وإعمارها. فوسط هذه المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي للمغرب يوجد مسجد الأمير مولاي رشيد، الذي يشهد على تعلق الساكنة المحلية بالقيم الدينية واهتمامهم بالمساجد وبنائها والعناية بها
.
ويواصل هذا المسجد، الذي تم بناه الفرنسيون المقيمون بالرشيدية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، استقطاب أعداد غفيرة من المصلين، سواء في شهر رمضان أو طيلة فترات السنة
.
ويعكس الإقبال على الصلاة في هذا المسجد الجامع (الذي تبلغ مساحته 700 متر مربع ويضم قاعة للرجال -624 متر مربع- وأخرى للنساء (40 متر مربع) الترابط المتين بين سكان المنطقة الذين يحجّون إليه لإبراز تشبثهم بدينهم وبالقيم التي تجمعهم، لا سيما أنه يرمز إلى الوحدة الإنسانية التي جمعت بينهم إبان فترة الحماية، إذ شكل منارة للالتقاء في مكان يحتضنهم ويعبر عن مشتركهم الديني
.
ولما كان لهذا المسجد، دور اجتماعي وإنساني وديني، فقد عملت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على إعادة بنائه في 1979 حتى يواصل أداء دوره الديني كاملا
.
ولا يزال سكان المنطقة يتذكرون بكثير من الانبهار كيف أن أساسات المسجد، الذي يضم صومعة بطول 24 مترا وعددا من المرافق الصحية، ظلت صامدة منذ وضع الحجر الأساس لبنائه، خاصة أنه تم الاعتماد في البداية على الحجر والجير من أجل تشييده ليكون قبلة للمصلين الذين لم يكونوا يتوفرون في تلك الفترة على مكان للعبادة
.
ويستوعب هذا الصرح الديني عددا إجماليا من المصلين يبلغ ما يناهز 900 مُصلّ ومصلية، ويحتضن أنشطة دينية وعلمية تتعلق بتأطير الأئمة في إطار خطة ميثاق العلماء، ودروس الوعظ والارشاد
.
وصرّح محمد وحيدي، رئيس المجلس العلمي المحلي للرشيدية، بأن هذا المسجد الجامع الفريد يعدّ أول مسجد في المجال الحضري للرشيدية التي كانت تسمى سابقا 'قصر السوق'، مشدّدا على أنه تناوب على تقديم الدروس الدينية وإلقاء خطبة الجمعة فيه علماء أفذاذ، منهم الفقيه الجليل مولاي هاشم بالغالي، الذي قضى 12 سنة في القرويين
.
واستحضر المتحدق ذاته الفترات التي كان يلقي فيها هذا العالم الجليل دروسه في مسجد الأمير مولاي رشيد بعد صلاة المغرب وقراءة القرآن، وكذا الإقبال الذي كانت تحظى به نصائحه وتوجيهاته في مجالات العبادات والأخلاق والمعاملات، مؤكدا أن هذا المسجد يضطلع بدور مُهمّ في المجال الديني في الرشيدية نظرا إلى وجوده وسط المدينة
.
ويستمدّ هذا الصرح أهميته، وفق المصرّح نفسه، من بعده التاريخي وقربه من المجال الترابي، الذي كان بداية تشكل مدينة الرشيدية، لهذا أكد الزهيد علوي، أستاذ التاريخ في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في فاس -مكناس، أن المساجد تحظى باهتمام كبير عند أهل تافيلالت، لعدة عوامل، منها رمزيتها الدينية والحضارية، ثم الوظائف المختلفة التي تؤديها
.
ووضّح المتحدث نفسه أن دور المسجد لم يكن يقتصر عند أهل المنطقة على العبادة، بل كان يؤدي وظائف متعددة ترتبط بالمجالات العلمية والاجتماعية، 'لذلك كان أهل المنطقة ينفقون أموالا كثيرة على بناء المساجد وتزيينها وترميمها وإعمارها'. وأشار إلى أن 'سكان القصور كانوا يتحملون جميع نفقات المساجد'، مبرزا أن هذا الاهتمام لم يتوقف على الرغم من التغيرات التي طرأت على النظام الاجتماعي
.
يشار أنه عدد المساجد التابعة للمجلس العلمي المحلي بالرشيدية يبلغ نحو 621 مسجدا، تلقى فيها الدروس الدينية وتحتضن أنشطة مكثفة خلال شهر رمضان من أجل توعية المصلين بقضاياهم الدينية والدنيوية
.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 11 ساعات
- أخبارنا
إن الله يحب التوابين
خلق الله الخلق وهو أعلم بحالهم، وعلم فيما علم أنهم يذنبون ويخطئون، وأنه لا يخلو أحد من ذنب كما جاء في الحديث: (كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ)[رواه أحمد والترمذي وابن ماجه]، وفي الحديث الآخر في صحيح مسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ). فلما كان هذا حال العباد، رغبهم الله تعالى في التوبة، وفتح لهم بابها، ودعاهم إليها.. مهما عظم ذنبهم، وزاد خطؤهم، وكثرت مخالفاتهم، فرحمة الله واسعة لا تضيق عن ذنب، وعفو الله يشمل كل خطيئة ـ مهما زادت وكثرت، أو جلت وعظمت ـ فهو القائل سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53]، وفي حديث أبي موسى الأشعري، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَبسُط يدَه باللَّيل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويَبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ اللَّيل، حتَّى تطلع الشَّمسُ من مغرِبها)[رواه مسلم]. كثرة الفتن وزماننا هذا الذي نعيشه زمان فتن، تيسرت فيه أسبابها، وفتحت فيه أبوابها، وسهل على الناس الوصول إليها، مع تسلط أهل الباطل وأتباع إبليس وجند الشيطان على عباد الله، سعيا في إضلالهم عن الحق، وإغوائهم عن الأخلاق والفضائل، ودعوتهم للقبائح والرذائل. وزاد الطين بلة وجودُ وسائل التواصل التي فتحت الباب أما كل ساقط وفاجر وفاسق وداعر، لينشر فسقه وفجوره، بعد أن كان مخفيا عن الناس، فطغت وكثرت بسبب ذلك الفواحش، وانتشرت المقاطع، ودخلت على الناس بيوتهم ومخادعهم، واخترقت الأسماع والأبصار، ونفدت إلى القلوب، فلا يكاد أحد ينجو، وإنما الأمر يتفاوت بين مقل ومكثر، والمعصوم من عصم الله. والله سبحانه من رحمته بعباده، ولطفه بخلقه، وعلمه بضعفهم وعجزهم أزال عنهم كل حاجز يحجزهم عن التوبة حتى يغرغروا وتبلغ الروح الحلقوم، أو تطلع الشمس من مغربها.. (إنَّ اللَّهَ فتحَ بابًا قِبلَ المغربِ عرضُهُ سبعونَ عامًا للتَّوبةِ لا يُغلَقُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ منهُ)[رواه أحمد والترمذي وصححه أحمد شاكر].. فهي في الحقيقة دعوة مفتوحة للرحمة والعفو والتوبة. محبة الله للتائبين ثم إنه سبحانه رفع عنهم وحشة البعد، وحاجب العصيان، فأخبرهم أنه يحب توبة التائبين إليه ويفرح بها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[البقرة:222]، وكما في الحديث في صحيح مسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ). ولم أر حديثا أكثر ترغيبا في توبة العاصين منه، فهو سبحانه ليس فقط يعرض العفو والمغفرة، وإنما يخبر أنه يفرح بهذا ويحبه، فإذا تبت وأقبلت عليه يفرح بعودتك، ويحب توبتك. إياكم والقنوط لقد نادى الله على عباده خاصة العاصين منهم المفرطين، وحذرهم من القنوط من رحمته، واليأس من عفوه ومغفرته، بل جعل هذا القنوط من الرحمة، واليأس من المغفرة أعظمَ من كل ذنب عملوه، فقال: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ}[الحجر:56]، وقال: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87]. فكأنه يقول لهم: إن رحمتى أوسع من كل ذنب فعلتموه، وأكبر من أي قبح ارتكبتموه.. وما عليكم إلا أن ترجعوا إلى وتتوبوا إلى وأنا أقبل توبتكم وأحمد رجعتكم. لكل عاص أو مذنب استكثر ذنبه أو استعظمه، قد نادى عليك الله: (يا ابنَ آدمَ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لا تُشْرِكْ بِيْ شَيْئَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً)[المسند، وصحيح الترمذي]. وفي الحديث القدسي الآخر: (يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)[صحيح مسلم]. العودة للذنب بعد التوبة والعبد قد يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة مستلزمة لشروطها، ثم يستهويه الشيطان، ويغلبه الهوى فيعود لذنبه، فربما وسوس له الشيطان أن هذا تلاعب واستهزاء، وأن الله لا يقبل توبة مثل هذا، وإنما يريد أن يمنعه من العودة، ويقطع عليه طريق الرجوع، ويسد عليه باب التوبة فيهلك.. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع على الشيطان طريقه، وأوضح للعبد سبيله، ودعاه إلى مداومة التوبة مهما تاب وعاد، ومهما أقلع ورجع، فالباب مفتوح.. فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة قال: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي). أي أن العبد الذي يرتكب المعصية ثم يتوب توبة نصوحا عازما على عدم العودة، لكنه تزل قدمه ويقع مرة أخرى في الذنب، عليه أن يجدد التوبة، والله يتقبل منه ويغفر له بشرط أن تكون التوبة صادقة، وألا تكون مجرد تظاهر بذلك. وقد قيل للحسن: ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود؟، فقال: "ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملوا من الاستغفار". فعلى العبد أن يحسن ظنه بربه، وأن يتضرع إليه سبحانه أن يغفر له، ويتقبل منه، ويتوب عليه.. اللهم اجعلنا من التوابين، واجعلنا من المتطهرين.


وجدة سيتي
منذ 12 ساعات
- وجدة سيتي
حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))
حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) من المعلوم أن تصنيف الله عز وجل لعباده في القرآن الكريم، يقوم على أساس طبيعة صلتهم به . وهم باعتبار ذلك أصناف ثلاثة: إما مؤمنون به أو كافرون أو منافقون يبطنون كفرهم ، ويظهرون إيمانهم يخادعون بذلك المؤمنين، ويتوددون به إلى الكافرين ، وهم بذلك شر من هؤلاء . ولقد فصّل سبحانه تعالى في وصف ظاهر وباطن كل صنف من خلال سرد أحوالهم ، وأفعالهم ، وأقوالهم،ومواقفهم ، و ما تكون عليه مصائرهم الأخروية ، وذلك في سياق المقارنة بينهم . ومما شملته هذه المقارنة طبيعة العلاقة بين أفراد كل صنف داخل دائرة الإيمان أو دائرة الكفر والنفاق . ولقد جعل سبحانه الولاء جزءا من هذه العلاقة ، وهو لفظة من دلالاتها المحبة ، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص ، والتعاون … أما الولاء داخل دائرة الإيمان، فقد حدده الله تعالى في الآيتين الواحدة والسبعين والثانية والسبعين من سورة التوبة حيث قال : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم )) . وأما العلاقة داخل دائرة الكفر والنفاق فقد حددها في الآيتين السابعة والستين ، والثامنة والستين من نفس السورة بقوله تعالى : (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم )). لقد قابل الله عز وجل في هذه الآيات الأربع بين المؤمنين والمؤمنات من جهة وبين المنافقين والمنافقات من جهة أخرى . وأول ما يلاحظ أنه سبحانه وتعالى ذكر الجنسين معا في كل فئة حيث تقاسم أهل الإيمان محمدة ، بينما تقاسم أهل النفاق مثلبة . فإذا كان بين المؤمنين والمؤمنات ولاء بما له من دلالات على المحبة، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص … وهو ما يدل على وجود آصرة قوية بينهم مردها الولاء الذي مصدره ومعينه الإسلام الذي يتقاسمونه، وهو عروتهم الوثقى التي لا انفصام لها ، وهو ولاء هم فيه سواسية ينهلونه من نفس النبع، لا يفرق بينهم جنس ، فإنه لا ولاء بين المنافقين والمنافقات لغياب مصدره أو منهله عندهم ، ذلك لأنهم في سرهم على ملة الكفر ، وفي علانيتهم يدعون الإسلام كذبا وزورا، وهذا تناقض صارخ إذ كيف يكون للمنافقين والمنافقات ولاء وهم على هذه الحال ، وعروتهم منفصمة ، وهم هالكون جميعا تابعهم ومتبوعه ، ذكورهم وإناثهم. ويفصل الله تعالى بعد ذلك في ما يغذي الولاء بين المؤمنين والمؤمنات ،فهو أولا اجتماعهم على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ،وهم يقتبسون هذه السجية من مداومتهم لإقامة الصلاة التي هي عماد الدين ، حيث يجتمعون لأدائها خمس مرات في اليوم في حيز واحد هو بيت الله عز وجل، يستعرضون فيها هديه باستمرار، وهي بذلك محضن الاستقامة والهداية ، ومحضن المحبة بينهم ، وهي محبة تزداد قوة أيضا بإيتائهم الزكاة المحطمة لكل الفوارق المادية بينهم ،والواقية لشح أنفسهم، وهم في ذلك مطيعون لربهم سبحانه وتعالى، ولرسوله ائتمارا وانتهاء ،علما بأنهم لا يأمرون بمعروف إلا وهم مؤتمرون به ، ولا ينهون عن منكر إلا وهم منتهون عنه ، وتلك هي حقيقة طاعتهم . وتأتيهم البشارة السعيدة بعد ذلك وهي رحمة الله تعالى ، مع الخلد في جنات تجري من تحتها الأنهار في مساكن طيبة ،ورضوان منه ،الذي هو أكبر ما في بشارة ، وهو فوز عظيم . ويفصل الله تعالى فيما يغذي نفاق المنافقين والمنافقات ، فهو أولا أمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف ، ولا يأمر بمنكر إلا متورط فيه ، ولا ينهى عن معروف إلا ممتنع عنه . ولم يذكر الله تعالى إقامتهم للصلاة، لأنهم لم تكن لهم أصلا صلاة صحيحة ، وإن كانوا يحضرونها مع المؤمنين والمؤمنات في المساجد ، وذكر قبض أيديهم كناية عن شحهم وبخلهم ، فأنى يكون لهؤلاء محضن محبة بينهم ،وهم على هذه الحال التي سماها الله تعالى نسيانا منهم له ، ود جلب عليهم نسيانه لهم ، وحازوا وسم الفسوق، وهو الخروج عن شرع الله تعالى في كل أحوالهم ؟ وجاءهم وعيد الله تعالى، وهو الخلد في نار جهنم مع الكافرين، وهي حسبهم مع عذاب مقيم فيها مع لعنة لا تنفك عنهم أبدا ، ومن يلعن الله فلا نصير له . مناسبة حديث هذه الجمعة هو تذكير المؤمنين بنعمة الولاء الحاصل بسبب رابطة الإيمان والإسلام ، وتحذيرهم من الوقوع في آفة النفاق ،لأن الله تعالى لم يقتصر ذكره للمنافقين والمنافقات على أولئك الذين عاصروا البعثة النبوية، بل ذكرهم كنماذج متكررة عبر الزمان إلى قيام الساعة ، وتلك أحوالهم السيئة يومئذ تنبيها لمن يأتي بعدهم من المؤمنين كي لا يسقطوا فيها أو يتلبسوا بها سواء عن كان ذلك عن غفلة منهم أو عن وعي، وقصد، وسبق إصرار، كما أنه لم يقتصر ذكر أحوال المؤمنين والمؤمنات ممن عاصروا البعثة النبوية ، بل ذكرهم كي يُقتدى ويُتأسى بهم في كل عصر إلى قيام الساعة . ومن شاء اليوم من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة القرب بينه وبين أحوال أهل الإيمان، فليعرض نفسه على ما وصفهم به الله تعالى من أمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وإقامة للصلاة ،وإيتاء للزكاة ، وطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، مع صدق النية والقول والفعل في كل ذلك ، والحذر من الرياء المفضي إلى النفاق . ومن شاء من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة البعد بينه وبين أهل النفاق ، فلينظر مدى حذره مما وصفهم به الله تعالى من نهي عن المعروف، وأمر بالمنكر ، وشح، ومعصية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مع سبق الإصرار على الفسوق . ولقد وضع الله تعالى بين أيدي المؤمنين والمؤمنات معايير قياس درجة الإيمان ، ودرجة النفاق ، ولا عذرلأحد منهم إن لم يتحقق من توفره على ما يتحقق به الإيمان من صفات وأقوال وأعمال ، وما ينبغي عليه أن يتنكبه من صفات مفضية إلى آفة النفاق . وإننا في هذا الزمان لنواجه صراعا مريرا تدور رحاه بين أهل الإيمان وأهل الكفر ، وقد تخندق مع هؤلاء أهل النفاق ،وهم يسوقون قيم الكفر بيننا ، يأمرون بمنكرهم ، وينهون عن معروف أهل الإيمان ، ويتجلى ذلك بكل وضوح في دعوات البعض إلى كفرهم البواح الذي تشهد به عليهم ألسنتهم ، وكتاباتهم وما يخطون، وإلى فسوقهم الصراح الهادم لصرح العفة سمو القيم والأخلاق ، وإلى مطاعمهم ومشاربهم الحرام ، وإلى بخلهم المُشاع الذي يجعل الهوة سحيقة بين محاويج وأثرياء… إلى غير ذلك مما يسوق من أحوال الكافرين في بلاد الإسلام على أنه من القيم الإنسانية الراقية والحضارية على ما فيها من انحدار إلى الدرك الأسفل من السوء . ولقد فتن كثير من المؤمنين والمؤمنات بهذا الذي يسوقه بينهم منافقون ومنافقات من أحوال الكافرين والكافرات عن جهل وغفلة ،فيضيع بسبب انبهارهم بهم إيمانهم وهم لا يشعرون، ويزيدهم بعدا عنه أن الكافرين يوحون إلى المنافقين الموالين لهم، والذين الذين يعيشون بين ظهرانيهم إلى تشكيكهم في صدق أهل الإيمان ،والنفور منهم لصرفهم عنهم ، وسوقهم إلى مهاوي الهلاك ، وإنها لتصدق على زماننا هذا نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : » سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ، يُصدَّق فيه الكاذب ، ويُكذَّب الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة ، قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة » . اللهم لطفك بنا يا رب العالمين ، اللهم إنا نعوذ بك مما كان يتعوذ منه رسولك الكريم عليه الصلاة والسلام من شقاق، ونفاق ، ومن سوء الأخلاق . اللهم إن لك عبادا قد ظلموا في أرضك المقدسة ،وما حُوصروا ، وما جُوِّعوا، وما عُطِّشوا ، وما دُمرت مساكنهم فوق روؤسهم ، وما قُتِّلوا تقتيلا ، وما أُبيدوا إبادة منكرة جماعية إلا لأنهم مؤمنون ومؤمنات يوحدونك ، وقد رفضوا أن يظل مسجدك الأقصى معرضا للتدنيس ، ومهددا بالتدمير والزوال ، وقد شاءت إرادتك أن تمحصهم ببلاء عظيم ، وقد أظهروا صبرا وجلدا، وأنت أعلم بهم ، ولا نزكيهم عليك ، اللهم عجل لهم بفرج من عندك ، فقد تخلى عنهم الأقارب والأباعد، ولا مولى لهم إلا أنت ، اللهم أرهم في عدوهم يوما أسود كأيام عاد، وثمود ،وفرعون، وكل الطغاة الهالكين الغابرين من الظالمين. والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


العيون الآن
منذ 13 ساعات
- العيون الآن
14980 مترشحا لاجتياز امتحانات البكالوريا بجهة العيون الساقية الحمراء خلال دورة 2025 وسط مستجدات تنظيمية وتقنية
العيون الآن. الحافظ ملعين ـ العيون أعلنت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة العيون الساقية الحمراء عن تفاصيل تنظيم امتحانات البكالوريا لدورة 2025، والتي سيجتازها ما مجموعه 14.980 مترشحا ومترشحة، موزعين بين التعليم العمومي والخصوصي والتعليم الحر، وذلك في ظل مستجدات تنظيمية وتقنية تروم تحسين جودة العمليات وضمان الشفافية والنجاعة. ووفق المعطيات التي تم تقديمها، فقد بلغ عدد المترشحين الرسميين 9066، فيما بلغ عدد الأحرار 3574 مترشحا، إضافة إلى 2340 مترشحا للسنة الأولى بكالوريا. ويتوزع المترشحون على صعيد المديريات الإقليمية الأربع: العيون، السمارة، بوجدور، وطرفاية. وقد تم تحديد 14 يونيو 2025 كموعد لانطلاق الامتحانات، على أن تختتم العمليات المرتبطة بالدورة في 12 يوليوز 2025، وفق جدولة زمنية مفصلة تغطي جميع مراحل الإعداد والتنفيذ والتصحيح والإعلان عن النتائج. ومن أبرز المستجدات التي ستعرفها هذه الدورة: تثبيت ملصقات الترميز الإلكتروني مسبقا على أوراق التحرير لضمان سرية الهوية، باستثناء مواد معينة يتم فيها التثبيت داخل القاعات. اعتماد أجهزة المسح الضوئي لتسجيل النقط بمراكز التصحيح بعد قراءة الرموز الإلكترونية على أوراق التحرير. تنظيم دقيق للتعامل مع حالات الغياب والغش، حيث تعتمد إجراءات توثيق خاصة تضمن ضبط كل حالة بشكل منفصل ومحايد. إلزامية تسليم ورقة التحرير قبل توقيع محضر الحضور، مع تنظيم إداري صارم في حالة الامتناع عن ذلك. كما تم تحديث دفتر المساطر التنظيمية، حيث أصبحت المنظومة تعتمد على ثلاث منصات معلوماتية مترابطة (SAGE، MASAR، SI MEN) من أجل تدبير وتتبع جميع مراحل العملية الامتحانية رقميا، من إعداد المراكز واستخراج اللوائح ومحاضر الحضور، إلى تصحيح الأوراق والإعلان عن النتائج. وشددت الأكاديمية في ختام عرضها على أهمية التعبئة الشاملة لكل الأطر التربوية والإدارية من أجل ضمان نجاح هذا الاستحقاق الوطني، في إطار من الجدية والشفافية والمواكبة التقنية والتنظيمية الحديثة.