logo
‏الثورات وبريقها.. بين التجدد والالتفاف

‏الثورات وبريقها.. بين التجدد والالتفاف

اليوم الثامنمنذ 8 ساعات

في مسار كل ثورة، لحظة فارقة تتراجع فيها الشعارات المضيئة، ويبدأ البريق الذي أشعل الجماهير يخفت تدريجيًا. ذلك لا يعني بالضرورة فشل الثورة، بل قد يكون نتيجة طبيعية لتحولها من حالة نضال شعبي مفتوح إلى واقع سياسي يفرض تحدياته، ويفرض معها حسابات وتسويات قد تبدو، أحيانًا، مناقضة للوهج الثوري الأول.
فحين تحقق الثورة بعضًا من أهدافها، وتلامس السلطة أو تشارك فيها، تنتقل إلى مرحلة أكثر تعقيدًا. الشعارات تُختبر على أرض الواقع، والهتافات تتحول إلى برامج، والقرارات تُتخذ في الغرف المغلقة بدلًا من الساحات المفتوحة. هنا، إن لم تجد الثورة القدرة على تجديد نفسها، واستعادة بريقها من جديد، فإنها تخاطر بأن تتحول إلى كيان إداري خالٍ من الروح، أو أداة بيد قوى أخرى.
الثورة الناجحة ليست تلك التي تبلغ السلطة فحسب، بل هي التي تحافظ على نبضها ومبادئها وتظل متصلة بجمهورها، قادرة على التكيّف دون التفريط، والتقدّم دون الانزلاق في التسويات الفارغة. وهنا، لا بد من الاعتراف أن كل ثورة تمرّ بتحديات خطيرة تُعرف بما يُسمّى "الثورة المضادة"؛ تلك القوى التي تتسلّل باسم الشراكة أو المصالحة أو حتى الحياد، لتعيد إنتاج النظام القديم بثوب جديد.
وفي حالتنا نحن، يفرض الواقع سؤالًا ملحًا: هل نشهد اليوم تخادمًا واضحًا للالتفاف على ثورتنا الجنوبية، تحت عناوين إقليمية أو داخلية؟ وهل مسار السلام المطروح يخدم حقًا تطلعات شعب الجنوب، أم أنه يُدار وفق مصالح تتناقض مع مشروعنا الوطني التحرري؟
إننا لا ننكر وجود قصور ذاتي في العمل الثوري الجنوبي، لكننا نملك من الوعي والإرادة ما يمكّننا من تصحيحه. فالمرحلة التي نعيشها باتت تكشف للجميع أن التفاهمات السابقة – التي بُنيت على توازنات هشّة – لم تعد قائمة، بل تحوّلت إلى أدوات ضد مصلحة شعبنا، بل وضد جوهر مشروعنا الثوري.
ومن المهم أن نستحضر بعض النماذج من محيطنا العربي، لنستخلص منها الدروس والعبر:
الثورة المصرية (2011): أسقطت نظام حسني مبارك، لكنها فشلت في الحفاظ على وحدتها، مما مهد الطريق لعودة الدولة العميقة بأدوات أكثر صلابة.
الثورة الليبية (2011): أزاحت القذافي، لكنها سقطت في فخ الميليشيات والصراع الدولي بسبب غياب القيادة الموحدة.
الثورة اليمنية (2011): أخرجت علي عبدالله صالح من الحكم، لكن لم تستطع بلورة مشروع وطني جامع، فغرقت البلاد في الفوضى والصراعات.
إن ما يجمع بين هذه النماذج هو أن كل واحدة منها فقدت بريقها عندما غاب المشروع الجامع، وتقدّمت الحسابات الضيقة، أو وقعت فريسة لتدخلات الخارج.
ختامًا، نحن أمام لحظة فاصلة. على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يعيد بوصلته نحو الجماهير، وأن يعود إليهم ليستمد شرعيته ويدفع بمسيرة الثورة قدمًا. لم يعد بالإمكان المراهنة على تفاهمات قائمة على مصالح تتصادم مع تطلعات شعبنا، بل بات واضحًا أن المواجهة مع من يحاولون الالتفاف على مشروعنا أصبحت حتمية.
الثورات لا تموت، لكنها قد تُختطف إذا لم نكن يقظين. فلنكن على قدر المرحلة، ولنجعل من هذه اللحظة فرصة لإعادة البريق إلى ثورتنا، واستكمال طريقنا حتى تحقيق كامل الأهداف.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية في «وول ستريت»
انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية في «وول ستريت»

الجريدة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجريدة

انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية في «وول ستريت»

هوت مؤشرات الأسهم الأمريكية اليوم الجمعة في «وول ستريت» مسجلة خسائر بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددا بفرض رسوم جمركية على شركة «أبل» وقراره بفرض رسوم جمركية جديدة أكثر صرامة على الاتحاد الأوروبي. وانخفض في ختام تداولات الأسبوع كل من مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» 39.19 نقطة أو ما يعادل 0.67 بالمئة من قيمته ومؤشر «داو جونز الصناعي» 256.02 نقطة أو ما يعادل 0.61 بالمئة من قيمته ومؤشر «ناسداك المركب» 188.53 نقطة أو ما يعادل 1.00 بالمئة. وجاء الهبوط الجماعي للأسهم الأمريكية بعد أن صعد الرئيس ترامب في وقت سابق من اليوم من التوترات التجارية بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي ابتداء من مطلع يونيو المقبل لأن «المحادثات التجارية مع التكتل تراوح مكانها». كما طالب ترامب في منشور على موقعه للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» - شركة «أبل» بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة وإلا سيتم فرض رسوم جمركية عليها بنسبة 25 بالمئة.

الرئيس التركي يعلن السنوات العشر المقبلة عقد الأسرة والسكان في تركيا
الرئيس التركي يعلن السنوات العشر المقبلة عقد الأسرة والسكان في تركيا

الجريدة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجريدة

الرئيس التركي يعلن السنوات العشر المقبلة عقد الأسرة والسكان في تركيا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة أن السنوات العشر المقبلة ستكون «عقد الأسرة والسكان» في تركيا. وحذر أردوغان في كلمة خلال المنتدى الدولي للأسرة الذي انطلق أمس الخميس واختتم في مدينة إسطنبول اليوم من انخفاض معدل الإنجاب في تركيا إلى 1.48 بالمئة لأول مرة في تاريخ الجمهورية معتبرا أن ذلك يشكل كارثة. وأكد أن الحداثة القائمة على مفهومي الفردية وعدم تكوين أسرة لا يمكن أن تجلب الطمأنينة لا للفرد ولا للمجتمع معربا عن أسفه لكون أسلوب الحياة الذي يعطي الأولوية للراحة الشخصية ينتشر بسرعة في المجتمع بدءا من الشباب. ولفت إلى أن الفاعلين في السوق العالمي لا يريدون البنية الأسرية القائمة على التضامن مشددا على أن «مكافحة الانحراف والمثلية تمثل نضالا من أجل الحرية والكرامة وإنقاذ مستقبل البشرية». وأشار الرئيس أردوغان إلى تعرض فنانين ورجال أعمال وساسة وعلماء لحملات تشويه لمجرد أنهم ينتقدون آفة المثلية موضحا أن المنتدى يشارك فيه وزراء من 26 دولة ما يظهر الأهمية التي توليها تلك الدول لمؤسسة الأسرة. ورأى أن لمؤسسة الأسرة دورا لا غنى عنه في استمرار الجنس البشري حيث إنها تعتبر دعامة أساسية لتماسك المجتمع. واعتبر أردوغان أن من واجب الجميع مقاومة كافة أنواع التهديدات والهجمات التي تستهدف مؤسسة الأسرة كما ينبغي عليهم إعلاء شأن العائلة وتعزيز دورها. وينظم المنتدى الدولي للأسرة تحت شعار (حماية الأسرة وتعزيزها في ظل عالم متأثر بالعولمة) ويعقد ضمن نطاق عام الأسرة 2025 الذي أعلنه أردوغان سابقا. كما ناقش المنتدى عدة مواضيع مثل التهديدات العالمية التي تواجهها الأسرة وتأثيرات الرقمنة على الأسرة والتحولات الثقافية والاتجاهات الديموغرافية فضلا عن قضايا عالمية متعلقة بالأسرة في الجلسة الوزارية بعنوان (دمج السياسات التي تركز على الأسرة: الجهود الوطنية والدولية). وناقش كذلك مواضيع عديدة من بينها (تكلفة التهديدات العالمية على الأفراد والأسر والمجتمع) و(بين الخيال والواقع: الأسرة في الثقافة والفنون والإعلام) و(الأسرة في عصر الشاشات) و(خرافة الاكتظاظ السكاني: كيف ساهمت الأجندة العالمية في انخفاض عدد السكان).

قاضية توقف قرار إدارة ترامب بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب
قاضية توقف قرار إدارة ترامب بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب

الجريدة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجريدة

قاضية توقف قرار إدارة ترامب بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب

أوقفت قاضية أمريكية اليوم الجمعة قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب، وهي خطوة كانت تهدف إلى تعزيز جهود البيت الأبيض لمواءمة الممارسات الأكاديمية مع سياسات الرئيس. ووصفت هارفارد في شكوى قدمتها إلى المحكمة الاتحادية في بوسطن في وقت سابق من اليوم هذا الإجراء بأنه «انتهاك صارخ» للدستور الأمريكي والقوانين الاتحادية الأخرى. ووصفت الجامعة قرار ترامب بأن له «تأثيرا فوريا ووخيما» على الجامعة وعلى أكثر من سبعة آلاف من حاملي التأشيرات. وقالت هارفارد «بجرة قلم، سعت الحكومة إلى طرد ربع طلاب الجامعة، وهم طلاب أجانب لهم إسهامات كبيرة في الجامعة ورسالتها». وأضافت الجامعة التي أُنشئت قبل 389 عاما «هارفارد لن تكون هارفارد بدون طلابها الأجانب». وأصدرت قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية أليسون بوروز، التي عينها الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، أمرا مؤقتا بتجميد القرار. وأصدرت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أمس الخميس قرارا بإنهاء اعتماد برنامج هارفارد للطلاب وتبادل الزوار اعتبارا من العام الدراسي 2025-2026. واتهمت نويم هارفارد «بالتحريض على العنف ومعاداة السامية والتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني». وسجلت هارفارد ما يقرب من 6800 طالب أجنبي في عامها الدراسي الحالي، أي ما يعادل 27 بالمئة من إجمالي الطلاب المسجلين، وذلك وفقا لإحصاءات الجامعة. وأشارت إلى أن القرار سيجبرها على العدول عن قبول آلاف الطلاب، وسيؤدي إلى إرباك عدد لا يُحصى من البرامج الأكاديمية والعيادات والدورات ومختبرات الأبحاث قبل أيام قليلة من التخرج. وتعد هذه الخطوة تصعيدا جديدا في صراع أوسع بين جامعة هارفارد والبيت الأبيض، إذ تسعى الإدارة التي يقودها الجمهوريون إلى إجبار الجامعات وشركات المحاماة ووسائل الإعلام والمحاكم وغيرها من المؤسسات، التي تعتز باستقلاليتها عن السياسات الحزبية، إلى أن تكون متوافقة مع أجندتها. وتصدت جامعة هارفارد بقوة لترامب ورفعت دعوى قضائية سابقا لاستعادة منح اتحادية تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار تم تجميدها أو إلغاؤها. واقترحت الإدارة أيضا في الأسابيع الماضية إنهاء وضع الإعفاء الضريبي لجامعة هارفارد وزيادة الضرائب على صندوقها الاستثماري وفتحت تحقيقا فيما إذا كانت تنتهك قوانين الحقوق المدنية. ووصف ليو جيردن، وهو طالب سويدي من المقرر أن يتخرج من جامعة هارفارد بدرجة البكالوريوس في الاقتصاد والحكومة هذا الشهر، قرار القاضية بأنه «خطوة أولى عظيمة» لكنه أشار إلى أن الطلاب الأجانب يستعدون لإجراءات قانونية مطولة ستبقيهم في حالة من الترقب والانتظار. وأردف جيردن قائلا «لا يمكن لأي قرار منفرد من ترامب أو هارفارد أو أي قاض أن يضع حدا لهذا الاستبداد الذي يمارسه ترامب». وتعتزم إدارة ترامب الطعن في قرار القاضية بوروز. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون في بيان «ليس للقضاة غير المنتخبين الحق في منع إدارة ترامب من ممارسة سلطتها المشروعة على سياسات الهجرة والأمن القومي». ومنذ تنصيب ترامب في 20 يناير كانون الثاني، تتهم إدارته عدة جامعات بالتغاضي عن مصلحة الطلاب اليهود خلال الاحتجاجات الواسعة ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة. وتشير جامعة هارفارد إلى أن خُمس طلابها الأجانب في عام 2024 كانوا من الصين. وتؤكد الجامعة التزامها بالتصدي لمعاداة السامية والتحقيق في الادعاءات الموثوقة بانتهاك الحقوق المدنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store