
رحيل صوت الحرية في الأدب العربي المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عامًا المتمرّد الذي ظلّ وفيًا للكتابة
عرف صنع الله إبراهيم بكتاباته التي مزجت بين الطابع التوثيقي والسرد الإبداعي، إذ كانت أعماله بمثابة أرشيف أدبي يوثق لتحولات المجتمع المصري منذ النصف الثاني من القرن العشرين وحتى الألفية الثالثة. بدأ مشواره كصحفي في وكالات أنباء مصرية وأجنبية، منها وكالة أنباء الشرق الأوسط والوكالة الألمانية في ألمانيا الشرقية، لكن التجربة الصحفية كانت بالنسبة له أكثر من مهنة، إذ ظل في كل ما كتبه "الصحفي المؤرّخ"، الذي ينقل تفاصيل اللحظة بلغة أدبية دقيقة، تختلط فيها السرديات الفردية بالشواهد الواقعية والوثائق والأرشيف، ليمنح رواياته بعدًا توثيقيًا يندر في الرواية العربية.
ولد صنع الله في القاهرة عام 1937، وقد حمل اسمًا غير مألوف ألهمه والده من القرآن الكريم عندما فتح المصحف عشوائيًا فوقعت أصابعه على آية "صُنع الله الذي أتقن كل شيء" من سورة النمل. هذه الفرادة في الاسم رافقته طوال حياته، ليس فقط كلقب، بل أيضًا في طريقة تشكيله لمشروعه الأدبي والفكري المختلف. انخرط مبكرًا في العمل السياسي، وكان عضوًا في الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني "حدتو"، والتي كانت إحدى الجماعات الشيوعية السرية في مصر. وفي عام 1959، اعتقل ضمن حملة أمنية واسعة شنّها نظام جمال عبد الناصر على الشيوعيين، وقضى نحو ست سنوات متنقلاً بين سجون القلعة وأبو زعبل والواحات. في تلك السنوات تكوّن وعيه الأدبي العميق، حيث قرأ بكثافة وتفاعل مع تيارات فكرية متعددة، ودوّن لاحقًا تلك التجربة في كتابه "يوميات الواحات"، مؤكدًا أن السجن كان "جامعته الحقيقية".
تميّزت أعمال صنع الله إبراهيم بأسلوب يميل إلى التقشف اللغوي والاقتصاد في التعبير، وهو ما جعله يُقارن أحيانًا بالكاتب التشيكي فرانز كافكا، خاصة في رواياته التي تجسّد أجواء الغرابة والعبث والمجتمع القمعي. روايته الأولى "تلك الرائحة" (1966) أثارت جدلًا كبيرًا عند صدورها، إذ رُفضت من الرقابة بدعوى البذاءة وصودرت، لكنها أصبحت لاحقًا علامة فارقة في الرواية العربية الحديثة، لما تحمله من سرد وجودي عن شاب يخرج من السجن ليجد نفسه غريبًا في مجتمع فقد معناه. أشهر رواياته "اللجنة" (1981) قدمت نقدًا رمزيًا لحقبة الانفتاح الاقتصادي في عهد أنور السادات، حيث يصطدم البطل بلجنة غامضة تتحكم في مصيره في عالم يتسلل فيه الاستبداد عبر تفاصيل الحياة اليومية، إلى درجة أن إحدى شخصيات الرواية كانت زجاجة كوكاكولا.
في رواية "ذات" التي تحولت إلى مسلسل درامي شهير، تناول صنع الله التحولات السياسية والاجتماعية في مصر عبر حياة بطلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، واستطاع أن يُدخل الأرشيف الصحفي كجزء عضوي من السرد الروائي، مستعرضًا عبره مسيرة الدولة المصرية من عهد عبد الناصر إلى عهد مبارك. ومن بيروت إلى سلطنة عمان، تنوعت تجاربه الروائية، كما في "بيروت بيروت" التي كتبها بعد زيارة قصيرة للعاصمة اللبنانية خلال هدنة في الحرب الأهلية، و"وردة" التي رصدت تجربة ثورة ظفار في سلطنة عمان من خلال قصة مناضلة شيوعية، وكلها عكست اشتغاله العميق على الوثيقة كأداة لتوسيع الرواية نحو فضاء تاريخي وواقعي أكثر غنىً.
من المواقف اللافتة في مسيرته، رفضه تسلّم جائزة الرواية العربية عام 2003، معلنًا خلال الحفل الرسمي أن سبب الرفض يعود إلى أن الجائزة "صادرة عن حكومة تقمع شعبنا وتحمي الفساد"، منتقدًا في كلمته أيضًا سياسة التطبيع مع إسرائيل، والعجز السياسي الداخلي، والانقياد للهيمنة الأمريكية. هذه اللحظة كرّسته بشكل نهائي كصوت مستقل لا ينتمي إلا إلى ضميره الثقافي والسياسي. لاحقًا، علّق على ثورة يناير 2011 بالقول إنها لم تكن ثورة بالمعنى الكامل، بل "انتفاضة شعبية" لم تُفضِ إلى تغيير جذري في البنية السياسية والاجتماعية.
في سنواته الأخيرة، تراجعت الأضواء من حوله، لكن بقي اسمه حاضرًا في وجدان القرّاء والنقاد والباحثين، حتى عاد إلى الواجهة مجددًا في مارس 2025، حين ناشد مثقفون الدولة المصرية التدخل لتغطية تكاليف علاجه، وهي استجابة رأى كثيرون أنها جاءت متأخرة. أعادت هذه الأزمة الصحية النقاش حول دور الدولة في رعاية رموزها الثقافية، خصوصًا ممن أسهموا في بناء الوعي العربي وطرحوا خطابًا نقديًا عابرًا للأجيال.
برحيل صنع الله إبراهيم، تطوي الرواية العربية صفحة من صفحاتها الأجرأ والأكثر التزامًا، إذ كان الكاتب الذي لم يهادن في مواقفه، ولم يتخلّ عن قناعته بأن الكتابة لا تُمارس للزينة، بل بوصفها أداة للمواجهة، والمساءلة، وفضح القهر، والاحتفاء بالحرية والكرامة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الآن
منذ 2 ساعات
- مراكش الآن
إقليم الصويرة.. قبيلة أولاد تيدرارين الأنصار تحيي موسمها السنوي في نسخته الـ49
تحيي قبيلة أولاد تيدرارين الأنصار، المنحدرة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، بين 15 و18 غشت الجاري، بتراب جماعة أولاد امرابط التابعة لإقليم الصويرة، موسمها الثقافي والديني في نسخته الـ49، وذلك تحت شعار 'أولاد تيدرارين الأنصار: تجند ووفاء لتكريس سياسة التعاون والحكامة الجيدة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده'. وجرى حفل الافتتاح، الذي نظمته جمعية أولاد تيدرارين الأنصار للتنمية والثقافة والمحافظة على التراث، اليوم السبت، بحضور، على الخصوص، عامل إقليم الصويرة محمد رشيد، والسلطات المحلية، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، وعدد من أعيان القبيلة ووجهائها، وشخصيات وضيوف من موريتانيا ومالي، إلى جانب فعاليات من المجتمع المدني. ويشكل هذا الحدث مناسبة لتأكيد قبيلة أولاد تيدرارين عن تجندها الدائم وراء القيادة الرشيدة لجلالة الملك، ووفائها لقيم التضامن والوحدة، واستعدادها للمساهمة في كل المبادرات الرامية إلى تنمية الأقاليم الجنوبية وصيانة مغربيتها الراسخة. وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس جمعية أولاد تيدرارين الأنصار للتنمية والثقافة والمحافظة على التراث، عبد الرزاق تيدرارين، أن 'تنظيم هذه الدورة يأتي في سياق الوفاء للتقاليد العريقة للقبيلة، وتجديد العهد على التشبث بثوابت الأمة'. وأضاف تيدرارين أن الموسم يشكل أيضا مناسبة لتجديد 'التعبئة الشاملة من أجل الدفاع عن مغربية الصحراء، انسجاما مع الرؤية الملكية السامية، وتأكيدا على الانخراط الفعلي في المسار التنموي الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية للمملكة'. من جانبه، أوضح رئيس الجماعة الترابية أولاد امرابط، جمال خنبوبي، أن 'دور الموسم لا يقتصر على الجوانب الروحية والثقافية، بل يسهم أيضا، في إنعاش الحركة الاقتصادية المحلية، من خلال إقبال الزوار على اقتناء المنتجات التقليدية، والاستفادة من الخدمات، مما يضفي على المنطقة حركية تجارية ملحوظة طيلة أيام الحدث'. وتضمن اليوم الثاني من برنامج هذا الموسم، تنظيم ندوتين حول 'العدالة المجالية والحكم الذاتي' و'العلاقات المالية المغربية والمبادرة الأطلسية .. ديناميكية إفريقية تسترشد بالرؤية الملكية الحكيمة'. وخلال الندوة الأولى، سلط المتدخلون الضوء على المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها مقترحا جادا وواقعيا لحل النزاع حول الصحراء المغربية، مبرزين أن العدالة المجالية تمثل ركيزة أساسية في النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية. وتوقف المتدخلون، في الندوة الثانية، عند الأبعاد الاستراتيجية لمبادرة المغرب الهادفة إلى جعل الواجهة الأطلسية فضاء للتعاون جنوب-جنوب، الأمر الذي يعزز من التكامل الاقتصادي بين دول القارة. وأبرز نائب رئيس المجلس الاستشاري الدائم لدى اتحاد غرب إفريقيا الاقتصادي والنقدي عن مالي، عبد المجيد أغ محمد أحمد الأنصاري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب، بفضل القيادة الرشيدة لجلالة الملك، يعمل على ربط التنمية المحلية بالأقاليم الجنوبية بالدينامية الإفريقية الأوسع، مما يعزز موقع المملكة كجسر للتواصل الإقليمي. وذكر بأن مالي تربطها علاقات تاريخية وروحية راسخة بالمملكة، مؤكدا أن المغرب، من خلال مبادرته الأطلسية، لا يفتح فقط آفاق تعاون اقتصادي واعد، بل يعيد وصل الماضي بالحاضر عبر تعزيز الروابط التاريخية مع مالي، وضمان مستقبل قاري أكثر تكاملا ووفاء للمشترك الإفريقي. وفي ختام حفل افتتاح هذه التظاهرة، تضرع الحضور إلى العلي القدير بأن يحفظ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، وبأن يطيل عمر جلالته، ويسدد خطاه، ويكلل أعماله بالتوفيق، خدمة لتقدم وازدهار المملكة، وبأن يقر عين جلالته بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. وتتواصل فعاليات هذا الموسم الديني والثقافي ببرنامج متنوع يجمع بين البعد الروحي والإشعاع الفني، من خلال عروض في فن الفروسية التقليدية (التبوريدة) وفقرات فنية مستوحاة من الذاكرة الحسانية، تعكس غنى هذا التراث المتجذر في وجدان ساكنة الأقاليم الجنوبية.


أريفينو.نت
منذ 2 ساعات
- أريفينو.نت
المجلس العلمي بالناظور يكرم المشاركين في الدورة الصيفية في حفل ختامي بهيج
أريفينوا: جيلالي خالدي احتفاء بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، وتنزيلا لمشروع خطة تسديد التبليغ، نظم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور بتنسيق مع المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية حفلا قرآنيا تكريميا للمشاركين في الدورة الصيفية لتحفيظ القرآن الكريم يوم السبت 22 صفر 1447هـ، الموافق ل 16 غشت 2025م برحاب مسجد محمد السادس بالناظور الجديد. وقد كانت فقرات برنامج هذا الحفل على الشكل الآتي: • الافتتاح بقراءة جماعية لسورة الفجر. • كلمة تقديمية ترحيبية للأستاذ: عبد السلام السقالي عضو المجلس العلمي المحلي الذي أشرف على تسيير فقرات هذا الحفل البهيج. • فقرات إنشادية من أداء مجموعة من تلاميذ وتلميذات وبراعم مختلف مراكز الدورة الصيفية لتحفيظ القرآن الكريم بالإقليم. • كلمة ماتعة وبليغة ألقاها الطفل: محمد أمين برمو باسم الأطفال المشاركين في الدورة الصيفية، أبهرت جموع الحاضرين ونالت إعجابهم. • قصيدة شعرية بعنوان: (خدمة الوحي) من إبداع الأستاذ: عبد الواحد أزحاف نوه فيها بأنشطة المؤسسة العلمية برئاسة العلامة سيدي ميمون بريسول، وبجهود مدرسة الإمام مالك الخاصة للتعليم العتيق بالناظور التي تخرج بها، وأصبح الآن أحد أساتذتها وأطرها التربوية. • قراءات قرآنية فردية شنفت أسماع الحاضرين للتلاميذ والتلميذات المستفيدين من الدورة الصيفية الحافظين للقرآن الكريم. • كلمة توجيهية بالمناسبة تفضل بها السيد رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور فضيلة العلامة: سيدي ميمون بريسول استهلها بالترحيب بالحضور الكرام، وبالسيد رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم كرسيف فضيلة الدكتور: عزيز حفياني الذي أبى إلا أن يشارك المؤسسة العلمية بالناظور في هذا الحفل المتميز. وبعد شكر الله تعالى على نعمة التوفيق والتسديد، وعلى نعمة القرآن الهادي إلى أقوم طريق، توجه فضيلته بالشكر الجزيل لأعضاء المجلس العلمي المحلي رجالا ونساء وللمرشدين والمرشدات والمحفظين والمحفظات على الجهود المبذولة في خدمة القرآن الكريم وأهله، ثم أكد على أهمية هذه الدورة القرآنية في حفظ أبنائنا وبناتنا من سبل الرذيلة والانحراف مشيرا إلى أن من بركة هذه الدورة الصيفية أنها تمخض عنها حفظ خمسة من المتمدرسن والمتمدرسات للقرآن الكريم كله، بسبب مواصلتهم للحفظ، وترددهم على الكتاب القرآني في أوقات فراغهم. وفيما يخص الإحصائيات المتعلقة بالدورة الصيفية أشار فضيلته إلى أنها انطلقت هذه السنة في: 218 مركزا، وبلغ عدد المستفيدين منها: 7000 مستفيدا ومستفيدة. وفي ذات السياق هنأ فضيلته التلاميذ والتلميذات المستفيدين من الدورة، كما هنأ آباءهم وأمهاتهم على حسن توجيههم ورعايتهم لأبنائهم حينما أرشدوهم إلى الكتاب القرآني الذي يعد الملاذ الآمن في ظل التحديات الراهنة. وفي الختام نبه فضيلته على أن المغرب بلد القرآن منذ أن وطئت أقدام الفاتحين أرضه وإلى اليوم، أحب من أحب وكره من كره، وسيظل محفوظا بالقرآن الكريم تحت القيادة الرشيدة لمولانا أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله وأيده. • كلمة بالمناسبة للسيد رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم: كرسيف فضيلة الدكتور: عزيز حفياني شكر في مفتتحها المجلس العلمي بالناظور على دعوته الكريمة للحضور في هذا الجمع الذي ترجى بركته، وتغتنم أوقاته. ثم ذكر فضيلة الدكتور الحضور الكرام بمقتطفات من وصايا أبي إسحاق الإلبيري (ت 460 هـ) لولده أبي بكر في تائيته المشهورة، كما قدم جملة من النصائح والتوجيهات السديدة للتلاميذ والتلميذات المستفيدين من الدورة، ولآبائهم وأمهاتهم فيما يخص العناية بالقرآن الكريم، والحرص على حفظه وتدبره، مشيرا في الختام إلى أن المغاربة مشهورون بالقرآن الكريم، ومشهود لهم بحفظه من لدن العلماء المشارقة. • فقرة التكريمات وكانت على الشكل التالي: 1. التكريم الذي حظي به الأكثر حفظا من المستفيدين والمستفيدات من الدورة الصيفية، بمختلف مراكز الإقليم، وكان ذلك عبارة عن مبالغ مالية مهمة، ومصاحف محمدية شريفة موزعين على سبع فئات وهي: ـ فئة (60 حزبا) وعددها: 5 أطفال. ـ فئة (30 حزبا إلى 54 حزبا) وعددها: 8 أطفال. ـ فئة (20 حزبا إلى 28 حزبا) وعددها: 13 طفلا. ـ فئة (15 حزبا إلى 19 حزبا) وعددها: 12 طفلا. ـ فئة (10 أحزاب إلى 14 حزبا) وعددها: 19 طفلا. ـ فئة (5 أحزاب إلى 9 أحزاب) وعددها: 37 طفلا. ـ فئة (حزب واحد إلى 4 أحزاب) وعددها: 118 طفلا. وقد أشرف على تنظيم هذه الفقرة الأستاذ عبد المجيد الإدريسي منسق أعمال المرشدين. 2. إجراء قرعة للمحفظين والمحفظات طيلة السنة، وأخرى للمحفظين والمحفظات خلال الدورة الصيفية، فتمخض عن ذلك تكريم أربعة منهم بعمرة، وهم: ـ المحفظ: رشيد الديب بمركز: بدر بجماعة: حاسي بركان. ـ المحفظ: عبد الرزاق بوقطيب بمركز: بودواسر بجماعة: بوعرك. ـ المحفظة: حادة الدحماني بمركز: السلام بجماعة: العروي. ـ المحفظة: نوال صوالح بمركز: مدرسة براقة: بمدينة الناظور. وقد أشرف على تنظيم هذه الفقرة الأستاذ: عبد الحميد معيوف عضو المجلس العلمي المحلي. • الختم بالدعاء الصالح لمولانا أمير المؤمنين محمد السادس حامي حمى الملة والدين، ولعموم المسلمين تولاه الدكتور: عمر أفقير عضو المجلس العلمي المحلي بالناظور.


LE12
منذ 4 ساعات
- LE12
الدبلوماسية الأمريكية المغربية فدوى مساط تكتب. هاته قصتي من وزان إلى واشنطن
تقول فدوى مساط، 'لقد كانوا مستغربين كيف تكون سيدة تشبههم، تتحدث لهجتهم بلكنة وزانية واضحة ضمن وفد أمريكي يتحدث عن شؤون عليا حساسة تهم العلاقات البلدين' . * فدوى مساط قبل أكثر من عشرين عاما، رتبتُ ذكرياتي وأحلامي بعناية في حقيبة سفر ضخمة وعانقتُ والدتي الباكية بحرارة في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وهاجرتُ إلى أمريكا التي صارت وطنا بديلا لأكثر من عقدين الآن.. منذ استقراري في أمريكا، تنقلتُ بين عدد من المناصب الإعلامية، وأطلقتُ منصة ' زرتُ خلال هذه السنوات عددا من دول العالم ممثلة عن الخارجية الأمريكية منها بريطانيا، الإمارات، الكويت، الأردن وتركيا.. لكن الزيارة الرسمية الأقرب إلى قلبي كانت تلك التي زرتُ خلالها المغرب السنة الماضية ضمن وفد دبلوماسي أمريكي التقى عددا من المسؤولين المغاربة والمسؤولين الدبلوماسيين بالسفارة الأمريكية بالرباط والقنصلية العامة بالدار البيضاء. شعرتُ بفخر شديد خلال المحادثات الدبلوماسية الثنائية لأنني ابنة تلك الأرض الطيبة، رضعتُ حليب والدتي الوزانية البسيطة الفاضلة التي ربت أطفالها الكثر على العفة والاجتهاد رغم ضيق ذات اليد، وأوصتني دائما أن أكون فحلة.. كنتُ أبتسم في وجه المسؤولين المغاربة الحائرين الذين استقبلوا الوفد الدبلوماسي الأمريكي. لقد كانوا مستغربين كيف تكون سيدة تشبههم، تتحدث لهجتهم بلكنة وزانية واضحة ضمن وفد أمريكي يتحدث عن شؤون عليا حساسة تهم البلدين. داخل مقر القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء وخلال الاستقبال الرسمي من القنصل الأمريكي العام، ابتسمتُ من أعماق قلبي حين تذكرتُ مقابلة الفيزا التي أجريتها قبل عشرين عاما في هذه القنصلية بالضبط، وكانت خلال سنة تخرجي من المعهد العالي للإعلام والاتصال. تذكرتُ كيف استيقظت والدتي رحمها الله فجرا وأطالت الدعاء بعد صلاتها كي أتوفق في الحصول على الفيزا. وكيف استقليتُ القطار بتوتر شديد ووقفتُ في صف طويل وأجبتُ على أسئلة الفيزا وأنا 'مخلوعة'.. ها أنا اليوم أعود للقنصلية كدبلوماسية أمريكية فخورة بهويتها المغربية.. شعرتُ بسعادة غامرة وأنا أشرحُ لزملائي بالسفارة الأمريكية بالرباط أنني ابنة تلك الأرض الطيبة، وأنني تخرجت من مدارسها العمومية المجانية وابنة مدينة وزان الجميلة التي أفخر دائما بانتمائي لها والحديث بلهجتها العذبة المميزة.. ستظلُ زيارتي للمغرب أجمل مهمة رسمية قمتُ بها خلال عملي بوزارة الخارجية الأمريكية، وشعور الفخر الذي رافقني خلال تلك الزيارة لن يفهمه ربما سوى مهاجر حمل طفولته وذكرياته في حقيبة وترك أحباءه خلفه لبناء حياة جديدة وتحقيق أحلامه المهنية الشاهقة في وطن بديل. * دبلوماسية أمريكية من أصول مغربية