logo
«بيان الحلم» يعود إلى الساحة: سمير قصير «حيٌّ» في بيروت

«بيان الحلم» يعود إلى الساحة: سمير قصير «حيٌّ» في بيروت

الشرق الأوسطمنذ 14 ساعات

في قلب العاصمة بيروت، وفي ساحة تحمل اسمه وتنبض بروحه، ارتفع صوت سمير قصير مجدّداً، من أعماق «بيان الحُلم» الذي كتبه ذات زمن، حين كان الحلم لا يزال مشروعاً قابلاً للكتابة. هناك، حيث الجرح مفتوح منذ 2 يونيو (حزيران) 2005، عاد صدى القلم المُشعّ يلامس حجارة المدينة وحديقتها وشجرها، عبر تجهيز فنّي صوتي صمّمه روي ديب، ضمن فعاليات مهرجان «ربيع بيروت» الذي يُقام كل عام في ذكرى اغتيال الصحافي الذي لم يمت في الوعي الجمعي.
اختار ديب أن يبني عمله الفنّي على «بيان الحلم» تحديداً؛ أحد أبرز مقالات سمير قصير في جريدة «النهار»، لرمزيّته ولِما يحمله من أفكار لا تزال، بعد عقدين على رحيل كاتبها، تنبض بالحاجة وتصرخ بالحقيقة. «حين نُصغي إلى كلماته اليوم، تبدو مراجعةً مُجدَّدة لفكره»، يقول ديب لـ«الشرق الأوسط»: «كأننا لا نزال عالقين في المطالب نفسها، في الهمّ نفسه».
التجهيز الفنّي الصوتي صمّمه روي ديب في الساحة المُتاحة للجميع (الشرق الأوسط)
ما يجعل التجهيز مؤثّراً أكثر، هو أنّ الصوت الذي يُسمع في الساحة، ليس لسمير، وإنما لصديقه المقرَّب، الروائي الراحل إلياس خوري، الذي سجّل بصوته نصّ «بيان الحلم». فيقول ديب: «منذ البداية أردنا توجيه التحية إلى 3 حالمين: سمير قصير، وزوجته الإعلامية الراحلة جيزيل خوري، وإلياس خوري. هذا التجهيز جمعهم معاً».
المكبّرات موزَّعة على مداخل الساحة الـ4 في وسط بيروت، وتنقل المقطع الافتتاحي من المقال، حيث يسير سمير في شارع بيروتي ويلتقي بفتى يوزّع بياناً، فيقرأه ويتحمّس ويقرّر أن يتشارك الحلم. من هذا النداء، تنبع الدعوة إلى الحلم، والتي تشكّل الجزء الأول من المقال، ويشعر بها كل مَن يمرّ بجوار الحديقة. أما نصّ البيان كاملاً، فلا يُسمع إلا في الداخل، كأنَّ على الداخل إلى الساحة أن يعبُر من الدعوة إلى الحلم، إلى الحلم نفسه.
وسط الساحة، يقف تمثال سمير قصير، أمام بركة ماء، وخلفه مبنى «النهار» الذي خرج منه ذات يوم محمولاً بتابوت، إلى نهايات الجسد. هناك، ينبعث صوتا جيزيل وإلياس خوري أيضاً، في تسجيلات اختارها ديب بعناية. إلياس يُحدّثنا عن الأدب والهوس عند الكاتب، بالإضافة إلى الأدب العالمي، وعن تلك الإضافة التي لا تُدرَك إلا بعد الغياب: «يا للمفارقة، أنّ ما يمكن أن يُقدّمه الأديب للعالم لا يُفهم غالباً إلا بعد موته».
يرتفع صوت سمير قصير من أعماق «بيان الحُلم» (الشرق الأوسط)
أما صوت جيزيل، فشكَّل نداء خاصاً للمارّين: «أردتُ صوت إلياس وجيزيل نداءً للمارّين بجانب الساحة أن يدخلوا إليها لتشارُك التحية». نسمعها تتحدّث عن سمير، وتستشهد بجملة قالها إلياس عنه، ثم تنتقل إلى بيروت، تصفها وتنظر إليها بعين المرأة التي أحبّت مدينة ورجلاً، وغابا معاً.
التجهيز يكتمل بعنصر بصري: شاشتان في وسط الساحة تعرضان رموزاً لحلم لم يكتمل، وتُشير إلى انتفاضات العالم العربي التي تلاحقت بعد اغتيال سمير. يقول ديب: «أردتُ أن أُهدي سمير تحية للانتفاضات، وللشعوب التي ملأت الساحات، وللحظات لم يشهدها. اخترتُ مشهداً من انتفاضة بيروت الأخيرة، يُظهر وفوداً يخرجون من النفق؛ يحملون مطالبهم وأحلامهم، ويقتربون من شخص في الوسط. عندما فصلتُ الشاشتين، صار هذا الشخص في المنتصف، والناس يقتربون منه. هذا الشخص هو سمير قصير».
سمير قصير... الجرح المفتوح منذ 2 يونيو 2005 (الشرق الأوسط)
ومن بين مكوّنات العمل اللافتة، أرجوحة معلّقة بالشجر. ليست لعبة بريئة فحسب، فهي اختزال بصري لمعادلة الحلم والواقع. «الأحلام مرتبطة بالطفولة، والطفل يحلُم بسهولة. أردتُ لفكرة اللعب أن تُوصل الحلم»، يقول ديب، ويشرح كيف أنّ الأرجوحة بحركتها بين العلو والانحدار تُجسِّد وَهْم القدرة على التغيير، ثم الارتداد إلى قسوة الواقع.
كان ديب يفكّر بدايةً بعدد من الأراجيح، لكنه تذكّر كيف ينتهي مقال سمير، حين ينظر حوله فلا يجد لا ولداً ولا بياناً. «يتحدّث عن استحالة الحلم»، ومن هنا، وُلدت فكرة الأراجيح المتكسّرة أو القديمة، أو تلك التي لم يبقَ منها إلا الحبل، رمزاً لمآسي الواقع: الإبادة في غزة، حروب لبنان، والاعتداءات المتكرّرة. لكن وسط هذا المشهد، تبقى أرجوحة واحدة «ناجية»، تُجسِّد الأمل، ولو بصعوبة.
الأرجوحة اختزال بصري لمعادلة الحلم والواقع (الشرق الأوسط)
ومن جهته، يرى المسؤول الإعلامي في «مؤسّسة سمير قصير»، جاد شحرور، أنّ مهرجان «ربيع بيروت» هو مناسبة لتأكيد أنّ لبنان لا يزال «مساحة ثقافية للجميع». يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «ننطلق في قيمنا من إرث سمير. بيانه الذي كتبه عام 2004، تحدَّث فيه عن الحلم بوطن ديمقراطي، علماني، وثقافي. هذه كانت رؤيته، وما زالت تُلهمنا».
المهرجان لا يتوقّف عند يوم 8 يونيو، موعد ختام التجهيز الفنّي؛ فتتواصل الفعاليات، مع مسرحية «جرّة غاز» الأسبوع المقبل في مسرح «المونو»، ضمن مبادرة لدعم الإنتاج اللبناني. وفي 15 منه، ينطلق واحد من أجمل نشاطات العام، كما يصفه شحرور: «سنمشي مع روني شطح، نجل الشهيد محمد شطح، في شوارع بيروت، ضمن جولة بعنوان (بيروت سمير قصير)، حيث يروي روني تاريخها كما كتبه سمير، ونكتشف حضارات بُنِيَت فوقها المدينة الحديثة».
20 عاماً مرّت على الاغتيال، وما زال الاسم يُضيء كأنه لم يغِب. وحده الجسد غاب، أما الفكرة فظلّت تنبض في صدور الحالمين، وتُروى بأصوات الذين لم يتعبوا من الحلم. «جائزة سمير قصير» لحرّية الصحافة شكَّلت امتداداً لفكرٍ لا يموت، وشهادة على أنّ مَن كتب للحرّية، لا يُمحى أثره. صوره في ميادين الانتفاضات، ومقالاته التي لا تزال تُقرأ كأنها كُتبت اليوم، وكتبه المُحرِّضة على الحُلم، كلّها تقول: الغياب لا يهزم مَن جعل من الحبر فعلاً مقاوِماً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كلام التواصل الاجتماعي
كلام التواصل الاجتماعي

الرياض

timeمنذ 6 ساعات

  • الرياض

كلام التواصل الاجتماعي

كان القارئ الحصيف للصحف الورقية يميز بين الغث والسمين من الأخبار الصحيحة التي توافق المنطق وتكون أقرب للواقع، وبين الأخبار البائتة وغير الصحيحة، ويطلق عليها بسرعة فور قراءتها بكلام جرائد! كان في زمن الصحف التي كانت تطبع بشكل يومي للقراء وتشترى بثمن بخس، وفي وقت الاجتهادات الصحيفة بأيام عزها، والآن لدينا تطبيقات اجتماعية تُحمل بضغطة زر، وأضحى تأثيرها جلياً على من يتابع أخبارها. لا أنكر أنه هناك أناس تجتهد بصدق في زمن التواصل الاجتماعي، وهؤلاء نسبتهم قلة من لا زالوا يتعاملون بمهنية صحفية عالية، ولكن أنا هنا أتكلم عن النسبة الأكبر الذي ينثرون بذور الكذب بأخبارهم غير الصحيحة، وطبعاً لها من لها من أهداف في زيادة نسبة انتشار الخبر بسرعة البرق، ويتم نقل الخبر من تطبيق لتطبيق، مع اسم الناشر وصورته، وكذا الناقل ضمن الشهرة والأضواء! نأتي لسؤال مهم جداً حول هذا الأمر لماذا يميز قارئ الصحف الورقية الخبر صحته من عدمه بسرعة، وفي زمن التواصل الاجتماعي يصدق الأخبار الكثيرة من أنها في غالبيتها غير صحيحة؟ لأنها باختصار شديد في زمن الصحف الورقية يقرأ الخبر مرة ومن خلالها يستنتجه، وفي وقت التواصل الاجتماعي تمر عليه الأخبار المقلدة بكثرة، وهنا يكمن التأثير السلبي على المتابع. طبعاً لا نقارن بين الصحفي الذي ينقل خبرا واحدا،لا يعبأون له الناس، وما بين خبر يكتبه واحد في التواصل الاجتماعي وينقلونه أكثر من عشرة على عامة الجمهور، ومن كثرة النقل تكمن خدعة التصديق! وكلام التواصل الاجتماعي لن يتوقف هذه الأيام، طالما أننا في فترة إجازة صيفية، ولا يوجد فيها لا مباريات ولا أحداث كروية واضحة ومتابعة، وأفضل حل لك كمتابع لا تأخذ الأخبار الصحيحة إلا من المصادر الرسمية في حسابات الأندية. ختاماً: تحية لمن أحسن الاستخدام في التواصل الاجتماعي وقدم ما يفيد الناس من معلومات قيمة وثرية، ولا عزاء لمن أساء الاستخدام وبث سمومه التطرفية والتعصبية، وفي النهاية كل إنسان ينضح بما في داخله.

ملحم زين يطلق ألبوم «22» معبراً عن مشواره
ملحم زين يطلق ألبوم «22» معبراً عن مشواره

الرياض

timeمنذ 6 ساعات

  • الرياض

ملحم زين يطلق ألبوم «22» معبراً عن مشواره

أطلق النجم اللبناني ملحم زين أحدث ألبوماته الغنائية بعنوان «22» من إنتاج شركة «بلاتينوم ريكوردز»، في إشارة رمزية إلى مرور 22 عاماً على انطلاقته الفنية التي رسّخت مكانته كأحد أبرز نجوم الغناء في العالم العربي. ويضم الألبوم المصّغر سبع أغنيات متنوعة تجمع بين اللونين الشعبي والرومانسي، تعاون زين فيها مع نخبة من أبرز الأسماء في عالم الكتابة والتلحين والتوزيع، ليقدم لجمهوره مزيجاً فنياً غنياً بالأحاسيس والألوان الموسيقية. أمّا الأغنيات فهي: «قلبي دق»، كلمات فادي مرجان وألحان إيفان نصوح، «حلفتلك»، كلمات وألحان مروان خوري، «كوكبي» و»معنى العشق»، وهما من كتابة وتلحين إيفان نصوح، «تنور» وهي أغنية من الفولكلور البدوي، ثم «ألف مبروك» من كلمات وألحان رامي شلهوب، «كف عنّي» وهي أغنية باللهجة السعودية النجدية، تعاون فيها زين للمرة الأولى مع الأمير الشاعر بدر بن محمد، ولحنّها إيفان نصوح. وقد أشرف عمر صبّاغ على التوزيع الموسيقي لكامل الألبوم، عدا أغنية «ألف مبروك» التي قام بتوزيعها جمال ياسين. وسيطلق ملحم زين أغنياته الجديدة تباعاً بعد أن قام بتصوير أغنيتين في لبنان على طريقة الفيديو كليب، وهما «قلبي دق» و»حلفتلك» بإدارة المخرج فادي حداد. وسيتم طرح الأولى أولاً التي تمّ تصويرها في منطقة البترون في لبنان، على أن تطرح الأغنية الثانية «حلفتلك « في منتصف شهر يوليو المقبل. يأتي ألبوم «22» الجديد، بالتزامن مع تجديد تعاونه مع شركة «بلاتينوم ريكوردز» لمدة خمس سنوات، مما يعكس عمق الثقة والشراكة بين الطرفين. ويعد هذا الألبوم هو الثالث الذي يجمع ملحم زين مع «بلاتينوم ريكوردز». يؤكد ملحم زين في ألبومه قدرة النجم اللبناني على المزج بين الأصالة والتجديد، مقدماً لجمهوره توليفة موسيقية تنبض بالإحساس وتعكس نضجه الفني بعد أكثر من عقدين من النجاحات. كما يحضّر لمجموعة من الحفلات والمهرجانات خلال الصيف في لبنان والخارج، حيث سيقدم لجمهوره مجموعة من أغنياته ومنها أغنيات الألبوم الجديد.

"Spread Love" مجموعة مجوهرات تنبض بالحب وتُزهِر بالمعنى بتوقيع كارول فرنجية
"Spread Love" مجموعة مجوهرات تنبض بالحب وتُزهِر بالمعنى بتوقيع كارول فرنجية

مجلة هي

timeمنذ 8 ساعات

  • مجلة هي

"Spread Love" مجموعة مجوهرات تنبض بالحب وتُزهِر بالمعنى بتوقيع كارول فرنجية

بأسلوبها الراقي ولمستها الإنسانية، أطلّت المصممة كارول فرنجية بمجموعة مجوهرات جديدة تحمل اسم "Spread Love"، وهي ليست فقط إبداعًا بصريًا يخطف الأنظار، بل عبارة عن مشروع فني يحمل بين تفاصيله رسالة عاطفية واجتماعية عميقة. مصممة المجوهرات كارول فرنجية صُمّمت هذه المجموعة بالتعاون مع مارال ملحم، مؤسسة دار VMAR، وتجمع بين رقيّ التصميم وعمق الفكرة. الإلهام جاء من زهرة الهورتنسيا، التي تُجسّد رموزًا متعددة: من الامتنان والتماسك العاطفي، إلى القوة النابعة من التكاتف والمحبة. هذه الزهرة لم تكن مجرد عنصر جمالي، بل شكّلت جوهر الفلسفة التي بُنيت عليها المجموعة — فكرة أن نكون معًا، أن نشعر ببعضنا البعض، وأن نمدّ يد العطاء لمن يحتاجها. مجوهرات كارول فرنجية خلال آخر معرض أقيم في لبنان وفي سبيل تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، تم التعاون مع فريديريك مانِه، أحد أبرز الأسماء العالمية في تصميم المجوهرات، الذي استطاع أن ينقل الهورتنسيا من مجرد رمز إلى تحفة فنية. بتفاصيله الدقيقة وحرفيته الرفيعة، أعاد مانِه تشكيل هذه الزهرة بأسلوب يعبّر عن الحب، الترابط، والرسائل الإنسانية التي تحملها المجموعة. تصاميم بروش من مجموعة Spread Love ما يميّز "Spread Love" ليس فقط جمال القطع أو تفرّد التصاميم، بل الرسالة التي تلامس القلب قبل العين. فكل قطعة تمثّل وعدًا بالعطاء، وتُحوّل المجوهرات إلى أدوات لنشر الوعي والدعم لقضايا إنسانية. المجموعة تأتي أيضًا كمبادرة لدعم جمعية NAC التي تُعنى بأطفال التوحّد وعائلاتهم في لبنان، حيث تم تخصيص جزء من العائدات لدعم برامج الجمعية، لتصبح المجوهرات وسيلة ملموسة لإحداث فرق حقيقي. قلادات لافتة من مجموعة Spread Love كارول فرنجية، من خلال هذا العمل، تؤكّد مرة جديدة أن التصميم ليس فقط فنًا زخرفيًا، بل يمكن أن يكون صدى لقضية، ورسالة حب وتضامن تُحاكي أسمى ما في الإنسان. في عالم تتداخل فيه الموضة بالفكر، تبرز "Spread Love" كمجموعة تتخطّى حدود الزينة لتصبح بيانًا صادقًا عن الجمال، والهدف، والنيّة الطيّبة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store