«الأخبار» تضىء الشمعة 111 للتوءم الذهبى على ومصطفى أمين
تضيء جميلة جميلات شارع الصحافة «الأخبار» غداً الشمعة (111) فى ذكرى ميلاد التوءم الذهبى على ومصطفى أمين أحد أهم عمالقة بلاط صاحبة الجلالة الصحافة وصاحبا الفضل فى تأسيس دار «أخبار اليوم» وجريدة «الأخبار» ومجلات «هى - الجيل - أخبار اليوم المصورة» و«آخر ساعة» التى تنازل عنها لهما أمير الصحافة محمد التابعى، ويرجع الفضل لهما فى تأسيس «عيد الأم» و«عيد الحب» ومشروع «ليلة القدر» الخيرى، وجائزة على ومصطفى أمين الصحفية.
اقرأ أيضًا| كنوز| 46 عامًا على غياب «الضاحك الباكى».. باشا صاحبة الجلالةولد الأخوان على ومصطفى أمين فى 21 فبراير من عام 1914 بمنزل خال والدتهما الزعيم سعد زغلول باشا الذى عرف ببيت الأمة، وسر الزعيم بمولدهما سروراً عظيماً حيث إن زوجته صفية كانت لا تنجب أطفالاً فأعتبر مولد الطفلين فى بيته هدية من الله، ولم يكن شائعاً فى تلك الفترة ولادة التوائم، وتساءلت أمهما «كيف ستستطيع تربية ولدين فى وقت واحد؟»، كان جدهما لأبيهما الشيخ أمين يوسف عالماً من رجال الدين وصاحب مجلة «نور الإسلام»، وأحد الذين حكم عليه بالنفى إبان الثورة العرابية، وكان عضواً بارزاً فى جمعية «مصر الفتاة»، التى تشكلت على غرار جمعية «تركيا الفتاة»، كان والدهما محمد أمين يوسف يعمل محامياً بدمياط والمنصورة، وعمل سكرتيراً مساعداً لمجلس الشيوخ، وانضم إلى رجال السلك الدبلوماسى وأخذ يتدرج فيه حتى شغل منصب وزير مصر المفوض فى واشنطن، والخبير الاقتصادى المصرى بالسودان، وكان سعد باشا يستمع له باعتبارة أحد رجال الوفد البارزين ويأخذ بنصائحه، وقد تصدى لقرار الحكومة التى منعت الشعب من عمل التوكيلات للوفد، ونجح فى الحصول على التوكيلات من طنطا والمنصورة والزقازيق وبورسعيد ودمياط.تأثر على ومصطفى أمين فى نشأتهما الأولى بثلاث شخصيات: الزعيم سعد زغلول، وأمهما رتيبة زغلول، وصفية زغلول زوجة الزعيم، وكان للفترة التى قضاها الشقيقان فى بيت الأمة مع سعد باشا أثر مباشر فى نشأتهما وتعلما منه قدسية «الديموقراطية»، ويقول مصطفى أمين إنه تعلم من دروس الزعيم ما جعله يعشق الصحافة، وآمن بأن تكميم الصحافة أشد خطراً من إلغاء البرلمان عندما سمع سعد باشا يقول «الشعب الذى يفتقر لوجود صحافة حرة هو شعب أبكم لا يملك القدرة على الكلام، وإذا كان الإنسان حيواناً ناطقاً فإن حرمان الشعب من الصحافة الحرة يعنى تحويله إلى قطيع من الحيوانات»، وشكل سعد باشا وعى التوءم وأثر فيهما.اقرأ أيضًا| أصل الحكاية| المخطوطات المصرية.. كنوز للمعرفة والتراث الإنسانيوكان لوالدتهما «رتيبة» التى تربت فى بيت الزعيم سعد زغلول تأثير أكبر على التوءم، لأن والدهما كان مشغولاً بالمحاماة بمدينة دمياط، ونوه على أمين بالدور الذى لعبته الأم فى نشأتهما الأولى فى العديد من المقالات التى كتبها فى مجلات دار الهلال، ويقول فى واحدة من تلك المقالات «كانت أمى تقيم الدنيا وتقعدها إذا نسيت نفسى ووضعت قدماً على قدم أمام من هم أكبر منى سناً، وكانت تصر أن أعامل الناس معاملة غير عادية وأن أسرف فى احترامهم حتى يفتحوا لى قلوبهم، وعلمتنى أن أحيى الناس حتى الذين لا أعرفهم إذا دخلت من الباب»، ويقول مصطفى أمين: «أنا مدين لأمى بالكثير من أسباب نجاحى، كانت إذا آمنت بشيء أخلصت له، كانت مؤمنة بثورة 1919 واشتركت فى تهريب المنشورات تحت ملابسها وكأنها حامل عندما سافرت لبورسعيد وسلمت المنشورات للمستشار أحمد الصاوى أحد أعضاء الجهاز السرى فى الثورة»، وكان لأم المصريين حرم سعد باشا تأثير آخر على التوءم، وتحدث عنها على أمين: قائلاً «علمتنى أم المصريين حب القراءة فقد كانت ترفض أن تعطينى شلناً أذهب به إلى السينما إلا إذا رتبت كتب سعد باشا، وكنت أحبس نفسى لساعات فى مكتبته لأمسح ترابها وأرتبها وبعد أسابيع بدأت أحب الكتب التى أحس أنها أصدقائى»، ويقول مصطفى أمين أنه شاهد مع توءمه أم المصريين بعد اعتقال سعد باشا وهى تبحث مع نخبة من سيدات المجتمع إعداد قائمة كبيرة باسم كل محل أو شركة أو مطعم انجليزى من الإسكندرية إلى أسوان لمقاطعة منتجاتها».وقد تشكل وعى التوءم السياسى بظروف تربيتهما فى بيت الأمة ومعايشتهم للأحداث الساخنة المتعلقة بالدولة، وأثر ذلك على تبكير نبوغهما الصحفى عندما أصدرا فى سن الطفولة مجلة «الحقوق» وهما فى الثامنة من عمرهما، واكتشف أنهما يعرفان كل الأخبار من داخل بيت الأمة قبل أن تنشرها الصحف، وكتبا بالقلم الرصاص على المجلة أنها صحيفة سياسية يومية أدبية تتضمن أخباراً خاصة عن المدرسة، وأثارت المجلة إعجاب سعد باشا وصفية زغلول لكن والدتهما رفضت انشغالهما بالمجلة التى تعطلهما عن تحصيل الدروس، فنقلا نشاطهما من المنزل إلى المدرسة وزاد قراء المجلة من خمسة أفراد فى البيت إلى 300 طالب بمدرسة المنيرة الابتدائية، وفكرا فى طباعة المجلة بالبالوظة، ونجح على ومصطفى فى نقل ماكينة البالوظة من البدروم ببيت الأمة إلى السطوح، وواجهتما مشكلة الحصول على الورق لطباعة المجلة فقاما ببيع النسخ مقدماً قبل طباعتها لزملائهما بالمدرسة مقابل سن ريشة جديد وجمعوا هذه السنون وقايضا بها مكتبة بشارع الفلكى حصلا منها على الورق وبدأ الشقيقان فى البحث عن تمويل للمجلة فكانت شركة الشيكولاتة أعلنت عن مسابقة جائزتها 10 جنيهات فقاموا بشراء العديد من قطع الشيكولاتة على أمل الفوز بالجائزة ولم يحالفهما الحظ وبالتالى عانت صحيفتهما من عدم انتظام الصدور بسبب تعثر التمويل.فى عام 1923 انفصل التوءم وأصبح لكل منهما مجلته، استمر مصطفى فى مجلة «الحقوق»، أما على أمين فأصدر مجلة «البيان» وأدخل بها رسوماً كاريكاتورية، ثم عاد التوءمان لإصدار مجلة «الأسد»، وفى يناير 1924 اختفت المجلات التى كان كل منهم يحررها بخط اليد عندما قررا الاتجاه لطباعة المجلات فأصدرا مجلة «سنة تالتة تالت» وأصدرا مجلة «حارة البابلى» التى نشرا فيها واقعة إطلاق الرصاص على سعد زغلول، وقررا إعادة تسميتها بمجلة «الطالب» واتجها لطباعتها بالبالوظة واستخدما فيها الصور، وغيرا اسمها إلى «التلميذ»، وكانا فى حاجة شديدة لتمويلها فذهبا لرهن ساعتيهما الذهبية بقيمة 12 قرشاً بمحل «بنك يعقوب» للرهونات بالسيدة زينب وتوجها فى نفس اليوم مع زميلهما حمدى فرج للحصول على قرض قيمته جنيه واحد لإصدار المجلة التى توقفت بسبب انتقادهما لوزارة محمد محمود باشا واستأجرا بعدها مجلة «الأقلام» واتجها بعد توقفها للعمل بالصحف الكبرى فقصدا دار «البلاغ» و«الجهاد» وظلا يتنقلان من دار لدار إلى أن دخلا مرحلة الاحتراف على يد أمير الصحافة محمد التابعى الذى كان له أثر كبير فى مشوارهما الصحفى.«فكرة» من على إلى مصطفى أمينظهر عمود فكرة مع صدور جريدة «الأخبار» عندما تم الاتفاق بين رؤساء التحرير على جعل الصفحة الأخيرة مشوقة للقارئ، ويقول مصطفى أمين فى حديث أدلى لمجلة «آخر ساعة» بتاريخ 7 إبريل عام 1982 «كان هناك اقتراح بإنشاء عمود يومى فى الصفحة الأخيرة يتناوب كتابته أحمد الصاوى محمد، ومحمد زكى عبد القادر، وكامل الشناوى، وجلال الحمامصي، وعلى أمين ومصطفى أمين، ورفض الجميع الاقتراح وتحمس على أمين لكتابة العمود وأطلق عليه اسم «فكرة» وظهرت أول «فكرة» فى 25 يونيو 1952، واضطر على أمين أن يكتب فكرة للمرة الثانية عندما اعتذر رؤساء التحرير عن كتابة العمود، واستمر فى كتابته، وقد حقق العمود انتشاراً لم يحظ به عمود آخر فى تاريخ الصحافة العربية.ويقول أنيس منصور «رأيت على أمين وهو يكتب «فكرة» بجمل قصيرة ومفردات بسيطة، ومن النادر أن تجد كلمة أو تركيباً لغوياً لا تفهمه، والمعانى فى غاية الوضوح».كتب على أمين عمود «فكرة» فى جريدة «الأخبار» وكتبه فى مجلة «الجيل» و«أخبار اليوم»، ومجلة «هى» واصطحب «فكرة» معه عندما انتقل لدار الهلال ونشره فى مجلة «المصور»، وانتقل به أيضاً من «أخبار اليوم» إلى «الأهرام» عام 1965، وكان محمد حسنين هيكل يشغل منصب رئيس التحرير وقال لعلى أمين إن أبواب كل صحيفة يجب أن تبقى لها ولا تنتقل إلى غيرها بانتقال محررها أو كاتبها، فلم يستمر على أمين فى كتابة «فكرة» بالأهرام.فى عام 1966 ناشد مصطفى شقيقه على ألا يتوقف عن كتابة «فكرة»، فى رسالة بعث بها إليه قائلاً فيها «يجب أن تعود لكتابة «فكرة» من جديد ولا تكتفى أن تعبر عن حبك لبلادك فى خطابات تكتبها لى أو فى عملك الصامت لخدمة بلادنا، إنك تقتل موهبتك، تتحول من كاتب عظيم إلى صفر، ربما إذا عدت كاتباً من جديد يشعر بك الناس أن لك قيمة»، ورد عليه على أمين من منفاه فى لندن برسالة مؤثرة يقول فيها: «إلى مصطفى أمين المعتقل بسجن ليمان طرة معبراً عن أمنيته فى كتابة عمود «فكرة» مرة ثانية فى أحد الخطابات، إننى أفتقد الفكرة التى كنت أكتبها بانتظام فى «الأخبار» و«أخبار اليوم»، وكثيراً ما أتوقف عن قراءة الجريدة التى أقرأها لأفكر فى موضوع يصلح كفكرة».ورأى عمود «فكرة» النور بعد الإفراج عن مصطفى أمين، وعودة على أمين من لندن فكتب «فكرة» فى «الأهرام» التى عينه الرئيس السادات رئيساً لمجلس إدارتها، وانتقلت معه «فكرة» عند عودته لمؤسسة «أخبار اليوم» منتصف 1974، واستمر فى كتابتها حتى وفاته فى 3 إبريل عام 1976، ومن 5 إبريل 1976 تولى مصطفى أمين كتابة «فكرة» بنفس الأسلوب الذى كان يكتب به توءمه على أمين رحمه الله، وطور مصطفى أمين عمود «فكرة» واتجه به لمقال سياسى رشيق وقصير يتميز بالحدة والجرأة، واستمر يكتب «فكرة» حتى وفاته فى 20 مارس عام 1997.مع الشباببقلم : على أمينلا نريد أن ييأس الشباب فى بلادنا. فهم أملنا ومستقبلنا وأحلامنا.. ونحن نثق أن فى إمكانهم أن يصنعوا مصر من جديد.. وأن يعيدوا لها أمجادها.. ويخلصوها من مشاكلها.وإذا شعر الشباب اليوم بمضايقات أو أزمات أو صعوبات فهى عقبات مؤقتة لن تستمر إلى الأبد وهى محن مؤقتة نستطيع بالجهد والكفاح والاستمرار أن نتخلص منها.ولسنا وحدنا الذين نرى الأشواك فى طريقنا.. كل طريق فى الحياة مملوء بالأشواك والمسامير والعقبات.. والذين استطاعوا أن يصمدوا ويتحملوا ضربات الأيام هم وحدهم الذين استطاعوا أن ينتصروا وأن يصلوا إلى القمة.أما الذين ضعفوا وتخاذلوا وتوقفوا فى الطريق فهم وحدهم الذين سقطوا وداستهم الأقدام.إننا نحتاج إلى الصبر على المكاره.. ونحتاج إلى الصمود.. ونحتاج إلى الاستمرار.. وكل هذه الصفات هى التى تصنع النجاح.. وهى التى تصعد بنا إلى قمة جبل النجاح.الشاب الناجح يعتمد على نفسه ويجب أن يعرف أنه وحده الذى يصنع التفوق والنجاح.النجاح لا يصنعه قرار يصدره وزير.. وليس ضربة حظ وإنما هو عمل شاق.. وعرق متواصل.. هو إصرار على الاستمرار.لا تقبل عملاً لا تحبه.. فنجاحك فى الحياة هو قصة حب.وإذا عشقت عملك نبغت فيه وتحملت مشاقه ومتاعبه وصبرت على عقباته وصعابه.. فحب العمل يفتح لك الطريق ويخفف متاعبه.الحب هو الذى يحقق لك النجاح فى العمل الصعب الذى تقوم به.وإذا فشلت اليوم فلا تيأس.. كلنا فشلنا فى أول الأمر.. سقطنا على الأرض ثم استأنفنا الوقوف على أقدامنا من جديد، واعلم يا صاحبى أن الطريق إلى القمة مفتوح لكل العاملين المؤمنين.«الأخبار» 23 يونيو 1974ليلة القدربقلم : مصطفى أمينيا رب اجمع صفوفنا.. ووحد كلمتنا.. وانقذنا من خلافتنا الصغيرة.. افتح عيوننا لنرى أخطاءنا.كفانا صراعات تقوم على أسباب تافهة تجعلنا نضرب بعضنا بدل أن نضرب خصومنا.. ونحطم أنفسنا بدل أن نحطم أعداءنا.يا رب.. لا نريد منك أن تنصرنا على إخوتنا بل نريدك أن تقرب بيننا.. وتجعلنا نرتفع على الأحقاد.. ونترفع على الخصومات.نحن لا نطمع فى زعامة.. ولا نحلم بزعامة.. وإنما نريد أخوة حقيقية لا أخوة وهمية.. ونريد صداقة بالفعل لا صداقة بالكلام.يا رب انزع من أيدينا الخناجر وضع فيها الزهور والرياحين.. نظف قلوبنا من الضغينة والحسد واملأها بالحب والإيمان وانقذنا من شهواتنا.يا رب.. لا نريد أن ننتقم من أحد.. ولا أن نحول بلادنا إلى امبراطورية.. فهذا ليس عصر الأمبراطوريات.. بل عصر المشاركة بين الدول.هو عصر حقوق الإنسان لا زمن العدوان.. نريد أن نفتح بلادنا لصداقة العالم كله.. لا نريد أن نسود ولا أن نسيطر.. ولا أن نتزعم وإنما نريد بناء علاقات إخوة ومحبة.ننصر بعضنا ونؤيد إخواننا ونحارب كل من يعتدى عليهم ونقاوم كل من يحاول السيطرة علينا. يا رب ايقظنا إذا كنا نائمين ونبهنا إذا كنا غافلين.. واجعلنا نحلم وعيوننا مفتوحة ونموت ونحن واقفين.. لا نركع إلا لله ولا نسجد لبشر.. واجعل بيننا وبين الناس محبة بلا خوف.يا رب.. اعطنا القوة لنقاوم البطش ونحارب الإرهاب ونصارع كل طغيان.. ولا تجعلنا نرهب الأقوياء ونهزأ بالضعفاء.. لا نريد المال إلا لنوزعه على الفقراء.. ولا نريد القوة إلا لنضعها فى خدمة المظلومين والمساكين والتعساء.. كان هذا دعائى فى ليلة القدر.«الأخبار» 18 فبراير 1996أم كلثوم تنقذ «أخبار اليوم»كانت أم كلثوم تشكل لغزاً فى حياة مصطفى أمين مثلما كان لغزاً فى حياتها بعد أن سرت شائعة زواجهما العرفى التى أكدتها د.رتيبة الحفنى فى ندوة لها بمكتبة الإسكندرية وقالت إن أم كلثوم ارتبطت بزواج سرى لمدة 11 عاماً مع مصطفى أمين، وقالت إن عقد زواجها عثر عليه بمكتب مصطفى أمين بعد القبض عليه واحتفظ الرئيس عبد الناصر بالعقد، ولم يشر مصطفى أمين فى كل كتاباته إلى هذا الزواج الذى لم تتحدث أم كلثوم عنه أيضاً، ومن أهم ما كتبه مصطفى أمين بخصوص الجانب الإنسانى فى علاقته بها عندما كتب يقول: «كانت أم كلثوم متحمسة جداً لإصدار صحيفة مصرية خالصة..وأول نسخة من «أخبار اليوم» حملتها وذهبت بها إلى بيتها فى الزمالك، كان الوقت منتصف الليل، فرحت جداً وكانت من اللحظات السعيدة فى حياتها وطبعاً فى حياتى.. كانت أم كلثوم أول من شجعنا على إصدار «أخبار اليوم»، وأول من وقفت معنا، وحدث أن خاضت «أخبار اليوم» معركة طاحنة مع إحدى الحكومات التى تصادر الصحيفة، وتستخدم البلطجية ضدنا بإلقاء الطوب وانضم إليهم مجهولون يلقون على الدار القنابل والديناميت، وكانت الحكومة تزج بالصحفيين فى السجون.وأصدرت الدولة أمراً للشركات بعدم نشر إعلاناتهم فى «أخبار اليوم»، فوقعت «أخبار اليوم» فى ضائقة مالية، بعنا البيت الذى نملكه فى الروضة فلم يكف سداد المطلوب، بعنا أسهم أبى فى شركة بيع المصنوعات وابتلعتها الجريدة الجائعة، ذهبنا لنقترض من البنوك التى تلقت أوامر بعدم إقراضنا، استنفدنا كل ما نستطيع أن نقترضه من البنك العربى ونذكر هنا أن صاحبه الفلسطينى عبد الحميد شومان فتح حساباً لأخبار اليوم على بياض بثلاثين ألف جنيه، ولكن الثلاثين ألف جنيه انتهت أيضاً وامتدت أيد كثيرة لتنقذنا، وكنا نخفى هذه الحقيقة عن كل من يعمل معنا، كنا نضحك وقلوبنا تبكى، كنا نكتب ولا نعرف هل سنجد ثمن الورق الذى ستصدر به الجريدة فى اليوم التالى، وذات يوم دق جرس التليفون فى مكتبى وإذا بها أم كلثوم وقالت إنها تريد أن تقابلنى أنا وعلى أمين فوراً فى بيتها.فذهبنا إليها فقالت إنها علمت أننا فى أزمة خانقة وأن «أخبار اليوم» مهددة بالإفلاس وأنها على استعداد لأن تضع كل مليم تملكه تحت تصرف «أخبار اليوم» وبهتنا وسألناها من أين عرفت هذا السر فقالت إنها ترفض أن تقول من أين علمت بهذا السر، وأحضرت لنا مبلغ عشرين ألف جنيه وقالت إنها مستعدة لأن تبيع مصاغها وبيتها وتقدم لنا حتى مائة ألف جنيه، قلنا لها أنت مجنونة، إن هذا المبلغ قد يضيع، قالت: «إن الذى يهمنى هو ألا تموت جريدة مصرية».فقلنا لها: «إننا نشك فى أننا نستطيع أن نسدد لك هذا المبلغ قبل سنوات»، فقالت: «لا أريد أن تسددوه إلا بعد أن تسددوا آخر دين عليكم للآخرين»، واكتفينا بمبلغ 18 ألف جنيه، وأردنا أن نكتب إيصالاً باستلامنا المبلغ ورفضت أم كلثوم أن تكتب هذا الإيصال، وكتبنا الإيصال فمزقته ورمته فى وجوهنا.«حليم» يبرأ مصطفى أمين من تهمة التجسساعترف العندليب عبد الحليم حافظ للصحفى اللبنانى بديع سربية صاحب مجلتى «الموعد» و«نورا» أن كل محاولاته للإفراج عن صديقه الكاتب الكبير مصطفى أمين باءت بالفشل ولم يستجب لها الرئيس جمال عبد الناصر، وقال إنه يعلم الكثير عن تفاصيل المصيدة التى نصبتها شخصية أمنية مقربة من الرئيس ليقع فيها مصطفى أمين بهدف تصفية حسابات.وقال إن ضبطه مع مندوب المخابرات بالقاهرة لا يعنى تهمة الخيانة لأنه كان مكلفاً من الرئيس بهذه الاتصالات ونقل رسائله للأمريكان والحصول على معلومات منهم، وقال أيضاً: «عقلى لم يستوعب التهمة لأنى أعلم أن كل المقربين من الرئيس كانوا على علم بهذه التكليفات، وبعد دخول مصطفى أمين السجن قدمت طلباً لزيارته لأنى كنت أعلم أنه مريض ويتعاطى أدوية مستوردة من الخارج أحضرته له من لندن بعد الزيارة.وكانت تصله بصفة منتظمة فى محبسه، وإذا كان مصطفى أمين أخطأ تقدير الموقف عندما قال للطرف الأمريكى إن قطع معونة القمح عن مصر سوف تجعل عبد الناصر يركع أمام الأمريكان، خطأ لا يصل لتهمة «الخيانة المشينة» ويضيف عبد الحليم: «وعندما أصبح السادات رئيساً للبلاد كنت مدعواً لإحياء حفل زفاف ابنته باستراحة القناطر والتقيت معه بعد حفل الزفاف بحضور موسى صبرى وأنيس منصور وأحمد رجب بتشجيع من السيدة جيهان السادات التى قالت لى «تشجع يا حليم وتكلم مع الرئيس بشأن الإفراج الصحى عن مصطفى أمين لأنه يعانى من المرض وصحته لا تتحمل السجن، فقلت للرئيس إن مصطفى أمين متقدم فى السن وأيدنى الصحفيون والكتاب، وهز الرئيس رأسه مبتسماً ففهمت أنه سيستجيب، وبعد أيام تم الإفراج عن مصطفى أمين وعاد إلى بيته وقلمه وجريدته بعد معاناة مع السجن والقهر والظلم».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار المصرية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- النهار المصرية
آخر تطورات الحالة الصحية للشاعر بهاء الدين محمد بعد خضوعه لعملية جراحية
حرص الشاعربهاء الدين محمد،على اطمئنان الجمهور على حالته الصحية، ذلك بعدما خضع إلى عملة جراحية خلال الأيام الماضية. كتب الشاعر بهاء الدين محمد، منشور على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك: الحمد لله، عملية بسيطة وعدت على خير الحمد لله، بأعتذر لكل اللى كلمونى وماقدرتش أرد، أعوذ بعزة الله وقدرته على كل شيء من شر ما أجد وأحاذر ادعو لي. وللجدير بالذكر أن احتفل الشاعر بهاء الدين محمد، بزفاف نجله وسط عدد كبير من نجوم الفن والموسيقى في مقدمتهم المنتج الكبير محسن جابر والفنانة أنوشكا والشاعر والملحن محمد رفاعى والكاتب الصحفى يسرى الفخرانى والإعلامى ممدوح موسى والملحن وليد سعد والذين أغنوا المناسبة بحضورهم المميزوأضفوا أجواءً مفعمة بالفرح والتألق، مُجسدين روح التكاتف الفني التي تميز المجتمع الإبداعي.


البشاير
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- البشاير
خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات
خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات الي كل مثقف يبصر ويتبصر أقدم لكم قصة محمد الخولي الذي فارقنا الي السماء أمس .. مات الفتي في أمريكا التي قضي علي أرضها ثلاثة عقود علي الأقل .. كان رئيسا لقسم الترجمة العربية في الأمم المتحدة بنيويورك . ومن هذا الموقع عاش مهمات متعددة في إنحاء مختلفه من العالم . لكن الخولي لم ينتم أبدا الي الثقافة الأمريكية . بل ظل مصريا عروبيا ناصريا منذ أن تعرف علي عبد الناصر من الستينات ، حتي فارق الحياة . لا أحد مهما علا شأنه أو مركزة ، كان يستطيع أن يفتح فمه بكلمة غل واحدة عن عبد الناصر .. كان يتصدي له تصد الأسود والرجال .. عبد الناصر هو البطل والزعيم والأمين والشهيد . بل هو المجد الذي بقي للمصريين . للأسف الإرث الثقافي الذي تركه لنا محمد الخولي لا يجب أن يترك سدي تزروه الرياح .. يكفي أن أقول لكم إنه في نهاية التسعينات من القرن الماضي ، أصدر كتابا بعنوان « القرن الحادي والعشرين : الوعد والوعيد » . أما الوعد فهو الذكاء الاصطناعي … نعم تحدث محمد الخولي بالتفصيل عن وعد الذكاء الاصطناعي للبشرية . أما الوعيد فهو الربوت ، الذي سينقلب علي الإنسان ، وربما يتخذه عبدا له .. وفي الكتاب حديث عن ميثاق حقوق الإنسان الآلي .. الكتاب صدر عن دار الهلال ، وصدر له كتابين آخرين عن نفس الدار .. الأرث الأكبر والأهم نحو الف عرض لأهم الكتب الدولية : الحديثه والقديمة علي السواء ، نشرها الخولي بانتظام علي صفحات البيان الاماراتيه . ولا أعتقد أن هناك مشكلة فنية في الإتصال اونلاين بصحيفة البيان ، لتجمع تراث محمد الخولي ، فهو تراث للبشرية .. قبل رحيله طالبا العلاج في أمريكا منذ أربع سنوات ، كان محمد الخولي منظما لصالون ثقافي في نادي الصيد . صالون يضم عشرات الضباط المتقاعدين المهمومين بقضايا الوطن .. وكان نجما لصالون ثقافي آخر نظمه الدكتور أحمد العزبي علي إمتداد السنوات العشر الأولي من القرن ٢١ .. وكان صالون العزبي شاهدا علي المناقشات التي سبقت ثورة ٢٥ يناير .. أهم فترة حياتيه عاشها محمد الخولي كانت عضويته في مكتب الشؤون العربية برئاسة الجمهورية . المكتب تأسس بقرار من عبد الناصر ، ومن الاسم والعنوان نفهم المهمة .. متابعة الشؤون العربية ، متابعة شؤون الناصريين العرب من الخليج الي المغرب وأوروبا . ترأس المكتب فتحي الديب ، الذي وصفته الوثائق ب لافاييت الثورة المصرية . هذا الرجل كان مكلفا من عبد الناصر بتحرير السودان ثم اليمن ثم الخليج العربي ثم الجزائر وليبيا ، وله جهود محسوسة في المغرب وتونس . لافاييت الثورة الفرنسية ، هجر بارييس ، وإتجه الي أمريكا اللاتينية ليحررها من الاستعمار الأسباني والبرتغالي ، وظل هناك حتي إستشهد علي أرض المكسيك .. هكذا كان فتحي الديب الذي شارك في تأسيس المخابرات المصرية أيضا .. للآسف الشديد ، لا أحد يتذكر فتحي الديب بكلمة واحدة ، رغم تاريخه العظيم .. مع إغلاق مكتب الشؤون العربية بعد أحداث ١٥ مايو ، عاد محمد الخولي مذيعا في صوت العرب ، لكن سلطات العصر لم تتحمله ، فألقت به في اليم ، ولم ينقذه من اليم غير الدكتور يحي الجمل ، الذي عين وزيرا لشؤون مجلس الوزراء في وزارة الدكتور عبد العزيز حجازي .. لكن الجمل وحجازي استبعدا من كل المناصب حتي ثورة ٢٥ يناير .. في هذه الفترة التحق محمد الخولي محررا للشؤون الدولية بصحيفة الجمهورية ، الناصرية آنذاك .. ولم يطق بها صبرا بعد أن إنقلبت الصحيفة علي نفسها . سافر الي الخليج ليمارس دورا ثقافيا خلاقا مع البدايات الأولي لإمارة دبي ودولة الامارات .. وظل هناك حتي التحق بالعمل رئيسا لقسم الترجمة العربية بالأمم المتحدة .. تراث محمد الخولي أمانه في عنق مؤسسات الثقافة المصرية : مكتبة الأسكندرية . مكتبة القاهرة . جامعة القاهرة التي درس بين مدرجاتها . نقابة الصحفيين . وزارة الثقافة . ياسادة حرام ألا تتعرف الأجيال علي تراث رجل توحد في عشق هذا البلد الي مستوي الوجد الصوفي …


الكنانة
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- الكنانة
محمود السعدني صحفي وكاتب مصري ساخر الولد الشقي في ذكري وفاته
كتب وجدي نعمان محمود السعدني (20 نوفمبر 1927 – 4 مايو 2010) صحفي وكاتب مصري ساخر يعد من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدني، شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، ترأس تحرير مجلة صباح الخير المصرية في الستينيات كما شارك في الحياة السياسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وسجن في عهد أنور السادات بعد إدانته بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية. أصدر وترأس تحرير مجلة 23 يوليو في منفاه في لندن، عاد إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982 بعد اغتيال السادات واستقبله الرئيس مبارك، كانت له علاقات بعدد من الحكام العرب مثل معمر القذافي وصدام حسين، اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض. البدايات الأولى ولد محمود عثمان إبراهيم السعدني في منطقة الجيزة بالقاهرة الكبرى. وعمل في بدايات حياته الصحفية في عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة عمل بعدها في مجلة «الكشكول» التي كان يصدرها مأمون الشناوي حتى إغلاقها. ثم عمل بالقطعة ببعض الجرائد مثل جريدة «المصري» لسان حال حزب الوفد وعمل أيضاً في دار الهلال كما أصدر مع رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية أغلقت بعد أعداد قليلة. فترة ثورة 1952 أيّد السعدني الثورة، وعمل بعد الثورة في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي. بعد تولّي السادات منصب رئاسة البرلمان المصري، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدني من جريدة الثورة أسوة بالعديد من زملائه منهم بيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي. عمل بعد ذلك في مجلة روز اليوسف الأسبوعية مديرًا للتحرير عندما كان إحسان عبد القدوس رئيس التحرير وكانت روز اليوسف حينها مجلة خاصة تملكها فاطمة اليوسف والدة إحسان. زمن عبد الناصر أثناء زيارة صحفية إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، طلب أعضاء الحزب الشيوعي السوري من السعدني توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر فسلمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها. وكان فيها تهديدا لعبد الناصر، لذا القي القبض عليهِ ووضع في السجن ما يقارب العامين أفرج عنهُ بعدها فعاد ليعمل في مجلة روز اليوسف بعد أن أممت ثم تولٌى رئاسة تحرير مجلة صباح الخير. انضم إلى التنظيم الطليعي وكان لهُ في تلك الفترة نفوذ كبير. مراكز القوى عقب وفاة عبد الناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسؤلين المحسوبين على التيار الناصري مثل شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمد فوزي وغيرهم. انتهى الصراع باستقالة هؤلاء المسؤولين واعتقال السادات لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب وكان اسم محمود السعدني من ضمن أسماء المشاركين في هذا الانقلاب وحوكم أمام «محكمة الثورة» وأُدين وسجن. كما يقول محمود السعدني فإن معمر القذافي حاول التوسط لهُ عند السادات إلا أن السادات رفض وساطته وقال «أن السعدني قد أطلق النكات عليَّ وعلى أهل بيتي (زوجته جيهان السادات) ويجب أن يؤدب ولكني لن أفرط في عقابه». بعد قرابة العامين في السجن أِفرج عن السعدني ولكن صدر قرار جمهوري بفصلهِ من مجلة صباح الخير ومنعه من الكتابة بل ومنع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات. بعد فترة قصيرة من المعاناة قرر السعدني مغادرة مصر والعمل في الخارج. السعدني في المنفى غادر السعدني مصر متوجهاً إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة في جريدة السفير وبأجر يقل عن راتب صحفي مبتدئ، والسبب في صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الدور الصحفية البيروتية من غضب السادات. قبل اندلاع الحرب الأهلية غادر السعدني إلى ليبيا للقاء القذافي والذي عرض عليه إنشاء جريدة أو مجلة له في بيروت إلا أن السعدني رفض ذلك خوفاً من اغتياله على يد تجار الصحف اللبنانيين والذين سيرفضون بالتأكيد هذا الوافد الجديد والذي سيعد تهديداً لتجارتهم الرائجة. أثناء الحوار وبدون قصد، سخر السعدني من جريدة القذافي الأثيرة «الفجر الجديد» ونعتها بالـ«الفقر الجديد» عندما عرض عليه القذافي الكتابة فيها وانتهى لقائه معه بدون نتيجة. ولم يبدِ القذافي حماساً كبيراً لإصدار مجلة 23 يوليو التي اقترح السعدني إصدارها في لندن بل سخر من فكرة إصدارها هناك كما لم يرق له إصدار مجلة ساخرة. في أبو ظبي في عام 1976 وصل السعدني إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم في الإمارات، ويبدو أنه لم ترق له الفكرة، لذا قبل بالعرض الذي تقدم به عبيد المزروعي وهو إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتية. كان العرض مقامرة سياسية جازف بها عبيد المزروعي بخاصة وأن السعدني وضع شروطا مهنية قاسية أهمها عدم التدخل في عمله وهو الشرط الذي يبدو أنه تسبب بعد أقل من أربعة أشهر بمصادرة أحد أعداد جريدة الفجر من الأسواق بسبب مانشيت أغضب السفارة الإيرانية في أبوظبي وكانت إيران يومها تطالب بالإمارات كلها وتعتبرها من «ملحقات إيران». لذا لم تغفر سفارة إيران للسعدني رفعه شعار (جريدة الفجر جريدة العرب في الخليج العربي) وطالبت السفارة الإيرانية صراحة حذف صفة «العربي» عن الخليج لأنه (خليج فارسي) كما يقولون. تعاقد محمود السعدني مع منير عامر من مجلة «صباح الخير» القاهرية، ليتولى وظيفة سكرتير التحرير وليدخل إلى صحافة الإمارات مدرسة صحافية مصرية جديدة هي «مدرسة روز اليوسف» بكل ما تتميز به من نقد مباشر وتركيز على الهوية القومية والابتعاد قدر الإمكان عن التأثير المباشر للحاكم وصانع القرار. حائر في الخليج العربي بعد ضغوط إيرانية على حكومة الإمارت اضطر السعدني إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت حيث عمل في جريدة السياسة الكويتية مع الصحفي أحمد الجار الله ولكن تلك الضغوط لاحقته هناك أيضاً فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد، وهي ممارسات الموظفين العراقيين المسؤولين في مكتب مصر بالمخابرات العراقية الذين مارسوا ضغوطاً كبيرة عليهِ لإخضاعه فكان قراره بعد لقاء مع نائب الرئيس العراقي في ذلك الوقت صدام حسين بمغادرة العراق إلى لندن. مجلة 23 يوليو بتمويل غير معلن من حاكم الشارقة الحالي، تمكن السعدني بالاشتراك مع محمود نور الدين (ضابط المخابرات المصري المنشق على السادات) والكاتب الصحفي فهمي حسين (مدير تحرير روز اليوسف الأسبق ورئيس تحرير وكالة الأنباء الفلسطينية) وفنان الكاريكاتير صلاح الليثي وآخرين من إصدار مجلة 23 يوليو في لندن (وكانت أول مجلة عربية تصدر هناك) والتي حققت نجاحاً كبيراً في الوطن العربي وكانت تهرب إلى مصر سراً. التزمت المجلة بالخط الناصري وكان السعدني يتوقع أن تلقى المجلة دعماً من الأنظمة العربية الرسمية إلا أن ذلك لم يحدث، وحوصرت المجلة مالياً من أنظمة دول ترفع شعارات عروبية مثل العراق وليبيا وسوريا، وعلى حد تعبير السعدني «كان يجب علي أن أرفع أي شعار إلا 23 يوليو لأحظى بالدعم». إنهارت 23 يوليو وتوقفت عن الصدور، وعاد السعدني وحيداً يجتر أحزانه في لندن إلى أن اغتيل أنور السادات في حادث المنصة الشهير في 6 أكتوبر 1981م. العودة إلى مصر عاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات بفترة واستقبله الرئيس حسني مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر. حكايات قهوة كتكوت يعد كتاب حكايات قهوة كتكوت من أشهر كتب محمود السعدنى وقد استعان فيه بتشبيهاته وتعبيراته المركبة ومنها تعبير الحمقرى، حيث اعتبر الحمقرى مزيجا بين الحمار والعبقرى، حيث يقول: 'لأنى حمقرى – مزيج من الحمار والعبقرى – فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلّاس.. ولأنى حمقرى كنت أرفع شعارًا حمقريًّا 'أنا أضحك إذن أنا سعيد'، وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت أن العكس هو الصحيح، واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس، وأنه مقابل كل ضحكة تقرقع على لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل كل ضحكة ترتسم على شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولكن هناك حزن هلفوت، وهناك أيضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت يحمله على رأسه ويدور به على الناس.. التقطيبة على الجبين، والرعشة في أرنبة الأنف، والدمعة على الخدين.. يالاللي! وهو يدور بها على خلق الله يبيع لهم أحزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف، ويفارقه الحزن وتبقى آثاره على الوجه، اكسسوارًا يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق'. ويكمل محمود السعدنى على لسان الحمقرى فيقول: 'لكن الحزن المقدس حزن عظيم، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة، والهموم العظيمة لا تسكن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها على همها وتمضى.. وهى تظل إلى آخر لحظة فى الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها، ويمضى الإنسان صاحب الحزن العظيم – ككل شىء في الحياة – يأكل ويؤكل، لكن مثله لا يذاع له سر، وقد يمضي بسره إلى قبره! ولذلك يقال: ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك. ولكن هناك أيضًا ضحك مقدس، وهناك ضحك هلفوت.. الضاحك إذا كان حزينًا في الأعماق صار عبقريًّا، وإذا كان مجدبًا من الداخل أصبح بلياتشو يستحق اللطم على قفاه! ونحن أكثر الشعوب حظًّا في إنتاج المضحكين.. مصر العظيمة كان لها في كل جيل عشرات من المضحكين، ولقد استطاع بعضهم أن يخلد ولمع بعضهم حينًا ثم فرقع كبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصيل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقي وبعضهم مثل الذهب القشرة'. مذكرات الولد الشقى كتاب يروى حكاية الأديب الساخر محمود السعدني فى بلاط صاحبة الجلالة، في هذا الكتاب ستقرأ أسماء وهمية وأحداثًا واقعية، لا يتناول هذا الكتاب قصة الصحافة، وإنما قصة اشتغال الأديب محمود السعدني بالصحافة، التي مر خلالها بالعديد من الخرائب والمتاهات وصناديق القمامة، ولام في ذلك الظروف والمرحلة التاريخية التي عاصرها. مذكرات الولد الشقي مسافر على الرصيف يعرض محمود السعدنى فى هذا الكتاب بأسلوبه الساخر ذكرياته عن كوكبة من الأدباء والفنانين قل أن يجود الزمان بمثلهم، ونادر ما يجتمعون في مكان واحد، ولكن شاء الحظ أن يعيشوا في زمن واحد وأن يجتمعوا معًا طويلًا ثم انفضوا بعد أن شكلوا جزءًا من روح مصر وقطعة من عقلها. ومن ضمن من يتناول الكاتب جانبًا من سيرتهم الفريدة المليئة بالحياة والمرح والتي تشكل كل منهم نموذجًا قل أن يتكرر، أنور المعداوي، وعبد القادر القط، وزكريا الحجاوي، وعبد الحميد قطامش، ومحمود شعبان، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عودة، وعباس الأسواني، وعدنان الراوي، ونعمان عاشور، وكثيرون غيرهم. مسافر على الرصيف مذكرات السعدني – الولد الشقي تعتبر من أروع ما كتب في أدب السيرة الذاتية في الأدب العربي، وقد كتبها في سلسلة من الكتب (من نهاية الستينيات وحتى منتصف التسعينيات) وحملت عناوين: الولد الشقي جزء أول: قصة طفولته وصباه في الجيزة. الولد الشقي جزء ثاني: قصة بداياته مع الصحافة. الولد الشقي في السجن: صور متنوعه عن شخصيات عرفها في السجن. الولد الشقي في المنفى: قصة منفاه بالكامل. الطريق إلى زمش: ذكرياته عن أول فترة قضاها في السجن في عهد عبد الناصر. كتب أخرى للسعدني السعدني حكّاء عظيم ويمتاز بخفة ظله كما أن تجربته في الحياة ثرية للغاية وله العديد من الكتب التي تناولت مواضيع متنوعة منها: مسافر على الرصيف: صور متنوعة عن بعض الشخصيات الأدبية والفنية التي عرفها. ملاعيب الولد الشقي: مذكرات ساخرة. السعلوكي في بلاد الإفريكي: رحلات إلى إفريقيا. الموكوس في بلد الفلوس: رحلة إلى لندن. وداعاً للطواجن: مجموعة مقالات ساخرة. رحلات ابن عطوطة: رحلات متنوعة. أمريكا يا ويكا: رحلة إلى أمريكا. مصر من تاني: مجموعة مقالات عن تاريخ مصر. عزبة بنايوتي: مسرحية. قهوة كتكوت: رواية. تمام يا فندم: مجموعة من المقالات المجمعة في كتاب. المضحكون: وصف لبعض الشخصيات الكوميدية في السينما المصرية. حمار من الشرق: وصف ساخر للوطن العربي. عودة الحمار: الجزء الثاني من «حمار من الشرق». بالطول والعرض رحلة إلى بلاد الخواجات وفاته توفي السعدني يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 عن عمر يناهز 82 عاماً إثر أزمة قلبية حادة.