logo
علبة زبادي

علبة زبادي

صحيفة مكة٢٣-٠٢-٢٠٢٥

جلس بجانبي في المترو، بدا أنه عريس جديد، من أولئك الذين يظهر عليهم آثار دخول القفص الذهبي وتوديع حياة الحرية وراحة البال.
صار يتكلم في جواله همسا، لكن أذني الفضولية أبت إلا أن تسمع كلامه الذي يفيض غزلا وعشقا ومودة ورحمة بمن تبدو أنها زوجته، وخاصة عندما ألح في سؤاله: ماذا أحضر لك معي؟ مسبوقا ومتبوعا بكلمات الغزل التقليدية.
في المترو عالم آخر بل مدرسة حياة؛ فهو مثل التّرام (وسيلة نقل قديمة عبر سكك حديدية تمتد على طول مسارات الطرق بجوار السيارات، وما زال مستخدما في بعض البلدان) الذي قال عنه الأديب علي الطنطاوي رحمه الله "إن الترام يكشف أخلاق الناس، وطبائع البلدان، وهو مدرسة يرى المرء فيها القبيح من جاره فيتركه، والحسن فيتعلمه، ودليل على طباع كل قُطر، ونموذج من حياته".
نعم.. فيه تدرك اختلاف الأذواق والسلوكيات والأنماط والأفكار والأشكال، وتشاهد عجائب التصرفات، فذاك ينظر إليك وكأنه لم ير إنسانا قط، وآخر يتكلم بصوت عالٍ يشق الآذان، وثالث لا يفتر نظره عن جوال من بجواره!
ورأيت سعوديا تعرف على عماني، فما كان من السعودي إلا أن ألح على استضافة العماني لتناول العشاء في أبهى صور الترحيب والكرم، ورأيت فتاة تعطي مكانها لرجل!، وشاهدت أطفالا أشقياء دون مبالاة من أهاليهم وكأنهم في بيوتهم، واستمعت إلى حوارات ماتعة ونقاشات بيزنطية ونكات مستهلكة ومعلومات "على الطاير" وأحاديث نساء خاصة وسواليف كبار السن.
كما أن طاقة المترو عجيبة، فهو يجمع المبتسم والحزين والمحتار والعبوس والغاضب والعاشق والنفسية، في هالة من تناقضات مشاعرية متداخلة عابرة ومتغيرة سريعة، حسب الزمان والمحطة والمسار.
أما طرائف النزول والطلوع واستخدام الدرجة الأولى والأفراد فكثيرة جدا.
وعجبت لمن لا يجرب المترو، فيتأمل ويستجلب المعاني من داخله أو من المباني والطرقات التي يشاهدها أثناء الرحلة، ويراقب عجلة الحياة وصخبها ويستلهم شيئا من فلسفتها.
قيل لحكيم: كيف وجدت المترو؟
قال: مشروع جبار غير حياتي 180 درجة.
قيل: وكيف ذاك؟
قال: جعل المسافات أسهل وأسرع وأقرب، وعدد الخيارات ووفر الجهد والمال.
قيل: فأي المحطات أفضل؟
قال: تلك التي يتقاطع فيها الأصفر مع الأزرق!
قيل: فما تعلمت من القطار؟
قال: تعلمت ألا معنى من الفوات في حياة هي في أصلها فائتة، فإن فاتك قطار جاء غيره بعد دقائق، وإن لم يأت فلا تتحسر على شيء لم يُكتب لك فيه قسمة ولا نصيب.
ثم إن الشاب "العريس" واصل غزله لزوجته ملحا عليها أن تطلب منه شيئا قبل عودته إلى العُش، ومضت لحظات عصيبة منتظرين ماذا ستطلب منه، قبل أن يبدي صدمته بقوله "علبة زبادي بس؟!!"، استغربتُ طلبها معه واستغرب مشرف المحطة، وعم الاستغراب أرجاء المترو.
كدت أن ألتفت إليه وأقول: هنيئا لك هذه الزوجة، ولكن اصبر فما هي إلا شهور وستطلب منك لبن العصفور.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإعلام والحج...
الإعلام والحج...

المدينة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدينة

الإعلام والحج...

.. في الحجِّ تعيش كل القطاعات حالة استنفار كامل لخدمة ضيوف الرَّحمن..كل قطاع في نطاقه، وأدواره، ومسؤوليَّاته..تتضافر الجهود، تتكامل الخدمات، والهاجس المشترك هو تحقيق حجٍّ آمنٍ ميَّسر.والإعلام هو الآخر يعيش ذات الحالة في مختلف مجالاته (المقروءة والمسموعة والمرئية).. لكنَّه يحمل هاجسًا مختلفًا.. فماذا عن الإعلام في الحجِّ...؟!*****.. في أيِّ دولة في العالم غالبًا حين تُقام على أراضيها مناسبة سياسيَّة، أو اقتصاديَّة، أو حتى رياضيَّة وثقافيَّة يلتقطها الإعلام كفرصة يقوم بتوظيفها واستثمارها من أجل تقديمها كرسالة وطنيَّة تعريفيَّة موجَّهة للعالم.ونحن في المملكة، أكرمنا الله تعالى بهذه الشَّعيرة العظيمة، تتكرر في كلِّ عام، حيث يجتمع على ثرى الأرض المقدَّسة الملايين من كلِّ أصقاع الدنيا.فهل استثمرنا هذا التجمُّع الإسلامي الضخم (إعلاميًّا) لتعزيز الصورة الفارهة لهذا الوطن العظيم..؟*****.. ثم عندما نتحدَّث عن الإعلام والحجِّ، فهناك مجموعة من الحقائق يجب أنْ نقف عندها:أوَّلها: علينا أنْ نعي أنَّ المرحلة اختلفت تمامًا تمامًا في الظروف والمعطيات والأدوات.. ففي السابق كنا نواجه تلك الحملة المعتادة (تسييس الحجِّ)، لكن صوتها -رغم تكراره- ظلَّ باهتًا وممجوجًا، وليس ذا بال ولا أثر.اليوم الوضع اختلف.. أصبحنا نواجه حملات مركَّزة ومكثَّفة ضدَّ المملكة من كلِّ الاتجاهات.وثانيها: أنَّ هذه الحملات لها ميزانيات، وجهات، وأيدلوجيات، ومنصَّات، وحسابات وهميَّة، وربَّما في الغرف المظلمة ماهو أخطر وأعظم.وثالثها: يُعتبر الحجُّ أهم أحد المستهدَفات المهمَّة والثرية لهم، وإذا كنا نقوم بتوظيف الحدث إعلاميًّا لنا فإنَّ تلك الحملات توظِّف الحدث في الاتِّجاه المعاكس (تشويهًا وتحريضًا وتزويرًا)، ناهيك عمَّا لديهم من قدرات واحترافيَّة في صناعة محتويات وهميَّة...!*****.. هذا يتطلب أن يكون لدينا إعلام مواجه قوي وإستراتيجية إعلامية مختلفة بعيداً عن النمطية الإعلامية المعتادة، وأعتقد أن وزارة الإعلام محتاجة إلى بناء شراكات مع شركات إعلامية عالمية متخصصة، تقوم ببناء المحتويات ذات الجودة العالية ونشرها عالمياً.. ولا أدري حقيقة إن كان لدى الوزارة مثل هذه الشراكات أم لا..؟!*****.. أخيرًا.. مليونا حاجٍّ سيأخذون معهم تلك المشاهد الذهنيَّة عن الجهود العظيمة للدولة السعوديَّة، وعن الإنسانيَّات والحميميَّات والابتسامات والورود ليرووها في أوطانهم.. إنَّه إعلام الواقع الذي ينقل الحقيقة بعيون المنصفين..

أستاذي أسامة السباعي إلى رضوان الله
أستاذي أسامة السباعي إلى رضوان الله

المدينة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدينة

أستاذي أسامة السباعي إلى رضوان الله

تمتدُّ علاقة آل جمال، بآل السباعي، إلى ما يقارب القرن من الزَّمان.. وهي علاقة قائمة في مجال الأدب، والثقافة، والصحافة، والطوافة، والشأن العام، علاقة بُنيت على التقدير والاحترام والمحبَّة والوفاء، علاقة لم تكن في يوم من الأيام مصلحيَّة، أو نفعيَّة إلَّا فيما ينفع النَّاس، وما هو مشترك في خدمة الدِّين، ثمَّ الوطن، والمجتمع.رحم الله مَن مضى، وبارك فيمن بقي..من المحطَّات الرئيسة في علاقة الوالد الشيخ صالح محمد جمال، والعم الشيخ أحمد السباعي -يرحمهما الله- هي محطَّة الصَّحافة.. فقد أسَّس الوالد -يرحمه الله- صحيفة حراء عام 1376هـ، ثمَّ أسَّس الشيخ أحمد السباعي صحيفة الندوة عام 1377هـ، ثمَّ تمَّ دمجهما عام 1378هـ بقرار من مديريَّة الإعلام وقتها؛ وصدرتا باسم (الندوة)؛ وعلى إثر ذلك وفي عام 1379هـ اشترى الوالد امتياز الندوة من الشيخ أحمد لتخلُّص ملكيَّة امتياز الندوة للوالد -يرحمه الله-.علاقات الوالد بالعم أحمد قديمة كما أسلفت، وأذكر في طفولتي مرور العم أحمد السباعي -يرحمه الله- بمكتبة الثقافة فرع الطَّائف خلال شهور الصَّيف، حيث كان الطَّائف مصيف المكيِّين المفضَّل؛ ولازلت أتذكَّر خطواته المُتَّئِدة، وملامح وجهه وابتسامته ووقاره -يرحمه الله-..وأمَّا علاقتي بابنه الأستاذ أسامة، فهي امتداد لعلاقة المحبَّة والاحترام والتقدير، والسير في دروب الصَّحافة، التي كتب الله لي المشي فيها مواصلةً لمسير والدي، وعمِّي أحمد جمال -يرحمهما الله-.. فقد حملت القلم من بعدهما حِمْل مسؤوليَّة شعرت بها بعد وفاتهما تباعًا في عامي 1411هـ و1413هـ -رحمهما الله-..وفي منتصف عام 1414هـ، كان أول من طرقت باب مكتبه -بعد تردد- لأستشيره حول بدء مشوار حمل القلم، وإكمال المسير الطويل، الذي قطعه الوالد والعم -يرحمهما الله- قبلي بعقود على بلاط صاحبة الجلالة؛ -كان- هو الأستاذ أسامة السباعي، وكان -وقتها- رئيس تحرير صحيفة المدينة المنورة، فرحب وشجع، وبدأ بنشر ما أكتبه في صفحة عالم المدينة.وقد حظيت منه بعناية كريمة، هي من صميم أخلاقه الكريمة، وأدبه الرفيع، ومعدنه النقي -رحمه الله-، فقد كان هو مَن اختار لي اسم الزَّاوية التي خصَّصها لي وهو (خلجات)؛ وهو كان مَن يختار لها أفضل موضع لمقالي في صفحات الصحيفة، ومنها صفحة الرَّأي. وهو بذلك صاحب فضل عليَّ، لا أنساه، وسأظلُّ وفيًّا داعيًا له بحسن الجزاء من الله -عزَّ وجلَّ-.رحمه الله رحمة الأبرار.. كان هيِّنًا ليِّنًا بشوشًا مهذَّبًا.. فقد زاملته عن قُرب في مجال الطوافة، في عضويَّة مجلس إدارة مؤسَّسة مطوِّفي حجَّاج الدول العربيَّة، فكان نعم الزميل لي، ولكل مَن عمل معه -رحمه الله-. وقد سلَّم في السنوات الأخيرة راية الطوافة من بعده لابنه م. ياسر؛ ليكمل ما بدأه أبوه وجدُّه في هذا المجال؛ مجال الشرف في خدمة وفد الرَّحمن. وصادف وقت استلام م. ياسر السباعي راية خدمة ضيوف الرَّحمن من أبيه، أنْ استلم شقيقي ماهر نفس الرَّاية، وعملا سويًّا في مؤسَّسة ثمَّ شركة مطوِّفي حجَّاج الدول العربيَّة. فالمسيرة والعلاقة بين الأسرتين -بفضل الله- تستمر على أسس المحبَّة والمعروف..وبمناسبة الحديث عن الطوافة، فهي من المجالات التي جمعت أيضًا الوالدين، والدي الشيخ صالح جمال، والشيخ أحمد السباعي -رحمهما الله- كما جمعتهما دروب الأدب والصحافة؛ حيث كتبا في الصحف والكتب، وشاركا في لجان بشكلٍ جادٍّ ومثابر على مدى عقود من أجل تطوير مهنة الطوافة وتحسين أحوال المطوِّفين من أجل تحسين ما يُقدِّم من خدمات لضيوف الرَّحمن؛ وكان ما يطرحانه موضع تقدير من المعنيِّين ولعلَّ من أبرز ما طرحوه وأخذ به انتقال مهنة الطوافة من عهد الأفراد إلى عهد المؤسَّسات.. جعل الله ذلك في موازين حسناتهم.رحم الله أستاذي الكبير أسامة بن أحمد السباعي، ورحم والده، ووالدي، وأموات المسلمين رحمة الأبرار.

الفائزون بجائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل وحرمه - رحمهما الله
الفائزون بجائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل وحرمه - رحمهما الله

غرب الإخبارية

timeمنذ 11 ساعات

  • غرب الإخبارية

الفائزون بجائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل وحرمه - رحمهما الله

المصدر - أعلن رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل رحمه الله وحرمه الشيخة مصباح عبدالواحد زقزوق رحمها الله الشاعر الدكتور عبدالله محمد باشراحيل أسماء الفائزين بالجائزة التقديرية الاستثنائية خلال دورة 2025 ميلادي- 1446 هجري وهم : ‏الفائزون من المملكة العربية السعودية هم : ‏الأستاذ الدكتور عبد الحكيم موسى ‏الأستاذ احمد حلبي ‏الأستاذ حماد السالمي ‏الأستاذ محمد الطلحي ‏الأستاذ عبد الخالق الزهراني ‏ الأستاذ علي الثوابي ‏ الأستاذ طه بخيت ‏الفائزون من جمهورية مصر العربية هم : ‏الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق ‏الشاعر محمد محمد الشهاوي ‏الدكتور حسن عباس ‏الأستاذة ايمان محمد ابراهيم ‏علما بأن النتائج النهائية للمسابقة ستعلن اليوم السبت 24 مايو في فروع الجائزة التحكيمية وهي الشعر الفصيح الشعر العامي الرواية القصة القصيرة الدراسات النقدية في الشعر والقصة والرواية حيث تستعد اللجان في تتويج الفائزين بحفل كبير سيقام في مدينة القاهرة على شرف ورعاية الأمين العام للجائزة الأديب الشاعر الدكتور عبدالله محمد صالح باشراحيل سوف يتم الإعلان عن موعده لاحقا عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. العضو المنتدب للجائزة مشهور الحارثي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store