logo
عبدالله إسماعيل يكتب: صحفيون في مرمى الكهنوت.. الحوثيون يعيدون إرث الإمامة ضد الفكر والكلمة

عبدالله إسماعيل يكتب: صحفيون في مرمى الكهنوت.. الحوثيون يعيدون إرث الإمامة ضد الفكر والكلمة

وكالة 2 ديسمبرمنذ 2 أيام

عبدالله إسماعيل يكتب: صحفيون في مرمى الكهنوت.. الحوثيون يعيدون إرث الإمامة ضد الفكر والكلمة
منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، لم تكتفِ مليشيا الحوثي الإرهابية بفرض سلطتها بالقوة العسكرية، بل شرعت في خوض معركة موازية أكثر ضراوة ضد حرية التعبير، واضعة الصحفيين في مقدمة أهدافها.
لقد أدركت هذه الجماعة أن الكلمة الحرة تشكّل خطرًا أكبر على مشروعها الطائفي والعنصري من أي مواجهة ميدانية، وأنّ الصحفي هو العدو الأخطر حين يفضح، ويوثق، ويُسائل.
الصحفيون بطبيعة عملهم شهود على الواقع وكاشفون له، وفي ظل جماعة تسعى لفرض أيديولوجيا قائمة على العنصرية والتكفير و"الحق الإلهي في الحكم"، وتُروّج لأفكار متطرفة خارج سياق العقل والمواطنة، يصبح وجود الصحفي المستقل خطرًا وجوديًا على مشروعها؛ فكل مادة صحفية، أو تقرير، أو منشور يفضح فسادها، أو يسلّط الضوء على فشلها في إدارة شؤون الناس، يُقابل بالقمع والملاحقة.
المليشيا، التي فشلت في تقديم أبسط الخدمات، ونجحت فقط في تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات نهب لصالح قادتها ومشرفيها، لا يمكنها تحمّل صوت يفضح، أو قلم يكتب الحقيقة. ولهذا؛ لا تهاجم الكلمة فقط، بل تستأصل حاملها.
منذ سنوات، يعيش الصحفيون في مناطق الاحتلال الحوثي تحت رعب دائم، فلا حصانة، ولا قانون، ولا مظلة تحميهم، بل سلطة بوليسية تستخدم الاختطاف، والاعتقال التعسفي، والتعذيب كأدوات قمع؛ مئات الصحفيين اعتُقلوا دون أوامر قضائية، وتعرضوا للإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي، في معتقلات تفتقر لأدنى شروط العدالة والكرامة الإنسانية.
وإن قُدّر للصحفي أن يُحال إلى المحكمة، كما في بعض الحالات، فذلك يتم عبر محاكم مختطفة، لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، بل إن الأحكام جاهزة سلفًا، وغالبًا ما تكون قرارات بالإعدام، كما حدث مع الصحفيين الأربعة، أو بالسجن والغرامات التعجيزية، كما في قضية الكاتب والصحفي محمد دبوان المياحي.
ومن أبرز النماذج؛ قضية الصحفيين الأربعة الذين صدر في حقهم حكم بالإعدام، في مشهد جسّد انتقام الجماعة من المهنة لا من الأشخاص فحسب، كما صدر حكم الإعدام بحق الصحفي الكبير يحيى الجبيحي، وامتد التنكيل ليشمل اثنين من أبنائه، بينما يتكرر المشهد اليوم مع المياحي، الذي حُوكم في محكمة حوثية، وقرأ القاضي الحكم من هاتف محمول أُرسل من غرفة عمليات الجماعة.
ما تمارسه جماعة الحوثي اليوم ضد الصحفيين ليس سوى استمرار لمنهجية الإمامة، التي رأت في القلم خصمًا لا بد من قمعه، فالحسن بن أحمد الهمداني، العالم والجغرافي الكبير، سُجن لسنوات لأنه كتب عن اليمن بعين مستقلة ورفض فكر السلالة. ونشوان الحميري، المفكر المجدد، كُفّر لأنه دعا إلى المساواة والمواطنة، وطالب بحقه أن يكون حاكمًا في بلاده. أما الإمام الشوكاني، فقد تعرّض لإساءات منحطة من سدنة الإمامة الزيدية، لمجرد أنه انتقد العصمة السياسية ورفض احتكار الحكم في عرقية غازية، والتاريخ يحمل الكثير من الشواهد، التي وصلت إلى حرق الكهنة لكتب اليمنيين وإرثهم ومكتباتهم.
وهو ما فعلته الإمامة الزيدية الهادوية قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، في مواجهة أصحاب الكلمة الأحرار منذ المحلوي مرورًا برجالات الحركة الوطنية الذين تم إطلاق الاتهامات ضدهم، وتخويف الناس منهم بحجة أنهم يريدون تحريف القرآن، وما نالهم من ملاحقات وتشريد وسجن وإعدامات، حتى أصبحت كلمة "مدسترين" تهمة إمامية يقصد بها من ينادون بدولة مدنية ودستور للبلاد.
هذه النماذج تؤكد أن استهداف الكلمة الحرة سلوك متجذر في الوعي الإمامي، وأن الحوثي ليس سوى امتداد حديث لذلك المشروع المظلم.
ولم تكتفِ الجماعة بملاحقة الصحفيين داخل اليمن، بل اتجهت إلى شيطنة المعارضين في الخارج، من خلال حملات سبّ وتشهير تتجاوز كل الأعراف اليمنية وأخلاقيات العمل العام.
الصحفيون المعارضون في المهجر يُتهمون بالعمالة، ويُشتمون بأقذع الألفاظ، في سلوك يُعبّر عن فزع حقيقي من الحقيقة، وتربية طائفية منحطة ترى في المخالف خطرًا يجب سحقه معنويًا.
رغم كل أدوات البطش، لم تنجح المليشيا في إسكات الصحفيين، بل زادتهم إصرارًا، والصحافة ستبقى صوت الناس ومرآة الحقيقة، والحوثي وفكره وخرافته إلى زوال، فالكلمة الحرة لا تُهزم، والصحفيون سيظلون شهود العصر، مهما ارتفع صوت الظلم، ومهما اشتدت آلة القمع.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مكافحة الفساد تحيل عدداً من المتهمين إلى النيابة في قضية غسل أموال
مكافحة الفساد تحيل عدداً من المتهمين إلى النيابة في قضية غسل أموال

26 سبتمبر نيت

timeمنذ 33 دقائق

  • 26 سبتمبر نيت

مكافحة الفساد تحيل عدداً من المتهمين إلى النيابة في قضية غسل أموال

26 سبتمبرنت:- عقد مجلس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد اجتماعه الدوري اليوم برئاسة عضو الهيئة الدكتور أحمد عبدالله الشيخ . وأقر المجلس في اجتماعه إحالة عدد من المتهمين الى نيابة الأموال العامة المتخصصة بقضايا الفساد في قضية فساد متعلقة بغسل أموال . وناقش مجلس الهيئة في اجتماعه عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله واتخذ إزاءها القرارات المناسبة.

سلطان عمان والرئيس الإيراني يبحثان المستجدات الراهنة في المنطقة
سلطان عمان والرئيس الإيراني يبحثان المستجدات الراهنة في المنطقة

26 سبتمبر نيت

timeمنذ 34 دقائق

  • 26 سبتمبر نيت

سلطان عمان والرئيس الإيراني يبحثان المستجدات الراهنة في المنطقة

عقد السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، اليوم، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي يزور مسقط حاليا، جلسة مباحثات رسمية موسعة. عقد السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، اليوم، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي يزور مسقط حاليا، جلسة مباحثات رسمية موسعة. وجرى خلال الجلسة تبادل وجهات النظر حول المستجدات الراهنة في المنطقة والسعي في تعزيز الشراكة بين البلدين لاسيما في مجالات الصناعة والتجارة والتعليم، إضافة إلى تعزيز التعاون في الأنشطة اللوجستية والصحية. وعقب جلسة المباحثات، شهد الجانبان التّوقيع على 5 اتفاقيات تعاون و10 مذكرات تفاهم و3 برامج تنفيذيّة في مجالات متعددة من بينها القانون والقضاء والاستثمار والاتصالات وعدة مجالات أخرى .

توضيح هام من وزارة التربية بشأن إعلان نتائج الشهادة العامة الأساسية
توضيح هام من وزارة التربية بشأن إعلان نتائج الشهادة العامة الأساسية

وكالة الصحافة اليمنية

timeمنذ 35 دقائق

  • وكالة الصحافة اليمنية

توضيح هام من وزارة التربية بشأن إعلان نتائج الشهادة العامة الأساسية

صنعاء / وكالة الصحافة اليمنية // نفت وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي في حكومة صنعاء بشكل قاطع ما يتم تداوله عبر بعض المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن إعلان نتائج اختبارات الشهادة العامة الأساسية. وفي تصريح صحفي، أكد مدير الاختبارات نجيب المطري، اليوم الثلاثاء، أن عملية التصحيح الإلكتروني لأوراق إجابات طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 1446هـ – 2024/2025م لا تزال جارية، مشيرًا إلى أن الوزارة لم تعلن حتى اللحظة أي نتائج رسمية. وأهاب المطري بالجميع عدم الانجرار خلف الشائعات أو تصديق الروابط الوهمية التي يتم تداولها على مواقع التواصل، داعيًا الجميع إلى ضرورة التحري واعتماد الأخبار الصادرة فقط عن الصفحات الرسمية للوزارة ومصادرها المعتمدة. ويأتي هذا التوضيح في ظل تزايد القلق والتفاعل على منصات التواصل، ما دفع الوزارة إلى كسر الصمت وتفنيد الأكاذيب، في خطوة تهدف إلى طمأنة الطلاب وأسرهم، والحفاظ على مصداقية العملية التعليمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store