
نداء من حسام بدراوي : حافظوا علي النحل حتي تستمر الحياة
صلاح دياب وأنا وتوازن الكون
حسام بدراوي
قرأتُ مقالًا جميلًا لصديقى صلاح دياب حول التأمل فى كيفية عمل الكون، ليس على المستوى الماكرو (الكلى) مثل الشمس والقمر ولا تعاقب الأيام والفصول، بل طريقة أداء الكائنات الهامشية الدقيقة، مهامها الموكلة إليها.
بعضنا يرى أن كثيرًا منها لا فائدة منها، ربما جهلًا بوظيفتها. لكننا لو تأملنا قليلًا، سنجد حكمة من خلقها وتوازنًا للحياة معتمدًا على وجودها، وضرب مثلًا بالنحل الذى سأعود إليه فى نهاية المقال.
نظرية غايا (Gaia Theory) هى تصور علمى وفلسفى مثير، طرحه العالم البريطانى جيمس لوفلوك (James Lovelock) فى سبعينيات القرن العشرين، بالتعاون مع العالِمة لين مارغوليس (Lynn Margulis). وتفترض النظرية أن:
الأرض ككل— كوكبنا بأكمله— هى كائن حى واحد متكامل، ذاتى التنظيم، يعمل على حفظ التوازن البيئى المناسب للحياة.
وتتلخص مبادئ النظرية فى أن الكائنات الحية والغلاف الجوى والمحيطات والتربة يتفاعلون معًا لتكوين نظام معقّد يعمل تلقائيًا على تنظيم البيئة، وأنّ الأرض تحافظ على درجة حرارة، ملوحة، حموضة، ونسبة أكسجين مناسبة للحياة، كما لو كانت «تضبط نفسها».
تضيف النظرية أن الكائنات الحية لا تعيش فقط فى البيئة، بل تساهم فى خلقها وتنظيمها.
وتَصعُد أمثلة من الواقع تدعم ذلك:
■ الطحالب التى تمتص ثانى أكسيد الكربون وتطلق الأكسجين، فتوازن الجو.
■ الكائنات الدقيقة التى تنظّم نسبة النيتروجين فى التربة والهواء.
■ الغابات التى تحافظ على رطوبة المناخ المحلى والعالمى.
اسم النظرية مستوحى من «غايا»، وهى إلهة الأرض فى الأساطير الإغريقية، التى تُجسد الأرض ككائن أمّ حىّ مانح للحياة.
لماذا هذه النظرية مهمة؟
■ لأنها تدعو إلى رؤية الأرض ككائن متكامل، وليس كمخزن موارد فقط، وتعزز فكرة الترابط بين الإنسان والطبيعة، والوعى بالمسؤولية البيئية، وأن الوعى البيئى قد يكون ضرورة للحفاظ على الكوكب… وعلى أنفسنا.
عدتُ إلى أوراقى فى توازن الحياة عندما أثار فكرى مقالَ صلاح دياب، واستخرجت ما كنت قد سجلته عن حكمة النحل وإنذار أينشتاين.
فى منظومة الطبيعة، لا شيء مخلوق عبثًا. كل كائن، مهما بدا بسيطًا أو صغيرًا، يؤدى دورًا جوهريًا فى توازن الحياة على هذا الكوكب. ومن بين هذه الكائنات العجيبة، يبرز النحل كمثال مذهل على التناسق والتكامل بين المخلوقات، وعلى عمق الترابط بين الإنسان والبيئة.
لقد قال أينشتاين، أو نُسب إليه القول: «إذا اختفى النحل من على وجه الأرض، فلن يبقى للإنسان أكثر من أربع سنوات ليعيش». هذه العبارة، وإن كانت محلّ جدلٍ من حيث نسبتها إليه، فإنها تعبر عن حقيقة علمية مؤكدة: النحل هو من الأعمدة الأساسية لاستمرار التنوع الحيوى على الأرض، إذ إن حوالى ٧٥٪ من المحاصيل التى نستهلكها تعتمد على التلقيح، والنحل هو العامل الرئيسى فى هذه العملية.
غير أن النحل اليوم فى خطر. ظاهرة «انهيار مستعمرات النحل» (Colony Collapse Disorder) باتت تؤرق العلماء والمزارعين معًا. واختفاء النحل لا يحدث بسبب عامل واحد، بل هو نتيجة لتراكم ضغوط بيئية عديدة: استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية، التغير المناخى، التلوث الهوائى والمائى، وتدمير المواطن الطبيعية نتيجة الزحف العمرانى الجائر. كلها تشكّل حلقة من الضغط المستمر على هذا الكائن الدقيق، الذى يشكّل ركيزة أساسية فى النظام البيئى.
وما يحدث للنحل ليس إلا مرآة لما يحدث للبيئة عمومًا. فكلُّ اختلالٍ فى عنصر من عناصر الطبيعة ينعكس على المنظومة بأكملها. وحين تختل هذه المنظومة، يصبح الإنسان نفسه فى مهب الخطر، لأنه ليس كائنًا منفصلًا عن البيئة، بل جزء لا يتجزأ منها.
لكن النحل لا يعلّمنا فقط عن الخطر، بل يقدّم نموذجًا للاستدامة والتكامل. ففى كل خلية نحل، يتوزع العمل بين الشغالات، والعاملات، والملكة، والذكور، فى نظام دقيق لا يُهدر جهدًا ولا يُفرّط فى المورد. إنها منظومة بيئية مصغرة، قائمة على التوازن والتعاون واحترام حدود كل كائن ووظيفته.
لقد آن الأوان أن نتعامل مع البيئة لا كمخزون نستهلكه، بل كنظام حى نحيا فيه. النحل، بصمته ورقّته، يدعونا إلى وعى جديد: أن الحفاظ على التنوّع البيولوجى ليس ترفًا، بل شرطًا لاستمرار الحياة. وأن احترام التوازن الطبيعى هو أرقى أشكال الذكاء البشرى.
إننى أدعو إلى مبادرة تعليمية بيئية تُلهم القراء وتربط الفكرة بالفعل، فالنحل، بصمته ورقّته، يدعونا إلى وعى جديد: أن الحفاظ على التنوّع البيولوجى ليس ترفًا، بل شرطًا لاستمرار الحياة. وأن احترام التوازن الطبيعى هو أرقى أشكال الذكاء البشرى.
ومن هنا، أقترح إطلاق مبادرة تعليمية بيئية فى المدارس تحت عنوان «حكمة النحل»، تهدف إلى: تعريف الأطفال والناشئة بدور النحل فى التوازن البيئى والغذائى، تنظيم زيارات ميدانية إلى المناحل والمحميات الطبيعية، تشجيع زراعة النباتات المحبّبة للنحل فى المدارس والحدائق العامة.
لابد لنا من ربط مفاهيم الاستدامة، والعمل الجماعى، والتنوع البيولوجى بالمناهج التعليمية، إشراك الطلاب فى مشاريع تفاعلية حول البيئة، ليشعروا بأنهم جزء فاعل من حماية الكوكب.
فحين نُعلّم أبناءنا أن نحلةً صغيرة يمكن أن تكون حجر أساس فى بقاء الحياة، فإننا نزرع فيهم وعيًا جديدًا، واحترامًا عميقًا للطبيعة، ومسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال القادمة.
تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 6 أيام
- 24 القاهرة
دراسة تكشف: أجسام البشر تُصدر ضوءًا خافتًا ينطفئ عند وفاتهم
كشفت دراسة جديدة أن البشر يتمتعون بالقدرة على التلألؤ الحيوي، وأن أجسامنا تصدر ضوءًا خافتًا ينطفئ عندما نموت، ولا يقتصر الأمر على البشر فقط بل يبدو أن الأمر يشمل كل أشكال الحياة. أجسام البشر تُصدر ضوء خافت عند وفاتهم ووفقًا لما نشره موقع ذا صن توصلت تجربة جديدة أجريت على الفئران والنباتات، من جامعة كالجاري والمجلس الوطني للبحوث في كندا، إلى أن كلا من أشكال الحياة يظهر أدلة مادية على وجود فوتون حيوي غريب بجسم الإنسان وتُعد الفوتونات الحيوية، أو الفوتونات الضعيفة للغاية، هي جزيئات صغيرة من الضوء تنبعث من الكائنات الحية. وأشارت إلى أن هذا الضوء المنخفض لا يمكن رؤيته بالعين المجردة وينطفئ تحت الضغط الشديد أو الموت، كما زعم عالم الفيزياء في جامعة كالجاري وحيد سالاري وفريقه، أنه كان هناك اختلافًا كبيرا في أعداد هذه الفوتونات في الفترة التي سبقت وبعد إعدام الفئران. وأجرى عدد من العلماء الدراسة على أوراق نبات الجرجير وشجرة المظلة القزمة، لتكشف عن نتائج مماثلة، وقد أظهر إجهاد النباتات عن طريق سحقها أدلة قوية على أن أنواع الأكسجين التفاعلية التي توجد بها. تؤدي إلى الوفاة المبكرة.. دراسة تكشف خطورة زيادة الوزن دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى انتشار الفطريات الخطرة


المصري اليوم
منذ 6 أيام
- المصري اليوم
بعد تصريحات إيلون ماسك بشأن موعد دمار الأرض.. علماء يكشفون التوقيت بالأرقام
كشف إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، في تصريحات له مؤخرًا، عن أن الحياة على الأرض ستُدمر يومًا ما بفعل ضوء الشمس المتطور باستمرار، وتوصل العلماء الآن إلى التوقيت الدقيق الذي قد يحدث فيه هذا الحدث. واستخدم باحثون من وكالة ناسا وجامعة ثرووب في اليابان أحدث الحواسيب العملاقة والنماذج الرياضية للتنبؤ بالتطور طويل الأمد للشمس، وتشير النتائج إلى أن الحياة على الأرض ستصبح مستحيلة بعد أكثر من مليار سنة من الآن، أي بحلول عام 1،000،002،021، بعد أن أجروا أكثر من 400،000 عملية محاكاة للتنبؤ بتأثير تغير درجة حرارة الشمس على الأرض. ووجد الباحثون أن الشمس الأكثر سطوعًا وسخونة ستؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما سيؤدي في النهاية إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض، ومع ارتفاع درجة الحرارة، ستتعرض الحياة على الأرض لتهديد متزايد، وستؤدي هذه العملية إلى فقدان معظم الكائنات الحية المنتجة للأكسجين، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في مستويات الأكسجين، مع مرور الوقت، ستبقى الكائنات الدقيقة القادرة على العيش بدون أكسجين (اللاهوائية) فقط. ويتوقع العلماء أيضًا أنه في غضون حوالي خمسة مليارات سنة، ستدخل الشمس مرحلة العملاق الأحمر، في هذه المرحلة، سينفد وقود الهيدروجين الذي يُغذيها، ونتيجةً لذلك، ستتمدد بشكلٍ كبير، من المتوقع أن تُؤدي هذه العملية إلى ابتلاع الشمس للكواكب الداخلية في نظامنا الشمسي، مثل عطارد والزهرة، وربما الأرض أيضًا. على الرغم من أن هذا الحدث لا يزال بعيدًا جدًا في المستقبل، إلا أن العلماء وإيلون ماسك يعتقدون أنه يجب علينا البدء في التفكير في مستقبل البشرية. يجادل ماسك، الذي لطالما دافع عن جهود استعمار المريخ، بأن المريخ يمكن أن يكون «تأمينًا على الحياة» للبشرية إذا لم تعد الأرض صالحة للسكن، وفي مقابلة حديثة، أكد ماسك: «المريخ هو تأمين على الحياة جماعيًا. الشمس مستمرة في النمو، ويجب أن نصبح حضارة متعددة الكواكب، لأن الأرض ستحترق في النهاية». في هذا السياق، صرّح ماسك بأن أحد أهم أهداف سبيس إكس هو جعل المريخ «حضارة مكتفية ذاتيًا» قادرة على البقاء على قيد الحياة رغم انقطاع إمدادات الأرض، موضحا أنه إذا اعتمد المريخ على الإمدادات من الأرض للبقاء، فهذا يعني أنه لم يُنشئ «تأمينًا حقيقيًا للحياة». ولدى ناسا أيضًا طموحات كبيرة فيما يتعلق بمهمة المريخ، ففي 1 مايو 2025، أعلنت إدارة ترامب عن تخفيضات هائلة في ميزانية ناسا، وكان من أبرز آثار ذلك تخفيض تمويل مهمة إعادة عينات المريخ (MSR)، وتهدف المهمة إلى جلب عينات من تربة المريخ إلى الأرض لتحليلها، وهو جزء مهم من خطة طويلة الأجل لاستكشاف المريخ بشكل أعمق. ومع ذلك، على الرغم من تخفيضات الميزانية، لا تزال الحكومة الأمريكية ملتزمة بتمويل البعثات إلى المريخ، ولا تزال سبيس إكس لاعبًا رئيسيًا في هذا الجهد. ويأمل ماسك أن يصبح المريخ مكانًا مستقلًا بما يكفي لدعم الحياة، حتى في حال انقطاع الإمدادات من الأرض، قبل أن نصل إلى نقطة حرجة، ويرى أن هذا يمثل نقطة تحول في تاريخ البشرية، حيث ستتمكن الحضارة من البقاء على قيد الحياة حتى لو لم تعد الأرض قادرة على دعم الحياة. لتحقيق ذلك، يجب على شركة ماسك لأبحاث الفضاء الأمريكية «سبيس إكس» والعلماء حول العالم العمل معًا لمواجهة التحديات الرئيسية في استعمار المريخ، بما في ذلك تطوير التكنولوجيا اللازمة لجعله صالحًا للسكن حقًا. يحذر إيلون ماسك والعلماء من أن الحياة على المريخ قد لا تكون ممكنة، ويرى ماسك أن هذه المسألة هي السبب الرئيسي وراء بدء مهمة استعمار المريخ قريبًا. فنظرًا لضيق الوقت، قد يكون المريخ آخر مكان يدعم الحضارة البشرية، ويعتمد مستقبل البشرية الآن بشكل كبير على قدرتنا على بناء حياة مستقلة على الكوكب الأحمر.


يمني برس
منذ 7 أيام
- يمني برس
شاهد بالصورة.. اكتشاف أنبوب مياه روماني فريد من نوعه في بلجيكيا
يمني برس-منوعات عثر عمال البناء على أنبوب مياه روماني فريد من نوعه مصنوع من الخشب في منطقة 'بلاوه هوك' بمدينة لوفن البلجيكية. وهو أول هيكل فعلي لأنابيب المياه يتم الحفاظ عليه بحالة ممتازة. وحافظت التربة الرطبة ذات المستوى المنخفض من الأكسجين على الخشب بحالة شبه مثالية، رغم مرور ألفي عام على صنعه. مواصفات الاكتشاف: طول الأنبوب: بين 20 إلى 30 مترا. عمق الدفن: حوالي 4 أمتار تحت سطح الأرض. مكون من جذوع أشجار مجوفة بطول 1.8 متر لكل قطعة. عمره التقريبي: 2000 عام. ويعود تاريخ الاكتشاف إلى القرن الأول أو الثالث الميلادي. ويشهد على وجود مستوطنة رومانية متطورة في هذا المكان، ربما مع نظام إمداد بالمياه وحتى محطة ضخ، الأمر الذي يسمح بالاستنتاج بأن مدينة لوفين كانت تتمتع بمكانة أرقى في العصور القديمة مما كان يُعتقد سابقا. وقال العلماء أن 'نتائج مثل هذه تُثبت أن الوجود الروماني هنا لم يكن عرضيا على الإطلاق'. وقد تم العثور على قطع أثرية أخرى في المنطقة أيضا، مثل فخار روماني، وبلاط سقف، وحُفر صرف صحي تعود إلى العصور الوسطى، وقطع نقدية معدنية. ومع ذلك، تتميز القناة بحجمها الكبير وتعقيدها التقني، خاصة بالنظر إلى ندرة مثل هذه الاكتشافات المصنوعة من المواد العضوية. ويُعتبر هذا الاكتشاف الأثري نافذة نادرة على أنظمة إمدادات المياه في العصر الروماني، حيث تظهر براعة الهندسة الرومانية في إنشاء البنى التحتية.