
مبادرة «بركتنا» وقيم المجتمع
إن القارئ المتمعن في كتاب الله.. يدرك أن الدين الإسلامي الحنيف.. كما هو معلوم.. كان سابقاً. بل وسباقاً؛ لكل التشريعات والنظم الوضعية والتشريعات الاجتماعية المعاصرة التي حضت على ضرورة رعاية كبار السن والعناية بهم..!
وكانت نظرة الإسلام واقعية، حيث بين أن أولى الناس بالرعاية والعناية والتقدير والاحترام هما الوالدان..
حيث كانا سبباً في وجود الإنسان ولذا نرى ربنا سبحانه وتعالى يوصي بهما خيراً ويجعل حقهما عقب حقه سبحانه وتعالى.. فقال في كتابه العزيز (وبالوالدين إحساناً) سورة النساء الآية 36.
ويرى عالم النفس SCHAIE أن التقدم في السن حالة تعبر عن التراجع التدريجي في قدرات الإنسان العقلية والجسدية والشعورية..! وهو تراجع قد يصل إلى مرحلة التدهور التي يتعذر فيها على الإنسان التكيف مع الواقع الذي يحيط به قياساً لسنوات العمر السابقة..
ولا يختلف اثنان على أن الشيخوخة مرحلة عمرية ترتبط بنهاية دورة حياة الإنسان.. ولذا لا يوجد مبرر لنسيان أو تناسي حق من تربطنا بهم صلة الرحم من كبار السن، حقهم علينا في رعايتهم والعناية بهم وبشؤونهم.
وفي هذا الزمن العبثي؟! عصر العولمة البغيضة تهتكت علاقات الناس وتميع البناء الاجتماعي بما يحمله من قيم التراحم والتكافل والمساندة الاجتماعية.. وأصبحت الفردية نزعة طاغية..! والأنانية سمة مسيطرة..
ومما لا شك فيه أن تراجع دور الأسرة الممتدة إلى خانة الصفر أصاب المجتمع في مقتل. والمشكلة أنه تتعذر العودة إلى أحضان الأسرة النواة الصغيرة الحجم في عدد أفرادها بل تستحيل.
ومن هذا المنطلق، ولكل ما سبق ذكره، وبإدراك ووعي واهتمام من قيادتنا الرشيدة بهموم ومكانة كبار مواطنينا، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بحضور سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، مبادرة «بركتنا»، التي تستهدف كبار المواطنين، ضمن منظومة أبوظبي للرعاية المجتمعية الشاملة للارتقاء بجودة حياتهم وضمان رفاهيتهم، إضافة إلى دعم قيم الترابط الأسري والتماسك المجتمعية.
وتهدف المبادرة التي تشرف على تنفيذها دائرة تنمية المجتمع - أبوظبي، بالتعاون مع مؤسسة التنمية الأسرية وعدد من الجهات والمؤسسات المعنية بالقطاع الاجتماعي في الإمارة، إلى تعزيز كفاءة تقديم الرعاية المنزلية الضرورية لكبار المواطنين في ظروف عائلية مناسبة تضمن لهم حياة مستقرة وصحية بين أبنائهم وأفراد أسرهم.
وأكد سموه أهمية المبادرة والمعاني والقيم الأصيلة التي تمثلها، مشيراً إلى أن كبار المواطنين أدوا دورهم في خدمة المجتمع ونهضة الوطن في مختلف المجالات ولا يزال عطاؤهم مستمراً.
ومن حقهم علينا رعايتهم ودعمهم وتحسين جودة حياتهم باعتبارهم مكوناً أساسياً وفاعلاً في المجتمع، وإن مبادرة «بركتنا» رد للجميل لهم وتعبير عن التقدير لتضحياتهم في سبيل رفعة الوطن والارتقاء به، مضيفاً سموه:
«كبار المواطنين مستودع للخبرة والأمناء على عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة لنقلها إلى الأجيال الجديدة، كما أنهم بركة الحياة، وبحكمتهم وبصيرتهم ينيرون طريق الجيل الجديد، وبتفانيهم وإخلاصهم يغرسون في نفوس وقلوب شباب اليوم وقادة المستقبل معاني الوفاء والعطاء والتفاني من أجل الوطن».
أعود لأقول إننا ما زلنا في مجتمعاتنا العربية جميعها في حاجة إلى من يذكرنا بواجباتنا تجاه كبار السن من الأهل والأقارب الذين أفنوا ريعان شبابهم وفي ظروف بالغة التعقيد! لنعيش نحن.. عاشوا في ظروف بعيدة عن الرفاهية والترف وبإمكانيات ليست ميسرة كالتي تعيشها نحن في هذه الأيام..!
إن كبار السن «كبار المواطنين» من مواطنينا هم شهود عصرهم وحملة الإرث الثقيل لجميع قيمنا.. عاداتنا وتقاليدنا التي تنتقل من جيل إلى جيل.. الذين لولاهم لما كنا نحن.
إن مبادرة «بركتنا» ما هي إلا ترسيخ للروابط الأسرية من خلال تطوير منظومة خدمات مجتمعية متكاملة تسهم في تخفيف الأعباء الحياتية وتعزز قدرة الأفراد على رعاية ذويهم من كبار المواطنين بكفاءة..
عبر تقديم الدعم اللازم إلى الأبناء وأفراد الأسرة لتحقيق التوازن بين مسؤولياتهم الشخصية والمهنية والاجتماعية، بما يضمن رفع جودة حياة كبار المواطنين ويسهم في تحقيق التماسك الأسري لبناء مجتمع متلاحم يجسد القيم الأصيلة الراسخة في مجتمع دولة الإمارات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
هل الصحبة السيئة من علامات ضعف الإيمان؟
أكدت الدكتورة فاطمة أبو العلا، أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، أن ضعف الإنسان أمام نفسه لا يعني بالضرورة أنه شخص سيئ، بل هو انعكاس لطبيعة بشرية تميل للاستسلام أحيانًا للهوى والمغريات والظروف المحيطة. وقالت خلال مداخلة هاتفية مع الدكتورة دينا أبو الخير، في برنامج «وللنساء نصيب» المذاع على قناة «صدى البلد» إن من أبرز أسباب تكرار الأخطاء ضعف الإيمان، والفراغ الروحي والعقلي، إلى جانب الصحبة السيئة، مشيرة إلى أن الإنسان الذي لا يجد ما يشغله إيجابيًا قد يسقط في دائرة السلوكيات الخاطئة. الصحبة الفاسدة تُضعف من عزيمة الفرد وأضافت أن الصحبة الفاسدة تُضعف من عزيمة الفرد وتحبط محاولاته للثبات على السلوك القويم، مستشهدة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، ما يبرز أهمية البيئة الاجتماعية المحيطة ودورها في تشكيل الشخصية. وشددت الدكتورة أبو العلا على أهمية توفير دعم نفسي واجتماعي للفرد، موضحة أن أول تلك الوسائل هو الدعم الأسري، الذي يتمثل في وجود بيئة آمنة، مشبعة بالحب والتفاهم والاحتواء، حيث تُعد الأسرة المؤسسة الأولى للتنشئة الاجتماعية.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
دينا أبو الخير: تكرار الذنب لا يمنع التوبة.. والله يغفر ما دام العبد تائبًا بصدق
أكدت الدكتورة دينا أبو الخير، الداعية الإسلامية، أن تكرار الذنب بعد التوبة لا يعني انقطاع رحمة الله أو رفضه لعبده التائب، مشددة على أن باب التوبة يظل مفتوحًا في كل وقت، ما دام الإنسان يعود إلى الله بقلب صادق ونية خالصة. وقالت خلال تقديم برنامجها «وللنساء نصيب» المذاع على قناة «صدى البلد» إن الإنسان قد يضعف أمام الشهوات أو هوى النفس أو وساوس الشيطان، فيقع في الذنب رغم توبته المتكررة، مشيرة إلى أن ذلك لا يُفقده أمل العودة إلى الله، بل يجب أن يكون دافعًا لمجاهدة النفس أكثر، والاستمرار في طلب المغفرة. وأوضحت أن أحد المتابعين وجه إليها سؤالًا عن شعوره بالخجل من تكرار التوبة بعد الوقوع في الذنب مرات عدة، وخشيته أن يكون ذلك استخفافًا برحمة الله، فأجابته بأن هذا الشعور بالحياء والخوف من الله هو دليل على بقاء نور الإيمان في القلب، وعلى إدراك مقام الرب جل وعلا. ضرورة الحذر من وساوس الشيطان وشددت على ضرورة الحذر من وساوس الشيطان التي تُقنع الإنسان بأن توبته لن تُقبل بسبب كثرة ذنوبه، قائلة: "هذا مدخل خطير من شياطين الإنس والجن، يُراد به إبعاد الإنسان عن باب الله، وجعله ييأس من المغفرة".


البوابة
منذ 6 ساعات
- البوابة
وزير الأوقاف يتفقد مستشفى أهل مصر للحروق ويشيد بإمكاناته الطبية والإنسانية
زار الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق بمحافظة القاهرة. وكان في استقبال الوزير، الدكتورة هبة السويدي، مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة ومستشفى أهل مصر لعلاج الحروق، و الدكتور نيازي سلام رئيس مجلس إدارة بنك الطعام المصري وعضو مجلس أمناء مؤسسة ومستشفى أهل مصر لعلاج الحروق، والبروفيسور نعیم مؤمن، رئيس الفریق الجراحي ورئيس المجلس الطبي ومجلس البحث العلمي بالمستشفى، و رفعت عبد المقصود، المدير التنفيذي للمستشفى، وإيمان شريف، الرئيس التنفيذي لمؤسسة أهل مصر للتنمية. تهدف الزيارة إلى الاطلاع على التجربة الرائدة التي يخوضها المستشفى في علاج مرضى الحروق وتقديم الرعاية الطبية الشاملة لهم، والوقوف على الدور البارز للمستشفى وتطوره الكبير و جاهزيته العالية وقدرته الاستثنائية على الاستجابة وتقديم الدعم الطبي والنفسي في أشد الظروف صعوبة. جولة تفقدية وأجرى وزير الأوقاف خلال الزيارة جولة تفقدية داخل أروقة المستشفى؛ للاطلاع على الخدمات التي تقدم للمصابين، حيث تم تفقد قسم الطوارئ وكيفية التعامل مع الحالات، وقسم العيادات الخارجية، ثم تفقد الإقامة الداخلية، والرعاية المركزة، وزار بعض الحالات التي تتلقى العلاج بالمستشفى، وشد من أزرها، وطمأن ذويها، ودعاهم إلى الثقة الكاملة في الله الرحيم القدير، وأهداهم كتاب الله عز وجل. وثمن وزير الأوقاف جهود إدارة المستشفى وطاقمه الطبي في توفير المتطلبات الطبية اللازمة، وتقديم العناية والرعاية للمرضى، واستيفائه لجميع عناصر النجاح؛ بما فيها الجوانب النفسية والعلاج الطبيعي. تخللت الزيارة جولة موسعة داخل المستشفى، شملت الطوارئ، وغرف الإقامة الداخلية، ووحدات العناية المركزة، وغرف العمليات، حيث استمع الوزير إلى شرح مفصل حول آليات العمل داخل المستشفى والخدمات الطبية المتطورة التي تقدم للمرضى على مدار الساعة. إمكانات طبية وتقنية وأبدى الوزير إعجابه الشديد بالإمكانات الطبية والتقنية والبشرية التي يتمتع بها المستشفى، مؤكدًا أن ما رآه يمثل نموذجًا متقدمًا للرعاية الصحية المتخصصة، لا في مصر فحسب، بل على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا. كما وجه وزير الأوقاف بإهداء ترجمة قصة (كتفي في كتفك) -وهي من تأليف مؤسسة أهل مصر للتنمية ومجموعة عصفورة لكتب الأطفال- إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ علمًا بأنها قصة مُستوحاة من قِصة حقيقية عن الطفل "بلال" الذي تعرض لحادثة كبيرة بسبب حريق كان من الممكن أن يقضي على طموحه ومستقبله؛ لكن بفضل عزيمته ومساندة أهله وأصحابه استطاع تجاوز المحنة والإقبال على الحياة من جديد بروح يملأها الأمل. تقديم رعاية متكاملة من جانبها، أعربت الدكتورة هبة السويدي عن امتنانها لهذه الزيارة، التي تؤكد دعم الدولة ورموزها الدينية لقضية الحروق، مشيرة إلى أن المستشفى يعمل على تقديم رعاية متكاملة تشمل العلاج الجراحي والتأهيل النفسي والدعم الاجتماعي، إيمانًا منه بأن مرضى الحروق يستحقون فرصًا حقيقية للحياة والاندماج من جديد في المجتمع، مؤكدة أن دعم المصريين كان العامل الأساسي في نجاح المستشفى وتحوله إلى أحد أكبر الصروح الطبية المتخصصة. تأتي هذه الزيارة في إطار سلسلة من الزيارات والدعم المستمر الذي يحظى به المستشفى من مختلف الجهات الوطنية والدينية والإنسانية، تعزيزًا لقضية الحروق كأحد أبرز القضايا الصحية التي تتطلب تضافرًا في الجهود، وتأكيدًا للدور الحيوي لمؤسسة ومستشفى أهل مصر لعلاج الحروق في بناء منظومة رعاية صحية قائمة على الإنسانية أولا. عدد الحالات جدير بالذكر أن مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق تمكن منذ افتتاحه في مارس 2024 من علاج أكثر من ثمانية آلاف مريض، واستقبال ما يزيد عن 2500 حالة في قسم الطوارئ، إضافة إلى تقديم الرعاية الفائقة لأكثر من 350 مريضاً في وحدات العناية المركزة للكبار والأطفال. ويتميز المستشفى بتقديم خدمات تأهيل نفسي واجتماعي متكاملة، فضلاً عن دوره في رفع الوعي المجتمعي بخطورة الحروق وطرق الوقاية منها. رافق الوزير خلال الجولة التفقدية كلٌّ من: الدكتور أسامة فخري الجندي، وكيل الوزارة لشئون المساجد والقرآن الكريم؛ والدكتور هشام عبدالعزيز، رئيس مجموعة الاتصال السياسي؛ والدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي – مدير المركز الإعلامي بالوزارة.