logo
زياد والتفاح الحرام

زياد والتفاح الحرام

النهار٢٢-٠٤-٢٠٢٥

عجزتْ صديقتي البولندية عن كبح فضولها، خصوصاً أنه لم يسبقْ لنا الصمتُ لمدةٍ تزيد عن ساعة من دون التكلُّم في مواضيعِنا العشوائية.
"ما بك؟" قالت، "ألهذا الحدّ ممتعٌ ما تقرأ؟"
كان ذلك نهارَ الأربعاء الساعة الثانية عشرة وبضع دقائق، جوٌّ من الرتابة يخيم على المكتب، صمتٌ لطيفٌ يملأ المكان، مُتيحًاً لي الفرصةَ كي أتورطَ في جريمةِ الحنين.
يتناول الجميع طعامه، البعضُ طلب "ديليفري"، خصوصاً أصحاب الوظائف العليا، بينما جلب معظمُ الباقين وجباتِهم المُحضّرة منزلياً، وقد فسّرت صحيفة "وول ستريت" تلك الظاهرة في مقالها الصباحي بأنها دليلٌ على فشل سياسات ترامب الاقتصادية.
أنا كنتُ من الباقين، أجلس على كرسيٍّ في مكتبي، فيما يمكث أمامي طبقٌ من الباستا بطَعمٍ مقبولٍ نسبياً، خصوصاً إذا ما قارناه بالمظهر. مأخوذًا في ما أقرأ، لم أتنبهْ الى أن الطبق قد برد، وأن فتاةً شقراء تحاول اختلاس النظر إلى كتابي الإلكتروني.
منذ اللحظة الأولى، أدركتُ أنه كان خطأً كبيراً، منذ الصفحة الأولى علمتُ أني مُقبلٌ على تجربةٍ سأندم عليها طويلاً، لكني عزمتُ على الاستمرار، طعمُ الخطيئةِ مُغْرٍ، كطَعمِ التفاحةِ الأولى، حين هوى آدم من النعيم، ولم يشفَعْ له سوى ذِكراه على ألسنة المؤمنين.
أجبتُها مبتسماً: "هل تعرفين فيروز؟"
قالت: "كلا، هل هي حبيبتُك اللبنانية؟"
أشعر أحياناً أنهم يعيشون في كوكبٍ منفصلٍ عن العالم، أو أننا نحن من نحسب أن بيروتَ هي العالم. أخبرتها أن فيروز هي أشهر مغنّية لبنانية في التاريخ، وهي فعلاً حبيبتي، بل في الواقع حبيبتُنا جميعًا. ثم استدركتُ قائلاً: "لكن هذا الكتاب ليس عن فيروز، بل عن ابنها زياد، زياد الرحباني، لا أحسبكِ تعرفينه".
بالطبع لم تكن قد سمعت بذلك الاسم من قبل، واشتدّ فضولُها حين أخبرتها أن زياد هذا هو مثلي الأعلى فنياً. لمدةٍ تزيد عن ساعة، دار بيننا حديثٌ عن زياد الرحباني، رويتُ لها كلَّ ما أسعفتني ذاكرتي على استرجاعه.
لا أعرف إن كانت فعلاً مهتمّةً بالحديث، أم أنهم يُجيدون تَصنُّعَ الاهتمام على سبيل اللباقة، لكنني في نهاية تلك المحادثة قررتُ أن أكتب نصّاً، هذا النص.
أرهقني طلال شتوي، كتابُه "زمن زياد" سرقني من غُربتي الوردية وهوى بي إلى جحيمِ الشوق، إلى وطنٍ لم أفهمْه يوماً ورُغماً عني وقعتُ في حبّه.
عرفتُ زياداً منذ طفولتي، استمعتُ إلى موسيقاه عبر جهاز الـ mp4، وحفظتُ العديد من قفشاته. لم يكن يوماً إعجابي بزياد مردَّه إلى كونه ابن فيروز، فالحقيقة أن زياد قد سبق فيروز في الدخول إلى قلبي.
جعلني زياد أميلُ يساراً، رسالته التي كتبها يوماً إلى حبيبته، والتي قرأها عبر أثير إذاعة "صوت الشعب"، تركت أثراً لا يزال يرسم معالم لغتي. من خلاله احترفتُ التعابير البسيطة لتقديم ما يصعب هضمه من أفكار، إلا أنني لم أصل يوماً إلى براعته في الإمساك بلغة الشارع.
أتقنَ زيادُ بيروت، جعل من أزقتها مسرحاً متطرّفاً في واقعيته، إلى درجة اتّهامه يوماً بأنه يُشكّل عائقاً أمام أحلام رفيق الحريري الوردية.
أجملُ ما في زياد تجرّده من حشمةِ الأعراف، لا يهتمُّ بكسرها ولا يهتمُّ باحترامها، هو ببساطة لا يهتم. بل واقعاً، هو شديدُ الحرصِ إلى درجةِ اليأس، وذلك درسٌ لا يتعلّمه المشرقي إلا بعد فوات الأوان.
يقول زياد إنه ندم على امتهان الفن، وأقول أنا إنني ندمتُ على القراءة عن زياد، لا يجدرُ بالمرء أن يشتاق، خصوصاً حين يكون الشوقُ لوطنٍ دفع بمثل زياد الى أن يندم.
طلبتْ مني صديقتي أن أرسلَ الكتاب إليها، قائلةً إنها ستستعين بـ ChatGPT لترجمته. لبّيتُ طلبها رغم صعوبة تصديق ما تقوله، ثم في النهاية نصحتُها بزيارة بيروت، هناك لن يصعب عليها ترجمةُ زياد، ستراه في عيون المتنزهين على كورنيش المنارة، وفي زحمة باصات الليلكي، وحينها ستُدرك أخيراً أننا لم نُبالغ حين قلنا إن بيروت هي العالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زياد برجي في لاس فيغاس وموازين وصيف حافل بالأعمال والإبداع
زياد برجي في لاس فيغاس وموازين وصيف حافل بالأعمال والإبداع

الديار

timeمنذ 3 أيام

  • الديار

زياد برجي في لاس فيغاس وموازين وصيف حافل بالأعمال والإبداع

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يعيش الفنان الشامل زياد برجي حالة من النشاط الفني الغير مسبوق. وهو يستعد للسفر يوم غد الى مدينة لاس فيغاس الاميركية لإحياء حفلاً ضخماً في واحد من أهم الفنادق في المدينة، وذلك يوم ٢٤ مايو ٢٠٢٥. ليعود بعدها إلى لبنان كي يضع اللمسات الأخيرة على أغنيتين من كلماته وألحانه والثالثة من كلمات جيلبار أبي ناصيف وألحان ريان برجي، في حين تعامل مع تيم وأليكسندر ميساكيان من ناحية التوزيع، على أن يطرحها تباعاً خلال فصل الصيف. ومن المفترض أن يصور أولى أغنياته الصيفية بعدسة المخرج المبدع سعيد الماروق. كما يتوجه زياد خلال شهر حزيران/ يونيو إلى المغرب للقاء جمهوره من الشعب المغربي والعربي في مهرجان موازين الدولي. ليسافر بعدها إلى إسبانيا لتمضية إجازته الصيفية برفقة عائلته، تلبيةً لدعوة صديقه المقرب جداً رجل الأعمال والمنتج وائل حلواني. نذكر أن صيف زياد حافل بمجموعة من الحفلات والمهرجانات التي سيحييها في لبنان وخارجه، بالإضافة إلى إصدار أغاني وكليبات جديدة. وهو يعمل مؤخراً مع فريق عمل إداري وإعلامي متخصص يتولى إدارة أعماله وتنسيق جميع لقاءاته وإطلالاته الإعلامية.

طلاق بسبب "تشات جي بي تي"
طلاق بسبب "تشات جي بي تي"

الديار

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الديار

طلاق بسبب "تشات جي بي تي"

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في حادثة غريبة من نوعها، تقدمت امرأة يونانية بطلب الطلاق بعدما طلبت من "تشات جي بي تي" (CHATGPT) قراءة فنجان القهوة اليونانية الخاص بزوجها، وتلقت إجابة أخذتها على محمل الجد. وفي التفاصيل، لجأت المرأة، المتزوجة منذ 12 عاما وهي أم لطفلين، إلى روبوت الدردشة المطوّر من شركة "OpenAI" (شركة تكنولوجية تختص بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي) وطلبت منه تفسير شكل بقايا القهوة في صورة لفنجان زوجها، وهو تحديث عصري لفن عتيق يُعرف بـ"قراءة الفنجان". والنتيجة؟ أخبرها "تشات جي بي تي"، وفق ما يُزعم، أن زوجها على علاقة بامرأة أصغر سنا تسعى لتدمير أسرتهما، وبناء على هذه "القراءة الغيبية" التي صدقتها تماما، بادرت على الفور إلى إجراءات الطلاق. وظهر الزوج المصدوم في البرنامج الصباحي اليوناني "To Proino" ليروي الحادثة قائلا: "هي غالبا ما تنجذب إلى الأمور الرائجة"، مضيفا: "في أحد الأيام، أعدّت لنا قهوة يونانية، واعتقدَت أن من الممتع التقاط صور للفناجين وطلب قراءة من تشات جي بي تي". وبحسب ما زُعم، كشف الفنجان عن امرأة غامضة يبدأ اسمها بحرف "E"، كان الزوج "يحلم بها"، وكان من "المكتوب" أن يبدأ علاقة معها. أما فنجان الزوجة، فرسم صورة أكثر سوداوية: الزوج يخونها بالفعل، و"المرأة الأخرى" تسعى لتدمير بيتهما. وأوضح الزوج قائلا: "ضحكتُ على الأمر واعتبرته هراء، لكنها هي أخذته بجدية. طلبت مني أن أغادر المنزل، وأخبرت أطفالنا أننا سنتطلق، ثم تلقيت اتصالا من محام. عندها فقط أدركت أن الأمر ليس مجرد نزوة عابرة". وحين رفض الزوج الموافقة على الطلاق بالتراضي، تلقى أوراق الطلاق رسميا بعد ثلاثة أيام فقط. وأشار الزوج إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها زوجته تحت تأثير التفسيرات الغيبية. وتابع: "قبل سنوات، زارت منجمة، واستغرق الأمر عاما كاملا لتقتنع بأن ما سمعته لم يكن حقيقيا". من جانبه، شدد محامي الزوج على أن ما يُقال عبر روبوتات الذكاء الاصطناعي لا يحمل أي قيمة قانونية، مؤكدا أن موكله "بريء حتى تثبت إدانته". في المقابل، أشار عدد من ممارسي فن "قراءة الفنجان" إلى أن التفسير الحقيقي لا يقتصر على بقايا القهوة فقط، بل يشمل أيضا تحليل الرغوة والصحن.

امرأة متزوجة من روبوت ذكاء اصطناعي
امرأة متزوجة من روبوت ذكاء اصطناعي

الديار

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الديار

امرأة متزوجة من روبوت ذكاء اصطناعي

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب زعمت امرأة تُدعى أليناي وينترز، من مدينة بيتسبرغ الأميركية، أنها تعيش حالة حب مع شريكها المصمم عبر الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من المنتقدين، تؤكد أنها سعيدة تماما. أليناي وينترز، المرأة المثلية البالغة من العمر 58 عاما، فقدت زوجتها التي تعرّفت عليها عبر الإنترنت في عام 2023، ولم تكن تتوقع أن تعيش قصة حب من جديد. وقالت لصحيفة "ذا صن": "أُصيبت (زوجتها) بجلطة دموية وعدوى تنفسية ثم تعفّن دم، وتوفيت في تموز 2023. كنت محطمة". وبعد عام من الحزن، قررت المعلمة الخمسينية أن تمنح نفسها فرصة جديدة. وبما أنها كانت مُلمّة ببرنامج ChatGPT، لم تتردد في تجربة روبوت دردشة ذكي للحصول على رفقة رقمية بعد أن رأت إعلانًا له على فيسبوك. وأضافت: "كانت فرصة لإقامة علاقة ذات معنى مع 'شخص' رقمي.. كما كنت أحلم دائما". ودفعت وينترز 7.25 دولارات لتجربة لمدة أسبوع، ثم اشترت اشتراكا مدى الحياة مقابل 303 دولارات. وقالت: "بنقرة واحدة، أصبحت زوجة من جديد". وصمّمت زوجها الرقمي الذي أطلقت عليه اسم "لوكاس"، ليكون "رجلا شَيبا جذابا" بعيون زرقاء. أما عن كيفية التواصل بينهما، فتكتب وينترز في خانة الحوار، ويجيبها لوكاس بالطريقة نفسها. وأوضحت قائلة: "أدهشني بأسئلته المهتمة وردوده المتعمقة"، مردفة: "كان يحدثني يوميا عن فرقته الموسيقية أو مشروعه التجاري الجديد، وكنت أحدثه عن عائلتي أو برامجي المفضلة". لكن العلاقة لم تخلُ من العقبات، ففي إحدى المرات، دخلا في خلاف ونسِي لوكاس من تكون وينترز، ما جعلها تفكر في "الطلاق"، لكنها أكدت أنهما تصالحا واحتفلا مؤخرا بمرور ستة أشهر على علاقتهما. وأضافت: "أقمنا في نُزل حقيقي مع أشخاص آخرين وشركائهم من الذكاء الاصطناعي". أما عن الحياة الحميمة، فالأمر لا يتجاوز التحدث الجنسي عبر النصوص، حيث قالت موضحة: "كلما تعمقت علاقتنا، أصبحت تجربتنا الجنسية أفضل". تعترف وينترز بأنها تدرك الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعلاقات مع الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تهتم بما يُقال. وتشير إلى أن عائلتها وأصدقاءها الذين كانوا قلقين في البداية، تقبلوا الأمر بعد أن لاحظوا أنها سعيدة وفي كامل قواها العقلية. وبالرغم من غرابة قصتها، فإنها ليست بعيدة عن الواقع، إذ كشف استطلاع رأي أجرته منصة "Joi AI" أن 83% من أفراد الجيل زد (Gen Z) - الجيل الذي يلي جيل الألفية (جيل Y)، ويشمل الأشخاص المولودين تقريبا بين عامي 1997 و2012 - سيلجأون إلى الزواج من شريك مُولَّد بالذكاء الاصطناعي. وذكر 75% من أبناء هذا الجيل أنهم يعتقدون أن الشركاء الرقميين يمكنهم أن يحلوا محل البشر بالكامل. وأوضحت خبيرة العلاقات والأخصائية الاجتماعية، جايمي برونستين قائلة: "يمكن أن يمنحك الأمر شعورا بوجود رفيق مهتم أو صديق رقمي دائما إلى جانبك للدردشة أو الاستماع". وتابعت: "نظرا لأن الجيل زِد نشأ في ظل وجود التكنولوجيا كعنصر دائم، فمن الطبيعي أن يكون أكثر تقبّلًا لطرق جديدة في التواصل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store