
فيروز تودّع نجلها زياد الرحباني وسط حضور فني وسياسي كبير
وشهدت الكنيسة حضوراً حاشداً من المصورين والصحافيين والشخصيات السياسية والفنية، فيما انتشرت عبر منصة 'إكس' فيديوهات تظهر لحظة وصول فيروز إلى الكنيسة وتقبلها التعازي.
وكان زياد الرحباني يعاني من تليف حاد في الكبد، ورفض إجراء عملية زرع الكبد، معتبراً أنه لا جدوى من البقاء وسط الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وتستمر مراسم استقبال التعازي في صالون الكنيسة لمدة يومين، وسط توقعات بمأتم حاشد على الصعيدين السياسي والفني، رغم رغبة العائلة في إجرائها بشكل بعيد عن الإعلام.
يذكر أن موكب التشييع شهد حشوداً كبيرة أثناء نقل جثمان زياد الرحباني من مستشفى BMG في منطقة الحمرا إلى مثواه الأخير.
https://twitter.com/ALJADEEDNEWS/status/1949752626754498834?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1949752626754498834%7Ctwgr%5Ef96e1626972a691add11a0eeb9768a2698640f5c%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.rt.com%2Fculture%2F1696847-D8A7D984D8B3D98AD8AFD8A9-D981D98AD8B1D988D8B2-D8AAD8AAD982D8A8D984-D8A7D984D8AAD8B9D8A7D8B2D98A-D8A8D986D8ACD984D987D8A7-D8A7D984D981D986D8A7D986-D8B2D98AD8A7D8AF-D8A7D984D8B1D8ADD8A8D8A7D986D98A-D981D98AD8AFD98AD988%2F
https://twitter.com/i/status/1949757350446809588
https://twitter.com/i/status/1949757331064885472
https://twitter.com/Annahar/status/1949769549462585625?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1949769549462585625%7Ctwgr%5Ef96e1626972a691add11a0eeb9768a2698640f5c%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.rt.com%2Fculture%2F1696847-D8A7D984D8B3D98AD8AFD8A9-D981D98AD8B1D988D8B2-D8AAD8AAD982D8A8D984-D8A7D984D8AAD8B9D8A7D8B2D98A-D8A8D986D8ACD984D987D8A7-D8A7D984D981D986D8A7D986-D8B2D98AD8A7D8AF-D8A7D984D8B1D8ADD8A8D8A7D986D98A-D981D98AD8AFD98AD988%2F
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
٣٠-٠٧-٢٠٢٥
- الوسط
جدل تثيره النجمة سيدني سويني بإعلان عن «سراويل جينز»
أثارت حملة إعلانية لعلامة «أميركان إيغل» التجارية لسراويل الجينز تظهر فيها الممثلة سيدني سويني جدلاً واسعاً على الإنترنت، إذ اتهمها مستخدمون بالترويج لتحسين النسل ومفاهيم تفوق العرق الأبيض، فيما رأى آخرون أنها جريئة وتؤكد القيم التقليدية. وأعرب بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم إذ اعتبروا أن ثمة دلالة عنصرية في ما رأوا فيه لعباً على كلمة جينز في شعار Sydney Sweeney has great jeans «لدى سيدني سويني جينز رائع»، نظراً إلى أن كلمة كلمة جينز jeans تلفظ تماما كما تُلفظ genes (أي جينات) بحيث يُفهم الشعار على أنه «لدى سيدني سويني جينات رائعة»، في إشارة إلى عينَي الممثلة الزرقاوين وشعرها الأشقر، وفقاً لوكالة «فرانس برس». أما آخرون، وهم أصلاً من منتقدي ما يصفونه بـ«أيديولوجية اليقظة» (ووك)، فقد أشادوا بالحملة التي أُطلقت الأربعاء الماضي. ونشر السيناتور الجمهوري تيد كروز من تكساس صورة لسويني على موقع «إكس» وكتب: «يا إلهي. الآن يهاجم اليسار المجنون النساء الجميلات. أنا متأكد من أن هذا سيحقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي». - - ولم يصدر اي تعليق علني على هذا الجدل عن شركة «أميركان إيغل» ولا الممثلة البالغة 27 عاما المرشحة لجائزة إيمي، والمعروفة بأدوارها في مسلسلَي «ذي وايت لوتس» و«أوفوريا». حملة «جريئة ومرحة» وجاء في بيان للشركة الأسبوع الماضي «سحر سويني وطاقتها، بالإضافة إلى قدرتها على عدم أخذ نفسها على محمل الجد، هي السمات المميزة لهذه الحملة الجريئة والمرحة». وأضافت أن تعاونها مع سويني يهدف إلى «تعزيز مكانتها كعلامة تجارية رائدة في مجال الدنيم بين الجيل زي». و«الدنيم» هو قطاع واسع في صناعة النسيج يختص بإنتاج وتصنيع واستخدام قماش الدنيم، المعروف بمتانته ومرونته وتعدد استخداماته في صناعة الملابس، خاصة الجينز. وقالت سويني في أحد الإعلانات وهي ترتدي سروالاً وسترة من نوع الجينز «تُورث الجينات من الآباء إلى الأبناء، وغالبا ما تُحدد سمات مثل لون الشعر والشخصية وحتى لون العينين. جيناتي زرقاء».


الوسط
٢٩-٠٧-٢٠٢٥
- الوسط
كيف وظف زياد الرحباني فنه أداةً لمناهضة الظلم والفساد؟
Getty Images يعد زياد الرحباني أحد أبرز الفنانين المجددين المعاصرين في الموسيقى العربية والمسرح السياسي الساخر في لبنان وعبر العالم العربي منذ عام 1970. ولم يكن غريبا أن يتبوأ زياد هذه المرتبة الراقية في مجال الفن على مدى حياته، فهو ثمرة زواج جمع بين أسطورة اسمها فيروز وموسيقار اسمه عاصي الرحباني مكناه من بيئة فنية متميزة. ورغم الشهرة الفنية العربية والعالمية والسمعة اللامعة التي عاش والداه في كنفها، شق زياد طريقه الخاص في وقت مبكر من حياته مبدعا ليؤسس لنفسه أسلوبا خاصا به مزج بين العمق الفني والإبداع الموسيقي والفكاهة السوداء والتمرد والنقد السياسي الجريء. كان زياد الرحباني في سنوات شبابه شاعرا استثنائيا وظف موهبته لوضع كلمات أغاني بسيطة حولها إلى ألحان موسيقية حديثة وتمثيليات سياسية ناقدة لواقع لبناني مؤلم بأسلوب ساخر. وأصبح أسلوبه الجامع بين العمق والتهكم حالة استثنائية في المشهد الثقافي العربي. في ربيعه السابع عشر حقق زياد الملحن أول نجاح له عندما عهد إليه والده عاصي الرحباني بتلحين أغنية "سألوني الناس" التي أدتها فيروز. وأثارت رصانة اللحن إعجاب الجمهور بدرجة أن الأوساط الفنية لم تصدق أن مبدعها شاب يافع، بل أن والده عاصي نفسه فوجئ بموهبة ابنه. وكانت الأغنية "سألوني الناس" انطلاقة تعاون فني بين فيروز وابنها، وضعت لبنة مسيرة المطربة في مراحل لاحقة من مشوارها. بعد نجاح لحنه الأول دخل زياد عالم المسرح بلعب دور الشرطي في مسرحية "المحطّة"، ثم مسرحية "ميس الريم" التي لحن مقدمتها الموسيقية. وشملت المقطوعة إيقاعات حزينة تارة وهادئة تارة أخرى، خرجت عن النسق المحافظ لمدرسة الرحباني. وعندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، أصر زياد الرحباني على أن يعكس فنه الهموم اليومية للناس وسط عنف القتال. وقدم أعمالا مزجت بين الكوميديا السوداء والنقد السياسي اللاذع، وحول خشبة المسرح إلى مرآة تعكس بصدق انقسام المجتمع اللبناني وجروحه آنذاك. شكلت مسرحيات زياد الرحباني محطة مفصلية في تاريخ المسرح اللبناني والعربي عموما. فزياد هو من حمل مشعل القطيعة مع المسرح الغنائي التقليدي، لينتقل بالمشاهد إلى مسرح سياسي نقدي يعبر عن نبض شارع تتقاذفه التناقضات، ويؤثثه جيل ضائع في أتون الحرب وهو يبحث عن خلاص حقيقي. ويجمع النقاد على أن زياد الرحباني حطم القوالب الكلاسيكية، وقدم مسرحا سياسيا نابعا من الواقع، تناول الهوية والانقسام والفساد والمقاومة بجرأة غير معهودة. ترك زياد الرحباني وراءه إرثا موسيقيا غنيا ومسيرة فنية رائدة أثرت في الحياة الموسيقية والمسرحية للبنان. كان معروفا عنه حبه للاختلاف والتغيير في الموسيقى حتى أصبح يشار إليه بصفة "المتمرد". إلا أن الراحل كان يرفض نعته بتلك الصفة. وفي إحدى تصريحاته التلفزيونية قال: "دائما ما كان يقال عني أني شخصية متمردة، ولكن لم أكن أفعل شيئا مقصودا... كل ما يحدث أنني أتصرف بطبيعتي، لأخرج لحنا جيدا". رحل زياد لكن أعماله وألحانه ستبقى خالدة بعده بصوت فيروز، وهو الذي لحن أكثر من 15 أغنية بينها "أنا عندي حنين" و"عندي ثقة فيك" و"بعتلك" و"ضاق خلقي" و"سلملي عليه" و"وحدن" ، و"البوسطة" و"معرفتي فيك" وغيرها. يرى نقاد كثيرون أن زياد الرحباني كان فريدا في إنتاجاته الموسيقية، رفع سقف جودة اللحن ورصانته ومستوى التجديد فيه. وربط الفن باللحظة التاريخية في لبنان تحديدا ووسع من أفق الأغنية العربية عموما. عرف عن الراحل انحيازه الدائم إلى جانب الفقراء والمظلومين، ساند القضية الفلسطينية، والمقاومة ضد إسرائيل. رأى في الشيوعية انحيازا أخلاقيا للعدالة. كان في دعمه حقيقيا وفي نقده لاذعا. كثيرون يقولون إن زياد كان صوتا وفكرا وذاكرة وموقفا، ولربما لن يجود الزمان بمثله. برأيكم: كيف وظف زياد الرحباني فنه أداةً لمناهضة الظلم والفساد؟ هل ترك بصمات على الفن والموسيقى اللبنانية والعربية؟ ما هي أهم تركة فكرية له؟ هل نجح زياد في إيصال رؤيته الفكرية للمجتمع اللبناني؟ هل يتأثر الإبداع الفني في لبنان بغياب شخصية مثل زياد الرحباني؟ هل هناك مبدعون قادرون على مواصلة نهج زياد في الإبداع الموسيقي والنقد المسرحي؟ أين تصنف زياد الرحباني بين عمالقة الموسيقى والمسرح العربي؟ نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 30 يوليو/تموز. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب هنا.


الوسط
٢٩-٠٧-٢٠٢٥
- الوسط
الأم الحزينة في حضرة الغياب: أغنية فيروز الأخيرة مع زياد
AFP السيدة فيروز وابنتها ريما الرحباني أمام نعش زياد الرحباني لم يكن محبّو فيروز يتمنّون أن يكون اللقاء المنتظر بها في مناسبة أليمة، كعزاء ابنها زياد الرحباني. توافد المئات إلى كنيسة رقاد السيّدة في بلدة المحيدثة - بكفيا الجبلية، في منطقة المتن (جبل لبنان)، يوم الإثنين، لتشييع الموسيقار الراحل عن 69 عاماً. في باحة الكنيسة، كنا نسمع الناس يتهامسون: "هل رأيتِ الستّ؟ هل فيروز هنا حقاً؟ سلّمتَ عليها؟ معقول سوف نراها؟" تقدّم المعزّون نحو فيروز كما لو أنهم في حالة انخطاف. كانت تجلس في ركن الصالة، يقتربون منها بصمت، ينحنون أمامها لثوانٍ، يُتمتِمون كلمات مواساة، ثم يمضون، وكأنهم تبرّكوا. بدت، بمنديلها الأسود المُسدل على شعرها، بوقارها وثباتها، كأنها نواة مجرّة تدور الكواكب حولها في صمت. الناس يقتربون منها كأنّهم مأخوذون بجاذبية لا تُقاوَم، تخضع لقوانين فيروزيّة خفيّة. في حضرة فيروز، وقف الجميع دون تمييز بين شخصيات عامّة ومواطنين، بين أصحاب سلطة وبسطاء؛ كلّهم سواء، ينتظرون لحظة الوقوف أمامها. لأعوام طويلة، اعتادت فيروز الغياب. اختارت الابتعاد عن الأضواء، ونادراً ما ظهرت في حفلات أو أصدرت أغنيات جديدة أو تحدّثت في مقابلات صحافية. لذلك، ترك وجودها، على مقربة من المئات ولساعات طويلة، محاطة بالكاميرات، أثراً عميقاً في نفوس الحاضرين. على وجوه الناس في باحة الكنيسة ارتسم شيء من عدم التصديق: عدم تصديق لرحيل زياد، الفنان الذي ترك أثراً عملاقاً في الموسيقى والمسرح العربي لأكثر من نصف قرن، وعدم تصديق لوجود والدته بينهم. لكنها كانت هناك، جالسة أمام نعش ابنها، لا كأيقونة، ولا كفنانة، ولا كمحبوبة جماهير، ولا حتى كفيروز، بل كأم زياد فقط، كصاحبة العزاء. وفي حضرة حزنها، وأمام نعش زياد، تكثّف الصمت. همس الناس همساً. لحظة وصولها إلى صالة العزاء صباح الإثنين، ارتبك الصحافيون تحت وقع المفاجأة، فحدث تدافع لبضع دقائق، وحاول بعضهم اقتحام خصوصيّة العائلة. لكن، ما إن جلست على كرسيها، سكن كل شيء. لم يعد أحد يرغب بإزعاجها، وعلت أصوات المرتّلين. Getty Images السيدة فيروز تتقبل التعازي بابنها الموسيقار الراحل زياد الرحباني البعيدة القريبة غياب فيروز وحضورها مسألتان لطالما أثارتا الجدل. بعضهم يلومها على "الاعتصام في برجها العاجي"، كما يُقال. وبعضهم يروّج لتكهّنات حول حالتها الصحية مع تقدّمها في العمر. وآخرون يدافعون عن حقّها في العزلة واحترام خصوصيّتها ورغبتها في حياة هادئة تشبهها، بعيدة عن الضجيج. لكنّ خيار الاحتجاب، في عيون محبّيها، يثير الشوق والغصّة معاً، لأن خفوت حضورها لا يتناسب مع حجم العاطفة الجارفة تجاهها. فمحبّة فيروز، في الوجدان العام، ليست مجرّد ذائقة فنية أو إعجاباً بسيدة صنعت مجداً غنائياً ومسرحياً فريداً، وكانت العمود الثالث في المدرسة الرحبانية مع رفيق دربها عاصي، وشقيقه منصور. محبّة فيروز جزء من هوية الناس، من طريقتهم في التعريف عن أنفسهم. مكانتها كأيقونة ورمز وإرث، ليست تفصيلاً في يوميات ملايين اللبنانيين والعرب، بل ظلٌّ طاغٍ. لكن هل تعني المسافة الغياب حقاً؟ صحيح أن فيروز معتصمة في بيتها، إلا أنها لم تخرج من قلوب الناس. فهي بعيدة قريبة، تغيب ولا تغيب، مثل نجمة كفرغار، كما في أغنيتها الشهيرة من فيلم "بنت الحارس" (1968). يرى كثيرون في ابتعادها حكمة، وقراراً مدروساً. فربما ترى أن الكلام لم يعد يضيف ولا ينقص، وأن مواقفها، باتت حملاً ثقيلاً. ففي السنوات الماضية، تعرّضت فيروز أحياناً لهجمات بسبب تصريحات لم تصدر عنها، بل نُسبت إليها. فالكلّ يريد لفيروز أن تشبهه، بينما ترى هي، أن من واجبها وحقّها الحفاظ على إرث يتجاوز المناكفات. الكبار يصلون إلى مرحلة ما بعد الحاجة للكلام. Getty Images فيروز محاطة بابنتها ريما الرحباني ومحاميها فوزي مطران ونائب رئيس مجلس النواب اللبناني الياس بو صعب يتدثّرون بمنديلها كان آخر ظهور علنيّ لفيروز في سبتمبر/أيلول 2020، حين زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزلها، وقلّدها وسام جوقة الشرف الفرنسي، أرفع وسام تمنحه الدولة الفرنسية. خرجت عن اللقاء يومها مجموعة صور نادرة لفيروز، لم يحظ بها محبّوها منذ زمن. جاءت الزيارة في خضمّ الانهيار المالي وأزمة المصارف وتفجير مرفأ بيروت، وكأنها تذكير بأن لبنان، رغم كل ما خسره، ما زال يملك فيروز. تكرّست هذه المكانة الأيقونية بمرور الزمن، إذ عايشت المغنية التسعينية مآسي أبناء بلدها كافة، على امتداد ما يقارب القرن، وتقاطعت مآسي الوطن مع مآسيها الشخصية، من الحرب الأهلية، إلى رحيل زوجها عاصي الرحباني عام 1986، ثم وفاة ابنتها ليال عام 1988. ومع جلوسها أمام نعش زياد، تجلّت لحظة لا تكثّف حزنها الخاص فقط، بل حزن وطن لم يعد يحتمل المزيد من الخسارات. ومع أنها صاحبة المصاب، إلا أن الناس، وهم يلتفّون حولها، بدا كأنهم يرغبون في التدثّر بمنديلها، لكي تعزّيهم هي، وتُطمئنهم أن ظلّها لا يزال بينهم. في وداع زياد، كانت "سيّدة الأصول"، تؤدّي واجبها، متقدّمة عائلة الرحباني، متعالية على خلافات طالما كُتب عنها، وعن معارك قضائية بين ورثة عاصي وورثة منصور كان لها وقع إعلاميّ سلبيّ على مدى سنوات. ورغم ثقل اللحظة، كانت الساعات التي قضتها بين الناس، نافذة إلى معرفة نادرة وثمينة. عرفنا أنها بصحة جيدة، رغم التعب والشيخوخة وخطواتها التي أثقلها الحداد. عرفنا أيضاً أنها محاطة بأيدٍ أمينة: فإلي يمينها جلست ابنتها ريما الرحباني، تراقب كلّ حركات والدتها، وإلى يسارها محاميها الشخصي فوزي مطران، الذي حرص على ألّا يبالغ أحد المعزّين بالانفعال أمامها. Getty Images فيروز ترنم تراتيل الجمعة العظيمة في كنيسة مار الياس في بيروت في أبريل/ نيسان 2008 الأم الحزينة صور فيروز في جنازة ابنها تستحضر سلسلة من المشاهد القديمة، ارتبط فيها حضورها العام بارتداء الأسود، خصوصاً في تسجيلاتها لترانيم الجمعة العظيمة (أي ذكرى صلب المسيح، لدى الطوائف المسيحية). على مدى العقود الثلاثة الماضية، تحوّل هذا الطقس إلى موعد ثابت، ينتظره الناس للحصول على إطلالة نادرة على "الستّ". كانت تظهر في تلك التسجيلات القليلة جاثية، تغطي رأسها بالمنديل الأسود، وترنّم. لهذا لم يكن غريباً أن يُشبِّبها كثيرون على مواقع التواصل، بـ"الأم الحزينة"، بعد انتشار صورها في العزاء، في استعارة من صورة مريم العذراء في صلوات الرثاء المسيحية. في الذاكرة الدينية والأسطورية على السواء، تظهر الأم والإبن كمحورين لمشهد الفقد. في اللاوعي الجمعي، ثمة دائماً ذلك الرابط المقدّس بين الأم وابنها، سواء في المسيحية، أو في الميثولوجيا القديمة حيث كانت الديانات تستعيد صورة "الأم الإلهة" و"الابن المخلّص"، بتمثيلات وطرق مختلفة. لكن، إلى جانب صورة الأم المكلومة، برز نوع آخر من الحداد: حداد على علاقة فنية استثنائية جمعت فيروز بزياد. في تلك العلاقة، لم يكن زياد مجرّد امتداد لمدرسة الرحابنة، بل كان صوتاً خاصاً، اصطدم بإرث والده، وجادل صورة والدته، وغيرّ مسارها الفنّي. لم يتعامل زياد مع فيروز كرمز لا يمسّ، بل كمغنية يملك صوتها قابلية التعبير عن أبعاد لم تُلامسها من قبل. حرّكها من موقع الأيقونة، إلى امرأة تغنّي عن الخوف، عن الخيبة، عن الحبّ المتعثّر، عن هشاشتها، عن رغبتها بالانعتاق من صور الرومانسية التقليدية. ذلك التحوّل لم يكن صوتياً أو تقنياً أو موسيقياً فقط. في نظر كثيرين، كان لحظة إعادة تعريف لصوت فيروز. جعله أقرب، أكثر عرضة للانكسار، بدون أن يفقده هيبته. لم تكن تلك الأغاني مجرّد تجريب موسيقي. أعاد زياد رسم ملامح فيروز، ووسّع حدودها. وفي الوقت نفسه، رسّخ مكانته كملحّن مختلف، صاحب مشروع فني مستقل، في أعمال مثل "كيفك إنت"، و"بلا ولا شي"، و"كبيرة المزحة". هكذا، في حضورها المهيب أمام نعشه، بدت فيروز وكأنها تنهي مع زياد، أغنيتهما الأخيرة معاً.