
إسبانيا تعلن حالة الطوارئ بعد انقطاع الكهرباء وتؤكد سلامة المفاعلات النووية
أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية الإثنين حالة الطوارئ بعد أن شهد معظم أنحاء شبه الجزيرة الإيبيرية انقطاعاً في التيار الكهربائي.
وأضافت الوزارة أن حالة الطوارئ ستطبق في المناطق التي تستدعي فيها الضرورة ذلك. وطلبت مدن عدة من الحكومة المركزية تولي مسؤولية النظام العام فيها.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز مساء الإثنين أن حكومته "لا تستبعد" أي فرضية بشأن أسباب انقطاع التيار الكهربائي الواسع النطاق.
وقال سانشيز خلال مؤتمر صحافي هو الثاني خلال يوم واحد وعقده بعد 11 ساعة من بدء الحادث الذي لم يتم تحديد أسبابه بعد إنه "يجري تحليل كل الأسباب المحتملة، وأنا أصر على ذلك، من دون استبعاد أي فرضية أو أي احتمال".
وبعيد تصريح سانشيز أعلنت شركة (آر إي إي) المشغلة للكهرباء في إسبانيا فجر اليوم الثلاثاء أنها تمكنت من إعادة التيار إلى أكثر من 61 في المئة بالبر الرئيسي للبلاد.
وقالت الشركة إن 61.35 في المئة من التيار الكهربائي عاد، مشيرة إلى أنها "تواصل العمل على إعادة الوضع إلى طبيعته في نظام الكهرباء".
وبدأ الانقطاع ظهر الإثنين في الساعة 12:33 (10:33 توقيت غرينتش).
المفاعلات النووية في حالة آمنة
قال مجلس السلامة النووية في إسبانيا إن المفاعلات النووية السبعة في البلاد في حالة آمنة بعد انقطاع التيار الكهربائي. وتوقفت أربعة مفاعلات عن العمل تلقائياً بعد الانقطاع، وبعد ذلك تم تشغيل مولدات الطوارئ.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف المجلس أن مولدات الطوارئ بدأت العمل أيضاً في ثلاثة مفاعلات توقفت لفترة عن العمل للحفاظ على سلامتها.
من جانبها، استبعدت شركة (إيه.إن.إيه) المسؤولة عن إدارة مطارات برتغالية الإثنين إقلاع أي رحلات جوية من لشبونة حتى العاشرة مساء بالتوقيت المحلي. وأضافت الشركة في بيان أن العمليات مستمرة في مطاري بورتو وفارو، لكن مع بعض القيود.
تعطل شبكات الهاتف وتوقف القطارات
انقطع التيار الكهربائي على نطاق واسع في إسبانيا والبرتغال الإثنين، ما أدى إلى تعطل شبكات الهاتف المحمول والإنترنت وتوقف القطارات، وفق ما أعلن مسؤولون.
وتبذل الحكومة الإسبانية جهوداً حثيثة لتحديد مصدر الانقطاع الكبير للتيار الكهربائي.
وفي البرتغال المجاورة، قالت شركة الكهرباء في بيان أرسلته لوكالة الصحافة الفرنسية إن شبه الجزيرة الإيبيرية بأكملها تأثرت بانقطاع الكهرباء، مضيفة أن الانقطاع حدث بحدود منتصف النهار.
وفي الأعوام الأخيرة، شهدت دول أخرى حول العالم انقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي.
وتسبب الانقطاع الكبير للكهرباء في إسبانيا والبرتغال في "اضطرابات" في خدمة الإنترنت وعمل المطارات في المغرب، بحسب ما أعلنت الجهات المعنية.
وقالت شركة "أورانج"، إحدى شركات الاتصالات في المغرب، في إعلان لزبائنها عبر حسابها على فيسبوك "نحيطكم علماً أن اضطراب شبكة الإنترنت راجع إلى انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال، مما أثر على الروابط الدولية".
وفي الجزائر، أعلنت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية عصر الإثنين احتمال حصول "اضطرابات في خدمة الإنترنت (...) في الساعات القادمة"، "نظراً لانقطاع التيار الكهربائي العام الذي مس إسبانيا و دولاً أوروبية أخرى".
لكنها أضافت في بيان على فيسبوك "مع ذلك، نود أن نطمئنكم الى أنه تم اتخاذ إجراءات وقائية (...) لضمان استمرارية الخدمات لفترة زمنية محددة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 أيام
- Independent عربية
معيلات غزة ينتزعن قوت أطفالهن بإرادة منهكة
تتلمَّس خولة رؤوس أطفالها بحنِّية ثم خرجت وإياهم من الخيمة التي يعيشون فيها إلى مكان الفرن، تخاطبهم قائلة "أحمد، عليك جمع الحطب، وأنت يا تامر أشعل النار لنبدأ في خبز الأرغفة وتوزيعها للناس، أما أمل فستتولى مهمة المحاسبة". بعدما فقدت خولة زوجها في الحرب الإسرائيلية على غزة وجدت أسرتها بلا معيل وتعقدت حياتها كثيراً، إذ باتت عاجزة عن تلبية حاجات صغارها، واضطرت إلى العمل لمواجهة ظروف الحرب القاسية أسوة بباقي نساء غزة. فرن من طين تقول خولة "أصبح صغاري بلا معيل يعينهم على توفير أدنى حاجاتهم اليومية، وحينها وجدت نفسي أمام تحديات صعبة، وقررت العمل في أي شيء، واليوم أدير مشروعاً صغيراً، إنه فرن من طين أخبز عليه أرغفة النازحين في مراكز الإيواء بمقابل مبلغ مادي". أصبحت خولة المعيل الوحيد لأسرتها، وتوقفها عن العمل لأي يوم يعني جوع صغارها. وتضيف "أوزع طاقتي بين حزن الفقدان والمسؤولية الثقيلة من أمور خيمة الإيواء والعمل لتوفير طعام لنا، ما أقوم به يعد محاولة للبقاء". تعمل خولة يومياً نحو 12 ساعة متواصلة، وتوضح أنها تواجه أزمات مركبة بعد موت زوجها، لا سيما بعدما اشتد الحصار وتوقفت المساعدات وارتفعت أسعار البضائع، وهذه أسباب جعلتها غير قادرة على إطعام أطفالها. تواجه النساء صراعاً نفسياً مرهقاً بسبب فقدانهن أزواجهن أو أبناءهن (أ ف ب) تعجن الطحين للنازحين أما نرمين فهي تبدأ يومها قبل شروق الشمس، فتذهب للوقوف في طوابير التكايا للحصول على وجبة طعام واحدة، ثم تتجه لعجن العجين لجاراتها مقابل أجر مادي بسيط، تقول "تعرضت لصدمة حقيقية غيرت مجرى حياتي حين بُترت قدم زوجي نتيجة قصف إسرائيلي، بعدها باتت أسرتي بلا معيل". وتضيف "هذا الأمر دفعني للعمل في عجن الطحين للنازحين مقابل أجر مادي، الأموال التي أحصل عليها أشتري ما يحتاج إليه صغاري من مستلزمات وأشتري الدواء لزوجي، وأعمل في ظروف صعبة للغاية". لم تعمل نرمين يوماً في حياتها، وكانت ربة منزل، لكن فجأة وجدت نفسها المسؤولة الوحيدة عن أربعة أطفال، وتوضح "في البداية، كنت أعيش على المساعدات، لكنها لم تكن كفيلة بتوفير حاجاتنا اليومية، الأمر ليس سهلاً، لذلك اضطررت إلى العمل". ضاعفت الحرب نسب الفقر لتصل إلى 98 في المئة في صفوف النساء (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة) خياطة اتجهت سمية للعمل في الخياطة لمساعدة زوجها على تلبية حاجات أسرتهما، وتقول "ارتفعت أسعار البضائع 4000 ضعف ثمنها الحقيقي، ولم نعد قادرين على شراء الطعام، فكرت في الأمر ووجدت نفسي مجبرة على خياطة الملابس وبيعها". تحقق سمية هامش ربح بسيطاً، وتضيف "بتنا نأكل من الأموال القليلة التي نجنيها، اليوم عمل النساء في غزة ليس لإثبات الذات، وإنما للمساهمة في إطعام الأطفال، في الحقيقة أعاني الإرهاق الشديد جراء صعوبة المواءمة بين أن أكون أماً وامرأة عاملة". تعتقد سمية أنها مجبرة على العمل لمواجهة التحديات، وتشرح "المؤسسات الإغاثية توقفت عن توزيع المساعدات الإنسانية نتيجة إغلاق المعابر ومنع إسرائيل من إدخال المساعدات لغزة، لم أجد حلولاً بهدف توفير قوت أطفالنا سوى العمل". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) شيف متعثرة قبل أيام باعت غدير آخر قطعة ذهب كانت معها، واشترت بثمنها مواد غذائية وأخذت تصنع وجبات منزلية تبيعها في الأسواق، تقول "أحاول التغلب على الغلاء الشديد الذي طاول كل شيء". لم يستمر مشروع غدير طويلاً وفشلت في مهمتها، مما دفعها للتقدم بطلب وظيفة شيف في مطبخ خيري، تضيف "أجيد الطبخ، وقد حصلت على عديد من الدورات في السابق، والحصول على راتب سيمكنني من تخفيف أزمات أسرتي". وإلى جانب التحديات الاقتصادية تواجه النساء صراعاً نفسياً مرهقاً بسبب فقدانهن أزواجهن أو أبناءهن المسؤولين بصورة مباشرة عن توفير متطلباتهن ومتطلبات عائلاتهن، وتركهن في مواجهة واقع لا يمنحهن الوقت الكافي للحزن. نساء غزة يعملن في ظروف صعبة للغاية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة) أرامل وفقاً لبيانات المركز الفلسطينية للإحصاء (مؤسسة حكومية) فإن الحرب على غزة ضاعفت نسب الفقر لتصل إلى 98 في المئة في صفوف النساء، وتخطت نسب البطالة حاجز الـ80 في المئة، وهذه العوامل خلقت ضغطاً اقتصادياً هائلاً على الأسر، مما أجبر النسوة على العمل. يقول المتحدث باسم الصليب الأحمر في غزة هشام مهنا، "مئات آلاف الأسر في غزة باتت تحت خط الفقر، يفقد الناس حياتهم بسبب عدم توفر الغذاء، نريد أن نرى استجابة إنسانية مستقرة حتى يحدث التغيير المطلوب". وبحسب عمليات الرصد فإن 80 في المئة من النساء بدأن عملهن في الحرب بسب خسارتهن أزواجهن. تقول أماني "لا يتوقف الفقد عند خسارة الشريك فحسب، بل يبدأ بعده شكل آخر من الألم، كثير من النساء يجدن أنفسهن فجأة في مواجهة مسؤوليات لم يخطر لهن يوماً أن يحملنها وحدهن". أُجبرت أماني على العمل في تصليح الأحذية، وتضيف "تشكل مسؤولية البيت عبئاً تضاعف بعدما سقط زوجي ضحية الحرب، أجبرت كأرملة أن ألعب دور الأب والأم المربية والمعيل، فأصبحت المسؤولة الوحيدة عن تأمين الطعام والتعليم والدواء، فأطفالي في حاجة إليَّ". تفيد بيانات جهاز الإحصاء بأن 13 ألف سيدة في غزة فقدن أزواجهن في الحرب، وأصبحن المعيلات الوحيدات لأسرهن، مما زاد عليهن الأعباء الثقيلة التي يحملنها في ظل واقع اقتصادي خانق. كل يوم قتال إضافي يحمل تحدياً جديداً (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة) أسوأ أعباء تقول مديرة مركز شؤون المرأة آمال صيام "تحولت حياة النساء إلى جحيم، حياتهن عبارة عن مفاضلة بين الغذاء والدواء أو التعليم والجوع، كل يوم إضافي في القتال يحمل تحدياً جديداً، نحن نواجه تزايداً في أعداد النساء المحتاجات للدعم بعد الحرب، الأولوية الآن لتوفير برامج الاستجابة الطارئة". من جانبها تقول ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية ماريس غيمون، "الحرب لم تكن أبداً محايدة على صعيد النوع الاجتماعي، في غزة مليون امرأة وفتاة يتحملن أعباءً تفوق قدرتهن، إنهن جائعات ومنهكات ومريضات، وعلى رغم ذلك يعملن، وإنما بصعوبة بالغة". وتضيف "كل امرأة قابلتها كانت قصة فقدان، غزة هي أكثر من مليوني قصة عن الفقدان، ولكن على رغم ذلك لاحظت أن النساء يعملن في ظروف صعبة للغاية واقتصاد منهار، إنهن يواجهن تحديات كبيرة من ضغط نفسي وإرهاق جسدي وضعف اقتصادي".


Independent عربية
منذ 6 أيام
- Independent عربية
كانت هناك حياة... ليالي الخرطوم فقدت أضواءها والضجيج
قبل اندلاع الحرب كانت الخرطوم مدينة تضج بالحياة من الصباح الباكر حتى ساعات الليل المتأخرة، لم تكن تعرف السكون، وكانت المقاهي الشعبية تنتشر في الأرجاء يرتادها الشباب والطلاب، ورائحة القهوة تعبق في كل مكان، فالجامعات كانت ممتلئة بالحركة، والأسواق لا تهدأ وبخاصة السوق العربي بوسط الخرطوم الذي يعج بالبائعين والمتسوقين، حيث تتداخل أصوات الباعة مع صفارات السيارات وضجيج الحافلات الصغيرة. فالمواصلات، على رغم الازدحام، كانت شرياناً نابضاً يربط الأحياء بعضها بعضاً، وداخل الحافلات تتعالى الأغاني عبر هواتف السائقين أو مكبرات الصوت الصغيرة، وفي الخلفية يتردد صوت الآذان خمس مرات خلال اليوم. الطالبة الجامعية ميسم صالح قالت "كانت الأجواء في الخرطوم دافئة وتسير ببساطة، ولم نكن نعرف معنى الخوف والحرب وأصوات المدافع. ولدت وترعرعت ومررت بكل الظروف داخل هذه المدينة، ولم أر منها قسوة قط". بينما يقول صالح الفكي بائع في السوق العربي منذ أكثر من 20 عاماً "كان محلي يفتح يومياً السابعة صباحاً ويغلق المغرب، والحركة في السوق العربي أشبه بالمقطوعة الموسيقية تتخللها أصوات الباعة، والكل هنا ودود على رغم ارتفاع درجات الحرارة صيفاً وشتاءً، إذ تصل في الصيف أحياناً إلى 50 درجة مئوية، لكن لا نبالي". وفي عطلات نهاية الأسبوع كان كورنيش النيل يمتلئ بالعائلات والحدائق تعج بالضجيج ويعلو صوت الغناء الشعبي في المناسبات، وكانت الخرطوم مدينة لا تعرف النوم ولا تنطفئ أنوارها ولا تهدأ أصواتها. نفايات ورماد صباح الخرطوم فقد طراوته، فالشمس تشرق على مدينة تكاد تكون فاقدة لكل ما يميزها، كما أن الشوارع التي كانت مليئة بالحركة والنشاط أصبحت مجرد فراغات واسعة يخترقها هواء راكد، وغاب الزحام واختفى صوت البائعين الذين كانوا يعرضون بضائعهم في كل زاوية، وغابت أصوات المركبات التي كانت تعج بها الطرقات. في شارع الجمهورية الذي يعد أشهر شوارع وسط الخرطوم لا تسمع خطوات المارة ولا ضحكات طلاب الجامعات، فجميع المحال مغلقة والنوافذ غطتها طبقات من التراب، بينما بعض الواجهات تحطمت وبعض المحال نهبت وتركها أصحابها كما هي، فارغة تماماً. أما السوق العربية، فأصبحت مساحتها صامتة، حيث أبواب المحال مغلقة بإحكام، والأرض مغطاة بفتات الزجاج. والباعة الذين كانوا يعرضون بضائعهم هنا اختفوا، وأصبح المكان يبدو كما لو أنه نسي الحياة، حتى موقف جاكسون في قلب الخرطوم، والذي كان يعد من أكثر الأماكن ازدحاماً أصبح اليوم مهجوراً، وأية حركة فيه تتم بحذر من أولئك الذين يغامرون أو لا يملكون خياراً آخر. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) اختفت روائح قهوة ست الشاي (اسم يطلق على المرأة أو الفتاة التي تبيع الشاي والقهوة في السودان) والعطور الشعبية، وكذلك رائحة الخبز الطازج، لتترك مكانها لرائحة الرماد والنفايات المتناثرة والدخان المتصاعد من حرائق مستعرة داخل أماكن عدة. نقاط تواصل الباحث في التراث أبو بكر قاسم قال "في ظل ما تمر به الخرطوم اليوم من تحديات، يتضح تأثير الحرب في التراث الثقافي والهوية المجتمعية للمدينة. فالخرطوم كانت دائماً مدينة تفتخر بتاريخها الثقافي الغني والمتنوع، والأسواق القديمة، مثل السوق العربية، كانت تشكل ذاكرة حية للمجتمع، إذ كانت مكاناً للتبادل التجاري والاجتماعي، تعج بالأصوات والألوان والروائح. وهذه الأماكن لم تكن مجرد أسواق، بل كانت تمثل نقاط تواصل بين الأجيال والثقافات المختلفة. كما أن الخرطوم كانت موطناً لعدد من المعالم الثقافية، مثل شارع الجمهورية وموقف جاكسون، التي كان يعبر عنها بأنها شرايين المدينة. وفي تلك الأماكن، لم تكن الحياة تقتصر على البضائع والسلع بل كانت تمثل ثقافة معينة تعكس الحراك الاجتماعي، من خلال نشاطات مثل المقاهي الشعبية، التي كانت ملتقى للشعراء والفنانين والمثقفين، والموسيقى الحية التي كانت تملأ الأجواء في الأوقات المسائية". وعما آل إليه الوضع اليوم، أفاد قاسم "اليوم، ومع دمار هذه المعالم وتدهور وضع المدينة يبدو أن الخرطوم فقدت جزءاً كبيراً من هذا التراث الحي. ومع ذلك، فإن الممارسات الثقافية التي كانت تتم في الشوارع، مثل الاحتفالات والمهرجانات الشعبية لا تزال في ذاكرة أهل المدينة. والموسيقى السودانية، على سبيل المثال، لا تزال تجد طريقها إلى قلوب الناس على رغم كل التحديات، إضافة إلى ذلك يُمكن ملاحظة المحاولات المستمرة من بعض الفئات للحفاظ على هذا التراث عبر المبادرات الشعبية الصغيرة، مثل اللقاءات الأدبية والفنية التي تنظم في أماكن غير رسمية، حفاظاً على الهوية الثقافية". من بقي؟ ولماذا؟ وسط الخراب الذي يعم المدينة، لا تزال بعض الوجوه صامدة، تمسك بالحياة على رغم كل الصعاب. والسؤال الذي يطرحه كثر، لماذا يبقى بعض داخل الخرطوم في هذه الظروف؟ هل هو تعلق بالمكان؟ أم ضرورة ملحة؟ أم قناعة بأن الخرطوم لا يمكن أن تموت ببساطة؟ الحاجة نورة سعيد، وهي من سكان حي الرياض شرق الخرطوم، قالت "لم أكن أتصور أنني سأظل هنا في ظل كل هذا الخراب. لكن كل مكان هنا يحمل ذكرى، وكل زاوية تذكرني بحكاية من الماضي. حتى في أصعب اللحظات، الخرطوم بالنسبة إلي هي بيت لا يمكن استبداله". فاطمة عبدالله ربة منزل تسكن حي الصحافة جنوب الخرطوم، مثل عدد من الآخرين، تجد نفسها متجذرة في المكان علىرغم الخوف والدمار. ولا يتعلق الأمر فقط بالوطن، بل بالذاكرة الجماعية التي لا يمكن أن تذبل. أما عبداللطيف عثمان الموظف الحكومي الذي يسكن حي الشجرة غرب الخرطوم، فأوضح "كل الناس كانوا يحثونني على الخروج، لكن لا يوجد مكان في الكوكب يشبه الخرطوم، لذلك عزمت على البقاء لأنه بمثابة مقاومة. وبعد الحرب بقائي هنا ليس فقط للمضي في العمل بل للحفاظ على هوية المدينة ومقاومتها للتدمير الذي نحاول اقتلاع جذوره". تحت القصف الحياة في الخرطوم أصبحت مليئة بالتحديات اليومية التي لم يكن من الممكن تصورها قبل أعوام قليلة. ومع تصاعد الأعمال العسكرية وتدهور الوضع الأمني، صار المواطنون يواجهون الحياة من زاوية مختلفة، زاوية مليئة بالأخطار والمجهول. ومع ذلك، يسعى كثر للعيش بأقل قدر ممكن من الألم، متأقلمين مع الظروف الجديدة ومتحدين الخوف. ومع استمرار النزاع والدمار الذي لحق بالبنية التحتية، أصبح الحصول على الماء والكهرباء أمراً بالغ الصعوبة. في عدد من الأحياء، قُطع الإمدادات بصورة كاملة، مما دفع الأسر إلى البحث عن مصادر بديلة، سواء كانت من الخزانات الصغيرة أو من المحطات الميدانية التي تقدم المياه بأسعار مرتفعة. ويقول صلاح محمد أحد سكان حي الصالحة بأم درمان "في بعض الأيام نعيش بلا ماء لأيام عدة، ونضطر لجلبها من مناطق بعيدة. والكهرباء اختفت وأحياناً نحتاج للضوء فقط ليلاً لنشعر بأننا ما زلنا على قيد الحياة، وتحولت الحياة اليومية إلى معركة من أجل الحصول على الماء والكهرباء، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على العائلات التي تحاول الحفاظ على حياتها الطبيعية وسط هذا الخراب". غياب الأمن أما غياب الأمن، فيجعل الحياة أكثر هشاشة. بينما تتنقل الأسر بين الأحياء والطرق شبه المهجورة، يواجهون خطر التهديدات الأمنية المتزايدة من الجماعات المسلحة. يقول أحمد إدريس "الناس أصبحوا يتجنبون الخروج من منازلهم بعد غروب الشمس. الشوارع فارغة، وكلما مررت من مكان مظلم شعرت وكأنك تحت رحمة المجهول، وفي ظل غياب الشرطة أو أي نوع من الحماية النظامية، أصبح الجيران يعتمدون على أنفسهم في حماية أحيائهم، وتنظيم دوريات حراسة ليلية". ويعد الجانب الأهم الآخر في حياة الناس تحت هذا الوضع الصعب هو الوصول إلى الطعام والدواء. ومع قصف بعض المناطق وتدمير محال البقالة أصبح من الصعب الحصول على المواد الغذائية الأساس، كما أن نقص الأدوية وارتفاع أسعارها جعلا كثيراً من المرضى يواجهون معركة البقاء على قيد الحياة. وهنا تروي منى بشير أم لثلاثة أطفال في مدينة بحري "أحياناً نضطر للعيش على الأطعمة الجافة فقط لأن الأسعار ارتفعت بصورة غير معقولة، والدواء غال جداً، وحينما يمرض أحد الأطفال نشعر بالعجز التام". على رغم هذا الصراع اليومي، يظهر في عدد من الأحياء مشهد من التضامن الشعبي بين الجيران، فكلما ازداد الوضع صعوبة زادت وتيرة التعاون بين أفراد المجتمع. وتظهر المبادرات الشعبية على صورة تبادل الطعام، ومشاركة المساعدات وتنظيم الحملات الجماعية لإعانة العائلات الأكثر ضعفاً. وتقول فاطمة عيسى من حي الخرطوم شرق "منذ بداية الحرب، أصبحنا نتعاون مع الجيران أكثر من أي وقت مضى، ونقدم الطعام لمن ليس لديهم شيء، ونتبادل الماء عندما تُقطع الإمدادات. نحن هنا من أجل بعضنا بعضاً". مرحلة فراق لكن في ظل هذا الواقع كيف ستكون الخرطوم؟ الباحث في الشؤون الاجتماعية عبدالمنعم الصادق يجيب "الخرطوم كما نعرفها انتهت. لا أقول إنها ماتت، لكن الخطر الذي يحدق بها يجعلها تتغير بصورة جذرية. نعيش في مرحلة فراق مع تاريخ طويل من العراقة والحداثة، لكن أعتقد أن الناس هنا قادرون على خلق شيء جديد، على رغم التحديات". ويتابع "الخرطوم اليوم في مرحلة دقيقة من تاريخها، إذ يختلط الحزن بالرجاء والأمل بالدمار. ومستقبلها قد يكون مجهولاً، لكنه بالتأكيد لن يكون كما كان في الماضي".


الوئام
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- الوئام
إسبانيا والبرتغال تحت وطأة الظلام.. تحقيق في أسباب الانقطاع الكهربائي الشامل
اجتاح ظلام دامس أجزاءً واسعة من شبه الجزيرة الأيبيرية في مشهد غير مسبوق، حيث تسبب انقطاع هائل للتيار الكهربائي في شل حركة المرور، وإحداث فوضى عارمة في المطارات ومحطات القطارات وشبكات الطرق في إسبانيا والبرتغال، وامتد تأثير الانقطاع ليشمل أجزاء من جنوب فرنسا، ليغرق المنطقة في حالة من الارتباك والفوضى. كيف بدأت الأزمة؟ أعلنت شركة تشغيل شبكة الكهرباء البرتغالية (REN) عن انقطاع الشامل ضرب شبه الجزيرة الأيبيرية وأجزاء من فرنسا في وقت مبكر من ظهر الاثنين، محذرة من أن عودة التيار قد تستغرق عدة ساعات. تأثير الانقطاع المفاجيء تجسد في تعطل الشاشات والإضاءة ومقابس الكهرباء في كل مكان، بينما ناشدت الشرطة البرتغالية المواطنين بتجنب التنقلات غير الضرورية بسبب تعطل إشارات المرور، مؤكدة على أهمية القيادة الآمنة والهدوء في إنقاذ الأرواح. وفي قلب العاصمة الإسبانية مدريد، تحولت الشوارع إلى ساحة من الازدحام المروري الخانق بعد توقف إشارات المرور عن العمل. الانقطاع تسبب في تعطيل خدمات النقل العام الحيوية، مثل مترو مدريد وبرشلونة، بالإضافة إلى توقف حركة القطارات وإشارات المرور، مما أدى إلى شلل مروري واسع النطاق. كما تسبب الانقطاع في تعطل خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة في العديد من المناطق، مما أثر سلبًا على سير الأعمال اليومية والخدمات الحيوية الأخرى. هجوم إلكتروني وفيما لم تحدد السلطات بعد السبب الرئيسي للانقطاع، فتح المعهد الوطني للأمن السيبراني في إسبانيا تحقيقًا عاجلًا للتحقق من احتمال تعرض شبكة الكهرباء لهجوم إلكتروني مدبر. رجحت مصادر حكومية في البرتغال أن يكون السبب ناتجًا عن خلل في شبكة الكهرباء الإسبانية، مستبعدة أن تكون الشبكة البرتغالية مصدر العطل. وأعلنت شركة 'ريد إليكتريكا' الإسبانية أن الشبكة تعرضت لما وصفته بـ 'صفر النظام الكهربائي'، وهو انهيار كامل في البنية التحتية للكهرباء، متوقعة أن تستغرق استعادة الخدمة ما بين 6 إلى 10 ساعات. وقد أدى الانقطاع إلى تعطيل عمليات الدفع الإلكتروني، مما تسبب في ازدحام كبير أمام أجهزة الصراف الآلي. كما توقفت بعض الفعاليات الرياضية الهامة، مثل بطولة مدريد المفتوحة للتنس. وأفاد مطار مدريد الدولي (مدريد باراخاس) ومطار برشلونة (إل براتا) بوقوع 'بعض الحوادث' نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي، وأشارا إلى أن مولدات الطوارئ تعمل، لكنهما حذرا المسافرين من التحقق مع شركات الطيران بشأن احتمال تأثر جداول الرحلات وعمليات النقل البري. وبالمثل، حذر مطارا لشبونة وبورتو من احتمال فرض 'قيود تشغيلية' نتيجة للوضع. وذكرت وكالة الأنباء البرتغالية (لوسا) أن شركة تشغيل المطارات (آنا) قامت بتنشيط مولدات الطوارئ، مما سمح باستمرار العمليات الأساسية في بورتو وفارو، لكن لشبونة شهدت قيودًا أكبر. عودة التيار وبعد عدة ساعات من الظلام الدامس، بدأ التيار الكهربائي يعود تدريجيًا إلى بعض المناطق في إسبانيا والبرتغال، مما أدى إلى تخفيف جزئي من حالة الشلل العام التي أصابت البلاد. وقد وجه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الشكر للمغرب وفرنسا على سرعة استجابتهما وتزويدهما جنوب وشمال إسبانيا بالطاقة الكهربائية بموجب اتفاقيات الربط الكهربائي القائمة، والتي ساهمت في التخفيف من الآثار الكارثية للانقطاع. وفي سياق متصل، أعلن مجلس السلامة النووية في إسبانيا أن المفاعلات النووية السبعة في البلاد ظلت في حالة آمنة تمامًا خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي، حيث توقفت أربعة مفاعلات عن العمل تلقائيًا بعد الانقطاع، وتم تشغيل مولدات الطوارئ على الفور لضمان السلامة. وتعتمد إسبانيا بشكل كبير على مصادر الطاقة المتجددة، حيث تحصل على حوالي 43% من طاقتها من الرياح والطاقة الشمسية، بينما تمثل الطاقة النووية 20%، والوقود الأحفوري ومصادر أخرى حوالي 23%، وفقًا لمركز أبحاث الطاقة 'إمبر'. ولا يزال التحقيق جاريًا لكشف الأسباب الحقيقية وراء هذا الانقطاع الكهربائي الهائل الذي هز أركان إسبانيا والبرتغال وعطل حياة الملايين.