
من هو «ليو الثالث عشر» مؤسس التعليم الاجتماعي الذي اقتدى به «ليو الرابع عشر»؟
عند اختياره الاسم البابوي "ليو الرابع عشر"، أشار البابا الجديد الكاردينال روبرت بريفوست بوضوح إلى البابا ليو الثالث عشر، الذي عُدّ من الشخصيات البارزة في الكنيسة الكاثوليكية بالعصر الحديث.
وقد عُرف ليو الثالث عشر بدوره المؤثر في وضع أسس التعليم الاجتماعي الكاثوليكي المعاصر، من خلال رسالته العامة "الشؤون الجديدة" (Rerum Novarum) الصادرة في 15 أيار/ مايو 1891، والتي تطرّقت لحقوق العمال وظروفهم في ظل التحولات الصناعية.
من هو ليو الثالث عشر؟
وُلد جواكينو بيشي في 2 آذار/ مارس 1810 بمدينة كاربينيتو جنوب روما، لعائلة من النبلاء الإيطاليين. تميّز بتفوقه العلمي منذ الصغر، ودرس في الكلية الرومانية وأكاديمية النبلاء الإكليريكيين، ليُعدّ لمسار دبلوماسي ضمن السلك الفاتيكاني، قبل أن يُرسم كاهنًا عام 1837.
شغل بيشي لاحقًا مناصب إدارية عدة في الولايات البابوية، ثم تولى منصب السفير البابوي في بلجيكا، لكنه اصطدم بالحكومة المحلية بسبب قضايا تعليمية، ما أدى إلى استدعائه. عُيّن بعدها رئيسًا لأساقفة بيروجيا في عام 1846، واستمر في المنصب حتى ترقيته إلى الكاردينالية عام 1853.
ليو الثالث عشر بابا الفاتيكان
بعد وفاة البابا بيوس التاسع في عام 1878، اعتقد العديد من الكرادلة أن بيشي، البالغ آنذاك 68 عامًا ويُظن أنه ضعيف الصحة، سيكون حبرًا أعظم لفترة انتقالية قصيرة. لكن هذه التوقعات لم تتحقق، إذ قاد الكنيسة لمدة 25 عامًا، ليصبح ثالث أطول بابا خدمة بعد بيوس التاسع ويوحنا بولس الثاني.
حقق البابا ليو الثالث عشر بعض التقدم في العلاقات مع ألمانيا، حيث عاد التفاهم بين الدولة والكنيسة. أما العلاقات مع فرنسا وإيطاليا فبقيت فاترة. كما عبّر عن تحفظه تجاه المسكونية، وأصدر عام 1896 قرارًا ببطلان الرسامات الأنغليكانية، ما أثار نقاشًا واسعًا آنذاك.
ليو الثالث عشر يتبنى فكر توما الأكويني
على الصعيد الفكري، أعاد البابا ليو الثالث عشر الاعتبار لفكر القديس توما الأكويني، الذي وصفه بـ"درع الإيمان الكاثوليكي"، ودعا الأساقفة لدعمه. كما أسس أكاديمية في روما تُعنى بهذا الفكر، ما أسهم في نشوء حركة فكرية لاهوتية خلال النصف الأول من القرن العشرين، برز فيها مفكرون مثل جاك ماريتان وإتيان جيلسون ويوسف بيبر.
شكّلت رسالة "الشؤون الجديدة" وثيقة محورية في خطاب الكنيسة، إذ تناولت مسائل مثل التملك الخاص، والأجر العادل، وحق تشكيل النقابات، من منظور ديني. وكان لظهور هذا الموقف من رأس الكنيسة تأثير واضح في منح الطبقة العاملة دعمًا أخلاقيًا نادرًا في ذلك الوقت. ويرى المؤرخ إيمون دافي أن الوثيقة شكّلت تحوّلًا نوعيًا في مسار الكنيسة الاجتماعي.
كان للكاردينال جيمس غيبونز من بالتيمور دور محوري في التأثير على توجه البابا، حيث دافع عن جمعية "فرسان العمل"، الأمر الذي ساعد في تقريب الكنيسة من تطلعات العمال.
قلق من التوجهات الفكرية الأمريكية
في وثيقة أخرى بعنوان "شهادة حُسن النية" (Testem Benevolentiae) صدرت في 22 كانون الثاني/ يناير 1899، عبّر ليو الثالث عشر عن قلقه من بعض الأفكار المنسوبة للكاثوليك الأميركيين، من بينها تغليب النشاط على الحياة التأملية، والتقليل من أهمية السلطة التعليمية للكنيسة، والانتقائية في التعامل مع العقائد.
توفي البابا ليو الثالث عشر في 20 تموز/ يوليو 1903 عن عمر ناهز 93 عامًا، ليكون الأكبر سنًا بين الباباوات، وأحد أكثرهم تأثيرًا من خلال نصوصه التي ما زالت تُعدّ مرجعًا في قضايا اللاهوت والاجتماع داخل الكنيسة الكاثوليكية.
aXA6IDE1NC41NS45NC4xMTUg
جزيرة ام اند امز
FR

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 5 ساعات
- العين الإخبارية
«أمريكا ترامب».. تجنب الصراعات المفتوحة واستراحة من السياسات السابقة
تم تحديثه السبت 2025/5/24 03:14 ص بتوقيت أبوظبي بتولي دونالد ترامب الرئاسة، لم تكن السياسات الأمريكية أمام تعديل، بل أمام «زلزال»، فرئيس «أمريكا أولاً» لم يعارض فقط نهج أسلافه، بل شن «تمردا» على النظام الدولي الذي صاغته واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية، مُعيدا تعريف النفوذ الأمريكي. تلك الرؤية يبدو أن الولايات المتحدة ستسير على نهجها طيلة عهد دونالد ترامب، وليست فقط ما اعتبره بعض المراقبين بأنها «حماس البدايات»، وهو ما أشار إليه نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس، والذي قال يوم الجمعة إن الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب ستختار بحرص متى تلجأ للقوة العسكرية وستتجنب الدخول في صراعات مفتوحة، فيما وصفها باستراحة من السياسات الأمريكية السابقة. وأوضح فانس خلال كلمة في الأكاديمية البحرية الأمريكية في أنابوليس بولاية ماريلاند، أن الولايات المتحدة تواجه تهديدات خطيرة من الصين وروسيا ودول أخرى وسيتعين عليها الحفاظ على تفوقها التكنولوجي. وأضاف متحدثا إلى خريجين سيصبحون ضباطا في البحرية وسلاح مشاة البحرية، أن الأمر الذي أصدره ترامب باستخدام القوة ضد الحوثيين في اليمن أدى في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار في إطار اتفاق وافقت فيه الجماعة على وقف الهجمات على السفن الأمريكية. وفيما أشار إلى أنه «يجب أن نكون حذرين عندما نقرر توجيه لكمة، لكن عندما نوجه لكمة، نوجه لكمة قوية وقاضية»، أكد أن بعض الرؤساء السابقين «أقحموا الولايات المتحدة في صراعات لم تكن ضرورية للأمن القومي الأمريكي». ولم يحدد فانس هؤلاء الرؤساء، لكن تعليقاته أشارت إلى أنه يقصد بحديثه الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وهو جمهوري شن حروبا بقيادة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وخلفه باراك أوباما، وهو ديمقراطي واصل الحرب في أفغانستان. ولا يزال الانسحاب الأمريكي الفوضوي في 2021 في عهد جو بايدن محط انتقادات حادة من ترامب. وأضاف: «لا مزيد من المهام غير المحددة، ولا مزيد من النزاعات المفتوحة». وقال فانس إن الولايات المتحدة تمتعت بفترة من الهيمنة بعد سقوط الإمبراطورية السوفيتية بقيادة روسيا، وإن السياسات الأمريكية الرامية إلى التكامل الاقتصادي لمنافسي الولايات المتحدة أتت بنتائج عكسية. ترامب في مائة يوم وأدى جدول أعمال ترامب القائم على سياسة (أمريكا أولا) في ولايته الثانية إلى نفور الأصدقاء واكتساب الخصوم للجرأة، وأثار أيضا تساؤلات حول إلى أي مدى هو مستعد للذهاب. وأثارت أفعاله، إلى جانب هذا الغموض، قلق بعض الحكومات لدرجة أنها ترد بطرق ربما يصعب التراجع عنها، حتى لو انتُخب رئيس أمريكي أكثر تقليدية في عام 2028، بحسب وكالة «رويترز». يأتي كل هذا في ظل ما يراه منتقدو الرئيس الجمهوري مؤشرات على تراجع الديمقراطية في الداخل، مما أثار مخاوف في الخارج. وتشمل هذه المؤشرات هجمات لفظية على القضاة وحملة ضغط على الجامعات ونقل المهاجرين إلى سجن سيئ السمعة في السلفادور في إطار حملة ترحيل أوسع نطاقا. ويقول خبراء إن مستقبل النظام العالمي الذي تبلور على مدى العقود الثمانية الماضية في ظل هيمنة الولايات المتحدة إلى حد كبير أصبح على المحك. وكان هذا النظام قائما على التجارة الحرة وسيادة القانون واحترام السلامة الإقليمية. لكن في عهد ترامب، الذي يحتقر المنظمات متعددة الأطراف وينظر في كثير من الأحيان إلى الشؤون العالمية من خلال عدسة المطور العقاري السابق، فإن النظام العالمي يتعرض لاهتزازات قوية. aXA6IDgyLjI0LjI1NS41MSA= جزيرة ام اند امز FR


العين الإخبارية
منذ 13 ساعات
- العين الإخبارية
وزارة الزراعة الأمريكية تبذر «فتنة الصورة».. جدل الاستحقاق يحتدم
باتت واجهة مبنى وزارة الزراعة الأمريكية المطلّة على متنزه "ناشيونال مول"، محط الأنظار مؤخرًا بعد تعليق صورة ضخمة للرئيس دونالد ترامب. هذا المشهد غير المعتاد أثار موجة واسعة من ردود الفعل تراوحت بين الدهشة والحيرة، والإعجاب والامتعاض، بين المارة والزوار الذين اعتادوا على رؤية هذا الفضاء كرمز وطني وتاريخي بعيد عن التجاذبات السياسية المباشرة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست". فمع تركيب اللافتات الجديدة بمناسبة الذكرى الـ163 لتأسيس وزارة الزراعة، أصبح الرئيسان (ترامب ولينكولن) يطلان على المساحة الخضراء الشاسعة الممتدة من مبنى الكابيتول الأمريكي إلى نصب واشنطن التذكاري، التي تستقطب سنويًا أكثر من 25 مليون زائر، وتُعد بمثابة "الحديقة الأمامية لأمريكا"، كما تصفها خدمة الحدائق الوطنية الأمريكية. هذه المساحة ليست مجرد متنزه، بل هي مسرح للاحتجاجات وتنصيب الرؤساء، وموقع للرحلات المدرسية والنزهات الصيفية، وموطن لمتاحف ونُصب تروي للأمريكيين تاريخهم وهويتهم الوطنية. وقد أوضح مدير الاتصالات في وزارة الزراعة الأمريكية، سيث دبليو كريستينسن، أن هذه اللافتات تخلّد لحظات مفصلية في تاريخ البلاد، وتحتفي بفكر وقيادة أبراهام لينكولن، وكذلك بترامب بوصفه "أفضل مدافع عن مزارعي ومربي ماشية أمريكا"، على حد تعبيره. غير أن هذا المشهد اللافت لم يمر مرور الكرام، إذ أبدى بعض المارة إعجابهم، وتوقفوا لالتقاط صور سيلفي أمام صورة ترامب، بينما أبدى آخرون استياءهم أو حيرتهم، معتبرين أن تعليق صورة بهذا الحجم على مبنى حكومي يحمل رمزية سياسية كبيرة. وترى جيسيكا ستيفنز، إحدى المارات، إن المبنى كان المفضل لديها بسبب أعمدته الكورنثية ورسالة الوزارة في دعم المزارعين، لكنها شعرت بأن اللافتة الجديدة "أفسدت" المبنى، مؤكدة أن الأمر يجب أن يتعلق بالناس لا بالسياسة. ووفقا للصحيفة، لم تقتصر صور ترامب على وزارة الزراعة فقط، بل ظهرت صورة مماثلة له على مقر مؤسسة "هيريتيدج فاونديشن" المحافظة احتفالًا بالمئة يوم الأولى من إدارته، مصحوبة بعبارة "أمريكا عادت". كما عُلقت لوحة له في البيت الأبيض وهو يرفع قبضته بعد محاولة اغتيال فاشلة، وأُزيحت بذلك صورة الرئيس باراك أوباما من مكانها. وقد انعكست هذه الرمزية على ردود فعل المارة والزوار، فبينما عبّر بعضهم عن دعمهم الكامل للرئيس، معتبرين أن وجود صورته على مبنى حكومي أمر مستحق، رأى آخرون أن المشهد يذكّر بأنظمة سلطوية أو حتى برواية "1984" لجورج أورويل عن "الأخ الأكبر". وقال البعض إن تعليق صورة بهذا الحجم يُضفي طابعًا سياسيًا على مكان يفترض أن يكون رمزًا للخدمة العامة والتاريخ الوطني، وليس للترويج السياسي. aXA6IDgyLjI1LjIwOS4xNzYg جزيرة ام اند امز FR


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
«نووي إيران» وهجوم واشنطن.. «خط ساخن» بين ترامب ونتنياهو
دونالد ترامب بحث مع بنيامين نتنياهو الملف الايراني والهجوم أمام المتحف اليهودي بواشنطن، في مكالمة نبضت بمستجدات شائكة. والخميس، تحدث الرئيس الأمريكي إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبحث معه الملف الإيراني والهجوم الذي أودى باثنين من موظفي سفارة إسرائيل في واشنطن، وفق ما أفادت المتحدثة باسمه كارولاين ليفيت. وفي الآونة الأخيرة، بدا أن هناك تباينات في الموقف حيال البرنامج النووي الإيراني بين ترامب ونتنياهو، مع مواصلة واشنطن المحادثات مع طهران سعيا للتوصل إلى اتفاق، في حين يبدو اهتمام إسرائيل منصبا على الخيار العسكري. وقالت المتحدثة إن ترامب ونتنياهو "تباحثا في أمور عدة، بينها طبعا إطلاق النار المأسوي الذي وقع هنا في واشنطن الليلة الماضية". وأثار مقتل موظفَين في السفارة الإسرائيلية أمام متحف يهودي في واشنطن على يد مسلّح هتف "الحرية لفلسطين" لدى اعتقاله، توترات جديدة على صلة بمعاداة السامية. «نووي إيران» ووفق ليفيت، تطرّقت المحادثة بين ترامب ونتنياهو أيضا إلى ملف النووي الإيراني والمحادثات الأمريكية-الإيرانية. وقالت "تباحثا أيضا في اتفاق محتمل مع إيران"، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي يعتبر أن المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني "تمضي في الاتجاه الصحيح". ومن المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة جولة جديدة من المحادثات في روما غدا الجمعة. وقالت ليفيت إن ترامب يعتقد أن المحادثات مع إيران "يمكن أن تنتهي بطريقتين: إما بحل دبلوماسي إيجابي للغاية، وإما يمكن أن تنتهي بوضع في غاية السلبية بالنسبة لإيران". aXA6IDgyLjI1LjI1NS4yMjQg جزيرة ام اند امز FR