
مدرستى الجميلة CGC.. «110 أعوام من المجد» (2) بقلم فاطمة ناعوت
بقلم فاطمة ناعوت
بعد نشر مقالى الأول عن مدرستى الجميلة يوم الاثنين الماضى بزاويتى هنا، غمرنى الفرحُ بمهاتفة صديقتى المشرقة، الفنانة إيفا، لتُخبرنى بأنها أيضًا خريجةُ هذه المدرسة العريقة، عطفًا
على الشهيرات اللواتى ذكرتهن فى مقالى السابق واللواتى ذُكرن فى الكتاب التوثيقى المهم الصادر عن المدرسة. مصدرُ الفرح ليس فقط معرفتى بأن رابطًا جديدًا يربط بينى وبين صديقةٍ أعتزُّ
بها، بل لأن تلك المعلومة أكدت لى تميّزَ مدرستى وخريجاتها. فالفنانة إيفا، فضلاً عن تميّزها كفنانة دراما ومسرح، لكنها أيضًا من العقليات الفريدة شديدة الثقافة فى مجتمعنا، قارئةٌ
نهِمة، باحثةٌ عن المعرفة، ولا تترك أمرًا إلا وحللته وناقشته، وعلى مدى السنوات، بيننا العديدُ من المناقشات الثرية حول تحديات مصر الصعبة مع أعدائها المتربصين، من الخارج ومن الداخل.
خلال احتفال مدرستى كلية البنات القبطية CGC الأسبوع الماضى بعيد ميلادها رقم 110، وبعدما قدّمت الطالباتُ عروضًا فنيّة جميلة، من بينها أغنية: أنتِ أميرة، علّق قداسةُ البابا
تواضروس، ضيف شرف الحفل، بقوله: بالفعل طالبات هذه المدرسة العريقة أميراتٌ، فبادرتُه بقولى: والخريجاتُ كذلك يا قداسة البابا!!، فالتفت نحوى وقال بابتسامته البشوش: خريجاتُ
المدرسة أصبحن ملكات...، وقال كذلك إن النجاح يرتكز على أربعة أعمدة رئيسة: النظام- الجدية- الإيمان- الحب. وحين نجمع الحروف الأولى من تلك الكلمات: نظام+ جدية+ إيمان+ حب، تتكون لدينا كلمة: نجاح.
فى مقالى السابق حدثتكم عن يومى الأول بالمدرسة، وعن معلماتى اللواتى كنَّ بالنسبة لى قدوة رائعة، وعن واقعة محددة حدثت فى طفولتى جعلتنى أؤمن أن المعلمة كائنٌ خرافى من أساطير الحكايا الإغريقية، ما جعلنى أتمنى أن أغدو معلمةً حينما أكبر. ووعدتكم بأن أقصَّ عليكم تلك الواقعة اليوم.
كنتُ فى الفصل فى عامى الأول بالمدرسة، وقد طلبت إلينا ميس راشيل أن نكتب إملاءً، بعض الكلمات الإنجليزية التى تعلمناها فى الحصة السابقة. وراحت تمرُّ بين الطاولات تنظر إلى ما نكتب. وفجأة توقفت إلى جوار الديسك الخاص بى،
ولم تتحرك! رفعتُ نظرى نحوها فوجدتها تنظر إلى كراستى باهتمام شديد. بدأ قلبى يخفقُ فى هلع وقد تيقنتُ أننى أُخطئ فى الكتابة! وكلما رفعتُ عينى إليها فى تساؤل صامت عن خطئى، أومأت لى بعينيها لأنظر فى الكراسة وأكمل الكتابة.
مرت الدقائقُ ثقالًا كأنها الدهر. وفجأة طُرق بابُ الفصل ودخلت ميس عايدة معلّمة العربى لتستعير قطعةَ طباشير من فصلنا. هتفت ميس راشيل: (تعالى شوفى يا عايدة!) ثم أشارت إلى كراستى وأردفت: (البنت دى شولة، ومع كده خطها جنان! اسم الله عليها!)، فردّت عليها ميس عايدة: (فعلًا، وخطها حلو فى العربى كمان! وشاطرة!) ثم ربتتا كلتاهما على رأسى الصغير فى حنوٍّ ومحبة. دعكَ من المحبة، ومن الإطراء.
دعكَ من الخطِّ الحلو فى العربى والإنجليزى! فما حدث هو أننى حرفيًّا صُعِقت من هذا الحوار القصير بين المعلمتين! كيف عرفت ميس راشيل أننى شولة!!!!! هذا سرٌّ عائلى غير مُعلن! طبعًا فى عمرى الصغير ذاك، لم أكن أعرف أن كل من
يرانى يكتشف فورًا أننى شولة، عسراء، أى أستخدمُ يدى اليسرى فى الكتابة والأكل وكل شىء. كنتُ أعتقد آنذاك أن شولة هذه مرضٌ سرىّ أصابنى، ولا تعرفه إلا أمى وأبى والطبيب وبعض الأقرباء والأصدقاء ممن تبثُّ لهم أمى همومَها.
فقد كنتُ أسمعُها تهمسُ لصديقاتها فى حسرة: (فافى شولة للأسف!! وحاولت معها كتير تكتب وتاكل باليمين! بس مفيش فايدة! والدكتور قالى متحاوليش عشان فصّ المخ الأيمن عندها هو المتحكم فى أدائها الحركى، عكس الناس العاديين حيث
يحكمهم فصُّ الدماغ الأيسر!) فافى بالطبع هى أنا. ولكن، فكيف عرفت ميس راشيل هذا السرَّ العائلى الخطير؟! يومها ركضتُ لأمى وأنا مبهورة الأنفاس وهتفتُ بأعلى صوتى: (ماما... ميس راشيل بتعرف كل حاجة فى الدووونيا! وعرفت كمان السر.
أنا عاوزة أبقى مُدرّسة زيها عشان أعرف كل حاجة من غير ما حد يقولى!) فسألتنى أمى: (ميس راشيل عرفت إيه؟ سر إيه؟) فهمست لها وأنا أتلفت حولى كمن يوشك أن يقول سرًّا خطيرًا: (عرفت إنى شولة. والمصحف يا ماما أنا مقولتلهاش. هى عرفت لوحدها!!!!). وانفجرت أمى بالضحك، وصارت تلك الواقعةُ حديثَ العائلة لسنوات طوال.
ولكن تلك الواقعة العابرة أكدت رغبتى العارمة فى أن أغدو مُعلّمة ذات يوم، لكى أعرف ما يَخفى على الناس من معارف. وأما ماذا صنع بى حُلمى القديم بأن أكون معلّمة حين أكبر مثل ميس راشيل، فهذا أمرٌ جلل، حيث تحولتُ إلى
لصةٍ خطيرة من أجل الوصول إلى ذلك الحلم الصعب. وهذا ما سأقصُّه عليكم ربما فى مقالات قادمة. كلُّ عام ومدرستى فى أعلى العُلا، وكل معلّم جاد وصالح فى المكانة العليا التى يستحقها، فالمعلم الصالحُ بالفعل كاد أن يكون رسولا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 38 دقائق
- الجمهورية
وفاة والدة أروى بعد صراع مع المرض
أعلنت أروى خبر الوفاة عبر حسابها الرسمى بموقع انستجرام قائلةً: بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره، انتقلت إلى رحمة الله تعالى أمي المغفور لها بإذن الله سميرة دسوقي الشافعي، أسأل الله أن يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته. Previous Next


الدولة الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- الدولة الاخبارية
قصور الثقافة تختتم المسرح المتنقل بمركز طامية في الفيوم
الجمعة، 23 مايو 2025 05:35 مـ بتوقيت القاهرة اختتمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، الخميس، فعاليات المسرح المتنقل، بمركز شباب كفر محفوظ بمركز طامية بمحافظة الفيوم، المقامة ضمن برامج وزارة الثقافة. نفذت الفعاليات بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، وشهدتها ياسمين ضياء مدير عام ثقافة الفيوم، بحضور عويس عبد السلام رئيس مجلس إدارة مركز الشباب، ومحمد علي مدير مركز الشباب. استهلت الفعاليات بعرض لمسرح العرائس والأراجوز بعنوان "الكنز الحقيقي"، قدمه الفنان إميل الفنس بمشاركة جمال محمد وعدد من الأطفال، وتناول موضوعات تربوية مثل آداب التعامل، واحترام الآخرين، وأهمية التعليم، مؤكدا أن الكنز الحقيقي يكمن في الرحلة والدروس المستفادة منها. كما تضمنت الفعاليات المنفذة من خلال إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، وفرع ثقافة الفيوم، بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة، ومجلس مدينة طامية، مجموعة من الورش الفنية للأطفال منها ورشة أشغال يدوية من خيوط المكرمية، تدريب أماني عبدالتواب مسئولة الجمعيات، وورشة أخرى للرسم والتلوين نفذتها سناء قناوي مسئولة التمكين الثقافي، وعقدت فقرة فنية لاكتشاف المواهب من أبناء القرية، حيث تنوعت المشاركات بين إلقاء الشعر والإنشاد الديني. واختتمت بعرض فني لفرقة أبوصير الملق للآلات الشعبية بقيادة المايسترو ياسر رأفت، قدمت خلاله الفرقة مجموعة من الأغنيات الشعبية التي تنوعت ما بين الأداء الفردي والجماعي منها "احنا الآلات الشعبية"، " بسم الله والصلاة على الزين"، " بين الساقية والآناية"، إلى جانب الموال الشعبي للفنان محمود خضر


الجمهورية
منذ 2 ساعات
- الجمهورية
رانيا فريد شوقي تحيي الذكرى الثانية لخالتها
شاركت رانيا فريد شوقي صورة للراحلة عبر حسابها الرسمى بموقع إنستجرام وعلقت: السنوية التانية لخالتي سمارة اسم الدلع لكن اسمها سناء .. أنا ربنا أنعم عليا بـ ٦ أمهات ما شاء الله عشت في حضنهم وحنيتهم". تابعت: كنت بستنى يوم الخميس عشان بنتجمع كلنا الخالات وأولاد خلاتي وجدو وأحلى هزار وضحك وغنا وأكل وفسح، عشت أحلى طفولة كلها حب وفرح ومودة حتى لما كبرنا فضلنا برضو نتجمع فعلا. أضافت: ربنا يرزق كل الناس بمحبة الأهل وبرهم، الله يرحمك يا حبيبتي ويغفرلك ويسكنك الفردوس الأعلى. عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Rania Farid Shawky (@rania_farid_shawky)