
الشرع يبحث مع وزير الأوقاف «تعزيز الخطاب الديني الوسطي»
في حين لا تزال السلطات السورية تحاول احتواء الأحداث الأمنية الأخيرة، تم بث مقطع فيديو يظهر مداهمة مسلّحين ملثمين لملهى ليلي وسط العاصمة دمشق، وقيامهم بالاعتداء على المدنيين فيه بالضرب، ليثير عاصفة من الجدل والتنديد ومخاوف من تكرار مثل هذه الحوادث.
وأقرت وزارة الداخلية السورية بـ«اعتداء عناصر عسكريين على مدنيين بدمشق»، وقالت، اليوم الأحد، إنه تم توقيف هؤلاء العناصر وإحالتهم إلى القضاء «تأكيداً على سيادة القانون»، فيما بحث رئيس الجمهورية أحمد الشرع، مع وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري، وعدد من مسؤولي الوزارة، آليات «تعزيز الخطاب الديني الوسطي وترسيخ قيم التسامح والانتماء الوطني» والدور المحوري للمؤسسات الدينية في «تعزيز الوحدة المجتمعية». كذلك تم التطرق إلى «ضرورة مواكبة الخطاب الديني للتحديات المعاصرة، وإعداد الأئمة وتطوير مناهج الخطاب الديني».
وحذرت رئاسة الجمهورية من انتشار حسابات مزورة باسم الرئيس الشرع، وقالت في بيان رسمي: «نحيطكم علماً أنه لا يوجد حساب رسمي باسم رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع على أي من مواقع التواصل الاجتماعي».
بيان الرئاسة السورية حول انتشار حسابات مزورة باسمها على وسائل التواصل (الشرق الأوسط)
وكان، الأحد، قد جرى تداول مقطع مصور مأخوذ من كاميرا مراقبة، يظهر عناصر عسكريين مسلحين بينهم ملثمين يداهمون ملهى «ليال الشرق»، ويطلقون النار في الهواء ويعتدون بالضرب والإهانة على رواد المكان من النساء والرجال لدى خروجهم من المكان.
أحد الرواد تحدث إلى «الشرق الأوسط»، مفضلاً عدم ذكر اسمه، وقال: «سمعنا صوت إطلاق رصاص فافترضنا إنها مشكلة في الشارع لأنه تم تفتيش كل من دخل، ويمنع إدخال السلاح إلى المكان. التفت إلى الباب فرأيتهم... مجموعة من المسلحين بلباس عسكري غير متّسق ولا موحّد وبعضهم ملثم بلفحات وحطّات سود. بدا شعر بعضهم طويلاً ومنهم أجانب... اعتقد أنهم من أوزبكستان لكنني لم أتبين الجنسيات». وأضاف المصدر: «العملية استغرقت نحو عشر دقائق أخذوا خلالها كل الهواتف والحقائب اليدوية والأموال الموجودة لدى صاحب المحل».
المحامي باسم نحات قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الملهى وغيره من الملاهي في وسط دمشق التجاري، جميعها أماكن قديمة ومرخصة، كما أنها قريبة من مبنى المحافظة»، واعتبر أن الاعتداء على الملهى تم بغير وجه حق وتعدياً على الحريات والملكيات الخاصة، وتأكيداً على ذلك تم توقيف المتورطين من قِبَل وزارة الداخلية. وأضاف نحات أن «هذه الأماكن موجودة في كل عواصم العالم والمدن الكبيرة، والناس أحرار في ارتيادها من عدمه إلا في حال وجود قانون يمنع ذلك».
صاحب محل تجاري قريب من المكان قال: «في الفترة الأخيرة شاهدنا عناصر أمن ومسلحين ملثمين رغم وجود قرار يمنع اللثام داخل المدن، وهؤلاء مرعبون فعلاً». وتساءل: «لدى سقوط النظام بدا معظم الذين وفدوا إلى العاصمة مثالاً للتهذيب، لا نعلم ما الذي تغير، ولماذا هناك عناصر عسكرية غير منضبطة وسط المدنيين».
وصدر عن المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية بيان نقلته «القناة الإخبارية السورية» الرسمية جاء فيه: «تم تداول مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر اعتداء عدد من العناصر العسكريين على مجموعة من الأفراد بأحد أحياء مدينة دمشق، وقد باشرت القوى الأمنية على الفور باتخاذ جميع الإجراءات العاجلة لملاحقة الفاعلين وضبطهم، وبعد التحقيقات الأولية ومراجعة التسجيلات تم التعرف على العناصر المتورطة بالاعتداء واعتقالهم وتحويلهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، مع تأكيد وزارة الداخلية على أن سيادة القانون هي الأساس في التعامل مع مختلف القضايا داخل الأراضي السورية». وشدد البيان على أن «أي تجاوز أو اعتداء يمس المواطنين أو المرافق العامة سيقابل بإجراءات قانونية صارمة».
تكررت في الفترة الأخيرة حالات اعتداء عناصر مسلحين على مدنيين لأسباب متعددة، منها طائفي، ومنها لسلوك اجتماعي، فانتشر الأسبوع الماضي فيديو لعناصر مسلحين في مدينة حماة، وسط سوريا، يعتدون بالضرب والإهانات الطائفية على ثلاثة شباب جامعيين من مدينة محردة بعد حلق شعرهم بطريقة مهينة، بذريعة اختلاطهم مع زميلاتهم في الدراسة.
طالبات جامعيات يدرسن في دمشق ويسكّن في جرمانا بانتظار السماح لهن بالخروج بعد الاشتباكات الأخيرة (رويترز)
مصادر أهلية في محردة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التصرفات غير المنضبطة والانتهاكات الطائفية ستتكرر طالما هناك أصوات في الحكومة تشكر «الغيرة الدينية»، في إشارة إلى بيان وزارة الداخلية لدى اشتعال الاشتباكات الأسبوع الماضي، على خلفية الاشتباكات الأخيرة مع أبناء الطائفة الدرزية. وقالت المصادر إن موقف الوزارة يعبر عن «جماعة أو طرف في النزاع لا عن حكومة»، ورأى في ذلك مؤشراً خطيراً في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تمكين الجبهة الداخلية لمواجهة الضغوط الخارجية ومشاريع التفتيت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
"الديمقراطية" الغائبة عن قاموس السياسة السورية الجديدة
منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد قبل أكثر من خمسة أشهر لم تعُد تتردد كلمة الديمقراطية في أروقة أو خطب الساسة السوريين، على رغم أن القيادة الجديدة في دمشق تجسد معارضة لاستبداد حكم البلاد لعقود، فضاق الناس به ذرعاً وثاروا عليه، وبتعبير آخر، تمثل السلطة الجديدة بكل شخوصها ومؤسساتها عملية انتقال من الطغيان إلى العدل ومن التقييد إلى الحرية. حرص الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وجميع من كلفهم مناصب أو مهمات رسمية منذ وصوله إلى قصر الأمويين في دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، على عدم نطق كلمة "الديمقراطية" خلال خطبهم السياسية أو مقابلاتهم ومؤتمراتهم الإعلامية، وكأنها تنطوي على مخالفة للقوانين أو ترتبط بالنظام السابق أو تحيل إلى خطر يتهدد البلاد والشعب. أول من أشار إلى غياب مصطلح الديمقراطية عن الخطاب السوري الرسمي بعد الأسد كان مجلة "فورين أفيرز" عبر مقالة نشرتها نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ولفتت فيها إلى أن شرعية سلطة دمشق الجديدة "ستستند في الغالب إلى تفسير سلفي يعتبر الكلمة علمانية وغير إسلامية"، لكن أيّاً كان التفسير الذي تتوقعه المجلة يبدو أنه لا يعجب "داعش"، فصحيفة النبأ المتحدثة باسمه قالت في افتتاحية العدد 490 إن "الخلاف بين التنظيم وأبي محمد الجولاني (الاسم السابق للرئيس الشرع) هو بين التوحيد والشرك وبين الإسلام والديمقراطية". التنظيم الإرهابي يجد السلطة الجديدة في دمشق "ديمقراطية" على رغم أن كل مسؤوليها وموظفيها لا ينطقون بهذه الكلمة ولو على سبيل الخطأ في ترديد مصطلح ارتبط بثورة السوريين لنحو عقد ونصف، وهذا بحد ذاته يستدعي البحث عن تفسيرات لاختفاء الكلمة من قاموس السياسة في مرحلة ما بعد الأسد، وهل هو غياب لغوي فقط أم سلوكياً أم ممارسة أيضاً؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ثمة تفسير خرج به حسن الدغيم، المتحدث الرسمي باسم "مؤتمر الحوار الوطني" الذي أطلقته حكومة دمشق في فبراير (شباط) الماضي، إذ قال خلال مقابلة عبر موقع إخباري إن "المرحلة الحالية تحتاج إلى العدالة السياسية أكثر من الديمقراطية، فأولويات جيل كامل من السوريين اليوم هي مغادرة مخيمات اللجوء والنزوح والعودة لمناطقهم ومنازلهم ومقاعد الدراسة، وهناك خشية أيضاً من الديمقراطية تتمثل في احتمال عودة أصحاب المال من الدول الغربية والعربية ليسيطروا على الحياة السياسية والأحزاب على حساب أولئك الذين قد تستمر معاناتهم لأعوام قبل إتمام إعادة إعمار مناطق كثيرة في البلاد". والدغيم يؤيد الديمقراطية لأن "لا أحد يخسر معها" وفق تعبيره، ولكن "المرحلة الراهنة قد تنطوي على حساسية من الأفضل مراعاتها"، منوهاً إلى أن "غياب المصطلح لا يعني غياب الحريات في البلاد، والديمقراطية بمعناها العملياتي الواقعي هو قول الناس ما يريدون من دون خوف، وهو ما يحدث اليوم في سوريا"، مع الأخذ في الاعتبار وجود تفسيرات ومقالات صدرت عن مفكرين إسلاميين خلال القرن الماضي أظهرت وجود تباين بين الدين والديمقراطية، مما صعّب على بعضهم استخدام المصطلح في سوريا ما بعد بشار الأسد. المرة الوحيدة التي استخدم فيها الشرع كلمة الديمقراطية كانت في فبراير الماضي خلال مقابلة مع مجلة "إيكونوميست" ورداً على تساؤل حول غياب الكلمة عن الخطاب الرسمي للدولة الجديدة، فرد الشرع أن سوريا تمضي نحو "الديمقراطية التي تعني أن الناس يختارون من يحكمهم ومن يمثلهم في البرلمان"، مشدداً على أن لهذا المصطلح تعريفات مختلفة في المنطقة من دون أن يحدد أي التعريفات يناسب المرحلة الراهنة الذي توقع أن تستمر لخمسة أعوام. من وجهة نظر الأكاديمية المتخصصة في القانون الدستوري ومديرة منظمة "دولتي" رولا بغدادي، فإن الشرع يتجنب استخدام "الديمقراطية" لأن "الفصائل التي شاركته إسقاط الأسد والسيطرة على الحكم لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالدستور ولا حتى بنظام الدولة نفسه، فهي تعتقد فقط بالجهاد وأمة الخلافة والحكم الواحد في أماكن المسلمين بعموم المنطقة وليس فقط في سوريا"، بالتالي من الممكن أن يضع استخدام المصطلح الحكومة بمواجهة هؤلاء الناس، وسلطة الدولة لا تزال أضعف من السيطرة عليهم وضبط تحركاتهم، على حد تعبيرها. وفيما ترى بغدادي في الخشية من الفصائل الجهادية حجة للهروب من استحقاقات تتطلب مشاركة السوريين في تقرير مصير دولتهم ومستقبلها، تتوقع أن تمضي البلاد نحو ديمقراطية توافقية على غرار لبنان والعراق، أي تقاسم السلطة بين الطوائف والقوميات، بديلاً عن إطلاق الساحة للعمل السياسي الذي يقود إلى دولة مواطنة يتنافس فيها الجميع بمنطق الكفاءة. تستطرد بغدادي في حديث إلى "اندبندنت عربية" بأن ادعاء البعض بتوافق الشارع السني خلف الشرع من أجل تبرير ممارساته وخطواته نحو بناء الدولة ليس دقيقاً، فالرئيس الجديد "لا يحظى بتوافق سياسي والتشدد الذي يتلمس طريقه في سوريا اليوم لم نشهده من أي مكون سابقاً، وأية حاضنة سورية له لا تمثل الأكثرية ولا تعبر عن إجماع وطني". وبعيداً من استخدام "الديمقراطية" كمفردة، لم تصدر عن السلطة الجديدة أية إجراءات تترجم المصطلح وفق تعريفاته المعروفة، فتوضح بغدادي أن التعيينات والقرارات التي صدرت عن الشرع منذ توليه السلطة اتخذها بمفرده مع مراعاة اعتبارات إقليمية ودولية، لافتة إلى أن توافق الأطراف الخارجية على استقرار سوريا هو ما يبقي الأمل في أن يمضي الرئيس الجديد نحو الديمقراطية قولاً وفعلاً، مع مرور الوقت ووضوح جدية المطالبات بإشراك السوريين في بناء مستقبل دولتهم.


الشرق السعودية
منذ 12 ساعات
- الشرق السعودية
"إندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسياً
كشفت مصادر مطلعة لـ"إندبندنت عربية" عن أن المنظمة البريطانية التي قدمت الدعم والتأهيل السياسي إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، هي منظمة "إنتر ميديت" ومقرها لندن. وكان السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد أشار في وقت سابق هذا الشهر، إلى عمله مع المنظمة لتقديم المشورة للشرع قبل نحو عامين من إسقاطه نظام بشار الأسد. مؤسسها مستشار الأمن القومي البريطاني الحالي و"إنتر ميديت" هي منظمة بريطانية غير حكومية متخصصة في الوساطة والتفاوض في النزاعات المعقدة وفق موقعها الرسمي الذي اطلعت عليه "إندبندنت عربية"، وأسسها عام 2011 جوناثان باول الذي شغل سابقاً منصب كبير الموظفين لدى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وغادر جوناثان باول المنظمة في ديسمبر عام 2024 بعدما عيّنه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستشاراً للأمن القومي، إذ يشرف على تنسيق ملفات السياسة الخارجية والأمن والدفاع والعلاقات الأوروبية والشؤون الاقتصادية الدولية من مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينج ستريت". وشارك في تأسيس "إنتر ميديت" أيضاً الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيث، المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ حتى يوليو عام 2024. تخصص في عقد الحوارات السرية وتعرّف "إنتر ميديت" نفسها بأنها منظمة تركز على حل النزاعات الأكثر خطورة وتعقيداً، والتي يصعب على منظمات أخرى العمل فيها. وبحسب موقعها، "تضم المؤسسة نخبة من أبرز خبراء التفاوض والحوار في العالم، وتعمل بفريق صغير ومرن يسعى إلى ملء الفراغ في مشهد حل النزاعات". وتؤكد المنظمة البريطانية أنها تسعى إلى إطلاق "حوارات مجدية وسرية"، بخاصة في الصراعات التي تفتقر إلى قنوات فاعلة، مما يبرر غموض دورها في سوريا. كما يفيد موقعها الرسمي بأنها "تعمل كمنصة تواصل لأطراف النزاعات حول العالم. وتعتمد على خبرة ومعرفة كبار السياسيين والدبلوماسيين والخبراء، وتستجيب لحاجات الأطراف من خلال مشاركة تجاربها في عمليات السلام السابقة". مديرة تنفيذية جديدة أصولها فلسطينية - يهودية وبالتزامن مع مغادرة باول، أعلن مجلس أمناء المنظمة تعيين كلير حجاج مديرة تنفيذية جديدة اعتباراً من الثاني من ديسمبر 2024، وبحسب موقع المنظمة، فإن حجاج من أصول فلسطينية ويهودية، وانضمت إلى المنظمة عام 2018، حيث عملت كمديرة للسياسات ثم نائبة للرئيس التنفيذي، وكانت مسؤولة عن قيادة الاستراتيجية والإشراف على أبرز مشاريع في مناطق متعددة من العالم، من هايتي إلى غزة. وبدأت حجاج مسيرتها المهنية في مجال حل النزاعات والتفاوض ضمن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2002، حيث عملت مع لجنة مكافحة الإرهاب. وعلى مدى أكثر من 20 عاماً، أسهمت في مفاوضات إنسانية وسياسية وأمنية في مناطق النزاع في العالم، بما في ذلك لبنان وكوسوفو والعراق وميانمار ونيجيريا وأفغانستان وباكستان. وعملت مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق في ذروة التمرد بعد الغزو الأميركي. ويشير موقع "إنتر ميديت" أنها تسعى إلى الاستفادة من موارد المنظمات الكبرى، مثل الحكومات والمؤسسات الدولية التي تنفق مليارات الدولارات سنوياً للتعامل مع آثار النزاعات، عبر جهود حفظ السلام والتدخلات الإنسانية. روبرت فورد يكشف عن كواليس الدور البريطاني وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد خلال جلسة لـ"مجلس العلاقات الدولية في بالتيمور" عن أن منظمة بريطانية متخصصة في حل النزاعات، لم يسمِّها حينها، كانت وراء مبادرة لدمج أحمد الشرع في الحياة السياسية، بعد أعوام من انخراطه في جماعات مصنفة إرهابياً على المستوى الدولي. وأكد السفير السابق أنه كان متردداً في البداية في الانضمام إلى المبادرة ولقاء الشرع، لكنه وافق لاحقاً على تقديم المساعدة بدعوة من المنظمة البريطانية. مدينة حماة السورية وكان فورد أول دبلوماسي غربي يزور مدينة حماة السورية في بدايات الثورة عام 2011، في خطوة أثارت غضب النظام السوري، مما دفع واشنطن لاحقاً إلى سحبه لأسباب أمنية، وهو اليوم من أبرز الأصوات الأميركية في الشأن السوري، ويعمل باحثاً في عدد من مراكز الفكر والسياسات. من جانبها وصفت الرئاسة السورية تصريحات فورد حول لقاءاته مع الرئيس الشرع بأنها "غير صحيحة" وأن الجلسات التي حضرها كانت مخصصة لتجربة إدلب مع وفود أجنبية زائرة، مشيرة إلى أن الدبلوماسي المتقاعد كان ضمن وفد تابع لمنظمة بريطانية للدراسات والأبحاث. وحاولت "إندبندنت عربية" التواصل مع منظمة "إنتر ميديت"، لكنها لم تتلقَّ رداً. دور المنظمات غير الحكومية وعن دور المنظمات غير الحكومية، أشار الباحث في الشأن السوري تشارلز ليستر إلى أن منظمات عدة غير حكومية مرموقة شاركت خلال الأعوام الأخيرة في حوارات مع الأطراف السورية، ولا يقتصر ذلك على "هيئة تحرير الشام" آنذاك بقيادة الشرع، بل حتى مع نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية"، بهدف فهم أجنداتهم السياسية وإشراكهم في المفاوضات. أضاف، "بصفتي شخصاً قضى سنوات طويلة منضوياً بعمق في إدارة مثل هذه الحوارات في الماضي، أستطيع أن أؤكد بثقة أن هذه العمليات تقوم بدور بالغ الأهمية في تمهيد الطريق نحو تفاهم أفضل، بعيداً من انعدام الثقة والعداء، وفي نهاية المطاف بناء الثقة اللازمة لتحقيق تقدم دبلوماسي حقيقي". هذا المحتوى من "إندبندنت عربية"


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
امتحان الشرع الداخلي بعد الخارجي
لا شيء اسمه وجبة مجانية، بحسب المثل الإنجليزي الشهير، ولا من خارج الحسابات الواقعية الدقيقة بدأ الانفتاح العربي والدولي على الإدارة الجديدة في سوريا قبل أن تمسك بالبلد تماماً، فكل شيء موقت في انتظار البراهين العملية، وكل خطوة لها ثمن أقله خطوات في الداخل. والثابت في حسابات الانفتاح وأسبابه هو أهمية الموقع الإستراتيجي والجيوسياسي لسوريا، وإسقاط نظام الأسد وإخراج نفوذ الملالي من الشام وتحويل ما كان جسراً للمشروع الإقليمي الإيراني إلى جدار عازل وقوة صد، والمتغير هو الأثمان المطلوبة عبر لوائح تضيق أو تتوسع، بحسب الظروف ومدى تجاوب دمشق. ذلك أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حصل على الفرصة التي عمل لها بنشاط في الخارج مع دفع من السعودية وتركيا وقطر، فالوسيط القوي بينه وبي أميركا وأوروبا هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ثم يأتي دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبناء على رغبة الأمير محمد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا من قبل أن يُبلغ إدارته بالقرار، والتقى الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وحضور تقني لأردوغان. أما لائحة المطالب الأميركية من الشرع فإن الرئيس السوري بدأ تنفيذ بعضها والتزم تنفيذ بعضها الآخر، مع حاجته إلى وقت وقرار صعب بالنسبة إلى إخراج المقاتلين الأجانب من البلاد ومنع منحهم الجنسية وضمهم إلى الجيش، فهم نحو 30 ألف مقاتل كانوا رأس الحربة في معركة "هيئة تحرير الشام"، وأما أوروبا التي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول من استقبل الشرع في قصر الإليزيه فإنها سبقت ترمب في تخفيف بعض العقوبات عن سوريا ثم زادت عيار التخفيف بعد القرار الأميركي. لكن الكل يعرف أن الرهان هو على امتحان في لعبة مكشوفة على الطاولة، وإذا كانت دمشق قد أجرت مفاوضات مع إسرائيل بوساطة من دولة الإمارات وحتى باتصال مباشر مع حكومة بنيامين نتنياهو للحد من الاجتياح الإسرائيلي لأراض سورية في حوض اليرموك بعد احتلال المنطقة المجردة من السلاح بحسب اتفاق فك الارتباط عام 1974، فإن من الصعب على الشرع الانضمام إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" كما طلب منه ترمب، ففي رفع العقوبات الأميركية كثير من التعقيدات بين المفروض بقرارات رئاسية وقرارات في وزارتي الخزانة والخارجية، وبين المفروض بقوانين في الكونغرس وأخطرها "قانون قيصر"، وهي مرتبطة بمهلة مدتها 180 يوماً لمراقبة السلوك في سوريا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والفارق كبير بين رفع العقوبات والاعتراف الرسمي بالإدارة الجديدة، فلا تطبيع حتى الآن، بصرف النظر عن رفع العقوبات، وإذا كان رفع العقوبات قد فتح الباب أمام الاستثمارات وإعادة إعمار سوريا وحديث الشرع عن "مشروع مارشال" لسوريا واستعداده لإعطاء الأولوية للشركات الأميركية، فإن العقوبات ليست قليلة وإزالتها تحتاج إلى وقت، من إكمال الصورة القانونية للنظام الاقتصادي السوري إلى وضوح البنية السياسية للنظام، مروراً بأمر بالغ الأهمية وهو النظام القضائي ووجود قضاء مستقل في البلد يطمئن المستثمرين، فلا اطمئنان في قاعدة هشة وإن كانت مدعومة عربياً وإقليمياً. ولا حدود للمبالغ التي تحتاج إليها إعادة الإعمار ومعاودة النشاط الاقتصادي في بلد إنهار دخله القومي إلى حدود 7 مليارات دولار، ولم يترك النظام الساقط في مصرفه المركزي أكثر من 200 مليون دولار، ويحتاج إلى 50 عاماً للعودة لما كان عليه عام 2010، وما بين 500 و800 مليار دولار. والتحدي بعد النجاح الأولي في امتحان الانفتاح على الخارج هو الانفتاح على الداخل، فلا شيء يجعل المكاسب في الخارج ثابتة سوى بناء سلطة على قياس التنوع في المجتمع السوري والخروج من مقاييس الجهادية السلفية الضيقة على سوريا، ولا معنى للحديث عن وحدة سوريا مع الاستمرار في التضييق والاعتداءات على الأقليات العلوية والدرزية والمسيحية والكردية، لأن شرط الوحدة هو أن تكون "سوريا لكل السوريين" باعتراف الشرع، فلا أكثرية ولا أقليات، بل دولة مواطنة، ولا قوة خارجية مهما تكن لديها من مخططات للتقسيم والتفتيت، مثل إسرائيل، يمكن أن تنجح في مواجهة الوطنية السورية والشراكة الوطنية في الدولة، ولعل سوريا في حاجة إلى بند في دستورها على غرار البند في مقدمة الدستور اللبناني الذي نصه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". في كتاب جديد تحت عنوان "من الجهاد إلى السياسة: كيف تبنى جهاديون سوريون السياسة"، يسجل المؤلف جيروم دريفون تحولات "هيئة تحرير الشام" من جبهة النصرة التابعة لـ "القاعدة" والإرهاب والزرقاوي و"داعش" إلى حركة سياسية أدارت بلديات وحكومة في إدلب، والكل في الداخل والخارج يسأل إن كانت الإدارة السورية الجديدة قادرة ومستعدة لأن تصبح معتدلة وبراغماتية وجامعة أم أن الجهادية السلفية متجذرة فيها، والجواب على الطريق.