
عندما تزور الصين
العديد من التساؤلات تدور في ذهني حول عمق العلاقة الثقافية التي تجمع العرب والصينيين منذ أكثر من 2000 عام، تساؤلات يسببها الفضول وحب معرفة الآخر، ذلك منذ مشاركتي في منتصف هذا الأسبوع في جلسة حوارية نظمتها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في معرض بكين للكتاب 2025 حول التواصل الحضاري بين الحضارة العربية والحضارة الصينية، وذلك بالتعاون مع مركز الشيخ زايد للغة العربية والدراسات الإسلامية في بكين.
هي الزيارة الأولى لي إلى الصين، والأجمل في الزيارة أنني دخلت الصين من بوابة الثقافة والمعرفة، مشاركة دولة الإمارات في معرض بكين للكتاب ملفتة بحجمها وبحضور القيادات والقامات الثقافية الإماراتية طوال فترة المعرض هو مؤشر على حرص واهتمام الدولة في تعزيز وتطوير العلاقات الثقافية والفكرية التي تجمع دولة الإمارات بالصين.
في الجانب الآخر، لفت انتباهي التفاعل الصيني مع المشاركة الإماراتية، وما فاجأني أكثر من خلال الحوار مع بعض المثقفين والمفكرين الصينيين معرفتهم بالثقافة العربية، بل وإعجابهم بها وأنهم يرون أنها تتشابه في الكثير من الجوانب مع الثقافة والعادات الصينية، خاصة في ما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والأسرية.
وبالعودة إلى جلسة التواصل الحضاري بين الحضارة العربية والحضارة الصينية، التي تحدث فيها الدكتور شوي تشينج واه، مدير مركز الشيخ زايد للغة العربية والدراسات الإسلامية في بكين، وهو باحث وأكاديمي متعمق في الدراسات العربية والشرق أوسطية والعلاقات الصينية العربية، والإماراتية بشكل خاص، تناول الدكتور في كلمته عمق العلاقة التي تجمع الصينيين بالعرب، حيث إنها تعود إلى ما قبل 2000 عام وأخذت في النمو والتطور حتى اليوم، وقد استفادت الحضارتان من بعضهما في مختلف المجالات والجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الحرفية.
قبل طريق الحرير، كان العرب على تواصل مع الصين عبر التجارة والموانئ، وقد نقلوا للصين العديد من السلع والمنتجات كالتوابل واللبان، وجاء طريق الحرير لا لينقل الحرير الصيني إلى أوروبا مروراً بالمنطقة العربية فقط، بل كان طريقاً لنقل وتبادل العلم والمعرفة والفلسفة والصناعة والخبرات.
نقلت الصين الورق للعالم، وبالورق ألفت الكتب التي نقلت العلم والذاكرة والتاريخ ووثقت مراحل زمنية مهمة في تاريخ البشرية، فمرحلة ما قبل الإذاعة والتلفزيون، نقلت لنا عبر الورق، فالكتاب الورقي الذي ينقل لك أحداثاً وروايات ويصف لك أماكن وأشخاصاً ويصور لك مشاهد وتفاصيل، هو لا ينقل لك معلومة فقط، بل يحفزك على التأمل والتفكير والخيال.
ما رأيته في الصين من حضارة وتاريخ عريق وأمة تعمل لحاضرها ومستقبلها وشعب ودود يقدر ويحترم الغريب المختلف عنه، وما رأيتها في التظاهرة الثقافية والحوارية في معرض بكين للكتاب، ومن قبل بأشهر في معرض أبوظبي للكتاب، جعلني أجزم أن التبادل والحوار والتواصل الثقافي بين الأمم والشعوب ضرورة استراتيجية وليست ترفاً ثقافياً أو أكاديمياً، فالثقافة بما تحمله من فكر وأدب لديها القدرة على تفكيك الصور النمطية المشوهة للآخرين.
لدى الكثير من العرب ممن اطلعوا على التاريخ والفكر الصيني يؤكدون أنها رمز للحكمة والعمق الفلسفي، وقد استطاعت الصين أن تعمل بذكاء من خلال هذا الرصيد الرمزي بإطلاق عدد من المبادرات من ضمنها مبادرة الحزام والطريق التي يمكن اعتبارها، بالإضافة إلى أنها مبادرة اقتصادية، إلا أنها في الجانب الآخر يمكن اعتبارها منصة من خلالها تعاد صياغة العلاقات الإنسانية بين الشعوب على أسس الاحترام المتبادل والتركيز على القيم الإنسانية المشتركة.
من خلال ما سمعته في الجلسة الحوارية من عمق وتاريخ العلاقة العربية الصينية، وما شاهدته على أرض الواقع، وما لمسته من طموح صيني لبناء المستقبل، تترسخ لدي قناعة أن التاريخ والمكانة العظيمة ليس بالضرورة أن يكتبا من خلال الحروب، بل يمكن أن يكتبا ويصنعا بالحوار والتواصل والثقافة والكتب والتبادل الفكري والمعرفي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 4 ساعات
- الإمارات اليوم
560 كم إجمالي أطوال مسارات الدراجات الهوائية في دبي
أكدت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، ارتفاع أطوال مسارات الدراجات الهوائية في الإمارة من تسعة كم عام 2006 إلى 560 كم حتى منتصف العام الجاري. وأضافت أن مشاريع مسارات الدراجات الهوائية تأتي تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بتحويل دبي إلى مدينة صديقة للدراجات الهوائية، عبر توفير البدائل المناسبة لتشجيع السكان على ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية، وتحقيقاً لخطة دبي الحضرية 2040، الرامية إلى جعل دبي المدينة الأفضل للحياة في العالم. وأوضحت الهيئة لـ«الإمارات اليوم»، أن مشاريع مسارات الدراجات الهوائية تأتي في إطار خطة شاملة لتوفير شبكة مسارات تغطي جميع مناطق الإمارة، وتربط المناطق السكنية بمناطق الجذب ومحطات النقل العام، للتشجيع على ممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية والارتقاء بمستوى جودة الحياة في الإمارة. وتنفذ الهيئة حالياً مسارات للدراجات الهوائية في مواقع مختلفة في الإمارة، من أهمها مسار يربط منطقة الورقاء بمنطقة سيح السلم، ومسار يربط منطقة الخوانيج بمنطقة الممزر، ومسار على امتداد شارع حصة يربط منطقة الصفوح بمنطقة دبي هيلز، وبمجموع أطوال يبلغ نحو 100 كم. كما تمتلك الهيئة خطة لزيادة طول المسارات لتبلغ نحو 1000 كم بحلول عام 2030. وأكدت الهيئة أن المسارات أسهمت من خلال تحديد السرعات عليها وتزويدها ببنية تحتية متكاملة ومبتكرة في تعزيز تحول دبي إلى مدينة صديقة للدراجات الهوائية. وأضافت أنها تولي اهتماماً كبيراً بتطوير وسائل التنقل المرن والمستدام، انسجاماً مع رؤية القيادة الرشيدة لتعزيز جودة الحياة وتحقيق سعادة السكان، كما تسهم هذه المسارات في الجهود الدولية لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وترسّخ مكانة دبي كأفضل مدينة للعيش والعمل في العالم. وكشفت الهيئة عن نمو في أعداد مستخدمي الدراجات الهوائية في الإمارة بنحو 5% نهاية عام 2024 مقارنة بعام 2023، إذ بلغت أعداد الرحلات 46.5 مليون رحلة، مقارنة بنحو 44 مليون رحلة بنهاية عام 2023. وأفادت بأن معايير اختيار مواقع مسارات الدراجات والمشاة تتضمن أعداد السكان حول المسارات، وتحقيق الربط مع وسائل النقل الجماعي، وطبيعة استعمالات الأراضي، وأعداد وكثافة مستخدمي الدراجات الهوائية. وذكرت أنها تطبّق أفضل المعايير والمواصفات العالمية والأدلة الفنية، بما يشمل تحديد السرعات، وتوفير علامات أرضية ولوحات إرشادية توضّح اشتراطات القيادة، ما يسهم في تشجيع السكان والزوار على استخدام الدراجات الهوائية، ويدعم تحقيق استراتيجية رحلات الميل الأول والأخير. وأفادت بأنها أعدّت مخططاً شمولياً لمسارات الدراجات الهوائية المستقبلية، لافتة إلى أنها تعمل على تحديث خططها دورياً، بما يضمن استمرارية تطوير الشبكة، وتحقيق هدف الوصول إلى أكثر من 1000 كيلومتر من المسارات بعد عام 2030. • %5 نمواً في أعداد مستخدمي الدراجات الهوائية في الإمارة بنهاية 2024.


الإمارات اليوم
منذ 4 ساعات
- الإمارات اليوم
«زايد العليا لأصحاب الهمم» تحتفي بعيد الأب برسائل مؤثرة بين الآباء وأبنائهم
أطلقت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، تزامناً مع احتفاء الدولة بـ«عيد الأب»، أمس، مبادرة نوعية ومؤثرة جمعت بين طلابها من أصحاب الهمم وآبائهم عبر تبادل رسائل مصورة، لتكون جسراً من المشاعر الصادقة التي تحتفي بمكانة الأب، وتُقدّر عطاء الأبناء وإنجازاتهم الملهمة. وعبر مقاطع فيديو عرضت خلال الفعالية، تحدث عدد من الآباء بكلمات يملؤها الفخر والاعتزاز وهم يرون أبناءهم يحققون ذواتهم، ويُنتجون ويبدعون في ورش التأهيل المهني التابعة للمؤسسة. وأكدوا أن ما ينجزه هؤلاء الأبناء لا يمثّل مصدر فخر للأسرة فحسب، بل هو قصة نجاح وإلهام، حيث يقدّمون نموذجاً مشرقاً في المثابرة والعمل المنتج للمجتمع بأسره. وفي المقابل، حملت رسائل الأبناء من أصحاب الهمم في طياتها كلمات عفوية ومؤثرة، عكست حباً عميقاً وامتناناً صادقاً لآبائهم، على ما يقدمونه من دعم غير محدود وتوجيه مستمر ورعاية يومية.


البيان
منذ 4 ساعات
- البيان
«فريق عطاء حمدان» يحصد جائزتين في «الشارقة للعمل التطوعي»
واصل فريق عطاء حمدان التطوعي المسجل لدى هيئة تنمية المجتمع في دبي حصد الإنجازات، وتأكيد حضوره في ساحة العمل التطوعي، بعد أن توّج بجائزتين مرموقتين، خلال الدورة الثانية والعشرين من جائزة الشارقة للعمل التطوعي، حيث نال لقب أفضل فريق تطوعي على مستوى الدولة، إلى جانب تحقيقه الرقم القياسي في عدد الساعات التطوعية المسجلة، والتي بلغت أكثر من 45 ألف ساعة موزعة على مختلف إمارات الدولة، ضمن فئة الفرق التطوعية. تقدير وتسلّم درع الجائزة أحمد بن عجلان، رئيس مجلس إدارة الفريق، ونائبه ماهر المريسي، إلى جانب عدد من أعضاء الفريق، تقديراً لجهودهم المتواصلة في خدمة المجتمع. وأكد أحمد بن عجلان أن الجائزة تمثل تتويجاً لمسيرة من العطاء والتفاني في العمل المجتمعي، وأن الفريق يؤمن برسالة التطوع كونه أحد أعمدة التنمية الاجتماعية، ويعمل بجهد لتعزيز روح المشاركة الإيجابية والمسؤولية لدى مختلف شرائح المجتمع. وأشار بن عجلان إلى أن الفريق يضم أكثر من ثلاثة آلاف متطوع من مختلف الجنسيات، إذ تتجاوز جنسياتهم 57 جنسية، ما يعكس البعد الإنساني والانفتاح الثقافي، الذي يتمتع به الفريق، ووجه شكره وتقديره لأعضاء مجلس الإدارة، ولجميع المتطوعين، والأعضاء الفخريين، الذين كان لهم بالغ الأثر في تحقيق هذه النجاحات المتوالية.