طوبى لمن أطعم غزة .. ومجدٌ للأردن
طوبى لمن أطعم غزة… وطوبى لمن كسر جدار الصمت بحمولةِ تمرٍ أو كيس طحين أو جرعة دواء. طوبى لكل يدٍ حملت الخير وامتدت نحو الشريط الضيّق المحاصر، تُعانق شعبًا جريحًا، وتمنحه قليلاً من دفء الإخاء ونبض العروبة. ليس الطعام وحده ما يُشبع، ولكن الإحساس بأن هناك من لا يزال يشعر، من لا يزال يُدرك معنى أن تكون غزة رمزًا وعنوانًا للكرامة والمقاومة والصبر الجميل.
لقد بات إدخال الطعام إلى غزة اليوم عملاً من أعمال البطولة، وموقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا، يُعادل في وزنه السياسي والرمزي كل البيانات والتصريحات. من استطاع أن يُدخل شاحنة غذاء، أو يُرسل حليبًا لطفلٍ رضيع، أو يداوي جُرحًا، فقد انتصر للإنسانية، ووقف مع الحق في وجه آلة البطش والإبادة التي ما فتئت تنهش أجساد الأبرياء بلا رحمة.
وإننا إذ نُشيد بكل من ساهم وسيساهم في كسر هذا الحصار، فإننا نخصّ بالذكر الأردن العزيز، وطن النخوة والمروءة والوفاء. طوبى للأردن الأبي، أرض النشامى، قيادةً وشعبًا، إذ لم يتوانَ يومًا عن الفزعة، وكان على الدوام سندًا لغزة، وظهيرًا لأهلها، ورفيقًا في المحنة قبل الرخاء.
منذ الساعات الأولى للنكبة الإنسانية التي تشهدها غزة، لم تغب المملكة الأردنية الهاشمية عن المشهد. كانت حاضرة، بقلبها وضميرها، بإرادتها ومبادراتها، بطواقمها الطبية، وبجسور المساعدات التي لم تتوقف، رغم التحديات والصعاب. لقد رأينا الأردن الرسمي والشعبي، يتقدّم الصفوف، يتجاوز الحواجز، ويثبت بالفعل قبل القول، أن فلسطين ليست قضية سياسية فقط، بل هي وجدان، والتزام، وعقيدة في قلب الدولة وضمير المواطن.
سيُكتب في صحائف المجد أن الأردن عبر، وأطعم، وداوى، وواسى، وظلّ على العهد، حتى تنجلي الغمة، وتعود غزة حرّة أبية. سيُروى للأجيال أن الشاحنات التي انطلقت من عمان لم تكن محمّلة بالغذاء فقط، بل كانت محمّلة بالعزة، والكرامة، والتاريخ المشترك، والمصير الواحد. كان الأردن، كما عهدناه، أوفى من يواسي الجراح، وأسبق من يهبّ للنجدة، وأصدق من يُعبّر عن ضمير الأمة إذا ما تلعثمت الكلمات وسكتت الأبواق.
ولذلك نقول: حفظ الله الأردن، قيادةً هاشميةً حكيمة، وشعبًا وافيًا كريمًا، يثبت في كل مرة أنه في قلب العروبة، وضمير الأمة، وركن الثبات في زمن التردد والخذلان. هذا هو الأردن الذي نعرف، والذي نفاخر به، والذي كتب على رايته منذ التأسيس: المجد لله، والوفاء للأمة، والولاء للحق.
وغزة، كما عهدناها، لا تنسى، ولا تُخطئ بوصلتها. تحفظ الوفاء لأهله، وترد التحية بالدعاء، وتردّ المعروف بثباتها وصمودها. وستبقى، رغم الجراح، عنوان العزة ومحراب الصبر، تنحني أمامها الأقلام، وتتقاصر عند عتبتها الخطابات الجوفاء.
وفي الختام، نُجدّد القول: طوبى لكل من أطعم غزة، وطوبى لكل من حمل في قلبه همّها، وطوبى لكل من سيُسهم في فكّ حصارها يومًا ما. وطوبى لنا بأردنّنا، وطن العزم والرجال، منارة الأخلاق، وسيف العدل، ونخوة المروءة، التي لا تنكسر ولا تنطفئ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 22 دقائق
- حضرموت نت
مصطفى شلبي ينتظم في معسكر البنك الأهلي ببرج العرب
انتظم مصطفى شلبي لاعب فريق البنك الأهلي الجديد في معسكر فريقه ببرج العرب مساء اليوم الخميس، بعد إتمام إجراءات انتقاله إلى صفوف الفريق قادماً من الزمالك. وكان نادي البنك الأهلي حصل على الاستغناء الخاص بمصطفى شلبي في الساعات القليلة الماضية بعد انهاء كافة التفاصيل الخاصة بانضمام اللاعب للفريق. وكتب مصطفى شلبي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي:' الخير كل الخير لما أري غيره من جمهور ونادي الزمالك العظيم كان من الشرف لي أن يرتبط اسمي بكيان كبير وهو نادي الزمالك ولكن لكل بداية نهاية ولكل قصة ختام وكذلك هيا سنة الحياة وسنة الله في خلقه ،اليوم أعلن نهايتي مع نادي الزمالك ولكنها نهاية مرحلة كروية فقط و من غدا سأعود مشجعا وداعما، لمكان لمجرد ان ارتبطت به زادني كل خير ' وأضاف :' حابب اشكر جميع مجالس الإداره وجميع الأجهزة الفنية والإدارية والطبية ومسؤلين المهمات الذين تعاملت معهم اخواتي اللاعبين شكرا ليكم بحبكم هتوحشوني'. وواصل :إلى جمهور الزمالك العظيم المخلص كنتم وما زلتم اكبر داعم لذلك النادي العظيم تلك المرحلة تحتاج إليكم كما عودتونا ان تبقوا ورا كل اللاعبين ، صدقوني دعمكم بيفرق جدا، كلهم بيحبو النادي وبيلعبو من كل قلبهم لرفع اسم النادي شكرا الي اعظم جماهير الكوكب بحبكم هتوحشوني اخوكم مصطفي شلبي .


غرب الإخبارية
منذ 38 دقائق
- غرب الإخبارية
الجحود
ليس كل من عرف الخير يعرف قيمته. هناك من تعوّد على النعمة حتى صارت في عينيه أمرًا عاديًا، لا يلتفت إليها ولا يشكر عليها. وهناك من يأخذ المواقف الكبيرة كأنها حق مكتوب له، فلا يرى فيها فضلًا ولا يشعر بثقلها، لأن قلبه لم يتعلم يومًا أن يقدّر الموجود وهو بين يديه. لذلك، فالجحود لا يأتي دائمًا ممن لا يعرفك، بل أحيانًا ممن كانوا أقرب الناس إليك... هؤلاء الذين نسوا وقفتك، وتجاهلوا صبرك، وتجاوزوا عن خيرك كأنه لم يكن يومًا. وهذا ما قد يجعلك تظن في لحظة ضعف أن المشكلة فيك. لكن الحقيقة أن بعض القلوب لا تفتح عيونها إلا حين تشعر مرارة الفقد، ولا تفهم معنى النعمة إلا بعدما تغيب عنك. فهناك أرواح ترى الأشياء واضحة فقط في الغياب، وتبدأ في السؤال والندم حين يصبح من كان حاضرًا بعيدًا عنها. وأصعب ما في ذلك ليس أن تُجحد، بل أن تُعلّق قلبك بما لن يأتي. وأن تبقى في مكانك تنتظر كلمة شكر أو نظرة تقدير، بينما تعرف في داخلك أن مكانها سيظل فارغًا. ولهذا، فإن الحكمة ليست أن تغيّر طيبتك، بل أن تغيّر مكانك. فتبقى كما أنت، بنفس القلب الصادق، وبنفس النية الطيبة، لكن مع من يستحق أن يرى فيك هذا الخير. ومع من يعرف قيمتك من وجودك الأول، لا حين تصبح ذكرى. ولأن الذي يجحدك اليوم، هو نفسه من سيتمنى وجودك غدًا. ولأن الناس لا تفيق دائمًا إلا حين تشعر بفراغ المكان الذي تركته. فكل وقفة وقفتها يومًا ولم تجد صداها ستظل محفوظة عند الله أولًا، وعند الأيام التي لا تنسى. فليس المهم أن تبقى في المكان نفسه تنتظر التقدير، بل أن تعرف متى تتحرك. ومتى تحتفظ بنفسك، وتبحث عن مكان تُحترم فيه قبل أن تُفتقد. فالحياة لا تبني قيمتك بما يقوله الناس عنك في حضورك، بل بما يشعرون به حين تغيب. ومن يعطي بصدق يبقى دائمًا أعلى، حتى لو لم يُرَ ذلك في لحظته الأولى.


وطني
منذ ساعة واحدة
- وطني
'حكايات الشجرة المغروسة' (٥).. 'اثبتوا في الإيمان' في اجتماع الأربعاء
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة رئيس الملائكة رافائيل والشهيد مار مينا بغيط العنب بالإسكندرية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت. وصلى قداسته صلوات العشية، بمشاركة صاحبي النيافة الأنبا باڤلي الأسقف العام لكنائس قطاع المنتزه، والأنبا هرمينا الأسقف العام لكنائس قطاع شرق الإسكندرية، والقمص أبرآم إميل وكيل عام البطريركية بالإسكندرية والآباء كهنة الكنيسة وعدد من مجمع كهنة الإسكندرية، وخورس شمامستها وشعبها، الذين امتلأت بهم الكنيسة. وقبل صلوات العشية تفقد قداسته مبني خدمات الكنيسة وتفقد الخدمات الموجودة به من دار للمسنين وقاعات الخدمة والكنيسة الملحقة به وقبل العظة رحب القمص روفائيل عطية كاهن الكنيسة بقداسة البابا وبمجيئه إلى منطقة غيط العنب، كما ألقى القمص ابرام اميل كلمة ترحيب أيضًا بقداسته. وقبل بدء العظة عبّر قداسة البابا سعادته بوجوده وزيارته لمنطقة غيط العنب وعن مدى اشتياقه منذ فترة لزيارة المنطقة. وقدم الشكر للآباء الكهنة والشمامسة والأراخنة ولخدام وخادمات الكنيسة على الخدمات التي يقومون بها، والتي تفقد الكثير منها. واستكمل قداسة البابا سلسلة 'حكايات الشجرة المغروسة'، وتناول اليوم موضوع كيفيه تطبيق ما نؤمن به في حياتنا' من خلال الآيتين: 'اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالًا. تَقَوَّوْا. لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ' (١كو ١٦: ١٣، ١٤)، كالتالي: ١- 'اِسْهَرُوا': وتعني اليقظة والاستعداد في الطريق الروحي وألا نقع في الغفلة، لذلك الكنيسة تشجعنا على السهر الروحي بصلوات نصف الليل، وكذلك يجب أن ننتبه للمحيطين بنا ونشجعهم على اليقظة الروحية. ٢- 'اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ': ثبات الكنيسة هو من ثباتنا في الحياة الإيمانية، لذلك على كل أم وأب أن يثبتوا أبناءهم في الإيمان القوي، مثلما تثبتنا الكنيسة في الإيمان من خلال سير القديسين في السنكسار. ADVERTISEMENT ٣- 'كُونُوا رِجَالًا': وتعني النضوج في الإيمان، ومن فوائد قراءة الكتاب المقدس هو النضوج الروحي، 'لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ' (عب ٤: ١٢). ٤- 'تَقَوَّوْا': وتعني أن نعيش بمخافة الله، 'جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ' (مز ١٦: ٨)، فالمخافة تجعلنا أن ننتبه للمحيطين بنا في الأسرة أو الخدمة وتشجيعهم على مخافة الله. ٥- 'لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ': والمحبة تُغلف كل ما سبق، والمعاملات في السماء تتم بعملة المحبة، فكل عمل محبة نقدمه نخزنه في السماء، 'اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا' (١كو ١٣: ٨). وأوصى قداسته أن كل ما نعمله نقدمه يجب أن يكون بمحبة، في العمل والأسرة والدراسة والخدمة والمجتمع.