
اليمن: غياب الأمطار يخنق الزارعة في تعز ولحج
ويشير المهندس الزراعي سمير المقطري إلى أن تأخر هطول الأمطار وتغيرات مواسم الزراعة وانعدام البدائل يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير، ويؤثر على تربية المواشي، ما يضر بالأمن الغذائي لغالبية العائلات الريفية، الذين يعتمدون على هذه الأنشطة في توفير جزء كبير من قوتهم طوال العام.
ويبين المقطري لـ«الشرق الأوسط» أن محاصيل الحبوب والبقوليات التي تعتمد زراعتها على موسم الأمطار، تمثل مصدراً غذائياً مهماً للمزارعين وعائلاتهم في فترات السنة؛ خصوصاً في الشتاء التالي لمرحلة الحصاد؛ حيث يستغنون خلاله بشكل كبير عن الأغذية المستوردة، كما أن بيع جزء من محصولهم يساهم في توفير دخل مؤقت لهم في تلك الفترات.
وتشهد غالبية أرياف المديريات الجنوبية لمحافظة تعز جفافاً غير مسبوق، ويعاني السكان هناك من شحة المياه، ويلجأ الأطفال والنساء إلى قطع مسافات طويلة لنقل كميات محدودة من المياه للشرب والاستخدامات المنزلية على رؤوسهم أو على ظهور الحيوانات.
من جهته، يقول نبيل سعيد، وهو معلم يعمل في مديرية الشمايتين في محافظة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إنه اضطر أخيراً لدفع مبالغ مالية للعائلة التي مكنها من الانتفاع بالأراضي الزراعية التي يملكها في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (موطنه الأصلي) للحفاظ عليها من التدهور.
ويبرر اضطراره لدفع تلك المبالغ بأن العائلة اشتكت له من عدم قدرتها على زراعة أراضيه وتحمل تكاليف ذلك، بعد أن كانت في بداية الأمر تقاسمه المحصول نهاية كل موسم، وتهديه من منتجات المواشي التي تربيها.
جفاف طويل
وسط هذه التقلبات المناخية في اليمن حذّر تقرير أممي من تدهور واسع في القطاع الزراعي، نتيجة استمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ومن تداعيات خطيرة على سبل العيش وتأمين الغذاء.
وذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)» في تقرير لنظام معلومات الأمن الغذائي والإنذار المبكر التابع لها، أن اليمن عاش، الشهر الماضي، هطول أمطار محلية محدوداً في المرتفعات، وجفافاً في المناطق الشرقية والساحلية.
وتجاوزت درجات الحرارة حاجز 42 درجة مئوية في المناطق الشرقية والساحلية، ما تسبب في زيادة معدلات التبخر وانخفاض رطوبة التربة، وإجهاد المحاصيل، حتى في مناطق المرتفعات التي تتميز عادة بدرجات حرارة أكثر برودة.
وأعربت المنظمة عن مخاوفها من أن تعرض الموارد المائية لضغوط إضافية بسبب ضعف تدفق المياه وارتفاع الحاجة إلى الري سيفاقم التحديات التي تواجه المجتمعات الزراعية، خصوصاً في المناطق المرتفعة والساحلية، مطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من أثر الجفاف على الإنتاج الزراعي، ودعم المزارعين، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر.
وتراجعت، خلال السنوات الأخيرة، كميات الأمطار في محافظة لحج، بالتوازي مع ارتفاع درجات الحرارة، ما ألقى بتأثيرات قاسية على السكان الذين يعمل غالبيتهم في الزراعة.
ويصف الخبير الزراعي محمد سيف ثابت الوضع في محافظة لحج بأنه يقترب من الكارثي، بعد أن زحفت الرمال على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وجرَّدتها من الغطاء النباتي تماماً، في حين بات الحصول على الماء للاستخدامات المنزلية هاجساً يؤرق غالبية السكان.
وأوضح ثابت لـ«الشرق الأوسط» أن محافظتَي تعز ولحج من أكثر مناطق البلاد تأثراً بالجفاف والتغيرات المناخية، بسبب ضيق المساحة الصالحة للزراعة مقارنة بالكثافة السكانية التي تضاعفت خلال سنوات الحرب بفعل النزوح، واضطرار آلاف العائلات المهاجرة داخل البلاد، والتي تنتمي إلى المحافظتين، للعودة إلى موطنها الأصلي.
كشف التقرير الأممي عن تدهور مؤشرات الغطاء النباتي بشكل ملحوظ في معظم المناطق الزراعية، في حين أدى نقص الأمطار وارتفاع الحرارة إلى ظهور علامات مبكرة لإجهاد نباتي واسع النطاق، ما قد ينعكس سلباً على إنتاجية المحاصيل خلال الموسم الزراعي الرئيسي.
ونوه التقرير بأن تأخر الزراعة في المناطق المطرية، وانخفاض توافر الأعلاف للمواشي، إلى جانب ارتفاع تكاليف المدخلات، عوامل تزيد من هشاشة سبل العيش، وتُعمّق من مخاطر أزمة غذائية في الأرياف.
ووفقاً للخبير الزراعي ثابت، فإن النزوح الذي تسببت به الحرب مثّل ضغطاً هائلاً على الموارد المائية من جهة، ودفع إلى مزيد من الاحتطاب الجائر في ظل أزمات الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره، ما ساهم في إهلاك الغطاء النباتي والتراجع في رطوبة الجو التي تساعد على هطول الأمطار، وارتفاع متزايد في درجات الحرارة.
وأدى الجفاف إلى عزوف العديد من العائلات في المحافظة عن مزاولة مهنة الزراعة والهجرة إلى مناطق أخرى للبحث عن سبل عيش أخرى، وهو ما فاقم من تصحُّر المناطق المهجورة.
ويتوقع عبد الله ناجي، وهو ناشط اجتماعي في مديرية القبيطة بلحج، أن يبدأ موسم الأمطار، خلال الأسابيع المقبلة، ليساعد السكان في تجاوز أزمات المياه والجفاف ويعمل على إحياء أجزاء من الأراضي الزراعية الجافة، وإن كان ذلك لن يمكنهم من استئناف موسم الزراعة.
ويرى ناجي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المزارعين يفتقرون الخبرات والإمكانيات الكافية للتعامل مع تأخر مواسم الأمطار وتغيير مواسم الزراعة تبعاً لذلك، وإدارة الموارد المائية القليلة بما يمكنهم من حماية أمنهم الغذائي وفق المتاح.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 8 ساعات
- الرياض
المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان
وزّع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس الأول (2.617) سلة غذائية، في مناطق مظفر آباد، وكوتلي، وبهيمبر، بإقليم جامو وكشمير، ومنطقة راجن بور، بإقليم البنجاب في جمهورية باكستان الإسلامية، استفاد منها (18.210) أفراد من الفئات الأكثر ضعفًا والأشد احتياجًا في المناطق المتضررة من الفيضانات، ضمن مشروع دعم الأمن الغذائي في باكستان للعام (2025م). ويأتي ذلك في إطار الجهود الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المملكة، عبر ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة في باكستان للتخفيف من معاناة المحتاجين والمتضررين هناك.


صحيفة سبق
منذ 9 ساعات
- صحيفة سبق
مركز الملك سلمان يواصل حضوره الإنساني في 5 دول.. دعم غذائي وصحي وإيوائي للفئات الأشد احتياجًا
يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنفيذ مشاريعه الإغاثية والإنسانية في عدد من الدول، دعمًا للفئات الأشد احتياجًا والنازحين والمتضررين من الأزمات والكوارث، في إطار التزام المملكة بدورها الإنساني العالمي. ففي جمهورية باكستان الإسلامية، وزّع المركز (2.012) حقيبة إيوائية في عدة مناطق بإقليم كشمير، استفاد منها (14.921) فردًا من الفئات المتضررة والنازحة، وذلك ضمن مشروع توزيع المواد الإيوائية والحقائب الشتوية للعام 2025م. كما وزّع المركز (2.617) سلة غذائية في مناطق مظفر آباد وكوتلي وبهيمبر في إقليم جامو وكشمير، إضافة إلى منطقة راجن بور في إقليم البنجاب، استفاد منها (18.210) فردًا من الفئات الأكثر ضعفًا، ضمن مشروع دعم الأمن الغذائي. وفي الجمهورية العربية السورية، وزّع المركز (10.151) كرتون تمر في محافظة حلب، استفادت منها الأسر السورية ضمن مشروع المساعدات السعودية، دعمًا للشعب السوري الشقيق في ظل الأزمة الإنسانية المستمرة. وفي السودان، وزّع مركز الملك سلمان للإغاثة (550) سلة غذائية في محلية القرشي بولاية الجزيرة، استفاد منها (6.762) فردًا من الأسر النازحة والأكثر احتياجًا، وذلك ضمن جهود دعم الأمن الغذائي في السودان للعام 2025م. أما في اليمن، فقد قدّم مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب، بدعم من المركز، خدماته لـ(595) مستفيدًا خلال شهر يونيو الماضي. وبلغ عدد الخدمات المقدمة (1.675) خدمة، شملت تصنيع وتركيب الأطراف والعلاج الطبيعي والاستشارات التخصصية، حيث شكّل النازحون نسبة (82%) من المستفيدين، والمقيمون (18%). وفي جمهورية الصومال، وقّع المركز اتفاقية تعاون مشترك عبر الاتصال المرئي لإنشاء (200) وحدة سكنية متكاملة لمتضرري الفيضانات في مدينة كيسمايو، بقيمة إجمالية بلغت مليونين و775 ألف دولار أمريكي. وتشمل الاتفاقية بناء مدرسة، ومسجد، ومركز صحي، ومحطة طاقة شمسية، وخزان مياه رأسي، وتسوية الطرق، بما يخدم (9.360) فردًا بشكل مباشر و(81.000) بشكل غير مباشر. وتأتي هذه المبادرات امتدادًا للدور الإنساني الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية، عبر ذراعها الإغاثي مركز الملك سلمان للإغاثة، للتخفيف من معاناة المتضررين، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للفئات الأكثر احتياجًا حول العالم.


الرياض
منذ يوم واحد
- الرياض
«البيئة» تشارك بدورة حول حصاد مياه الأمطار
شارك فريق وطني من منظومة البيئة والمياه والزراعة، يضّم (12) مختصًا من وكالة المياه بالوزارة، والمؤسسة العامة للري، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، في أعمال الدورة التدريبية، التي نظمتها أكاديمية "قانسو" للري بالتعاون مع وزارة التجارة الصينية، حول تقنيات حصاد مياه الأمطار واستخداماتها، بحضور ممثلي وزارة الموارد المائية الصينية وعددٍ من الخبراء والمختصين بمجال المياه، وذلك خلال الفترة من (3) إلى (22) يوليو الجاري، في مدينة لانتشو بجمهورية الصين الشعبية. .