
حكومة بغداد تلزم الفصائل: لسنا معنيين بالحرب
باستثناء شكوى رفعتها إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل؛ احتجاجاً على خرق السيادة، تلوذ الحكومة العراقية بالحذر، وتراقب بخشية تطور مسار الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، ولعلّ إغلاق الأجواء العراقية أمام حركة الطيران من أهم الدلائل على أن البلاد ليست في منأى تماماً عن تداعيات الحرب.
ويبدو أن السلطات في بغداد، ومن ورائها تحالف «الإطار التنسيقي»، تدرك مخاطر أي خطوة «غير دقيقة» قد يُقدم عليها أي فصيل مسلح، وآثارها الخطيرة على البلاد. من هنا، تتحدَّث مصادر متطابقة عمّا يشبه «القرار الصارم» المُتَّخذ من قبل الحكومة وحلفائها بتجنّب تبعات الحرب، وعدم الانخراط بها «بأي شكل من الأشكال».
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن «اتصالات مكثفة بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وقادة أحزاب وفصائل شيعية»، وترتكز تلك الاتصالات على قاعدة أساسية مفادها: «لسنا معنيين بالمشاركة في الحرب».
وتشير المصادر إلى أن الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، ورغم عدم تحركها الفعلي حتى هذه اللحظة، فإنها تشدِّد على «عدم السماح لإسرائيل باستغلال الموقف لتصفية معسكرات الفصائل و(الحشد الشعبي)».
مع ذلك، تدرك الفصائل أن «مشارَكتها في الحرب الجارية لن تترك التأثير الاستراتيجي المطلوب».
وقال المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء» الشيخ كاظم الفرطوسي لـ«الشرق الأوسط»: «الإمكانات المتوفرة لدى الفصائل لن تغيِّر الموازين في ظل حرب شرسة تُستخدَم فيها صنوف الصواريخ والتقنيات والمعدات العسكرية الفتاكة».
ورأى الفرطوسي أن «السلطات العراقية لم تتخذ ما يكفي من الإجراءات ضد الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم إسرائيل، ويبدو أنها عاجزة عن أي فعل من شأنه حماية سيادة البلاد».
ونفى الفرطوسي ما تردد عن إطلاق مسيّرات مفخخة من مناطق قرب الحدود العراقية - الإيرانية، كما نفى علمه بعمليات تنفِّذها بعض الفصائل المسلحة ضد إسرائيل ومن داخل الأراضي العراقية. وذكر أنه «في حال حدث ذلك، فإنهم سيعلنونه».
وأشارت مصادر إلى أن المسيّرات «انطلقت من معسكرات إيرانية داخل الأراضي العراقية، قرب الحدود، وهذا ما دفع إسرائيل إلى الإعلان أنها مسيّرات إيرانية».
وأفاد إعلام مقرب من «الحرس الثوري» الإيراني، في وقت سابق، عن «موجة من الطائرات المسيّرة الإيرانية من طراز (شاهد-) أُطلقت من قبل (مقاومة إيران) في العراق باتجاه إسرائيل، وأُسقطت إحداها قرب قاعدة (عين الأسد) الأميركية في محافظة الأنبار».
وقالت المصادر إن الإيرانيين «لم يقرروا بعد استهداف القواعد الأميركية في المنطقة، لكن التقديرات الفصائلية تفيد بأن طهران حدَّدت قائمة أهداف لضربها بوابل غير مسبوق من الصواريخ، تشمل: عين الأسد، وحرير، وقواعد في شرق سوريا».
عناصر من «الحشد الشعبي» بمدينة الموصل (رويترز)
لكن مسؤولاً عراقياً رفيع المستوى أفاد بأن بغداد طلبت من طهران عدم استهداف المصالح الأميركية في العراق، في ظلّ التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل.
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن المسؤول، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن «العراق طلب رسمياً من إيران عدم استهداف المصالح الأميركية في أراضيه، ووعدنا الإيرانيون خيراً». وأضاف أن «إيران متفهمة للطلب العراقي».
ورأى الباحث نزار حيدر أن رئيس الوزراء يبذل جهداً استثنائياً مع عدد من الزعامات السياسية في «الإطار التنسيقي»؛ لإقناع الفصائل المسلحة بالاستمرار في هدنتها التي استمرت حتى الآن ومنذ أشهر عدة.
وقال حيدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الفصائل تعلن باستمرار أن سلاحها وولاءها للمرشد الإيراني، ولذلك فإن دور السوداني وزعامات الإطار يبقى محدوداً ومتواضعاً في التأثير على قرارها».
ويتحدَّث عن أن «زعامات سياسية عدة تحاول مساعدة السوداني في تكريس مفهوم المواقف الثلاثة: عن المرجع السيستاني، والرسمي الذي صدر عن الحكومة، والشعبي الذي صدر عن مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري)؛ لإلزام الجميع بقرار الدولة القاضي بالعمل على إبعاد العراق عن أي مسعى، ومن أي طرف كان، لزجه في الصراع الحالي».
وكان مقتدى الصدر قد دعا إلى النأي بالبلاد عن الحرب الحالية، وقال الجمعة في تدوينة عبر منصة «إكس»: «المهم أن تكون أرض العراق بعيدة عن الحرب، فالعراق وشعبه ليسا بحاجة إلى حروب جديدة».
كما يرجّح حيدر أن تكون «للتحذيرات الأميركية للحكومة العراقية من أعمال عدائية ضد مصالحها دور في كبح جماح الفصائل المسلحة».
وأضاف: «رئيس الوزراء نقل تلك الرسائل التحذيرية إلى الفصائل، وذكَّر قادتها بالمصير الذي سيواجهه العراق إذا ما تهورت الفصائل في قراراتها الأمنية والعسكرية، مذكراً زعماء هذه الفصائل بما حلَّ في غزة، والضاحية الجنوبية في بيروت تحديداً».
جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)
وفي سياق الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، ترأس مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، السبت، اجتماعاً عالي المستوى لخلية تقييم الأزمات في مقر مستشارية الأمن القومي؛ لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهدَين الأمني والسياسي، على خلفية التصعيد الإقليمي المتزايد.
وقال بيان مقتضب للمستشار القومي: «إن الاجتماع خُصِّص لتدارس الأوضاع الراهنة في ظل الأحداث والمخاطر الأخيرة في المنطقة».
سياسياً، أكّد القيادي في «الإطار التنسيقي»، هادي العامري، دعمه لحق إيران في الدفاع عن نفسها، والرد على الهجوم الإسرائيلي، وقال: «نحمِّل الجانب الأميركي المسؤولية الكاملة عن خرق الأجواء العراقية»، بينما طالب الحكومة باتخاذ الإجراءات كافة؛ لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.
ودعت حركة «عصائب أهل الحق»، وهي إحدى قوى «الإطار التنسيقي» وتمتلك ذراعاً مسلحةً، مَن وصفتهم بـ«المقاومين الشرفاء» إلى الاستعداد والجهوزية، كما حثّت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على عدم الرضوخ للضغوط الأميركية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 30 دقائق
- عكاظ
سقوط صواريخ إيرانية على مدن إسرائيلية.. موجة جديدة من الهجمات المتبادلة
أطلقت إيران مساء اليوم (الأحد) موجة جديدة من الهجمات الصاروخية على إسرائيل، وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الصواريخ أصابت مبنيين اثنين في حيفا، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن هناك صواريخ سقطت أيضاً في تل أبيب. وأوردت القناة الـ12 الإسرائيلية تقارير عن سقوط صواريخ في عدة أنحاء من إسرائيل، فيما ذكر الإسعاف الإسرائيلي أن هناك 4 إصابات في أوساط الإسرائيليين في حيفا، وأنه يتعامل مع 3 مواقع سقطت فيها الصواريخ. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه جرى التصدي لعدد من الصواريخ في سماء تل أبيب والقدس وحيفا وهناك بعض الصواريخ سقطت. وجاء الهجوم الإيراني بعد وقت قصير من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء سلاح الجو سلسلة من الغارات لضرب عشرات الأهداف من صواريخ أرض أرض غرب إيران، بعد هجوم مماثل نفذه على طائرة إيرانية قال إنها تزود بالوقود في مطار مشهد بشمال شرق إيران. ووصف جيش الاحتلال الهجوم بأنه «أبعد ضربة» ينفذها منذ بدء هجماته على إيران (الجمعة)، إذ يبعد مطار مشهد حوالى 2300 كيلومتر عن الأراضي الإسرائيلية، فيما قالت وسائل إعلام إيرانية إن أعمدة الدخان تصاعدت في مشهد نتيجة قصف إسرائيلي. بالمقابل، طلبت القوات المسلحة الإيرانية من سكان إسرائيل عدم البقاء بالقرب من «المناطق الحيوية» حفاظاً على سلامتهم، في بيان مصور نشره التلفزيون الرسمي بالتزامن مع إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ باتجاه إسرائيل. وقال متحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية: «لدينا قاعدة بيانات بالمناطق الحيوية والمهمة في الأراضي المحتلة، ونناشدكم ألا تسمحوا للنظام الوحشي باستخدامكم دروعاً بشرية، لا تقيموا أو تسافروا بالقرب من هذه المناطق الحيوية»، مضيفاً: «على المستوطنين الصهاينة مغادرة الأراضي المحتلة فلن تكون صالحة للسكن قريباً». أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 39 دقائق
- مباشر
مباحثات إماراتية بريطانية بشأن التطورات في الشرق الأوسط
أبوظبي- مباشر: أجرى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد اتصالاً هاتفياً مع رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر، جرى خلاله بحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة. وتناول الاتصال تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وما تفرزه من تداعيات على أمن واستقرار الإقليم. وأكد الجانبان على أهمية مواصلة الجهود الدولية الرامية إلى خفض التصعيد، وأهمية اللجوء إلى الحوار والحلول الدبلوماسية لمعالجة الأزمات، بما يسهم في حفظ الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
إسرائيل تقصف منشأة أصفهان النووية، وإيران تتوعد بالرد وتلوّح بطرد المفتشين الدوليين
إسرائيل تقصف منشأة أصفهان النووية، وإيران تتوعد بالرد وتلوّح بطرد المفتشين الدوليين أخبار ذات صلة