
"سماء بلا أرض".. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي
وقع اختيار مهرجان كان السينمائي الدولي -في دورته الـ78 المقامة من 13 إلى 24 مايو/أيار الجاري- على الفيلم التونسي "سماء بلا أرض" للمخرجة أريج السحيري لافتتاح مسابقة "نظرة ما"، حيث يشهد الفيلم عرضه العالمي الأول يوم الأربعاء 14 مايو/أيار.
View this post on Instagram
A post shared by MAD Films (@madfilmsofficial_)
دراما إنسانية في مواجهة العنف والتهميش
ينقل الفيلم التونسي "سماء بلا أرض" للمخرجة أريج السحيري مشاهد من واقع مأزوم عاشته تونس في فبراير/شباط، حين تصاعدت حملات التحريض ضد المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى، مما أدى إلى موجة عنف واعتقالات تعسفية وحالات طرد قسري. الفيلم مستوحى من هذه الوقائع، ويسلط الضوء على التوترات الاجتماعية التي تفجّرت بسبب خطابات الكراهية والخوف من الآخر.
وتدور القصة حول "ماري"، وهي قسيسة من كوت ديفوار وصحفية سابقة تعيش في تونس، تفتح باب منزلها أمام "ناني"، أم شابة تطمح لبداية جديدة، و"جولي"، طالبة قوية الإرادة تحمل آمال أسرتها على كتفيها. مع وصول طفلة يتيمة إلى البيت، تتعرض علاقتهن لاختبار قاسٍ يكشف عن مدى هشاشتهن وقدرتهن على الصمود في ظل أجواء من التمييز والخوف
بعد الإعلان عن اختيار فيلمها للمشاركة في مسابقة "نظرة ما" ضمن الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، كشفت المخرجة التونسية أريج السحيري -في تصريحات إعلامية- عن أن قصة الفيلم مستوحاة من وقائع حقيقية شهدتها تونس، حين تعرض مهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء لموجة من العنف والتحريض، سواء في الإعلام أو في الشارع.
وأوضحت السحيري أن ما جذبها إلى هذا المشروع هو رغبتها في كسر الصورة النمطية للمهاجرين، من خلال تقديم شخصيات تحمل طبقات إنسانية عميقة، مليئة بالتعقيد والواقعية، وتستطيع أن تلامس المشاهدين بصدقها.
كما عبّرت -عبر حسابها على إنستغرام- عن امتنانها لكل من شاركها رحلة صناعة هذا الفيلم.
View this post on Instagram
A post shared by Erige Sehiri (@erigesehiri)
في إطار مسابقة " نظرة ما" ضمن الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، يشارك الفيلم الفلسطيني "كان يا ما كان في غزة" (Once Upon a Time in Gaza) للمخرجين طرزان وعراب نصار. يستعرض الفيلم بأسلوب الكوميديا السوداء، الذي سبق أن قدمه الثنائي في فيلمهما "غزة مونامور"، الأحداث التي وقعت في غزة قبل حرب "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما يشهد المهرجان مشاركة الفيلم المصري "عائشة لا تستطيع الطيران" (Aisha Can't Fly Away) للمخرج مراد مصطفى، الذي يعود إلى مهرجان كان من جديد. يناقش الفيلم حياة المهاجرين الأفارقة في حي عين شمس بالقاهرة، مُركزًا على قصة عائشة، الشابة السودانية التي تعيش في هذا الحي الذي يضم عددًا من المهاجرين من مختلف دول القارة الأفريقية.
تواجه "عائشة" في رحلتها المهنية في مجال الرعاية الصحية تحديات كبيرة عندما يطلب منها "زوكا"، أحد شباب العصابات التي تسيطر على المنطقة، خدمة مقابل حمايتها. يضع هذا الموقف أحلامها في مواجهة الواقع المرير الذي تعيشه، مما يجعلها تتنقل بين خيارات صعبة وأمل ضعيف. الفيلم من بطولة بوليانا سيمون، إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا، وعماد غنيم، وممدوح صالح.
تترأس المخرجة وكاتبة السيناريو والمصورة البريطانية مولي مانينج ووركر لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما"، التي تضم 20 فيلمًا، من بينهم 9 أفلام تُعرض لأول مرة. وتضم اللجنة أيضًا المخرجة وكاتبة السيناريو الفرنسية السويسرية لويز كورفوازييه، والمديرة الكرواتية لمهرجان روتردام السينمائي الدولي فانيا كالودجيرسيك، والمخرج والمنتج وكاتب السيناريو الإيطالي روبرتو مينرفيني، والممثل الأرجنتيني ناهويل بيريز بيسكايارت.
يُعد فيلم "سماء بلا أرض" العمل الروائي الطويل الثاني للمخرجة التونسية أريج السحيري، التي تعاونت في كتابة السيناريو مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، كما تولت إنتاج الفيلم بالشراكة مع ديدار دومهري. يشارك في بطولة الفيلم كل من آيسا مايغا، وليتيسيا كي، وديبورا ناني، إلى جانب الممثل التونسي محمد جرايا.
ويُعد هذا الفيلم المشاركة الثانية لأريج السحيري في مهرجان كان، بعد أن فاز فيلمها الأول "تحت الشجرة" بجائزة لجنة التحكيم من "نصف شهر المخرجين"، بالإضافة إلى حصوله على جائزة التانيت الفضي من مهرجان قرطاج وجائزة كبرى في النسخة الـ25 من مهرجان تايبيه السينمائي في تايوان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
ثلاثية راندا معروفي.. حكايات السينما والسلطة والعمران في المغرب
بمناسبة عرض فيلم 'المينة' (2025) للمخرجة المغربية راندا معروفي في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، ضمن أسبوع النقد بمهرجان 'كان' السينمائي الدولي هذا العام 2025، تنشر 'الجزيرة الوثائقية' هذا المقال الذي يستعرض بالتحليل والنقد ثلاثة من أعمالها الفيلمية. تتطرق الأفلام الثلاثة إلى قضايا المجتمع المغربي من زوايا عميقة ومختلفة، لم تكن معتادة في الأعمال المماثلة، وتعتمد على المجاز السينمائي والرصد للواقع من الميدان، وتلك لغة اختارتها راندا معروفي لنفسها في سرد حكايات المجتمع، وصراعه مع الأنظمة البيروقراطية والحدود وألوان التهميش. لا يسعى فيلم 'المينة' إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج. راندا معروفي.. لغة بصرية تعيد صياغة التفكير تستكشف الفنانة المغربية راندا معروفي (الدار البيضاء، 1987) منذ أعمالها الأولى العلاقات المتوترة بين الأجساد والفضاءات الاجتماعية، مسلطة الضوء على بنيات الهيمنة، التي تحدد أشكال الحضور والحركة في المجال العام. بين التصوير الفوتوغرافي والفيديو والمنشأة والسينما، تطور راندا منهجية بصرية، تعيد التفكير في الممارسات اليومية، وتكشف الديناميات الخفية التي تحكم علاقات الناس بالسلطة وتمثيلاتها، في الوطن العربي كما في الغرب. يتجلى ذلك بوضوح في ثلاثيتها: 'الحديقة' (2015). 'باب سبتة' (2019). 'المينة' (2025). وهي أعمال سينمائية تمزج بين الطابع الوثائقي والتجريبي، فتصبح مشاهد الانتظار نوعا من الأداء الجسدي الجماعي، يُبرز التوتر القائم بين النظام والمقاومة، وبين السلطة الجماعية والإيماءات الفردية. 'الحديقة'.. فضاء مهجور يتجاوز الحدود الفيزيائية في فيلم 'الحديقة'، تنتقل راندا معروفي إلى فضاء مهمل في قلب مدينة الدار البيضاء؛ حديقة ملاهٍ مهجورة أصبحت موقع أطلال وحداد بصري، تسكنه أجساد شبابية تائهة بين الرغبة في الظهور وعبثية المشهد. لا يقدم الفيلم سردا وثائقيا تقليديا، بقدر ما يشكل تجربة بصرية متأرجحة بين التوثيق والتجريد، فتستعير المخرجة عناصر من الواقع، لتفككها وتعيد ترتيبها، ضمن تركيبة جمالية تبرز هشاشة الفضاء الحضري وحدوده الرمزية. تتجول الكاميرا في حركة بطيئة، تلتقط تفاصيل الصمت والركود، فتبدو الشخصيات معلقة في وضعيات ثابتة، أشبه بتماثيل أو صور جامدة. ومع ذلك، تكسر بعض الإيماءات هذا الجمود؛ يد تتحرك، وهاتف يستعمل، ونظرة تتلاشى في الضباب البصري. تنبع الحياة هنا من تفاصيل هامشية، من لحظات توحي بأن الزمن لم يتوقف تماما، بل دخل في حالة من التعليق المريب، ولا يعكس هذا التعليق الزمني العطالة الاجتماعية فحسب، بل يفتح تساؤلات حول التمثيل والأداء والظهور، بصفته فعلا سياسيا في فضاء مهمش. تكشف راندا في الفيلم التوتر الكامن في صور الحياة اليومية كما تُتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، فالشخصيات ليست في وضعيات أداء فقط، بل تتقمص دورها بوعي كامل، برغبة أن ترى. في هذا السياق، يصبح الفضاء المهجور مسرحا لشكل جديد من التمثيل، فيصبح الركام العمراني أثاثا معاصرا لصور تمثل جيلا يعيش على أطراف المدينة وهامش المجتمع، جيل يتشبث بالصورة والاستعراض والفرجة، حتى في أكثر أشكالها فجاجة، ويتخذها وسيلة وجود ومقاومة صامتة. بهذا المعنى، يتجاوز فيلم 'الحديقة' مفهوم الحدود الفيزيائية، نحو أسئلة أعمق بخصوص الظهور والاختفاء، حول من يحق له أن يكون مرئيا، ومن يُدفع نحو العتمة. على غرار فيلمها الثاني 'باب سبتة'، لا تروي راندا قصة محددة، بل توفر فضاء بصريا للتأمل في بُنى الهيمنة، وحضور الأجساد في فضاءات محكوم عليها بالإقصاء. من هذا المنطلق، يمكن وضع عملها في حوار مع تحليلات الفيلسوف 'جاك رانسيير' حول العلاقة بين الفن والسياسة، فلا يكون الفن انعكاسا للواقع فحسب، بل أداة لإعادة توزيع الحواس، وإعادة تشكيل الإدراك العام، لما هو مرئي وما هو مستبعد من المجال البصري. 'باب سبتة'.. مجاز الهيمنة والمقاومة وعقوبة السلطة تشكل الحدود بطبيعتها فضاء للانتظار، وهو انتظار محكوم بقوانين خفية، تتحكم في مسارات الأجساد، وتفرض عليها إيقاعا معينا. وفي فيلم 'باب سبتة'، لا تقدم العبور الحدودي على أنها مجرد لحظة انتقال من نقطة إلى أخرى، بل هي حدث مسرحي مكثف، فيصبح الجسد في تكراره للأفعال اليومية عنصرا في تكوين بصري متشابك. تستغل المخرجة الحركات البسيطة كحمل البضائع، والجلوس القسري الطويل، والانتظار في صفوف متعرجة، فتضفي عليها بعدا نحتيا، تتبلور فيه هذه الحركات، وتصبح إيماءات مشحونة بالدلالات السياسية والاجتماعية. على عكس الأفلام الوثائقية التقليدية التي تركز على تقديم سرديات خطية للأحداث، يعتمد فيلم 'باب سبتة' أسلوبا مختلفا، فهو لا يسعى إلى تفسير الظاهرة ولا تحليلها، بل إعادة صياغتها بصريا، وذلك بتفكيكها وتركيبها من جديد في فضاء مجرد، بتركيز وحرص شديدين على الحركات والإيقاع والتكرار. تجعل هذه المقاربة 'باب سبتة' تجربة حسية مكثفة، تُفرغ المكان من تفاصيله المعتادة، حتى يصبح أشبه بمسرح خاوٍ، تستوطنه الأجساد فقط، وتعيد بحركاتها تشكيل المعنى. بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية. هذا الاشتغال على الجسد بوصفه محورا للتمثيل الفني يجعل 'باب سبتة' عملا قريبا من بعض تجارب السينما، التي تهتم بجانب الواقع الحركي والزمني. قد يذكرنا ذلك -على نحو مفارق- بفيلم هارون فاروكي 'خروج العمال من المصنع' (1995)، فهو يحلل مغادرة العمال لمواقع عملهم على أنه حدث متكرر، مليء بالدلالات السياسية حول العمل والسلطة، ويعتمد على مزيج من وثائق الأرشيف وتعليق صوتي عليها. لا يقتصر الاشتغال إذن على مفهوم الحدود في 'باب سبتة' على المعنى الجغرافي، بل يتجاوزه إلى البعد الاجتماعي والسياسي. ففي أحد المشاهد، نرى النساء وهن يجلسن على أكياس ضخمة من السلع المهربة، منتظرات ساعات قبل السماح لهن بالعبور، وليس انتظار مجرد تفصيل يومي، بل هو رمز لنظام كامل من العنف البيروقراطي، الذي يتحكم في حركة الأفراد، متخذا الحدود أداة للسيطرة. يذكرنا هذا بمفهوم 'الزمن الميت' لدى الفيلسوف 'بول فيريليو'، ففيه تصبح أوقات الانتظار أشكالا من العقوبات غير المعلنة، التي تمارسها السلطة على الأفراد. تقول المخرجة راندا معروفي في حوار هاتفي مع الجزيرة الوثائقية: بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية. ومع أن 'باب سبتة' يتناول وضعا محددا مرتبطا بالحدود المغربية الإسبانية، فإن أسئلته تتجاوز السياق المحلي، وتشمل قضايا عالمية تتعلق بالحركة والهجرة والحدود بوصفها أدوات للسيطرة. لكن ما يميز مقاربة راندا هو تركيزها على الجسد أرشيفا للصراع الاجتماعي، بعيدا عن الخطابات المباشرة حول المعاناة أو اللجوء، وقد نجد ههنا تقاربا مع أعمال الفنانة الأمريكية 'سوزان ميزلز' (1948)، التي وثقت بصورها تفاصيل حياة المهمشين اليومية، من دون أن تقع في فخ استدرار العواطف. لا تحاول راندا تقديم صورة عن واقع معين في الفيلم، بل تقترح مساحة لإعادة التفكير فيما نراه وما لا نراه، فالحدود لا ترسم فقط على الخرائط، بل تمتد إلى المخيلة الجماعية، فتكرس صورا نمطية حول من يحق له العبور، ومن يحكم عليه بالبقاء في الهامش. لا توثق راندا واقعا مألوفا، بل تعيد بناءه ضمن مقاربة جمالية، تجعل الحدود حيزا للأداء والمقاومة، لا نقطة فصل فقط، فالجسد ههنا لا يكتفي بتلقي الأوامر البيروقراطية؛ بل هو كيان فعال، يعيد تعريف ذاته بحركات متكررة، تكتسب معاني جديدة مع كل تكرار. يجعل هذا الاشتغال على الجسد والحدود والزمن عملها جزءا من تيار أوسع في السينما والفن المعاصر، تيار يسائل العلاقة بين الفرد والمنظومة، وبين السلطة والمقاومة، وبين المرئي والمخفي. في نهاية المطاف، لا يقدم الفيلم إجابات جاهزة، بل يفتح المجال لتساؤلات جديدة، حول أشكال الهيمنة، وأشكال التملص منها أو التمرد عليها، وإن بأبسط الإيماءات اليومية. تفكيك المرئي والمخفي والذاكرة بين فيلمين يتمحور الربط بين فيلمي 'باب سبتة' و'المينة' حول التقاط التوترات والظلال، التي تحيط بالمساحات الجغرافية، المتأثرة بالحدود والاقتصاد غير الرسمي، بالإضافة إلى التصوير التجريدي للمدن ذات الطابع الصناعي والمهمش. في فيلم 'باب سبتة'، تركزت الكاميرا على الثغر الإسباني عند الحدود المغربية الإسبانية، لتسجل حياة الناس في ظل اقتصاد غير رسمي، يتمحور حول التهريب والنقل غير المشروع للبضائع عبر الحدود. أما فيلم 'المينة'، فتبرز فيه مدينة جرادة (شرق المغرب) بموقعها الصناعي والجغرافي، وهي مدينة تعيش على هامش الذاكرة والراهن، فتتداخل فيه توترات المجتمع مع تحديات الاقتصاد، الناتجة عن الإقصاء السياسي والعوز المادي والتدهور البيئي. يتناول العملان فكرة الحدود بطرق غير مباشرة، قد تبدو متباينة في شكلها، لكنها تتقاطع في سيرورة المخرجة الجمالية والسياسية، فـ'باب سبتة' يلتقط الحدود الجغرافية بين دولتين كما تتجسد في حركة الأفراد والبضائع عبر المعابر الضيقة، وأما 'المينة' فيعيد تشكيل حدود المدينة بطريقة أكثر رمزية، بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد، التي تتيح استكشاف الهياكل المعمارية والفضاءات الصناعية من منظور غير معتاد. هكذا يشير استخدام المسح الضوئي والتقنيات الحديثة في 'المينة' إلى بحث في طرق جديدة، لرؤية الأماكن التي باتت معالمها تتلاشى، أو أصبحت -في طريقها للاندثار- فضاءات يمكن وصفها أنها 'مقاوِمة'. في هذا السياق، لا سبيل لفصل البعد الجمالي في فيلم 'المينة' عن خياراته الأخلاقية والسياسية. تقول راندا معروفي: لا يسعى الفيلم إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج. لقد اعتمدت راندا منذ المراحل الأولى للمشروع على حوارات موسعة مع سكان جرادة، لا سيما من عايشوا واقع مناجم الفحم العشوائية، المعروفة محليا باسم 'الساندريات'، ثم أصبحت تلك الحوارات نسيجا سرديا، شارك في صياغته أبناء المدينة أنفسهم، وجسدوا في الفيلم أدوارا مستلهمة من حياتهم. أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم. وفي 'المينة'، تستخدم راندا أدوات تصوير متعددة، منها المسح الثلاثي الأبعاد، وتقنيات السوبر 8، لخلق طبقات من القراءة البصرية؛ الأولى توثيقية ذات طابع رسمي وتقني في آن، ترتبط بأدوات المراقبة والهندسة المعمارية، والثانية حميمية وعائلية، تستحضر ذاكرة الجسد والعائلة والبيت، وتربط مباشرة بين الخاص والعام، وبين العملي والعاطفي. تقول راندا: أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم. يسعى فيلما 'باب سبتة' و'المينة' إذن إلى إعادة النظر في المناطق المجهولة والمعتمة في الواقع المعاصر؛ فمن جهة يقدم 'باب سبتة' الحدود واقعا اجتماعيا جغرافيا بين عالمين مختلفين، في حين يتأمل 'المينة' في نوع آخر من الحدود، تلك التي تخلقها الصناعات والذاكرة المنسية، التي تتآكل بمرور الوقت، محاولا إعادة بناء ما بقي منها بصريا وعاطفيا.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
شاهد.. دينزل واشنطن يشتبك مع مصور قبل تكريمه في مهرجان كان
اشتبك الممثل الأميركي الشهير دينزل واشنطن مع مصور على السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي الدولي قبيل حصوله المفاجئ على جائزة السعفة الذهبية الفخرية. واشنطن البالغ من العمر 70 عاما حضر العرض الأول لفيلمه "أعلى 2 أدنى" (Highest 2 Lowest) مساء أمس الاثنين في كان. ويقوم واشنطن بالدور الرئيسي في فيلم الإثارة للمخرج الأميركي سبايك لي. وبحسب صور تلفزيونية، أمسك المصور بذراع واشنطن على السجادة الحمراء للحصول على انتباهه. ثم اقترب الممثل الأميركي من الرجل رافعا إصبع السبابة وقال مرارا "توقف". وبينما كان واشنطن يحاول المغادرة، أمسك المصور بذراعه مرة أخرى، في حين طلب منه النجم الهوليودي التوقف مرة أخرى. وبعد ذلك تم تكريم واشنطن في قصر المهرجان، حيث قدم له سبايك لي ومدير المهرجان تيري فريمو الجائزة الفخرية عن أعماله الفنية. وقال واشنطن خلال التكريم "لقد كانت هذه مفاجأة بالغة لي، لذا أنا متأثر قليلا، ولكنني أشكركم جميعا من أعماق قلبي". وفي فيلم "الأعلى 2 الأدنى"، يلعب النجم الأسمر دور قطب موسيقى يختطف طفله. والفيلم إعادة إنتاج لفيلم الإثارة والجريمة "أعلى وأدنى" (High and Low) عام 1963 للمخرج الياباني الراحل أكيرا كوروساوا.


العرب القطرية
منذ 3 أيام
- العرب القطرية
إقامة مهرجان الدوحة للأفلام في 20 نوفمبر المقبل احتفاء بالسينما العالمية ودعما للأصوات المؤثرة
قنا أعلنت مؤسسة الدوحة للأفلام عن إقامة مهرجان الدوحة للأفلام خلال الفترة من العشرين إلى الثامن والعشرين من شهر نوفمبر المقبل، احتفاءً بالسينما العالمية، وبما يؤكد التزام المؤسسة بدعم الأصوات المؤثرة، والسرد السينمائي الأصيل، الذي يتناول موضوعات مهمة، تسلط الضوء على الأصوات السينمائية غير الممثلة بالشكل الكافي من الجنوب العالمي وسائر أنحاء العالم. جاء الإعلان خلال فعاليات الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي في فرنسا، وبالتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لتأسيس مؤسسة الدوحة للأفلام. ويضم المهرجان مجموعة من الندوات السينمائية، ويقدم عروضاً مجتمعية تتضمن برنامجاً خاصاً للشباب، إلى جانب سلسلة من الفعاليات التفاعلية، بما يحوّل الدوحة إلى ملتقى عالمي نابض لصناع السينما والمفكرين والفنانين والجماهير الشغوفة بالأعمال السينمائية المحفزة على التفكير. وتفوق قيمة إجمالي جوائز المهرجان، مليون ريال قطري، وتتوجه إلى مجموعة رسمية من الأفلام ضمن أربع مسابقات رئيسية هي: مسابقة "الأفلام الطويلة الدولية"، التي تستعرض أعمالاً مؤثرة ومهمة لمخرجين ناشئين ومخضرمين من مختلف أنحاء العالم، بجانب مسابقة "الأفلام القصيرة الدولية"، التي تحتفي بالسّرد المبتكر ضمن إطار زمني مكثف، علاوة على مسابقة "أفلام أجيال"، ويتم تقييمها من قبل لجنة التحكيم الشبابية الفريدة بالمهرجان، مقدمة رؤى الجيل الجديد، بالإضافة إلى مسابقة "صُنع في قطر"، المخصصة للاحتفاء بإبداعات ومواهب صنّاع الأفلام المقيمين في قطر. ومن جانبها، أكدت السيدة فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام ومديرة المهرجان: أن مهرجان الدوحة للأفلام يمثل أكثر من مجرد احتفاء بالسينما، فهو منصة للسّرد القصصي الهادف الذي يسلط الضوء على الأصوات المهمة التي تعيد تشكيل مشهد السينما العالمية بعمق ووعي وصدق. وأوضحت أن المهرجان يشكل فصلاً جديداً في مهمة المؤسسة المستمرة لدعم صناع الأفلام المستقلين وإلهام مفاهيم جديدة وتعزيز الحوار الثقافي من خلال السينما، كما سيشكل نقطة التقاء حيوية لعشاق الأفلام، ومنصة للقصص المؤثرة، ومنطلقاً لجيل جديد من المواهب السينمائية. وقالت الرميحي : إن "مهرجان الدوحة للأفلام يعد امتداداً للقاعدة القوية التي أرسيناها عبر مهرجان أجيال السينمائي الذي يعدّ منصة فريدة للتعبير عن الذات والتمكين الإبداعي، ونتطلع إلى استقبال ضيوفنا في نوفمبر المقبل للاحتفال معاً بقوة السينما في توحيد الشعوب." وفي هذا السياق، فإن مهرجان الدوحة للأفلام سيحتفظ بالعديد من العناصر المفضلة في مهرجان أجيال السينمائي، مع تقديم عناصر جديدة تمثل خطوة متقدمة في مسيرة قطر نحو الريادة الثقافية، من خلال إتاحة فرص أوسع للتبادل الثقافي والحوار البنّاء بما يعود بالفائدة على مجتمع صناعة السينما العالمي. وستغطي الأفلام المختارة طيفاً واسعاً من الأنواع والموضوعات، تجمعها التزام مشترك بالأصالة والرؤية الفنية والحضور الثقافي المؤثر. كما ستقدم كل مسابقة جوائز تكرّم التميز السينمائي وتوفر دعماً حقيقياً للمواهب من خلال التمويل وفرص الانتشار العالمي. وتضم مسابقات المهرجان الرئيسية لجان تحكيم دولية مرموقة، إذ تتشكل لجنة تحكيم مسابقة "الأفلام الطويلة الدولية"، من لجنة تضم خمسة خبراء في الصناعة السينمائية وتتوجه بجوائزها إلى أفضل فيلم روائي (273,750 ريال قطري)، وأفضل فيلم وثائقي (182,500 ريال قطري)، وأفضل إنجاز فني لفيلم روائي أو وثائقي (164,250 ريال قطري)، وأفضل أداء تمثيلي (54,750 ريال قطري). كما سيتم منح شهادة تنويه خاص لفيلم روائي أو وثائقي يختاره أعضاء اللجنة. أمّا مسابقة "الأفلام القصيرة الدولية"، فتضم لجنة تحكيم مكوّنة من ثلاثة أعضاء، وتتوجه بجوائزها إلى أفضل فيلم روائي أو وثائقي (73,000 ريال قطري)، وأفضل مخرج (43,800 ريال قطري)، وأفضل أداء تمثيلي (25,500 ريال قطري). وتتوجه جوائز مسابقة "صُنع في قطر"، إلى أفضل فيلم روائي أو وثائقي (54,750 ريال قطري)، وأفضل مخرج (36,500 ريال قطري)، وأفضل أداء تمثيلي (18,250 ريال قطري)، الأمر الذي يعزز التزام مؤسسة الدوحة للأفلام بدعم صنّاع الأفلام المحليين، واحتفاءً بالمواهب المقيمة في الدولة. أما مسابقة "أفلام أجيال"، التي تواصل تقاليد مهرجان أجيال السينمائي، فتضم لجنة تحكيم شبابية تتراوح أعمار أعضائها بين 16 و25 عاماً، وسيكون لها حضور بارز ضمن مهرجان الدوحة السينمائي، وتتوجه بجوائزها إلى أفضل فيلم طويل روائي أو وثائقي (127,750 ريال قطري)، وأفضل فيلم قصير روائي أو وثائقي (43,800 ريال قطري). وسيُقدّم أيضاً خلال المهرجان جائزة الجمهور، وسيحصل الفائز على شهادة تقدير وجائزة تكريمية. وسيشهد مهرجان الدوحة للأفلام تحويل عدد من المواقع البارزة في الدوحة إلى فضاءات مخصصة لفعاليات المهرجان، حيث تستضيف المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا العروض الأولى للأفلام والفعاليات الخاصة بالسجادة الحمراء، بينما تتحول مشيرب قلب الدوحة إلى المركز الرئيسي للجلسات السينمائية والفعاليات الخاصة، فيما يحتضن متحف الفن الإسلامي عروض الأفلام القصيرة. وذكرت مؤسسة الدوحة للأفلام، أنها ستعلن لاحقا عن البرنامج الكامل للمهرجان، وأعضاء لجان التحكيم، وعناوين الأفلام المشاركة في المسابقات.