
ثلاثية راندا معروفي.. حكايات السينما والسلطة والعمران في المغرب
بمناسبة عرض فيلم 'المينة' (2025) للمخرجة المغربية راندا معروفي في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، ضمن أسبوع النقد بمهرجان 'كان' السينمائي الدولي هذا العام 2025، تنشر 'الجزيرة الوثائقية' هذا المقال الذي يستعرض بالتحليل والنقد ثلاثة من أعمالها الفيلمية.
تتطرق الأفلام الثلاثة إلى قضايا المجتمع المغربي من زوايا عميقة ومختلفة، لم تكن معتادة في الأعمال المماثلة، وتعتمد على المجاز السينمائي والرصد للواقع من الميدان، وتلك لغة اختارتها راندا معروفي لنفسها في سرد حكايات المجتمع، وصراعه مع الأنظمة البيروقراطية والحدود وألوان التهميش.
لا يسعى فيلم 'المينة' إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج.
راندا معروفي.. لغة بصرية تعيد صياغة التفكير
تستكشف الفنانة المغربية راندا معروفي (الدار البيضاء، 1987) منذ أعمالها الأولى العلاقات المتوترة بين الأجساد والفضاءات الاجتماعية، مسلطة الضوء على بنيات الهيمنة، التي تحدد أشكال الحضور والحركة في المجال العام.
بين التصوير الفوتوغرافي والفيديو والمنشأة والسينما، تطور راندا منهجية بصرية، تعيد التفكير في الممارسات اليومية، وتكشف الديناميات الخفية التي تحكم علاقات الناس بالسلطة وتمثيلاتها، في الوطن العربي كما في الغرب.
يتجلى ذلك بوضوح في ثلاثيتها:
'الحديقة' (2015).
'باب سبتة' (2019).
'المينة' (2025).
وهي أعمال سينمائية تمزج بين الطابع الوثائقي والتجريبي، فتصبح مشاهد الانتظار نوعا من الأداء الجسدي الجماعي، يُبرز التوتر القائم بين النظام والمقاومة، وبين السلطة الجماعية والإيماءات الفردية.
'الحديقة'.. فضاء مهجور يتجاوز الحدود الفيزيائية
في فيلم 'الحديقة'، تنتقل راندا معروفي إلى فضاء مهمل في قلب مدينة الدار البيضاء؛ حديقة ملاهٍ مهجورة أصبحت موقع أطلال وحداد بصري، تسكنه أجساد شبابية تائهة بين الرغبة في الظهور وعبثية المشهد.
لا يقدم الفيلم سردا وثائقيا تقليديا، بقدر ما يشكل تجربة بصرية متأرجحة بين التوثيق والتجريد، فتستعير المخرجة عناصر من الواقع، لتفككها وتعيد ترتيبها، ضمن تركيبة جمالية تبرز هشاشة الفضاء الحضري وحدوده الرمزية.
تتجول الكاميرا في حركة بطيئة، تلتقط تفاصيل الصمت والركود، فتبدو الشخصيات معلقة في وضعيات ثابتة، أشبه بتماثيل أو صور جامدة. ومع ذلك، تكسر بعض الإيماءات هذا الجمود؛ يد تتحرك، وهاتف يستعمل، ونظرة تتلاشى في الضباب البصري.
تنبع الحياة هنا من تفاصيل هامشية، من لحظات توحي بأن الزمن لم يتوقف تماما، بل دخل في حالة من التعليق المريب، ولا يعكس هذا التعليق الزمني العطالة الاجتماعية فحسب، بل يفتح تساؤلات حول التمثيل والأداء والظهور، بصفته فعلا سياسيا في فضاء مهمش.
تكشف راندا في الفيلم التوتر الكامن في صور الحياة اليومية كما تُتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، فالشخصيات ليست في وضعيات أداء فقط، بل تتقمص دورها بوعي كامل، برغبة أن ترى.
في هذا السياق، يصبح الفضاء المهجور مسرحا لشكل جديد من التمثيل، فيصبح الركام العمراني أثاثا معاصرا لصور تمثل جيلا يعيش على أطراف المدينة وهامش المجتمع، جيل يتشبث بالصورة والاستعراض والفرجة، حتى في أكثر أشكالها فجاجة، ويتخذها وسيلة وجود ومقاومة صامتة.
بهذا المعنى، يتجاوز فيلم 'الحديقة' مفهوم الحدود الفيزيائية، نحو أسئلة أعمق بخصوص الظهور والاختفاء، حول من يحق له أن يكون مرئيا، ومن يُدفع نحو العتمة.
على غرار فيلمها الثاني 'باب سبتة'، لا تروي راندا قصة محددة، بل توفر فضاء بصريا للتأمل في بُنى الهيمنة، وحضور الأجساد في فضاءات محكوم عليها بالإقصاء.
من هذا المنطلق، يمكن وضع عملها في حوار مع تحليلات الفيلسوف 'جاك رانسيير' حول العلاقة بين الفن والسياسة، فلا يكون الفن انعكاسا للواقع فحسب، بل أداة لإعادة توزيع الحواس، وإعادة تشكيل الإدراك العام، لما هو مرئي وما هو مستبعد من المجال البصري.
'باب سبتة'.. مجاز الهيمنة والمقاومة وعقوبة السلطة
تشكل الحدود بطبيعتها فضاء للانتظار، وهو انتظار محكوم بقوانين خفية، تتحكم في مسارات الأجساد، وتفرض عليها إيقاعا معينا. وفي فيلم 'باب سبتة'، لا تقدم العبور الحدودي على أنها مجرد لحظة انتقال من نقطة إلى أخرى، بل هي حدث مسرحي مكثف، فيصبح الجسد في تكراره للأفعال اليومية عنصرا في تكوين بصري متشابك.
تستغل المخرجة الحركات البسيطة كحمل البضائع، والجلوس القسري الطويل، والانتظار في صفوف متعرجة، فتضفي عليها بعدا نحتيا، تتبلور فيه هذه الحركات، وتصبح إيماءات مشحونة بالدلالات السياسية والاجتماعية.
على عكس الأفلام الوثائقية التقليدية التي تركز على تقديم سرديات خطية للأحداث، يعتمد فيلم 'باب سبتة' أسلوبا مختلفا، فهو لا يسعى إلى تفسير الظاهرة ولا تحليلها، بل إعادة صياغتها بصريا، وذلك بتفكيكها وتركيبها من جديد في فضاء مجرد، بتركيز وحرص شديدين على الحركات والإيقاع والتكرار.
تجعل هذه المقاربة 'باب سبتة' تجربة حسية مكثفة، تُفرغ المكان من تفاصيله المعتادة، حتى يصبح أشبه بمسرح خاوٍ، تستوطنه الأجساد فقط، وتعيد بحركاتها تشكيل المعنى.
بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية.
هذا الاشتغال على الجسد بوصفه محورا للتمثيل الفني يجعل 'باب سبتة' عملا قريبا من بعض تجارب السينما، التي تهتم بجانب الواقع الحركي والزمني. قد يذكرنا ذلك -على نحو مفارق- بفيلم هارون فاروكي 'خروج العمال من المصنع' (1995)، فهو يحلل مغادرة العمال لمواقع عملهم على أنه حدث متكرر، مليء بالدلالات السياسية حول العمل والسلطة، ويعتمد على مزيج من وثائق الأرشيف وتعليق صوتي عليها.
لا يقتصر الاشتغال إذن على مفهوم الحدود في 'باب سبتة' على المعنى الجغرافي، بل يتجاوزه إلى البعد الاجتماعي والسياسي. ففي أحد المشاهد، نرى النساء وهن يجلسن على أكياس ضخمة من السلع المهربة، منتظرات ساعات قبل السماح لهن بالعبور، وليس انتظار مجرد تفصيل يومي، بل هو رمز لنظام كامل من العنف البيروقراطي، الذي يتحكم في حركة الأفراد، متخذا الحدود أداة للسيطرة.
يذكرنا هذا بمفهوم 'الزمن الميت' لدى الفيلسوف 'بول فيريليو'، ففيه تصبح أوقات الانتظار أشكالا من العقوبات غير المعلنة، التي تمارسها السلطة على الأفراد.
تقول المخرجة راندا معروفي في حوار هاتفي مع الجزيرة الوثائقية: بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية.
ومع أن 'باب سبتة' يتناول وضعا محددا مرتبطا بالحدود المغربية الإسبانية، فإن أسئلته تتجاوز السياق المحلي، وتشمل قضايا عالمية تتعلق بالحركة والهجرة والحدود بوصفها أدوات للسيطرة.
لكن ما يميز مقاربة راندا هو تركيزها على الجسد أرشيفا للصراع الاجتماعي، بعيدا عن الخطابات المباشرة حول المعاناة أو اللجوء، وقد نجد ههنا تقاربا مع أعمال الفنانة الأمريكية 'سوزان ميزلز' (1948)، التي وثقت بصورها تفاصيل حياة المهمشين اليومية، من دون أن تقع في فخ استدرار العواطف.
لا تحاول راندا تقديم صورة عن واقع معين في الفيلم، بل تقترح مساحة لإعادة التفكير فيما نراه وما لا نراه، فالحدود لا ترسم فقط على الخرائط، بل تمتد إلى المخيلة الجماعية، فتكرس صورا نمطية حول من يحق له العبور، ومن يحكم عليه بالبقاء في الهامش.
لا توثق راندا واقعا مألوفا، بل تعيد بناءه ضمن مقاربة جمالية، تجعل الحدود حيزا للأداء والمقاومة، لا نقطة فصل فقط، فالجسد ههنا لا يكتفي بتلقي الأوامر البيروقراطية؛ بل هو كيان فعال، يعيد تعريف ذاته بحركات متكررة، تكتسب معاني جديدة مع كل تكرار.
يجعل هذا الاشتغال على الجسد والحدود والزمن عملها جزءا من تيار أوسع في السينما والفن المعاصر، تيار يسائل العلاقة بين الفرد والمنظومة، وبين السلطة والمقاومة، وبين المرئي والمخفي.
في نهاية المطاف، لا يقدم الفيلم إجابات جاهزة، بل يفتح المجال لتساؤلات جديدة، حول أشكال الهيمنة، وأشكال التملص منها أو التمرد عليها، وإن بأبسط الإيماءات اليومية.
تفكيك المرئي والمخفي والذاكرة بين فيلمين
يتمحور الربط بين فيلمي 'باب سبتة' و'المينة' حول التقاط التوترات والظلال، التي تحيط بالمساحات الجغرافية، المتأثرة بالحدود والاقتصاد غير الرسمي، بالإضافة إلى التصوير التجريدي للمدن ذات الطابع الصناعي والمهمش.
في فيلم 'باب سبتة'، تركزت الكاميرا على الثغر الإسباني عند الحدود المغربية الإسبانية، لتسجل حياة الناس في ظل اقتصاد غير رسمي، يتمحور حول التهريب والنقل غير المشروع للبضائع عبر الحدود.
أما فيلم 'المينة'، فتبرز فيه مدينة جرادة (شرق المغرب) بموقعها الصناعي والجغرافي، وهي مدينة تعيش على هامش الذاكرة والراهن، فتتداخل فيه توترات المجتمع مع تحديات الاقتصاد، الناتجة عن الإقصاء السياسي والعوز المادي والتدهور البيئي.
يتناول العملان فكرة الحدود بطرق غير مباشرة، قد تبدو متباينة في شكلها، لكنها تتقاطع في سيرورة المخرجة الجمالية والسياسية، فـ'باب سبتة' يلتقط الحدود الجغرافية بين دولتين كما تتجسد في حركة الأفراد والبضائع عبر المعابر الضيقة، وأما 'المينة' فيعيد تشكيل حدود المدينة بطريقة أكثر رمزية، بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد، التي تتيح استكشاف الهياكل المعمارية والفضاءات الصناعية من منظور غير معتاد.
هكذا يشير استخدام المسح الضوئي والتقنيات الحديثة في 'المينة' إلى بحث في طرق جديدة، لرؤية الأماكن التي باتت معالمها تتلاشى، أو أصبحت -في طريقها للاندثار- فضاءات يمكن وصفها أنها 'مقاوِمة'.
في هذا السياق، لا سبيل لفصل البعد الجمالي في فيلم 'المينة' عن خياراته الأخلاقية والسياسية. تقول راندا معروفي: لا يسعى الفيلم إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج.
لقد اعتمدت راندا منذ المراحل الأولى للمشروع على حوارات موسعة مع سكان جرادة، لا سيما من عايشوا واقع مناجم الفحم العشوائية، المعروفة محليا باسم 'الساندريات'، ثم أصبحت تلك الحوارات نسيجا سرديا، شارك في صياغته أبناء المدينة أنفسهم، وجسدوا في الفيلم أدوارا مستلهمة من حياتهم.
أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم.
وفي 'المينة'، تستخدم راندا أدوات تصوير متعددة، منها المسح الثلاثي الأبعاد، وتقنيات السوبر 8، لخلق طبقات من القراءة البصرية؛ الأولى توثيقية ذات طابع رسمي وتقني في آن، ترتبط بأدوات المراقبة والهندسة المعمارية، والثانية حميمية وعائلية، تستحضر ذاكرة الجسد والعائلة والبيت، وتربط مباشرة بين الخاص والعام، وبين العملي والعاطفي.
تقول راندا: أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم.
يسعى فيلما 'باب سبتة' و'المينة' إذن إلى إعادة النظر في المناطق المجهولة والمعتمة في الواقع المعاصر؛ فمن جهة يقدم 'باب سبتة' الحدود واقعا اجتماعيا جغرافيا بين عالمين مختلفين، في حين يتأمل 'المينة' في نوع آخر من الحدود، تلك التي تخلقها الصناعات والذاكرة المنسية، التي تتآكل بمرور الوقت، محاولا إعادة بناء ما بقي منها بصريا وعاطفيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
سكارليت جوهانسون والإيراني جعفر بناهي أبرز الوجوه المنتظرة في مهرجان كان
من المنتظر أن تحضر الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون مهرجان كان السينمائي للمرة الأولى كمخرجة، في حين يواكب المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي عرض أحد أفلامه، في أول ظهور له في مهرجان سينمائي منذ 15 عاما. ويُعدّ عرض فيلم "إليانور ذا غرايت" (Eleanor the Great) الذي تولّت جوهانسون إخراجه أحد أكثر الأحداث المنتظرة في مهرجان كان. وتعد جوهانسون ثاني نجمة هوليودية تعرض فيلما أول لها ضمن قسم "نظرة ما" هذا العام، بعد كريستن ستيوارت مع فيلم "ذا كرونولوجي أوف ووتر" (The Chronology of Water). ويتناول فيلم جوهانسون التي تُعد من الممثلات الأعلى أجرا في السينما الأميركية قصة إليانور مورغينستين (جون سكويب) التي تعود في 94 من عمرها للعيش في نيويورك لتبدأ حياة جديدة بعد عقود قضتها في فلوريدا. وقال المخرج ويس أندرسون الذي شاركت جوهانسون في 3 من أفلامه بينها "ذا فينيشين سكيم" (The Phoenician Scheme) المنافس على جائزة السعفة الذهبية هذا العام، "شاهدتُ فيلمها وأحببته". وتابع مازحا أن "سكارليت تصنع الأفلام منذ مدة ربما أطول من مدة عملي. إنها أصغر مني بنحو 20 عاما، لكنني أعتقد أنها أخرجت فيلما للمرة الأولى عندما كانت في التاسعة". غياب طويل من بين اللحظات المنتظرة في مهرجان كان أيضا مرور جعفر بناهي على السجادة الحمراء. فقد تمكن المخرج الحائز جوائز كثيرة، والذي قضى 7 أشهر مسجونا في إيران في عامي 2022 و2023، من مغادرة طهران مع فريقه للذهاب إلى كان، حيث سيواكب عرض فيلم "حادثة بسيطة" (تصادف ساده) الذي صُوّر بشكل سري ومن دون أي تمويل إيراني، ولم تتسرب عنه سوى معلومات محدودة جدا. ولم يشارك بناهي في أي مهرجان دولي منذ 15 عاما حين بدأت مشاكله القضائية في بلاده، والتي حرمته لفترة طويلة من حرية السفر. خلال هذه الفترة، حصل مخرج فيلم "تاكسي طهران" الفائز بجائزة الدب الذهبي في برلين عام 2015، وفيلم "3 وجوه" الفائز بجائزة أفضل سيناريو في كان عام 2018، على جائزة خاصة من لجنة التحكيم في البندقية عام 2022 عن فيلم "الدببة غير موجودة". وحكم على بناهي بالسجن 6 سنوات في العام 2010 بتهمة "الدعاية ضد النظام"، مع منعه من إخراج الأفلام أو مغادرة البلاد لمدة 20 عاما، وأُعيد له أخيرا جواز سفره في أبريل/نيسان 2023، فسافر إلى فرنسا حيث تعيش ابنته. وسيُعرض أيضا فيلم "فيوري" (Fuori) الذي يتناول قصة الكاتبة الإيطالية غولياردا سابيينزا التي سُجنت عام 1980 بتهمة السرقة. ويمثل هذا الفيلم الذي أخرجه ماريو مارتونه، وتتولى بطولته فاليريا غولينو، عودةً للمخرج الإيطالي البالغ 65 عاما إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان بعد حضوره للمرة الأولى المهرجان السينمائي الفرنسي عام 2022 مع فيلم "نوستالجيا" (Nostalgia).


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
في عرضه الأول بمهرجان "كان": الفيلم المغربي "المينة" يرفع علم فلسطين وخطاب المخرجة يندد بالإبادة في غزة
كان، فرنسا – شهدت فعاليات أسبوع النقد بمهرجان "كان" السينمائي الدولي في نسخته الـ78، مساء الثلاثاء، لحظة مؤثرة تمثلت في رفع علم فلسطين على المسرح من فريق الفيلم المغربي "المينة" الذي عُرض لأوّل مرة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأسبوع النقد. عقب العرض، ألقت راندا معروفي، مخرجة الفيلم، خطاباً عبّرت فيه عن امتنانها لأهالي مدينة جرادة المغربية، الذين شكّلوا خلفية العمل ومصدر إلهامها، مؤكدة أنّ الفيلم "ثمرة جهد جماعي" شارك فيه سكان المدينة أنفسهم، والذين "تبنّوا المشروع واحتضنوه"، على حدّ تعبيرها. وفي تصريح للجزيرة نت، قالت معروفي: "كان لا بدّ من تسجيل موقف نعبّر به عن سخطنا ممّا يجري لأخواتنا وإخوتنا في فلسطين. إنّه تضامن رمزي ضروري مع من يتعرّضون كلّ يوم لشتى أشكال الظلم والقهر في صمت مشين لمن يختبئون خلف الخطابات الجمالية الرنانة والخاوية". كذلك، في ختام كلمتها أمام جمهور المهرجان، توجّهت معروفي برسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني، قالت فيها: "أفكاري تذهب بقوة وبشكل عاجل إلى أخواتنا وإخواننا الفلسطينيين الذين يواجهون إبادة جماعيّة ترتكبها إسرائيل. فلسطين ستنتصر". وأضافت، معيدة صياغة مقولة منسوبة للشّاعر اليوناني دينوس كريستيانوبولوس: "لأنّ من يقتل طفلاً ينسى أنه يدفن بذرة، وتلك البذرة ستنبت سنابل، بل وسنابل كثيرة". واختتمت خطابها: "الحرية لفلسطين"، وسط تصفيق الجمهور الحاضر. "المينة" فيلم وثائقي وتجريبيّ قصير مدّته 26 دقيقة، من إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وإيطاليا وقطر. يتناول واقع مدينة جرادة المنجميّة التي لا تزال، رغم الإغلاق الرسمي لمناجم الفحم سنة 2001، تشهد أنشطة استخراج غير رسميّة محفوفة بالمخاطر. يعتمد الفيلم على إعادة تمثيل مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية لعمّال المناجم، بتعاون مباشر مع السكان الذين لعبوا أدوارهم بأنفسهم، داخل فضاء سينوغرافيّ صُمّم معهم خصيصاً. تضيف معروفي في خطابها أنّ العمل يسعى إلى "ردّ الاعتبار لمن أناروا تاريخ المنطقة قبل أن تطويهم صفحات النسيان الرسميّ". يُعد العمل أوّل مشاركة للمخرجة في مهرجان "كان"، وهو نتاج تعاون طويل الأمد مع فريق فني ضم منتجين من المغرب وإيطاليا، ومساهمات فنية متعدّدة منها التصوير على شريط "سوبر 8″، والمسح ثلاثي الأبعاد، واستخدام الصوت والصورة كأدوات توثيقية وشاعريّة في آن. يُذكر أنّ ليلى سليماني، الكاتبة الفرنسية من أصول مغربيّة، وعضوة لجنة تحكيم مهرجان "كان" لهذا العام، كانت قد أثارت سخطاً شعبياً واسعاً بعد جوابها عن سؤال بخصوص الإبادة الجماعيّة في غزة، أثناء الندوة الصحفية الرسمية، حيث صرّحت: "علينا أن نضحك رغم السواد الذي يحيط ببعض مناطق العالم"، ما اعتبره المتتبعون صمتاً متواطئاً، يريد التلحف بلحاف الأدب، مع الجرائم الصهيونية الجارية في كلّ من غزة والضفة الغربية.


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
ثلاثية راندا معروفي.. حكايات السينما والسلطة والعمران في المغرب
بمناسبة عرض فيلم 'المينة' (2025) للمخرجة المغربية راندا معروفي في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، ضمن أسبوع النقد بمهرجان 'كان' السينمائي الدولي هذا العام 2025، تنشر 'الجزيرة الوثائقية' هذا المقال الذي يستعرض بالتحليل والنقد ثلاثة من أعمالها الفيلمية. تتطرق الأفلام الثلاثة إلى قضايا المجتمع المغربي من زوايا عميقة ومختلفة، لم تكن معتادة في الأعمال المماثلة، وتعتمد على المجاز السينمائي والرصد للواقع من الميدان، وتلك لغة اختارتها راندا معروفي لنفسها في سرد حكايات المجتمع، وصراعه مع الأنظمة البيروقراطية والحدود وألوان التهميش. لا يسعى فيلم 'المينة' إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج. راندا معروفي.. لغة بصرية تعيد صياغة التفكير تستكشف الفنانة المغربية راندا معروفي (الدار البيضاء، 1987) منذ أعمالها الأولى العلاقات المتوترة بين الأجساد والفضاءات الاجتماعية، مسلطة الضوء على بنيات الهيمنة، التي تحدد أشكال الحضور والحركة في المجال العام. بين التصوير الفوتوغرافي والفيديو والمنشأة والسينما، تطور راندا منهجية بصرية، تعيد التفكير في الممارسات اليومية، وتكشف الديناميات الخفية التي تحكم علاقات الناس بالسلطة وتمثيلاتها، في الوطن العربي كما في الغرب. يتجلى ذلك بوضوح في ثلاثيتها: 'الحديقة' (2015). 'باب سبتة' (2019). 'المينة' (2025). وهي أعمال سينمائية تمزج بين الطابع الوثائقي والتجريبي، فتصبح مشاهد الانتظار نوعا من الأداء الجسدي الجماعي، يُبرز التوتر القائم بين النظام والمقاومة، وبين السلطة الجماعية والإيماءات الفردية. 'الحديقة'.. فضاء مهجور يتجاوز الحدود الفيزيائية في فيلم 'الحديقة'، تنتقل راندا معروفي إلى فضاء مهمل في قلب مدينة الدار البيضاء؛ حديقة ملاهٍ مهجورة أصبحت موقع أطلال وحداد بصري، تسكنه أجساد شبابية تائهة بين الرغبة في الظهور وعبثية المشهد. لا يقدم الفيلم سردا وثائقيا تقليديا، بقدر ما يشكل تجربة بصرية متأرجحة بين التوثيق والتجريد، فتستعير المخرجة عناصر من الواقع، لتفككها وتعيد ترتيبها، ضمن تركيبة جمالية تبرز هشاشة الفضاء الحضري وحدوده الرمزية. تتجول الكاميرا في حركة بطيئة، تلتقط تفاصيل الصمت والركود، فتبدو الشخصيات معلقة في وضعيات ثابتة، أشبه بتماثيل أو صور جامدة. ومع ذلك، تكسر بعض الإيماءات هذا الجمود؛ يد تتحرك، وهاتف يستعمل، ونظرة تتلاشى في الضباب البصري. تنبع الحياة هنا من تفاصيل هامشية، من لحظات توحي بأن الزمن لم يتوقف تماما، بل دخل في حالة من التعليق المريب، ولا يعكس هذا التعليق الزمني العطالة الاجتماعية فحسب، بل يفتح تساؤلات حول التمثيل والأداء والظهور، بصفته فعلا سياسيا في فضاء مهمش. تكشف راندا في الفيلم التوتر الكامن في صور الحياة اليومية كما تُتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، فالشخصيات ليست في وضعيات أداء فقط، بل تتقمص دورها بوعي كامل، برغبة أن ترى. في هذا السياق، يصبح الفضاء المهجور مسرحا لشكل جديد من التمثيل، فيصبح الركام العمراني أثاثا معاصرا لصور تمثل جيلا يعيش على أطراف المدينة وهامش المجتمع، جيل يتشبث بالصورة والاستعراض والفرجة، حتى في أكثر أشكالها فجاجة، ويتخذها وسيلة وجود ومقاومة صامتة. بهذا المعنى، يتجاوز فيلم 'الحديقة' مفهوم الحدود الفيزيائية، نحو أسئلة أعمق بخصوص الظهور والاختفاء، حول من يحق له أن يكون مرئيا، ومن يُدفع نحو العتمة. على غرار فيلمها الثاني 'باب سبتة'، لا تروي راندا قصة محددة، بل توفر فضاء بصريا للتأمل في بُنى الهيمنة، وحضور الأجساد في فضاءات محكوم عليها بالإقصاء. من هذا المنطلق، يمكن وضع عملها في حوار مع تحليلات الفيلسوف 'جاك رانسيير' حول العلاقة بين الفن والسياسة، فلا يكون الفن انعكاسا للواقع فحسب، بل أداة لإعادة توزيع الحواس، وإعادة تشكيل الإدراك العام، لما هو مرئي وما هو مستبعد من المجال البصري. 'باب سبتة'.. مجاز الهيمنة والمقاومة وعقوبة السلطة تشكل الحدود بطبيعتها فضاء للانتظار، وهو انتظار محكوم بقوانين خفية، تتحكم في مسارات الأجساد، وتفرض عليها إيقاعا معينا. وفي فيلم 'باب سبتة'، لا تقدم العبور الحدودي على أنها مجرد لحظة انتقال من نقطة إلى أخرى، بل هي حدث مسرحي مكثف، فيصبح الجسد في تكراره للأفعال اليومية عنصرا في تكوين بصري متشابك. تستغل المخرجة الحركات البسيطة كحمل البضائع، والجلوس القسري الطويل، والانتظار في صفوف متعرجة، فتضفي عليها بعدا نحتيا، تتبلور فيه هذه الحركات، وتصبح إيماءات مشحونة بالدلالات السياسية والاجتماعية. على عكس الأفلام الوثائقية التقليدية التي تركز على تقديم سرديات خطية للأحداث، يعتمد فيلم 'باب سبتة' أسلوبا مختلفا، فهو لا يسعى إلى تفسير الظاهرة ولا تحليلها، بل إعادة صياغتها بصريا، وذلك بتفكيكها وتركيبها من جديد في فضاء مجرد، بتركيز وحرص شديدين على الحركات والإيقاع والتكرار. تجعل هذه المقاربة 'باب سبتة' تجربة حسية مكثفة، تُفرغ المكان من تفاصيله المعتادة، حتى يصبح أشبه بمسرح خاوٍ، تستوطنه الأجساد فقط، وتعيد بحركاتها تشكيل المعنى. بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية. هذا الاشتغال على الجسد بوصفه محورا للتمثيل الفني يجعل 'باب سبتة' عملا قريبا من بعض تجارب السينما، التي تهتم بجانب الواقع الحركي والزمني. قد يذكرنا ذلك -على نحو مفارق- بفيلم هارون فاروكي 'خروج العمال من المصنع' (1995)، فهو يحلل مغادرة العمال لمواقع عملهم على أنه حدث متكرر، مليء بالدلالات السياسية حول العمل والسلطة، ويعتمد على مزيج من وثائق الأرشيف وتعليق صوتي عليها. لا يقتصر الاشتغال إذن على مفهوم الحدود في 'باب سبتة' على المعنى الجغرافي، بل يتجاوزه إلى البعد الاجتماعي والسياسي. ففي أحد المشاهد، نرى النساء وهن يجلسن على أكياس ضخمة من السلع المهربة، منتظرات ساعات قبل السماح لهن بالعبور، وليس انتظار مجرد تفصيل يومي، بل هو رمز لنظام كامل من العنف البيروقراطي، الذي يتحكم في حركة الأفراد، متخذا الحدود أداة للسيطرة. يذكرنا هذا بمفهوم 'الزمن الميت' لدى الفيلسوف 'بول فيريليو'، ففيه تصبح أوقات الانتظار أشكالا من العقوبات غير المعلنة، التي تمارسها السلطة على الأفراد. تقول المخرجة راندا معروفي في حوار هاتفي مع الجزيرة الوثائقية: بتوثيق مظاهر الانتظار القسري في حياة هؤلاء الناس، حاولت تصوير الزمن، لا على أنه حركة، بل حالة من الجمود، تفرضها البنى السلطوية. ومع أن 'باب سبتة' يتناول وضعا محددا مرتبطا بالحدود المغربية الإسبانية، فإن أسئلته تتجاوز السياق المحلي، وتشمل قضايا عالمية تتعلق بالحركة والهجرة والحدود بوصفها أدوات للسيطرة. لكن ما يميز مقاربة راندا هو تركيزها على الجسد أرشيفا للصراع الاجتماعي، بعيدا عن الخطابات المباشرة حول المعاناة أو اللجوء، وقد نجد ههنا تقاربا مع أعمال الفنانة الأمريكية 'سوزان ميزلز' (1948)، التي وثقت بصورها تفاصيل حياة المهمشين اليومية، من دون أن تقع في فخ استدرار العواطف. لا تحاول راندا تقديم صورة عن واقع معين في الفيلم، بل تقترح مساحة لإعادة التفكير فيما نراه وما لا نراه، فالحدود لا ترسم فقط على الخرائط، بل تمتد إلى المخيلة الجماعية، فتكرس صورا نمطية حول من يحق له العبور، ومن يحكم عليه بالبقاء في الهامش. لا توثق راندا واقعا مألوفا، بل تعيد بناءه ضمن مقاربة جمالية، تجعل الحدود حيزا للأداء والمقاومة، لا نقطة فصل فقط، فالجسد ههنا لا يكتفي بتلقي الأوامر البيروقراطية؛ بل هو كيان فعال، يعيد تعريف ذاته بحركات متكررة، تكتسب معاني جديدة مع كل تكرار. يجعل هذا الاشتغال على الجسد والحدود والزمن عملها جزءا من تيار أوسع في السينما والفن المعاصر، تيار يسائل العلاقة بين الفرد والمنظومة، وبين السلطة والمقاومة، وبين المرئي والمخفي. في نهاية المطاف، لا يقدم الفيلم إجابات جاهزة، بل يفتح المجال لتساؤلات جديدة، حول أشكال الهيمنة، وأشكال التملص منها أو التمرد عليها، وإن بأبسط الإيماءات اليومية. تفكيك المرئي والمخفي والذاكرة بين فيلمين يتمحور الربط بين فيلمي 'باب سبتة' و'المينة' حول التقاط التوترات والظلال، التي تحيط بالمساحات الجغرافية، المتأثرة بالحدود والاقتصاد غير الرسمي، بالإضافة إلى التصوير التجريدي للمدن ذات الطابع الصناعي والمهمش. في فيلم 'باب سبتة'، تركزت الكاميرا على الثغر الإسباني عند الحدود المغربية الإسبانية، لتسجل حياة الناس في ظل اقتصاد غير رسمي، يتمحور حول التهريب والنقل غير المشروع للبضائع عبر الحدود. أما فيلم 'المينة'، فتبرز فيه مدينة جرادة (شرق المغرب) بموقعها الصناعي والجغرافي، وهي مدينة تعيش على هامش الذاكرة والراهن، فتتداخل فيه توترات المجتمع مع تحديات الاقتصاد، الناتجة عن الإقصاء السياسي والعوز المادي والتدهور البيئي. يتناول العملان فكرة الحدود بطرق غير مباشرة، قد تبدو متباينة في شكلها، لكنها تتقاطع في سيرورة المخرجة الجمالية والسياسية، فـ'باب سبتة' يلتقط الحدود الجغرافية بين دولتين كما تتجسد في حركة الأفراد والبضائع عبر المعابر الضيقة، وأما 'المينة' فيعيد تشكيل حدود المدينة بطريقة أكثر رمزية، بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد، التي تتيح استكشاف الهياكل المعمارية والفضاءات الصناعية من منظور غير معتاد. هكذا يشير استخدام المسح الضوئي والتقنيات الحديثة في 'المينة' إلى بحث في طرق جديدة، لرؤية الأماكن التي باتت معالمها تتلاشى، أو أصبحت -في طريقها للاندثار- فضاءات يمكن وصفها أنها 'مقاوِمة'. في هذا السياق، لا سبيل لفصل البعد الجمالي في فيلم 'المينة' عن خياراته الأخلاقية والسياسية. تقول راندا معروفي: لا يسعى الفيلم إلى تمجيد المعاناة ولا تجميلها، بل إلى ملامستها من الداخل، بمقاربة جماعية في الكتابة والإنتاج. لقد اعتمدت راندا منذ المراحل الأولى للمشروع على حوارات موسعة مع سكان جرادة، لا سيما من عايشوا واقع مناجم الفحم العشوائية، المعروفة محليا باسم 'الساندريات'، ثم أصبحت تلك الحوارات نسيجا سرديا، شارك في صياغته أبناء المدينة أنفسهم، وجسدوا في الفيلم أدوارا مستلهمة من حياتهم. أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم. وفي 'المينة'، تستخدم راندا أدوات تصوير متعددة، منها المسح الثلاثي الأبعاد، وتقنيات السوبر 8، لخلق طبقات من القراءة البصرية؛ الأولى توثيقية ذات طابع رسمي وتقني في آن، ترتبط بأدوات المراقبة والهندسة المعمارية، والثانية حميمية وعائلية، تستحضر ذاكرة الجسد والعائلة والبيت، وتربط مباشرة بين الخاص والعام، وبين العملي والعاطفي. تقول راندا: أعدتُ بناء فضاء رمزي في منزل بمدينة جرادة، لأن التصوير في المناجم الحقيقية كان مستحيلا، فأعاد شباب من عائلة موسعة تمثيل حياتهم. يسعى فيلما 'باب سبتة' و'المينة' إذن إلى إعادة النظر في المناطق المجهولة والمعتمة في الواقع المعاصر؛ فمن جهة يقدم 'باب سبتة' الحدود واقعا اجتماعيا جغرافيا بين عالمين مختلفين، في حين يتأمل 'المينة' في نوع آخر من الحدود، تلك التي تخلقها الصناعات والذاكرة المنسية، التي تتآكل بمرور الوقت، محاولا إعادة بناء ما بقي منها بصريا وعاطفيا.