logo
أوهام الرمز

أوهام الرمز

الزمان٠٦-٠٥-٢٠٢٥

لا يظهر الرمز في الأقوام و الشعوب دون تحقيق البطولة و التضحية و التخلي عن الملكية , و الشغف بما يؤمن من افكار و مبادئ لتحدي الخطوب , ذلك الايمان المقترن بالشجاعة و نكران الذات بهدف التغيير و الارتقاء بالمجتمع . فهي غايات نبيلة من أجل الانسان و المصلحة العامة يسعى اليها الرمز أو البطل الذي تنقش أعماله في مدونات التاريخ و تتداولها الأجيال كالأسطورة تنسج في المخيال الجمعي و يتطلع الأفراد الى التماثل مع تلك الشخصية .
و بسبب الخوف و عدم إمتلاك الجرأة التي ترافق التفكير قبل الإقدام , إضافة الى القناعة بالاستقرار و الشعور بالأمان و تسلل الكسل و الحفاظ على الممتلكات المادية , يظل الأفراد و الجماعات ترنو الى الرمز بوصفه بطلاً و مثالاً أزاح الخوف و تقبل العذابات و المعاناة قبال ما يؤمن و تمسك بالفضيلة و المبادئ التي تنقذ البشرية من دوافع الانانية و الكراهية و الجشع و الاستغلال و نحو ذلك .
إن شخصيات مثل الانبيات و المصلحين و المفكرين و الأبطال كالإمام علي (ع) وغيلان الدمشقي و بوذا و فلاسفة عصر التنوير و غيفارا و غيرهم كانوا رموزاً لإنقاذ شعوبهم و الانسانية برسم علامات خالدة . لان صناعة الرمز لم تأتِ من عدم و إنما خلاصة تجربة و إشارة لإحداث و وقائع تترسخ في الذاكرة الجمعية و تحقق و جودها في ثقافة المجتمع , لتغدوا ضمن معاني تحمل مشتركات بين الماضي و الحاضر و المستقبل .
انظمة سياسية
ونرى إن الانظمة السياسية في التاريخ المعاصر تضج (بالرموز) الماهرة في إستخدام كل الوسائل للوصول الى السلطة و التمسك بها سواء بالعنف أو التضليل و في أحايين كثيرة يستخدم كل الوسائل معاً و حسب الظروف الموضوعية ليؤكد فطنته القائمة على المخاتلة والخداع بالخطابات و الشعارات الفارغة و الدعايات الكاذبة التي يطلقها بمساندة أدواته الأعلامية و أذرعه من الانتهازيين و المنافقين للتأثير و إستمالة فئات مختلفة من الشعب الذي يتسرب اليه الخنوع و الطاعة المختارة , ليظل يكابد التحديات و الخوف للحفاظ على ما يملك من الحاجات الاساسية المتوفرة لديه و غيرها كالوظيفة و العمل , ذلك الخوف الذي يكبل حرية التعبير عن الرأي , و يجعله ينتظر فعاليات الرفض التي يطلقها أو ينفذها الآخر و نتائج تضحياته . و هي طريقة يسيرة للهروب من تحمل المسؤولية و مشكلات الواقع , تكشف عن العجز في المشاركة . بمعى أن يترك حل المعضلات على عاتق الآخرين , لأن حلها يتطلب جهوداً و صعوبات و معاناة لا قدرة له على تحملها . و هي شكل من أشكال اللامبالاة التي تؤدي بعد حين الى تفاقم المشكلات و اللا إستقرار .
إن هؤلاء الرموز الذي سوقتهم وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي مدفوعة الثمن من المال المنهوب , لم يكونوا أبطالاً و إنما إنتاج البروباغندا و الظروف الملتبسة , و جمهور يعيش الوهم و يبحث عن منقذ .
وإنهم رجال لا يختلف أحدهم عن الآخر في التفكير و الأهداف و إن إختلفوا في الزي أو الشكل و الخطاب , يشتغلون في الدولة أو الحزب أو المؤسسات التقليدية لتوظيف آيديولوجية تحقق غايات دنيوية كالسلطة و المال و المجد الشخصي بعد التلفع بأغطية شتى , و اللهاث في إستدعاء الابطال من جوف التاريخ لإسقاطهم على ذواتهم التي لا ترتقي الى فعل البطولة التي ترسخت بالتواتر في الذاكرة حول رموز حقيقيين لتزيح العتمة و تضئ فضاءات الانسانية .
لذلك فأن البروباغندا و الشعارات المغلفة بكلمات تثير العواطف و تطلعات الانسان الازلية و تسقط عند أول تحدي من الجمهور أو حدوث الأزمات . لا تصنع رمزاً و لاتنتج مجتمعاً سعيداً و لا تبعث على التغيير فقط ترتدي قناع التفاؤل المزيف .
وإن الوعي بايقاظ العقول ، وحرية التفكير النقدي و التعبير عن الرأي , و الجرأة و دينامية المجتمع لإطلاق الطاقات , عوامل تفضي الى التقدم و إزاحة الجهل و الظلام لكبح تطلعات (الرمز) قبل الانتهاء الى الاستبداد .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الطائفية بذور وجذور
الطائفية بذور وجذور

موقع كتابات

timeمنذ 2 ساعات

  • موقع كتابات

الطائفية بذور وجذور

اخطر مرض يصيب الشعوب هي الطائفية والطائفية هي لاصحاب الديانات وسفكت الدماء بسببها وهنالك من ابتدعها وسلاطين غذوها . بالنسبة للطائفية في الاسلام فمن خلال متابعة الدين الاسلامي منذ البعثة والى يومنا هذا وماجرت من احداث بين المسلمين انفسهم وحتى سواء كانوا صحابة او فقهاء تبين لي ان : اول من بذر بذرة الطائفية هي الدولة الاموية على يد معاوية بن ابي سفيان ، نعم كان هنالك خلافات بين الصحابة والامام علي عليه السلام خلال الخلافة الراشدة لكنها لم تصل الى الطائفية، بل في بعض المواقف يلتزم الصحابي براي الامام علي عليه السلام وحتى معركة الجمل التي سفكت فيها الدماء لم تكن هنالك طائفية لدرجة المفاضلة والقتل . اما معاوية فكان يثير هكذا مسائل بل اصدر امرا بان يلاحقوا كل من يتبع الامام علي عليه السلام للقصاص منه اي قتله لذا كان يثير الاسئلة الطائفية هو والمتملقين عنده ايهما افضل الصحابة ام الائمة او من هي افضل زوجات النبي وهكذا ، وهذا الاسلوب الطائفي السيء اصبح سنة سار عليه كل خلفاء بني امية باستثناء الخليفة عمر بن عبد العزيز . وجاءت الدولة العباسية لتتوغل في دماء اتباع اهل البيت عليهم السلام واثارة النقاشات مع من يشكون فيه بانه يتبع الائمة عليهم السلام حتى انتشرت ظاهرة التقية والتورية عند اتباع اهل البيت عليهم السلام لحفظ دمائهم ، وكثيرا ما يعقد الخلفاء العباسيون جلسات مناظرة عن من هو الافضل الصحابة ام الائمة عليهم السلام وعلى ضوء ذلك تثار فتنة الطائفية . وهنا من وجهة نظري ان الفقهاء الاربعة ( ابو حنيفة ومالك بن انس والشافعي وابن حنبل ) كانوا اصحاب مذاهب واراء فقهية وان كانوا على سنة الصحابة الا انهم لم يعملوا ولم يثيروا ولم يؤيدوا الطائفية بل لهم اراء ومواقف تؤيد تراث اهل البيت عليهم السلام . اكمل مسيرة الطائفية الدولة العثمانية من جهة السنة والصفوية من جهة الشيعة فان سلاطينهم مارسوا الطائفية بحق الطائفة الاخرى ، وحقيقة المغول ـ جنكيزخان وملوكه ـ لم يعملوا بالطائفية بالرغم من اعمال القتل التي قاموا بها بل ان بعضهم جعل العلماء محل تقدير لديهم كما حصل لشيخ نصير الدين الطوسي ، هناك من يتهم الشيعة بالتواطوء مع المغول وهذه تهمة باطلة اثبتها كتّابهم وليس كتّاب الشيعة ، ولكن هل استغل الطوسي والعلقمي فترة سقوط الدولة العباسية لنصرة الشيعة الذين ظلموا طوال قرون على يد الامويين والعباسيين ؟ ، نعم استغلوا الوضع لنصرة الشيعة وليس للطعن بالسنة بل حافظوا عليهم في كثير من المواقف التي تعرضوا لها من قبل المغول . هذه التجربة التاريخية اتقنها بعض سلاطين العرب التزاما بسياسة الانكليز الذين اجادوا كثيرا في اثارة النعرة الطائفية حتى تبقى متسلطة على الدول الاسلامية ، بل اصبحت الطائفية منهج للظلمة في تثبيت عروشهم ، وها هي امريكا اليوم ترقص على وتر الطائفية لاثارتها بين ايران ودول الخليج ، بل في العراق كثيرا ما تثار هذه المسالة تحت غطاء الاحتلال الايراني والتدخل الايراني بل واقعا غير ذلك ، وهم يرون باعينهم تدخل كل دول المنطقة بالشان العراقي ارهابيا وقرصنة وتسقيطا فاين هي دموع السيادة ؟

ثقافة الاستفتاء تحدد ثقافة المجتمع
ثقافة الاستفتاء تحدد ثقافة المجتمع

موقع كتابات

timeمنذ 3 أيام

  • موقع كتابات

ثقافة الاستفتاء تحدد ثقافة المجتمع

علم الاجتماع هو علم متخصص بثقافة المجتمع ( عادات وتقاليد ) واليوم بحكم ما استحدث من وسائل الاتصال الحديثة اصبحت مستلزمات دراسة علم الاجتماع لاي مجتمع امر ميسور ، ومن بين ما يحدد لنا تفكير المجتمع هي الاستفتاءات التي تصدر عن مكاتب المراجع عن الاسئلة التي تردهم من المواطنين . هنا لابد لنا من الاشارة الى ما كان يامله السيد محمد باقر الصدر وهو المجتمع المجتهد ، طبعا لا يقصد معرفة احكام استنباط الحكم الشرعي ، بل هنالك مواقف وتصرفات تخضع لاخلاق المسلم قبل ان تخضع للحكم الشرعي ، ومن هذا المنطلق وخلال مراجعة عينة عشوائية من الاسئلة التي وردت الى مكتب السيد السيستاني واجابة المكتب حقيقة اقف بتامل والم لان هذا هو حقيقة تفكير مجتمع . الاسئلة التي ترد ليست اسئلة استثنائية او لا تعبر عن واقع ، نعم بعضها قد تكون افتراضية ولكن حتى هذه الافتراضية لا تات الا من واقع يمكن ان تحدث فيه . نماذج من هذه الاسئلة مثلا ' هل يجوز التدخين في مكان مغلق ؟' هل هذا السؤال اخلاقيا يستحق ان يوجه للمرجعية ؟ نعم لربما ان السائل يعرف الاجابة لكنه يريد ان تكون مدعمة براي المرجعية حتى يلوح بها امام الغير ، طيب اين هي ثقافة الاخلاق والاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وما الى ذلك ؟ سؤال اخر 'هل يجوز أخذ الرواتب بطرق غير مشروعة؟' ، عجبا هو يقول غير مشروعة فهل يامل بالجواز ؟ واما الاسئلة الكثيرة التي تخص الاحتيال على غير المسلم فانها ثقافة للاسف الشديد موجودة يعني الاحتيال في اوربا باعتبار تلك البلدان غير اسلامية ، فهل هذه الاخلاق يقبلها الاسلام ؟ فهل هذه ثقافة تعبر عن سمو اخلاق المسلمين ؟ طبعا هذه الاساليب يحرمها الاسلام ، مسلم مع الامام علي عليه السلام اساء لكنيسة بالكلام فنهاه الامام علي عليه السلام عن ذلك لانها من وجهة نظر المسيحي انه يعبد الله فيها . هنالك تصرفات في الشارع اغلبها لم يجوزها المراجع لكن الاغلب من المواطنين يقدمون عليها وبكل وقاحة ، هل ان ضعف القانون حجة لنا لان نتصرف بما يحلو لنا ؟ هنالك اسئلة لظاهرة متفشية سلبية يعلمون بسلبيتها يريدون جعل المرجعية في الواجهة ولا يفكرون باصلاح انفسهم ، على سبيل المثال ان راتب الرعاية الاجتماعية مهما قل فان شروطه هو للعاطلين عن العمل يعني عندما تقوم بكتابة المعلومات ضمن استمارة الحصول على الراتب انك تكتب نعم انا عاطل عن العمل ، بينما واقعا انت تعمل ولربما اكثر من مهنة فهذا بخلاف ما ادعيت يعني انك كذبت ، وقد تطرق لهذا الموضوع السيد رشيد الحسيني فتعالت اصوات نشاز تنتقد وتتهجم عليه ، بحجة ان راتب العاطلين لا يكفي ، انت تعلم بمقداره وشروطه فمخالفة الشروط لاي عقد كان هو مخالفة للشرعية . في بعض الاحيان تكون اجابة المرجعية على سؤال وتكتب بحد ذاته يعني على اصل منطوق السؤال دون وجود تبعيات ومعلومات اخرى تخص مفردات السؤال فتكون الاجابة مختلفة مشكلة اخرى نعاني منها ان هنالك من يفسر الاحكام الشرعية وفق ثقافته فيصدر حكمه حلال او حرام ، وهذه هي من المؤشرات والمؤثرات على ثقافة المجتمع . سالت احد الاخوة المشايخ عن الاستفتاءات الشرعية هل عرضت عليك اسئلة غريبة ؟ قال الغريبة التي اتعجب لها هي التي تعبر عن مدى ثقافة السائل مثلا يسالني شاب اثناء الوضوء دخلت قطرات ماء في عيني فهل يبطل الوضوء ؟

لأسباب غير معلنة .. الاستخبارات السويدية تعتقل مسؤول بارز بـ'العمال الكُردستاني'
لأسباب غير معلنة .. الاستخبارات السويدية تعتقل مسؤول بارز بـ'العمال الكُردستاني'

موقع كتابات

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

لأسباب غير معلنة .. الاستخبارات السويدية تعتقل مسؤول بارز بـ'العمال الكُردستاني'

وكالات- كتابات: كشفت صحيفة (غافلي داغبلاديت) السويدية، اليوم الخميس، عن اعتقال الشرطة السويدية، القيادي في 'وحدات حماية الشعب'؛ التابعة لحزب (العمال الكُردستاني)؛ 'شيار علي'، بتاريخ 11 آيار/مايو الجاري. وذكرت الصحيفة السويدية، أن الاستخبارات داهمت منزل 'علي' عقب القبض عليه، وصادرت حاسوبه وأجهزة تكنولوجية أخرى. وقال مسؤولون في الاستخبارات السويدية للصحيفة؛ إنه لا يمكن الإدلاء بتصريحات حول هذا النوع من العمليات. كما نشرت الصحيفة صورًا لـ'علي'؛ وهو مقيَّد اليدين من الخلف، لافتة أنه لا تتوفر معلومات حول مكان احتجازه. وكان 'علي' قد مثَّل أمام المحكمة؛ في 16 كانون ثان/يناير 2023، بالعاصمة 'ستوكهولم'، بتهمة غسيّل أموال بنحو: (400) ألف يورو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store