كائن دقيق بالبحر الميت يُحيي آمال العثور على حياة بالمريخ
عمون - في عمق واحدة من أكثر البيئات قسوة على كوكب الأرض، البحر الميت، تعيش "هالوفيراكس فولكاني"، وهو كائن حي دقيق وحيد الخلية شبيه بالبكتيريا رأى فيه الباحثون مفتاحا لاختبار وجود حياة على المريخ.
وانطلق فريق الباحثين، بقيادة ماكس ريكيليس، الباحث بمركز علم الفلك والفيزياء الفلكية في الجامعة التقنية ببرلين، من ملاحظة سابقة تشير إلى أن "هذه البيئة الملحية القاسية، حيث تجعل درجات الملوحة العالية البقاء مستحيلا لمعظم الكائنات، تسمح لهذا الكائن بالعيش"، ومن ثم تساءلوا في الدراسة المنشورة بدورية "فرونتيرز" عما إذا كان هذا الكائن يمكن أن يقدم أدلة على وجود حياة في مكان آخر في الكون، مثل كوكب المريخ، وكانت الإجابة "نعم".
يقول ريكيليس إن "المريخ يحتوي على أملاح مشابهة لتلك الموجودة في البحر الميت، مثل كلوريد الصوديوم (الملح الشائع)، والكلورات، والبيركلورات، وهذه الأملاح، خاصة تلك المكتشفة على المنحدرات المريخية، تلعب دورا رئيسيا في خفض درجة تجمد الماء على المريخ، وتمتص الرطوبة من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تكوين محاليل ملحية موسمية، ورغم أن هذه المحاليل الملحية قد توفر المياه السائلة، فإن مستويات الملوحة العالية تخلق بيئة سامة، تجعل البقاء صعبا للكائنات الأرضية المعروفة".
ومع ذلك، فإن قدرة الكائنات الحية في البحر الميت على التكيف مع ظروف مشابهة يجعلها "نموذجا ممتازا" لدراسة كيفية بقاء الكائنات في بيئات قاسية مثل المريخ.
أملاح المريخ
وفي دراسة سابقة نُشرت بدورية "لايف"، ناقش ريكيليس استجابات بكتيريا "إيشيريشيا كولاي" لتراكيز مختلفة من الأملاح المشابهة لتلك الموجودة على المريخ، وتم تحليل بقاء البكتيريا وحركتها تحت تركيزات مختلفة من الأملاح، وإجراء تحليل شبه آلي لحركة البكتيريا بقياس سرعاتها وأنماط حركتها.
وأظهرت النتائج أن بيركلورات الصوديوم هو الأكثر سمية، يليه كلورات الصوديوم، في حين كان كلوريد الصوديوم الأقل تأثيرا، وتأثرت قدرة البكتيريا على البقاء وحركتها بتركيزات الأملاح ومدة التعرض لها.
ولاحظ الباحثون زيادة قصيرة المدى في الحركة تحت تأثير كلورات الصوديوم وبيركلورات الصوديوم، وخلصوا إلى أن الحركة قد تساعد الكائنات على التنقل في بيئات قاسية، مما قد يكون علامة حيوية رئيسية في البحث عن الحياة على المريخ.
أعطت بكتيريا "إيشيريشيا كولاي"، المعروفة بسهولة التعامل معها في الأبحاث، فكرة عامة عن المفهوم الذي يريد الباحثون اختباره.
البحث عن الحياة بطرق جديدة
في الدراسة الجديدة، أراد الباحثون اختبار هذا المفهوم باستخدام كائنات لا تعيش إلا في البيئات القاسية، مما يجعلها أكثر تمثيلا للظروف المحتملة على المريخ.
ولم تقتصر الدراسة على تغيير الكائن، بل اختبروا تقنية تعرف بـ"الكيموتاكسي"، حيث تتحرك الكائنات استجابة لمؤثرات كيميائية، واستخدم الباحثون الحمض الأميني "إل-سيرين" لجذب "هالوفيراكس فولكاني"، ووجدوا أنه يحفز الحركة الكيميائية.
ووظف الباحثون هذا الحمض الأميني بطريقة مبسطة، فبدلا من المعدات المعقدة، استخدموا شريحة تحتوي على غرفتين مفصولتين بغشاء رقيق، يتم وضع الكائنات الدقيقة على أحد الجوانب، ويتم إضافة الحمض الأميني الجانب الآخر، وبالتالي إذا كانت الكائنات الدقيقة على قيد الحياة وقادرة على الحركة، فإنها تسبح نحو الحمض الأميني عبر الغشاء، وهذه الطريقة سهلة، وميسورة التكلفة، ولا تتطلب حواسيب قوية لتحليل النتائج.
وقد أظهرت النتائج الأولية نجاحا ملحوظا باستخدام حمض أميني واحد فقط، لكن ريكيليس يقترح أن يتم تحسين التجربة لاحقا بإضافة مجموعة متنوعة من الأحماض الأمينية والسكريات مثل الغلوكوز والريبوز.
ويقول ريكيليس "نحتاج إلى تحسين التجربة لتشمل أكثر من غرفة اختبار واستخدام أغشية مثالية تتناسب مع الكائنات الحية غير المعروفة"، مضيفا أن هذا التطوير سيتيح استخدام التقنية بشكل أوتوماتيكي وملائم للرحلات الفضائية المستقبلية.
تستخدم الأغشية بالتجارب (مثل نوع من الفلاتر أو الحواجز) للسماح بمرور بعض المواد أو الكائنات الدقيقة من خلالها، بينما يتم حجز أو منع مرور مواد أخرى، وهذه الأغشية تكون مثل بوابات دقيقة جدا، وظيفتها هي السماح بمرور الكائنات المراد دراستها أو جذبها.
والغشاء المثالي هو غشاء يكون مصمما بعناية، بحيث يسمح بمرور الكائنات البسيطة جدا (مثل البكتيريا أو الميكروبات) المراد اكتشافها، ويمنع مرور المواد أو الجزيئات الأكبر أو غير المهمة التي قد تؤثر على التجربة.
التحديات التقنية
ورغم التفاؤل بشأن إمكانيات استخدام هذه التقنية في البعثات الفضائية المستقبلية، يعترف ريكيليس بأن التحديات التقنية تبقى كبيرة، ويقول "أكبر تحد هو تصميم غشاء مثالي يستطيع التعامل مع الكائنات الحية غير المعروفة التي قد تكون مختلفة عن الكائنات الأرضية لذلك نحتاج إلى تحسين الغشاء بحيث يناسب هذه الكائنات المحتملة".
ويتطلب هذا التصميم أبحاثا أعمق على مجموعة متنوعة من الكائنات الأرضية لاختيار المواد المثالية التي يمكنها جذب الكائنات المحتملة دون التأثير على التجربة.
ومن ناحية أخرى، يرى ريكيليس أن نتائج التجارب على الحركة الميكروبية قد تكون مفتاحا للكشف عن الحياة في بيئات أخرى في نظامنا الشمسي، مثل المحيطات الموجودة تحت سطح القمر "أوروبا" التابع لكوكب المشتري.
ويقول "الحركة الميكروبية تعتبر علامة حيوية مميزة"، مشيرا إلى أن "حركة الكائنات الحية تختلف بوضوح عن الحركات الفيزيائية غير الحيوية مثل الحركة البراونية".
وأوضح أن تطور الحركة الميكروبية قد يكون مفيدا جدا في البيئات الفضائية القاسية، حيث يمكن أن تشير هذه الحركة إلى وجود حياة حتى لو كانت تعتمد على كيمياء حيوية مختلفة عن تلك التي نعرفها على الأرض.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 2 أيام
- عمون
"تربية المزار الجنوبي" تختتم مسابقة الجنوب للابتكار والروبوت
عمون - أعلنت مديرية التربية والتعليم للواء المزار الجنوبي، اليوم الأربعاء، عن الفائزين في مسابقة الجنوب للابتكار والروبوت"، التي نظمتها المديرية بدعم من شركة "برومين الأردن"، ومشاركة شركة ابتكار للذكاء الاصطناعي-مؤسسة ولي العهد، وشركة "وصلة" للإلكترونيات، وشركة "إيزي كت" لتدريب الروبوت والذكاء الاصطناعي. وقال مدير "تربية المزار الجنوبي" الدكتور علي الفقرا، الذي رعى فعاليات اختتام المسابقة مندوبا عن وزير التربية والتعليم، إن المسابقة تأتي احتفاء بإبداع الشباب وترسيخا لرؤية وطنية نحو المستقبل، مؤكدا أن الشباب رأس مال الوطن الحقيقي، وأن المدارس الأردنية قادرة على اكتشاف وتوجيه الطاقات الكامنة في أبنائنا وبناتنا نحو مسارات الإبداع والتميز. وأكد أن المسابقة شكلت منصة تعليمية متميزة جمعت نخبة من الطلبة المبدعين من مختلف محافظات الجنوب، في أجواء تنافسية تفاعلية تمزج بين البرمجة والذكاء الاصطناعي والهندسة. وبين الفقرا أن المسابقة شهدت مشاركة لافتة من 40 فريقا في مسابقة الابتكار، و10 فرق في مسابقة "روبوت تتبع الخط"، حيث أبدع الطلبة في تقديم مشاريع تقنية مبتكرة جسدت مستويات متقدمة من المهارات الهندسية والتفكير الإبداعي والعمل الجماعي. وأشار إلى أن المشاريع المقدمة تنوعت لتشمل حلولا ذكية تحاكي احتياجات الحياة اليومية وتعزز من توظيف التكنولوجيا في خدمة المجتمع. وفاز بالمركز الأول في مسابقة مسابقة الابتكار- المرحلة الدنيا فريق (Life Assistant) من مدرسة البطريركية اللاتينية الثانوية المختلطة/الوسية، وبالمركز الثاني فريق (We Do ) من مدرسة الهمة نحو القمة في لواء المزار الجنوبي، وبالمركز الثالث فريق المتميزون من مدرسة الهمة نحو القمة في لواء المزار الجنوبي. فيما فاز بالمركز الأول في المرحلة العليا فريق (Smart Driver) من مدرسة البطريركية اللاتينية الثانوية المختلطة/الوسية، وبالمركز الثاني فريق البيت الذكي من مدرسة المزار الثانوية للبنات، المركز الثالث فريق (YRZR09 حساس البيت الذكي) من مدرسة مريم البتول الأساسية المختلطة/لواء بصيرا. وفاز بالمركز الأول في مسابقة "روبوت تتبع الخط" مدرسة ذرى المجد الثانوية للبنين/المزار الجنوبي، وبالمركز الثاني مدرسة وادي موسى الثانوية للبنين/لواء البتراء، والمركز الثالث مدرسة رقية بنت الرسول الأساسية المختلطة/المزار الجنوبي. وفاز بأفضل تصميم مدرسة الراجف الثانوية المختلطة/لواء البتراء، وأفضل برمجة مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز/ قصبة معان، وأفضل فكرة مدرسة الخالدية الثانوية للبنات/المزار الجنوبي. وكرمت المديرية عددا من المدارس التي حققت إنجازات متميزة على المستويين الوطني والعربي، وهي: مدرسة وادي موسى الثانوية للبنين ومدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز – المقابلين ومدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز – الزرقاء. وحضر حفل اختتام المسابقة مدير الشؤون الفنية والتعليمية الدكتور عيسى الطراونة، ومدير الشؤون الإدارية والمالية الدكتورة اعتماد الجعافرة، ومدير المركز الوطني للتدريب وتأهيل المدربين – جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور جودت الكساسبة، ونخبة من المسؤولين التربويين والأكاديميين، ورؤساء الأقسام ومديري المدارس والمشرفين التربويين والخبراء في مجالات التكنولوجيا والتعليم. (بترا - محمد العساسفة)

عمون
منذ 3 أيام
- عمون
الصين تطلق 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!
عمون - تواصل الصين إبهار العالم بمشروعات جديدة من حين لآخر، سواء في عالم السيارات أو الطاقة. لكن هذه المرة، ما يحدث في أعالي الجبال الغربية الصينية يتجاوز حدود الابتكار، ويقترب من حدود الظواهر الطبيعية الغريبة. بدأت الصين بتخزين المياه في مشروع "شوانغجيانغكو" الهيدروليكي، في مقاطعة سيتشوان، الذي يُعد أضخم مشروع من نوعه على مستوى العالم، حيث سيخزن أكثر من 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع يصل إلى 8 آلاف قدم. المشروع الذي انطلق عام 2015، بدأ فعلياً في تخزين المياه منذ الأول من مايو 2025، استعداداً لتوليد طاقة كهربائية نظيفة تُقدّر بـ7 مليارات كيلوواط/ساعة سنوياً، وفقاً لما ذكره موقع "Eco Portal". سد بارتفاع ناطحة سحاب يقع السد على نهر دادو، أحد روافد حوض سيتشوان، ويبلغ ارتفاعه 315 متراً، ما يجعله أعلى سد في العالم. وقد تم تمويل المشروع بـ36 مليار يوان (نحو 4.9 مليار دولار)، وتنفذه شركة "باور تشاينا" الحكومية، التي أعلنت أن منسوب المياه بعد المرحلة الأولى من التخزين بلغ 2344 متراً فوق سطح البحر، أي أعلى بـ80 متراً من مستوى النهر الأصلي. لكن خلف هذا الإنجاز، يلوح في الأفق تساؤل علمي: هل يمكن لمثل هذا المشروع الضخم أن يمر دون آثار جيولوجية؟ ويحذر خبراء من احتمال حدوث هزات أرضية نتيجة الضغط الهائل للمياه، إضافة إلى تغيرات في تدفق الأنهار وتأثيرات محتملة على القشرة الأرضية. ومع ذلك، يرى المهندسون أن فوائد المشروع في تقليل الاعتماد على الفحم وخفض انبعاثات الكربون بنحو 7.18 مليون طن سنوياً، تفوق هذه المخاطر المحتملة.

عمون
منذ 3 أيام
- عمون
"لوحة فنية"! .. هابل يصور مجرة قزمة بتفاصيل مذهلة
عمون - كشف تلسكوب هابل الفضائي عن صورة جديدة مذهلة لسحابة ماجلان الكبرى، تظهر فيها السحب الغازية كدوامات ملونة تشبه حلوى القطن الكونية معلقة في فراغ الفضاء. وهذه الصورة ليست مجرد مشهد جميل، بل تمثل نافذة علمية تتيح للبشر رؤية ما تعجز عيونهم عن إدراكه. وتتميز الصورة بقدرتها على تجسيد الضوء غير المرئي، حيث استخدم هابل خمسة مرشحات ضوئية متخصصة في كاميرته واسعة المجال لرصد الأطوال الموجية فوق البنفسجية وتحت الحمراء. وهذه التقنية تمنح العلماء رؤية شاملة لتكوين السحب الغازية وخصائصها التي كانت ستظل خفية لولا هذه القدرات التكنولوجية المتطورة. وتكمن عبقرية هذه الصورة في طريقة معالجتها، حيث يعمل خبراء ناسا على تحويل البيانات العلمية المجردة إلى لوحة فنية مفهومة. ويتم تعيين ألوان محددة لكل نطاق ضوئي، فالأطوال الموجية القصيرة تظهر زرقاء أو بنفسجية، بينما تكتسي الأطوال الأطول بدرجات الحمرة، ما يخلق مزيجا لونيا يسهل على العلماء تفسيره وللعامة تقديره جماليا. وتقع سحابة ماجلان الكبرى على بعد 160 ألف سنة ضوئية، وهي أكبر مجرة تابعة لمجرتنا درب التبانة. وما يزيد من أهميتها العلمية هو أنها تشكل مختبرا طبيعيا لدراسة تكون النجوم وتفاعلات المجرات، خاصة مع وجود جسر غازي يربطها بسحابة ماجلان الصغرى المجاورة. وتوضح التفاصيل الدقيقة في الصورة عمليات فيزيائية معقدة. فالسحب الوردية والأرجوانية تمثل مناطق تشكل نجوم جديدة، بينما تظهر الهياكل الدقيقة في السحب الغازية تأثيرات الرياح النجمية والانفجارات النجمية. وكل ظل ولون في هذه الصورة يحكي قصة عن دورة حياة النجوم والمادة بين النجوم. والمثير للاهتمام أن هذه الملاحظات تأتي في وقت يحاول فيه العلماء فهم المصير المستقبلي لمجرتنا، حيث من المتوقع أن تتفاعل سحابة ماجلان الكبرى مع درب التبانة بعد 2.4 مليار سنة. وهذه الصورة توفر بيانات حيوية تساعد على نمذجة هذه التفاعلات المستقبلية. وبينما يمكن لعشاق الفلك في نصف الكرة الجنوبي مشاهدة السحابة كبقعة ضبابية في سماء الليل، فإن هابل يمنحنا رؤية غير مسبوقة لتكوينها الداخلي.