logo
الارتفاع القياسي في هجمات القرصنة قد يمهد لهجوم إلكتروني كبير

الارتفاع القياسي في هجمات القرصنة قد يمهد لهجوم إلكتروني كبير

Independent عربيةمنذ يوم واحد

أثناء وقوفه على متن حاملة الطائرات في نهر هدسون بنيويورك خلال عام 2012، حذر وزير الدفاع الأميركي آنذاك ليون بانيتا من هجوم وشيك قد "يشل الأمة ويصدمها". وأشار أن ذلك الهجوم لن يأتي من الجو أو البر، بل من الفضاء الرقمي.
وحينذاك، زعم بانيتا أن "هجوماً سيبرانياً قد تعده دول أو مجموعات متطرفة، ويحدث من الدمار ما يوازي هجمات الـ11 من سبتمبر". وأشار إلى موجة حديثة من عمليات القرصنة البارزة، التي كشفت عن مدى هشاشة البنية التحتية الحيوية الرقمية بصورة متزايدة.
وأضاف بانيتا، "قد يخرجون [الهاكرز] قطارات المسافرين عن مساراتها، ولعل الأخطر من ذلك يتمثل في إخراج قطارات محملة بمواد كيماوية قاتلة عن مسارها. وقد يلوثون مصادر المياه في المدن الكبرى، أو يقطعون التغذية بالشبكة الكهربائية عبر مساحات واسعة من البلاد".
وأشار ذلك الخطاب إلى حقبة جديدة من الأعمال الحربية السيبرانية، وحدوث تغيير جذري في طرق مقاربة الدول والشركات للأمن السيبراني. وكذلك مثل الخطاب المرة الأولى التي يقر فيها مسؤول رسمي كبير علانية بالخطر الوجودي المنبثق عن القراصنة، حال امتلكوا القدرة على شن ما بات يشار إليه بـ"الهجوم الكبير الموعود".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن حينه، شكلت السيناريوهات التي توقعها بانيتا حبكة درامية لعدد من أفلام هوليوود ومسلسلات التلفزة، بما في ذلك العمل الضخم الذي صنعته شركة "نتفليكس" وحمل اسم "هجوم يوم الصفر" Zero Day. ولحسن الحظ، لم يشهد العالم الفعلي تحقق أي من تلك السيناريوهات أو حتى ما يضاهيها.
تمثلت الاختراقات السيبرانية سابقاً بالخبث، وركزت في الغالب على أفراد ومنظمات، بأكثر من استهدافها صناعات بأكملها. لكن في الأشهر الأخيرة، تصاعدت هذه الهجمات إلى مستويات قياسية.
فقد طاولت عمليات قرصنة كبرى هذا العام عشرات الملايين من البريطانيين بصورة مباشرة، وتأثر ملايين آخرين بصورة غير مباشرة عبر توقف عمل مواقع إلكترونية أو توقف الخدمات أو حتى فراغ رفوف المتاجر. وفي هذا الأسبوع وحده، كشف عن أن بيانات أكثر من مليون مستخدم لنظام المساعدة القانونية "ليغال إيد" Legal Aid تسربت، وسبق ذلك اختراق سيبراني طاول بيانات 10 ملايين من زبائن المحلات الكبرى التابعة لـ"ماركس أند سبينسر"، إضافة إلى 20 مليوناً من تعاونية "كو أوب".
وشملت البيانات التي سطت عليها تلك الهجمات، التفاصيل الشخصية العادية كالاسم وتاريخ الميلاد والعنوان، إضافة إلى معلومات حساسة يمكن أن تتسبب بالأذى على غرار السجلات الجنائية وتفاصيل عن ضحايا العنف المنزلي.
تأتي هذه الهجمات ضمن موجة متزايدة من الحوادث السيبرانية الخطرة، إذ أفادت شركات عدة للأمن الإلكتروني بأن الربع الأول من عام 2025 شهد عدداً قياسياً من هجمات الفدية. [يعمد منفذو بعض الهجمات السيبرانية إلى اختراق نظام عمل الكومبيوتر المستهدف، ويزرعون فيه شيفرة خبيثة، ثم يطلبون فدية لقاء إزالتها]. وأظهر بحث أجرته شركة "شيك بوينت" Check Point أن ما يربو على نحو ألفي هجمة سيبرانية شنت أسبوعياً ضد منظمات عدة، مما يمثل زيادة بنحو 50 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأرجع خبراء في الأمن السيبراني ذلك التصاعد المفاجئ للهـجمات إلى تضافر عدد من الظروف، وحذر بعضهم من أن الوضع من المرجح أن يصبح أكثر خطورة خلال الأشهر المقبلة.
ويقول سبينسر ستاركي لـ"اندبندنت"، وهو أحد المديرين التنفيذيين في شركة "سونيك وول" SonicWall المتخصصة في الأمن السيبراني، إن "هذه الطفرة حفزتها تضافر عوامل متزامنة هي الرقمنة السريعة للصناعات، وزيادة الاعتماد على أنظمة الطرف الثالث، وصعود مجموعات الجرائم الإلكترونية المنظمة للغاية والمدفوعة بالعامل المالي".
وأضاف "من المرجح أن يتدهور الوضع قبل أن يشرع في التحسن، ويتفوق المهاجمون على المدافعين في سرعة الابتكار، ولا يزال عدد من المنظمات يلهث للحاق بذلك الإيقاع".
سبب آخر وراء التصعيد الأخير هو أن أدوات القرصنة أصبحت أرخص وأسهل في الاستخدام، هناك أدوات متطورة يمكن استخدامها في تنفيذ هجمات ضخمة متاحة على الويب المظلم (دارك ويب) أو من خلال تطبيقات مثل "تيليغرام" بمبلغ يبدأ من 50 دولاراً. بعض الأدوات، مثل روبوت الدردشة الخبيث "وورم جي بي تي" WormGPT، يتوافر مجاناً على الإنترنت، ويمكن استخدامها لتنفيذ عمليات احتيال واسعة النطاق وهجمات الهندسة الاجتماعية [وهي نوع من الهجمات السيبرانية التي تعتمد على التلاعب النفسي بالضحايا، بدلاً من الثغرات التقنية في الأنظمة. الهدف هو خداع الأشخاص لدفعهم إلى الكشف عن معلومات سرية، أو تنفيذ إجراءات معينة، أو النقر على روابط ضارة].
وانعكس انتشار تلك الهجمات في أرقام صدرت الشهر المنصرم عن خدمة "تسيفاس" Cifas المتخصصة في الوقاية من الاحتيال التي أبلغت عن عدد قياسي من حالات الاحتيال في الهوية في المملكة المتحدة. وفي بعض الحالات، خسر الضحايا مئات آلاف الجنيهات الاسترلينية التي ذهبت إلى المحتالين.
تهديد آخر عاد للظهور هذا الأسبوع بصورة مقلقة، يتمثل في شبكة روبوتات (بوت نت) botnet جديدة قادرة على التسبب في دمار رقمي غير مسبوق. فقد وصفها أحد باحثي "غوغل" بأنها أداة قادرة على "القضاء على معظم الشركات"، بعد أن استعرض القراصنة قدراتها في هجوم استغرق 45 ثانية فقط، طاول موقع المحقق المتخصص في الجرائم الإلكترونية براين كريبس.
وتتكون شبكة الـ"بوت نت"، من ملايين الأجهزة الإلكترونية المخترقة تمتد مروحتها من الثلاجات المنزلية الذكية إلى كاميرات المراقبة الأمنية. ومن المستطاع توجيه تلك الأجهزة كلها في تنفيذ "هجوم حجب الخدمة" distributed-denial-of-service، اختصاراً "دي دوس" DDoS، ضد مواقع وخدمات شبكية، مما يؤدي إلى إغراقها بحركة مرور هائلة وإخراجها عن الخدمة.
وسميت هذه الشبكة الروبوتية التي نفذت هجوم الـ45 ثانية، "أيسورو" Aisuru. وتتميز بأنها تفوق بـ10 أضعاف شبكة "ميراي" Mirai المشابهة لها التي اجتاحت الإنترنت عام 2016. وبحسب المحقق كريبس، قد تتمكن "أيسورو" في وقت قريب، من إطلاق "هجمات رقمية مدمرة لا تصمد في وجهها سوى قلة من المواقع على الإنترنت".
وبالفعل، لقد رصد باحثون في أمن الشبكة العنكبوتية مجموعة من المجرمين السيبرانيين يروجون داخل منتديات غير مشروعة لـ"أيسورو" كخدمة للإيجار لتنفيذ هجمات "دي دوس" بكلفة تبدأ من 150 دولاراً في اليوم.
وكذلك يحذر خبراء من أن تلك الميول مجتمعة، إضافة إلى التصاعد اللامتناهي لنقاط الضعف في الفضاء السيبراني، قد تشكل نذراً مبكرة لحدوث كارثة سيبرانية تماثل "الهجوم الكبير الموعود".
ويقول فيل تونكين، مدير التكنولوجيا الميداني في شركة "دراغوس" Dragos المتخصصة في الأمن السيبراني للبنى التحتية الوطنية: "هذا ليس مبالغة". وكشف تقريرها الأخير، الصادر يوم الأربعاء الماضي، عن ارتفاع كبير في حوادث برامج الفدية التي تستهدف القطاعات الحيوية خلال الربع الأول من هذا العام.
وبحسب تونكين، "مع تزايد ترابط [أنظمة الكمبيوتر]، نشهد أن هجمات الفدية الروتينية بات لها تأثيرات تشغيلية كبيرة. قد لا يكون 'الهجوم الكبير' دراماتيكياً، بل مجرد فشل واسع النطاق نتيجة هجوم يصيب النظام الخطأ في التوقيت الخطأ".
ويتفق مع هذا التقييم سبينسر ستاركي المدير في شركة "سونيك وول"، الذي يشير إلى أن المشهد السيبراني لا يمكن التعرف عليه تقريباً منذ أن دق وزير الدفاع بانيتا ناقوس الخطر للمرة الأولى في شأن كارثة رقمية وشيكة.
ووفق ستاركي، "إن خطر شن هجوم واسع النطاق ضد بنية تحتية حساسة ومحورية، لم يعد مجرد افتراض نظري. إن التقنيات المستعملة في اختراق قطاعي الخدمات القانونية والبيع بالتجزئة – مثل سرقة الهوية، وهجمات الفدية، والتنقل الأفقي داخل الأنظمة – هي ذاتها القادرة على شل أنظمة الصحة العامة، والمرافق، والحكومات".
ويختم بالقول: "صحيح أننا لم نشهد بعد كارثة إلكترونية كبرى و'غير متوقعة' على نطاق واسع في المملكة المتحدة، لكن تسارع وتيرة هذه الهجمات يجعل السؤال ليس إن كانت ستحدث، بل متى ستحدث".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العميد الوالي يعزي مدير الشؤون القانونية في الحزام الامني بوفاة والدته
العميد الوالي يعزي مدير الشؤون القانونية في الحزام الامني بوفاة والدته

حضرموت نت

timeمنذ ساعة واحدة

  • حضرموت نت

العميد الوالي يعزي مدير الشؤون القانونية في الحزام الامني بوفاة والدته

4 مايو/ خاص بعث القائد العام لقوات الحزام الأمني، العميد محسن الوالي، برقية عزاء ومواساة إلى العميد ماجد الطويل، مدير الادارة العامة للشؤون القانونية بقوات الحزام الأمني، في وفاة والدته المغفور لها بإذن الله. وعبّر العميد الوالي في البرقية عن خالص تعازيه وصادق مواساته للعميد الطويل وكافة أفراد أسرته الكريمة. سائلاً الله أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته، وأن يسكنها فسيح جناته، وأن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان. 'إنّا لله وإنّا إليه راجعون'

الرئيس الزُبيدي يُعزّي محمد يور بوفاة نجله
الرئيس الزُبيدي يُعزّي محمد يور بوفاة نجله

المجلس الانتقالي الجنوبي

timeمنذ 2 ساعات

  • المجلس الانتقالي الجنوبي

الرئيس الزُبيدي يُعزّي محمد يور بوفاة نجله

بعث الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي برقية عزاء ومواساة إلى الأخ محمد مثنى علي يور عزاه فيها بوفاة نجله الطفل عيدروس. وعبّر الرئيس الزُبيدي في برقيته عن خالص تعازيه ومواساته لمحمد يور وأفراد أسرته كافة، ومشاطرته لهم أحزانهم في مصابهم الأليم. وابتهل الرئيس الزُبيدي في ختام برقيته إلى الله العلي القدير بأن يتغمد الطفل عيدروس بواسع رحمته، وأن يجعله شفيعا لوالديه، وأن يعصم قلوب والديه وأهله وذويه بالصبر والسلوان. إنّا لله وإنّا إليه راجعون

الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل الأكتوبري حسن علي نصر كليب
الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل الأكتوبري حسن علي نصر كليب

حضرموت نت

timeمنذ 2 ساعات

  • حضرموت نت

الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل الأكتوبري حسن علي نصر كليب

بعث الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، برقية عزاء ومواساة في وفاة المناضل الأكتوبري حسن علي نصر كليب، الذي وافته المنية بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال الوطني. وأعرب الرئيس القائد عن خالص تعازيه وعظيم مواساته لأبن شقيق الفقيد حسن محسن علي نصر كليب ولأسرة الفقيد وذويه ومحبيه كافة بهذا المصاب الأليم، مشيدا بمناقب الفقيد ودوره النضالي المشهود كأحد رجالات ثورة أكتوبر المجيدة. وابتهل الرئيس الزُبيدي في ختام برقيته إلى المولى عز وجل بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store