
في أكنافهن حياة
جفرا نيوز -
بشار جرار
يا سعد من كانت أيامه كلها أعيادا. ويا عز من كان لصاحبة العيد عنده عيدان. ويا بشرى لمن جعل كل يوم في كنفها عيدا يحتفل به، فلا ينقطع الاحتفاء بها أبدا.
أخط هذه السطور ثاني آحاد أيار، وهو في أمريكا عيد الأم. ولأمهات الأمريكيين والمقيمين في بلاد العم سام المنحدرين من أصول مشرقية التي سماها الاستراتيجيون يوما ما الشرق الأدنى فالشرق الأوسط، لأولائي الأمهات عيدان.
للمتزوجين يصير عيد الأم الآذاريّ -في الواحد والعشرين من آذار- أربعة أعياد في ذلك اليوم، حيث يشار إلى والديْ الزوجة بالأم والأب أيضا. فتبقى الكفة راجحة لصالحهن لا حُرمنا رضاهن، ويكون حظ أم الزوجة وأم الزوج حظيّ الأبوين، والخير كما يقال «خيرين»!
رضى الوالدين كما هو معروف في الأديان كلها لا يتجزأ، وإن تباين التركيز وفق سياقات النصوص الدينية، وحيا أو نقلا أو تأويلا. «أكرم أباك وأمك» رابع الوصايا العشرة. قدّمها رب الأرباب سبحانه رب العالمين على وصية «لا تقتل». وكأني أرى من معانيها أن إكرام -وليس مجرد الإرضاء- هو أعلى منزلة من الحفاظ على حياة البشر، كل البشر. فمكتوب أيضا في الكتب السماوية، في العهد القديم من الكتاب المقدس والقرآن الكريم أنه «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا». وفي المصحف الشريف نقرأ الإرشاد المشدد بأن «لا تقل لهما أفّ». تلك «الأفّ» صارت في زمن الصور الانطباعية الحركية على الألواح الذكية «إيموجي» بلهاء خرقاء كتلك التي تدور في محاجر العيون وتتسمر الأحداق إلى الأعلى كناية عن الملل «التأفُّف»، و»الصبر والأناة» كما في العهد الجديد من الكتاب المقدس محبة.. كبُرَ مقتا عند الله ذلك العقوق. ما عاد وجاهيا فقط، بل صار «سايبريّا» أيضا لا يخلو من «الهايبر»!
بين الفينة والأخرى، تداهمنا كتسونامي أرضي-سماوي أخبار تتعلق بدور المسنين أو رعاية كبار السن، بصرف النظر عن تسمياتها، فلكل ثقافة وحالة لها من المعنى والحكم أمام الضمير الإنساني، والأهم بين يدي الديّان وحده. كما تحمي الدولة عبر سلطتيها التشريعية أولا ومن ثم التنفيذية والقضائية الصغار، كذلك تحمي الكبار. في الحديث الشريف «ليس منّا من لا يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا». الكبار ليسوا فقط كبار السن، ثمة كبار القدر وكبار الشأن من ذوي الهمم وأولي العزم.
من أكرم وأعز من الأمهات والآباء؟ من جعل من حبه لوالديه وسعيه لرضاهما في الدنيا والآخرة، أمرا خاصا-عاما يعني كل أم في وطنه، لا بل وأمهات الدنيا كلها، فيجعلهما أول الأولويات إلى جانب القضايا السياسية والاقتصادية الكبرى التي تكاد تشغل 99% من إعلامنا وصحافتنا التي لا بد أن تسترد ميزتها النوعية، بأن تكون المحلية شأنها الأول، وشغلها الشاغل..
مُقدّرٌ تصدي التشريعات والإجراءات لحالات مازالت ولله الحمد شاذة، مثل العنف الأسري التقليدي كالإيذاء الجسدي واقتراف أبشع الجرائم وتكاد كلها تكون جراء تعاطي السموم المسماة المخدرات، لكن ماذا عن الاشتباك الاستباقي مع العنف البطيء الممنهج الممعن بالإيذاء النفسي «كسر الخاطر» والمفضي إلى القتل وإن كان بسكتة أو «جلطة» لا يصح أبدا أن تكون اسما لبرنامج فكاهي!؟
إنها القطيعة، وهي أكبر من مجرد الصورة التقليدية النمطية عن «صلة الرحم». ليست المسألة هدية ولو كانت ماسة ملء اليد أو أونصة في زمن الاستثمار في الذهب لمواجهات عاديات الزمن. تبقى هدايا مادية وموسمية، سواء في عيد الأم أو أي مناسبة دينية أو اجتماعية.
كل يوم نعيش فيه في كنف، بل في أكناف أمهاتنا ولو عن بعد، عيد نحيا به وتحيا معه أسرنا ومجتمعاتنا وأوطاننا. إدامة التواصل لا الاتصال، إدامة التواصل النوعيّ مع الأمهات خاصة من باعدت بينهن وبين فلذات أكبادهن هذه الدنيا في هذا الزمن، واجب يجب أن يحاسب المقصر على تركه أيا كان، وهناك أدوات تشريعية وإجرائية بيد الحكومات، إن حرصت على أداء واجبها في حماية الوطن ورعايته.
أولسنا كلنا كبشر على اختلاف الثقافات نشير إلى بلادنا، على الوطن بأنه الأم؟ العقوق والرضى كلٌ لا يتجزأ. وغير صحيح أبدا، أن السلوك الشخصي غير المهني أو الوطني. كلها تدل على بعضها بعضا. وللمتخصصين -ولا أذيع بذلك سرا- للمتخصصين في استخراج التصريحات الأمنية، عالية المستوى للمناصب القيادية العليا في القطاع الخاص أو العام في عدد من الدول من بينها أمريكا، تدقيق خاص بأهم جانب في السيرة الذاتية، ألا وهو كيف يتصرف ذلك المُستطلَعُ أمره الذي ستأتمنه الأمة على مقدراتها وشؤونها، كيف يتعامل مع أهل بيته. مازالت القاعدة الذهبية هي «خيركم خيركم لأهله»..
ليست صدفة في بلاد العم سام، أن يكون أداء القسم بحضور أفراد الأسرة كلها لمن يحظى بتسمية الرئيس وتثبيت الكونغرس على منصب عام.. تقليد بدأ قبل ثمانية وتسعين عاما في عهد الرئيس الثلاثين للولايات المتحدة، كالفِن كوولِدج.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 40 دقائق
- خبرني
الحاج رشيد حسين ملحم ابو رائد في ذمة الله
خبرني - بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، ننعى وفاة الحاج رشيد حسين ملحم (أبو رائد)، الذي انتقل إلى جوار ربه، وسيوارى جثمانه الثرى يوم الأربعاء بعد صلاة العصر في بلدة جديتا، نسأل الله عز وجل أن يغفر له، ويرحمه، ويتقبله مع الصالحين، ويجعل مثواه الجنة، وأن يربط على قلوب ابناءه وأهله وأحبّته، ويلهمهم الصبر والسلوان.


خبرني
منذ 2 ساعات
- خبرني
الدكتور محمود بن طريف ينعى جدته الحاجة نجلا النسور
خبرني – نعى الدكتور محمود بن طريف، بمزيد من الحزن والأسى، وفاة جدته المرحومة الحاجة نجلا أحمد سليمان أبو خرما النسور، زوجة المرحوم بإذن الله الحاج محمود ذيب بن طريف. و كتب الدكتور محمود بن طريف: 'بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، أنعى جدتي الغالية، الحاجة نجلا أحمد أبو خرما النسور، التي فارقت دنيانا عن عمر ناهز التسعين عامًا، قضته في طاعة الله، وفي بذل الخير ستبقى صورتكِ النقية، وكلماتكِ الطيبة، ودعواتكِ الصادقة، حاضرة فينا ما حيينا. رحيلكِ ليس فراقًا، بل انتقال إلى رحمة أوسع و عداله أرحم و داراً خيراً من دارنا. أسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يسكنك فسيح جناته، وأن يجعل قبركِ روضة من رياض الجنة، ويجزيكِ عنّا خير الجزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون.


خبرني
منذ 2 ساعات
- خبرني
الأردن .. عبدالودود بشير الشيخ ياسين (ابو سلطان) في ذمة الله
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۞ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۞ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۞ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ خبرني - بقلوب راضية مسلِّمة بقضاء الله وقدره، نعى ال الشيخ ياسين وال مرعي فقيدهم وعميد العائلة الحاج عبد الودود بشير الشيخ ياسين (ابو سلطان) والد سلطان وسعد وسيف وسها وسناء وسمر وتقام صلاة الجنازة غدا الاربعاء بعد صلاة الظهر من مسجد مقبرة سحاب الاسلامية والدفن في مقبرة العائلة الخاصة في سحاب فيما تقبل التعازي لمدة ثلاث أيام اعتبارا من يوم غدا الاربعاء بعد الساعه الرابعه مساءً للرجال و النساء ولغاية التاسعة في جمعية صفد الخيرية شارع الاميرة بسمة وادي عبدون رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه و ألهمنا الصبر والسلوان و ربط على قلوبنا و آجرنا في مصيبتنا و أخلفنا خيرا منها ولا نقول إلا ما يرضي الله