logo
«فرحًا مع الفرحين»... عيد قيامة مجيد

«فرحًا مع الفرحين»... عيد قيامة مجيد

العرب اليوم٢١-٠٤-٢٠٢٥

البيتُ الذى تسكنه المودةُ والرحمةُ ويتحابُّ سكّانُه، لا تعرفُ جدرانُه الشقاقَ ولا التصدّع، ويعيشُ مقاومًا التحدياتِ والنوازلَ. كذلك الأوطان. مستحيلٌ أن يتقوّى وطنٌ ويصمد فى مواجهة العداءات الخارجية، فيما أبناؤه ليسوا على بساط التحاب والتواد واللطف فى التعامل. قوةُ أى دولة، ليست وحسب فى بسالة جيشها، بل كذلك فى تماسك شعبها ووقوفه صفًّا واحدًا لا شقاق فيه ولا صدوع. ولهذا فأنا فى غاية السعادة لأننا اليوم نعيش تلك اللحظة المشرقة التى طالما حلمتُ بها وكتبتُ عنها وناديتُ بها: أن نتحابَّ، نحن المصريين، ونتوادَّ رغم اختلاف عقائدنا، كما علّمتنا الأديانُ. كلما تعمّق المرءُ فى دينه، وذاق حلاوةَ إيمانه، احترمَ عقائدَ الآخرين لأنه يعرف أنهم، مثله، يتذوقون حلاوة إيمانهم. هكذا الحكاية ببساطة.
وللحقِّ كان للرئيس «عبدالفتاح السيسى» عظيمُ الفضل فى هذه اللحظة الطيبة التى نعيشها الآن، حين دخل الكاتدرائية لتهنئة مسيحيى مصر فى عيدهم فى بواكير ولايته. وصارت سُنّة طيبة لم تنقطع فى أى عام، وسوف تظلُّ هذه السنّة بإذن الله فى مقبل الأيام. حين يؤمن الحاكمُ ويقرُّ بأن «الوطن للجميع» ويقف على «مسافة متساوية» من أبناء الوطن، ففى ذلك رسالةٌ ناصعة يتعلمها الشعب فتخفُّ حدّة التوترات الطائفية تدريجيًّا حتى تختفى، ويصفو وجهُ الوطن. وهذا ما كان حتى وصلنا إلى اللحظة الجميلة الراهنة، حيث احتشدت وسائلُ الإعلام والصحف والمواقع الإخبارية بتغطيات إعلامية من جميع كنائس مصر لقداسات عيد القيامة المجيد، الذى احتفل به أصدقاؤنا المسيحيون بالأمس وأفطروا بعد صيام دام ٥٥ يومًا. وفى هذا حدثت طرائفُ جميلةٌ لا حصر لها، منها سائق ميكروباص أدار كاسيت سيارته ليذيع القداس، وعلى التابلوه الأمامى مصحفٌ وسجادةُ صلاة، فسألوه: «هو أنت مسيحى؟». فأجاب: «لا أنا مسلم، بس ممكن يكون حد من الركاب مسيحى، فلازم يعيش لحظة فرحه بالعيد!»، أرأيتم مستوى التحضر والرقى وسلامة الطوية؟! هذا رجل متحضر مهما كان مستوى تعليمه. فالتحضرُ هو السعة وعلو المدارك ونظافة القلب. ومن تعريفات الحضارة: «رقة التعامل مع الآخر». فتفرح إذا فرحوا، وتشاطرهم الأحزانَ إذا ألم بها مصابٌ. ومن آيات الإنجيل فى التآزر والتضام: «فرحًا مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين». هكذا غدونا فى مجتمعنا المصرى والحمد لله. احتشدت صفحات المسلمين بالتهنئات لأشقائنا المسيحيين نبارك لهم ونفرح معهم. هل لم يعد نفرٌ ضعيف النفس من شوّاذ الآفاق الذين يجيدون تسميم الأرواح وجرح المشاعر؟!، نعم بالتأكيد مازالوا هناك يمارسون هوايتهم الأثيرة فى تعكير صفو مصر وتلبيد سمائها بغيوم الكراهية. لكنهم اليوم أخفتُ صوتًا لأن الشرفاء لهم بالمرصاد.
فى أعياد أشقائنا المسيحيين أمامك خياران لا ثالث لهما، إما أن تكون لطيفًا وراقيًا فتهنئهم وتتمنى لهم عيدًا سعيدًا، أو أن تصمتَ الصمت الجميل. أما البديل الثالث فمرفوع وغير موجود وغير كريم، وهو أن تحاول قتل فرحتهم بعيدهم، وتُسمعهم ما لا تحب أن تسمع، وهذا السلوك الرخيص لم يعد مقبولا ولا مسموحًا به فى مصرنا الراهنة. فمصرُ وطنٌ نُسج بخيوط المسلم والمسيحى، وارتوت أرضُها بدماء المسلم والمسيحى فى معارك البقاء والكرامة. فمثلما تجمعنا المحنُ والأحزان، كيف لا تجمعنا الأفراح والأعياد. فالعيد لا يكون عيدًا إلا حين يُضىء بيوتَ الجيران كما يُضىء بيتك.
تأملوا ماذا يفعل أشقاؤنا المسيحيون فى رمضان وعيدى الفطر والأضحى! تمتلئ صناديقُ رسائلنا بالتهنئات وتحتشد صفحاتهم بالمباركات. تلك الروح الطيبة، هى التى تبنى الأوطان وتصونها، وهى التى ينبغى أن نقابلها بوفاء مماثل: أن نحتفل بعيد القيامة مع إخوتنا كما يحتفلون معنا بأعيادنا، وأن نُرسل لهم الزهور والتهانى، وننشر الفرح فى شوارعنا وقلوبنا. المشاركة فى أعياد الآخرين ليست خيانةً لما نؤمن به، بل هى تجسيدٌ لما أمرنا به إيمانُنا من احترام الإنسان، وإكرام الجار، وصون المحبة، ورد التحية بأحسن منها.
المحبةُ لا تسقط أبدًا، بل تنجح دائمًا فى تشييد منازل الخير والسلام. فى وطنٍ مثل مصر، حيث رُفع أذانُ الفجر مع قداس العيد فى صباحات كثيرة من تاريخنا، وحيث ارتفع الهلالُ جوار الصليب على ضريح الشهيد، يصبح من الطبيعى أن نُعلى من قيمة المشاركة إيمانًا بأن الوطن لا يُبنى إلا بالمحبة والوحدة. ولهذا كان أول دروس القراءة ونحن صغار: «الاتحاد قوة».
عيد القيامة المجيد، فرصة لتجديد هذا العهد، وغرس بذرة أمل فى أرض مصر التى ما عرف ترابُها الطائفيةَ إلا حين خان البعضُ ترابها. فلنفرح معًا، ونحمل شموع الأعياد علّنا نضىء عتمة هذا العالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعثة حج القوات المسلحة 50 تــصــل إلـــى الـمـديـنــة الـمنــورة
بعثة حج القوات المسلحة 50 تــصــل إلـــى الـمـديـنــة الـمنــورة

الدستور

timeمنذ 7 ساعات

  • الدستور

بعثة حج القوات المسلحة 50 تــصــل إلـــى الـمـديـنــة الـمنــورة

عمان وصلت بعثة حج القوات المسلحة الأردنية 50 إلى المدينة المنورة، أمس الأول الخميس، استعداداً لتأدية مناسك الحج لهذا العام، وأدّى أفرادها الصلاة في رحاب المسجد النبوي الشريف، إضافة إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وروضته الشريفة. وأكد رئيس بعثة القوات المسلحة الأردنية، أن جميع أعضاء البعثة بخير، ويقيمون حالياً في المدينة المنورة، مضيفاً أن تفويج البعثة إلى مكة المكرمة سيتم اعتباراً من يوم غد الأحد. يشار إلى أن القوات المسلحة الأردنية تعمد على إرسال بعثات الحج والعمرة سنوياً، استمراراً لمكارم الهاشميين لأبناء الجيش المصطفوي من متقاعدين عسكريين وعاملين وعائلاتهم، لما لها من أثر إيجابي في نفوس منتسبيها وبما ينعكس على عطائهم وخدمتهم لوطنهم وأمتهم.

المومني ينعى  الزميل محمد الخطايبة
المومني ينعى  الزميل محمد الخطايبة

الدستور

timeمنذ 7 ساعات

  • الدستور

المومني ينعى الزميل محمد الخطايبة

عمان نعى وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، الصحفي السابق في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل محمد الخطايبة، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، أمس الجمعة. واستذكر المومني، مناقب الفقيد ودوره في المشهد الإعلامي المحلي والعربي إذ عمل صحفيًا في وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ومراسلاً صحفيًا للعديد من الصحف والمؤسسات الإعلامية العربية. وأعرب المومني، عن أصدق التعازي والمواساة لعائلة الفقيد ولعموم الأسرة الصحفية والإعلاميّة الأردنية، سائلاً المولى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. كما نعت مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميلة فيروز مبيضين وأسرة الوكالة، المرحوم الخطايبة، مستذكرة مناقب الفقيد وجهوده في تطوير العمل الصحفي بالوكالة والمواقع التي شغلها، متقدمة من ذوي الفقيد والأسرة الصحفية بأحر التعازي، داعية المولى تعالى، أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه.

محمد الخطايبة يضع قلم الصِّحافة بعد 40 عامًا ..
محمد الخطايبة يضع قلم الصِّحافة بعد 40 عامًا ..

عمون

timeمنذ 8 ساعات

  • عمون

محمد الخطايبة يضع قلم الصِّحافة بعد 40 عامًا ..

عمّون - نحو 40 عامًا قضاها الزميل الصحافي محمد الخطايبة في الصحافة والإعلام، لكنَّه اليوم يرحل بعد أكثر من سبعة عقود في الحياة وينتقل إلى رحمة الله، واضعًا قلم الصِّحافة الذي كتب به طويًلا وترك إرثًا كبيرًا للأجيال من بعده يتعلمون منه ويكتبون، فقد كان نموذجًا فريدًا في كتابة الأخبار الصحافية وتحريرها، ولمَّاحًا لكثير من الزوايا الصحفية الدقيقة. رحلة الخطايبة في عالم الصِّحافة بدأت في نهاية ثمانينيات القرن الماضي كما رواها رفاقه ومن زاملوه في ميدان العمل بدءًا من العام 1988 من قريته إزمال في لواء الكورة بمحافظة إربد إلى العاصمة عمَّان ثُمَّ مديرًا لمكتب جريدة الاتحاد الإماراتية لسنوات عديدة، لكنَّ أحد أكثر المواقف ارتباطًا بذاكرة رفاقه كان يوم أن نشرت قناة "إي بي سي" الأمريكية قبل نحو 40 عامًا مقطعًا مصورًا للخطايبة وهو يبكي فرحًا لحظة إعلان الرئيس الفلسطيني السَّابق ياسر عرفات قيام الدَّولة الفلسطينية. يقول مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الأسبق الزَّميل عبد الله العتوم وهو يتبع جثمان رفيق دربه الخطايبة إلى مثواه الأخير في قرية ازمال بلواء الكورة إنَّ محمد كان صحافيًا ومحررًا مهنيًا وموضوعيًا، وهو من أبرز الصحافيين على مستوى الأردن وهو خسارة للوسط الصحافي ولبلادنا لكنها إرادة الله. ويتذكر العتوم كثيرًا من سنوات علاقته بالخطايبة الذي كان أكثر من صديق وصحافي بل إنه أخ كبير كان يمتلك من الصفات والسجايا الطيبة ما يجعله مقربًا من الجميع، وكتب كثيرًا وكان خير من يمثل الإعلام عند أي تغطية يقوم بها، وكان من أكثر الأشياء التي يتذكرها العتوم عن الخطايبة أنَّه كان يؤدي التحية له كلما مرَّ من عنده. "40 عامًا من المعرفة المهنية والصحفية والصَّداقة لمحمد الخطايبة" يقول الكاتب والصحافي الاستاذ سمير الحياري، ويضيف: "عرفته منذ اربعين سنة في وكالة الأنباء الأردنية "بترا" صحفيا المعيا يعمل بمهنية بارعة ويقوم بدور صحافي بارز، وكان وطنيا كبيرا وغيورًا على مؤسسات وطنه، ولم يرضى يوما بالعودة إلى الخلف خطوة واحدة". وأكد أنَّه كان يحب أن تكون الأردن متقدمة في كل شي خصوصا الاعلام، واهتم باخبارأهله الاجتماعية، ويشارك الناس في كل شيء، والتف حوله النَّاس حينما جاءه المرض اللعين، لكنه بقي رمزًا صحافيًا مهما، وسجَّل في سجل الاعلام خطوطا بارزة وعلامات فارقة وبصمات فارقة". وأكد أنَّه كان يُجيد صناعة الأخبار بصورة لافتة ولمَّاحًا جدًا ودقيقًا في كل شيئ، وكان خفيف دَّم والضحكة لا تفارق محيَّاه، وكان قريبًا من الجميع، ويكتب بدقة متناهية ويراعي المصلحة العامة ولم يبحث يومًا عن الشعبوية على حساب النوعية الاعلامية". وبين الكاتب الصحفي باسم سكجها إنَّه رافق الخطايبة منذ أكثر من ثلاثة عقود وهو صحفي لامع بكل ما تحمل المعنى من معنى، وترك إرثًا كبيرًا على كل المستويات تتعلم منه الأجيال منذ أن كان في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وحتى ترك قلم الصحافة وغادر الحياة الدنيا، ليكون نموذجًا كبيرًا من نماذج الإعلام الأردني المبدعة. ولفت إلى أنَّ والده ابراهيم سكجها كتب مقالًا قبل أكثر من 30 عامًا، روى فيه قصَّة دموع الخطايبة تحت عنوان"أسبوع الفرح في قصر الصنوبر" في الجزائر حيث تلا الرئيس الفلسطيني حينها ياسر عرفات وثيقة إعلان الاستقلال، وبين أن دموعه انهمرت فرحًا على اعلان استقلال فلسطين، فكان يمسح دموعه بيده اليسرى ويدون الملاحظات الصحفية بيده اليمنى، فالتقط المشهد مخرج تلفزيون ABC الأمريكي ونقل صورة الخطايبة وتناقلتها وسائل الإعلام حينها بشكل لافت وكبير. وعاد سكجها إلى أرشيفه وأرسل عددًا من الصور التي التقطها للزميل المرحوم الخطايبة، حيث قال إنَّ الرحلة مع الخطايبة طويلة ومليئة بالذكريات فقد كنَّا خمسة من الرفاق نجتمع على الدوام، وهم أنّا وأحمد سلامة وعبدالله العتوم وسمير الحياري مع حفظ الألقاب لهم جميعًا، كنا دائمًا نستمتع برفقته وحديثه الجميل. واستذكر نقيب الصَّحفيين الأردنيين الزميل طارق المومني في بيان للنقابة مراحل حياة الزميل الخطايبة والتي أمضاها في البذل والعطاء في سبيل رقي مهنة الصحافة، وكان مخلصًا لوطنه ومهنته التي عمل لأجلها في مواقع عدَّة داخل الأردن وخارجه. وتذكر المومني كثيرًا من مناقب الزميل الخطايبة في الحياة، وأنه كان قريبًا من الجميع وترك إرثًا صحافيًا كبيرًا وكان أنموذجًا وقدوة ويحمل سجايا طيبة كثيرة. وقال الناطق الإعلامي باسم نقابة الصحافيين الأردنيين الزميل راشد العساف إنَّ مجلس النقابة نعى الزميل محمد الخطايبة سائلًا الله تعالى أن يرحمه ويغفر له وأن يُلهم أهله وذويه الصَّبر والسلوان. الزميلة والصحافية فلحة بريزات قالت إنَّها تتذكر محمد الخطايبة في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وعملت معه وهو صحافي مهني ومحرر مهم ووفي لمهنته وللإعلام بشكل لافت، وكان أكثر ما يلفت النَّظر في محمد أنَّه يأخذ الحياة بشكل ساخر ويمتلك سجايا طيبة جعلت الجميع يُحبَّه. واستذكر صحافيون أردنيون مناقب الفقيد على منصَّات التواصل الاجتماعي ورحلته الصحفية الطويلة، وفي أماكن العمل التي انتقل إليها، وحتى مشاركته الأخيرة في اختيار نقيب وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، رغم أنه كان يتلقى العلاج من مرض السرطان إلا أنه لم يتراجع يومًا عن خدمة المشهد الوطني الإعلامي والصحفي وأسهم قبل رحيله في إتمام العملية الديمقراطية التي تمثلت بانتخابات نقابة الصحفيين الأردنيين. وأكدت أنَّ الوسط الصحفي يفتقد اليوم الزميل الخطايبة لكنَّ إرثه كبير في عالم الصحافة ومواقفه النبيلة كثيرة، وهو نموذج وطني أسهم بشكل كبير في إثراء المشهد الإعلامي الوطني، وأكثر ما قد يمكننا قوله اليوم هي دعواتنا له بالرحمة والمغفرة وهي مشيئة الله في هذه الحياة. وشارك عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين بعد صلاة عصر اليوم في تشييع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير في قرية إزمال بلواء الكورة في محافظة إربد. (بترا - بركات الزِّيود)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store