
أعماق مكتبة المتحف.. «واحة سيوة» مخطوطات نادرة بـ«خط اليد»
في أعماق مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، بين رفوف تزخر بالمخطوطات النادرة والمجلدات التي تحمل أسرار الماضي، توجد إحدى المقتنيات الثمينة التي تعكس عبقرية وإسهامات أحد أعظم علماء الآثار المصريين، الدكتور أحمد فخري.
إنها مذكراته ومسودات تصحيح النسخة الأصلية من كتابه الشهير " واحة سيوة - SIWA Oasis"، والتي كتبها بخط يده، موثِّقًا من خلالها اكتشافاته وبحوثه حول واحدة من أكثر الواحات المصرية سحرًا وغموضًا.
تمثل هذه المذكرات نافذة نادرة على فكر الدكتور فخري، إذ تكشف عن تفاصيل ملاحظاته الحقلية، وتصويباته الدقيقة، وتأملاته حول واحة سيوة، التي تعد من أهم المواقع الأثرية والثقافية في الصحراء الغربية.
في هذا التقرير، نستعرض أهمية هذه المذكرات، ومحتواها، والدلالات العلمية والتاريخية التي تنطوي عليها، إضافةً إلى تأثيرها على دراسات علم الآثار في مصر.
◄ من هو الدكتور أحمد فخري؟
يُعد الدكتور أحمد فخري (1905 - 1973) واحدًا من أبرز علماء الآثار المصريين في القرن العشرين، وقد تميز بإسهاماته الكبيرة في دراسة المواقع الأثرية في الصحراء الغربية وسيناء، بالإضافة إلى أبحاثه حول الأهرامات المصرية. بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة برلين، شارك في العديد من البعثات الأثرية، وكان له دور أساسي في توثيق التراث الثقافي لواحات مصر، وخاصةً واحة سيوة، التي كرس جزءًا كبيرًا من أبحاثه لاستكشافها.
كتابه "واحة سيوة - SIWA Oasis" يُعد من أهم المراجع العلمية التي تناولت التاريخ والآثار والحياة الاجتماعية في هذه الواحة الفريدة. وقد استند في تأليفه إلى سنوات من البحث الميداني والتنقيب، موثقًا تفاصيل دقيقة عن المعابد، والمقابر، والتقاليد المحلية.
◄ المذكرات والمسودات – نافذة على فكر عالم آثار
1- وصف المذكرات والمحتوى
تضم المذكرات المحفوظة بمكتبة المتحف المصري عدة دفاتر تحتوي على ملاحظات بخط يد الدكتور فخري، تشمل:
تصحيحات وتعديلات على فصول الكتاب، مع إضافات تتعلق بالمواقع الأثرية التي زارها في سيوة.
رسومات وتخطيطات أولية لبعض المعابد والمقابر، تظهر فيها ملاحظات على الأبعاد والزخارف.
مذكرات يومية للبعثات الاستكشافية التي قادها، موضحًا فيها الصعوبات التي واجهها، والتفسيرات الأولية للاكتشافات.
هوامش وتعليقات شخصية حول بعض الفرضيات الأثرية، حيث يظهر تطور فكره النقدي أثناء العمل على الكتاب.
2- أهمية المسودات في دراسة واحة سيوة
تُعد هذه المذكرات وثيقة ثمينة، لأنها تتيح للباحثين فهم تفاصيل البحث الأثري الميداني الذي أجراه الدكتور فخري. ومن خلال مقارنة هذه الملاحظات مع النسخة المنشورة من كتابه، يمكن اكتشاف التطورات التي طرأت على آرائه، وكيفية تنقيحه للمعلومات قبل إصدارها رسميًا. كما تعكس اهتمامه بتوثيق التراث غير المادي للواحة، مثل العادات والتقاليد التي لاحظها أثناء وجوده هناك.
3- قيمة المذكرات في دراسة علم الآثار
تمثل هذه الوثائق نموذجًا فريدًا لكيفية عمل علماء الآثار المصريين في منتصف القرن العشرين، وتوضح المناهج البحثية التي اتبعها الدكتور فخري. كما تُظهر مدى اهتمامه بالدقة العلمية والتحليل النقدي، وهو ما يجعلها مرجعًا هامًا للباحثين المهتمين بتطور علم الآثار في مصر.
◄ واحة سيوة في دراسات الدكتور أحمد فخري
1- موقع استراتيجي وتاريخ غني
تعتبر واحة سيوة من أقدم الواحات المأهولة في مصر، وتقع في قلب الصحراء الغربية، بالقرب من الحدود الليبية. منذ العصور القديمة، كانت محطة تجارية مهمة وموطنًا لمعبد آمون الشهير، الذي زاره الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد.
2- الاكتشافات الأثرية في واحة سيوة
من خلال بعثاته الاستكشافية، تمكن الدكتور فخري من توثيق عدة مواقع أثرية هامة، أبرزها:
معبد آمون: أحد أهم المعابد المصرية القديمة، حيث يُعتقد أن كهنته تنبأوا بمصير الإسكندر الأكبر.
جبل الموتى: مقبرة تاريخية تحتوي على العديد من المقابر المنحوتة في الصخور، والتي تعود إلى العصر الفرعوني والروماني.
قلعة شالي القديمة: مدينة طينية مهجورة تعود إلى العصور الوسطى، وتعتبر من أبرز معالم سيوة التاريخية.
اقرأ أيضا|
3- تأثير دراساته على علم الآثار
ساهمت أبحاث الدكتور فخري في تعزيز الاهتمام الدولي بواحة سيوة كوجهة أثرية وسياحية. وقد ساعدت ملاحظاته الميدانية في تحسين فهمنا لطبيعة الحياة في الواحات المصرية، ودورها في التاريخ المصري القديم.
◄ دور مكتبة المتحف المصري في حفظ التراث العلمي
1- كنوز معرفية داخل المكتبة
تُعد مكتبة المتحف المصري بالقاهرة واحدة من أهم المكتبات المتخصصة في علم المصريات، حيث تضم آلاف الكتب، والمخطوطات، والمجلات العلمية. ومن بين هذه الكنوز، تحتل مذكرات ومسودات الدكتور أحمد فخري مكانة مميزة، نظرًا لقيمتها العلمية والتاريخية.
2- أهمية الحفاظ على المذكرات الأصلية
بفضل الجهود المستمرة للحفاظ على هذه المقتنيات، يمكن للأجيال القادمة الاستفادة منها في أبحاثهم. ويعد الحفاظ على المذكرات المكتوبة بخط اليد أمرًا بالغ الأهمية، لأنها توفر رؤية مباشرة لأسلوب التفكير والتحليل العلمي للباحثين الأوائل في علم الآثار.
3- إتاحة الوثائق للباحثين
تسعى مكتبة المتحف المصري إلى رقمنة هذه المذكرات، وإتاحتها للباحثين المهتمين بدراسة تاريخ علم الآثار في مصر، مما يسهل الوصول إلى هذه المعلومات القيمة، ويحافظ عليها من التلف.
◄ كنوز علمية
تمثل مذكرات الدكتور أحمد فخري حول كتابه "واحة سيوة" إحدى الكنوز العلمية المحفوظة داخل مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، حيث تتيح لنا استكشاف أفكاره وأساليبه البحثية في علم الآثار.
إنها ليست مجرد أوراق مكتوبة، بل سجل حي للجهود التي بذلها هذا العالم الجليل في توثيق أحد أهم المواقع الأثرية المصرية. بفضل هذه الوثائق، يبقى إرث الدكتور فخري حاضرًا في ذاكرة البحث العلمي، ملهمًا أجيالًا جديدة من علماء الآثار لمواصلة استكشاف تاريخ مصر العريق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلدنا اليوم
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- بلدنا اليوم
هل تخفي أهرامات الجيزة مدينة سرية تحت الأرض؟.. زاهي حواس يكشف الحقيقة
زعم فريق من الباحثين الإيطاليين والاسكتلنديين أنهم اكتشفوا أدلة تشير إلى وجود قاعات أمنتي الأسطورية في منطقة شاسعة تمتد تحت أهرامات الجيزة، وذلك باستخدام تقنيات متطورة لتحليل بيانات الأقمار الصناعية والرادار ذي الفتحة التركيبية (SAR). وفي هذا السياق، يلقي "بلدنا اليوم" الضوء على الادعاءات المثيرة حول وجود مدينة سرية أسفل أهرامات الجيزة، التي أثارت جدلاً واسعًا بين الباحثين وعلماء الآثار. مشروع خفرع وتقنيات للكشف عن مدينة تحت الأهرامات أُطلق على الدراسة اسم "مشروع خفرع"، بقيادة الباحثين كورادو مالانجا من جامعة بيزا الإيطالية وفيليبو بيوندي من جامعة ستراثكلايد في اسكتلندا. ووفقًا لما أعلنه الفريق البحثي، فقد أسهمت هذه الدراسة في إعادة تحديد حدود التحليل الأثري من خلال تطبيق تكنولوجيا الأقمار الصناعية لمسح المناطق غير المرئية تحت الأرض. تفاصيل اكتشاف مدينة تحت الأهرامات بالنسبة لتفاصيل اكتشاف مدينة تحت الأهرامات، أدعي الباحثون، أنهم تمكنوا من رصد خمسة هياكل صغيرة تشبه الغرف داخل هرم خفرع، حيث أظهرت التحليلات الأولية أن أحد هذه الهياكل يحتوي على تابوت كان يُعتقد سابقًا أنه يخص الفرعون. وأشار فريق الباحثين، إلى أن هذه الغرف غير معروفة سابقًا، مما يفتح الباب أمام احتمالات وجود مسارات تؤدي إلى شبكات أوسع تحت الهرم. وباستخدام بيانات الأقمار الصناعية، قام الباحثون بإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد يكشف عن وجود هياكل عميقة تحت سطح الأرض، يُفترض أنها تشمل ممرات حلزونية تمتد على مسافة تزيد عن 6500 قدم، إضافة إلى ثمانية آبار ضخمة قد تكون متصلة بشبكة تحت الأرض لم يتم استكشافها من قبل. شكوك علمية وانتقادات حادة رغم هذه المزاعم، فقد قوبلت الدراسة بتشكيك واسع النطاق من قبل علماء الآثار، حيث وصف الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار المصري الأسبق، هذه الادعاءات بأنها "خاطئة تمامًا" و"أخبار كاذبة"، مؤكدًا أن التقنيات المستخدمة في المشروع لا تتمتع بدقة علمية كافية لاعتمادها في الأبحاث الأثرية. ارتباط بالاكتشافات الأسطورية ووفقًا لبعض الباحثين، فإن تخطيط هذه الغرف المكتشفة حديثًا يتطابق بشكل ملحوظ مع الأوصاف القديمة لقاعات أمنتي الأسطورية، التي يُعتقد أنها تضم قاعة السجلات المفقودة، وهي غرفة سرية يُشاع أنها تحتوي على نصوص ومعلومات تاريخية غير مكتشفة حول الحضارات القديمة. جدل مستمر ومستقبل البحث رغم الاعتراضات العلمية، يرى بعض الباحثين أن هذه الاكتشافات قد تسلط الضوء على جوانب غير معروفة من التاريخ المصري القديم، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات الميدانية للتحقق من صحة هذه الادعاءات، ولا يزال الجدل مستمرًا حول مدى دقة هذه الاكتشافات وما إذا كانت تمثل بالفعل اختراقًا علميًا في مجال علم الآثار أم مجرد نظرية مثيرة للجدل. اقرأ أيضًا.. زاهي حواس: هذا هو سبب انخفاض السياحة القادمة لمصر وزير السياحة: نسعى لتقديم تجربة مُميّزة من خلال المتحف المصري الكبير


البشاير
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- البشاير
كمال جاب الله يكشف لكم : شغف أكاديمي صيني بالخرز المصري القديم
شغف أكاديمي صيني بالخرز المصري القديم كمال جاب الله كاتب صحفي ومحاضر جامعي [email protected] في مثل هذه الأيام من العام الماضي، 2024، زرت متحف الآثار في بكين، التابع للأكاديمية الصينية للتاريخ، ضمن برنامج مكثف، نظمه معهد الصحافة بالأكاديمية الصينية للعلوم، وذلك، للمشاركة في أعمال المنتدى الدولي الثالث للديمقراطية. المتحف يعد معلمًا تاريخيًا وثقافيًا صينيًا مبهرًا، يضم خمسة أقسام، تتيح للزائرين الاندماج بمشاعرهم – وبجميع حواسهم – مع الآثار الصينية منذ العصور القديمة، وحتى النهضة الحديثة، لأمة موحدة متعددة الأعراق، وتشكل التبادلات بين الثقافات على طول طرق الحرير القديمة سواء البرية أو عبر السفن قسمًا رئيسيًا بالمعرض. في أثناء زيارتي لمعهد الآثار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وتفقدي لأقسام المتحف – الذي فتح أبوابه للزائرين منذ عامين فقط – مرت بخاطري سيرة علمية عطرة، لمؤسس علم الآثار الصيني، وخبير المصريات، شيا ناي (1910-1985)، الذي لعب دورًا مهمًا للغاية في التبادل الثقافي والأكاديمي، بين مصر والصين. منذ 7 سنوات وتحديدًا في عام 2018، وقعت مصر والصين اتفاقية لمشروع أثري مشترك في معبد مونتو بالأقصر، وجرى وصف الحدث – وقتها – بأنه أول تعاون ثنائي في مجال التنقيب. وحقيقة الأمر، أنها لم تكن المرة الأولى، لأنه منذ أكثر من 80 عامًا، قام خبير المصريات شيا ناي – الذي شغل لاحقًا منصب مدير معهد الآثار بالأكاديمية الصينية للعلوم – بزيارتين إلى مصر، لإجراء بحوث ودراسات أثرية. السيرة الكاملة لخبير المصريات، الصيني الجليل، التي ربما لا يعلم عنها كثيرون – وجدتها – بالصدفة – في دراسة قيمة بعنوان: 'شيا ناي رائد علم الآثار، وجهوده في إحياء الخرز المصري القديم'، استأذنت كاتبها، شين جه، في نشر مضمونها. وُلد شيا ناي عام 1910، بمقاطعة تشجيانج الصينية، لعائلة ثرية تعمل في التجارة، وتخرج في جامعة تشينجهوا عام 1934، من قسم التاريخ، وتلقى تعليمه وتدريبه على يد نخبة من أبرز المؤرخين، وفي شهر أكتوبر من العام نفسه، اجتاز امتحان القبول للبعثات الدراسية، وسافر إلى المملكة المتحدة لمواصلة دراسته العليا هناك. في جامعة لندن، بدأ شيا ناي دراسته في معهد كورتولد للفنون، ثم انتقل في العام التالي إلى قسم المصريات، حيث تخصص في علم الآثار المصري، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه. خلال خمس سنوات ونصف من دراسته في الخارج، تعمق في دراسة النظريات والأساليب الحديثة في علم الآثار، وتعلم مهارات ترميم وصيانة وإدارة وعرض القطع الأثرية، إلى جانب إتقانه تقنيات صب البرونز. كما تلقى تدريبًا متكاملًا في علم الآثار الميداني، مما مكنه لاحقًا من نقل هذه المنهجية العلمية إلى الصين، ليكون له دور كبير في تأسيس علم الآثار الصيني الحديث. بين عامي 1937 و1939، وبتوجيه من أستاذه عالم الآثار الشهير ستيفن جلانفيل، شارك شيا ناي في أعمال التنقيب الأثري في موقع أرمنت بمصر، وموقع تل الدوير في فلسطين، كما نشر دراسات حول الكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة. في عام 1938، بدأ شيا ناي دراسة الدكتوراه في علم الآثار المصري، وكان متحف المصريات التابع لكلية الآثار بجامعة لندن يضم مجموعة كبيرة من الخرز المصري القديم، التي اكتشفها عالم الآثار فلندرز بيتري خلال التنقيب في مصر. اعتبر بيتري البحث في هذا الموضوع مسألة أساسية في تطور علم المصريات، مما دفع شيا ناي إلى الاستفادة من المصادر الأولية التي وفرها المتحف، حيث بدأ بجمع هذه المجموعة ودراستها بشكل منهجي ومفصل. من خلال بحثه، قرر شيا ناي أن يكون الخرز المصري القديم موضوع أطروحته للدكتوراه، وقام بإعداد عدد كبير من البطاقات البحثية، صنف فيها 1760 حبة خرز من مجموعة بيتري، وفق: الشكل، اللون، المادة، النقوش، موقع الاكتشاف، الفترة الزمنية، والاستخدام، مما يعكس مدى اجتهاده وثبات أساسه الأكاديمي. بين أواخر أكتوبر 1939 وديسمبر 1940، عاد شيا ناي – مرة أخرى – إلى مصر لمواصلة أبحاثه في المتحف المصري بالقاهرة، حيث أجرى دراسة تصنيفية لحبات الخرز المصري القديم، واستكمل أطروحته للدكتوراه. وخلال إقامته في القاهرة، كتب بحثين متخصصين نُشرا عام 1944 في مجلات أكاديمية عالمية مرموقة. خلال هذه الفترة، أقام شيا ناي علاقات أكاديمية وثيقة مع علماء المصريات في المتحف المصري، كما قدم بعض المعلومات البحثية لعالم المصريات البريطاني، بومجارت، خلال تأليفه كتاب 'الثقافة المصرية في عصر ما قبل الأسرات'. في صيف عام 1943، أكمل شيا ناي أطروحته بعنوان 'القيمة الأثرية للخرز المصري القديم' وأرسلها إلى المملكة المتحدة، وفي عام 1946، منحت جامعة لندن شيا ناي درجة الدكتوراه في علم الآثار المصري بدون مناقشة، نظرًا للقيمة الأكاديمية لأطروحته، والتي ساهمت في تعزيز مكانته العلمية في مجال الآثار وعلم المصريات على المستوى الدولي. وحتى بعد مرور أكثر من 70 عامًا، لا تزال تؤثر بشكل كبير في أبحاث علم المصريات، وخلال السنوات الأخيرة، تم نشرها بالإنجليزية والعربية، بالإضافة إلى الصينية المبسطة والتقليدية. في الوقت نفسه، نُشرت أطروحة الدكتوراه التي أعدها شيا ناي كمرجع أكاديمي تحت عنوان 'دراسة حول الخرز المصري القديم'، ولأكثر من سبعين عامًا، ومع توسع مجال التنقيب في مصر، وتقدم تقنيات الحفر، وزيادة الإلمام بالوثائق الأثرية المُكتشفة، زادت معرفة الأوساط الأثرية بحُلي مصر القديمة. ومع ذلك، وكما قال ستيفن كويرك، أستاذ علم المصريات البريطاني: 'كانت أطروحة شيا ناي متقنة لدرجة جعلت الباحثين يترددون من تكرار العمل نفسه، لأنها ببساطة كانت كاملة'. في الفصل الأول من أطروحته للدكتوراه، اقتبس شيا ناي عبارة شهيرة لعالم الآثار البريطاني فلندرز بيتري: 'الخرز والفخار هما الأبجدية الأساسية لعلم الآثار'، واليوم، لا تقتصر أهمية الخرز على كونه علامة فارقة في التأريخ الزمني لعلم الآثار المصري، بل يُعتبر أيضًا دليلًا مهمًا يكشف عن التفاعلات الثقافية بين الحضارات القديمة في آسيا وأفريقيا. في الفترة التي سبقت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين، وجه شيا ناي دعوة إلى عالم الآثار المصري مصطفى الأمير من جامعة الإسكندرية لإلقاء محاضرات في الصين حول 'علم المصريات' و'الكتابة الهيروغليفية المصرية'. وفي عام 1959، زار عالم الآثار المصري أحمد فخري – من جامعة القاهرة – الصين لإلقاء سلسلة من المحاضرات. وبعد سياسة الإصلاح والانفتاح، توسعت مشاركة شيا ناي في التبادل الأكاديمي الدولي، واكتسبت إنجازاته الأثرية اعترافًا واسعًا في الأوساط العلمية والعالمية، ونال العديد من الجوائز الأكاديمية. واليوم، يواصل علماء الآثار الصينيون المتخصصون في علم المصريات، والذين يعدون تلاميذه، مسيرته العلمية، مما يوفر فرصًا جديدة لدراسة مجال علم المصريات في الصين. تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية


الكنانة
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- الكنانة
هياكل عظمية داخل هرم مصري قديم تكشف سرا تاريخيا غير متوقع
كتب وجدي نعمان اكتشف فريق من علماء الآثار هياكل عظمية مثيرة داخل أحد الأهرامات المصرية القديمة، ما قد يغيّر التصورات التقليدية حول من كان يدفن في هذه المقابر الفاخرة. فبينما كان يعتقد سابقا أن الأهرامات مخصصة حصريا لدفن النخبة والأثرياء، أظهرت الأدلة الجديدة أن بعض المدفونين كانوا من العمال الذين عاشوا حياة شاقة تتطلب مجهودا بدنيا كبيرا. وكشفت الهياكل العظمية، التي عثر عليها في موقع تومبوس الأثري، عن علامات واضحة تدل على النشاط البدني المكثف، ما يشير إلى أن أصحابها لم يكونوا من أفراد العائلات الملكية، بل من العمال أو الحرفيين. ورغم ذلك، فقد دفنوا داخل الأهرامات إلى جانب النبلاء، في ظاهرة تتحدى الفرضيات السابقة حول استخدام الأهرامات كمقابر حصرية للنخبة. ويقول العلماء إن هذه النتائج 'تشير إلى وجود مشهد اجتماعي أكثر تعقيدا داخل المقابر، حيث دفن أفراد من خلفيات اجتماعية مختلفة، بعضهم عاش حياة مرفهة بينما كان آخرون من طبقات عاملة مجتهدة'. ويقع موقع تومبوس الأثري على ضفاف نهر النيل في السودان الحديث، وكان مركزا استعماريا مهما خلال فترة السيطرة المصرية على النوبة حوالي عام 1500 قبل الميلاد. ويعتقد أن سكانه كانوا من الموظفين الصغار والكتبة والحرفيين، ما يعكس مجتمعا متنوعا يجمع بين التعليم والعمل اليدوي. وعُثر في الموقع على بقايا 5 أهرامات مبنية من الطوب اللبن، بعضها احتوى على رفات بشرية، إلى جانب فخاريات مثل الجرار الكبيرة والمزهريات. وكان من بين أبرز هذه الأهرامات هرم سي أمون، الفرعون السادس من الأسرة الحادية والعشرين (1077-943 ق.م)، والذي احتوى على فناء واسع مزخرف بأقماع جنائزية طينية. وأجرت سارة شريدر، عالمة الآثار بجامعة لايدن، تحليلا تفصيليا للعظام المكتشفة، خاصة في النقاط التي كانت العضلات والأوتار متصلة بها. وتوصلت النتائج إلى وجود فارق واضح بين أنماط حياة المدفونين، حيث كان بعض الأفراد يتمتعون بمستويات نشاط منخفضة، ما يدل على حياة مريحة، في حين أن آخرين أظهروا علامات واضحة على مجهود بدني كبير طوال حياتهم. ويفترض العلماء أن دفن العمال بجوار النخبة قد يكون مرتبطا بمعتقدات دينية، حيث اعتقد أنهم سيواصلون خدمة أسيادهم في الحياة الآخرة. كما استبعد الفريق فرضية التضحية البشرية، مؤكدين أنه 'بحلول الوقت الذي خضعت فيه تومبوس للسيطرة المصرية، لم يعد هناك دليل قوي على هذه الممارسة'. وتؤكد الدراسة أن هذا الاكتشاف يتحدى الفرضية السائدة حول الأهرامات. ويشير الباحثون إلى أن 'وجود عمال من طبقات اجتماعية متدنية في مقابر ضخمة يعني أن هذه الأهرامات لم تكن حكرا على النخبة'. ورغم ذلك، لا يعني هذا أن العمال هم من قاموا ببناء الأهرامات لأنفسهم، بل يرجّح أن شخصيات مرموقة، مثل سيامون، أمروا ببنائها لهم ولأفراد أسرهم، وربما لخدمهم أيضا. نشرت الدراسة في مجلة علم الآثار الأنثروبولوجي.