
ندوة تكريمية في الذكرى 25 لغياب ريمون إده
نقيب المحررين
'عندما دعاني الدكتور سايد درغام باسم اللقاء الوطني- حركة فكرية انسانية للتحدث في الندوة التكريمية للعميد ريمون اده الذي عاد إلى لبنان من منفاه الباريسي منذ ربع قرن، ليعانق في رقاده الاخير تربته التي أحب، وناضل- من موقعه كنائب، ووزير،ورئيس حزب -من أجل سيادته وصون استقلاله ونقله من دولة المزارع المتوالدة والمتناسلة إلى رحاب الدولة الديموقراطية التي تحترم حقوق الإنسان وتؤسس لحداثوية تكون جسر عبور لمستقبل واعد يحتضن التنوع والحق في الاختلاف، ويضيء على آفاق في حجم رسالة هذا الوطن المسكوني الذي يحتوي على غنى الانسانية النوعي، كما يقول موريس الجميل السياسي والمفكر، تهيبت الموقف. وقلت في سري : هل اعتذر عن عدم قبول الدعوة، أو أقدم مستجيرا بالله لكي استطيع ان أفي الموضوع حقه؟ إن هناك اسبابا عدة كانت تدفع بي إلى الاعتذار منها اني كنت زمن معرفتي بالعميد كتائبيا ملتزما، ناشطا، في المدرسة والجامعة والمجتمع، ومن بيئة على خصومة مع الكتلة الوطنية، وكانت تتحكم بي مشاعر متناقضة حيال هذا الرجل الذي عاش حياة سياسية صاخبة، يثير من حوله الضجيج اذا صرح، وتلهج الصالونات- وهو كان أحد أبرز نجومها- بالنكات التي كان يطلقها وتصيب سهامها الاقربين والابعدين، حتى أن السياسيين – ومنهم أصدقاء له ورفاق- كانوا يخافون لسعات لسانه ويتحاشونها . وفي الذكرى الخامسة والعشرين على رحيله لا يسعني إلا أن اشهد انه كان عنوان النزاهة والجرأة والعدالة، رافضا الظلم،ولا يخشى قولة الحق ولو في حضرة اعتى السلاطين جورا، وحريصا على الدستور وتطبيق القانون، ولا تعرف الطائفية والمذهبية إلى عقله وقلبه سبيلا'.
أضاف: 'العميد إده كان يريد لبنان على مقاس تاريخه الحضاري، سيدا، مستقلا،لا تعلو قممه الا راية الارز ،وقلعة منيعة ممتنعة للديموقراطية في هذا الشرق البائس الذي افرغ هذه الكلمة من مضامينها. كان لريمون أده مناصرون كثرا في عائلة القصيفي التي أفخر بالانتماء اليها ، وكان عدد من اقارب والدتي في قريتي الكفور من أعمال فتوح كسروان من أركان الكتلة الوطنية محليا وعلى مستوى لبنان، وكان والدي الكتائبي على خصام دائم معهم منخرطا حتى العظم بسياسة حزبه. وأول إحتكاك لي بالعميد إده يرقى إلى مطالع سبعينيات القرن المنصرم عندما بدأت عملي الصحافي في ' جريدة البيرق'.
كنت ازوره صباح كل يوم مع زملاء لي في المهنة، بمكتبه الكائن في ساحة النجمة على بعد أمتار قليلة من المجلس النيابي، لتسقط الاخبار والوقوف على رأيه من الاحداث'.
وتابع: 'كانت الحلقة تنعقد بحضور إميل خوري، فيليب ابي عقل، وانا ،إضافة إلى المرحومين أنيس غانم وفوزي مبارك . وكنت احاول إحراجه ببعض الأسئلة لاخراجه، وكان سريع الانفعال، مستنفرا لاطلاق أجوبة نارية تتناول الشيخ بيار الجميل والكتائب. وثمة من همس للأخير بأن اسئلتي ' الملغومة' للعميد هي وراء هجومه المتكرر عليه، فاستدعاني وطلب مني أن أكف عن هذا العبث لأنه لا يرغب السجال مع أحد، خصوصا مع ' العميد يللي لسانو ما بعوف حدا، كيف اذا هالحدا هوي انا، يا جوزف ريمون إده ناقم على الله،لانو خلقني'. وقد كرر لي رئيس الكتائب هذه العبارة عندما اتصلت به ذات ليلة طالبا رده على تصريح من العيار الثقيل تناوله فيه العميد، لنشره في جريدتي ' البيرق' و' العمل'. واذكر انه قال لي: ' كنت ساغلق سماعة الهاتف وعدلت عن ذلك، وانبهك باني ارفض أن يسألني احد عن ريمون اده، ولا يهمني ما يقوله، أصبحت معتادا عليه، ومعه فالج ما تعالج لن ارتاح من تعليقاته، ولن يكف عن اطلاقها ضدي إلا عندما توافيني المنية. اعمل معروف ما بقى تطلب مني رد على اي تصريح للعميد ' قالها بعصبية ' طابشا' السماعة بقوة'.
وقال: 'وقد كتب الزميل غانم سلسلة مقالات في عدد من الصحف اللبنانية الصادرة في سيدني- اوستراليا يتحدث فيها عن ' المناكفات' مع إده، خصوصا عندما ' يتكهرب' من اي سؤال اطرحه عليه يرى فيه 'بخا'، فيطلق العنان للسانه الذي يماثل سوط الحوذي عندما ينهال به على حصانه. ولست اعتقد ان الخصومة التي تشكلت بين الرجلين مردها تنافر الامزجة فحسب، لكنها تعود في جزء وازن منها إلى إختلاف كبير في الخيارات السياسية والنظرة إلى كيفية إدارة شؤون البلاد. وفي الجامعة اللبنانية كنا نلتقي محازبي ما كان يطلق عليه ' الحلف الثلاثي': الكتائب اللبنانية، الوطنيون الاحرار، الكتلة الوطنية في إطار:' حركة الوعي – القوة الجامعية اللبنانية' إلى جانب ممثلين عن تجمعات مناطقية، ونشأت صداقات متينة بيني وبين عدد من أركان طلاب الكتلة حينذاك ،وكانت تجمعنا مناسبات مختلفة من دون أن يفسد الخلاف في الود قضية. واذكر مرة أن صديقة العمر كلود بويز،الامينة العامة السابقة للحزب التي أحيت نبضه طوال فترة ولايتها في منصبها، دعتني ورفيقة لي في كلية التربية تنتمي إلى حزب الكتائب إلى عشاء ساهر أقامته الكتلة في فندق ' فينيسيا'، وكان ' العميد' وأركان حزبه في استقبال المدعوين ففاجأه وجودي وقال بصوت عال:' فالانكو في ديارنا' وتوجه إلى رفيقتي وكانت على درجة عالية من الجمال وذات ابتسامة ساحرة' كيف بتضهري يا مسكينة مع هالكتائبي ' فكان ردها سريعا' يا عميد انا كتائبية ونسيبة الدكتور جورج سعاده' فرد ضاحكا:'ضيعانك ما بهنيكي…شو صايبك حتى وقعتي هالوقعه' وسألها:'بيطلعلي بوسي انا بحب الحلوين' وكان له ما أراد'.
وقال: 'هناك الكثير من القفشات والنكات التي لا يسمح الوقت بايرادها. وهي تدل الى روح الدعابة المتمكنة منه، وسرعة الخاطر المتأصلة فيه، والجرأة التي تتجاوز حدود التخاطب السلس إلى ما يجرح ويستولد الحقد أحيانا ويقول نائب رئيس حزب الوطنيين النائب والوزير الراحل كاظم الخليل-رحمه الله- في مذكراته غير المنشورة والتي ستدفع إلى الطبع قريبا ان العميد ريمون إده كان يتعمد 'استفزاز الشيخ بيار' و' زكزكته ' في الاجتماعات التي كان يعقدها ' الحلف الثلاثي' في منزله على طريق المطار فترتذاك،إذ كان ' العميد' يتناول من جيبه جريدة ويتظاهر بقراءتها في كل مرة يعطى الحديث للشيخ بيار أثناء الاجتماع، وكان الخليل يتدخل منتهرا العميد طالبا اليه طي الجريدة، والاستماع إلى رئيس الكتائب،وكم مرة استدعاه إلى غرفة جانبية ليدخل معه في' خناقة' على هذا التصرف. وآخر مرة التقيت فيها العميد إده كانت في مطلع التسعينيات في باريس بمطعم ' فوشون' في ' المادلين' بدعوة من النقيب ملحم كرم- طيب الله ثراه- بحضور المحاميين فايز ساره،ورودريك حويس، وكان اللقاء مفعما بالود والحنين إلى الايام المنصرمة، وتطلع إلى النقيب كرم قائلا :' صاحبك كل قرايبو كتلويي، سواء من جهة امو وجهة بيو..'.
وتابع: 'يا قصيفي ولا كلمة سياسة الليلة، خلينا ننكت ونحكي نهفات عن صاحبنا وصاحبك المير مجيد يللي بحبو كتير ' وكان يقصد المغفور له الأمير مجيد أرسلان. وهكذا كان. هذه الباقة من الطرف ابحت لنفسي سردها مع بعض التصرف إجلالا لحرمة الموت وحرصا على مشاعر ذوي من كانوا هدفا لنكاته ومقالبه، بعدما أصبح هؤلاء طي اللحد'. ولا بد ومن باب التذكير، والإضاءة أن أشير إلى ثلاث:
اولا: كانت تربط آل إده بآل الجميل علاقات صداقة وطيدة زمن المغفور لهم الرئيس إميل إده، الصيدلي يوسف الجميل، والدكتور امين الجميل، الذين فروا من لبنان إلى أرض الكنانة بعدما بلغت الاخير معلومات موثوقة أن العثمانيين سيلقون القبض على هؤلاء الثلاثة ويسوقونهم إلى الديوان العرفي في عاليه، وربما سيعلقون على حبل المشنقة. معا غادروا لبنان ومعا عادوا. وكان اده الاب مع الصيدلي يوسف من أركان حزب الكتلة الوطنية ، ورشح الأول الثاني لرئاسة الجمهورية، فاعتذر. بيد ان هذه المودة لم تنتقل إلى الأبناء ، كما لم تسر بينهم ' الكيمياء' وفرقتهم السياسة، وباعدت كثيرا، لكن ذلك لم يمنع قيام تحالفات سياسية وانتخابية ظرفية بين حزبي الكتائب اللبنانية والكتلة الوطنية، والتعاون الوزاري في غير حكومة، ولاسيما الحكومة الانقاذية الأولى بعد أحداث العام 1958، والائتلاف الطالبي على مستوى جامعات لبنان.
ثانيا: كان الود مفقودا بين الرئيس كميل شمعون والاخوين ريمون وبيار اده، ورفض الأول دعم ترشيح أحدهما لخلافته في رئاسة الجمهورية قبيل انتهاء ولايته في العام 1958،مؤثرا عليهما قائد الجيش فؤاد شهاب،وذلك لأسباب لا مجال لذكرها في هذا الملتقى. ومع ذلك تحاشى الاثنان تبادل' اللكمات' الكلامية إلا نادرا وباسلوب لا يخلو من التورية والغمز ، على عكس ما كانت حال العميد مع الشيخ بيار.
ثالثا: هناك تشابه كبير بين اللواء فؤاد شهاب الذي خلف شمعون في رئاسة الجمهورية وبين العميد ريمون إده لناحية الايمان بضرورة بناء دولة عصرية، وإدارة رشيقة، ومؤسسات فاعلة، وقضاء نزيه، وعدالة إجتماعية. لكن هذا التشابه لم يترجم تعاونا بينهما، وسرعان ما استحال عداء مكشوفا، بعدما ترسخت لدى العميد قناعة بأن العهد الشهابي جنح إلى عسكرة 'مقنعة' تأباها طبيعته الرافضة لكل ما يتنافى مع مرتكزات الدولة المدنية، ودعامتها الأولى الحرية والديموقراطية'.
وختم: 'قد يكون لغيري تقويم آخر لريمون إده، وتقدير مختلف لسلوكه السياسي، ومواقفه الحادة والقاطعة كشفار السيف، ولاسلوبه اللاذع في انتقاد اخصامه ومن لا تروق له سياساتهم، إلا أنه كان عنيدا…عنيدا بالحق ومن أجله…لم تتلوث يداه بمال حرام، عاش موفور الكرامة، مرفوع الجبين، ناصع الكف، وهكذا مات على رجاء قيامة وطن احبه ولم يقترع على ثيابه، أو يبيعه بثلاثين من الفضة'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 19 دقائق
- النهار
هذا الفيديو لا يظهر أحمد الشرع وهو يرد على تورطه في الهجوم على إسرائيل FactCheck#
المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع وهو يرد على تورطه في الهجوم على اسرائيل". الا أنّ هذا الزعم غير صحيح. الحقيقة: هذا الفيديو مجتزأ في شكل مضلل من مشاهد أطول تظهر الشرع مصرحاً خلال استقباله الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في قصر الشعب بدمشق، في 22 كانون الاول 2024. وكان يتكلّم على رؤيته الى مستقبل سوريا. FactCheck# "النّهار" دقّقت من أجلكم 10 ثوان فقط. تظهر المشاهد الشرع قائلا: "شو علاقتنا بالموضوع؟ ما إلنا علاقة. مو نحنا قتلنا الناس، يعني ما منعرف". وقد تكثّف التشارك في المقطع خلال الساعات الماضية عبر حسابات كتبت معه (من دون تدخل): "زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني يتلعثم خوفا وهو يرد على تورطه في الهجوم على إسرائيل". 🎖️ 🎖️". عاجل 🚨 🚨 زعيم هيئة تحرير الشام الإرهااابية أبو محمد الجولاني يرد على إسرائيل رد مزلزل بشأن تورطه في الهجوم على إسرائيل. — اخبار روسيا الاتحادية (@Su_35m) June 3, 2025 الا ان هذه المزاعم غير صحيحة، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي صحتها. فالبحث عن المقطع، بتجزئته الى صور ثابتة (Invid)، يوصلنا اليه منشوراً بنسخة أطول في حسابات ، لا سيما ا خبارية ، مع شرح انه يظهر الشرع متكلماً، خلال استقباله الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في قصر الشعب بدمشق، في 22 كانون الاول 2024. ويمكن الاستماع الى كلام الشرع، في سياقه الأطول، في فيديو نشره حساب موقع "زمان الوصل" في يوتيوب (التوقيت 5.26). خلال استقباله جنبلاط يومذاك في مقدم وفد درزي كبير ضمّ نجله تيمور ونوابا من كتلته البرلمانية ورجال دين دروز، تعهد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذا "سلبيا" في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وأكد أن "سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الاطلاق وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني". وقال إن بلاده "تقف على مسافة واحدة من الجميع"، مشيرا إلى أنها "كانت مصدر قلق وإزعاج" في لبنان. وتعهد أن "يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه معا بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات... و أرجو ان تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان". ومما جاء في حرفية كلامه في ذلك اللقاء، خصوصاً في ما يتعلق بالمقطع المتناقل (بالعامية): "نتكلم مع الرئيس وليد بك، ونقول له الله يرحم بيك، قتلو النظام. ونتكلم مع آل الجميل ونقول لهم قتلو بشير الجميل. منحكي مع آل الحريري، ونقول لهم الله يرحم بيكم، قتلو النظام السوري. فسوريا كانت مصدر قلق وإزعاج، وهي اللي يعني شوي كان تدخلها في الشأن اللبناني تدخل سلبي في الأيام السابقة، بيركز على إثارة النعرات بين الناس حتى يبقى متحكم في المشهد اللبناني بشكل أو آخر. ولما طلع الجيش السوري من لبنان، خلّف وراه كمان حزب ما أعطى لبنان قدره يللي يستحق، فأدخله في أتون صراعات ونزاعات وسيطرة على مؤسسات وملفات الدولة على حساب التوازنات الداخلية في لبنان. للي بقولو أنه نحن اليوم الله عز وجل منّ علينا بعد الثورة السورية المباركة، واستطعنا أن نقتلع هذا النظام وأن نريح المنطقة والأقليم بأكمله من خطر استراتيجي كان محقق. بقاء وثبات كان الميليشيات المدعومة من قبل إيران في المنطقة لم تكن مصدر قلق لسوريا فحسب، رغم كل الجرائم التي ارتكبت في حق السوريين. عم نتكلم اليوم عن أكتر من 15 مليون إنسان بين نازح ولاجئ أثقلو كاهل الدول المحيطة بسوريا. عم نتكلم عن أكتر من مليون ونص نازح ولاجئ في لبنان، مع كل تبعات وجود اللجوء السوري في لبنان، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولبنان كان بلد لا يحتمل، وبالأساس عنده اشكالات عميقة في بنيته الاقتصادية والاجتماعية. الأردن أيضا صدرلو أكتر من مليون ونص إنسان نازح ولاجئ، ومع ما يعانيه أيضا. وإلى تركيا صدر ملايين من الناس، تقريبا ثلاثة- أربعة مليون، عدا اللي ذهبوا إلى أوروبا والناس اللي غرقت في البحار وقتلت في الطريق. فالنظام السابق مع الميليشيات المدعومة إيرانيا عملت على تشتيت شمل السوريين وفرقت جمع الناس وشتت شملهم. انظروا اليوم إلى الفيديوهات العفوية التي تخرج على الإعلام، ترى أن الإبن لم ير أمه من 14 سنة، والأخ لم ير أخوه من 12 سنة. والحمد لله بالعمل اللي قمنا فيه، كان عمل سلس، وبأقل الخسائر، دخلنا إلى حواضر مدن كبرى لم تهدم فيها يعني قطعة واحدة، ولم ينزح منها أحد، مع كل التنوع الثقافي وكل مكونات الشعب السوري والطوائف الموجودة فيها، رغم أن النظام حاول خلال الـ50 السنة الماضية أن يشد العصب الطائفي داخل مكونات المجتمع السوري حتى يحافظ على بقائه، فأوهم الناس بأنه إذا سقط حكمه، فلن يكون هناك حياة للطوائف الأخرى. وأعتقد أن المعركة كانت في سلوكها وفي دخولها إلى المدن وفي تواصلها مع جميع مكونات المجتمع السوري، كل ما زرعه من ثقافة كره داخل المجتمع السوري خلال الـ50 سنة الماضية كذب في أحد عشر يوم وظهرت حقيقته، رغم أنها كانت معركة عسكرية، لكن كان يطغو عليها الرحمة والرأفة. كنا نقول اللهم نصر لا ثأر فيه، رغم كل الجراحات بين السورين. لكن إذا أردنا أن نفكر بعقلية بناء الدولة وبناء مؤسساتها، لا ينبغي أن تحضر عقلية الانتقام والثأر. عقلية الانتقام والثأر عقلية هدامة. اليوم سوريا الحمد لله أصبحت في مصاف آخر. هذه المعركة من أحد فوائدها أيضا أنها أنقذت المنطقة من حرب إقليمية كبيرة جدا، لا أبالغ إن قلت تكاد أن تصل شرارتها إلى أن تصبح حرب عالمية ثالثة، لأن سوريا اجتمع فيها أطراف دولية كبرى وأطراف إقليمية كبرى، أمريكا من جهة، وروسيا من جهة، وإيران من جهة، وتركيا أيضا من جهة، ومصالح دول خليجية من جهة، ومطامع إسرائيلية أيضا في المنطقة، وكان تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا مصدر قلق لكل الدول الإقليمية والعالمية. فللأسف أن هذه دمشق الحضارة، دمشق الضاربة في أطناب التاريخ، وصلت إلى أن تكون رهينة بأيدي بعض الميليشيات من شداذ الآفاق. أسماء لم نسمع بها من قبل، مشاهد لم نراها من قبل في أحياء دمشق. أهل الشام لم يعتادوا على رؤية مثل هكذا خطاب. أهل الشام مسالمين، هم أبسط من أن يدخلوا في حالة نعرات ثقافية وطائفية وتاريخية ليس لهم فيها ذنب. أحداث حصلت منذ 1400 سنة، ما علاقتنا نحن بها؟ يأتون اناس ليثأروا من أهل الشام على حدث تاريخي حصل قبل 1400 سنة. أي عقل هذا؟ أي منطق؟ (التوقيت 5.53 في الفيديو) شو علاقتنا بالموضوع؟ ما إلنا علاقة؟ مو نحنا قتلنا الناس، يعني ما منعرف. لكن على أية حال، لكن سبحان الله من سخرية القدر والأحداث المبكية المضحكة أنك ترى هناك من يستغل حالة فقهية أو شرعية، يلامس عواطف الناس بعناوين ليحتل أراضي وبلدان. قضية فلسطينية من جهة، قضية تاريخية من جهة، والنتيجة دائما تكون سقوط عواصم عربية في يد دولة، مثل إيران. أقول لكن المجتمع الدولي أيضا بنفس الوقت عجز عن حل المشكلة السورية خلال 14 عام، والحمد لله نحن أخذنا طريق مختلف عن باقي الناس، ليس لزهدنا بحال المجتمع الدولي، لكن ليقيننا بأن الشعوب لا تستطيع أن تأخذ حقها إلا بيدها...". وكما قرأتم وشاهدتم في الفيديو، لم يكن الشرع يرد على تورطه في الهجوم على اسرائيل كما زعمت حسابات في شكل خاطئ. سوريا تؤكد أنها "لن تشكل تهديدا" لأي طرف بعيد إطلاق مقذوفين نحو اسرائيل وجاء تداول المقطع بالمزاعم الخاطئة في وقت أكّدت السلطات السورية أنها لن تشكّل تهديدا لأي طرف في المنطقة، وذلك بعيد قصف إسرائيلي أمس الثلثاء 3 حزيران 2025 على جنوب البلاد، ردّا على إطلاق مقذوفين في اتجاه إسرائيل، منددة بمحاولة "زعزعة الاستقرار" (أ ف ب). وأعلنت إسرائيل أنها قصفت جنوب سوريا الثلثاء بعد إطلاق مقذوفين باتجاهها سقطا في مناطق غير مأهولة من دون أن يسفرا عن أضرار، في أول هجوم من هذا النوع من الجانب السوري منذ تولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع السلطة قبل ستة اشهر. وأكدت وزارة الخارجية السورية، وفقا لمكتبها الاعلامي، في تصريحات نقلها الإعلام الرسمي، أن "سوريا لم ولن تشكل تهديدا لأي طرف في المنطقة"، معتبرة أن هناك "أطرافا عديدة تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة لتحقيق مصالحها الخاصة". ورأت أن "التصعيد يمثّل انتهاكا صارخا للسيادة السورية، ويزيد من حالة التوتر في المنطقة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التهدئة والحلول السلمية". وتشكّل العمليات الاسرائيلية المتواصلة على سوريا، منذ الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد، إحدى أبرز التحديات التي يواجهها الشرع في إطار مساعيه لبسط سلطته وضبط الأمن على كامل الأراضي السورية. تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الفيديو المتناقل يظهر "الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع وهو يرد على تورطه في الهجوم على اسرائيل". في الحقيقة، هذا الفيديو مجتزأ في شكل مضلل من مشاهد أطول تظهر الشرع مصرحاً خلال استقباله الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في قصر الشعب بدمشق، في 22 كانون الاول 2024. وكان يتكلّم على رؤيته الى مستقبل سوريا.


بيروت نيوز
منذ 22 دقائق
- بيروت نيوز
نرفض استمرار الاحتلال والاعتداءات في فلسطين ولبنان
وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين من مكة المكرمة، لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك جاء فيها: 'في كل عام ملايين المسلمين في ضيافة الرحمن، فيتقبل الله طاعتهم وحجهم ودعاءهم وصلاتهم، فيعود الحاج كيومَ ولدته أمه. فهي سلسلة الرحمة المتصلة منذ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا تنقطع، ولا تضعف، ولا تتراجع. وعندما نؤدي الفريضة التي كُتبت علينا، لا نتذكر دعوة إبراهيم عليه السلام فقط، بل نتذكر أيضا تضحيته وهي الرمز الذي يراعيه المسلمون في شعائر الحج. إنه الأصل الأصيل للعراقة في الدعوة والرسالة، وفي توجه النبي الخاتَم وهو من مكة موئل البيت الحرام وقد قال صلوات الله وسلامة عليه: إن مكة مسقط رأسه، وبسبب وجود البيت الحرام فيها، هي أحب بقاع الأرض إليه، ولولا أن القوم أخرجوه منها لما خرج. هو موسم ماجد من أي جهة أتيته، في الإخلاص لله، والتضحية والعبادة الخالصة لوجهه، ورجاء بل يقين الفرج بالدعاء عند البيت العتيق. منذ ما يزيد عن مائة عام يقاتل الفلسطينيون من أجل الحرية والدولة، وهم يتعرضون لمذابح وإبادة ما شهدت البشرية مثلها في غير الحروب الكبرى، لماذا يحصل ذلك؟ لأنه لا حساب ولا عقاب ولا عتاب على المستوى الدولي، والقُطُر المفروض أنها سائدة في العالم. أين السواد وأين الإصغاء لنداءات الأطفال والنساء والشيوخ والعجَّز وصرخاتهم؟ وأين هي حقوق الإنسان التي هي من شِرعة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تجاه هؤلاء المعذبين في فلسطين؟ وفي كل فترة آخرها قبل أيام، يقوم أحد الصهاينة المحتلين باقتحام المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين. كل الجهات تحذر من الحروب الدينية، لكن جهات النفوذ والتأثير وصُناع القرار لا تقول شيئا عندما يجري اقتحام المسجد الأقصى من جانب عصابات من المستوطنين. ما يزالون يبحثون عن آثار للهيكل المزعوم في هذه المساحة التي لا تتسع لهذه الأهوال، لكنه التعصب الأعمى الذي لم يعرفه المسلمون ولا البشرية في تاريخهم القديم، ولا يريدون معرفته في العصر الحاضر، لكنه يوشك أن يكون مفروضا عليهم. لا نريد أن نُخيف العالم، ولا أن نخاف منه، وإنما نريد العيش الآمن والعزيز في هذا العالم. في الواقع لا يريد أحد هذا النهر الجاري من الدماء البريئة المسفوكة. وكما يريد الفلسطينيون التخلص من المحتل، فكذلك لبنان وجنوبه. ما عادت الاعتداءات الإسرائيلية قابلة للهضم بأي صيغة، ولا بأي ثمن. ولذلك يكون على المجتمع الدولي المسارعة في إدانة حرب البغي والعدوان، والعمل على وقف النار. إنها صرخة تهتز لها القلوب والعزائم ومشاعر البشر. نريد أن يتوقف هذا القتل والإبادة للبشر والحجر، وهذا الازدراء للمقدسات، وهذا العمل العدواني على الأفراد والمجموعات، والأمل في مستقبل آخر وأجيال أخرى ستكون بالتأكيد أشد حرصا على مكافحة العدوان! أيها الإخوة، السلام قيمة كبرى ولا حياة ولا بقاء للبشر بدونه. لكن أهل العدوان لا يريدون ذلك لهذه الملايين في غزة، وفي خارج غزة. وهم لا يريدونه لنا في لبنان الذي ما يزالون يحتلون أرضه، ويضطهدون إنسانه. ولذلك وفي حضور الأضحى، أضحى إبراهيم ومحمد نقول ما قاله الله لإبراهيم عندما أرادوا به كيدا فجعلهم عز وجل الأخسرين، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم. نحن في لبنان كلنا أمل بهذا العهد والحكومة ورئيسها التي نريد منها أن تعمل على إخراجنا من أزمة السلاح ومن استمرار العدوان إلى رحاب السلام. ونريد منها الخروج من الأزمات المالية، والاقتصادية، والمعيشية، والاجتماعية. ونطالب بالسياسات الصالحة والمستقيمة أن نتجاوز أزمنة ما كانت قيم العدالة والإنصاف والاستقامة سائدة فيها. فالإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم، وضرورة وطنية قصوى وحاضرة، وهو دعوة الأنبياء والرسل، لبنان بحاجة إلى إصلاح متكامل في الحياة السياسية والوطنية والمؤسساتية في الأداء، ما كنا مسرورين بالأجواء المتشنجة في الانتخابات البلدية. لكننا كنا مطمئنين ومتفائلين بحضور الدولة ومؤسساتها الأمنية والسياسية وحياديتها وبنضالها، من أجل استعادة الثقة والاحترام، وبنزاهتها وتأمين كل سبل الحرية للمواطنين، ليتحملوا مسؤولية اختيارهم لهذه المجالس البلدية المؤتمنة على مصالح الناس في نطاق مهامها. أيها الإخوة، أيها المواطنون، نتشارك في الدولة الواحدة، والهوية الواحدة، والاحترام المتبادل، والعيش المشترك، وقيم المواطنة، والتضامن والسلام. ونريد لوطننا وإخواننا في الجوار الفلسطيني السوري أن تنفتح أجواؤهم وبيئاتهم على كل خير وسلام، وأمن بعد الشقاء، والقتل، والتهجير'. وهنأ مفتي الجمهورية اللبنانيين عامة، والمسلمين خاصة بعيد الأضحى المبارك.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
دريان في رسالة الأضحى: الإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم وضرورة وطنية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين من مكة المكرمة، لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك جاء فيها: "في كل عام ملايين المسلمين في ضيافة الرحمن، فيتقبل الله طاعتهم وحجهم ودعاءهم وصلاتهم، فيعود الحاج كيومَ ولدته أمه. فهي سلسلة الرحمة المتصلة منذ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا تنقطع، ولا تضعف، ولا تتراجع. وعندما نؤدي الفريضة التي كُتبت علينا، لا نتذكر دعوة إبراهيم عليه السلام فقط، بل نتذكر أيضا تضحيته وهي الرمز الذي يراعيه المسلمون في شعائر الحج. إنه الأصل الأصيل للعراقة في الدعوة والرسالة، وفي توجه النبي الخاتَم وهو من مكة موئل البيت الحرام وقد قال صلوات الله وسلامة عليه: إن مكة مسقط رأسه، وبسبب وجود البيت الحرام فيها، هي أحب بقاع الأرض إليه، ولولا أن القوم أخرجوه منها لما خرج. هو موسم ماجد من أي جهة أتيته، في الإخلاص لله، والتضحية والعبادة الخالصة لوجهه، ورجاء بل يقين الفرج بالدعاء عند البيت العتيق. منذ ما يزيد عن مائة عام يقاتل الفلسطينيون من أجل الحرية والدولة، وهم يتعرضون لمذابح وإبادة ما شهدت البشرية مثلها في غير الحروب الكبرى، لماذا يحصل ذلك؟ لأنه لا حساب ولا عقاب ولا عتاب على المستوى الدولي، والقُطُر المفروض أنها سائدة في العالم. أين السواد وأين الإصغاء لنداءات الأطفال والنساء والشيوخ والعجَّز وصرخاتهم؟ وأين هي حقوق الإنسان التي هي من شِرعة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تجاه هؤلاء المعذبين في فلسطين؟ وفي كل فترة آخرها قبل أيام، يقوم أحد الصهاينة المحتلين باقتحام المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين. كل الجهات تحذر من الحروب الدينية، لكن جهات النفوذ والتأثير وصُناع القرار لا تقول شيئا عندما يجري اقتحام المسجد الأقصى من جانب عصابات من المستوطنين. ما يزالون يبحثون عن آثار للهيكل المزعوم في هذه المساحة التي لا تتسع لهذه الأهوال، لكنه التعصب الأعمى الذي لم يعرفه المسلمون ولا البشرية في تاريخهم القديم، ولا يريدون معرفته في العصر الحاضر، لكنه يوشك أن يكون مفروضا عليهم. لا نريد أن نُخيف العالم، ولا أن نخاف منه، وإنما نريد العيش الآمن والعزيز في هذا العالم. في الواقع لا يريد أحد هذا النهر الجاري من الدماء البريئة المسفوكة. وكما يريد الفلسطينيون التخلص من المحتل، فكذلك لبنان وجنوبه. ما عادت الاعتداءات الإسرائيلية قابلة للهضم بأي صيغة، ولا بأي ثمن. ولذلك يكون على المجتمع الدولي المسارعة في إدانة حرب البغي والعدوان، والعمل على وقف النار. إنها صرخة تهتز لها القلوب والعزائم ومشاعر البشر. نريد أن يتوقف هذا القتل والإبادة للبشر والحجر، وهذا الازدراء للمقدسات، وهذا العمل العدواني على الأفراد والمجموعات، والأمل في مستقبل آخر وأجيال أخرى ستكون بالتأكيد أشد حرصا على مكافحة العدوان! السلام قيمة كبرى ولا حياة ولا بقاء للبشر بدونه. لكن أهل العدوان لا يريدون ذلك لهذه الملايين في غزة، وفي خارج غزة. وهم لا يريدونه لنا في لبنان الذي ما يزالون يحتلون أرضه، ويضطهدون إنسانه. ولذلك وفي حضور الأضحى، أضحى إبراهيم ومحمد نقول ما قاله الله لإبراهيم عندما أرادوا به كيدا فجعلهم عز وجل الأخسرين، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم. نحن في لبنان كلنا أمل بهذا العهد والحكومة ورئيسها التي نريد منها أن تعمل على إخراجنا من أزمة السلاح ومن استمرار العدوان إلى رحاب السلام. ونريد منها الخروج من الأزمات المالية، والاقتصادية، والمعيشية، والاجتماعية. ونطالب بالسياسات الصالحة والمستقيمة أن نتجاوز أزمنة ما كانت قيم العدالة والإنصاف والاستقامة سائدة فيها. فالإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم، وضرورة وطنية قصوى وحاضرة، وهو دعوة الأنبياء والرسل، لبنان بحاجة إلى إصلاح متكامل في الحياة السياسية والوطنية والمؤسساتية في الأداء، ما كنا مسرورين بالأجواء المتشنجة في الانتخابات البلدية. لكننا كنا مطمئنين ومتفائلين بحضور الدولة ومؤسساتها الأمنية والسياسية وحياديتها وبنضالها، من أجل استعادة الثقة والاحترام، وبنزاهتها وتأمين كل سبل الحرية للمواطنين، ليتحملوا مسؤولية اختيارهم لهذه المجالس البلدية المؤتمنة على مصالح الناس في نطاق مهامها. أيها الإخوة، أيها المواطنون، نتشارك في الدولة الواحدة، والهوية الواحدة، والاحترام المتبادل، والعيش المشترك، وقيم المواطنة، والتضامن والسلام. ونريد لوطننا وإخواننا في الجوار الفلسطيني السوري أن تنفتح أجواؤهم وبيئاتهم على كل خير وسلام، وأمن بعد الشقاء، والقتل، والتهجير". وهنأ مفتي الجمهورية اللبنانيين عامة، والمسلمين خاصة بعيد الأضحى المبارك.