
طيار حربي إسرائيلي سابق يقود احتجاجاً ضد الحكومة: "الحرب في غزة سياسية ويجب أن تتوقف"
EPA
يقود الطيار الإسرائيلي السابق في سلاح الجو، جاي بوران (69 عاماً)، مؤسس مجموعة "555 طيار"، التي تضم 1,700 طيار وقائد سابق، مبادرة احتجاجية قوية تدعو إلى وقف الحرب في غزة من أجل إعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
وقد وقّع على تلك الرسالة الاحتجاجية أكثر من 1200 طيار وضابط حالي وسابق، مطالبين بإنهاء الحرب التي وصفوها بأنها "حرب سياسية" لا تحقق الأهداف الاستراتيجية، بل تهدد حياة الرهائن والجنود.
وتوالى بعدها عديدٌ من رسائل الاحتجاج من قبل جنود وضباط سابقين وحاليين في عشرات الوحدات العسكرية بالجيش، ومن جهاز الاستخبارات (الموساد) وجهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة ووحدات القتال البري وسلاح البحرية.
يُعتبر بوران من قادة التظاهرات في إسرائيل، التي بدأت في فترة خطة الحكومة لإجراء التعديلات القضائية، وتستمر اليوم للضغط من أجل استعادة الرهائن في غزة ولانتقاد سياسة الحكومة الإسرائيلية.
"حرب لأسباب سياسية"
قال بوران إن الرسالة الأخيرة التي نشرها مع زملائه "لم يكن يتوقع أن تجذب الشارع الإسرائيلي بهذه الطريقة"، إذ انضمّت إليها عشرات الوحدات من سلاح البحرية ووحدة الاستخبارات العسكرية 8,200، مشيراً إلى أن تأثير الطيارين في المجتمع الإسرائيلي كبير، ولذلك فإن تحركهم ليس بالأمر البسيط.
اتهم بوران الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو بأنها أعادت الحرب إلى غزة لأسباب سياسية، قائلاً: "عندما يهدد سموتريتش وبن غفير بإسقاط الحكومة في حال عدم العودة للحرب، ثم تعود الحرب بالفعل، فذلك أكبر دليل على أنها حرب سياسية"، وأشار إلى أن "استمرار الحرب لا يخدم هدف إعادة الرهائن، بل على العكس".
هكذا فسّر الطيار الإسرائيلي السابق سبب رفضهم لاستمرار الحرب في القطاع: "في أحسن الأحوال يوقف عودتهم، وفي أسوأ الأحوال يؤدي إلى قتلهم".
BBC
أوضح بوران أن السبب المباشر لنشر الرسالة، هو رفض الحكومة الإسرائيلية تنفيذ اتفاق تبادل مرحب به من الولايات المتحدة، وخاصةً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعن سؤالنا له بشأن اتهامات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموقّعين على الرسالة بأنهم "يساريون"، أجاب بأنهم عسكريون سابقون وليسوا سياسيين، مشيراً إلى أن خروج هذا النوع من الأشخاص، خصوصاً الطيارين في سلاح الجو، يعني أن أمراً خطيراً يحدث.
وكشف جاي بوران أن قيادات حالية في سلاح الجو هددت بعض الموقّعين على الرسالة بالتسريح في حال لم يسحبوا تواقيعهم، كما تلقى هو نفسه ضغوطاً لمنع نشر الرسالة، ورغم ذلك يؤكد تمسكه بموقفه.
يستند بوران في تحركه إلى تاريخ من التأثير داخل المؤسسة العسكرية، مشيراً إلى أن من بين الموقعين على الرسالة الأخيرة أربعة قادة سابقين شاركوا في تنفيذ الضربة الجوية ضد المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات.
"نتنياهو لا يسمع إلا لسموتريتش وبن غفير"
عبّر جاي بوران عن قلقه من أن نتنياهو لا يستمع لا إلى مئات الطيارين أو حتى ملايين المواطنين، لأنه يعلم أن استقالة اثنين فقط من شركائه في الحكومة –
لذلك يبرر الطيار السابق الرسالة الاحتجاجية، التي أثارت ضجةً عارمةً وغضباً من قبل اليمين الحاكم في إسرائيل، بسبب وصف طيارين إسرائيليين – جزءٌ منهم يشارك في الغارات الجوية على غزة – هذه الحرب بأنها "سياسية"، ما يعني عدم اقتناع جزءٍ منهم بأن ما يؤديه الجيش في غزة هو أمر عسكري واستراتيجي.
Reuters
أسس بوران مجموعته قبل خمس سنوات بهدف دعم الخطوات الرامية للحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية ومهنية.
وكانت هذه المجموعة من بين أبرز الأصوات المعارضة لخطة التعديلات القضائية التي طرحتها الحكومة، وسبق لها أن ساهمت في تحريك الرأي العام، عندما أدت رسالة سابقة للطيارين إلى دفع وزير الدفاع السابق يوآف غالانت للإعلان عن رفضه للتعديلات القضائية.
BBC
وحدات عسكرية "انضمّت للحراك"
كشفت إحصاءات قدمها قادة الاحتجاجات، حجم المشاركة من مختلف الوحدات العسكرية. من بين الموقعين ثلاثة رؤساء أركان سابقين، وضباط من الشرطة وجهاز الاستخبارات (الموساد) وجهاز الأمن العام (الشاباك) وغيرها من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
هؤلاء الضباط والجنود هم أنفسهم من قادوا احتجاجات سابقة ضد خطة الحكومة لتغيير النظام القضائي، حينها نجحوا في تحريك الشارع الإسرائيلي، وأوقفوا الخطة مؤقتاً بعد إعلان بعض الطيارين رفض الخدمة العسكرية إن استمرت خطة التعديلات القضائية.
واليوم اتُهموا من قبل نتنياهو برفض الخدمة العسكرية، ولكنهم ردوا بأن رسالتهم لا تعلن رفض الخدمة، بقدر ما تسمع صوت كثير من الإسرائيليين، وفق تعبيرهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عين ليبيا
منذ 3 ساعات
- عين ليبيا
كشف تفاصيل مقترح ويتكوف.. إسرائيل تعلن إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة
كشفت مصادر مطلعة لموقع 'أكسيوس' الأميركي عن أجواء تفاؤل في البيت الأبيض حيال مقترح جديد للمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، يهدف إلى سد الفجوات بين إسرائيل وحركة حماس، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الرهائن في قطاع غزة في الأيام المقبلة. النقاط الرئيسية في المقترح: مدة وقف إطلاق النار: وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يومًا، مع إمكانية تحويله إلى وقف دائم بناءً على نجاح المفاوضات خلال هذه الفترة. إطلاق سراح الرهائن: اتفاق على إطلاق سراح 10 رهائن أحياء على دفعات، 5 في اليوم الأول و5 في اليوم الأخير، مع استرداد رفات بعض الرهائن الموتى. الضمانات: حماس تطالب بضمانات من الولايات المتحدة ومصر وقطر لضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار، بما في ذلك عدم انتهاك إسرائيل للهدنة من جانب واحد. الشروط الإنسانية: انسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وتشكيل لجنة تكنوقراطية لإدارة غزة. المفاوضات: المفاوضات مستمرة بين ويتكوف ورون ديرمر المقرب من نتنياهو في واشنطن، وبشارة بحبح ممثل حماس في الدوحة. الخلافات والعقبات: رفض إسرائيل للمقترح في البداية، معتبرة أن موقف حماس شوه العرض الأميركي. خلاف حول الجدول الزمني لإطلاق الرهائن، حيث ترغب إسرائيل في إطلاقهم دفعة واحدة في بداية وقف إطلاق النار، فيما تفضل حماس إطلاقهم على مراحل لضمان الالتزام المتبادل. خلافات على تفاصيل مثل أسماء الرهائن والأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، وآليات الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية. بدوره، يرى البيت الأبيض أن الاتفاق قريب لكنه مؤقت في البداية، مع أمل في تحويله إلى حل طويل الأمد وسلمي للصراع. استمرار الضغوط السياسية والأمنية على كلا الطرفين، مع احتمال توصلهم إلى تسوية وسطى تخفف من حدة الحرب في غزة وتفتح الطريق لمفاوضات أوسع. سموتريتش وكاتس يعلنان عن إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية أعلن وزيرا الدفاع والمالية الإسرائيليان، يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش، الخميس، موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، في خطوة وصفها الوزيران بـ'التاريخية' لتعزيز الاستيطان في يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية). وجاء القرار الذي تم اتخاذه بشكل سري الأسبوع الماضي، ليشمل إعادة تأسيس مستوطنتي هومش وشانور، إضافة إلى إقامة مستوطنات جديدة على طول الحدود الأردنية. واعتبر سموتريتش أن الاستيطان يشكل 'الجدار الدفاعي لدولة إسرائيل'، فيما وصفه كاتس برد 'ساحق على الإرهاب الفلسطيني'. يأتي هذا الإعلان ضمن خطة موسعة تهدف إلى تغيير واقع المنطقة وتعزيز مستقبل الاستيطان لسنوات مقبلة، كما تضمن القرار توجيهات للأجهزة الأمنية لمنع محاولات السلطة الفلسطينية تنفيذ إجراءات استيطانية في المنطقة (ج)، وعرقلة دخول العمال والمساعدات الخارجية المرتبطة بها. في سياق متصل، شهدت تل أبيب احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة، حيث اقتحم عشرات المتظاهرين مقر حزب الليكود الحاكم، ما دفع الشرطة إلى اعتقال 62 شخصًا، وسط اشتباكات أسفرت عن إصابة اثنين من عناصر الشرطة. وجاءت المظاهرات احتجاجًا على مرور 600 يوم على حرب غزة، ومطالبة بوقف الحرب وإبرام صفقة للإفراج عن 58 رهينة محتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، حيث يعاني معظمهم ظروفًا صعبة، وأكثر من نصفهم توفي. ونظم المتظاهرون اعتصامًا سلمياً أمام مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مؤكدين أن تحركهم يمثل 'الأغلبية الصامتة' التي تطالب الحكومة بالتحرك العاجل لإنهاء الأزمة الإنسانية. في ظل هذه التطورات، تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا في وقت تتسارع فيه التوترات السياسية والأمنية في المنطقة. نتنياهو يعلن اغتيال محمد السنوار في غزة أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي اغتال القيادي في حركة حماس محمد السنوار خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، مؤكداً أن العملية تأتي ضمن سلسلة هجمات تستهدف البنية القيادية للتنظيم. وخلال جلسة للكنيست، قال نتانياهو: 'خلال 600 يوم… غيّرنا فعلياً وجه الشرق الأوسط. أخرجنا الإرهابيين من أرضنا، وبقوة دخلنا قطاع غزة وقضينا على عشرات الآلاف من الإرهابيين، وقضينا على… محمد السنوار'. وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن السنوار قُتل جراء غارة جوية إسرائيلية نُفذت في 13 مايو بمدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة. وبحسب بيان سابق للجيش الإسرائيلي، استهدفت الغارة حينها مركز قيادة وتحكم تابعاً لحماس يقع تحت الأرض أسفل المستشفى الأوروبي في المدينة. ويُعد محمد السنوار من أبرز القادة العسكريين في كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، وهو الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، الذي تتهمه إسرائيل بتدبير هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي فجّر الحرب الأخيرة في القطاع. وكان يحيى السنوار قد قُتل أيضاً في غارة إسرائيلية في جنوب غزة خلال أكتوبر 2024. وتأتي هذه العملية في إطار حملة عسكرية إسرائيلية واسعة ضد قادة حماس، في ظل استمرار العمليات القتالية في القطاع منذ أكثر من عام ونصف، وسط تصاعد الضغوط الداخلية والدولية لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق بشأن مصير الرهائن.


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
ويتكوف: «انطباعات جيدة جدا» عن مفاوضات الهدنة في غزة واقتراح جديد قريبا
قال الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن لديه «انطباعات جيدة جدا» عن إمكان التوصل الى وقف لاطلاق النار بين «إسرائيل» وحركة «حماس» في غزة، متوقعا إرسال اقتراح جديد قريبا. وصرح ويتكوف للصحفيين في حضور الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض «لدي انطباعات جيدة جدا في شأن التوصل الى حل طويل الأمد، وقف موقت لإطلاق النار وحل طويل الأمد، حل سلمي لهذا النزاع»، بحسب «فرانس برس». من جانبه، قال ترامب للصحفيين إنه يتعين على الأطراف في غزة أن توافق على الوثيقة التي قدمها ويتكوف، وأكد أن إدارته تعمل على تسريع توصيل المواد الغذائية للفلسطينيين في غزة. وأضاف «نتعامل مع الوضع برمته في غزة، نوصل الغذاء لسكان غزة، الوضع شنيع جدا». إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين وجثث وفي وقت سابق، قالت حركة المقاومة الفلسطينية «حماس)» إنها توصلت لاتفاق على إطار عام مع ويتكوف يحقق وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا كاملا للاحتلال من القطاع. - وفي بيان لها، ذكرت «حماس» أن الاتفاق مع ويتكوف يتضمن إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين وجثث مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين بضمان الوسطاء. وجاء في البيان أن حركة حماس «تبذل جهودًا كبيرة لوقف الحرب الهمجية على قطاع غزة، وكان آخرها التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف على إطار عام يحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتدفق المساعدات، وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق».


الوسط
منذ 18 ساعات
- الوسط
الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات
"لم يكن ثمة شعورٍ يُضاهي ما اختلج في صدري وأنا أقترب من أطهر بقاع الأرض... فرحٌ لا تُحيط به الكلمات، وحُلمٌ طال انتظاره أصبح واقعاً" هكذا عبّر العقيد المتقاعد رياض الأسعد عن مشاعره خلال رحلته إلى مكة، ضمن بعثة الحج السورية لعام 2025. ويقول الأسعد، في مقطع مسجلٍ نشره عبر حسابه على منصة اكس (تويتر سابقاً) "هي المرة الأولى - منذ سنوات- التي لا يغادر فيها السوريون لأداء الحج من مطارات العالم، بل عادوا إلى الانطلاق من وطنهم". الأسعد، الذي انشقّ عن جيش النظام السوري في بدايات الثورة عام 2011، أعلن حينها تأسيس "الجيش السوري الحر"، الذي أصبح لاحقاً من أبرز التشكيلات العسكرية المعارضة. ولعب دوراً بارزاً في تحركات "الثورة المسلحة"، داعياً إلى توحيد الصفوف وإذابة الخلافات بين قوى المعارضة المختلفة وإقامة نظام ديمقراطي، قبل أن يُصاب إثر انفجار في منطقة دير الزور شمالي سوريا، نُقل على إثره إلى تركيا لتلقي العلاج. واليوم، بعد أكثر من عشر سنوات على لحظة انشقاقه، يعود الأسعد لأداء فريضة الحج، على متن أول رحلة حج سورية تنطلق من مطار دمشق الدولي منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. بعد عقد من الغياب: تنظيم موحد للحج السوري من داخل البلاد وإذا كان العقيد رياض الأسعد قد عبّر عن مشاعره الجيّاشة لحظة اقترابه من مكة، فإن الانطلاق من مطار دمشق لم يكن أقل تأثيراً بالنسبة لكثير من الحجاج السوريين، فقد حملت هذه اللحظة رمزية عاطفية خاصة بعد سنوات من الشتات. يقول الحاج عبيدة الكاطع: "حين وصلنا إلى المطار، غمرنا شعور بالعزة والفخر، وأحسسنا حقيقةً أننا مواطنون يُحترمون، هناك من يسأل عنا ويهتم بشؤوننا ويرعانا". تعد رحلة هذا الموسم انعطافة هامة في تنظيم شؤون الحجاج السوريين، حيث إن الرحلات عادت لتنطلق، وفق ترتيبات جديدة، بشكل مباشر من دمشق، بعد أكثر من عقد من غياب التنسيق مع الجانب الرسمي في سوريا. جاء هذا التغيّر في سياق التحوّلات السياسية التي شهدتها البلاد أواخر عام 2024، مع تشكيل حكومة انتقالية تولّت إدارة شؤون الداخل، من بينها ملف الحج الذي ظلّ لسنوات طويلة خاضعاً لترتيبات استثنائية وغير مستقرة منذ عام 2011. وزير الأوقاف السورية محمد الخير أبو شكري قال خلال لقائه حجاجاً سوريين إن هذا الحج "هو الأول بعد تحرير سوريا من النظام البائد"، وأضاف: "أكرمني الله أن أكون في خدمة حجاج بيت الله، وهم يغادرون من مطار دمشق الدولي في أول رحلة إلى بيت الله الحرام نقوم فيها بوداعهم وخدمتهم". BBC منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، خرج ملف الحج من أيدي المؤسسات الرسمية في دمشق، إذ توقفت السلطات السعودية عن اعتماد وزارة الأوقاف السورية جهةً مسؤولةً عن تنظيم شؤون الحجاج، لترد الأخيرة - حينها - باتهام السعودية "بمنع الحجاج السوريين من أداء فريضة الحج في سابقة لم يشهد لها التاريخ الإسلامي مثيلاً". وبدلاً من ذلك، تم تسليم المهمة إلى "لجنة الحج العليا" التابعة للائتلاف السوري المعارض، والتي أدارت الملف لأكثر من 12 موسماً متتالياً. جرى التنسيق بين اللجنة والسلطات السعودية لتنظيم سفر السوريين إلى الحج من عدة دول، أبرزها تركيا، الأردن، لبنان، كما سُمح في بعض المواسم لسوريين داخل البلاد بأداء الفريضة بعد الحصول على تأشيرات خاصة من سفارات أجنبية. ويقول الكاطع وهو رئيس لمجموعة تنظّم عمل الحجاج "في فترة التهجير، افتتحت لجنة الحج مكاتب في شمال سوريا، في معبري باب الهوى وباب السلامة، كما أسّست 3 مكاتب في تركيا، ومكاتب أخرى في لبنان، الأردن، مصر، الكويت، الإمارات، وقطر، لتخدم الجاليات السورية الكبيرة هناك". ويبين في حديثه لبي بي سي أن "إصدار التأشيرات في تلك الفترة أمر بالغ الصعوبة، بسبب تباين الإجراءات بين الدول المُعتمدَة لإصدار التأشيرات منها". خلال تلك السنوات، لم يكن هناك رقم موحد أو دائم لعدد الحجاج السوريين، إلا أن متوسط الأعداد تراوح بين 12,000 و19,000 حاج سنوياً بحسب بيانات لجنة الحج العليا والسلطات السعودية. وشهدت تلك الأرقام تقلبات تبعاً للظروف الأمنية، وسياسات الاستقبال في دول الجوار، وإمكانية وصول السوريين إلى نقاط السفر. وغالباً ما كانت أولوية الاختيار تُمنح للمقيمين في الخارج، ما ترك كثيرين في الداخل السوري، لا سيما في المناطق المحاصرة أو الخارجة عن السيطرة الرسمية، بلا فرصة واضحة لأداء الفريضة. فيزا إلكترونية ونظام تدرجي واختيار بالقرعة ومن بين أبرز الترتيبات الجديدة التي رافقت هذا التحوّل، وفق الهيئة السورية للحج والعمرة، اعتماد نظام قرعة إلكترونية متكامل، شمل السوريين في الداخل والخارج، حيث خصص 7 في المئة من المقاعد للحجاج الذين تجاوزوا سن السبعين، فيما جرى توزيع باقي المقاعد على فئات عمرية محددة. ويقول أحمد عبد الهادي طويل، وهو رئيس مجموعة تابعة للجنة تنظيم الحج "بدأنا العمل مع لجنة تنظيم الحج منذ عام 2013، ومنذ ذلك الحين نشهد تطوراً ملحوظاً في الترتيبات عاماً بعد عام، والحمد لله، الانطباعات دائماً إيجابية". ويضيف لبي بي سي : "في السابق، كانت تأشيرات الحج تُستخرج من أربع دول فقط: لبنان، الأردن، مصر، وتركيا، أما هذا العام، ولأول مرة، أصبح بإمكان الحجاج استخراج التأشيرات من داخل سوريا، حتى عبر نظام التأشيرة الإلكترونية، وهو تطور مهم يسهل الإجراءات ويعزز الاستقلالية". ويقارن الكاطع بين الإجراءات السابقة والحالية إذ يقول"سابقاً، كانت كل مجموعة حجيج تعمل بشكل منفصل، وتسكن في مدارس أو أماكن غير مرخّصة، في ظروف عشوائية، لكن بعد أن تسلّمت لجنة الحج المهمة تغير الوضع بشكل جذري". وأكد أنه "أصبح هناك انتظام وتواصل واضح بين المجموعات، وتحسّن مستوى السكن بشكل كبير، إذ باتت جميع الإقامات في فنادق مصرح بها من وزارة الحج السعودية". ويضيف"حتى في المدينة المنورة، يقيم جميع الحجاج السوريين في فنادق خمس نجوم، دون تمييز بين فئة وأخرى. كما أصبحت كلفة الحج موحّدة، ليس فقط للسوريين داخل البلاد، بل أيضاً لأولئك المقيمين في الخارج." ووفق البيانات الرسمية، بلغ عدد المتقدّمين 43,215 شخصاً، جرى اختيار 22,500 منهم عبر قرعة إلكترونية معلنة. وبلغ عدد الحجاج المختارين من فئة من تجاوزوا السبعين عاماً 1,575 حاجاً، يرافقهم 1,360 مرافقاً، يشمل السوريين داخل البلاد وخارجها، وذلك عبر منصات إلكترونية ومراكز ميدانية أنشأتها وزارة الأوقاف الجديدة في عدد من المحافظات. BBC "لم يُعامل الحجاج على أساس مناطقي، بل كمواطنين سوريين متساوين في الحق والفرصة" خلال عهد النظام السابق، اضطرّ كثير من الحجاج السوريين إلى السفر بجوازات غير سورية، أو استخراج وثائق مرور مؤقتة، أو الالتحاق بحملات حج لا تتبع لبلادهم. وقد جعل ذلك أداء الفريضة، في كثير من الأحيان، مرهوناً بالعلاقات الشخصية أو الإمكانات المالية، بدلاً من أن يكون ضمن مسار رسمي متاح لجميع السوريين. السفر هذا العام يتم لأول مرة منذ نحو عقد مباشرة من مطار دمشق الدولي، وهو ما أتاح للحجاج من المحافظات المختلفة الوصول إلى مكة دون المرور بدول الجوار. في المقابل، لا تزال بعض الأصوات التي استمعت إليها بي بي سي وفضّلت عدم الافصاح عن هويتها، ترى أن فرص الوصول للحج لم تتساوَ بشكل كامل، إذ أن بعض المناطق التي تعيش أوضاعاً خاصة، سواء كانت جغرافية أو إدارية أو سياسية، لا تزال تواجه صعوبات في ضمان تسجيل الراغبين فيها، أو في توفر مكاتب معتمدة تغطي حاجاتهم. لكن يؤكد كل من أحمد طويل والكاطع أن "اختيار الحجاج هذا العام شمل جميع المناطق السورية دون استثناء، بما في ذلك الحسكة، دير الزور، الرقة، اللاذقية، وحتى المناطق القريبة من خطوط التماس". ويشددان على أن "التعامل مع الحجاج لم يُبنَ على أسس مناطقية أو سياسية، بل تم باعتبارهم مواطنين سوريين متساوين في الحق والفرصة، ومن مختلف الأطياف." BBC وقد حددت الوزارة كلفة الحج لهذا العام بـ4,900 دولار أمريكي، تشمل الإقامة والمواصلات داخل الأراضي المقدسة والخدمات الصحية والإدارية. ويقول أحمد طويل إن التكلفة "تُعد من بين الأقل مقارنة بالدول الإسلامية الأخرى، وهي قريبة من أسعار السنوات الماضية" مضيفاً "في العام الماضي كانت التكلفة نحو 4700 دولار، وقد تم هذا العام تقديم خدمات إضافية للحجاج". ويشير هنا أيضاً إلى أن غياب ناقل وطني رسمي "أثر على التكلفة بعض الشيء، لكنه لم يمنع من الحفاظ على مستوى جيد من الخدمات والسعر". فيما يوضح الكاطع أن الكلف الحالية تشمل الترتيبات الحالية المتعلقة بـ "التنقّلات الجماعية ووجبات الإفطار اليومية والموائد المفتوحة، وهدايا من وزارة الأوقاف السورية، إضافة إلى الخدمات المقدّمة من المملكة العربية السعودية". "خروجنا من مطار جدّة لم يستغرق نصف ساعة" ويشير أحمد طويل إلى أن الدخول إلى السعودية كان منظماً وسلساً، قائلاً: "البعثة دخلت عبر مطار جدة، واستغرقت إجراءات الخروج من المطار قرابة نصف ساعة فقط، وهو وقت يُعد ممتازاً بالنظر إلى حجم البعثة وطبيعة الترتيبات". من الناحية التنظيمية، جرى إرسال بعثات طبية وإدارية سورية إلى السعودية لمرافقة الحجاج وتوفير الدعم الميداني، كما تم توقيع اتفاقات خدمية مباشرة مع مؤسسات سعودية معنية بالحج، بما في ذلك شركات النقل والإعاشة والإيواء. وبحسب وزير الأوقاف أبو شكري، فقد جرى توزيع الحجاج على المخيمات بطريقة "تعتمد معيار العدد والمنطقة الجغرافية دون اعتبارات إضافية"، في محاولة لتفادي ما وُصف سابقًا بالتفاوت في الخدمة. BBC وبينما تستمر هذه الترتيبات الجديدة، يُنظر إلى موسم الحج لعام 2025 بوصفه مرحلة انتقالية اختبارية لملف ظل طوال 12 عاماً معقّداً ومتداخلاً بين أبعاد عدّة. فمنذ بدء الأزمة السورية عام 2011، لم يكن تنظيم الحج شأناً دينياً فحسب، بل ارتبط أيضاً بواقع الانقسام السياسي، وتوزع السيطرة الميدانية، وظروف الشتات التي دفعت مئات الآلاف من السوريين لأداء المناسك من دول مجاورة، كلٌ بحسب موقعه وظروفه.