سؤال الأضحية المتجدد
عمّا قريب ستزدحم شوارعنا بحظائر وزرائب تعج بالخرفان وتتحول ديناميكياً في أيام العيد، خصوصا في القرى والبلدات البعيدة عن العاصمة، إلى مسالخ بدائية يدوم أثرها شهراً أو شهرين على شكل روائح ودماء وكراعين مرمية هنا وهناك. وسترتفع نسبة الكولسترول والدهون في الناس لتصل مستويات كبرى تهمز داء نقرسنا.في هذا المسار لن أقف عند السؤال الذي صدح به أحدهم قبل سنوات عبر إذاعة محلية طالباً فتوى شرعية، إن كان يحق له أن يأخذ قرضاً من بنك، ليشتري ذبيحة، يتقرب بها إلى الله تعالى في عيد الأضحى؟ بالطبع سأترك الفتوى لأصحابها، وسأقف متأملاً مستهجناً بلداً فقيراً شحيحاً بثروته الحيوانية وأمطاره، ومديوناً حتى شوشة رأسه لثلاثة أجيال قادمة على الأقل، يستورد كل هذه الذبائح بالعملة الصعبة، ليهرق دمها في أربعة أيام؟ بالطبع لا أحد يتحدث عن الذبائح البلدية، فأسعارها ستبقى خارج نطاق القدرة الشرائية لأن أعدادها تقلصت وتلاشت عبر العقود الماضية وهي تصدر لدول الجوار. بلادنا كانت بلاد خير وحلال (ما زلنا نسمي الغنم والماشية حلالاً)، ولكننا تركنا تربيتها، ولم نحافظ عليها، ولم ننمها، لأننا لم نزرع شعيرا لها، وتركنا أرضنا بوراً، تذروها الأشواك والغبار، وسيقول قائل: المطر قليل. وهذا صحيح، ولكن أعلاف المواشي، تنمو على شحيح المطر، لو أردنا، ولكنها (قلة حيل) فينا. أجدادنا كان لهم مسميات للذبائح، تصب في نهاية واحدة: وليمة عرمرمية. فهناك ذبيحة البيت، عند رفع أعمدة بيت الشعر، وذبيحة للبيدر، بعد انتهاء جمع الغلال، وذبيحة الشراكة، إن ابرموا اتفاقاً مع بعضهم، وذبائح القِرى للأعراس، وذبيحة للضيف، وذبيحة العتبة عند سكن بيت جديد، وذبيحة الفرس حين شرائها أو بعد أن يستعيد المثاني (المهرتين الأولى والثانية) من فرس باعها، وذبيحة الكسب (ويسمى عندهم الفود)، إن عادوا غانمين من الغزو، وذبيحة الفاردة إن مرت في بلد وهي في طريقها لدار العريس، وذبيحة للولد، وأخرى لطهوره، وذبيحة الطاحونة، وغيرها.أي أن أجدادنا الكرام رحمهم الله كانوا يختلقون أية مناسبة صغيرة، كانت أم كبيرة؛ ليريقوا دم خروف، أو كبش، أو تيس أو جدي أو نعجة، ويرتعوا بالهبر، ويغوصوا في مناسفهم المتللة، ولكنهم عوضوا ذلك بالزراعة وبشدة الحيل، وبتربية الحلال، والاهتمام به، وبتنميته. ولتظل ثروتهم الحيوانية متزايدة. اليوم سننفق ملايين الدنانير على ذبائح أغلبها ولدت ونمت وتربربت وسمنت بغير أرضنا، وبغير شعيرنا وعلفنا وبغير جهدنا، وهذا الأمر سيعيدني متأملاً سؤالي الواخز الذي طرحته العام الفائت: هل هذا يرضي الله ويتقرب إليه بعمل الصالحين؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 8 ساعات
- سرايا الإخبارية
"من الأندلس إلى مكة .. رحلة حج على ظهر الخيول"
سرايا - قطع ثلاثة حجاج إسبان طريق الحج إلى مكة على ظهور الخيل، سافرين آلاف الكيلومترات تحت المطر والثلج، على طريق يقولون إنه لم يُسلك منذ أكثر من 500 عام. عبد القادر حركاسي عيدي، وطارق رودريغيز، وعبد الله رافائيل هيرنانديز مانتشا، انطلقوا من جنوب إسبانيا في أكتوبر، ومرّوا عبر فرنسا، إيطاليا، سلوفينيا، كرواتيا، البوسنة، صربيا، بلغاريا، تركيا، سوريا، والأردن، حتى وصلوا إلى السعودية في مايو. ووصف الثلاثي لحظة وصولهم إلى مكة بأنها عاطفية للغاية، وقالوا إن هذا الطريق لم يُسلك منذ عام 1491. وأشار حركاسي إلى أن الرحلة من إسبانيا إلى الكعبة في المسجد الحرام بمكة قطعت حوالي 8000 كيلومتر. وقال من مشعر عرفات جنوب شرق مكة: "قطعنا كل هذه المسافات، واستجاب الله لدعائنا... كنا أمام الكعبة، وتمكنا من لمسها، وهنا أصبحت الـ8000 كيلومتر لا تعني شيئًا". وعلى مدار شهور الرحلة، مرّوا بمناظر طبيعية خلابة ومعالم تاريخية، أبرزها قلعة حلب وجامع بني أمية في سوريا. كما صادفوا سكة حديد عثمانية قديمة كانت تربط إسطنبول بالسعودية، فاتبعوها أيامًا لتقودهم إلى صحراء المملكة. لكن الرحلة لم تخلُ من التحديات؛ فقد فقدوا خيولهم في البوسنة، ليجدوها لاحقًا في منطقة ألغام. ولم يتمكن أحد من دخول المنطقة بسبب المتفجرات، لكن الخيول خرجت سالمـة، بحسب حركاسي. وأوضح أن الجانب الإنساني للرحلة كان الأكثر قيمة لهم، قائلاً: "حين لم يكن لدينا شيء، ساعدنا الناس في إطعام خيولنا، ومدّونا بالطعام والمال، وحتى عندما تعطلت سيارتنا المرافقة، قاموا بإصلاحها لنا. الناس كانوا مذهلين". وختم بالقول: "أعتقد أن هذا دليل على أن المسلمين متّحدون، وأن الأمة الواحدة التي يتطلع إليها كل مسلم... هي أمر واقعي". أ ب


أخبارنا
منذ 9 ساعات
- أخبارنا
أضحى الأردنيين.. مناسبة تتجدد فيها الروابط وتعانق الروح الطمأنينة
أخبارنا : يتجدد في كل عام عبق عيد الأضحى المبارك، حاملاً في طياته معاني الإيمان العميقة، وأجواء البهجة التي تتداخل مع العادات الاجتماعية المتوارثة، في مشهد يجمع بين الروحانية والإنسانية. ويعكس مكانة هذا العيد في وجدان المسلمين. ومع إشراقة صباح العاشر من ذي الحجة، يبدأ الأردنيون يومهم بأداء صلاة العيد، التي توحد القلوب في لحظة إيمانية صافية، تتعالى فيها أصوات التكبيرات في المساجد والساحات العامة، إيذانًا بانطلاق أيامٍ تزخر بالتقوى والمحبة. ويُقبل الناس على ذبح الأضاحي، اقتداءً بسنة نبي الله إبراهيم عليه السلام، وتوزيع لحومها على الأقارب والفقراء، في صورة من صور التكافل والتراحم الاجتماعي، التي تميز هذا العيد عن سواه. وتتزين المنازل والأحياء الأردنية بأجواء الفرح، حيث تُحضّر الأكلات الشعبية مثل المنسف والمعمول والكعك، وتكثر الزيارات العائلية وصلة الأرحام، في مشهد يعبّر عن عمق التقاليد المتأصلة في المجتمع الأردني. ويقول محمد خريسات (48 عامًا)، من مدينة السلط، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، "عيد الأضحى المبارك يحمل في جوهره المعاني السامية، ويجمعنا حول قيم الإيمان والعطاء، كما يمثل مناسبة لتقوية الروابط الاجتماعية وتذكيرنا بأهمية الرحمة والتسامح". وترى أم محمد المنظوري، وهي ربة منزل من إربد، أن العيد يشكل فرصة لإدخال الفرح على قلوب الأطفال، مشيرة إلى أن الأضحية ليست فقط سنة مؤكدة، بل وسيلة لمساعدة المحتاجين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البعض. أما رهف القواسمة، طالبة جامعية من عمّان، فتقول: "رغم الانشغال بالدراسة والعمل، فإن العيد يجمعنا كأسرة على مائدة واحدة، ويمنحنا لحظات من السكينة والفرح الذي نفتقده في خضم الحياة اليومية". ويعبّر الطفل ركان الحوراني (10 أعوام) عن فرحته قائلاً: "أحب العيد لأنه وقت الفرح والزيارات، أرتدي ملابس جديدة، وأزور الأقارب والأصدقاء، وأحصل على العيدية، كما أرافق والدي لتوزيع لحوم الأضاحي، وهذا يشعرني بالسعادة". وأكد الإمام والخطيب الحارث نوافلة، أن عيد الأضحى المبارك يمثل مناسبة عظيمة لتعزيز القيم الدينية في نفوس الناس، مشيراً إلى أن هذه الأيام المباركة تحمل دعوة صادقة إلى التسامح والمحبة. وبين نوافلة أن الأضحية رمز عميق للعطاء والتشارك، مبينا أن العيد فرصة لترسيخ ثقافة التكافل بين أفراد المجتمع وتقوية الروابط الاجتماعية، خاصة في ظل التحديات التي تستدعي المزيد من التراحم والتضامن. ولفت إلى أن العيد مناسبة كريمة "لإصلاح أحوالنا، ولم شعثنا، وإفراغ قلوبنا من ضغائن الحقد والحسد"، داعياً المؤمنين إلى الإقبال على بعضهم "بقلوب صافية نقية". وأوضح أن روح العيد لا تكتمل إلا بنشر الخير ومساعدة المحتاج، مؤكداً أن "من شعار هذا اليوم دعوة المسلمين بعضهم بعضا: تقبل الله منا ومنكم". --(بترا)


وطنا نيوز
منذ 10 ساعات
- وطنا نيوز
وفيات الجمعة 6 – 6
انتقل إلى رحمة الله تعالى، اليوم الجمعة 6- 6 – 2025 كل من: فاطمة حسن سالم الفقهاء ارملة صلاح عايد الفقهاء. صلاح عودة أحمد ابو ربيع نورة احمد البخيت الوشاح عبير سليمان الذياب ابو زيد، زوجة حازم خالد ابو زيد علي عبدالله جبر هديل عبد محمد خليفة العنيزات علي محمد مرعي القضاة نعمة عقلة ابراهيم عمايرة عدنان محمود الشربجي جانيت اندراويس ميخائيل الدير ناصر صادق ادعيس ابراهيم خليل مصطفى عبابنة إنا لله وإنا إليه راجعون