
الحوار الاجتماعي والحماية الاجتماعية: هل تتحول طاولة التفاوض إلى أداة لإعادة التوازن الاجتماعي والاقتصادي؟
في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب، تتجه الأنظار نحو مؤسسة الحوار الاجتماعي ليس فقط كآلية لحل النزاعات، بل كرافعة استراتيجية لتعميم وتقوية الحماية الاجتماعية للأجراء. فهل نعيش لحظة مفصلية تفرض إعادة تعريف وظائف هذا الحوار بما يتجاوز الطابع الموسمي والوظيفي إلى دور بنيوي يضمن الحماية والكرامة ويعيد الثقة في المؤسسات؟
أبعاد متعددة للحماية الاجتماعية في صلب الحوار:
من خلال ما تطرق إليه عبد الرحيم الرماح، رئيس منتدى التنمية الاجتماعية، في مقالاته ومداخلاته، يتضح أن الحماية الاجتماعية ليست فقط أداة لضمان الحد الأدنى من الأمان الاجتماعي، بل مدخل رئيسي لحماية المقاولة الوطنية وتقوية النسيج الاقتصادي. لكن كيف يمكن للحوار الاجتماعي أن يواكب هذا الدور التحويلي؟ وما هي الشروط المؤسسية والبنيوية اللازمة لذلك؟
الإشكالات البنيوية لغياب التصريح وضُعف المراقبة:
عند تفكيك وضعية التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يطفو على السطح مشهد معقد من الخروقات البنيوية التي تطال معظم القطاعات، بل وحتى المؤسسات التي يُفترض أن تكون نموذجا في الامتثال. فهل نحن أمام خلل في الإرادة السياسية، أم أمام منطق اقتصادي يغذيه التساهل مع المخالفات؟
قراءة في أبرز القطاعات المتضررة:
المقاولات الصغيرة والمتوسطة:
في ظل منافسة غير متكافئة، يصبح التهرب من التصريح وسيلة للبقاء، لكن ذلك يُنتج هشاشة جماعية تُفقد الاقتصاد تماسكه.
قطاع البناء:
أكبر مظاهر الفوضى وغياب التصريحات، وهو ما يطرح تساؤلات حول غياب ربط الدعم العمومي بالامتثال القانوني.
القطاع الفلاحي:
رغم التنظيم المهني القوي، فإن الخروقات مستمرة، مما يستوجب جلسة حوار ثلاثي مخصصة لهذا القطاع.
قطاع المناولة والمقاهي والمطاعم:
غياب الرقابة وتراخي الجهات المانحة للعقود يفرغ دفاتر التحملات من مضمونها.
النقل والخدمات التقليدية:
ملفات قديمة تعود إلى عهد حكومة عباس الفاسي، لكنها ما زالت تبحث عن تفعيل حقيقي للاتفاقات.
هل اللجنة الثلاثية هي الحل؟
يقترح الرماح إحداث لجنة وطنية ثلاثية تنبثق عنها لجان جهوية وإقليمية، فهل يمكن لهذا التصور أن يحوّل العمل الرقابي من مركزية بيروقراطية إلى تدبير ترابي وقائي وفعّال؟ وماذا عن تمثيلية الفئات الهشة داخل هذه اللجان؟
تحديات التحول من المقاربة الزجرية إلى التحفيزية:
الرهان لا يكمن فقط في تفعيل القانون، بل في إعادة بناء الثقة بين الأجراء، المشغلين والدولة. فهل نملك من أدوات التحفيز ما يكفي لتغيير السلوكيات؟ أم أن الخلل يكمن في غياب آلية للتقييم المستقل والشفاف لبرامج الحماية؟
خاتمة تحليلية:
ما بين طموح تأمين العدالة الاجتماعية وواقع اقتصاد قائم على الهشاشة واللا تصريح، تبدو الحماية الاجتماعية اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على إعادة هندسة العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع. والحوار الاجتماعي، إذا ما تم تطوير آلياته ومأسسته، قد يتحول من وسيلة تفاوض موسمية إلى فضاء دائم لصناعة القرار الاجتماعي والاقتصادي.
سؤال مفتوح للمتابعة:
هل يُمكن أن يتحول الحوار الاجتماعي إلى منصة لإعادة بناء تعاقد اجتماعي جديد في المغرب؟ أم أن منطق التدبير الظرفي سيظل سيد المرحلة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 35 دقائق
- عبّر
المغرب والإمارات..توقيع اتفاقيات لتنفيذ عدة مشاريع بقيمة 14 مليار دولار
جرى توقيع اتفاقيات استثمار بين مستثمرين مغاربة وإماراتيين تقارب قيمتُها 14 مليار دولار لتنفيذ عدة مشاريع، تشمل خصوصا البنى التحتية لإنتاج ونقل الكهرباء من مصادر متجددة وتحلية مياه البحر. وأعلن كل من صندوق محمد السادس للاستثمار وفرع شركة طاقة الإماراتية في المغرب وشركة ناريفا، في بيان تشكيل ائتلاف لتطوير بنيات تحتية جديدة لنقل المياه والكهرباء، وإنشاء قدرات جديدة لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة. وتم توقيع ثلاث اتفاقيات بهذا الخصوص مع الحكومة المغربية والمكتب الوطني للماء والكهرباء، وفق البيان. وأوضحت شركة طاقة-المغرب، في بيان منفصل، أن القيمة الإجمالية لهذه المشاريع تقارب 130 مليار درهم في أفق العام 2030″. تشمل هذه المشاريع خصوصا إنشاء خط بطول 1400 كيلومتر لنقل الكهرباء من محطات توليد ريحية في الأقاليم الجنوبية إلى الدار البيضاء، بهدف إنتاج 1200 ميغاواط في تلك المحطات.


اليوم 24
منذ 35 دقائق
- اليوم 24
أحد شدا رئيس جماعة بني ملال يمثل اليوم أمام الوكيل العام للملك
يمثل اليوم الثلاثاء أحمد شدا الرئيس السابق لجماعة بني ملال والبرلماني الحركي السابق رفقة 17 شخصا آخرين على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بعد انتهاء تحقيق الفرقة الوطنية في هذا الملف. ويرتقب بعد عرض المتابعين ومنهم شدا الذي يوجد في حالة سراح، على الوكيل العام أن تتخذ قرارات المتابعة في حق عدد من المعنيين ولا يستبعد أن تشمل اتخاء قرار بالاعتقال في حق شدا وبعض المتابعين وقد يحال الملف على قاضي التحقيق. وكان شدا يشغل منصب رئيس لجنة الداخلية بمجلس المستشارين ورئيسا لجماعة بني ملال كما انتخب في مجلس النواب في انتخابات 2021، ولكن تم اسقاطه بحكم قضائي وتجريده من منصبه البرلماني بقرار من المحكمة الدستورية. وجاءت المتابعة إثر تحقيق للمفتشية العامة لوزارة الداخلية كشف اختلالات في مشاريع جماعة بني ملال، أحيل على النيابة العامة التي كلفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتحقيق. وجاء قرار المحكمة الدستورية، بعد اطلاعها على الرسالة المسجلة بأمانتها العامة في 17 يناير2023، التي يطلب فيها وزير العدل عبد اللطيف وهبي من المحكمة الدستورية التصريح بتجريد أحمد شدا، المنتخب بالدائرة الانتخابية المحلية 'بني ملال' (إقليم بني ملال) في الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021، من صفة نائب بمجلس النواب. جاء ذلك إثر صدور قرار نهائي بعزل البرلماني أحمد شدا، من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بني ملال بسبب ارتكابه خلال رئاسته للمجلس المذكور أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ومنافية لأخلاقيات تدبير المرفق العام وهي الأفعال التي كانت موضوع متابعة قضائية.


LE12
منذ ساعة واحدة
- LE12
بوريطة: حل الدولتين 'هو الحل الوحيد الذي لا خاسر فيه'
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن المملكة المغربية، انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية ورئاستها وأوضح بوريطة في كلمة ألقاها خلال افتتاح الاجتماع الخامس للتحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين، الذي تنظمه المملكة المغربية بشراكة مع مملكة هولندا، تحت شعار: 'استدامة الزخم لعملية السلام: الدروس المستفادة، قصص النجاح، والخطوات القادمة'، أن حل الدولتين 'هو الحل الوحيد الذي لا خاسر فيه، لأن الجميع سيربح: الفلسطينيون حريتهم وكرامتهم، والإسرائيليون أمنهم واستقرارهم، والمنطقة بأسرها فرصها في التنمية والتقدم'. واعتبر أن حل الدولتين ليس شعارا أجوفا، ولا غطاء لمزايدات دبلوماسية، بل هو التزام أخلاقي، وخيار سياسي واقعي، لا يحتمل التأجيل أو التسويف، قائلا في هذا الصدد 'لقد جُربت الحروب، ومورس العنف من كل الأطراف، دون أن يُفضي إلى سلام، أو يُحقق أمنا دائما. أما اليوم، فبات من الضروري أن يترجم هذا الخيار إلى خارطة طريق زمنية، بخطوات واضحة ومسؤولة'. وبحسب بوريطة، ينبغي الاعتراف بأن 'هناك من يخسر فعلا مع تحقق هذا الحل، وهم المتطرفون من كل الأطراف، الذين لا يتغذون إلا على نار الصراع، ولا يعيشون إلا في ظله. وهم أيضا أولئك الذين يتاجرون بالشعارات ويدعون مساندة الشعب الفلسطيني دون أن يقدموا له حتى كيس أرز، لأنهم ببساطة يفضلون راحة المعارضة على مسؤولية الفعل'. وأشار إلى أن حل الدولتين ليس فكرة عابرة، بل هو خيار تاريخي أقره المجتمع الدولي منذ عقود، لافتا إلى أن هذا الحل ظل، رغم تعاقب الأزمات، هو الأفق الممكن والوحيد لتسوية عادلة ودائمة، تمكن من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. فعلى امتداد تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يضيف السيد بوريطة، 'كنا نقترب أحيانا من هذا الأفق ونبتعد منه أحيانا أخرى، لكنه يظل بوصلتنا نحو تسوية سلمية في مصلحة الشعبين وشعوب المنطقة بشكل عام، بما يمكن من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدودها وفق الشرعية الدولية'. وفي هذا السياق، ذكر بأن المغرب كان، بقيادة ملوكه، وفيا لهذا الأفق. فمنذ عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، إلى عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس لجنة القدس، ظلت الدبلوماسية المغربية تشتغل بعزم وهدوء، في صمت أحيانا، ولكن دائما بحكمة وفعالية، من أجل تقريب وجهات النظر وتعزيز فرص السلام العادل. وحرص بوريطة على التأكيد على أن جلالة الملك وضع، بوضوح، محددات الخروج من المأزق الحالي، في خطابه إلى القمة العربية الأخيرة ببغداد، والتي تتمثل، على الخصوص، في الوقف الفوري للعمليات العسكرية، كأولوية إنسانية وسياسية؛ والتصدي للاعتداءات في الضفة الغربية، بما في ذلك الهدم والترحيل القسري ، وتأمين المساعدات الإنسانية، دون عراقيل أو شروط؛ ودعم وكالة الأونروا لتواصل دورها الإنساني؛ وإطلاق خطة متكاملة لإعادة الإعمار تحت غطاء مقررات قمة القاهرة الأخيرة وتحت إشراف السلطة الفلسطينية وبمتابعة عربية ودولية. من جهة أخرى، أوضح بوريطة أن مقاربة التحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية، أولها استلهام نجاحات الماضي للتوجه نحو مستقبل واعد، قائلا في هذا الصدد: 'نحن لا نستحضر اتفاقيات السلام السابقة لتبرير الفشل، بل لنثبت أن السلام ليس سرابا، بل أفقا قابلا للتحقيق متى توفرت الإرادة'. وبالنسبة للمحور الثاني، فيتمثل في تعزيز الدعم المؤسساتي للسلطة الوطنية الفلسطينية. فالسلطة الوطنية، بقيادة الرئيس محمود عباس، هي الشريك الوحيد الممكن، وتعزيز قدراتها ومكانتها ضرورة من أجل إنجاح حل الدولتين، وليس شرطا مسبقا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فسيادة الشعوب لا تُمنح مشروطة. أما المحور الثالث، فهو ترسيخ البعد الاقتصادي في عملية السلام، يضيف الوزير، فلا سلام دون قاعدة اقتصادية متينة. 'اقتصاد السلام' يجب أن يكون أداة للتكامل، ورافعة للتعايش، ومنصة لإطلاق مشاريع مشتركة. وفي هذا السياق، أكد السيد بوريطة أن وكالة بيت مال القدس يمكن أن تضطلع بدور محوري في دعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني، كما ظلت تضطلع بذلك منذ سنوات بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس. واستطرد قائلا: 'لكن، فلنكن واضحين: لا يمكن لأي دعم اقتصادي أن يكون بديلا عن الحل السياسي. لا نريد مسكنات مؤقتة، بل علاجا جذريا للصراع'. وبهذه المناسبة، دعا إلى إثراء وثيقة 'Compendium' التي تعتزم المملكة المغربية تقديمها بشكل مشترك مع مملكة هولندا. كما لم يفت بوريطة التنويه بالدور الريادي لكل من المملكة العربية السعودية، ومملكة النرويج، والاتحاد الأوروبي في قيادة التحالف، والتعبير عن دعم المملكة المغربية للرئاسة السعودية الفرنسية للمؤتمر رفيع المستوى من أجل حل سلمي للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المزمع عقده خلال الشهر المقبل بنيويورك. وشدد على أن عقد هذا الاجتماع في ظل الوضعية المأساوية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، وخاصة استمرار العدوان الاسرائيلي في قطاع غزة، ليس مجرد لقاء دبلوماسي، بل هو رسالة أمل لشعوب منطقة الشرق الأوسط، وخطوة عملية نحو إعادة تفعيل خيار الدولتين، وجعله واقعا ملموسا عبر إجراءات قابلة للتنفيذ. وفي هذا المنعطف التاريخي الحاسم، يؤكد الوزير، 'نؤمن بأن تحالفنا مؤهل ليكون من بين المبادرات الواعدة القادرة على ضخ نفس جديد في جهود السلام، واقتراح خطوات ملموسة وإجراءات عملية تساهم في الارتقاء بالمسار السياسي إلى مستوى أكثر تقدما، بما يُمكن من إضفاء الزخم الدبلوماسي المطلوب لإرساء حل الدولتين، كخيار وحيد لإحلال سلام عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية'.