
'هذا الفيلم مُهدى لأرواحهم'.. حوار مع عريب زعيتر مخرجة 'يلا باركور' القادم من غزة
على هامش فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ75، كان لنا حوار مع المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر وأحمد مطر، بطل فيلمها الوثائقي 'يلا باركور'، الذي شارك في قسم 'بانوراما' بالمهرجان، وحصد المركز الثاني في تصويت الجمهور على أفضل فيلم وثائقي في المسابقة.
تدور أحداث الفيلم عن شباب فريق الباركور داخل غزة، عن محاولاتهم للشعور بالحرية، وعن صعوبة التنقل، والهوية، والحرب، والحياة الطبيعية التي لم تكن طبيعية يوما ما لأهل غزة.
أهلا بك في الجزيرة الوثائقية، أيتها المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر، كيف تصفين فيلم 'ؤ' للمشاهدين؟
شكرا على استضافتكم.
السمة الكبرى في الفيلم هي الانتماء، ويحكي أيضا عن البعد، ويتناول أيضا موضوع الهوية؛ ماذا يعني أن أكون ذات هوية فلسطينية ولم أعش في هذا البلد؟ فأحيانا كنت أشعر أنني دخيلة، حتى تعرفت على أحمد من غزة، وصرنا نتعرف معا على الهوية والانتماء، ومعنى كلمة 'فلسطينية'.
في هذا الفيلم عدة طبقات، ولكن تطغى عليه لعبة الباركور وممارستها في غزة، وما جذبني في البداية للحوار مع الشباب الذين يمارسون اللعبة في غزة هو الباركور نفسه وموقعه في غزة.
فغزة مكان محاط بالحواجز، ومكان معدوم من الحرية، لكن الباركور يتخطى الحواجز، ويسمونه بالإنجليزية 'الجري الحر'، فهي رياضة الحرية. كلها طبقات داخل الفيلم وأريد أن أرى الانطباع الذي ستتركه على من يشاهده، وهل ستلمس إحدى الطبقات المشاهد أكثر من الأخرى.
متى بدأت تصوير الفيلم، وكيف أثرت الحرب على المنتج النهائي الذي شاهدناه؟
تواصلي مع الشباب في غزة كان خلال حرب طويلة دارت رحاها في غزة، وقد تعرفت على الشباب بعد رؤية فيديو منهم يمارسون الباركور أمام انفجار داخل غزة.
ثم بدأنا التصوير بعد ذلك في 2015، ثم لما خرج أحمد من غزة إلى السويد، أصبحت لدي قصة أستطيع تتبعها، ومع الوقت تغيرت حياته في السويد، وأصبح الحوار أكثر طبيعية بلا افتعال، وعندما جاءت 2023 عاد إلى غزة لزيارة أهله، وظننا أنها ستكون نهاية سعيدة، لزيارة أهله بعد غياب 7 سنوات.
بعدها صارت الأحداث (طوفان الأقصى)، وشعرنا أننا سنكون بلا مشاعر، وسنفقد التواصل الحقيقي مع غزة، إذا لم نتناول الأحداث الحالية، فأخذ الفيلم منحى آخر.
فما يحدث في غزة الآن لا نستطيع الابتعاد عنه، وكان أكثر ما أتخيله -طوال الأحداث في غزة- هو صورة أمي التي توفيت منذ زمن، لكني أتذكر أنها كانت تتأثر بحدوث أي شيء في فلسطين، وصرت أراها طوال الوقت، ففكرت أن يصبح الفيلم كأنه رسالة إليها.
ننتقل للشاب الفلسطيني أحمد مطر، في الفيلم تحدثت عن رؤيتك لبحر غزة أول مرة وأنت ابن 9 سنوات؟
أتذكر أنني لم أرَ البحر طفلا قبل بلوغ 9 سنوات، فقد كان الاحتلال مسيطرا على المناطق المطلة على البحر، وكانت حكرا على المستوطنين، وفي نفس التوقيت كان المعبر مفتوحا، وكان لعائلتنا فرح في مصر، فعبرنا المعبر وسافرنا إلى مصر، فرأيت النيل أول مرة، وكانت أول مرة أرى فيها شريانا مائيا كبيرا، ألا وهو النيل المصري، كنت سعيدا بهذا.
ولما عدت إلى غزة ورحل الاحتلال كنا في عام 2005، أتذكر الفرحة لدى الجميع، كل الناس، كل خان يونس -منطقتي- ذهبت إلى البحر، وحينها رأيت الفرحة في عيون الناس، أتذكر كل شيء في هذا اليوم، وأتذكر يوم اصطحبني والدي أنا وإخواني لزيارة البحر، يومٌ لا أنساه، يومها شعرنا أننا أحرار، حين رأينا بحر غزة.
وأنت يا عريب، نشاهد في الفيلم اشتياقك لفلسطين، وحكايات أمك عن المدن الفلسطينية وارتباطك بها، وعلى الجانب الآخر يجد بعض شباب الباركور ملاذا آمنا في أوروبا، كيف ترين هذا التباين؟
السؤال صعب وتصعب إجابته. وقد حاولت أن أجيبه في الفيلم بالتعبير عن هذا التباين، فقد أكد لي أحمد موضوع الهوية، وأخبرني بأنني فلسطينية، وبدأنا نعمل معا على التصوير والأرشيف، وأصبح يعرض لي غزة من مكانه.
في نفس الوقت، كان يريد أن يخرج من هناك، وهذه اللحظات جعلتني أشعر بغصة.. كنت أتساءل لماذا يريد أن يخرج من هذا المكان الذي أريد بشدة أن أصل إليه؟
فهمنا في الفيلم الأسباب التي دفعته للخروج، فقد كان دائما يحكي أنه إن استطاع الخروج والعودة فلن يبقى بالخارج، لكنه عاجز عن الخروج من غزة والعودة إليها، فالحركة محدودة للغاية، والخيارات لديك أن تظل مسجونا كما أنت، أو أن تحاول الخروج لإيصال صوتك، وهذا ما فعلت أنا وأحمد في نفس الوقت.
وهناك عامل آخر هو 'الإثارة'، فقد كان يريد أن يرى العالم الخارجي، ويريد أن يتعلم ويعرض مواهبه للعالم، وربما لم يكن يعرف معنى أن يكون بعيدا عاجزا عن الرجوع، فهذا هو التوتر، حين يكون الشباب متحمسين للخروج ورؤية العالم، ومع مرور الزمن، يطغى الحنين على الحماس الذي كان بالبداية.
وأنت يا أحمد، كيف ترى العالم الآن وأنت تعيش في السويد، وكيف تشعر حين ترى أهلك في غزة؟
أرى الناس في السويد أحرارا، يستطيعون السفر أينما يريدون، يستطيعون رؤية أهلهم في الوقت الذي يريدونه، يمكنهم مثلا الانتقال من السويد إلى أمريكا، ويمكنهم الدراسة زمنا هناك، ثم العودة لزيارة أهلهم، إنهم أناس أحرار.
أما أنا فقد عشت في غزة، وكنت أريد أن أعود إليها بعد ذهابي للسويد، لكن الأمر كان صعبا للغاية، فلقد خفت من العودة إلى غزة واحتجازي فيها مرة أخرى.
فلقد حاولت أكثر من 5 سنوات أن أسافر، قضيتها في التقديم على التأشيرة، واستقبلت دعوات من الخارج، لكن التأشيرات كانت تُرفض، والمعابر مغلقة، كنت لهذا مترددا أن أعود لغزة لرؤية أهلي، كنت أريد العودة لرؤيتهم لكني كنت خائفا، واستغرقت 7 سنوات لكي أعود لرؤية أهلي، لكني تجرأت.
لقد كنت أيضا خائفا من الاحتجاز في هذا المكان مرة أخرى، لكن أهلي هناك وأريد العودة لهم، وكان الخيار الوحيد هو الانتقال من هذا المكان، لبناء مستقبل في بلد آخر، يمكنني الانتقال فيه، وأحاول إيصال صوتي للعالم.
وأنت يا عريب، هناك الآن دعوات لمنح الفلسطينيين مكانا آخر للحياة فيه، دعوات تأتي حتى من الرئاسة الأمريكية، وأنت على الجانب الآخر تشتاقين لهذا المكان الذي ضربته إبادة وحروب عدة خلال سنوات قليلة، ومات فيه آلاف من البشر، وهُجر ملايين، كيف ترين هذا المشهد مع اشتياقك الذي رأيناه داخل الفيلم؟
أشعر أنني لا ينبغي أن أجيب سؤالا يخص أهل غزة الذين يعيشون فيها، لكن أحمد هو جزء مصغر، كأننا نصنع لقطة مقربة لقصة شخص طموح، يفتش عن فرصة للخروج من غزة. قد يكون هذا حال شباب كثيرين في غزة، لا أحد يستطيع أن يلوم إنسانا في دمار كامل على أنه يريد الخروج.
لكن الموضوع ليس هنا، الموضوع أن هذا الإنسان إذا خرج ستبقى عالقة في ذهنه أسئلة الهوية؛ من أين أتى، وما أصوله، وأين تربى؟
هذا مكانه حتى لو خرج، حتى لو أراد الخروج ليرتاح قليلا من الدمار الذي عاش فيه زمنا ما، صعب أن يخرج ويُستولى على مكانه، لأنه أراد أن يخرج من الدمار الذي يحيط به.
فرؤيتي للموضوع من بعيد هي أنه إذا كان الهدف هو إخلاء غزة والاستيلاء عليها، فهذه جريمة قطعا. لكن إذا خرج أحمد والشباب بحثا عن فرص بالخارج، فهذا حقهم، لأن حال غزة حاليا لا يصلح للحياة.
تحضرين الآن في برلين بفيلمك الوثائقي المشارك في قسم بانوراما. وفي العام الماضي كان فيلم فلسطيني آخر في نفس المسابقة، وهو فيلم 'لا أرض أخرى' الذي وصل لترشيحات الأوسكار، وفاز بأفضل وثائقي في أوروبا وفي المهرجان، واحتُفي به احتفاء كبيرا، وحاول المهرجان أن يحميه لأنه هوجم بشدة في ألمانيا، كيف كانت مشاعرك حين اختير الفيلم في مهرجان برلين، وهل تخشين رد فعل هجوميا أو سلبيا داخل ألمانيا، الدولة التي تدعم الاحتلال بشدة؟
كانت مشاعري مختلطة، كنت أتساءل: هل من الصحيح أن أشارك مع أن الفلسطينيين تُساء معاملتهم في هذا المكان، أم من الصائب أن نصنع ضغطا ثقافيا وننسحب؟
شاركت أيضا تخوفاتي مع الفريق، ممن ظهروا في الفيلم، وهي قصتهم أكثر مما هي قصتي، وقد شارك أحمد في هذه النقاشات، فاخترنا أن هذه المنصة التي مُنحنا هي منصة مهمة في نهاية الموضوع، هل ننسحب من هذه المنطقة ونتركها لقصص الطرف الآخر؟
من الخطأ أن نسحب الفيلم، ونضيع فرصة حكي قصتنا لأكبر شريحة ممكنة من الناس، ففي النهاية مهرجان برلين معروف بكثافة حضوره، وبأنه من أكبر المهرجانات في العالم، فقررنا المشاركة في المهرجان وعدم الانسحاب منه.
أما عن التخوف من ردة الفعل، فقد صنعنا الفيلم، وردة الفعل إذا صارت فمن الواجب مواجهتها، وأجد أن برلين عموما ليست المكان الوحيد المسيء للفلسطينيين، فهناك دول أخرى كثيرة تسيء بنفس الشكل، ومن الممكن أن يكون أكثر.
نحن في ظرف لا نُحسد عليه، وقصصنا صعب خروجها بسبب الهجوم علينا، لكن بنفس الوقت من المستحيل أن نتوقف عن سرد قصصنا.
نعم هذا مقصود تماما، تحدثنا عن قرارنا بأن تدخل أحداث غزة داخل الفيلم، كان ذلك بسبب الفقدان الذي نعيشه، حينما كنا نعمل على الفيلم كنا نسمع أن بيوت بعض الشباب قد هُدمت، بيوت لطاقم التصوير تهدم، وأرواح تهدر، فكان متعمدا تماما أن يكون هذا الفيلم مهدى لأرواحهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
فنانون يجسدون شعار "من النقش إلى الكتابة" في معرض الدوحة الدولي للكتاب
في قاعة مميزة من قاعات النسخة الـ34 من معرض الدوحة الدولي للكتاب، المقام بمركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات تحت شعار "من النقش إلى الكتابة"، تتوسط هضبة صخرية بنية اللون مرصعة بنقوش أثرية قديمة، محاطة بأحجار منقوشة بدقة، وآلات طباعة تعود إلى القرن الماضي، إلى جانب حاسوب لوحي ذكي يعمل عليه فنان شاب لإنتاج إحدى إبداعاته الرقمية، في مشهد بصري متكامل يجسّد الرحلة الحضارية للكتابة من بداياتها الأولى إلى آفاقها التكنولوجية المعاصرة. ويأتي هذا العرض ضمن جهود المنظمين لتحفيز زوار المعرض على استكشاف تطور الكتابة، لا سيما في السياق المحلي القطري، بدءا من النقوش الصخرية في منطقة الجساسية، وصولا إلى فنون الخط العربي والكتاب المطبوع، ومن ثم المنصات الرقمية المعاصرة. ويعكس الشعار "من النقش إلى الكتابة" مكانة القلم في الحضارة الإسلامية، ودور المسلمين في تعزيز العلوم عبر التأليف والتدوين. كما يؤكد على أن دولة قطر كانت ولا تزال جزءا فاعلا في هذه المسيرة، حيث يعود أقدم توثيق كتابي في البلاد إلى النقوش الصخرية المكتشفة في الجساسية والشمال، والتي شكلت أداة تواصل بصري مبكر مع البيئة والثقافة المحيطة. View this post on Instagram A post shared by وزارة الثقافة (@moc_qatar) وفي مراحل لاحقة، تطور الخط العربي على يد أعلام مثل الخطاط الشيخ أحمد بن راشد بن جمعة المريخي، لا سيما في مدينة الزبارة، التي كانت مركزا علميا بارزا. كما يلقي الشعار الضوء على الدور الريادي للشيخ المؤسس جاسم بن محمد بن ثاني، طيب الله ثراه، الذي أطلق قوافل كتب مطبوعة من لوسيل إلى المناطق المجاورة في سعيه لنشر المعرفة. وقد أثّرت هذه المراحل التاريخية في تنمية الذائقة الجمالية للخطاطين العرب الذين حولوا الخط العربي إلى عنصر أساسي في الهوية الثقافية، مزجوا فيه بين الجماليات الفنية والفكر التجريدي الإسلامي، ما جعله مصدر إلهام مستمر للمبدعين في مختلف المجالات. وفي سياق هذه الرؤية، يشارك الفنان القطري فهد المعاضيد يوميا في جناح الفنون التشكيلية داخل المعرض، حيث يجلب صخورا من الشمال والجساسية وينقش عليها باستخدام تقنيات حديثة، منتجا أيقونات فنية تُعرض مباشرة أمام الزوار. وأوضح المعاضيد في تصريح خاص لـ"قنا" أن الجناح صُمم ليحاكي بيئة المناطق الصخرية في الزبارة وعين محمد وأم تثنتين، حيث توجد نقوش بشرية تعود لآلاف السنين لم تُفك رموزها بعد. وأشار إلى أن الزوار يمكنهم، في جولة قصيرة لا تتجاوز نصف ساعة، التفاعل مع تطور الكتابة منذ العصر الحجري حتى الحاضر، عبر مشاهد حيّة لتقنيات النقش القديمة، وأدوات الكتابة كالريشة وأوراق البردي، وآلات الطباعة الكلاسيكية، وصولا إلى الحواسيب والأجهزة اللوحية الذكية. وبيّن المعاضيد أن الصخور تُنتقى بعناية حسب طبيعتها الفيزيائية، حيث تُفضّل الأحجار القابلة للنقش، في حين تُستبعد الصخور الصلصالية الهشة لسهولة تكسرها. وعلى الجانب الآخر من الجناح، يمارس فنانون آخرون الرسم الحي أمام الجمهور، من بينهم الخطاط عيسى الفخرو، الذي يوثّق أسماء الزوار بخط عربي تقليدي باستخدام قلم خشبي، في لوحة فنية تخلّد لحظة زيارتهم لهذا المحفل الثقافي. وقال الفخرو في تصريح لـ"قنا" إن هذا الجناح يمثّل التطبيق الأجمل لشعار المعرض، إذ يسهم كل فنان في تقديم أعمال تعبّر عن حقبة زمنية محددة من تطور الكتابة. وأكد أن الخط العربي يتميّز بجاذبية خاصة، وهو ما يفسّر الطوابير الطويلة التي ينتظر فيها الزوار كتابة أسمائهم بهذا الفن الأصيل. وفي تعبير آخر عن روح المعرض، قدّم الفنان عيسى الملا أعمالا فنية استلهمها من البيئة البدوية، مستخدما تقنية إعادة التدوير، في تجسيد حيّ لأزياء البادية وزخارفها، مستلهما ألوان "السدو" التقليدية. أما الفنانة وضحى السليطي، فقد مزجت الخط العربي بالتصميم المعاصر في العباءة القطرية، ساعية إلى توثيق الهوية الثقافية من خلال الزخارف المميزة التي تزين هذه الملابس التقليدية. وقالت إنها تعمل على تطوير مشروعها الفني بإدماج الخط العربي في الكتب والمعلقات واللوحات الفنية. ويواصل معرض الدوحة الدولي للكتاب إبهار زواره حتى السبت المقبل، عبر برنامج غني بالعروض الثقافية والبصرية والتفاعلية التي تحتفي بجماليات الحرف العربي، وتستحضر رحلة الكتابة من الحجر إلى الشاشة، في تجربة تجمع بين التراث والحداثة.


الجزيرة
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة
تشهد السينما العالمية في عام 2025، وما بعده موجة متجددة من أفلام السيرة الذاتية، حيث تستعد الشاشة الكبيرة لاستقبال أعمال تسلط الضوء على حياة شخصيات بارزة في مجال الموسيقى والسياسة والتكنولوجيا. يأتي هذا التوجه استكمالاً للنجاحات التي حققتها أفلام مثل "الملحمة البوهيمية" (Bohemian Rhapsody)، و"روكيتمان" (Rocketman)، و"إلفيس" (Elvis)، والتي أثبتت أن أفلام السيرة الذاتية قادرة على جذب الجماهير وتحقيق أرباح كبيرة، خاصة عندما تتناول شخصيات ذات جماهيرية واسعة. إليكم نظرة موسعة على أبرز أفلام السيرة الذاتية المرتقبة: 1- "القمر الأزرق" (Blue Moon) يقدم المخرج ريتشارد لينكلاتر في هذا الفيلم سيرة الشاعر الغنائي الأميركي لورينز هارت، المعروف بتعاونه مع ريتشارد رودجرز في تأليف أغانٍ ومسرحيات شهيرة مثل "ماي فني فالانتاين" (My Funny Valentine) و"ذا لايدي إز آ ترامب" (The Lady Is a Tramp). تدور أحداث "القمر الأزرق" في ليلة واحدة من عام 1943، حيث يستعرض صراعات هارت مع الإدمان والصحة النفسية تزامنا مع عرض مسرحية "أوكلاهوما!" (Oklahoma!) التي كتبها رودجرز مع شريك جديد. يلعب إيثان هوك دور هارت، ويشاركه البطولة مارغريت كوالي وبوبي كانافال وأندرو سكوت، الذي حاز على جائزة "الدب الفضي" لأفضل أداء مساعد في مهرجان برلين السينمائي الدولي. يذكر أن لورينز هارت (1895 – 1943) كان شاعرًا غنائيًا أميركيًا بارزًا، اشتهر بتعاونه مع الملحن ريتشارد رودجرز في تأليف أغاني مسرحيات برودواي. من أشهر أعماله "بلو مون" و"ماي فني فالانتاين" و"ذا لايدي إز آ ترامب". عُرف هارت بقدرته على دمج الشعر الراقي مع الأغنية الشعبية، مما أضفى طابعًا مميزًا على موسيقى المسرح الأميركي. 2- "مايكل" (Michael) هذا الفيلم، من إخراج أنطوان فوكوا وكتابة جون لوغان، يروي قصة حياة ملك البوب مايكل جاكسون ، من بداياته مع فرقة "جاكسون 5" حتى نجاحاته الفردية. يقوم جيفري جاكسون، ابن شقيق مايكل، بتجسيد الدور الرئيسي. يضم طاقم التمثيل أيضاً كولمان دومينغو ونيا لونغ ومايلز تيلر. مايكل جاكسون (1958 – 2009)، الملقب بـ"ملك البوب"، كان مغنيًا وراقصًا أميركيًا، أصبح أحد أكثر الفنانين تأثيرًا في القرن العشرين. ولا يزال ألبومه "ثريلر" (Thriller) الأكثر مبيعًا في التاريخ، وقد ساهم في كسر الحواجز العرقية في صناعة الموسيقى. كان من المقرر عرض الفيلم في أكتوبر/تشرين الأول 2025، لكن تقارير حديثة تشير إلى احتمال تأجيله إلى عام 2026 وتقسيمه إلى جزئين. 3- مجهول تماماً (A Complete Unknown) يُجسد تيموثي شالاميه في هذا الفيلم دور المغني الأسطوري بوب ديلان ، مستعرضاً بداياته في نيويورك في ستينيات القرن الماضي وعلاقاته مع شخصيات مثل وودي غاثري وجوان بايز. ويُعتبر بوب ديلان المولود سنة 1941، من أعظم كتاب الأغاني في التاريخ، إذ أثر تأثيرا كبيرا في الموسيقى الشعبية والثقافة الأميركية، خاصة خلال الستينيات، بأغانيه التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية. وحاز على جائزة نوبل في الأدب عام 2016 تقديرًا لإسهاماته الشعرية في الأغنية الأميركية. الفيلم من إخراج جيمس مانغولد، ويشارك في بطولته إدوارد نورتون وإيل فانينغ. نال الفيلم إشادة واسعة، إذ وصفه النقاد بأنه تصوير رائع لبدايات ديلان، مع أداء مميز من شالاميه الذي أدى 40 أغنية بنفسه. 4- ليندا رونستادت تستعد الفنانة الأميركية سيلينا غوميز لتجسيد شخصية المغنية ليندا رونستادت في فيلم من إخراج ديفيد أو راسل، مستنداً إلى مذكرات رونستادت "أحلام بسيطة" (Simple Dreams). يُنتج الفيلم جيمس كيتش، الذي سبق وأن قدم فيلماً وثائقياً عن رونستادت عام 2019. وأدت رونستادت المولودة سنة 1946، أغانيَ في أنماط موسيقية متنوعة مثل الروك، والكانتري، والأوبرا. وحازت على 11 جائزة غرامي، وشاركت في تعزيز موسيقى الكانتري روك. توقفت عن الغناء في عام 2013 بسبب إصابتها بمرض باركنسون. 5- "مَن هذه الفتاة!" (Who's That Girl) بعد عدة تأجيلات، عاد العمل على فيلم السيرة الذاتية لمادونا، وتُشارك في كتابته إيرين كريسيدا ويلسون. من المتوقع أن تجسد جوليا غارنر دور مادونا، بعد اختيارها من بين عدة مرشحات. يحمل الفيلم عنوان "من هذه الفتاة!"، وهو اسم إحدى أشهر أغاني مادونا. ومادونا المولودة سنة 1958، هي مغنية وممثلة أميركية، تُعرف بلقب "ملكة البوب". اشتهرت بأغانيها الجريئة وأسلوبها المبتكر في الأداء، مما جعلها رمزًا ثقافيًا في الثمانينيات والتسعينيات. باعت أكثر من 400 مليون تسجيل، مما يجعلها الفنانة النسائية الأكثر مبيعًا في التاريخ. 6- فريد أستير يُخطط المخرج بول كينغ، المعروف بإخراجه أفلام "بادينغتون" (Paddington)، لإخراج فيلم عن حياة الراقص والممثل فريد أستير، من بطولة توم هولاند. يُركز الفيلم على علاقة أستير بشقيقته وشريكته في الرقص، أديل، التي كانت جزءاً أساسياً من مسيرته الفنية. وكان أستير (1899-1987) راقصًا وممثلًا ومغنيًا أميركيًا، ويُعتبر أحد أعظم راقصي الموسيقى الشعبية في التاريخ. اشتهر بشراكته مع جينجر روجرز في سلسلة من الأفلام الموسيقية الناجحة، وبتقنياته الراقصة المبتكرة التي أثرت في صناعة السينما. 7- "ألينا من كوبا" (Alina of Cuba) يروي هذا الفيلم قصة ألينا فرنانديز، ابنة فيدل كاسترو، التي أصبحت من أبرز المعارضين لنظام والدها. تلعب آنا فيلافاني دور ألينا، بينما يجسد جيمس فرانكو شخصية كاسترو. الفيلم من إخراج ميغيل باردم، وكتابة نيلو كروز وخوسيه ريفيرا. إعلان وقد أصبحت فرنانديز المولودة سنة 1956، من أبرز المنتقدين لنظام والدها. غادرت كوبا في عام 1993، ومنذ ذلك الحين تعيش في المنفى، حيث تعمل ناشطة وكاتبة، وتشارك تجاربها الشخصية عن الحياة تحت الحكم الكوبي. 8- إيلون ماسك تتعاون شركة "إيه 24" مع المخرج دارين أرونوفسكي لإنتاج فيلم عن حياة رجل الأعمال إيلون ماسك ، مستنداً إلى السيرة الذاتية التي كتبها والتر إيزاكسون. ولا تزال تفاصيل الفيلم في مراحلها الأولى، ولم يُعلن بعد عن طاقم التمثيل أو موعد الإصدار. وذاع صيت ماسك المولود في 1971 بعد تأسيسه شركات تكنولوجية رائدة، مثل "تيسلا" و"سبيس إكس"، واشتهر برؤيته المستقبلية في مجالات الطاقة المتجددة واستكشاف الفضاء. وفي العام 2022، استحوذ على منصة التواصل الاجتماعي "تويتر"، وسماها "إكس"، مع طموحات تحويلها إلى تطبيق شامل.


الجزيرة
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
'هذا الفيلم مُهدى لأرواحهم'.. حوار مع عريب زعيتر مخرجة 'يلا باركور' القادم من غزة
على هامش فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ75، كان لنا حوار مع المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر وأحمد مطر، بطل فيلمها الوثائقي 'يلا باركور'، الذي شارك في قسم 'بانوراما' بالمهرجان، وحصد المركز الثاني في تصويت الجمهور على أفضل فيلم وثائقي في المسابقة. تدور أحداث الفيلم عن شباب فريق الباركور داخل غزة، عن محاولاتهم للشعور بالحرية، وعن صعوبة التنقل، والهوية، والحرب، والحياة الطبيعية التي لم تكن طبيعية يوما ما لأهل غزة. أهلا بك في الجزيرة الوثائقية، أيتها المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر، كيف تصفين فيلم 'ؤ' للمشاهدين؟ شكرا على استضافتكم. السمة الكبرى في الفيلم هي الانتماء، ويحكي أيضا عن البعد، ويتناول أيضا موضوع الهوية؛ ماذا يعني أن أكون ذات هوية فلسطينية ولم أعش في هذا البلد؟ فأحيانا كنت أشعر أنني دخيلة، حتى تعرفت على أحمد من غزة، وصرنا نتعرف معا على الهوية والانتماء، ومعنى كلمة 'فلسطينية'. في هذا الفيلم عدة طبقات، ولكن تطغى عليه لعبة الباركور وممارستها في غزة، وما جذبني في البداية للحوار مع الشباب الذين يمارسون اللعبة في غزة هو الباركور نفسه وموقعه في غزة. فغزة مكان محاط بالحواجز، ومكان معدوم من الحرية، لكن الباركور يتخطى الحواجز، ويسمونه بالإنجليزية 'الجري الحر'، فهي رياضة الحرية. كلها طبقات داخل الفيلم وأريد أن أرى الانطباع الذي ستتركه على من يشاهده، وهل ستلمس إحدى الطبقات المشاهد أكثر من الأخرى. متى بدأت تصوير الفيلم، وكيف أثرت الحرب على المنتج النهائي الذي شاهدناه؟ تواصلي مع الشباب في غزة كان خلال حرب طويلة دارت رحاها في غزة، وقد تعرفت على الشباب بعد رؤية فيديو منهم يمارسون الباركور أمام انفجار داخل غزة. ثم بدأنا التصوير بعد ذلك في 2015، ثم لما خرج أحمد من غزة إلى السويد، أصبحت لدي قصة أستطيع تتبعها، ومع الوقت تغيرت حياته في السويد، وأصبح الحوار أكثر طبيعية بلا افتعال، وعندما جاءت 2023 عاد إلى غزة لزيارة أهله، وظننا أنها ستكون نهاية سعيدة، لزيارة أهله بعد غياب 7 سنوات. بعدها صارت الأحداث (طوفان الأقصى)، وشعرنا أننا سنكون بلا مشاعر، وسنفقد التواصل الحقيقي مع غزة، إذا لم نتناول الأحداث الحالية، فأخذ الفيلم منحى آخر. فما يحدث في غزة الآن لا نستطيع الابتعاد عنه، وكان أكثر ما أتخيله -طوال الأحداث في غزة- هو صورة أمي التي توفيت منذ زمن، لكني أتذكر أنها كانت تتأثر بحدوث أي شيء في فلسطين، وصرت أراها طوال الوقت، ففكرت أن يصبح الفيلم كأنه رسالة إليها. ننتقل للشاب الفلسطيني أحمد مطر، في الفيلم تحدثت عن رؤيتك لبحر غزة أول مرة وأنت ابن 9 سنوات؟ أتذكر أنني لم أرَ البحر طفلا قبل بلوغ 9 سنوات، فقد كان الاحتلال مسيطرا على المناطق المطلة على البحر، وكانت حكرا على المستوطنين، وفي نفس التوقيت كان المعبر مفتوحا، وكان لعائلتنا فرح في مصر، فعبرنا المعبر وسافرنا إلى مصر، فرأيت النيل أول مرة، وكانت أول مرة أرى فيها شريانا مائيا كبيرا، ألا وهو النيل المصري، كنت سعيدا بهذا. ولما عدت إلى غزة ورحل الاحتلال كنا في عام 2005، أتذكر الفرحة لدى الجميع، كل الناس، كل خان يونس -منطقتي- ذهبت إلى البحر، وحينها رأيت الفرحة في عيون الناس، أتذكر كل شيء في هذا اليوم، وأتذكر يوم اصطحبني والدي أنا وإخواني لزيارة البحر، يومٌ لا أنساه، يومها شعرنا أننا أحرار، حين رأينا بحر غزة. وأنت يا عريب، نشاهد في الفيلم اشتياقك لفلسطين، وحكايات أمك عن المدن الفلسطينية وارتباطك بها، وعلى الجانب الآخر يجد بعض شباب الباركور ملاذا آمنا في أوروبا، كيف ترين هذا التباين؟ السؤال صعب وتصعب إجابته. وقد حاولت أن أجيبه في الفيلم بالتعبير عن هذا التباين، فقد أكد لي أحمد موضوع الهوية، وأخبرني بأنني فلسطينية، وبدأنا نعمل معا على التصوير والأرشيف، وأصبح يعرض لي غزة من مكانه. في نفس الوقت، كان يريد أن يخرج من هناك، وهذه اللحظات جعلتني أشعر بغصة.. كنت أتساءل لماذا يريد أن يخرج من هذا المكان الذي أريد بشدة أن أصل إليه؟ فهمنا في الفيلم الأسباب التي دفعته للخروج، فقد كان دائما يحكي أنه إن استطاع الخروج والعودة فلن يبقى بالخارج، لكنه عاجز عن الخروج من غزة والعودة إليها، فالحركة محدودة للغاية، والخيارات لديك أن تظل مسجونا كما أنت، أو أن تحاول الخروج لإيصال صوتك، وهذا ما فعلت أنا وأحمد في نفس الوقت. وهناك عامل آخر هو 'الإثارة'، فقد كان يريد أن يرى العالم الخارجي، ويريد أن يتعلم ويعرض مواهبه للعالم، وربما لم يكن يعرف معنى أن يكون بعيدا عاجزا عن الرجوع، فهذا هو التوتر، حين يكون الشباب متحمسين للخروج ورؤية العالم، ومع مرور الزمن، يطغى الحنين على الحماس الذي كان بالبداية. وأنت يا أحمد، كيف ترى العالم الآن وأنت تعيش في السويد، وكيف تشعر حين ترى أهلك في غزة؟ أرى الناس في السويد أحرارا، يستطيعون السفر أينما يريدون، يستطيعون رؤية أهلهم في الوقت الذي يريدونه، يمكنهم مثلا الانتقال من السويد إلى أمريكا، ويمكنهم الدراسة زمنا هناك، ثم العودة لزيارة أهلهم، إنهم أناس أحرار. أما أنا فقد عشت في غزة، وكنت أريد أن أعود إليها بعد ذهابي للسويد، لكن الأمر كان صعبا للغاية، فلقد خفت من العودة إلى غزة واحتجازي فيها مرة أخرى. فلقد حاولت أكثر من 5 سنوات أن أسافر، قضيتها في التقديم على التأشيرة، واستقبلت دعوات من الخارج، لكن التأشيرات كانت تُرفض، والمعابر مغلقة، كنت لهذا مترددا أن أعود لغزة لرؤية أهلي، كنت أريد العودة لرؤيتهم لكني كنت خائفا، واستغرقت 7 سنوات لكي أعود لرؤية أهلي، لكني تجرأت. لقد كنت أيضا خائفا من الاحتجاز في هذا المكان مرة أخرى، لكن أهلي هناك وأريد العودة لهم، وكان الخيار الوحيد هو الانتقال من هذا المكان، لبناء مستقبل في بلد آخر، يمكنني الانتقال فيه، وأحاول إيصال صوتي للعالم. وأنت يا عريب، هناك الآن دعوات لمنح الفلسطينيين مكانا آخر للحياة فيه، دعوات تأتي حتى من الرئاسة الأمريكية، وأنت على الجانب الآخر تشتاقين لهذا المكان الذي ضربته إبادة وحروب عدة خلال سنوات قليلة، ومات فيه آلاف من البشر، وهُجر ملايين، كيف ترين هذا المشهد مع اشتياقك الذي رأيناه داخل الفيلم؟ أشعر أنني لا ينبغي أن أجيب سؤالا يخص أهل غزة الذين يعيشون فيها، لكن أحمد هو جزء مصغر، كأننا نصنع لقطة مقربة لقصة شخص طموح، يفتش عن فرصة للخروج من غزة. قد يكون هذا حال شباب كثيرين في غزة، لا أحد يستطيع أن يلوم إنسانا في دمار كامل على أنه يريد الخروج. لكن الموضوع ليس هنا، الموضوع أن هذا الإنسان إذا خرج ستبقى عالقة في ذهنه أسئلة الهوية؛ من أين أتى، وما أصوله، وأين تربى؟ هذا مكانه حتى لو خرج، حتى لو أراد الخروج ليرتاح قليلا من الدمار الذي عاش فيه زمنا ما، صعب أن يخرج ويُستولى على مكانه، لأنه أراد أن يخرج من الدمار الذي يحيط به. فرؤيتي للموضوع من بعيد هي أنه إذا كان الهدف هو إخلاء غزة والاستيلاء عليها، فهذه جريمة قطعا. لكن إذا خرج أحمد والشباب بحثا عن فرص بالخارج، فهذا حقهم، لأن حال غزة حاليا لا يصلح للحياة. تحضرين الآن في برلين بفيلمك الوثائقي المشارك في قسم بانوراما. وفي العام الماضي كان فيلم فلسطيني آخر في نفس المسابقة، وهو فيلم 'لا أرض أخرى' الذي وصل لترشيحات الأوسكار، وفاز بأفضل وثائقي في أوروبا وفي المهرجان، واحتُفي به احتفاء كبيرا، وحاول المهرجان أن يحميه لأنه هوجم بشدة في ألمانيا، كيف كانت مشاعرك حين اختير الفيلم في مهرجان برلين، وهل تخشين رد فعل هجوميا أو سلبيا داخل ألمانيا، الدولة التي تدعم الاحتلال بشدة؟ كانت مشاعري مختلطة، كنت أتساءل: هل من الصحيح أن أشارك مع أن الفلسطينيين تُساء معاملتهم في هذا المكان، أم من الصائب أن نصنع ضغطا ثقافيا وننسحب؟ شاركت أيضا تخوفاتي مع الفريق، ممن ظهروا في الفيلم، وهي قصتهم أكثر مما هي قصتي، وقد شارك أحمد في هذه النقاشات، فاخترنا أن هذه المنصة التي مُنحنا هي منصة مهمة في نهاية الموضوع، هل ننسحب من هذه المنطقة ونتركها لقصص الطرف الآخر؟ من الخطأ أن نسحب الفيلم، ونضيع فرصة حكي قصتنا لأكبر شريحة ممكنة من الناس، ففي النهاية مهرجان برلين معروف بكثافة حضوره، وبأنه من أكبر المهرجانات في العالم، فقررنا المشاركة في المهرجان وعدم الانسحاب منه. أما عن التخوف من ردة الفعل، فقد صنعنا الفيلم، وردة الفعل إذا صارت فمن الواجب مواجهتها، وأجد أن برلين عموما ليست المكان الوحيد المسيء للفلسطينيين، فهناك دول أخرى كثيرة تسيء بنفس الشكل، ومن الممكن أن يكون أكثر. نحن في ظرف لا نُحسد عليه، وقصصنا صعب خروجها بسبب الهجوم علينا، لكن بنفس الوقت من المستحيل أن نتوقف عن سرد قصصنا. نعم هذا مقصود تماما، تحدثنا عن قرارنا بأن تدخل أحداث غزة داخل الفيلم، كان ذلك بسبب الفقدان الذي نعيشه، حينما كنا نعمل على الفيلم كنا نسمع أن بيوت بعض الشباب قد هُدمت، بيوت لطاقم التصوير تهدم، وأرواح تهدر، فكان متعمدا تماما أن يكون هذا الفيلم مهدى لأرواحهم.