logo
حين تكون القيادة في سن الطموح لا في عمر الدولة

حين تكون القيادة في سن الطموح لا في عمر الدولة

الدستورمنذ 9 ساعات

في زمن يشتد فيه غبار الضجيج السياسي وتضيع فيه بوصلة الشباب العربي بين الاغتراب والانتظار، يطل الأمير الحسين بن عبدالله الثاني لا كوجه رسمي، بل كحالة رمزية تستحق التأمل. ليس مجرد وريث عرش، بل نسق جديد في بناء القيادة، يندمج فيه التاريخ بالحاضر ويولد فيه المستقبل من رحم الواقع، لا من نصوص محفوظة، فمن النادر في العالم العربي أن نجد أميرا شابا لا يتكئ على شرعية الدم وحدها، بل ينحت لنفسه شرعية الكفاءة والانحياز للمستقبل. شاب يتقدم في مشهده العام لا ببزة عسكرية ولا بمنصة خطابية، بل بحضوره الإنساني الفكري الميداني، وبطريقة تعيد تشكيل العلاقة بين الدولة وشبابها على قاعدة الشراكة لا التلقين. ما يلفت في شخصية سموه ليس الخطاب وإنما الفعل الذي يسبق العبارة، والحضور الدائم في ساحات العمل والإيمان بأن التعليم لا يصلح إلا حين يلامس سوق العمل والعالم معا، والتركيز على القطاعات التي تصنع اقتصادا لا يستهلك فقط بل ينتج ويبتكر؛ فدعمه لجامعة الحسين التقنية، وحرصه على مواكبة الثورة الرقمية، ومتابعته لموضوع الذكاء الاصطناعي، لا يتأتى ضمن ترف معرفي ولكن انطلاقا من وعيه بأن البقاء لا يكون بالتحصين وإنما بالتحول الذكي، ومن هنا يظهر سموه كقائد يؤمن أن الأردن لا يملك ترف التأخر ولا يحق له إلا أن يسبق -ولو بخطوة واحدة- هذا الركب العالمي المتسارع. ولي العهد لا ينظر إلى الشباب كحالة عمرية أو كتلة انتخابية، بل كركيزة وجودية لبناء الدولة الحديثة، فمن مبادرة «حقق» التي غيرت مفهوم الانتماء من شعار إلى سلوك، إلى دعمه المستمر للريادة والمشاريع الاجتماعية، إذ بدا واضحا أنه لا يسعى إلى استرضاء جيل، لكنه ينتقل إلى إعداده لحمل عبء المرحلة القادمة، هذا الفهم السياسي جعله لا يكتفي بالإنجاز، بل يتقدم بهدوء في تشكيل صورة جديدة للقيادة، قيادة لا تنفصل عن نبض الشارع، ولا تخشى أن تنزل إلى تفاصيل الحياة اليومية، بل تجعل منها مادة حكم وفهم. ولا يخفى أن ولي العهد بدأ منذ سنوات في رسم ملامح «مدرسة حكم» خاصة به، مدرسة لا تتكئ على رمزية الاسم بل على استيعاب ديناميكيات العصر، إذ لا يكفي أن تكون صادق النية بل يجب أن تكون حاذقا في إدارة التحولات، قادرا على المزج بين الأصالة والرؤية المستقبلية، وهنا يبدو الحسين ابن هذا العصر لكنه ليس منساقا له، وإنما موجها لمساراته بما يخدم بلده وشعبه. ولعل أبرز سماته قدرته على استيعاب التحولات لا بانفعال بل بتأن وذكاء فهو لا يتعامل مع الملفات الكبرى كالشعارات، بل كبنية تستحق أن تفكك ويعاد تركيبها بلغة تفهم التحديات ولا تخاف من الأسئلة الصعبة، ومن اللافت وسط خطابات التطمين التي تغرق المشهد العام، أنه يفضل الصمت أحيانا كعارف لا كعاجز، وفيه كثير من القول لمن يحسن الإصغاء. وفي ميدان السياسة لم يكن سموه بعيدا عن فكرة التحديث، بل جزءا عضويا من معادلة التحول السياسي التي طرحها جلالة الملك، لكن بصوت أكثر شبابا وأقرب إلى وجدان الجيل الجديد. فرؤيته ليست مجتزأة من خطاب رسمي ولكن حصيلة تفاعل واستيعاب، لذلك فإن الحديث عنه لا يجب أن يكون عن إنجازات بل عن فلسفة وعن بناء هادئ لشرعية مستقبلية تستند إلى احترام الناس والإنصات لهم، لا الاكتفاء بالحديث عنهم. وفيما تتشظى صورة القيادة العربية بين الحضور الطاغي والغياب المحير، يبدو ولي العهد أنموذجا ثالثا: حاضر بعقل لا بصخب، شاب لا يخفي حداثته ولا يتبرأ من جذوره، تلك المعادلة الدقيقة بين الجرأة والاتزان وبين التواصل والهيبة، هي ما يجعل الحسين مشروع قائد عربي يندر تكراره ويصعب تقليده. في عيد ميلاده الحادي والثلاثين، لا نكتب تهنئة بروتوكولية، وإنما نقف على ملامح تجربة تبنى بهدوء وثقة حتى يصبح الاسم عنوانا لمرحلة؛ لأن الحسين لم يختر موقعه لكنه اختار أن يستحقه، ولأن فيه من أحلامنا ما يكفي لأن نراهن عليه، لا اليوم فقط ولكن كلما ضاقت المسارات واتسعت الحاجة إلى المعنى.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موسى الصبيحي : دولة الرئيس حسّان؛ معقول إنت مش خايف عالضمان.؟!
موسى الصبيحي : دولة الرئيس حسّان؛ معقول إنت مش خايف عالضمان.؟!

أخبارنا

timeمنذ 42 دقائق

  • أخبارنا

موسى الصبيحي : دولة الرئيس حسّان؛ معقول إنت مش خايف عالضمان.؟!

أخبارنا : ماذا يعني إصرار الحكومة على إحالة الآلاف من موظفيها على التقاعد المبكر وهي تعلم علم اليقين أن هذا يُلحق ضرراً بالغاً بالمركز المالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ويُهدّد ديمومة نظامها التأميني.؟! مع مَنْ نتحدث، ولمن نوجّه الشكوى إذا كانت الحكومة نفسها ممعنة في هذا الأذى الذي تُلحقه بالضمان، فيما المؤسسة صامتة، وكأنها موافقة، وكيف لها أن تتكلم وتعترض وتُدين وقد أصبحت جزءاً من الماكنة الحكومية الرسمية.؟! معقول أنك يا دولة الرئيس المحترم جعفر حسان لا تعرف حجم الضرر الذي تلحقه حكومتكم بالضمان وبالأجيال نتيجة سياستكم المفرطة في كل هذه الإحالات لموظفي القطاع العام على التقاعد المبكر القسري.؟! معقول لا تعرف وأنت الاقتصادي والإداري والاجتماعي الفاهم الفهيم حجم الخطر الذي يّحيق بالمركز المالي للضمان والذي قد يؤدي به إلى العجز خلال بضع سنوات.؟! معقول إنتَ مش خايف عالضمان.؟! هل أخبروك أن فاتورة رواتب التقاعد المبكر وحدها تستحوذ حالياً على حوالي (62%) من إجمالي فاتورة رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال المخصصة من الضمان حتى تاريخه. ؟! هل أخبروك أن نسبة متقاعدي المبكر وصلت إلى حوالي (54%) من إجمالي العدد التراكمي لمتقاعدي الضمان وأنها في نمو مضطرد.؟! هل أخبروك أن النفقات التأمينية لمؤسسة الضمان زادت على ( 85 % ) من إيراداتها التأمينية، وأن هذا يحدث لأول مرة في تاريخ الضمان منذ (45) عاماً.؟! هل أخبروك متى ستقع نقطة تعادل النفقات مع الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان..؟! أنا أخبرك بأن نقطة التعادل التي تمثل نقطة الخطر الأولى على المركز المالي للمؤسسة ستكون خلال العام 2031.؟ هل أخبروك أن موجودات مؤسسة الضمان كما جرى تقديرها في السنة العاشرة من تاريخ التقييم الإكتواري تقل حالياً عن عشرة أضعاف نفقاتها المقدّرة في تلك السنة وأن هذا يُحمّل حكومتكم مسؤولية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب المركز المالي لمؤسسة الضمان.؟ إذا لم يكونوا أخبروك، ها أنذا أخبرك.. وأقول لك بأن حكومتك ستكون مضطرة بشدّة خلال أقل من عام لتقديم مشروع قانون معدّل لقانون الضمان لن يكون رحيماً أبداً وسيُشعل غضباً اجتماعياً واسعاً..! قل لي أنت الآن ماذا أنت فاعل.؟! إنني أُحمّلك المسؤولية دولة الرئيس اليوم وغداً وأمام الأجيال.! خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الحقوقي/ موسى الصبيحي

وزير الخارجية يلتقي نظيرته النمساوية
وزير الخارجية يلتقي نظيرته النمساوية

أخبارنا

timeمنذ 42 دقائق

  • أخبارنا

وزير الخارجية يلتقي نظيرته النمساوية

أخبارنا : استقبل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، الأحد، وزيرة الخارجية الاتحادية للشؤون الأوروبية والدولية في جمهورية النمسا بياته ماينل - رايسينغر. وبحث الوزيران سبل تطوير التعاون بين البلدين الصديقين، وأكّدا الحرص المشترك على تعزيز علاقات الصداقة بين المملكة والنمسا عبر اتخاذ خطوات عملية لزيادة التعاون في عديد قطاعات تشمل التجارة والسياحة والاستثمار والتعليم. كما بحث الوزيران الأوضاع الإقليمية، خصوصًا الجهود المبذولة للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، حيث أكّد الصفدي دعم الجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة لتحقيق ذلك. وأكّد الصفدي ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وما يسببه من كارثة إنسانية غير مسبوقة. كما أكّد ضرورة وقف الإجراءات الإسرائيلية اللا شرعية في الضفة الغربية التي تقوض حل الدولتين الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل. وبحث الصفدي ورايسينغر الأوضاع في سوريا، حيث أكّد الصفدي ضرورة دعم الحكومة السورية في جهودها لإعادة بناء سوريا بعد سنوات من الدمار والمعاناة. وأكّد الوزيران استمرار العمل على تعزيز علاقات الصداقة ثنائيًّا وعبر الاتحاد الأوروبي. --(بترا)

الأردن يعزي بضحايا انهيار منجم للذهب في السودان
الأردن يعزي بضحايا انهيار منجم للذهب في السودان

أخبارنا

timeمنذ 42 دقائق

  • أخبارنا

الأردن يعزي بضحايا انهيار منجم للذهب في السودان

أخبارنا : أعربت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين عن أصدق التعازي والمواساة لجمهورية السودان الشقيق، بحادث انهيار منجم للذهب بمنطقة هويد، ما أسفر عن وقوع عدد من الضحايا والإصابات. وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتور سفيان القضاة تعاطف المملكة وتضامنها الكامل مع حكومة وشعب جمهورية السودان الشقيق في هذا الحادث الأليم، مُعربًا عن أصدق التعازي والمواساة لأُسَر الضحايا، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store