
جعبوب للفرنسيين: "الجزائريون لن يجاروكم..وأنتم آخر جنس يمكنهم الاستماع إليه".
قال السياسي الجزائري ووزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الأسبق، الهاشمي جعبوب، إن "التهديدات الفرنسية الرسمية وغير الرسمية الموجهة ضد الجزائر على خلفية إيقاف بوعلام صنصال، للضغط على الجزائر وإرغامها على تنفيذ أوامرها، ما هي إلا الجزء المرئي من جبل الثلج المخفي الذي يمثل المؤامرة المحكمة المحاكة من طرف قوى الشر ضد الجزائر".
وفي مقال مطول تحت عنوان "الرد المهذب على الهجوم غير المؤدب"، نشر عبر حسابه على الـ"فيسبوك"، اليوم السبت، استخلص جعبوب، "تزاحم وتناغم ردود فعل وأصوات الطبقة السياسية اليمينية المتطرفة الفرنسية، وتسارعت في دعوتها للضغط على الجزائر لإطلاق سراح مدللهم (بوعلام) ثم أعقبتها أصوات الرسميين الفرنسيين في نفس الاتجاه، وتقديم هذه الهجمات العدائية ضد الجزائر، إلى دعوة رئيس الطابور الخامس الفرنسي بالجزائر السفير السابق بالجزائر Xavier driencourt إلى إلغاء اتفاقية 1968 المبرمة بين الجزائر وفرنسا والمتعلقة بدخول الجزائريين وإقامتهم بالتراب الفرنسي".
وذكر السياسي جعبوب، أن "هذه الاتفاقية جاءت كتقليص لمحتوى اتفاقيات إيفيان التي نصت على حرية تنقل وإقامة الجزائريين بفرنسا والفرنسيين بالجزائر"، مضيفا أنه "لقد حرص الوفد الفرنسي المفاوض آنذاك على إدراج هذه التسهيلات لصالح المعمرين من الأقدام السوداء لظنه أنهم سيفضلون البقاء بالجزائر، ولكن وبعد مغادرتهم الجماعية لوطننا أصبحت تلك التسهيلات في صالح الطرف الجزائري لوحده، لذلك سعت فرنسا لتقليص ذلك الحق ووضعت له شروطا إضافية لتضييق الاستفادة منه وهذا ما تضمنته بنود اتفاقية 1968".
وقال إن "هذه الاتفاقية التي وصفها الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون بالشرنقة الفارغة، لأن الزمن تجاوزها ولعدم تطبيق الطرف الفرنسي لأغلبية ما تضمنته من التزامات، أضف إلى ذلك، فإن إلغاء هذه الاتفاقية سيخضع العلاقات الجزائرية في مجال الهجرة والعمالة إلى اتفاقيات إيفيان سارية المفعول إلى الآن، وهي أكثر نفعا للطرف الجزائري - في هذا المجال على الأقل - لأنها تمنح حرية تنقل الأشخاص بين البلدين دون قيد أو شرط، أي دون تأشيرة... وبالتالي فإن لفرنسا حرية الاختيار بين الإبقاء على هذه الاتفاقية أو إلغائها والعودة إلى اتفاقيات إيفيان".
وعن مطالبة نفس السفير "بإلغاء اتفاقية 2008 التي تعفي الجزائريين والفرنسيين الحاملين لجواز السفر الدبلوماسي من التأشيرة، وذلك وحسب قوله لتشديد الخناق على المسؤولين السياسيين والعسكريين الجزائريين المستفيدين من هذه المعاملة التفضيلية وإخضاعهم لطلب التأشيرة، وبالتالي تحكم فرنسا فيهم عن طريق المنح أو المنع"، رد جعبوب قائلا: "يا ريت لو يسمعك رئيسك ماكرون ويلغي هذه الاتفاقية لقطع الحبل السري مع بلدكم، وتأكد أن الجزائر لن تتضرر أبدا ولن تبالي إذا ما تضرر بعض الأشخاص المتخذين باريس من دون الله عضدا ومن دون مكة قبلة"، مضيفا أن هذا السفير الحاقد "يبدو أنه غاب عن ذهنه أن زيارة باريس لا هي من أركان الإسلام ولا من مقومات وطنيتنا، وأن رفض منح التأشيرة الفرنسية لن يغلق لا أبوب الجنة ولا أبوب العالم في وجوه الجزائريين، وأن باريس ليست الوجهة الوحيدة لا للسياحة ولا للتعليم ولا للتداوي".
كما يقترح الشخص ذاته، إلغاء الاتفاق الطبي مع الصندوق الوطني للأجراء la cnas، قال جعبوب في هذا الشأن: "هذا الاتفاق هو الآن في حكم الملغى وأن المرضى الجزائريين الذين كانت تستفيد منهم مستشفيات فرنسا قد تم تحويلهم منذ 2023 نحو مستشفيات إسطنبول".
وعن اقتراح نفس السفير "فكرة مصادرة ممتلكات الجزائريين بفرنسا"، نبه جعبوب إلى "وجوب التفريق بين ممتلكات المغتربين التي امتلكوها بعرق الجبين طيلة سنوات من الغربة والكد والجد والتعب والتي تمنع المواثيق الدولية المساس بها، وبين ممتلكات اللصوص من التجار والمقاولين والمسؤولين الفاسدين الذين هرّبوا وحوّلوا الأموال المنهوبة إلى فرنسا وقاموا بتبييضها عن طريق شراء العقارات وإنشاء الشركات الوهمية"، مضيفا "إذا كان المقصود هو ممتلكات هذا الصنف الأخير من اللصوص والخونة، فإن الأولى باسترجاع هذه الأموال المنهوبة هي الجزائر وليست فرنسا".
وعن تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى الربع، "نعم بهذا الاستخفاف وبهذه السطحية ينظر إلينا، وبهذه السهولة وبهذا البساطة يرى الجزائر هينة إلى درجة أن خفض التأشيرات الفرنسية من شأنه زلزلة أراضيها وإشعال نار الغضب والفتنة بها، يضيف المتحدث.
واستغرب جعبوب أمر فرنسا، فبرغم استعمارها للجزائر طيلة 130 سنة "لم تعرف نفسية وعزة وأنفة الجزائريين، وبذلك تظن أن الشعب الجزائري سيثور إذا لم يحصل على التأشيرة الفرنسية، وكأنها هي الأكسجين الذي يضمن له الحياة".
وفي هذا الخصوص قال الوزير الأسبق: "أيها الفرنسيون، لقد جربتم كل طرق الفتنة والتفرقة بين الجزائريين وأنتم مقيمون بينهم طيلة 132 سنة، ولم تفلحوا، فكيف تفلحون اليوم وقد دحروكم وأخرجوكم صاغرين من وطنهم ولم تتعلموا من تجاربكم لأنكم وببساطة، وكما قال عنكم البطل الفيتنامي وقاهركم الجنرال جيابgiap ، إن بلدكم تلميذ غبي لا يحفظ الدروس!... ولكم في تعاملكم مع الجزائر عبرة لو كنتم تعتبرون.
وللفرنسيين الرسميين وغير الرسميين قال جعبوب: "اعلموا أن الجزائريين ومهما كان مستوى غضبهم على مسؤوليهم - وهذا ليس شأنكم - فلن يجاروكم في مؤامراتكم ودسائسكم، وأن آخر جنس يمكنهم الاستماع إليه هم أنتم".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- إيطاليا تلغراف
الأسس المنهجية في كتاب الدولة الأموية لمؤلفه الدكتور علي محمد الصلابي .. دراسة في الأسلوب والمصادر
إيطاليا تلغراف د. طالب عبد الجبار الدغيم (قراءة غير منشورة/ منذ عام 2017م) لم يخطر ببالي يومًا أن أعد تقيمًا منهجيًا حول ما كتبه أستاذنا علي محمد الصلابي، وعلى اعتبار أن الأمر جاء بطلب منه لأحد تلاميذه (من طلاب التاريخ الجدد)، فهو من دواعي الأمل والسعادة. والصلابي داعية ومفكر ومؤرخ أثار حِيرة وغَيرة العديد من المفكرين والمؤرخين العرب المعاصرين حول كثافة إنتاجه المعرفي السنوي، ودقة الأحداث، وفكره الموسوعي، وعمق التفاصيل في كل نص، وتبحره في مختلف العلوم. ولكن هل تلك سمات عامة في كل ما أنتجه الصلابي؟ هذا ما دعانا لمراجعة أحد أهم مؤلفاته في التاريخ الإسلامي، وهو كتاب 'الدولة الأموية: عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار'. فكيف كتب الصلابي تاريخ الدولة الأموية؟ وما أبرز ملامح المنهج التاريخي في هذا الكتاب؟ وما الملاحظات التي يمكن إظهارها حول منهج الصلابي بشكل عام؟ أولًا: من هو الدكتور علي محمد الصلابي؟ علي محمد الصلابي مفكر وباحث إسلامي ليبي ذاع صيته في العالم العربي والإسلامي والغربي. حصل الصلابي على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بمؤلفه 'فقه التمكين في القرآن الكريم' عام 1999. وله عشرات المؤلفات المطبوعة في قضايا الفكر والسياسية والتفسير والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي. أدين الصلابي بتهم سياسية باطلة، وسُجن في معتقلات معمر القذافي لأكثر من سبع سنوات، وبعد ذلك بذل جهوده لإخراج السجناء السياسيين عبر مفاوضات مع النظام الليبي من خلال سيف الإسلام القذافي. ومع بدء ثورة فبراير ضد نظام القذافي، كثف الصلابي اتصالاته مع شباب ثورة فبراير ليكون أبًا روحيًا وفكريًا وسياسيًا لكثير من شباب الثورة في مصراته وطرابلس وبنغازي وغيرها من المناطق الليبية حتى نجاح الثورة. وبعد عام 2014، استمر في جهوده الإصلاحية، واقفًا حجر عثرة في وجه أنصار الثورة المضادة وداعميها في ليبيا. ولديه مؤلفات كبيرة في التاريخ الإسلامي والتفسير والقصص القرآني، ومن أشهرها: السيرة النبوية والخلفاء الراشدين، والدولة الأموية، والحروب الصليبية، وموسوعة 'نشأة الحضارة الإنسانية وقادتها العِظام'. ثانيًا: كِتاب الدولة الأموية في سطور بنى الأستاذ علي الصلابي كتاب الدولة الأموية على أسس المنهج التاريخي المتتابع والعميق، فاحتوى أحداث ووقائع عظيمة لا تزال تؤثر في ماضي وحاضر الأمة الإسلامية إلى يومنا هذا. وقد اعتمدت في هذه الورقة على الطبعة الثالثة من كتاب 'الدولة الأموية: عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار'، وهي من إصدارات دار المعرفة في بيروت تاريخ 2010. وتنقسم هذه الطبعة إلى مجلدين من القطع الورقي الوسط، وفي حدود 1300 صفحة تقريبًا. تناول الباحث في المجلد الأول، سبعة فصول وفي كل فصل عدة مباحث، ويتفرع عنه فقرات أصغر. واستهل هذا المجلد، بشهادة تاريخية حول الهاشميين والأمويين ومواقف بني أمية من الدعوة الإسلامية والعلاقات العائلية بين بني هاشم وبني أمية. وشرح في كل فصل تاريخ خليفة أموي على حدا حتى حكم عبد الملك بن مروان. وتناول فيه مولد الخليفة ونشأته وقراباته وزوجاته وإسلامه، وفترة حكمه، وأهم الأعمال السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحركة الفتوحات والتمردات ضده، وحالة الولايات في عهده. والدروس والعبر المستفادة من فتوحاته؛ كسنة الاجتماع والأخذ بالأسباب والتدافع والابتلاء، وسنة الله في الطغاة، وسنة تغيير النفوس. ويستشهد بآيات القرآن الكريم وكلام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين (الصلابي، 2010، مج1، 391). أما المجلد الثاني، فهو يورد عهود الخلفاء الأمويين من عهد الوليد بن عبد الملك وحتى انهيار الدولة الأموية. وعند تناوله عوامل انهيار الدولة، يردها لأسباب البعد عن الله والانغماس الانغماس في الشهوات والظلم وتعطيل الشورى والعصبية وكثرة الثورات (السابق، مج2، 568). يتمم في هذا المجلد حديثه عن بقية عهود بني أمية لينتهي كتابه في الفصل الحادي عشر. ويختم الباحث في نهاية الكتاب، بالحديث عن ظاهرةٍ مَرضية أصابت كُتاب التاريخ الإسلامي المعاصرين عرب وأجانب، ولا سيما المستشرقين الذين حرفوا تاريخنا بعد عهد الاستعمار، وبنفس الوقت، فإنه ربط بين الاستشراق الاستعماري وتحريفات كُتاب الشيعة بمختلف تياراتهم وطوائفهم (السابق، مج2، 603). ثالثًا: سمات المنهج التاريخي في كِتاب الدولة الأموية اتسم كِتاب الدولة الأموية في منهجه بالرصانة العلمية في صياغة الأفكار وسردها، وفي اعتماد المادة المرجعية. كما اتسم الكِتاب بابتعاده عن الطرح التقليدي من خلال ربطه أحداث الماضي والحاضر، بهدف استخلاص العِبر والدروس من التاريخ، وتعبئة الجيل المسلم بالقيم التربوية والخلقية السامية. 1. مظاهر الرتابة والرصانة في الكتاب أ. السردية عندما يقرأ القارئ كتاب الدولة الأموية، يبدو له للوهلة الأولى وكأنه يعاصر المشهد، ويشاهد الوقائع بأم عينه، بل وقد يشارك بها أحيانًا. فالصلابي يصف الأحداث بطريقة ممتعة، ويدعمها بنصوص القرآن والشعر والتحليلات الموثقة. كما يختار الباحث أسهل الجمل وأقربها لذهن القارئ، والعبارات الأقوى فيصوغها صوغًا ملفتًا، وكأنك تقف أمام لوحة تاريخية مزدانة بالعز والفخر والانتصار. وهذه الطريقة في الكتابة هي التي دفعت آلاف القراء المسلمين لاقتناء كتبه كلما ظهر في المكتبات جديد. ب. الموسوعية تبرز الموسوعية في ذكر تفاصيل كل عهد مرت به الدولة الأموية، حسب حكم كل خليفة أموي من بداية عهد معاوية بن أبي سفيان وحتى نجاح الدعوة العباسية من ناحية أولى. وما يلفت القارئ تلك الشمولية في تناول مختلف العلوم الاجتماعية والدينية واللغوية والأدبية معًا. وكذلك العدد الكبير من المراجع التي اعتمد عليها الباحث والتي بلغت نحو سبعمائة وخمسين مرجعًا من ناحية ثانية. ومن ناحية ثالثة، كان الباحث يرى الحادثة التاريخية بأكثر من زاوية. لذا لم يعتمد على كتب التاريخ الأصلية كابن كثير وابن الأثير، بل اعتمد على كتب التفسير والفقه والحديث والسيرة والأخلاق والأدب وغيرها (مثل: زاد المسير في علم التفسير لأبي الفرج الجوزي، وزهر الآداب للحصري، وسير أعلام النبلاء للذهبي، وسنن الترمذي وأدبي داود، وقيم المجتمع لأكرم العُمري، وتهذيب الأسماء واللغات للإمام النَووي، وكتابات تاريخية متخصصة (تاريخ بني أمية لنبيه عاقل والدولة الأموية ليوسف العش..) وكتب الاقتصاد (تاريخ بلاد الشام الاقتصادي لعاطف بيسان)، ومراجع حديثة (الفتوحات بين دوافعها الإسلامية ودعاوى المستشرقين لجميل المصري). ت. الرتابة في العرض يغلب على الكتاب الرتابة المتسلسلة، والوحدة الموضوعية للأفكار، ففي الفصل التاسع في شرحه لخلافة عمر بن عبد العزيز، تحدث في المبحث الأول عن ميلاده حتى خلافته، وشرح اسمه ولقبه وكنيته وأسرته (والده وأمه وولادته ومكانها وإخوته وأولاده وزوجاته وصفاته الخلقية)، وإنجازاته الإدارية والمالية والحضارية والعبر والدروس المستوحاة من عهده. فالقارئ يمكنه بهذا التقسيم أخذ فكرة سريعة عن الموضوع من خلال قراءة عناوين الفقرات وتموضع كل فقرة في الصفحة المقابلة لها في الفهرس. والجدير بالذكر بأن ما تتميز به خريطة الكتاب على العموم، هي تلك الموائمة بين التاريخ السياسي والعسكري والحضاري للدولة الأموية بآن واحد. 2. الدروس والعبر في الكِتاب يتناول الباحث في جميع فصول الكتاب آيات من القرآن الكريم بقوله: 'لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ'. ويتمثل ذلك في إيراد العبر والمعاني النابعة من روح الباحث الإسلامية. فهو وظف الكثير من النصوص العقدية في أحداث ووقائع في الكتاب. فمثلًا: في تنبيهه لحادثة مقتل الحسين رضي الله عنه، حيث جاء النص التالي: 'يوم عاشوراء: وهو اليوم العاشر من محرم الحرام، وقد ابتدع فيه بدع منكرة، وهلك فيه طائفتان بين إفراط وتفريط طائفة تجعله يوم فرح وسرور وأخرى يوم حزن ونياحة.. إن الإسلام علمنا آداب المصائب ومقتل الحسين رضي الله عنه مصيبة عظيمة'. فالباحث أبرز حدث عاشوراء تاريخيًا، وأحاط به من الجانب الوعظي والديني والأخلاقي والاجتماعي. وفي كتاب الدولة الأموية، يكتسي عهد عمر بن عبد العزيز صفة رمزية وإيمانية، فهو يميز عهده حين يذكر خلافة 'أمير المؤمنين عمر' مع أنه يذكر أفضال الخلفاء الوليد وسليمان وهشام في تقريب العلماء واستشارة النصحاء. ولكنه يعطي طابعًا روحياً لعهد عمر، وحياته الاجتماعية والعلمية والدعوية ومعاملته مع الناس، وتشييده دور العلم والمدارس الفقهية، وجهوده في خدمة السنة الشريفة، واهتمامه بالدعوة الشاملة والإصلاحات القضائية في الحدود والدِيات والجهاد الزواج والطلاق، ومسائل الفقه الإداري والمالي للدولة. 3. التباس شخصي في بعض الأحداث والأفكار لفت انتباهي إطلاق لقب 'أمير المؤمنين' على عبد الله بن الزبير (السابق، مج1، 568)، على الرغم من أن عهده لم يطل ولم يجمع عليه كل علماء ولا أقاليم الأمة جميعها. فموضوع خلافته يثير جدل واسع في أوساط كُتاب التاريخ الإسلامي، فهناك من يصفه بالتمرد أو الثورة، أو عهد التنافس بين الهاشميين والأمويين على السلطة. وفي خلافة المسلمين لا بيعة إلا بالشورى، فلم يبايعه عبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفية في حين يصفه الدكتور الصلابي بأنه 'الخليفة الشرعي'؛ لتنازل معاوية بن يزيد عن الحكم، ولأن جميع المسلمين بايعوا ابن الزبير بالخلافة عدا إقليم الأردن. وتحدث عن أسباب سقوط 'خلافة' ابن الزبير. وعن تولي عبد الملك 'الزعامة الأموية' بعد وفاة أبيه مروان وقضاءه على 'الخليفة الشرعي' ابن الزبير! (السابق، مج1، 13). ومن ثم يعتبر عهد عبد الملك خلافة إسلامية جديدة بعد توحيد الدولة والقضاء على الثورات الداخلية، واعتماد عبد الملك على المشاورة، ووضعه الرجل المناسب في المكان المناسب، وتقريبه الشخصيات الدينية ولاجتماعية الهامة. ويعود في المبحث الثالث ليقول عبد الملك بن مروان وصراعه مع الخليفة عبد الله بن الزبير، أيّ أن عبد الملك بن مروان هو الخارج على ابن الزبير؛ ففي المبحث الرابع يقول 'نهاية أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير'. ويوجد هنا التباس وتشويش حول الألقاب وسياقات تلك المرحلة، حتى أن الباحث يورد في البند العاشر من أسباب سقوط خلافة ابن الزبير 'الظروف التي نشأت فيها حركة ابن الزبير'، والتي ساهمت في سقوط خلافته.. كالتيارات القبلية والمذهبية وانعدام الاستقرار السياسي (السابق، مج1، 625). والفكرة الثانية، هو حديثه عن فكرة إخفاق الأمويين في إيجاد تيار حضاري كعامل من عوامل انهيار الدولة، واعتبر عمر بن عبد العزيز هو الوحيد الذي عمل على إيجاد تيار حضاري عقدي ملأ أركان الحياة. ويعود ليقول: 'وفي عصريّ الانطلاق والازدهار أيام معاوية وعبد الملك والوليد وحتى هشام كان بريق الامتداد يبهر الأبصار ويوجه الطاقات ويقدم تبريرات البقاء، فلماء أوشك هذا العصر على الانتهاء كان لا بد للأمويين من تبريرات جديدة يعيشون عليها وتندفع الجماهير خلفهم تحت رايتها، وافتقد أواخر العهد الأموي لرجال الإصلاح والتجديد، ولم يستطع آخر خلفائها أن يقدموا نموذج الدولة الراشدة لبقية الإنسانية، إنما دخلوا في أنفاق مظلمة انتهت بزوال دولتهم' (السابق، مج2، 581 – 582). ومن المعروف بأنه ليس من الضرورة أن تتسم كل عهود الدولة بالرقي والازدهار، ومن الطبيعي أن تصاب أي دولة بالوهن في آخر أيامها، وهذه سُنة نشوء وزوال الحضارات كما نظر لها ابن خلدون في المقدمة. 1. راهنية الفكر الصلابي' ربط الماضي بالحاضر' اهتم الباحث في كتابه الدولة الأموية في كشف روايات وأكاذيب الشيعة ونقدها في كل محطة تاريخية، ولا سيما يوم عاشوراء، وفي الخلاف حول مكان رأس الحسين. وأورد جميع الروايات التي تحدثت عن خروج الحسين بن علي إلى الكوفة. وأطلق على كربلاء 'مصيبة كربلاء' لأنها كانت فاصلة في تاريخ الأمة وذريعة لأعدائها، حيث قال 'لقد غلت الشيعة في مقتل الحسين غلوًا مفرطًا فجعلوا يوم استشهاده العاشر من محرم مأتمًا وحزنًا يكررونه في كل عام إلى يومنا هذا لتكفير ذنوبهم حسب اعتقادهم' (السابق، مج1، ص 494 – 501). واستشهد بكلام الطوسي والبرقي عن أسانيد الرضا وجعفر بن محمد وجعفر الصادق، وأكد أنها أكاذيب كثيرة، واعتبرها مأتم يظهر كلما قويت شوكة الشيعة (السابق، مج1، ص 504). كما بدت الراهنية في كتاب الدولة الأموية في تناوله ظاهرة مَرضية أصيب بها كتاب التاريخ الإسلامي وهي داء التأثر بالمستشرقين والمتشيعين الذين شوهوا تاريخ المسلمين الأول. إذ ربط بين الاستشراق الغربي وما كتبه الشيعة، والتي تلتقي في إبراز المثالب وإخفاء الحقائق لتأييد حوادث تاريخية، مثل كتاب 'الإمامة والسياسة' الذي نحلته الدينوري بسبب شهرته عند أهل السنة وثقتهم به. حيث تلقف مستشرقو الغرب، إبان غزوهم الاستعماري، عشرات القصص المشبوهة للشيعة وإخوان الصفا والخوارج والروايات المكذوبة في الطبري والمسعودي، لترويج الجهل وتجزئة التاريخ الإسلامي إلى أوصال لا رباط بينها. رابعًا: توصيفات ختامية على المنهج الصلابي: هل هو مَدرسي مَحدود أم مَنهجي حُرّ؟ قرأت للأستاذ الصلابي كتاب عمر بن الخطاب والدولة العثمانية خلال المرحلة الجامعية، وكان نبراسًا لنا نحن دارسي التاريخ الجدد. وبدا لي أنه اتبع، ليس في هذا الكتاب بل في جميع ما كتب، منهجًا علميًا متزنًا، من حيث التحقيق والتوثيق والنقد. وبالنسبة لي أعتبر الصلابي اتخذ في كتابه الدولة الأموية أسلوبًا سهلًا وسخيًا في الإلمام بالأحداث والاختصار قلما تتوفر في باحث واحد. وبدا لي مؤرخًا مبدعًا ذو علم غزير ومنهج رصين. وقد استحق من قبل جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي مقابل هذه الإسهامات الفكرية. وأرى بأن النهج الذي سار عليه هو نهج الوسيطة في الطرح العلمي، واستنبط مفاهيمه من قصص القرآن الكريم والسنة الشريفة. فهل الأستاذ الصلابي هو مؤرخ مدرسي أو منهجي حر؟ يرى مؤرخون عرب معاصرون، تخرجوا من مدارس فرنسا وبريطانيا بأن منهج الصلابي يدخل في إطار ما يصطلح عليه في المدارس التاريخية الحديثة بالمدرسة الوضعية Positivism، وهي مدرسة ألمانية المولد، ظهرت في ظل الحركات القومية التي شهدتها أوروبا خلال القرن التاسع عشر؛ بسبب الصراع مع الجمهورية الفرنسية الثالثة على منطقتي الألزاس واللورين. وتتسم الكتابة التاريخية الوضعية بالاهتمام بالواقعة السياسية العسكرية والإدارية والدبلوماسية، والاهتمام بسلوك الشخصيات من القادة والحكام البارزين، واستعمال السرد البسيط المتمثل في الرواية التي تغلب عليها الصبغة الدينية والأدبية. ولا يهتمّ بتاريخ الجزئيات، وإنما بالتاريخ ككل. ومن إيجابيات هذه المدرسة الاهتمام بالوثيقة والتحقق من صحتها ونقدها. ولكن أنصار الوضعية سقطوا في التحزّب للقومية كأرنست لافيس ورانكه وأوغست كونت. غير أن الأستاذ الصلابي يتفق في بعض جوانب منهج المدرسة الألمانية في الشمولية بوصف الأحداث ونقد الوثائق، إلا أنه يخالف في معظم ما كتبه منهج الوضعية، فهو اعتمد على السرد التفصيلي الموضوعي، وتنويع القضايا، والاهتمام بالشخصيات المختلفة، وقد ساعد منهجه الإسلامي على حماية التراث العربي والإسلامي من التشويه والتزوير. وفي نهاية المطاف، سيظل كتاب الدولة الأموية مرجعًا هامًا في المكتبة والجامعة العربية والإسلامية في مراحل أهمل بها تاريخنا، وانحدرت ثقافتنا إلى أدنى حدٍ لها. انظر: موسوعة الدولة الأمويَّة: عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار للشيخ الدكتور علي محمَّد الصَّلَّابي، وهو متوفر للقراءة أو التحميل مباشرة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد الصَّلَّابي: الدولة الأموية – الجزء الأول الدولة الأموية – الجزء الثاني كما يمكنكم تحميل الكتاب من قناتنا في التلغرام على الرابط التالي: إيطاليا تلغراف السابق افتتاح القرية الثقافية الإفريقية ' هنا إفريقيا' بالدار البيضاء


الجمهورية
منذ 3 ساعات
- الجمهورية
وفاة المجاهد بلمدني محمد عن عمر ناهز 86 سنة
ببالغ الحزن والأسى تلقت أسرة جريدة الجمهورية نبأ وفاة المجاهد بلمدني محمد عن عمر ناهز 86 سنة . المجاهد كانت له رابطة قوية بجريدة الجمهورية حيث وثق عبر صفحاتها الكثير من الشهادات الحية وأرخ لكثير من الوقائع والمعارك التي تحاكي مجد الثوار البواسل .. كما اشتغل المجاهد الراحل أستاذا للغة العرية والتربية الإسلامية بمدارس وهران وهو ما ساعده في الكتابة والتأريخ ،ناهيك أنه ساهم في تكوين أجيال ستذكره بخير دونما شك . وإثر هذا المصاب الجلل تتقدم الرئيسة المديرة العامة لجريدة الجمهورية السيدة ليلى زرقيط نيابة عن كافة الصحفيين والعمال بتعازيها القلبة الخالصة لعائلة الفقيد راجية من الله عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة رفقة المجاهدين والشهداء الأبرار .. رحم الله المجاهد البطل عمي بلمدني محمد تشييع جنازة الفقيد ستكون غدا انطلاقا من المنزل الجنائزي بحي الأمير خالد بوهران نحو مقبرة عين البيضاء ..


حدث كم
منذ يوم واحد
- حدث كم
رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد يجري مباحثات مع رئيس مجلس النواب البحريني و رئيس برلمان مقدونيا الشمالية
اجرى رئيس مجلس المستشارين، السيد محمد ولد الرشيد، يومه الجمعة 23 ماي 2025، محادثات مع السيد أحمد بن سلمان المسلم رئيس مجلس النواب بمملكة البحرين الشقيقة. وخلال هذا اللقاء الذي جرى بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة من منتدى مراكش الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورومتوسطية والخليج بمراكش تحت الرعاية الملكية السامية،تم التأكيد على متانة العلاقات الأخوية التي تجمع بين المملكة المغربية ومملكة البحرين تحت القيادة الرشيدة لعاهلي البلدين جلالة الملك محمد السادس وأخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظهما الله. و جدد الطرفان إرادتهما المشتركة وعزمهما الأكيد على تعزيز التعاون البرلماني الثنائي والمتعدد الأطراف ، وتكثيف تبادل التجارب والخبرات بين المؤسستين التشريعيتين بالبلدين الشقيقتين. كما تم التطرق أيضا إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك المسجلة على جدول أعمال المنتدى ، ولا سيما التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجه المنطقتين المتوسطة والخليجية ، ودور البرلمانات الوطنية والمنظمات البرلمانية في مواكبة التحولات الكبرى على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال تطوير التشريعات والأطر التنظيمية والمؤسساتية، وتشجيع المبادرات الهادفة، وتعزيز التواصل بين الفاعلين البرلمانيين والاقتصاديين وممثلين الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني. ذوبالمناسبة ايضا، اجرى السيد رئيس مجلس المستشارين، محادثات مع رئيس برلمان جمهورية مقدونيا الشمالية، السيد أفربم غاشي. وقد شكل هذا اللقاء فرصة للتأكيد على أهمية تعزيز العلاقات البرلمانية بين المغرب وجمهورية مقدونيا الشمالية، بما يسهم في تطوير سبل التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في ظل تفاقم التحديات التي تواجه المنطقة الأورومتوسطية والعالم. وأشاد الجانبان أيضا بمبادرة مجلس المستشارين في تنظيم هذا المنتدى الذي أضحى، مع توالي السنوات، منصة برلمانية رفيعة المستوى لتعزيز الحوار والتنسيق بين البرلمانات الوطنية والإقليمية في المنطقتين الأورو-متوسطية والخليجية خدمة للسلم والاستقرار والتنمية المستدامة. س.ح/ح