
رمزي الغزوي : سؤال الأضحية المتجدد
أخبارنا :
عمّا قريب ستزدحم شوارعنا بحظائر وزرائب تعج بالخرفان وتتحول ديناميكياً في أيام العيد، خصوصا في القرى والبلدات البعيدة عن العاصمة، إلى مسالخ بدائية يدوم أثرها شهراً أو شهرين على شكل روائح ودماء وكراعين مرمية هنا وهناك. وسترتفع نسبة الكولسترول والدهون في الناس لتصل مستويات كبرى تهمز داء نقرسنا.
في هذا المسار لن أقف عند السؤال الذي صدح به أحدهم قبل سنوات عبر إذاعة محلية طالباً فتوى شرعية، إن كان يحق له أن يأخذ قرضاً من بنك، ليشتري ذبيحة، يتقرب بها إلى الله تعالى في عيد الأضحى؟ بالطبع سأترك الفتوى لأصحابها، وسأقف متأملاً مستهجناً بلداً فقيراً شحيحاً بثروته الحيوانية وأمطاره، ومديوناً حتى شوشة رأسه لثلاثة أجيال قادمة على الأقل، يستورد كل هذه الذبائح بالعملة الصعبة، ليهرق دمها في أربعة أيام؟
بالطبع لا أحد يتحدث عن الذبائح البلدية، فأسعارها ستبقى خارج نطاق القدرة الشرائية لأن أعدادها تقلصت وتلاشت عبر العقود الماضية وهي تصدر لدول الجوار. بلادنا كانت بلاد خير وحلال (ما زلنا نسمي الغنم والماشية حلالاً)، ولكننا تركنا تربيتها، ولم نحافظ عليها، ولم ننمها، لأننا لم نزرع شعيرا لها، وتركنا أرضنا بوراً، تذروها الأشواك والغبار، وسيقول قائل: المطر قليل. وهذا صحيح، ولكن أعلاف المواشي، تنمو على شحيح المطر، لو أردنا، ولكنها (قلة حيل) فينا.
أجدادنا كان لهم مسميات للذبائح، تصب في نهاية واحدة: وليمة عرمرمية. فهناك ذبيحة البيت، عند رفع أعمدة بيت الشعر، وذبيحة للبيدر، بعد انتهاء جمع الغلال، وذبيحة الشراكة، إن ابرموا اتفاقاً مع بعضهم، وذبائح القِرى للأعراس، وذبيحة للضيف، وذبيحة العتبة عند سكن بيت جديد، وذبيحة الفرس حين شرائها أو بعد أن يستعيد المثاني (المهرتين الأولى والثانية) من فرس باعها، وذبيحة الكسب (ويسمى عندهم الفود)، إن عادوا غانمين من الغزو، وذبيحة الفاردة إن مرت في بلد وهي في طريقها لدار العريس، وذبيحة للولد، وأخرى لطهوره، وذبيحة الطاحونة، وغيرها.
أي أن أجدادنا الكرام رحمهم الله كانوا يختلقون أية مناسبة صغيرة، كانت أم كبيرة؛ ليريقوا دم خروف، أو كبش، أو تيس أو جدي أو نعجة، ويرتعوا بالهبر، ويغوصوا في مناسفهم المتللة، ولكنهم عوضوا ذلك بالزراعة وبشدة الحيل، وبتربية الحلال، والاهتمام به، وبتنميته. ولتظل ثروتهم الحيوانية متزايدة.
اليوم سننفق ملايين الدنانير على ذبائح أغلبها ولدت ونمت وتربربت وسمنت بغير أرضنا، وبغير شعيرنا وعلفنا وبغير جهدنا، وهذا الأمر سيعيدني متأملاً سؤالي الواخز الذي طرحته العام الفائت: هل هذا يرضي الله ويتقرب إليه بعمل الصالحين؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 19 دقائق
- خبرني
تهنئة لـ العقيد القاضي محمد المزايدة
خبرني - يتقدم أبناء عشيرة السعودي في محافظة الطفيلة بأصدق التهاني والتبريكات بمناسبة ترفيع ابنهم البار عطوفة العقيد القاضي محمد بيك المزايدة إلى رتبة عقيد في جهاز الأمن العام، متمنين له دوام الصحة والعافية والتوفيق من الله تعالى في ظل راعي المسيرة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.


خبرني
منذ 19 دقائق
- خبرني
تهنئة بمناسبة ترفيع العقيد علاء عبدالمنعم العساف
العقيد علاء عبدالمنعم العساف وذلك بمناسبة صدور قرار ترفيعه المستحق إلى رتبة عقيد في جهاز الأمن العام. نبارك لك هذا الإنجاز العظيم الذي هو ثمرة جهدك، وانضباطك، وإخلاصك في أداء الواجب، ونسأل الله أن يوفقك في مهامك الجديدة، وأن يجعل هذه الترقية بداية لمزيد من النجاحات والرفعة في خدمة الوطن والقيادة الهاشمية. دمت فخرًا لعائلتك ولوطنك.


خبرني
منذ 19 دقائق
- خبرني
عيد الأضحى 2025.. شروط الأضحية وحكمها وطريقة التعامل معه
خبرني - يحتفل ملايين المسلمين حول العالم بعيد الأضحى المبارك، حيث تتصدّر سُنّة الأضحية أبرز الشعائر الرمزية والعبادية. ورغم حرص كثير من المسلمين على أداء الأضحية في موسمها المبارك، إلا أن جهل البعض بالشروط والضوابط الشرعية قد يُفقد الذبح قيمته التعبدية، أو يُنقِص من ثوابه وأثره، ما يُحَتِّم أهمية الرجوع إلى الفقه الصحيح والفهم الدقيق، لا سيما أن الشريعة وضعت منظومة متكاملة تحكم هذا النسك العظيم، حددتها دار الإفتاء المصرية في دليل وافي عبر 13 سؤالاً يضع بين يدي المُضحّين كل ما ينبغي معرفته من أحكام وآداب. ما هي الأضحية ولماذا شُرِعَت؟ بحسب ما جاء في دليل دار الإفتاء، فإن الأضحية هي ما يُذبح تقربًا إلى الله في أيام النحر، بشروط مخصوصة، ولا تُحتسب الأضحية إلا إن توافرت فيها نية التعبّد، والتوقيت المشروع، والنوع المحدد من الأنعام. أما ما يُذبح لأغراض دنيوية كالإطعام أو التجارة، أو ما يُقدَّم كعقيقة أو هدي، فليس من الأضحية في شيء. وقد شُرعت الأضحية شكرًا لله على بلوغ أيام ذي الحجة المباركة، وقد دل عليها الكتاب والسنة والإجماع، لقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث أنس أنه ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر. ما حكمها وشروطها؟ اتفقت المذاهب الفقهية الكبرى على أن الأضحية سنة مؤكدة للقادرين، غير أن تركها يُفوّت على المسلم فضلًا عظيمًا. وذهب بعض العلماء كالحنفية ومالك في قول إلى أنها واجبة. ومن شروط الأضحية أن تكون من الأنعام: الإبل، البقر، الجاموس، الغنم (ضأنًا أو ماعزًا). ويجزئ عن الشخص الواحد ذبح شاة، أو الاشتراك في سبع من بقرة أو بدنة. كما يجب أن تكون الأضحية قد بلغت السن الشرعي: جذعة من الضأن (6 أشهر على الأرجح)، أو ثنية من الماعز (سنة)، أو البقر (سنتان)، أو الإبل (خمس سنوات). ولا تصح الأضحية إلا إذا كانت خالية من العيوب الفاحشة، ومملوكة للمُضحّي أو مأذونًا له بها، ويشترط أن يكون الذابح مسلمًا أو من أهل الكتاب، وأن يُسمي الله عند الذبح. كيف نُضحّي كما ضحّى النبي؟ يُستحب للمُضحّي أن يذبح بنفسه إن استطاع، اقتداء بالنبي، ويبدأ الذبح بعد صلاة العيد في الأمصار، أو بعد فجر يوم النحر في غيرها، ويستمر حتى غروب شمس آخر أيام التشريق (رابع يوم العيد). ومن آداب الذبح: استقبال القبلة، حدة السكين، عدم إظهارها للذبيحة، الإضجاع على الشق الأيسر، والرفق في التعامل مع الذبيحة. كما يُستحب الدعاء أثناء الذبح بقول: «بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك»، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. أما تقطيع اللحم وتوزيعه، فالسنة أن يُقسم إلى ثلاثة أثلاث: ثلث يأكله المُضحّي وأهله، وثلث يُهدى، وثلث يُتصدق به، مع جواز التصدق بكل اللحم أو أكله كله بحسب الحاجة، لا سيما للفقراء. ما الذي يجب أن ننتبه إليه؟ تنبيه مهم من علماء الإفتاء: الجهل بهذه الأحكام لا يعفي من الخطأ، وقد يُبطل الأضحية أو يُنقص أجرها، لذا من الواجب على المسلم العزم على الإتقان، والتحري عن الشروط، وتقديم القربة لله بقلب خاشع وعمل متقن، ففي هذا النسك تتجلى أعظم معاني التوحيد والتسليم والطاعة، اقتداءً بإبراهيم الخليل وسيدنا محمد خاتم النبيين، عليهم الصلاة والسلام.