
تجدد حرائق الأصابعة.. لغز غامض يثير الجدل بين تفسير العلم والخرافة
في قلب مدينة الأصابعة، تتصاعد ألسنة اللهب، مخلفة وراءها دمارًا واسعًا وأسرًا منكوبة تبحث عن إجابا، في مشهد حرائق متكررة أصبح هاجسًا للسكان الذين يتساءلون: ما السبب الحقيقي وراء هذه الكارثة المستمرة؟
وفي ظل غياب تفسير علمي واضح، تتراوح الفرضيات بين الأسباب البيئية والتدخل البشري، بل وحتى التفسيرات الغيبية التي زادت من حالة الذعر ونسبت تلك الكارثة إلى الجن.
وسط هذه الفوضى، تتحرك الجهات الرسمية لمحاولة السيطرة على الوضع، لكن عدم تحديد مصدر الحرائق يجعل جهود الإطفاء مجرد محاولة لاحتواء الأزمة دون حل جذري لها.
استمرار الحرائق وتدخل فرق الإطفاء
أكد الناطق باسم هيئة السلامة الوطنية، باسم أرحومة، أن فرق الهيئة تعاملت مساء الجمعة مع حريق جديد نشب في غرفة خارجية بأحد المنازل بمدينة الأصابعة.
وأوضح أن غرفة العمليات تلقت بلاغًا فور اندلاع النيران، لتتحرك فرق الإطفاء إلى الموقع والسيطرة على الحريق دون تسجيل أي خسائر بشرية.
ورغم الجهود المبذولة، لم تكن هذه الحادثة معزولة، إذ إن مدينة الأصابعة تشهد سلسلة من الحرائق المتفرقة منذ أكثر من أسبوعين، دون التوصل إلى الأسباب الحقيقية وراء اندلاعها. هذه الحوادث المتكررة جعلت الأهالي يعيشون حالة من القلق والخوف، خاصة مع عجز الجهات المختصة عن تقديم تفسير نهائي لما يحدث.
تعويضات للمتضررين
أصدر وزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة قرارا يقضي بتشكيل لجنة لتعويض المواطنين المتضررين من الحرائق في بلدية الأصابعة، برئاسة وكيل الوزارة لشؤون البلديات، وعضوية ممثلين عن المجلس الأعلى للإدارة المحلية، وجهاز المباحث الجنائية، وبلدية الأصابعة، إضافة إلى مدير إدارة المشروعات.
كما خصص مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية مبلغ 70 مليون دينار ليبي كتعويض للمتضررين، في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة الأهالي الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم.
استمرار المساعدات الإنسانية
في ظل تفاقم الأوضاع، يواصل فريق العمليات بفرع الهيئة الليبية للإغاثة في يفرن جهوده لدعم العائلات المتضررة، حيث تم تنفيذ عمليتي توزيع للمساعدات الإنسانية، شملت 34 عائلة سودانية و37 عائلة ليبية، بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتضمنت المساعدات أغطية ومواد أساسية تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للأسر المتضررة. وأكدت الهيئة الليبية للإغاثة استمرارها في متابعة الأوضاع الإنسانية، والتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين لضمان توفير الدعم المناسب.
لا تفسير واضح حتى الآن
أكد عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، أن الحرائق مستمرة، مشيرًا إلى تسجيل نحو 160 منزلاً متضررًا، مع انخفاض في وتيرة الحرائق خلال الساعات الأخيرة. ورغم ذلك، يظل القلق مسيطرًا على السكان، خاصة مع عدم صدور أي تقارير رسمية من فرق الخبراء حول الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة.
وأضاف المقطوف أن لجنة إدارة الأزمات وصلت إلى المدينة مزودة بالمعدات والأجهزة اللازمة لمواصلة التحقيقات، كما تم توجيه طلب رسمي إلى وزير الحكم المحلي للاستعانة بخبراء دوليين للكشف عن ملابسات هذه الحرائق الغامضة.
جدل سياسي وانتقادات لحكومة الوحدة
في سياق متصل، انتقد المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش طريقة تعامل حكومة الدبيبة مع الأزمة، واصفًا إياها بـ'العشوائية والتخبط'. واعتبر المرعاش أن تصريحات وزير التعليم العالي، عمران القيب، التي ربطت بين الحرائق وغاز الميثان 'غير منطقية وتكشف عن عدم سيطرة الحكومة على وزرائها'.
من جانبه، دعا عضو مجلس الدولة الاستشاري، منصور الحصادي، إلى ضرورة الاستعانة بخبراء دوليين، محذرًا من أن التفسيرات غير العلمية تزيد الوضع تعقيدًا. كما شدد على أهمية الشفافية في التعامل مع الأزمة، وتضافر جهود جميع الجهات المعنية للوصول إلى حل نهائي.
روايات متضاربة
في ظل غياب تقرير رسمي، تعددت الفرضيات حول أسباب اندلاع الحرائق، ومنها:
1. ماس كهربائي: حيث يرجح البعض أن التوصيلات الكهربائية الرديئة قد تكون سببًا في اندلاع النيران.
2. تسرب غاز الميثان الذي يشبه صفات الجن: وهو التفسير الذي أثار جدلاً واسعًا بعد أن تحدث عنه وزير التعليم العالي، لكنه لم يستند إلى أي دراسات علمية مؤكدة.
3. عمل تخريبي: يشير البعض إلى احتمال وجود أطراف تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع تكرار الحرائق في أوقات متفرقة وأماكن مختلفة.
4. عوامل غيبية: انتشرت بين الأهالي شائعات تفيد بأن 'الجن' وراء هذه الحرائق، مما زاد من حالة الهلع في المدينة.
المؤسسات الدينية تتدخل
مع تصاعد الجدل، وجهت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة الوحدة الوطنية المشايخ والوعاظ إلى مدينة الأصابعة لتعزيز الوعي الديني بين الأهالي.
وأكدت الهيئة على أهمية الالتجاء إلى الله بالدعاء والتوكل عليه في مواجهة المحن، مشيرة إلى أن التفسيرات الغيبية لا يجب أن تشغل الناس عن السعي لإيجاد حلول علمية وعملية.
الحصيلة الأولية للأضرار
وفق الإحصائيات الأولية، تضرر أكثر من 160 منزلًا بسبب الحرائق، لكن لم يتم تسجيل خسائر بشرية مباشرة، باستثناء بعض حالات الاختناق والإصابات الناجمة عن محاولات الفرار من الحرائق.
وتعاني البلدية من نقص شديد في معدات الإطفاء، حيث لا تملك سوى سيارة إطفاء واحدة، مما جعل جهود مكافحة الحرائق محدودة، ودفع السلطات إلى طلب الدعم من فرق الإطفاء في المناطق المجاورة.
مجلس النواب يطالب بتحقيق عاجل
طالب مجلس النواب حكومة أسامة حماد بتكثيف الجهود العاجلة لإغاثة المتضررين، كما دعا المؤسسة الوطنية للنفط ومجلس التخطيط الوطني إلى تقديم الدعم الفني والتقني للتحقيق في أسباب الحرائق.
وأكد المجلس أن تأخر الاستجابة لهذه الكارثة الإنسانية يفاقم من معاناة الأهالي، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلاً.
استمرار التحقيقات
في ظل غموض الأسباب، تواصل الفرق المختصة من جهاز المباحث الجنائية والهيئة العامة للبحث العلمي تحقيقاتها، وسط ضغوط متزايدة من الجهات السياسية والمجتمع المدني لكشف الحقيقة.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستتوصل الجهات المعنية إلى السبب الحقيقي وراء هذه الحرائق، أم ستظل مدينة الأصابعة عالقة بين تفسيرات العلم والخرافة؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الحقيقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 2 أيام
- أخبار ليبيا
المرعاش: الدبيبة وزّع مئات الملايين لميليشيات مصراتة مقابل السيطرة على طرابلس
🔥 المرعاش: الدبيبة صفّى زعيم ميليشيا بدوافع مالية.. وطرابلس شهدت مجزرة وموجة تحشيد قبلي ليبيا – اعتبر المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش أن ما تشهده البلاد، لا سيما في العاصمة طرابلس، هو حلقة جديدة من سلسلة العنف المسلح والصدامات التي تُغذّيها حكومات تعتمد بشكل كلي على الميليشيات للبقاء في السلطة. 🔹 تصفية زعيم جهاز 'دعم الاستقرار' وراء انفجار الأحداث ⚔️ وفي تصريحات لموقع 'مونت كارلو' الدولي، تابعتها صحيفة المرصد، أوضح المرعاش أن ما حدث قبل أسبوع تقريبًا هو تصفية زعيم ميليشيا مشرعنة كان يرأس جهاز دعم الاستقرار، مشيرًا إلى أن عملية اغتياله تمت داخل معسكر خليفة تكبالي بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة، بهدف التخلص من نفوذه المتصاعد. 🔹 السبب: السيطرة على شركة الاتصالات 💰 وأكد المرعاش أن الزعيم المستهدف حاول فرض نفوذه على شركة الاتصالات الليبية، التي وصفها بـ'الدجاجة التي تبيض ملايين الدنانير'، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة التي أرادت الاحتفاظ بالغنيمة لتوزيعها على الميليشيات الموالية، بحسب تعبيره. 🔹 حصيلة القتال: أكثر من 200 قتيل و700 جريح 🚨 وبيّن المرعاش أن عملية التصفية أدت إلى اندلاع مواجهات دامية في أحياء وأزقة طرابلس، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة أكثر من 700 آخرين، إضافة إلى خسائر مادية تُقدّر بأكثر من 50 مليون دينار ليبي. 🔹 المعالجة الحكومية: تحشيد قبلي ومليشياوي 🛡️ وأشار إلى أن رئيس الحكومة اختار التصعيد بدلًا من احتواء الموقف، من خلال الذهاب نحو تحشيد قبلي بالاستعانة بقبائل مصراتة التي ينتمي إليها، حيث عرض عليها مئات الملايين من الدنانير، مقابل دفع ميليشياتها إلى طرابلس لإخراج الميليشيات المنافسة والسيطرة على العاصمة بالكامل، وفقًا لتصريحات المرعاش.


عين ليبيا
منذ 3 أيام
- عين ليبيا
بالأرقام والأدلة.. سقوط مروّجي ترامادول في سبها بقبضة البحث الجنائي
في إطار الجهود المتواصلة لجهاز البحث الجنائي لمكافحة الجريمة المنظمة والتصدي لآفة المخدرات، تمكن أعضاء فرع الجهاز في سبها من ضبط متهمين بترويج المواد المخدرة داخل أحد المحال التجارية المهجورة بمنطقة المنشية، وذلك بعد عملية أمنية دقيقة تمت بناءً على تحريات ميدانية ومعلومات موثوقة. وجاءت هذه العملية بتوجيهات مباشرة من رئيس جهاز البحث الجنائي، اللواء أحمد الشامخ، وضمن استراتيجية أمنية صارمة تهدف إلى حماية المجتمع من خطر المخدرات، حيث كشفت التحريات أن المحل المهجور والمنزل الملاصق له يُستخدمان في نشاط مشبوه يرتاده أشخاص من جنسيات أفريقية. وبعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، تم إعداد محضر تحرٍ وعرضه على النيابة العامة، التي منحت الإذن بمداهمة الموقع، وأسفرت العملية عن ضبط شخصين من الجنسية النيجرية وبحوزتهما 800 قرص يُشتبه بأنها من نوع ترامادول، إضافة إلى مبلغ مالي قدره 3575 دينار ليبي. وخلال التحقيقات، أقر المتهمان بتورطهما في ترويج المخدرات بالتعاون مع شخص ثالث يقوم بتزويدهما بالمواد المحظورة، وعلى ضوء ذلك، تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمين وإحالتهما إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات واتخاذ التدابير القضائية اللازمة. وأكد جهاز البحث الجنائي استمراره في ملاحقة كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن وسلامة المواطنين، مشدداً على أنه لا تهاون مع الجريمة المنظمة، وأنه سيواصل بذل كافة الجهود لتطبيق القانون وضمان الاستقرار.


عين ليبيا
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- عين ليبيا
منظمة الطيران المدني الدولية: روسيا وراء إسقاط طائرة إم.إتش 17 ومقتل 298 شخصاً
أعلنت منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، الإثنين، أن روسيا مسؤولة عن تحطم طائرة الرحلة إم.إتش 17 التابعة للخطوط الجوية الماليزية، التي أُسقطت فوق أوكرانيا قبل عشر سنوات، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 298 شخصًا. وخلص مجلس المنظمة التابعة للأمم المتحدة، التي يقع مقرها في مونتريال بكندا، إلى أن الشكاوى التي تقدمت بها كل من أستراليا وهولندا بشأن الحادث 'لها أساس في الواقع والقانون'. وأوضحت المنظمة في بيان لها أن 'روسيا الاتحادية لم تحترم التزاماتها بموجب القانون الجوي الدولي خلال تدمير طائرة الرحلة إم.إتش 17 في 2014'. وأشار البيان إلى أن هذا القرار هو الأول من نوعه الذي يتخذه مجلس المنظمة بشأن 'أساس نزاع بين دول أعضاء'. وكانت الطائرة، من طراز بوينغ 777، قد أُسقطت في 17 يوليو 2014 أثناء رحلتها من أمستردام إلى كوالالمبور، بعد أن أصابها صاروخ أرض-جو روسي الصنع من طراز 'بوك' أثناء تحليقها في سماء منطقة يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا. وقد لقي جميع ركاب الطائرة وأفراد الطاقم مصرعهم، وعددهم 298 شخصًا، بينهم 196 هولنديًا و43 ماليزيًا و38 أستراليًا. وفي عام 2022، قضت المحكمة الهولندية بالسجن مدى الحياة على ثلاثة رجال، بينهم روسيا، لدورهم في المأساة، ولكن موسكو رفضت باستمرار تسليم أي من المشتبه بهم. كما نفت روسيا أي ضلوع لها في الحادث. وفي تعليقها على قرار منظمة الطيران المدني الدولي، قالت الحكومة الأسترالية في بيان لها: 'هذه لحظة تاريخية في السعي إلى الحقيقة والعدالة والمساءلة لضحايا تحطم الطائرة إم.إتش 17 وعائلاتهم وأحبائهم.' وأضاف البيان أن الحكومة الأسترالية تدعو إلى اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة هذا الخرق، متابعتًا: 'ندعو روسيا إلى تحمل مسؤوليتها النهائية عن هذا العمل المروع من العنف وتصحيح سلوكها الفظيع، كما يقتضي القانون الدولي.' من جانبه، رحب وزير الخارجية الهولندي، كاسبار فيلدكامب، بالقرار، مؤكدًا أن هذا القرار لن 'يمحو حزن ومعاناة' أقارب الضحايا، لكنه يعد 'خطوة مهمة نحو الحقيقة والعدالة'.