logo
دوران الكرسي.. إشارة لانهيار كفاءة الإدارة !

دوران الكرسي.. إشارة لانهيار كفاءة الإدارة !

عكاظ٢٣-٠٤-٢٠٢٥
دخلتُ يومًا ما على أحد المديرين في منظمة محترمة، لإتمام إجراء معاملة، كان لدى هذا المدير مكتب واسع، وقد بدا أن كل شيء فيه في مكانه المناسب؛ أوراق ومعاملات مرتبة بعناية على مكتب كبير في المنتصف، وعلى جانبه الأيسر مكتب جانبي صغير عليه جهاز حاسب آلي، لا شيء عليه سواه. يجلس المدير على كرسي دوّار واسع، يتحرك بسلاسة في كل اتجاه، ويبدو أنه اعتاد استخدامه للتنقل بين المكتبين دون الوقوف. بعد انتظارٍ معقول حتى انتهى المراجعون قبلي، قدّمتُ إليه طلبي، فتناوله وبدأ يراجع الأوراق بسرعة تنظيمية واضحة. ثم ما لبث أن أدخل بيانات في الحاسب، فعاد بكرسيه إلى المكتب الكبير ليقارن شيئًا في المستند، ثم رجع مجددًا إلى الجهاز ليُدخل معلومة جديدة، ثم عاد... ثم ذهب. تكرر ذلك التنقل ثلاث أو أربع مرات، وكل مرة تستغرق منه حركة وانعطافة، وتعديلًا لوضعية الجلوس، وربما لحظة استيعاب لإعادة التركيز. كان إنجازه احترافيًا ودقيقًا وسريعًا، ولكن شيئًا ما لفت انتباهي كمتخصص في الإدارة. لقد أدركتُ أن المدير -رغم كفاءته- كان يكرر سلسلة من الحركات غير الضرورية: حركة بين مكتبين، ودوران متكرر، وانتقال ذهني بين أوراق وشاشة. استأذنتُ منه بلطف أن أطرح عليه ملاحظة تنظيمية، فرحب بابتسامة مهنية. قلت له: لفت نظري أسلوبكم المنظم في العمل، وحرصكم على الدقة. فقط خطر ببالي أنكم تتحركون كثيرًا بين المكتبين أثناء إدخال البيانات. ربما يمكن دمج نقاط العمل بوضع حامل أوراق بجوار الحاسب، أو نقل الحاسب إلى مكتبكم الأساسي. بهذا الشكل، قد يتم تقليص عدد الحركات، وتوفير وقت يُستثمر لإنجاز عدد أكبر من المعاملات بنفس الجودة والهدوء. ابتسم ووضح لي السبب المنطقي لوضع جهاز الحاسب على مكتبه الجانبي، وأثنى على المقترح، ثم غادرتُ المكان وأنا أعتقد أنه سيفكر في هذا الاقتراح ويطبقه يومًا ما.
من المؤكد أنك صادفت هذا الموقف الحقيقي العملي في حياتك العملية. ويتجلى فيه منهجٌ علمي تطبيقي في علم الإدارة يُعرف باسم «دراسة الحركة والزمن» (Motion and Time Study) أو «القياس الزمني للحركة في العمل»، وهو منهج برز على يد رائد الإدارة العلمية فريدريك تايلور (Frederick Taylor) في بدايات القرن العشرين. ويُستخدم هذا المنهج تحديدًا في إدارة العمليات وتحسين الإنتاجية. ومن المثير للاهتمام أن لهذا المنهج أصلًا علميًا في الفيزياء الكلاسيكية، وتحديدًا في الميكانيكا التي وضع أسسها إسحاق نيوتن، مما يجعل هذا المفهوم جامعًا بين علم الإدارة وعلم الفيزياء.
يُستخدم هذا المنهج لتحليل وتحسين أداء العمل من خلال دراسة عدد الحركات التي يقوم بها الموظف، والوقت المستغرق في أداء هذه الحركات، ويهدف إلى: زيادة الإنتاجية، وتقليل الهدر، والحد من الوقت الضائع، وتحسين الكفاءة المالية، وتطوير بيئة العمل. وفي هذا الموقف العملي، قمتُ بتحليل كل حركة بدنية قام بها المدير أثناء إتمام المعاملة، فوجدت أنه يمكن تقليل عدد الحركات غير الضرورية، ودمج بعضها، مثل: نقل جهاز الحاسب إلى مكتبه الرئيسي، وتحسين الحركات من خلال إضافة حامل للأوراق، وإعادة ترتيب تسلسل الحركات. وهذا كله يُسهم في تقليل الوقت وبالتالي خفض التكاليف.
باختصار، دراسة الحركة والزمن أداة استراتيجية في علم الإدارة تُستخدم لرفع الكفاءة التشغيلية، وهي تمثل أحد أعمدة إدارة الجودة الشاملة والتحسين المستمر (Kaizen)، وتُعد ضرورية في القطاعات الصناعية والخدمية والتعليمية. أخيرًا، الكفاءة ليست فقط في العمل الجاد، بل في العمل الذكي! فلنستلهم من علم الإدارة لتحقيق أعلى إنتاجية بأقل جهد، فكل حركة محسوبة ترفع الإنتاج، وكل ثانية موفَّرة تزيد من كفاءة منظماتنا وتخدم اقتصاد وطننا السعودي القوي. فلنجعل تحسين الأداء سلوكًا وطنيًا يعكس رؤية السعودية الطموحة، فالتفاصيل الصغيرة تصنع الفارق الكبير.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«الأرشيف» ينظم ندوة الابتكار المجتمعي في بناء مجتمعات مستدامة
«الأرشيف» ينظم ندوة الابتكار المجتمعي في بناء مجتمعات مستدامة

صحيفة الخليج

timeمنذ 13 دقائق

  • صحيفة الخليج

«الأرشيف» ينظم ندوة الابتكار المجتمعي في بناء مجتمعات مستدامة

نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية، وبالتنسيق مع لجنة الابتكار المؤسسي ندوة بعنوان: «الابتكار المجتمعي لبناء مجتمعات مستدامة»، وذلك بهدف الارتقاء بالمبادرات الفردية أو بالممارسات الجماعية التي تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة. بدأت الندوة بحديث خبير التنمية البشرية، الدكتور شافع النيادي الذي أكد أهمية التربية والتنشئة الصحيحة للجيل حتى يكون قادراً على الابتكار، وأن الابتكار لا ينمو في بيئة التخويف، ولذا فإن التربية يجب أن تعتمد على القيم والأخلاق إلى جانب حرية السؤال والحوار، فالسؤال والحوار بوابة المعرفة والابتكار، وإذا لم نسمع لأبنائنا فالبديل موجود وهو الإنترنت والتطبيقات الذكية وغالباً ما تكون العواقب غير محمودة. وتحدثت الباحثة الإماراتية في علم الاجتماع التطبيقي، الدكتورة شيخة الكربي، الأستاذ المساعد في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، فاعتبرت موضوع الندوة يمثل حجر الزاوية في كل مشروع تنموي معاصر، وركزت في حديثها على الابتكار الاجتماعي في بناء المجتمعات المستدامة من فكر القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى استدامة الإمارات، وسلطت الضوء على مفهوم الابتكار الاجتماعي والجذور الفكرية له في فكر الشيخ زايد. وشهدت الندوة، التي عُقدت في قاعة الشيخ خليفة بن زايد بمقر الأرشيف، وتابعها جمهور كبير من الأكاديمية الوطنية لتنمية الطفولة، وأدارها عبدالله البستكي عضو لجنة الابتكار المؤسسي في الأرشيف، تفاعلاً كبيراً من الحضور.

تدريب عملي لطلاب «كندية دبي» بقطاع الترفيه
تدريب عملي لطلاب «كندية دبي» بقطاع الترفيه

صحيفة الخليج

timeمنذ 13 دقائق

  • صحيفة الخليج

تدريب عملي لطلاب «كندية دبي» بقطاع الترفيه

أبوظبي: «الخليج» وقّعت شركة ميرال مذكرة تفاهم تمتد لثلاث سنوات مع الجامعة الكندية دبي، في خطوة تهدف إلى دعم التبادل الأكاديمي والتدريب العملي في قطاع الترفيه والسياحة. وتوفر هذه الشراكة الحصرية لطلاب الجامعة فرصاً متميزة للتدريب العملي والتطوع، إلى جانب المشاركة في أنشطة تعليمية وبحثية تطبيقية، ضمن أبرز وجهات ميرال مثل «سي وورلد، جزيرة ياس، أبوظبي» ومركز «ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ». كما تشمل الشراكة مبادرات مجتمعية تهدف إلى صقل المهارات. تم توقيع الاتفاقية بحضور تغريد السعيد المديرة التنفيذية للتسويق والاتصال والفعاليات في ميرال، وإيان ويلسون نائب الرئيس الأول للشؤون المالية، والدكتور آدم فينيش عميد الجامعة. وقال جوليان كوفمان، الرئيس التنفيذي لميرال إكسبيرينسز: «نفخر بدعم المواهب الشابة عبر شراكات تمكّنهم من دخول قطاع الترفيه». من جانبها قالت تغريد السعيد: «نحن سعداء بتعاوننا لرعاية المواهب الشابة عبر مبادرات ثرية تُرسّخ التعلّم العملي والترفيه الهادف». وقال الدكتور آدم فينيش: «يسرّنا إطلاق هذه الشراكة الاستراتيجية مع ميرال، وتشكل مذكرة التفاهم خطوة جريئة نحو تحفيز جيل جديد من المبدعين والمبتكرين والقادة».

الأمير علي: الأردنيون يمكنهم عمل أي شيء وسيأتي يوم ويرفعون كأس العالم
الأمير علي: الأردنيون يمكنهم عمل أي شيء وسيأتي يوم ويرفعون كأس العالم

جفرا نيوز

timeمنذ 14 دقائق

  • جفرا نيوز

الأمير علي: الأردنيون يمكنهم عمل أي شيء وسيأتي يوم ويرفعون كأس العالم

جفرا نيوز - أكّد رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم رئيس مجلس مفوضي الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سمو الأمير علي بن الحسين، مساء الاثنين، فخره بأي إنجاز أردني؛ مؤكدا مهارة الأردنيين وسمعتهم في الخارج والتي تتعزز بالنجاح؛ داعيا لعدم الخوف وخوض التجربة والتعلم. ولفت خلال جلسة حوارية (عالمان خارج النص: السينما وكرة القدم) عقدت في مقر الهيئة الملكية الأردنيّة للأفلام، لأهمية تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم، مضيفا بأنه سيأتي يوم ويرفع الأردنيون كأس العالم. وفي حديثه عن صناعة الأفلام قال الأمير علي إن الفيلم عندما يخرج يُشكل مفاجأة؛ مشيرا إلى أن الانتقادات ببعض الأحيان تعطي للعمل شهرة وانتشار، مؤكدا في الوقت ذاته أهمية النقد. كما أكّد الأمير أهمية صناعة الأفلام ووصولها للعالمية؛ مشيرا لخصوصية كرة القدم وما تحظى به بوصفها لعبة شعبية. وشدّد الأمير على أهمية كرة القدم والنجاحات الأردنية التي تحققت في هذا المجال. وأوضح الأمير علي أن المنطقة فيها استقطاب وتجنيس للاعبين؛ ولكن المنتخب الوطني فريقه محلي من كفاءات أردنية. وأوضح أهمية الانتقال لمفهوم الأندية الاحترافية؛ مشيرا لأهمية استثمار القطاع الخاص بهذا الجانب. وعبّر الأمير عن شكره للمدربين الذين قدموا من الخارج لتدريب المنتخب؛ ومنهم المدرب جمال السلامي. وفي ردّه على سؤال من الحضور بخصوص كواليس انتخابات الفيفا ونتائجها قال الأمير علي: "دائما أقول الحمد لله ما نجحت بالفيفا لأنه لما كنت اليوم مع منتخبنا". ولفت الأمير علي إلى أن فيلم "كابتن أبو رائد" حظي باستقطاب عالمي؛ وأسهم ببناء أعمال أخرى. وبيّن الأمير علي أن الأردنيين يمكنهم عمل أي شيء، وسيأتي يوم ويرفعون كأس العالم؛ ويحظون أيضا بالجوائز العالمية في صناعة الأفلام. كما تحدث المخرج والمنتج ليث المجالي خلال الجلسة عن تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم رغم التحديات التي مر بها اللاعبون من إصابات وغيره. وشدّد المجالي على أنّ السينما والرياضية يلتقيان؛ من حيث إدارة الفريق والعمل وغيرها من نقاط مشتركة. وبخصوص فيلم كابتن أبو رائد قال المجالي إنه كان خطوة موفقة؛ ومثالا على النجاح في عام 2007. وبشأن التعاون مع الكفاءات الأجنبية في قطاع صناعة الأفلام قال إنّ من المهم التعلم بطرق مختلفة؛ لاكتساب المهاراة للطواقم المحلية؛ مؤكدا تميز الأردن على مستوى المنطقة بهذا المجال. ولفت المجالي إلى أن خبرته بمجال المونتاج قرابة ٢٠ عاما؛ ويعمل مع أشخاص بالخارج خبرتهم مضاعفة. وشدّد المجالي على أن من يعمل معهم لا يتوقفون عن طلب التعلم وهو بالنسبة لهم عملية مستمرة، معربا عن أمله بأن نقتدي بهذا النموذج في الأردن؛ بعيدا عن مفهوم "أبو العريف". بدروه قال كابتن المنتخب الوطني إحسان حداد إن الفرحة التي نعيشها بتأهل المنتخب الوطني لكأس العالم ستبقى موجودة؛ مؤكدا جمالية هذا التاريخ المرتبط بالتأهل لكأس العالم. ولفت إلى أن الفرحة التي أُدخلت لقلوب الأردنيين بالتأهل لكأس العالم تعني الكثير؛ متحدثا حداد عن إصابته الرياضية التي تعرّض لها؛ موضحا أن الإصابة كشفت له جانبا آخرَ من الشعور بالفرح. وأشار حداد إلى أن الفريق يبذل جهده خلال المباراة؛ وعندها مهما كانت النتيجة فالفريق يكون أدّى المطلوب منه. ولفت حداد لأهمية توجّه اللاعبين للحقل العملي والتعليمي لنقل مهاراتهم. كما أكّد حداد أن ما جرى من نجاح للمنتخب ليس إنجازا فقط بل إعجاز في ظل محدودية الدعم؛ مقارنة بنوادٍ لديها إمكانيات مالية ولكنها لم تتأهل؛ مؤكدا أن الأردن فيه كوادر بشرية مؤهّلة وتحتاج فقط للدعم. بدورها تحدثت المخرجة وداد شفاقوج عن فيلمها الذي حمل اسم فيلم 17 والذي يتتبع منتخب كرة القدم للشابات تحت 17 سنة. وتطرقت شفاقوج لمراحل عمل الفيلم مؤكدة أهمية دعم منتخب الشابات من الجماهيير لتحفيزهم. وشدّدت شفاقوج على أهمية إيصال قصصنا للعالم خارج الأردن من خلال الأفلام. وتطرقت شفاقوج لما يجري في فلسطين الذي جعل العالم يلتفت إلى منطقتتا العربية بشكل أكبر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store