
عدن.. عشرُ سنوات من تحرير بطعم الخُذلان!
عدنان الكاف
تمضي اليوم على عدن عشرُ سنوات كاملة، منذ يوم النصر الكبير الذي تحقق في 27 رمضان (2015) وسطر فيه أبناء عدن أروع صور التضحية من اجل تحرير مدينتهم من المليشيات الحوثية الغازية المعتدية ومن تحالف معها.
لقد كان يوم تحرير عدن تأكيداً على وحدة أبناء المدينة بأصولهم ومنابتهم كافة من خلال المقاومة التي شارك فيها الجميع، حيث قدم أبناء المدينة عددا كبيرا من الشهداء (رحمهم الله) وعدد أكبر من الجرحى، نسأل الله لهم الشفاء.
إنّ هذه المناسبة العزيزة على قلوب أبناء عدن الأوفياء لم تكن لتتحقق لولا التضحيات العظيمة لأهلها، لا سيما من قدموا منهم الشهداء والجرحى، فأين اليوم من يستذكر تضحيات هؤلاء الشهداء أو حتى يُخلد أسماءهم في جدارية أو نُصب تذكاري تحية لأرواحهم. وأين اليوم من يسأل عن عائلات وذوي الشهداء وكيف هي أحوالهم. أما الجرحى المتنكر لهم فبعد عشر سنوات ما زال الكثير منهم يطرقون الأبواب للبحث عن إعانة من جهات لا تعرف معنى التضحية والوفاء لمن كانوا هم السبب في وصولهم وبقاءهم في مناصبهم. عشرات من الجرحى مشلولين في منازلهم ومثلهم فقدوا أطرافهم، يعاني أهلهم كثيىرا في العناية بهم وتوفير مستلزمات عيشهم البسيط، حتى الكراسي العادية والكهربائية التي حصلوا عليها من إحدى الجهات الخيرية تعطلت ولم تستبدل، وعادوا يتعكزون على العصي بعد أن تفتت الأطراف الاصطناعية لعدم وجود صيانة ومتابعة لها. كأن مصير ابن هذه المدينة أن يقدم التضحية ثم يُنسى كأنه لم يكن، وأصبح الشهداء والجرحى، مجرد جملة تتردد في خطابات المسؤولين بدون ادنى إحساس بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية والسياسية تجاههم.
وإذ نستذكر هذا اليوم التاريخي بالفرح ولذة النصر، يشوب مشاعرنا حزن عظيم لفقد مهندس الانتصارات شهيد عدن الكبير المحافظ جعفر محمد سعد، والشهيد البطل شيخ المجاهدين علي ناصر هادي والشهيد عمر سعيد الصبيحي قائد جبهة البريقة الذي لم يسمح للمليشيات الحوثية من التقدم والشهيد أحمد الادريسي، والشهيد محمد امزربه قناص خور مكسر وقائد مقاومتها، وبطل الالتحامات المباشرة. والشهيد المقدم خالد عبدالرسول، أول شهداء كريتر وبطل معركة تحرير المجلس التشريعي. والشهداء الأبرياء من المدنيين الذين استشهدوا من أبناء التواهي، عند محاولتهم النجاة بأنفسهم وأهليهم، من التواهي بحرا إلى البريقة وتم ضرب قواربهم في البحر، وكذلك شهداء مجزرتي المنصورة ودار سعد. وآخرون غيرهم من الشهداء الله يعرفهم، وأهلهم يعرفوهم، وأبناء عدن يعرفوهم، وتراب عدن يعرفهم. (الله يرحمهم جميعا ويسكنهم الفردوس الأعلى)
ولا تطيب الذكرى بدون ذكر الشهداء الأحياء الذين لم يُبدلوا ولم يتبدلوا، وأذكر منهم القائد الشيخ هاشم السيد، والقائد الشيخ هاني بن بريك، و القائد الشيخ عبدالرحمن المحرمي (ابو زرعة،) وقائد المداهمات والاقتحامات الشيخ عبدالرحمن شيخ، والقائد الشيخ علي سالم الحسني والقائد الشيخ بسام المحضار. في قافلة أسماء طويلة من أبطال النصر الحقيقيين يعضهم تواروا وعادوا إلى حياتهم لا يبغون شكراً ولا مغنماً وبعضهم لا زالوا يمارسون أعمالهم السياسية والعسكرية.
بعد عشر سنين من التحرير، لا تجد في كلام أهل العاصمة عدن في هذه المناسبة سوى طعم الخذلان، الذي عانوه طوال هذه السنوات، فقد تعاقب على هذه المدينة منذ تحريرها أربع حكومات، ولكن عدن الذي سموها عاصمة مؤقتة ونُسميها عاصمتنا الأبدية ما زالت تعاني تردي الخدمات الأساسية، في مشهد لا يتناسب مع كونها عاصمة ومقر لمؤسسات الدولة. بالرغْم من تعهد الحكومات المتعاقبة بإعادة إعمار المدينة، غير أن ذلك لم يتحقق، باستثناء مبادرات مدنية، وأخرى شخصية، أو ذات طابع تجاري. أحياء كاملة في عدن تغفو على الفقر والحرمان وسيل من الأزمات الاجتماعية، وضعف الخدمات وقلة فرص العمل وضعف الصحة والتعليم وندرة مشاريع التطوير والتنمية. وبقيت آمال الإعمار وتحسين الخدمات معلقة بلائحة الوعود التي لم تجد طريقها للتنفيذ. بعد أن ابتلع الفساد العريض كل هذه الآمال، ولم يحصد أبناء المدينة إلا الخيبة من أولئك الذين وضعوا فيهم ثقتهم ولكنهم خذلوهم.
وحقيقة، فإن خذلان عدن وأهلها بدأ منذ بداية الحرب، فقد هرب (95%) من رجال الدولة الذين كانوا يديرونها آنذاك، وفيهم محافظ عدن في تلك الفترة الذي انضم وكُثُرٌ غيره للمليشيات الحوثية. وخُذلت عدن عندما وجدت كثيرا ممن حاربوها وانتصرت عليهم وطردتهم وقد عادوا الآن ليتحكموا في مصيرها ومصير أبنائها.
لك الله يا عدن حاربوك وقاتلوك وبعد النصر عادوا ليعاقبوك ويعاقبوا أهلك.
ورغم كل ذلك الخذلان، فإن عدن، مدينة السلام والمدنية ترفض الفساد ولا مكان فيها للفاسدين والعابثين، فعدن تلفظهم. ومثلما انتصرت عدن بأهلها و برجالها الأبطال ودعوات كل الخيرين فيها ستنتصر على كل ما هو قادم لتعود من جديد كالوردة التي تنبت من بين الأشواك.
من حارب في عدن بالسلاح فهو بطل ومن حارب فيها بالدواء فهو بطل ومن حارب فيها بالغذاء فهو بطل ومن حارب فيها بالقلم فهو بطل ومن حارب فيها بالدعاء فهو بطل، فعدن وأهلها كلهم أبطال.
نحتاج في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها عدن وأهلها، أن نكون جميعا يداً واحدة مثلما كنا في حربنا ضد ميلشيات الحوثي في (2015)، وأن نثق بالله أنه سيكون معنا وسينصرنا على من ظلمنا ومن سرق نصرنا الذي حققناه بدم أبائنا و أمهاتنا ورجالنا ونسائنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا و بناتنا فالله دوما مع الحق وهو القوي العادل ومثلما دعينا جميعا في ليلة القدر في رمضان (2015) نرفع أيدينا للسماء في هذه الليلة المباركة وندعوه أن يوحد كلمتنا وأن يقوينا وينصرنا على كل من ظلمنا وسرق فرحتنا ويحاول قتل مستقبل أولادنا وأجيالنا.
لقد كان تحرير عدن أكثر من مجرد انتصار عسكري، بل أصبح رمزًا عميقًا للمقاومة والوحدة وروح الصمود التي يتمتع بها أهل العاصمة عدن، وأثبتوا أن التضامن والعزيمة يمكن أن تهزم أقوى الأعداء، وهم قادرون على فعل ذلك مرة أخرى فعدن هي ثغر الجزيرة الباسم وهي رمز المقاومة وأسطورة الصمود.
خواتم مباركة وكل عيد نصر وأنتم بخير يا أهل عدن الأبطال، وصباحكم سعيد.
.
//

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الأنباء اليمنية
منذ 35 دقائق
- وكالة الأنباء اليمنية
فصائل المقاومة الفلسطينية توجه التحية للجيش اليمني و"أنصار الله" على الوقفة الصادقة لإسناد الشعب الفلسطيني
غزة – سبأ: أعربت فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم الأربعاء "عن التحية للإخوة في الجيش اليمني وأنصار الله على الوقفة الصادقة لإسناد الشعب الفلسطيني وانخراطهم الفاعل في معركة طوفان الأقصى"، داعية "شعوب الأمة وأحرار العالم للانخراط في هذه المعركة المقدسة". وحذرت الفصائل في بيان، "الشعب الفلسطيني من مخططات الاحتلال الرامية لدفعه إلى النزوح نحو جنوب غزة، توطئة لتهجيره من قطاع غزة". وقالت "إن توسيع العدو الاسرائيلي لحرب الابادة على شعبنا بما يسمى "عربات جدعون"، ستبوء بالفشل كما باءت سابقاتها، وأن غزة ستكون مقبرة للغزاة كما كانت على مر التاريخ". وأردفت: "نوجة التحية لأبناء شعبنا الصابر المصابر المرابط المتشبث بأرضه، التحية للمقاومة الباسلة التي تدافع عن شعبها، وتمرغ أنف الاحتلال في رمال غزة". واعتبرت "إن محاولة العدو لتهجير شعبنا من غزة ستبوء أيضاً بالفشل وإن شعبنا متمسك بأرضه ولن يغادرها، لان غزة وفلسطين ارض مباركة وهي أرض رباط وجهاد إلى يوم القيامة، وليس للاحتلال حق على أرضنا، وإنه إلى زوال". ودعت " قادة الأمة العربية والإسلامية، وشعوب الأمة إلى ضرورة الخروج من حالة الصمت المريب، والتحرك العاجل بخطوات عملية لكسر الحصار عن أبناء شعبنا، وإدخال كافة الاحتياجات الحياتية من غذاء ودواء ووقود، ومستشفيات ميدانية لإغاثة أبناء شعبنا".


اليمن الآن
منذ 43 دقائق
- اليمن الآن
رئيس مجلس القيادة يتلقى برقية تهنئة من سلطان عمان بمناسبة العيد الوطني
[21/05/2025 11:40] عدن - سبأنت: تلقى فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، برقية تهنئة من اخيه صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، هنأه فيها بمناسبة العيد الوطني الـ ٣٥ للجمهورية اليمنية ٢٢ مايو. وأعرب جلالته عن خالص التهاني وصادق التمنيات لرئيس مجلس القيادة الرئاسي بموفور الصحة والسعادة والعمر المديد، سائلا الله تعالى أن يحقق للشعب اليمني كل ما يصبو إليه من تطلعات وآمال.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
الوحدة اليمنية… 35 عاماً من الأمل والتحدي
في الثاني والعشرين من مايو من كل عام، تتجدد في قلوب اليمنيين مشاعر الفخر والانتماء وهم يحيون ذكرى إعلان الجمهورية اليمنية عام 1990، اليوم الذي توحدت فيه شطري الوطن شمالًا وجنوبًا، في خطوة تاريخية صنعت الحلم اليمني الكبير، وفتحت أبواب الأمل لمستقبل أكثر وحدة واستقرارًا. 35 عامًا مرّت على الوحدة المباركة، وما تزال تلك اللحظة العظيمة حاضرة في وجدان الشعب اليمني بكل أطيافه، باعتبارها تتويجًا لنضال طويل، ونتيجة طبيعية لرغبة راسخة في قلوب اليمنيين منذ فجر التاريخ، بأن يكونوا كيانًا واحدًا، يجمعهم الوطن واللغة والتاريخ، وتربطهم روابط الدم والأرض والمصير المشترك. لقد كانت الوحدة اليمنية إنجازًا وطنيًا عظيمًا، لم يأتِ بسهولة، بل جاء بعد حوارات طويلة، وتنازلات شجاعة، وإرادة سياسية نادرة. ومهما حاولت التحديات أن تعرقل مسيرتها، فإن الوحدة ستظل مبدأً ثابتًا في ضمير الشعب، لأنها ليست فقط قرارًا سياسيًا، بل قدرًا تاريخيًا وحقًا وطنيًا لا يمكن التنازل عنه. في ذكرى الوحدة الخامسة والثلاثين، نقف اليوم لنجدد العهد والوفاء لهذا الوطن، ونرفع الصوت عاليًا بأن اليمن سيظل واحدًا موحدًا إن شاء الله ، مهما حاولت قوى التفرقة أن تمزقه، فالوطن أقوى، والشعب أوعى، والتاريخ يشهد بأن اليمنيين لا يرضون بغير الوحدة كخيار جامع يحمي الأرض والإنسان ويصون المستقبل. دعونا نجعل من هذه الذكرى محطة لتجديد الأمل والعمل، لتعزيز التلاحم الوطني، ونبذ الصراعات، والمضي نحو بناء دولة مدنية عادلة، تحقق الأمن والتنمية، وتصون كرامة الإنسان اليمني في كل مكان. الوحدة اليمنية… ليست ذكرى فحسب، بل مشروع حياة، ومسار نضال، ورمز كرامة. كل عام و اليمن موحد، عزيز، حر، وآمن. 🇾🇪 تعليقات الفيس بوك