
مشروع قانون التعليم العالي أمام مرآة النقد: غموض في الرؤية وتشتت في الهيكلة
بلبريس - ياسمين التازي
وجه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي نقداً لاذعاً لمشروع القانون الجديد المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، معتبراً أنه لا يرقى إلى مستوى التوجهات الكبرى للسياسة العمومية، ويفتقر إلى رؤية واضحة تؤطر مضمونه ومقاصده.
وأكد المجلس، في رأي استشاري مفصل، أن النص التشريعي المعروض، وعلى الرغم من تناوله مختلف جوانب منظومة التعليم العالي، يعاني من غموض منهجي يجعل من الصعب تحليله أو التفاعل معه بشكل دقيق، محذراً من أن هذا الغموض قد يُفسح المجال لتأويلات متضاربة تُفقد المشروع انسجامه وتضعف أثره المنتظر.
غياب تصور استراتيجي ومهام مغيبة
وشدد المجلس على أن فعالية المشروع تبقى رهينة بتحديد دقيق لوظائف التعليم العالي، مشيراً إلى أن النص لم يُبرز بما يكفي المهام الأساسية التي ينبغي أن تضطلع بها المنظومة، وعلى رأسها تطوير شخصية الطالب وصقل مهاراته، وتمكينه من الكفايات الحديثة ضمن هندسة بيداغوجية متكاملة.
كما انتقد غياب إشارات قوية لدور التعليم العالي في تلبية حاجيات الإدارة والمقاولات، وفي تنشيط الحياة الثقافية ونشر المعرفة العلمية والتكنولوجية، داعياً إلى إدراج هذه الأدوار صراحة في القانون لضمان وضوحه وفعاليته.
بنية متعثرة وتناقضات في الهيكلة
من جهة أخرى، رصد المجلس ما وصفه بـ "اختلالات بنيوية" في طريقة صياغة النص، مشيراً إلى أن تقسيمه إلى عشرة أجزاء لم يحترم نسقاً موحداً، وافتقر إلى التبويب المنطقي، مما أدى إلى تداخل مواضيع متباينة داخل نفس الأبواب، كما في الجزء الرابع الذي جمع بين التنظيم البيداغوجي والموارد البشرية والدعم الاجتماعي دون رابط واضح.
ووصف ديباجة المشروع بأنها لا تعدو كونها إعلان نوايا، تخلو من آليات التنفيذ أو مؤشرات القياس، واقترح المجلس حذفها وتعويضها بديباجة القانون الإطار، نظراً لما تحمله من شرعية مرجعية واختيارات استراتيجية واضحة.
واعتبر المجلس أن مشروع القانون بصيغته الحالية لم يقدم تصوراً استشرافياً أو نموذجاً متقدماً يعيد هيكلة منظومة التعليم العالي، بل اكتفى بإعادة تدوير مقتضيات القانون 01.00 مع إدخال تعديلات وصفها بـ"الجزئية" و"السطحية"، تفتقر إلى العمق ولا تواكب التحولات الجارية وطنياً ودولياً.
وسجل المجلس إدراج فصل خاص بالبحث العلمي كخطوة إيجابية في ظاهرها، لكنها جاءت معزولة وغير مندمجة في رؤية شاملة، ما حال دون تحقيق تكامل حقيقي بين التعليم العالي والبحث والابتكار.
تشتت القطاع وغياب الاستقلالية
وفي ما يشبه الإنذار، حذر المجلس من استمرار التشتت في بنية التعليم العالي بعد البكالوريا، بسبب غياب التنسيق مع التكوين المهني والتمايز القائم بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يعرقل بناء منظومة منسجمة وفعالة.
كما انتقد المجلس ما اعتبره فشلاً في إرساء استقلالية حقيقية للجامعات، داعياً إلى تمويل مستقل للبحث العلمي ووضع الطالب في صلب التحول المنشود، وهو ما غاب عن المشروع بشكل واضح.
غموض في مصير المؤسسات الأجنبية
وبخصوص فتح فروع لمؤسسات أجنبية بالمغرب، طالب المجلس بمراجعة الإطار القانوني المنظم لها، مشدداً على ضرورة التمييز بين الشراكات المباشرة والمبادرات المستقلة، مع احترام الاتفاقيات الدولية المبرمة، ومعالجة كل حالة وفق خصوصيتها.
وخلص المجلس إلى أن كثرة الإحالات على نصوص تنظيمية في قضايا جوهرية، تُضعف من قدرة المشروع على قيادة السياسة العمومية، وتهدد بتفاقم الفجوات بدل تجاوزها.
ودعا إلى صياغة قانون أكثر وضوحاً، يُبنى على تصور استراتيجي بعيد المدى، ويحدد بدقة مهام التعليم العالي، وآليات الحوكمة، ونموذج التمويل، بما يضمن انسجاماً داخلياً وتجاوباً مع متطلبات المستقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ 38 دقائق
- كش 24
الكلاب الضالة تقتحم مقر جماعة حربيل
تداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا توثق تحول مقر جماعة حربيل تامنصورت إلى ملجأ للكلاب الضالة في صورة تعكس حجم الفوضى والعشوائية بالجماعة. وأكد العديد من المهتمين بالشأن العام المحلي أن دخول الكلاب الضالة إلى مقر الجماعة لا يعتبر أمرا غريبا ، وذلك بالنظر إلى الانتشار الكبير لهذه الحيوانات في مختلف الأزقة والجماعات، محذرين في الآن ذاته من خطرها على صحة وسلامة المواطنين. وأمام هذه الوضعية، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة اتخاذ التدابير الضرورية والعاجلة لحماية المواطنين وممتلكاتهم من الكلاب الضالة، مع الحرص على تخليص مقر الجماعة منها بشكل نهائي.


كش 24
منذ 38 دقائق
- كش 24
مآل رسوم عقارية لأملاك فلاحية بقلعة السراغنة يصل إلى البرلمان
وجه النائب البرلماني عبد الرحيم واعمرو سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بخصوص مآل إعداد الرسوم العقارية للأملاك الفلاحية داخل دائرة ضم الأراضي اغدات1 بجماعة زمران إقليم قلعة السراغنة. وأوضح النائب البرلماني أن العقارات الفلاحية الموجودة في دائرة ضم الأراضي تُحَفَّظُ وجوبا ويَلْزَمُ إعداد الرسوم العقارية للأملاك الفلاحية التي تدخل في نفس الدائرة، إعدادا تكون معه دائما مطابقة للواقع، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الرابع من الظهير الشريف رقم 1.62.105 بشأن ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض. وأبرز أن عددا كبيرا من الأملاك العقارية الفلاحية داخل منطقة ضم الأراضي المسماة "اغدات1"، بجماعة زمران بإقليم قلعة السراغنة، لم يتم إعداد وتأسيس رسومها العقارية (Titres Fonciers) بشكل نهائي إلى يومنا هذا، ولم تُستكمل بشأنها المساطر القانونية والتنظيمية لعملية الضم رغم انتهاء أشغال التجهيز المرتبطة بها منذ أكثر من 20 سنة، مما جعل الوضعية المادية والقانونية لهذه الأراضي تتسم بالتعقيد والغموض والجمود، وبالتالي تبخيس قيمتها وجعلها عرضة لإجراء تصرفات غير قانونية (لنقل الملكية) تزيد وضعيتها تعقيدا وصعوبة. وأضاف البرلماني أن استمرار هذا الوضع لن يساهم إلا في حرمان الملاك الأصليين من استغلال واستثمار أراضيهم الفلاحية على الوجه الأمثل، ودفعهم إلى التخلي عنها ولو بالتفويت غير القانوني، مع ما ينتج عن ذلك من إشكاليات وتعقيدات يصعب حلها مع مرور الزمن، وهو الأمر الواقع فعليا في حالات عديدة بمنطقة ضم الأراضي السالفة الذكر، حيث استغل بعض المضاربين وتجار العقار هذا الوضع، لأجل حيازة العديد من الأراضي بواسطة عقود تفويت عرفية، واستغلالها، بما في ذلك غرسها بأشجار ومزروعات أو تشييد بنايات أو حفر آبار ...إلخ، دون التوفر على سند ملكية قانوني ونهائي. واستفسر النائب البرلماني عن التدابير والإجراءات التي ستتخذها الوزارة لتجاوز وضعية الجمود الذي تعرفه عملية ضم الأراضي بجماعة زمران بإقليم قلعة السراغنة، ولا سيما ما يتعلق بتسريع إعداد الرسوم العقارية للأملاك الفلاحية الداخلة في منطقة ضم الأراضي "اغدات1".


المغرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- المغرب اليوم
القوات المسلحة الملكية المغربية تُعلن انطلاق المناورات العسكرية الجوية المشتركة، "ماراثون 25′′ بمدينة كلميم
أعلنت القوات المسلحة الملكية عن انطلاق المناورات العسكرية الجوية المشتركة، "ماراثون 25′′، بمدينة كلميم، بين المغرب وفرنسا، وذلك في إطار تعزيز التعاون العسكري بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. وقالت المؤسسة العسكرية المغربية، في بلاغ لها على صفحتها الرسمية بموقع "فايسبوك"، إنه "بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وفي إطار تعزيز التعاون العسكري بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، انطلقت، يوم 23 يونيو 2025، بمدينة كلميم بالمملكة المغربية فعاليات التمرين الجوي المشترك "ماراثون 25". وأضاف البلاغ أن هذا التمرين العسكري يجمع بين القوات الملكية الجوية المغربية وسلاح الجو والفضاء الفرنسي، "بهدف دعم التشغيل البيني وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية في مختلف مجالات الطيران العسكري". وأشار المصدر إلى أن هذا التمرين يعرف مشاركة متنوعة من الجانبين، "بحيث يساهم الجانب الفرنسي بخمس طائرات مقاتلة من نوع رافال B وطائرة من طراز A330 MRTT Phénix المخصصة للتزود بالوقود جواً والنقل الاستراتيجي، في حين تشارك القوات الملكية الجوية بثماني مقاتلات F-16 بالإضافة إلى مروحيات بوما لدعم مهام النقل والإخلاء الطبي الجوي". وتابع أن البرنامج العام للتمرين يتضمن مرحلتين رئيسيتين: المرحلة الأولى تشمل تنفيذ حملة رماية وتدريبات على عمليات التزود بالوقود جواً؛ أما المرحلة الثانية فتتمحور حول تنفيذ تمارين تكتيكية مشتركة تعتمد على التنسيق العملياتي وتطبيق سيناريوهات واقعية متنوعة. وخلص البلاغ إلى أن تنظيم هذا التمرين المشترك "يعكس عمق علاقات التعاون العسكري بين البلدين الصديقين، ويعزز من قدرات الجانبين في مجالات التنسيق والتخطيط والتنفيذ العملياتي المشترك". قد يهمك أيضــــــــــــــا القوات الملكية الجوية المغربية تُحيي ذِكرى تربّع محمد السادس على العرش