
من رماد الهبوط إلى أضواء الأبطال.. حين غيّر الاستثمار السعودي وجه نيوكاسل
في الشمال الشرقي لإنجلترا وتحديدًا نيوكاسل، حيث الرياح الباردة تلسع جدران المدينة من بحر الشمال، لا تُعد كرة القدم مجرد رياضة. إنها شيء يشبه الميراث. نادٍ يُتداول اسمه كما تتداول العائلات أسماء الجدود، وملعب يُعد من رموز المدينة، لا يقل شأنًا عن جسورها الشهيرة أو مبانيها القديمة. نيوكاسل يونايتد ليس فقط فريق كرة، بل عنوان لعاطفة جماعية.
تأسس النادي عام 1892، وكان في بدايات القرن الـ 20 أحد أركان الكرة الإنجليزية. فاز بالدوري، حمل الكؤوس، وخلق لنفسه قاعدة جماهيرية لا تتزحزح. لكنه، مع مرور الأعوام، بدأ يخسر شيئًا فشيئًا ما كان يملكه: موقعه بين الكبار.
في العصر الحديث، بدا نيوكاسل وكأنه فريق حائر. هبط مرتين خلال عقد واحد، ولم يعرف الاستقرار. تغيّرت الإدارات، ومرت أسماء لامعة دون أن تترك أثرًا حقيقيًا. المالك السابق، مايك آشلي، ظل في الواجهة لأعوام، لكن علاقته بالجماهير بقيت متوترة. الإحباط كان يتسلل موسمًا بعد آخر.
وفي موسم 2020ـ2021، وصلت الأمور إلى ذروتها. كان الفريق يُدار تحت قيادة المدرب ستيف بروس، ونتائجه تتدهور. خطط اللعب بدت رتيبة، والجماهير بدأت تعبر عن غضبها بشكل صريح. على أرض الملعب، لم يكن هناك روح. خارج الملعب، كان هناك إحساس عام بأن النادي يتآكل من الداخل. الهبوط كان احتمالاً قائمًا حتى الجولات الأخيرة.
في أكتوبر 2021، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحواذه على النادي. الإعلان قوبل بالتصفيق فورًا، وتفاءلت الجماهير بالمستثمر الجديد وخرجت إلى الشوارع محتفلة وهي ترتدي الشماغ السعودي، ولكن هذه الفرحة لم تغفل التساؤلات في أذهانهم. هل سيكون مشروعًا ماليًا ضخمًا؟ هل ستُغرق الأموال الفريق بنجوم بلا مشروع؟ أم أن هناك خطة طويلة الأمد؟ الإجابة لم تكن سريعة، لكنها بدأت بالتشكل خطوة بخطوة.
المدرب ستيف بروس غادر، وتم التعاقد مع إيدي هاو. اسم لا يلمع كثيرًا في العناوين، لكنه معروف بعقليته العملية. تولّى المهمة والفريق في المركز قبل الأخير. الضغط كان عاليًا، والجماهير كانت تنتظر التغيير لا الكلام.
وبهدوء، بدأت التحولات تظهر. لا تغييرات جذرية، ولا أسماء من الصف الأول، بل صفقات محسوبة، وبناء تدريجي. في نهاية الموسم، نجا الفريق من الهبوط. وفي الموسم التالي، أنهى نيوكاسل الدوري في المركز الرابع، ليعود إلى دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ عقدين.
ثم جاء الموعد المنتظر. في 16 مارس 2025، دخل نيوكاسل نهائي كأس الرابطة الإنجليزية "كاراباو" أمام ليفربول. مباراة لم تكن فقط عن البطولة، بل عن تاريخ طويل من الانتظار.
سجل دان بيرن، وسجّل ألكسندر إيساك، وانتهت المباراة 2ـ1، ليحصد الماكبياس أول لقب كبير منذ 70 عامًا.
داخل المدينة، خرج الناس للاحتفال. ليس لأن الكأس غيّر كل شيء، بل لأنه كسر حلقة كانت مغلقة طويلاً. فريق اعتاد أن ينظر للماضي، وجد أخيرًا لحظة يعيش فيها الحاضر.
بعيدًا عن النتائج، أصبح نيوكاسل اليوم ناديًا مختلفًا في البنية والاتجاه. لا يزال يبني، ولا تزال الأسئلة قائمة، لكن الواقع تغيّر: ملعب التدريب تطوّر، شبكة الكشافين اتسعت، القيمة السوقية ارتفعت، والعلامة التجارية عادت للنقاش في الإعلام الأوروبي.
قال ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، في تصريح سابق: "الاستثمار في الرياضة ليس هدفه الربح فقط، بل التأثير، والتمكين، وصناعة القيمة".
وفي نيوكاسل، لم تُشترَ النجومية من السوق، بل صُنعت على مراحل، وسط بيئة بدأت تستعيد شكلها.
ومع أن الطريق لا يزال طويلًا، تبقى قصة نيوكاسل مثالًا على كيف يمكن لنادٍ عاش على حافة النسيان، أن يعود إلى الضوء، لا بالضجيج، بل بخطوات محسوبة، وقرارات هادئة، وجمهور لم يتوقف يومًا عن الغناء، حتى حين لم يكن هناك شيء يُغنى له.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 2 ساعات
- حضرموت نت
'صلاح على أون سبورت ' تريند على تويتر في ليلة تتويجه التاريخية (صور)
تصدر هاشتاج 'صلاح على أون سبورت' منصات التواصل الاجتماعي في جميع الدول العربية، بعد بث الحفل السنوي الكبير لرابطة كتاب كرة القدم الإنجليزية (FWA) لأول مرة على الهواء مباشرة عبر قناة 'أون سبورت'، برعاية 'الشركة المتحدة للرياضة' و'شركة جيميفاي'. وشهدت العاصمة البريطانية لندن، مساء الخميس ، تتويج النجم المصري محمد صلاح، مهاجم ليفربول الإنجليزي، بجائزة أفضل لاعب في العام المقدمة من الرابطة، وسط حضور نخبة من نجوم وأساطير كرة القدم الإنجليزية. وقام أسطورة ليفربول، إيان راش، بتسليم الجائزة لصلاح، الذي بات ثاني لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يفوز بالجائزة أربع مرات، معادلًا الرقم القياسي المسجل باسم النجم الفرنسي تييري هنري، أسطورة آرسنال. وجاء تتويج صلاح بعد موسم استثنائي مع 'الريدز'، حيث سجل 28 هدفًا وصنع 18 آخرين في البريميرليج، مسهمًا بشكل كبير في تتويج ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي. ورفع صلاح رصيده إلى 33 هدفًا في مختلف البطولات هذا الموسم. وبهذا الإنجاز التاريخي، يرسخ محمد صلاح مكانته كأحد أعظم لاعبي الدوري الإنجليزي في العصر الحديث.


الرياضية
منذ 4 ساعات
- الرياضية
رابطة الكتّاب.. صلاح الأفضل بنسبة 90%
تسلَّم النجم الدولي المصري محمد صلاح، هدَّاف فريق ليفربول الأول لكرة القدم، جائزة أفضل لاعبٍ في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، الخميس، المقدَّمة من رابطة كُتَّاب كرة القدم الإنجليزية عن موسم 2024ـ2025. ونظَّمت الرابطة حفلًا لتسليم صلاح، والإنجليزية أليسا روسو، لاعبة فريق أرسنال النسائي، جوائز الأفضل في إنجلترا للرجال والسيدات. وتوِّج صلاح بالجائزة بعد حصوله على نسبة تصويتٍ، تجاوزت 90% من أعضاء الرابطة البالغ عددهم 900، لتصبح نسبة التصويت هذه أكبرَ هامش فوزٍ في القرن الحالي. وحصل نجم ليفربول على الجائزة للمرة الثالثة في مسيرته بالملاعب البريطانية، ليعادل رقم الفرنسي المعتزل تيري هنري، نجم أرسنال السابق، كأكثر لاعبٍ يتوَّج بالجائزة، حيث سبق للمصري الفوز بتلك الجائزة موسمي 2017ـ2018، و2021ـ2022. وتفوَّق صلاح بفارقٍ شاسعٍ على منافسيه الهولندي فيرجيل فان دايك، مدافع ليفربول، والسويدي ألكسندر إيزاك، مهاجم نيوكاسل يونايتد، والإنجليزي ديكلان رايس، لاعب وسط أرسنال، إضافةً إلى 15 لاعبًا آخرين، حصلوا على أصواتٍ. وأحرز المصري 28 هدفًا، وصنع 18 في 35 مباراةً خاضها بالدوري الإنجليزي الموسم الجاري، وتصدَّر ترتيب هدافي البطولة العريقة، وترتيب أكثر اللاعبين صناعةً للأهداف، مؤديًا دورًا مهمًّا في تتويج ليفربول باللقب للمرة الـ 20 في تاريخه، ومعادلة الرقم القياسي كأكثر الفرق حصولًا على البطولة بالاشتراك مع مانشستر يونايتد. وأحرز صلاح 185 هدفًا في مسيرته بالدوري الإنجليزي الممتاز، ويحتاج إلى هدفين لمعادلة أندي كول، صاحب المركز الرابع، في ترتيب الهدافين التاريخيين للبطولة.


صدى الالكترونية
منذ 4 ساعات
- صدى الالكترونية
محمد صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
حصد اللاعب المصري محمد صلاح علي جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز لموسم 2024/2025، والمقدمة من رابطة النقاد الرياضيين في إنجلترا، وذلك للمرة الثالثة في تاريخه. وقدم 'الملك المصري' موسمًا استثنائيًا على المستوى الفردي، حيث تصدّر جدول هدافي البريميرليج بـ28 هدفًا، كما تصدّر قائمة أكثر اللاعبين مساهمة في الأهداف بـ18 تمريرة حاسمة. ولم يتوقف النجاح عند الجوائز الفردية، بل ساهم صلاح في تتويج ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الـ20 في تاريخه، وذلك لأول مرة منذ 5 سنوات، والثانية له بقميص 'الريدز'. وبهذا الإنجاز، يواصل صلاح ترسيخ مكانته بين أساطير الكرة الإنجليزية والعربية، ويؤكد استمرارية تأثيره الكبير داخل الملاعب الأوروبية.